مفهوم تطوير المنهج :
مما لا شك فيه أن بناء المنهج يختلف عن تطويره في نقطة أساسية فالبناء يبدأ من الصفر ـ من لاشيء ـ أما التطوير فهو يبدأ من شيء قائم وموجود فعلاً ولكن نريد الوصول به إلى أفضل صورة ممكنة .
ويقصد بتطوير المنهج تصحيح أو إعادة تصميم المنهج بإدخال تجديدات ومستحدثات في مكوناته لتحسين العملية التعليمية وتحقيق أهدافها .
ولكي تتم عملية التطوير بصورة سليمة فلابد أن تكون أهدافها واضحة وشاملة لجميع جوانب العملية التعليمية ومعتمدة على أسس علمية ، وأن تكون مستمرة وتعاونية يشترك فيها جميع المختصين في التربية والتدريس ، وحتى تتحقق عملية التطوير لابد أن تكون مسايرة جنباً إلى جنب مع عملية تقويم المنهج حيث يتم تحديد الأخطاء وأوجه الضعف ونواحي القصور في المنهج ثم تُجرى الدراسات والتجارب لمحاولة التخلص من هذا القصور مع الاستفادة من الاتجاهات والخبرات التربوية واختيار المناسب منها والصالح لعاداتنا ولمجتمعنا .
الفرق بين التطوير والتغيير :
يوجد فرق شاسع وكبير بين التطوير والتغيير ، ومن هذه الفروق ما يلي :
1) التغيير يتجه نحو الأفضل أو ألا سوء ، بينما التطوير يتجه نحو الأفضل والأحسن .
2) التغيير يحدث بإرادة الإنسان أو بدون إرادته بينما التطوير يحدث بإرادة الإنسان ورغبته الصادقة .
3) التغيير جزئي إذ ينصب على جانب معين أو نقطة محددة ، بينما التطوير شامل ينصب على جميع جوانب الموضوع .
أهمية تطوير المنهج :
إن عملية تطوير المنهج هي عملية هامة لا تقل أهميتها عن عملية بناءه ، والدليل على ذلك هو انه لو قمنا بأعداد منهج بكافة صور التكنولوجيا والتقدم الحديث ، أهمل هذا المنهج لسنوات عدة ، فسيحكم عليه بالتجمد والتخلف ، ومن هنا تظهر عملية تطوير المنهج لدرجة انه من يقوم في أيامنا هذه بعملية بناء المنهج لا بد ان يضع تحت نصب عينيه أسس تطويره .
أسس تطوير المنهج :
• أن يستند التطوير إلى فلسفة تربويّة منبثقة عن أهداف المجتمع وطموحاته , ورؤية واضحة في أذهان المطوّرين.
• أن يعتمد التطوير على أهداف تطويريّة واضحة ومحدّدة تعكس تنمية الفرد تنمية شاملة متوازنة إلى الدرجة التي تسمح بها قدراته, وتمل على إشباع حاجاته , وحلّ مشكلاته , وتعزيز ميوله واتّجاهاته الإيجابيّة.
• أن يتّسم بشموله أسس المنهج ومكوّناته وأساليب منفذيه , وكفاياتهم الأكاديميّة والتربويّة , وأساليب تقويمه , وأدوات ذلك التقويم , وطرائق تحليل نتائجه .
• أن يتسم بالروح التعاونيّة , من خلال مشاركة المعنيين بالعمليّة التربويّة بشكل مباشر أو غير مباشر .
• أن يتسم بالاستمرار , فحصول المنهج المطوّر اليوم على درجة عالية من الكفاءة والفاعليّة لا يعني حصوله على الدرجة ذاتها بعد مرور أكثر من سنتين على تطويره , حيث تطلع علينا مراكز البحث العلمي , وميادين التطبيق التكنولوجي كلّ يوم بجديد .
• • أن يتسم التطوير بالعلميّة , والابتعاد عن العشوائيّة , وذلك من خلال اعتماد التخطيط السليم لعمليّة التطوير , واستخدام الأساليب العلميّة المعتمدة على أدوات تتوافر فيها الشروط العلميّة , والتعامل مع النتائج بمنتهى الصدق والموضوعيّة .
• " أن يكون التطوير مواكباً الاتّجاهات التربويّة الحديثة .
دواعي (مبررات ) التطوير :
توحد هناك عدة دواعي و أسباب لتطوير المنهج منها :
1) طبيعة العصر الذي نعيش فيه ، يسهم في التقدم العلمي والتقني
2) سوء وقصور المناهج الحالية :ويتم معرفة ذلك من خلال نتائج الامتحانات وتقرير الخبراء والموجهين والفنيين ،و أخر نتائج البحوث التربوية
3) عدم قدرة المناهج الحالية على الإسهام الفعال في التغيير الاجتماعي
4) عجز المناهج الحالية عن ملاحقة التطور في الفكر التربوي والنفسي
6) مشكلة الغزو الثقافي
خطوات التطوير :
أولا : إثارة الشعور بالحاجة إلى التطوير :
وذلك من خلال تسليط الأضواء على نواحي القصور التي تعانيها المناهج القائمة , وما يترتّب على هذا القصور من نتائج سلبيّة , وعرض دعوات التجديد والتطوير المنبعثة من داخل المؤسّسة التربويّة ومن خارجها , وعرض أهداف التطوير , وما يمكن أن يحقّقه للناشئة والوطن , والاستمرار على هذا النهج فترة من الزمن إلى أن تتشكّل لدى كثير من الناس القناعة بضرورة التطوير .
