الاسس الفلسفية لتصميم التعليم :
انبثق علم تصميم التعليم اساسا من نظريات التعلم واعتمد عليها لكن يوجد بينهما اختلاف فنظريات التعلم هي العلم الذي يبحث في العمليات التي يحدث في اطارها تغير في سلوك المتعلم والتعلم عبارة عن تغيلر ايجابي في سلوك المتعلم نتيجة التدريب والممارسة .
اما نظريات تصميم التدريس فهو العلم الذي يبحث في ايجاد افضل الطرائق التعليمية التي تؤدي الى تحقيق الاهداف التعليمية المرغوب فيها ، وتصوير هذه الطرائق في اشكال وخرائط مقنن تعد كدليل للمعلم يسير عليه اثناء عملية التدريس . ( العدوان ، والحوامدة 2012 .ص113)
ومن هنا نرى ان نظريات التعلم تهتم بدراسة ما يحدث في سلوك المتعلم من تغير . اما نظريات تصميم التدريس تهتم بدراسة ما يقوم به المعلم داخل غرفة الصف . ( دروزة 1986)
اهم نظريات التعلم التي اثرت في تصميم التعليم :
1- النظرية السلوكية :
تعد اولى النظريات التي اثرت في تصميم التدريس وخصوصا آراء سكنر وكراودر ، من حيث كيفية هندسة البيئة وتنظيمها بطريقة تساعد المتعلمين على اظهار الاستجابات المرغوبة والتي تعبر في مجموعها عن عملية التعليم .(سرايا ، 2007 )
وتعتمد المدرسة السلوكية على الفلسفة الموضوعية التي تؤكد على الحقيقة الموضوعية بوصفها متميزة عن الخبرة الذاتية . ولهذا فالعالم كما هو موجود ينتقل الى المتعلم من خلال اسلوب التدريس المباشر فالمتعلم متلقي للمعلومات ويعيدها كما كانت في صيغتها الاصلية تقريبا دون تعديل يذكر .
والموضوعية او الموضوعي مذهب فلسفي يطلق بوجه خاص عل نظرية كانط في المعرفة من حيث انها تقرر القيمة الموضوعية لتصوراتنا .
2- النظرية البنائية :
وتركز هذه النظرية على التسليم بان كل مايبنى بوسطة المتعلم يصبح ذا معنى له ، مما يدفعه لتكوين منظور خاص به عن التعلم وذلك من خلال المنظومات والخبرات الفردية . فهي تركز على اعداد المتعلم لحل مشكلات في ظل مواقف ، او سياقات غامضة .
الجذور التاريخية للنظرية البنائية :
اكتسبت النظرية البنائية شعبية كبيرة في السنوات الأخيرة على الرغم أن فكرتها ليست حديثة إذ يمكن ملاحظة الاتجاهات نحو النظرية البنائية من خلال أعمال كل من سقراط، وأفلاطون، وأرسطو (من 320 ـ 470 ق. م)، الذين تحدثوا جميعاً عن "تكوين المعرفة". فمن خلال النظرية المعرفية التي أظهرت تحد للنظرية السلوكية والتي لعل جذورها (المعرفية) التاريخية تعود إلى الفيلسوف اليوناني أفلاطون الذي يؤمن بأن المعرفة الشخصية هي معرفة غير موروثة بمعنى أخر أن مهمة المعلمين تكمن في مساعده الطلاب على استذكار هذه المعرفة, والتذكر عند أفلاطون هو البحث واكتشاف الأفكار الحيوية حيث يتم إتباعها باستنباط مجموعه من المفاهيم الجديدة من خلال هذه الأفكار, كما أن سقراط الذي يؤمن بالتعليم المركب الذي يجعل فيه طلابه يستنبطون أفكاره دون أن يقول لهم شيئا. فأفكار أفلاطون وسقراط هي أساس الأفكار ألحديثه التي تعتبر التعليم عمليه استكشافيه وترى المعرفة تشتق من الحواس (ضمرة،2002م: 161).
أما سنت أوغستين (منتصف 300 ب. م) فيقول: "يجب الاعتماد على الخبرات الحسية عندما يبحث الناس عن الحقيقة" (ceowther, 1997)، وقد علل ذلك في حالة عدم توازن مع الكنيسة في ذلك الوقت. ويقول جون لوك (من القرن السابع عشر وإلى القرن الثامن عشر): "لا يمكن لمعرفة الفرد أن تكون خلف خبرته". وكانت ( Cant ) في القرن التاسع عشر نشر أسس النظرية المعرفية إذا افترض أن الحواس وعلاقتها مع بعضها البعض غير كافيه للحصول على المعرفة وقد فسر كانت Kant ذلك بالقول: "التحليل المنطقي للأعمال والأشياء يؤدي إلى نمو المعرفة، وأن خبرات الفرد القديمة تكون سبباً في توليد معرفة جديدة".
وعلى الرغم من أن الفلسفة الرئيسة للبنائية تنسب إلى جان بياجيه (1986 ـ 1980) ,إلا أن بستالوزي (1746 ـ 1827) قد أتى بنتائج مشابهة قبل أكثر من قرن على ذلك، إذ أكد ضرورة اعتماد الطرق التربوية على التطور الطبيعي للطفل وعلى مشاعره وأحاسيسه، وهو بذلك أكد أهمية الحواس كأدوات للتعلم، ونادى بربط مناهج التعليم بخبرات الأطفال التي تتوافق وحياتهم في بيوتهم وبيئاتهم العائلية (بركات,2006م ص 23).
إذن نستطيع القول أن البنائية تعد نظرية في المعرفة منذ زمن طويل يمتد عبر القرون, وليس غريباً رؤية هذا التكرار من عدة فلاسفة ومنظرين عبر هذا التاريخ والمنظر الحديث الوحيد الذي حاول تركيب هذه الأفكار المتعددة في نظرية متكاملة وشاملة – شكلت فيما بعد الأسس الحديثة لعلم نفس النمو – وابرز المنظرين فيه هو العالم جان بياجية، إذ قام بتوحيد الفلسفة وعلم النفس لتحويل انتباه الناس إلى الاهتمام بالتفكير والذكاء لدى الأطفال وفاتحاً الطريق إلى نظرة ومنظمة جديدة في التربية وعلم النفس .
لمحة مختصرة عن الفلسفة الموضوعية والفلسفة الذاتية الذاتية :
ترتبط المناهج العلمية في دراسة الإنسان والظواهر الكونية بإشكالية الموضوعية والذاتية، فإذا كان الإنسان كيانًا ماديًا؛ فبالإمكان رصده بشكل ماديّ برَّانيّ/ خارجيّ، أما إذا كان الإنسان كيانًا مركبًا يحوي عناصر مادية ترد إلى عالم الطبيعة / المادية وعناصر غير مادية؛ فالرصد البرَّاني الموضوعي الكافي يصبح غير كافٍ.
ويُشتق "الموضوع Object" من الفعل اللاتيني "أوبجباكتاري objectary" ومعناه يعارض أو يلقي أمام، المشتق من فعل "جاكري Jacere" بمعنى "يُلقى بـ" و "أوب Ob" بمعنى ضد.
والموضوع: هو الشيء الموجود في العالم الخارجي، وكل ما يُدرَك بالحس ويخضع للتجربة، وله إطار خارجي، ويُوجد مستقلاً عن الإرادة والوعي الإنساني.
وعلى الجانب الآخر، تشتق الذات بالإنجليزية "subject" عن نفس أصل كلمة object، ولكن بدلاً من "أوب Ob" التي تضاف لكمة "Object" يضاف مقطع "سب sub" بمعنى تحت أو مع. وينسب الذاتي إلى الذات، بمعنى أن ذات الشيء هو جوهره وهويته وشخصيته، وتعبر عما به من شعور وتفكير، والعقل أو الفاعل الإنساني هو المفكر وصاحب الإرادة الحرة، ويُدرِك العالم الخارجي من خلال مقولات العقل الإنساني.