ثانيا : تحديد الأهداف وترجمتها إلى معايير :
لا بدّ لكلّ عمل يطمح إلى النجاح , من تحديد لأهدافه ؛ فهي التي توجّه العمل , وتحدّد آليّة تنفيذه , مع تهيئة الظروف المواتية لنجاح هذا التنفيذ , وتحديد أهداف التطوير هي الخطوة الإجرائيّة الأولى للتطوير بعد إشاعة الشعور بالحاجة إليه من خلال الخطوة السابقة , فهي التي ترسم لنا معالم خطّة التطوير ومراحلها , وهي التي تحدّد محتوى المنهج وطرائقه ووسائله وأساليب تجريب المنهجTesting المطوّر , ومتابعته Following - Up , وتقويمه .
ولا بدّ أن تكون الأهداف مستوفية الشروط السليمة في دقّة صوغها ,وتكامل مصادرها , وتوازن مجالاتها ومستوياتها , وواقعيّة تنفيذها , وإمكانيّة ملاحظتها وقياسها , ووصفها السلوك الذي تسعى إلى إحداثه لدى المتعلّمين بشكل واضح لا يقبل اللبس في المنهج المطوّر .
ثالثاً :اختيار محتوى المنهج المطوّر :
يتمّ اختيار محتوى المنهج المطوّر في ضوء الأهداف التي تمّ تحديدها في الخطوة السابقة , ويمرّ اختيار محتوى المنهج المطوّر بالمراحل ذاتها التي سبقت الإشارة إليها عند الحديث عن المحتوى , في باب مكوّنات المنهج , ولا بأس هنا من التذكير بالمعايير التي ينبغي أن يتّصف بها , كارتباطه بالأهداف , وواقع المتعلّم , ومراعاته مستواه وميوله , وأهميّته له , إضافة إلى صدقه , وتوازنه من حيث الشمول والعمق , ومناسبته الوقت المتاح لتعلّمه .
رابعاً – تنظيم محتوى المنهج المطوّر :
وفي هذه المرحلة يتمّ تنظيم المحتوى , وترتيب موضوعاته بشكل يتحقّق في هذا التنظيم هدفان :
- الأوّل : تماسك المادّة وترابطها وتكاملها .
- الثاني : سهولة تعلّمها من قبل المتعلّم .
وهذا يعني تحقيق نوع من التوازن بين التنظيمين المنطقيّ والسكولوجيّ للمادّة.
وهنا لابدّ من التذكير بمعايير تنظيم المحتوى , كالاستمرار والتتابع والتكامل والمرونة .
خامساً – اختيار طرائق التدريس :
وفي هذه المرحلة يتمّ تحديد طرائق التدريس وأساليبه وإستراتيجيّاته المناسبة لكلّ موضوع من موضوعات المادّة , على أن تتسم تلك الطرائق والأساليب والاستراتيجيّات بمناسبتها للمحتوى , وانسجامها مع الأهداف , وإثارتها لدافعيّة المتعلّمين , وإتاحتها الفرصة لمشاركة المتعلّم الإيجابيّة في التعلّم , والحرص على إكسابه الخبرات المربية , ومهارات التفكير العلميّ والناقد والإبداعيّ , ومهارات حلّ المشكلة , كما ينبغي أن تتسم بالمرونة , بحيث يمكن تطويرها أو تعديلها , بحسب ظروف البيئة التعليميّة .
سادساً- اختيار الأنشطة التربويّة :
وفي هذه المرحلة يتمّ اختيار الأنشطة الصفّيّة وغير الصفّيّة التي تعزّز تعلّم التعلّم وتثبّته, وتثري الخبرة , وتساعد على تعديل السلوك , واكتساب الاتّجاهات الإيجابيّة , وتشبع الحاجات , وتنمّي الميول والهوايات المفيدة , ونشير في هذا المقام إلى مواصفات النشاط الهادف , كارتباطه بأهداف المنهج ومحتواه , وتنوّعه , ومناسبته للمتعلّمين , ومراعاة مبدأ الفروق الفرديّة , وتوفير الفرص المساعدة على اكتساب القيم والاتّجاهات الإيجابيّة , والمهارات التعليميّة المنسجمة مع طبيعة العصر , ولا سيّما مهارات التعلّم الذاتيّ , والتعامل مع تكنولوجيا التعليم . إضافة إلى المهارات الاجتماعيّة المستندة إلى المبادئ الديمقراطيّة , وثقافة التسامح وقبول الآخر .
سابعاً – تحديد الوسائل التعليميّة :
يتطلّب المنهج المطوّر منظومة من الوسائل والتقنيات التعليميّة التي تساعد كلاًّ من المعلّمين و المتعلّمين على تحقيق أهداف المنهج , فقد تدخل موضوعات جديدة على المنهج المطوّر تستدعي استخدام مصوّرات أو أفلام أو تسجيلات أو أقراص مدمجة أو بطاقات ولوحات جديدة تسهم في تسهيل تعليمها وتعلّمها , وهذا ما يتطلّب توفير الأجهزة التقنية الضروريّة لبعض الموادّ التعليميّة , كأجهزة العرض الثابتة والمتحرّكة, والبرامج والأفلام التعليميّة , والشافّات وعيرها .