تُعبِّر الموضوعية عن إدراك الأشياء على ما هي عليه دون أن يشوبها أهواء أو مصالح أو تحيزات، أي تستند الأحكام إلى النظر إلى الحقائق على أساس العقل، وبعبارة أخرى تعني الموضوعية الإيمان بأن لموضوعات المعرفة وجودًا ماديًا خارجيًا في الواقع، وأن الذهن يستطيع أن يصل إلى إدراك الحقيقة الواقعية القائمة بذاتها (مستقلة عن النفس المدركة) إدراكًا كاملاً. وعلى الجانب الآخر، كلمة الذاتيّ تعني الفردي، أي ما يخص شخصًا واحدًا، فإن وُصِف شخص بأن تفكيره ذاتي فهذا يعني أنه اعتاد أن يجعل أحكامه مبنية على شعوره وذوقه، ويُطلق لفظ ذاتيّ توسُّعًا على ما كان مصدره الفكر وليس الواقع.
ويعتبر الذاتيّ في الميتافيزيقا رد كل وجود إلى الذات، والاعتداد بالفكر وحده، أما الموضوعيّ فهو رد كل الوجود إلى الموضوع المبدأ الواحد المتجاوز للذات. أما في نظرية المعرفة، فإن الذاتية تعني أن التفرقة بين الحقيقة والوهم لا تقوم على أساس موضوعيّ، فهي مجرد اعتبارات ذاتية، وليس ثمة حقيقة مطلقة، أما الموضوعية فترى إمكانية التفرقة. وفي علم الأخلاق، تذهب الذاتية إلى أن مقياس الخير والشر إنما يقوم على اعتبارات شخصية؛ إذ لا توجد معيارية متجاوزة، أما الموضوعية فترى إمكانية الوصول إلى معيارية. وفي عالم الجمال، تذهب الذاتية إلى أن الأحكام الجمالية مسألة ذوق، أما الموضوعية فتحاول أن تصل إلى قواعد عامة يمكن عن طريقها التمييز بين الجميل والقبيح.
وترتبط إشكالية الموضوعية والذاتية بالمفارقة بين الظاهرة الطبيعة والظاهرة الإنسانية. فقد طغت التصوُّرات المادية التي تُوحّد بين الظاهرتين في الفلسفة الغربية، ويعود إسهام علماء مثل وليام ديلتاي (1833 - 1911) إلى محاولة التنبيه إلى أن ثمة فارقًا جوهريًا بين الظاهرة الطبيعية والظاهرة الإنسانية، فقد أكد أن معرفة الإنسان من خلال الملاحظة البرّانية، وتبادل المعلومات الموضوعية المادية عنه أمر غير ممكن؛ فهو كائن ذو قصد، أي أن سلوكه تحدده دوافع إنسانية جُوَّانية (معنى - ضمير - إحساس بالذنب - رموز - ذكريات الطفولة - تأمل في العقل) وبالتالي فهناك مناهج مختلفة لدراسة كلتا الظاهرتين. وقد قام ديلتاي بنقل مصطلح الهرمنيوطيقا - وهي مشتقة من الكلمة اليونانية "Hermeneuin" بمعني يُفسِّر أو يوضِّح - من علم اللاهوت - حيث كان يقصد بها ذلك الجزء من الدراسات اللاهوتية المعنى بتأويل النصوص الدينية بطريقة خيالية ورمزية تبعد عن المعنى الحرفي المباشر، وتحاول اكتشاف المعاني الحقيقية والخفية وراء النصوص المقدسة- إلى الفلسفة والعلوم الإنسانية، حيث استخدمه للإشارة إلى المناهج الخاصة بالبحث في المؤسسات الإنسانية، والسلوك الإنساني باعتباره سلوكاً تحدده دوافع إنسانية جُوَّانية يصعب شرحها عن طريق مناهج العلوم الطبيعية.