إنّ تجاهل مثل هذه الوسائل والأجهزة والتقنيّات لا يعطي مصداقيّة لعمليّات تقويم المنهج المطوّر ؛ ولذلك فإنّ توفيرها بين أيدي المتعلّمين والمعلّمين والمشرفين التربويين الذين يشاركون في تطبيق المنهج المطوّر ومتابعته وتقويمه أمر بالغ الأهميّة , ولا غرو في ذلك , فالوسائل والأجهزة والتقنيّات التعليميّة مكوّن لا يقلّ أهميّة عن سائر مكوّنات المنهج الحديث .
ثامناً- اختيار أساليب التقويم :
في هذه الخطوة يتمّ تحديد أساليب تقويم تعلّم المتعلّمين , وما أحدثه المنهج المطوّر من تعديل في سلوكهم ؛ ويندرج ضمن تلك الأساليب أساليب تقويم التحصيل الدراسيّ , وأساليب تقويم النموّ الشخصيّ والانفعاليّ على أن تتوافر في تلك الأساليب المواصفات العلميّة من مثل الارتباط بالأهداف , والاستمرار , والوضوح , والصدق , والثبات , والموضوعيّة , والشمول , والاقتصاد في الوقت والتكلفة والجهد , وغير ذلك من مواصفات .
وهنا لا بدّ من الإشارة إلى ضرورة تنويع أساليب الاختبارات التحصيليّة , كالاختبارات الشفويّة , والكتابيّة ( موضوعيّة وشبه موضوعيّة ومقاليّة ) إضافة إلى الاختبارات العمليّة , وأساليب تقويم الجانب الشخصيّ والانفعاليّ للمتعلّم كالملاحظة والمقابلة والاستفتاء , وغيرها .
تاسعاً – التهيئة لتجريب المنهج المطوّر :
وتكون التهيئة من خلال صدور قرارات وزاريّة بتحديد نسبة المحافظات والمدارس التجريبيّة في كلّ محافظة وتسميتها , وتشكيل اللجان المركزيّة والفرعيّة المشرفة على التجريب , وإقامة دورات تدريبيّة مركزيّة للمشرفين التربويين حول المنهج المطوّر , وتكليف هؤلاء المشرفين الذين اتّبعوا الدورات المركزيّة بتنفيذ دورات تدريبيّة للمعلّمين الذين سينفّذون المنهج المطوّر في المدارس التجريبيّة , كما تتضمّن القرارات تشكيل لجان تأليف مقرّرات المنهج المطوّر, وما يلحق بها من موادّ تعليميّة و أدلّة معلّمين ( بشكل تجريبيّ ), وتشرع تلك اللجان بتأليف كتب التلميذ والموادّ التعليميّة وأدلّة المعلّمين , على أن يتمّ التأكّد من تغطية المعلومات والحقائق والمفاهيم والتعميمات والنظريّات المتضمّنة فيها مختلف الأهداف , ومناسبتها للأوقات المقرّرة لتدريسها , واتّسامها بالمصداقيّة , والصحّة العلميّة , والحداثة , والسلامة اللغويّة , وسهولة الأسلوب , وجمال الخطّ , ومناسبة حجمه للفئة المستهدفة من المتعلّمين , وجاذبيّة ألوانه , وغناه بالصور والرسوم والجداول الإيضاحيّة .
هذا بالإضافة إلى توفير المناخ النفسيّ للعناصر البشريّة التي ستشارك في التجريب , لإظهار قدر عال من الحماسة والشعور بالمسؤوليّة الأخلاقيّة والوطنيّة لفي أثناء تنفيذ التجريب , ويدخل ضمن هذه المرحلة تهيئة البيئة الماديّة المناسبة لتجريب المنهج المطوّر , كتهيئة المعامل والورش ومختبرات اللغة , ومستلزماتها الضروريّة .
عاشراً – تجريب المنهج المطوّر :
تهدف عمليّة تجريب المنهج المطوّر إلى:
-التأكّد من توافر الشروط والمعايير المحدّدة لكلّ من المحتوى والخبرات والطرائق والوسائل والكتب والموادّ التعليميّة , واتّساقها مع الأهداف المحدّدة للمنهج .
-التعرّف إلى المشكلات والعوائق التي تواجه المنهج المطوّر لتذليلها قبل التنفيذ .
-التأكّد من امتلاك المعلّمين والمشرفين الكفايات الأكاديميّة والتربويّة التي تكفل تحقيق أهداف المنهج المطوّر .
ويمرّ تجريب المنهج بجملة من الخطوات , لعلّ أهمّها :
- وضع الخطّة الإجرائيّة لتنفيذ عمليّة التجريب وفق الشروط العلميّة المعروفة , متضمّنة استصدار القرارات , وتشكيل اللجان المركزيّة والفرعيّة للإشراف على العمليّة ومتابعتها .
- اختيار عينة التجريب بحيث تكون ممثّلة للمجتمع الأصليّ تحديد وفق عدّة متغيّرات ( ريف , مدينة ) , (مدارس ذكور , مدارس إناث ,مدارس مختلطة ) , ( مدارس رسميّة , مدارس أهليّة ) ( بناء مدرسي حكوميّ , بناء مدرسيّ مستأجر ) , ( مدارس ذات دوام كامل , مدارس ذات دوام نصفيّ , أو ثلثيّ ) وغير ذلك من المتغيّرات الممثّلة للواقع .
- إعداد الأدوات والاختبارات والمقاييس المختلفة الضروريّة لتقويم عمليّة التجريب وفق الشروط العلميّة السليمة .
-توفير المستلزمات الضروريّة للتجريب كالكتب التجريبيّة, وأدلّة المعلّمين , والموادّ التعليميّة والوسائل , وتوفير البيئة الماديّة والبشريّة لنجاح عمليّة التجريب .
- تطبيق التجريب في المدارس التجريبيّة وفق الشروط التجريبيّة الموضوعيّة , والعمل على استبعاد مختلف العوامل والمتغيّرات التي يمكن أن تتدخّل وتشوّه نتائج التجريب .
- إجراء تحليل شامل لعمليّة التجريب تستخدم فيه مختلف الأساليب العلميّة , وعقد ندوات يشارك فيها معلمو التجريب , و مشرفوهم , وعينة من أولياء الأمور وتلاميذ المدارس التجريبيّة , ووسائل الإعلام , والمهتمّون بالعمليّة التربويّة في الجامعات ومراكز البحث ؛ لمناقشة نتائج التجريب , وتشخيص الصعوبات , وتحديد أوجه القصور في مختلف جوانب المنهج التجريبيّ , وتلافيها استعداداً لمرحلة تنفيذ المنهج المطوّر وتعميمه .
- يمكن إعادة تجريب المنهج المطوّر ثانية , وثالثة ؛ لتخليصه من الشوائب , والوصول به أعلى درجة من الكفاية الداخليّة والخارجيّة .
حادي عشر – الاستعداد لتعميم المنهج المطوّر :
ليس من الحكمة التسرّع في تنفيذ المنهج المطوّر , إذ لا بدّ من الاستعداد لهذا التنفيذ , وقد تستغرق هذه الاستعدادات سنة أو سنتين أو أكثر , ومن الاستعدادات لتنفيذ المنهج المطوّر القيام بما يأتي :
" – توفير الميزانيّة اللازمة لذلك .
- إنجاز الكتب الدراسيّة ( كتب التلميذ , كتاب المعلّم , كتب النشاط , النشرات ) .
- تجهيز المدارس بما يلزم من معامل وأجهزة وأدوات .
- اتّباع المعلّمين دورات تدريبيّة ليصبحوا قادرين على تنفيذ المنهج الجديد , واستخدام الطرائق والوسائل والأجهزة التعليميّة الحديثة , وما يناسبها من وسائل التقويم .
- اتّباع الموجّهين والمشرفين دورات تدريبيّة لمعرفة الطرائق والوسائل لحديثة في الإشراف والتوجيه والإرشاد , تبعا ًللمنهج المقترح .
- تهيئة التلاميذ وأولياء الأمور وأفراد المجتمع ؛ بعقد ندوات ومؤتمرات لإقناعهم بضرورة وأهميّة التطوير للمناهج .
- إعداد الوسائل المتنوّعة والمختلفة الضروريّة لعمليّة متابعة المنهج المقترح وتقويمه " .
ثاني عشر - تعميم المنهج المطوّر :
بعد الانتهاء من الاستعداد لتعميم المنهج المطوّر , تصدر القرارات المتعلّقة بتعميم المنهج , محدّدة موعد بدء تعميمه على مختلف مدارس الدولة , وتنشر هذه القرارات عبر وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئيّة , وعادة ما يكون بدء العمل في المنهج المطوّر في بداية العام الدراسيّ .
ثالث عشر - تقويم المنهج المطوّر :
لا يعني تعميم المنهج المطوّر الانتهاء من العمل , وإنّما يعني بدء مرحلة جديدة من المتابعة والتقويم ؛ حيث يعدّ منهجاً قائماً يحتاج إلى كشف ثغراته وأوجه قصوره , استعداداً لعمليّة تطوير جديدة , فعمليّة تطوير المنهج لا تتوقّف , وإنّما هي عمليّة مستمرة متجدّدة تجدّد الحياة .
أساليب التطوير :
أوّلاً – أساليب التطوير التقليديّة , ومنها :
1- الحذف Deletion والإضافة Addition, ويعني هذا الأسلوب حذف موضوع أو جزء منه , أو وحدة دراسيّة , أو مادّة بأكملها , لسبب من الأسباب التي يراها المسؤولون والمشرفون التربويّون , إضافة معلومات معيّنة إلى موضوع أو موضوع بكامله أو وحدة دراسيّة إلى مادّة أو مادّة دراسيّة كاملة .
2- التقديمOfferingوالتأخير Delaying حيث يعدّل تنظيم مادّة , فتقدّم بعض الموضوعات , ويؤخّر بعضها الآخر ؛ لدواعي تعليميّة أو سيكولوجيّة أو منطقيّة .