وانطلاقًا من ذلك يُفرق بين التفسير والشرح. بينما يشير التفسير إلى الاجتهاد في فهم الظاهرة، وجعلها مفهومة إلى حد ما من خلال التعاطف معها وفهمها أو تفهمها من الداخل، يقصد بالشرح إدخال الظاهرة في شبكة السببية الصلبة المطلقة والقوانين الطبيعية، وكشف العلاقة الموضوعية بين السبب والنتيجة. ولقد انعكست إشكالية مناهج دراسة الظاهرة الإنسانية والظاهرة الطبيعية على الدراسات والبحوث من حيث علاقتها بصياغة الفرضيات - هي مقولة أو تقرير مبدئي لما يعتقد أنه علاقة بين متغيرين أو أكثر، ويعكس الفرض تكهنات الباحث بالنسبة لنتائج البحث المرتقبة. فقد اتجهت الفرضيات نحو التبسيط للظواهر الإنسانية، والإيمان بوجود معنى واحد نهائيّ صائب، يمكن الاقتراب منه إن تحلَّى الباحث بالموضوعية والحياد، والاعتقاد بأن المعرفة سلسلة مترابطة الحلقات كل حلقة تؤدي إلى التي تليها، ولا يمكن تخطِّي حلقة منها لأنها تراكمية، والاقتناع بسيادة مفهوم السببيَّة في الظواهر الإنسانية بنفس درجة صلابته في الظاهرة الطبيعية. وقد اتضحت أبعاد الفكر الموضوعي في موقفها من العديد من القضايا الفلسفية مثل الإدراك والواقع وعقل الإنسان.
انبثق علم تصميم التعليم اساسا من نظريات التعلم واعتمد عليها لكن يوجد بينهما اختلاف فنظريات التعلم هي العلم الذي يبحث في العمليات التي يحدث في اطارها تغير في سلوك المتعلم والتعلم عبارة عن تغيلر ايجابي في سلوك المتعلم نتيجة التدريب والممارسة .
اما نظريات تصميم التدريس فهو العلم الذي يبحث في ايجاد افضل الطرائق التعليمية التي تؤدي الى تحقيق الاهداف التعليمية المرغوب فيها ، وتصوير هذه الطرائق في اشكال وخرائط مقنن تعد كدليل للمعلم يسير عليه اثناء عملية التدريس . ( العدوان ، والحوامدة 2012 .ص113)
ومن هنا نرى ان نظريات التعلم تهتم بدراسة ما يحدث في سلوك المتعلم من تغير . اما نظريات تصميم التدريس تهتم بدراسة ما يقوم به المعلم داخل غرفة الصف . ( دروزة 1986)
اهم نظريات التعلم التي اثرت في تصميم التعليم :
1- النظرية السلوكية :
تعد اولى النظريات التي اثرت في تصميم التدريس وخصوصا آراء سكنر وكراودر ، من حيث كيفية هندسة البيئة وتنظيمها بطريقة تساعد المتعلمين على اظهار الاستجابات المرغوبة والتي تعبر في مجموعها عن عملية التعليم .(سرايا ، 2007 )
وتعتمد المدرسة السلوكية على الفلسفة الموضوعية التي تؤكد على الحقيقة الموضوعية بوصفها متميزة عن الخبرة الذاتية . ولهذا فالعالم كما هو موجود ينتقل الى المتعلم من خلال اسلوب التدريس المباشر فالمتعلم متلقي للمعلومات ويعيدها كما كانت في صيغتها الاصلية تقريبا دون تعديل يذكر .
والموضوعية او الموضوعي مذهب فلسفي يطلق بوجه خاص عل نظرية كانط في المعرفة من حيث انها تقرر القيمة الموضوعية لتصوراتنا .
2- النظرية البنائية :
وتركز هذه النظرية على التسليم بان كل مايبنى بوسطة المتعلم يصبح ذا معنى له ، مما يدفعه لتكوين منظور خاص به عن التعلم وذلك من خلال المنظومات والخبرات الفردية . فهي تركز على اعداد المتعلم لحل مشكلات في ظل مواقف ، او سياقات غامضة .