3- التنقيح Modification وإعادة الصوغReform , وفي هذا الأسلوب يخلّص المنهج من بعض الأغلاط الطباعيّة أو العلميّة التي علقت به , أو يعاد النظر في أسلوب عرضه , ولغته ؛ كي يسهل استيعابه , ويزول غموضه .
4- الاستبدال Substitutionوالتعديل Modification , ويعني هذا الأسلوب استبدال معلومات أو موضوعات محدّثة أو موسّعة أو ملخّصة بموضوعات مشابهة في المنهج , أو العودة إلى تلك المعلومات والموضوعات المتضمّنة في المنهج , وإعادة النظر فيها , وتعديلها بما ينسجم والمعطيات الحديثة .
5- تطوير واحد أو أكثر من عناصر المنهج , كتطوير أساليب التقويم أو تطوير طرائق التدريس , أو تطوير تنظيم المنهج من موادّ منفصلة إلى مواد مترابطة , أو مندمجة .
ثانيا : الأساليب الحديثة لتطوير المناهج :
أ : التحليل والاستنباط :
عملية التحليل والاستنباط تبدأ مع بداية كل من تخطيط المنهج أو تطبيقه وتستمر معه وهذا يتيح لعملية تطوير المناهج أن تبدأ هي الأخرى مع بدء كل من هاتين العمليتين.فعند تخطيط المناهج تكون نقطة البدء هي جمع معلومات عن مصادر المنهج,ويجري تحليل هذه المعلومات فإذا رؤي أنها تحتاج إلى استكمال أو إعادة ترتيب فإن ما تم تنفيذه يعتبر تطويرا للمنهج في أثناء تخطيطه،وكذلك الأمر بالنسبة لعملية تطبيق المنهج,فإذا بدئ في تنفيذ المنهج وتم تحليل طرائق التدريس-على سبيل المثال – المطبقة فيه ولوحظ أنها في حاجة إلى تطوير وتم هذا, فإن التحسن الذي أدخل على طرائق التدريس- مع أخذ هذا التحسن في الاعتبار بالنسبة لعناصر المنهج الأخرى- يعتبر تطوير المنهج الدراسي .هذا الأسلوب يساعد عملية تطوير المناهج بأن تبدأ حتى قبل التطبيق مما يسهم في تحسين المناهج الدراسية في مختلف مراحل إعدادها وتطبيقها.
ب: المقارنة بمناهج أخرى :
إن التقدم العلمي والتقني التربوي المعاصر أصبح من أهم العوامل الفارقة بين الدول. ولا يقتصر هذا التقدم على مجال دون أخر. وإذا كانت الصناعة قد استأثرت بالنصيب الأوفى من هذا التقدم فإن التعليم بعامة والمناهج بخاصة قد أصابها قدر وافر منه في الدول المتقدمة.
فالمجتمعات المتقدمة تتابع ما يحدث في المجتمعات الأخرى من تطوير تربوي بعامة وفي المناهج الدراسية بخاصة ، وتتخذ لهذا سبيل الدراسات المقارنة الذي يعد من أهم أساليب تطوير المناهج في الدول المتقدمة.
والدول المتقدمة حين تقارن بين مناهجها الدراسية ومناهج دول أخرى ، فإنها تقارن بين مناهجها ـ كدولة متقدمة ـ مع مناهج دولة أخرى متقدمة .
أما ما يحدث في الدول النامية ـ والدول الإسلامية على وجه الخصوص ـ فيختلف تماماً ؛ فإن ما يحدث في غالب الأحيان ليس دراسة مقارنة بل عملية نقل عن الغير ، ولهذا عواقب وخيمة ، خاصة لو كان النقل متعلقاً بمناهج العلوم الاجتماعية .
ومن الأولى أن تشمل الدراسات المقارنة مناهج الدول التي تتشابه في مرحلة التقدم وفي الظروف المحيطة بها والمشكلات التي تواجهها، وبخاصة البلدان الإسلامية. لما لهذا من الفوائد العديدة ، ومنها:
1- أن المشكلات التي تواجهها هذه البلدان – في غالبها – متشابهة .
2- أن الاجتهادات في التطوير وحل المشكلات في كل دولة سوف تكون – من الوجهة العملية – أكثر قبولا وأكثر فائدة لبقية الدول نظرا لتشابه الظروف فيها.
3- أن الخبرات التي سوف تتبادلها هذه البلدان سوف تكون – في الغالب – خالية من التعارض مع العقيدة.
4- أن التعاون في تطوير المناهج، سوف يؤدي إلى مزيد من التعاون في المجالات التربوية الأخرى.
جـ: البحث العلمي والتجريب التربوي :
إن البحث العلمي في وقتنا الحاضر قد أصبح عماد التقدم في الدول ، بل أصبح من أهم العوامل التي تفرق بين الدول المتقدمة والدول المتخلفة .
والمتتبع للتطوير التربوي المعاصر يدرك أنه مجال لجميع معطيات البحث العلمي والتقدم التقني ، فالتطوير الذي نلاحظه في جميع عناصر المنهج الدراسي كان بفضل البحث العلمي والتجريب التربوي .
د: استشراف المستقبل :
التغيرات الكثيرة التي تسود عالم اليوم تجعل الإنسان تواقاً إلى أن يرسم صورة ولو تقريبية للغد، والاتجاه نحو الترشيد في الجهد والوقت والإمكانات البشرية والمادية الذي أصبح من ضرورات الحياة بالنسبة للأفراد والمجتمعات،جعل استطلاع مقومات الحياة في المستقبل أساساً لهذا الترشيد، و يعلم العاملون بشؤون التخطيط للتنمية في مختلف المجالات أن معرفة الصورة التي يمكن أن يكون عليها المستقبل ، تجعل التخطيط أقرب إلى الواقع، وتقلل من احتمالات الخطأ فيه ، وتحمي من العمل العشوائي أو المبني على التخمين دون ضوابط عليه .
فلا يعتمد الاستشراف على الحدس أو التخمين أو البداهة ولكن يستخدم نظريات علمية حديثة تربط بين الماضي والحاضر و المستقبل .
ويعد الاستشراف من أهم الاتجاهات الحديثة في تطوير المناهج الدراسية استشراف المستقبل ، إذ وفق صورة المجتمع التي يستشرفها علماء الدراسات المستقبلية تتطور المناهج الدراسية في مختلف مجالات الدراس
مما لا شك فيه أن بناء المنهج يختلف عن تطويره في نقطة أساسية فالبناء يبدأ من الصفر ـ من لاشيء ـ أما التطوير فهو يبدأ من شيء قائم وموجود فعلاً ولكن نريد الوصول به إلى أفضل صورة ممكنة .
ويقصد بتطوير المنهج تصحيح أو إعادة تصميم المنهج بإدخال تجديدات ومستحدثات في مكوناته لتحسين العملية التعليمية وتحقيق أهدافها .
ولكي تتم عملية التطوير بصورة سليمة فلابد أن تكون أهدافها واضحة وشاملة لجميع جوانب العملية التعليمية ومعتمدة على أسس علمية ، وأن تكون مستمرة وتعاونية يشترك فيها جميع المختصين في التربية والتدريس ، وحتى تتحقق عملية التطوير لابد أن تكون مسايرة جنباً إلى جنب مع عملية تقويم المنهج حيث يتم تحديد الأخطاء وأوجه الضعف ونواحي القصور في المنهج ثم تُجرى الدراسات والتجارب لمحاولة التخلص من هذا القصور مع الاستفادة من الاتجاهات والخبرات التربوية واختيار المناسب منها والصالح لعاداتنا ولمجتمعنا .
الفرق بين التطوير والتغيير :
يوجد فرق شاسع وكبير بين التطوير والتغيير ، ومن هذه الفروق ما يلي :
1) التغيير يتجه نحو الأفضل أو ألا سوء ، بينما التطوير يتجه نحو الأفضل والأحسن .
2) التغيير يحدث بإرادة الإنسان أو بدون إرادته بينما التطوير يحدث بإرادة الإنسان ورغبته الصادقة .
3) التغيير جزئي إذ ينصب على جانب معين أو نقطة محددة ، بينما التطوير شامل ينصب على جميع جوانب الموضوع .
أهمية تطوير المنهج :
إن عملية تطوير المنهج هي عملية هامة لا تقل أهميتها عن عملية بناءه ، والدليل على ذلك هو انه لو قمنا بأعداد منهج بكافة صور التكنولوجيا والتقدم الحديث ، أهمل هذا المنهج لسنوات عدة ، فسيحكم عليه بالتجمد والتخلف ، ومن هنا تظهر عملية تطوير المنهج لدرجة انه من يقوم في أيامنا هذه بعملية بناء المنهج لا بد ان يضع تحت نصب عينيه أسس تطويره .
أسس تطوير المنهج :
• أن يستند التطوير إلى فلسفة تربويّة منبثقة عن أهداف المجتمع وطموحاته , ورؤية واضحة في أذهان المطوّرين.
• أن يعتمد التطوير على أهداف تطويريّة واضحة ومحدّدة تعكس تنمية الفرد تنمية شاملة متوازنة إلى الدرجة التي تسمح بها قدراته, وتمل على إشباع حاجاته , وحلّ مشكلاته , وتعزيز ميوله واتّجاهاته الإيجابيّة.
• أن يتّسم بشموله أسس المنهج ومكوّناته وأساليب منفذيه , وكفاياتهم الأكاديميّة والتربويّة , وأساليب تقويمه , وأدوات ذلك التقويم , وطرائق تحليل نتائجه .
• أن يتسم بالروح التعاونيّة , من خلال مشاركة المعنيين بالعمليّة التربويّة بشكل مباشر أو غير مباشر .
• أن يتسم بالاستمرار , فحصول المنهج المطوّر اليوم على درجة عالية من الكفاءة والفاعليّة لا يعني حصوله على الدرجة ذاتها بعد مرور أكثر من سنتين على تطويره , حيث تطلع علينا مراكز البحث العلمي , وميادين التطبيق التكنولوجي كلّ يوم بجديد .