الجذور التاريخية للنظرية البنائية :
اكتسبت النظرية البنائية شعبية كبيرة في السنوات الأخيرة على الرغم أن فكرتها ليست حديثة إذ يمكن ملاحظة الاتجاهات نحو النظرية البنائية من خلال أعمال كل من سقراط، وأفلاطون، وأرسطو (من 320 ـ 470 ق. م)، الذين تحدثوا جميعاً عن "تكوين المعرفة". فمن خلال النظرية المعرفية التي أظهرت تحد للنظرية السلوكية والتي لعل جذورها (المعرفية) التاريخية تعود إلى الفيلسوف اليوناني أفلاطون الذي يؤمن بأن المعرفة الشخصية هي معرفة غير موروثة بمعنى أخر أن مهمة المعلمين تكمن في مساعده الطلاب على استذكار هذه المعرفة, والتذكر عند أفلاطون هو البحث واكتشاف الأفكار الحيوية حيث يتم إتباعها باستنباط مجموعه من المفاهيم الجديدة من خلال هذه الأفكار, كما أن سقراط الذي يؤمن بالتعليم المركب الذي يجعل فيه طلابه يستنبطون أفكاره دون أن يقول لهم شيئا. فأفكار أفلاطون وسقراط هي أساس الأفكار ألحديثه التي تعتبر التعليم عمليه استكشافيه وترى المعرفة تشتق من الحواس (ضمرة،2002م: 161).
أما سنت أوغستين (منتصف 300 ب. م) فيقول: "يجب الاعتماد على الخبرات الحسية عندما يبحث الناس عن الحقيقة" (ceowther, 1997)، وقد علل ذلك في حالة عدم توازن مع الكنيسة في ذلك الوقت. ويقول جون لوك (من القرن السابع عشر وإلى القرن الثامن عشر): "لا يمكن لمعرفة الفرد أن تكون خلف خبرته". وكانت ( Cant ) في القرن التاسع عشر نشر أسس النظرية المعرفية إذا افترض أن الحواس وعلاقتها مع بعضها البعض غير كافيه للحصول على المعرفة وقد فسر كانت Kant ذلك بالقول: "التحليل المنطقي للأعمال والأشياء يؤدي إلى نمو المعرفة، وأن خبرات الفرد القديمة تكون سبباً في توليد معرفة جديدة".
وعلى الرغم من أن الفلسفة الرئيسة للبنائية تنسب إلى جان بياجيه (1986 ـ 1980) ,إلا أن بستالوزي (1746 ـ 1827) قد أتى بنتائج مشابهة قبل أكثر من قرن على ذلك، إذ أكد ضرورة اعتماد الطرق التربوية على التطور الطبيعي للطفل وعلى مشاعره وأحاسيسه، وهو بذلك أكد أهمية الحواس كأدوات للتعلم، ونادى بربط مناهج التعليم بخبرات الأطفال التي تتوافق وحياتهم في بيوتهم وبيئاتهم العائلية (بركات,2006م ص 23).
إذن نستطيع القول أن البنائية تعد نظرية في المعرفة منذ زمن طويل يمتد عبر القرون, وليس غريباً رؤية هذا التكرار من عدة فلاسفة ومنظرين عبر هذا التاريخ والمنظر الحديث الوحيد الذي حاول تركيب هذه الأفكار المتعددة في نظرية متكاملة وشاملة – شكلت فيما بعد الأسس الحديثة لعلم نفس النمو – وابرز المنظرين فيه هو العالم جان بياجية، إذ قام بتوحيد الفلسفة وعلم النفس لتحويل انتباه الناس إلى الاهتمام بالتفكير والذكاء لدى الأطفال وفاتحاً الطريق إلى نظرة ومنظمة جديدة في التربية وعلم النفس .
لمحة مختصرة عن الفلسفة الموضوعية والفلسفة الذاتية الذاتية :
ترتبط المناهج العلمية في دراسة الإنسان والظواهر الكونية بإشكالية الموضوعية والذاتية، فإذا كان الإنسان كيانًا ماديًا؛ فبالإمكان رصده بشكل ماديّ برَّانيّ/ خارجيّ، أما إذا كان الإنسان كيانًا مركبًا يحوي عناصر مادية ترد إلى عالم الطبيعة / المادية وعناصر غير مادية؛ فالرصد البرَّاني الموضوعي الكافي يصبح غير كافٍ.