• • أن يتسم التطوير بالعلميّة , والابتعاد عن العشوائيّة , وذلك من خلال اعتماد التخطيط السليم لعمليّة التطوير , واستخدام الأساليب العلميّة المعتمدة على أدوات تتوافر فيها الشروط العلميّة , والتعامل مع النتائج بمنتهى الصدق والموضوعيّة .
• " أن يكون التطوير مواكباً الاتّجاهات التربويّة الحديثة .
دواعي (مبررات ) التطوير :
توحد هناك عدة دواعي و أسباب لتطوير المنهج منها :
1) طبيعة العصر الذي نعيش فيه ، يسهم في التقدم العلمي والتقني
2) سوء وقصور المناهج الحالية :ويتم معرفة ذلك من خلال نتائج الامتحانات وتقرير الخبراء والموجهين والفنيين ،و أخر نتائج البحوث التربوية
3) عدم قدرة المناهج الحالية على الإسهام الفعال في التغيير الاجتماعي
4) عجز المناهج الحالية عن ملاحقة التطور في الفكر التربوي والنفسي
6) مشكلة الغزو الثقافي
خطوات التطوير :
أولا : إثارة الشعور بالحاجة إلى التطوير :
وذلك من خلال تسليط الأضواء على نواحي القصور التي تعانيها المناهج القائمة , وما يترتّب على هذا القصور من نتائج سلبيّة , وعرض دعوات التجديد والتطوير المنبعثة من داخل المؤسّسة التربويّة ومن خارجها , وعرض أهداف التطوير , وما يمكن أن يحقّقه للناشئة والوطن , والاستمرار على هذا النهج فترة من الزمن إلى أن تتشكّل لدى كثير من الناس القناعة بضرورة التطوير .
ثانيا : تحديد الأهداف وترجمتها إلى معايير :
لا بدّ لكلّ عمل يطمح إلى النجاح , من تحديد لأهدافه ؛ فهي التي توجّه العمل , وتحدّد آليّة تنفيذه , مع تهيئة الظروف المواتية لنجاح هذا التنفيذ , وتحديد أهداف التطوير هي الخطوة الإجرائيّة الأولى للتطوير بعد إشاعة الشعور بالحاجة إليه من خلال الخطوة السابقة , فهي التي ترسم لنا معالم خطّة التطوير ومراحلها , وهي التي تحدّد محتوى المنهج وطرائقه ووسائله وأساليب تجريب المنهجTesting المطوّر , ومتابعته Following - Up , وتقويمه .
ولا بدّ أن تكون الأهداف مستوفية الشروط السليمة في دقّة صوغها ,وتكامل مصادرها , وتوازن مجالاتها ومستوياتها , وواقعيّة تنفيذها , وإمكانيّة ملاحظتها وقياسها , ووصفها السلوك الذي تسعى إلى إحداثه لدى المتعلّمين بشكل واضح لا يقبل اللبس في المنهج المطوّر .
ثالثاً :اختيار محتوى المنهج المطوّر :
يتمّ اختيار محتوى المنهج المطوّر في ضوء الأهداف التي تمّ تحديدها في الخطوة السابقة , ويمرّ اختيار محتوى المنهج المطوّر بالمراحل ذاتها التي سبقت الإشارة إليها عند الحديث عن المحتوى , في باب مكوّنات المنهج , ولا بأس هنا من التذكير بالمعايير التي ينبغي أن يتّصف بها , كارتباطه بالأهداف , وواقع المتعلّم , ومراعاته مستواه وميوله , وأهميّته له , إضافة إلى صدقه , وتوازنه من حيث الشمول والعمق , ومناسبته الوقت المتاح لتعلّمه .
رابعاً – تنظيم محتوى المنهج المطوّر :
وفي هذه المرحلة يتمّ تنظيم المحتوى , وترتيب موضوعاته بشكل يتحقّق في هذا التنظيم هدفان :
- الأوّل : تماسك المادّة وترابطها وتكاملها .
- الثاني : سهولة تعلّمها من قبل المتعلّم .
وهذا يعني تحقيق نوع من التوازن بين التنظيمين المنطقيّ والسكولوجيّ للمادّة.
وهنا لابدّ من التذكير بمعايير تنظيم المحتوى , كالاستمرار والتتابع والتكامل والمرونة .
خامساً – اختيار طرائق التدريس :
وفي هذه المرحلة يتمّ تحديد طرائق التدريس وأساليبه وإستراتيجيّاته المناسبة لكلّ موضوع من موضوعات المادّة , على أن تتسم تلك الطرائق والأساليب والاستراتيجيّات بمناسبتها للمحتوى , وانسجامها مع الأهداف , وإثارتها لدافعيّة المتعلّمين , وإتاحتها الفرصة لمشاركة المتعلّم الإيجابيّة في التعلّم , والحرص على إكسابه الخبرات المربية , ومهارات التفكير العلميّ والناقد والإبداعيّ , ومهارات حلّ المشكلة , كما ينبغي أن تتسم بالمرونة , بحيث يمكن تطويرها أو تعديلها , بحسب ظروف البيئة التعليميّة .