ويُشتق "الموضوع Object" من الفعل اللاتيني "أوبجباكتاري objectary" ومعناه يعارض أو يلقي أمام، المشتق من فعل "جاكري Jacere" بمعنى "يُلقى بـ" و "أوب Ob" بمعنى ضد.
والموضوع: هو الشيء الموجود في العالم الخارجي، وكل ما يُدرَك بالحس ويخضع للتجربة، وله إطار خارجي، ويُوجد مستقلاً عن الإرادة والوعي الإنساني.
وعلى الجانب الآخر، تشتق الذات بالإنجليزية "subject" عن نفس أصل كلمة object، ولكن بدلاً من "أوب Ob" التي تضاف لكمة "Object" يضاف مقطع "سب sub" بمعنى تحت أو مع. وينسب الذاتي إلى الذات، بمعنى أن ذات الشيء هو جوهره وهويته وشخصيته، وتعبر عما به من شعور وتفكير، والعقل أو الفاعل الإنساني هو المفكر وصاحب الإرادة الحرة، ويُدرِك العالم الخارجي من خلال مقولات العقل الإنساني.
تُعبِّر الموضوعية عن إدراك الأشياء على ما هي عليه دون أن يشوبها أهواء أو مصالح أو تحيزات، أي تستند الأحكام إلى النظر إلى الحقائق على أساس العقل، وبعبارة أخرى تعني الموضوعية الإيمان بأن لموضوعات المعرفة وجودًا ماديًا خارجيًا في الواقع، وأن الذهن يستطيع أن يصل إلى إدراك الحقيقة الواقعية القائمة بذاتها (مستقلة عن النفس المدركة) إدراكًا كاملاً. وعلى الجانب الآخر، كلمة الذاتيّ تعني الفردي، أي ما يخص شخصًا واحدًا، فإن وُصِف شخص بأن تفكيره ذاتي فهذا يعني أنه اعتاد أن يجعل أحكامه مبنية على شعوره وذوقه، ويُطلق لفظ ذاتيّ توسُّعًا على ما كان مصدره الفكر وليس الواقع.
ويعتبر الذاتيّ في الميتافيزيقا رد كل وجود إلى الذات، والاعتداد بالفكر وحده، أما الموضوعيّ فهو رد كل الوجود إلى الموضوع المبدأ الواحد المتجاوز للذات. أما في نظرية المعرفة، فإن الذاتية تعني أن التفرقة بين الحقيقة والوهم لا تقوم على أساس موضوعيّ، فهي مجرد اعتبارات ذاتية، وليس ثمة حقيقة مطلقة، أما الموضوعية فترى إمكانية التفرقة. وفي علم الأخلاق، تذهب الذاتية إلى أن مقياس الخير والشر إنما يقوم على اعتبارات شخصية؛ إذ لا توجد معيارية متجاوزة، أما الموضوعية فترى إمكانية الوصول إلى معيارية. وفي عالم الجمال، تذهب الذاتية إلى أن الأحكام الجمالية مسألة ذوق، أما الموضوعية فتحاول أن تصل إلى قواعد عامة يمكن عن طريقها التمييز بين الجميل والقبيح.
وترتبط إشكالية الموضوعية والذاتية بالمفارقة بين الظاهرة الطبيعة والظاهرة الإنسانية. فقد طغت التصوُّرات المادية التي تُوحّد بين الظاهرتين في الفلسفة الغربية، ويعود إسهام علماء مثل وليام ديلتاي (1833 - 1911) إلى محاولة التنبيه إلى أن ثمة فارقًا جوهريًا بين الظاهرة الطبيعية والظاهرة الإنسانية، فقد أكد أن معرفة الإنسان من خلال الملاحظة البرّانية، وتبادل المعلومات الموضوعية المادية عنه أمر غير ممكن؛ فهو كائن ذو قصد، أي أن سلوكه تحدده دوافع إنسانية جُوَّانية (معنى - ضمير - إحساس بالذنب - رموز - ذكريات الطفولة - تأمل في العقل) وبالتالي فهناك مناهج مختلفة لدراسة كلتا الظاهرتين. وقد قام ديلتاي بنقل مصطلح الهرمنيوطيقا - وهي مشتقة من الكلمة اليونانية "Hermeneuin" بمعني يُفسِّر أو يوضِّح - من علم اللاهوت - حيث كان يقصد بها ذلك الجزء من الدراسات اللاهوتية المعنى بتأويل النصوص الدينية بطريقة خيالية ورمزية تبعد عن المعنى الحرفي المباشر، وتحاول اكتشاف المعاني الحقيقية والخفية وراء النصوص المقدسة- إلى الفلسفة والعلوم الإنسانية، حيث استخدمه للإشارة إلى المناهج الخاصة بالبحث في المؤسسات الإنسانية، والسلوك الإنساني باعتباره سلوكاً تحدده دوافع إنسانية جُوَّانية يصعب شرحها عن طريق مناهج العلوم الطبيعية.
وانطلاقًا من ذلك يُفرق بين التفسير والشرح. بينما يشير التفسير إلى الاجتهاد في فهم الظاهرة، وجعلها مفهومة إلى حد ما من خلال التعاطف معها وفهمها أو تفهمها من الداخل، يقصد بالشرح إدخال الظاهرة في شبكة السببية الصلبة المطلقة والقوانين الطبيعية، وكشف العلاقة الموضوعية بين السبب والنتيجة. ولقد انعكست إشكالية مناهج دراسة الظاهرة الإنسانية والظاهرة الطبيعية على الدراسات والبحوث من حيث علاقتها بصياغة الفرضيات - هي مقولة أو تقرير مبدئي لما يعتقد أنه علاقة بين متغيرين أو أكثر، ويعكس الفرض تكهنات الباحث بالنسبة لنتائج البحث المرتقبة. فقد اتجهت الفرضيات نحو التبسيط للظواهر الإنسانية، والإيمان بوجود معنى واحد نهائيّ صائب، يمكن الاقتراب منه إن تحلَّى الباحث بالموضوعية والحياد، والاعتقاد بأن المعرفة سلسلة مترابطة الحلقات كل حلقة تؤدي إلى التي تليها، ولا يمكن تخطِّي حلقة منها لأنها تراكمية، والاقتناع بسيادة مفهوم السببيَّة في الظواهر الإنسانية بنفس درجة صلابته في الظاهرة الطبيعية. وقد اتضحت أبعاد الفكر الموضوعي في موقفها من العديد من القضايا الفلسفية مثل الإدراك والواقع وعقل الإنسان.
الخميس مايو 09, 2013 10:32 pm من طرف قداري محمد
» استخدام طريقة العروض العملية في تدريس العلوم
الخميس أبريل 18, 2013 10:26 am من طرف قداري محمد
» Ten ways to improve Education
الخميس فبراير 21, 2013 8:44 am من طرف بشير.الحكيمي
» مقتطفات من تصميم وحدة الإحصاء في الرياضيات
الثلاثاء يناير 29, 2013 8:30 am من طرف بشير.الحكيمي
» تدريس مقرر تقنية المعلومات والاتصالات
الأربعاء يناير 02, 2013 7:49 am من طرف انور..الوحش
» تدريس مقرر تقنية المعلومات والاتصالات
الأربعاء ديسمبر 19, 2012 10:00 am من طرف محمدعبده العواضي
» الواجبات خلال الترم 5
السبت أكتوبر 06, 2012 11:12 pm من طرف بشرى الأغبري
» الواجبات خلال الترم4
السبت أكتوبر 06, 2012 11:11 pm من طرف بشرى الأغبري
» الواجبات خلال الترم3
السبت أكتوبر 06, 2012 11:10 pm من طرف بشرى الأغبري