سادساً- اختيار الأنشطة التربويّة :
وفي هذه المرحلة يتمّ اختيار الأنشطة الصفّيّة وغير الصفّيّة التي تعزّز تعلّم التعلّم وتثبّته, وتثري الخبرة , وتساعد على تعديل السلوك , واكتساب الاتّجاهات الإيجابيّة , وتشبع الحاجات , وتنمّي الميول والهوايات المفيدة , ونشير في هذا المقام إلى مواصفات النشاط الهادف , كارتباطه بأهداف المنهج ومحتواه , وتنوّعه , ومناسبته للمتعلّمين , ومراعاة مبدأ الفروق الفرديّة , وتوفير الفرص المساعدة على اكتساب القيم والاتّجاهات الإيجابيّة , والمهارات التعليميّة المنسجمة مع طبيعة العصر , ولا سيّما مهارات التعلّم الذاتيّ , والتعامل مع تكنولوجيا التعليم . إضافة إلى المهارات الاجتماعيّة المستندة إلى المبادئ الديمقراطيّة , وثقافة التسامح وقبول الآخر .
سابعاً – تحديد الوسائل التعليميّة :
يتطلّب المنهج المطوّر منظومة من الوسائل والتقنيات التعليميّة التي تساعد كلاًّ من المعلّمين و المتعلّمين على تحقيق أهداف المنهج , فقد تدخل موضوعات جديدة على المنهج المطوّر تستدعي استخدام مصوّرات أو أفلام أو تسجيلات أو أقراص مدمجة أو بطاقات ولوحات جديدة تسهم في تسهيل تعليمها وتعلّمها , وهذا ما يتطلّب توفير الأجهزة التقنية الضروريّة لبعض الموادّ التعليميّة , كأجهزة العرض الثابتة والمتحرّكة, والبرامج والأفلام التعليميّة , والشافّات وعيرها .
إنّ تجاهل مثل هذه الوسائل والأجهزة والتقنيّات لا يعطي مصداقيّة لعمليّات تقويم المنهج المطوّر ؛ ولذلك فإنّ توفيرها بين أيدي المتعلّمين والمعلّمين والمشرفين التربويين الذين يشاركون في تطبيق المنهج المطوّر ومتابعته وتقويمه أمر بالغ الأهميّة , ولا غرو في ذلك , فالوسائل والأجهزة والتقنيّات التعليميّة مكوّن لا يقلّ أهميّة عن سائر مكوّنات المنهج الحديث .
ثامناً- اختيار أساليب التقويم :
في هذه الخطوة يتمّ تحديد أساليب تقويم تعلّم المتعلّمين , وما أحدثه المنهج المطوّر من تعديل في سلوكهم ؛ ويندرج ضمن تلك الأساليب أساليب تقويم التحصيل الدراسيّ , وأساليب تقويم النموّ الشخصيّ والانفعاليّ على أن تتوافر في تلك الأساليب المواصفات العلميّة من مثل الارتباط بالأهداف , والاستمرار , والوضوح , والصدق , والثبات , والموضوعيّة , والشمول , والاقتصاد في الوقت والتكلفة والجهد , وغير ذلك من مواصفات .
وهنا لا بدّ من الإشارة إلى ضرورة تنويع أساليب الاختبارات التحصيليّة , كالاختبارات الشفويّة , والكتابيّة ( موضوعيّة وشبه موضوعيّة ومقاليّة ) إضافة إلى الاختبارات العمليّة , وأساليب تقويم الجانب الشخصيّ والانفعاليّ للمتعلّم كالملاحظة والمقابلة والاستفتاء , وغيرها .
تاسعاً – التهيئة لتجريب المنهج المطوّر :
وتكون التهيئة من خلال صدور قرارات وزاريّة بتحديد نسبة المحافظات والمدارس التجريبيّة في كلّ محافظة وتسميتها , وتشكيل اللجان المركزيّة والفرعيّة المشرفة على التجريب , وإقامة دورات تدريبيّة مركزيّة للمشرفين التربويين حول المنهج المطوّر , وتكليف هؤلاء المشرفين الذين اتّبعوا الدورات المركزيّة بتنفيذ دورات تدريبيّة للمعلّمين الذين سينفّذون المنهج المطوّر في المدارس التجريبيّة , كما تتضمّن القرارات تشكيل لجان تأليف مقرّرات المنهج المطوّر, وما يلحق بها من موادّ تعليميّة و أدلّة معلّمين ( بشكل تجريبيّ ), وتشرع تلك اللجان بتأليف كتب التلميذ والموادّ التعليميّة وأدلّة المعلّمين , على أن يتمّ التأكّد من تغطية المعلومات والحقائق والمفاهيم والتعميمات والنظريّات المتضمّنة فيها مختلف الأهداف , ومناسبتها للأوقات المقرّرة لتدريسها , واتّسامها بالمصداقيّة , والصحّة العلميّة , والحداثة , والسلامة اللغويّة , وسهولة الأسلوب , وجمال الخطّ , ومناسبة حجمه للفئة المستهدفة من المتعلّمين , وجاذبيّة ألوانه , وغناه بالصور والرسوم والجداول الإيضاحيّة .
هذا بالإضافة إلى توفير المناخ النفسيّ للعناصر البشريّة التي ستشارك في التجريب , لإظهار قدر عال من الحماسة والشعور بالمسؤوليّة الأخلاقيّة والوطنيّة لفي أثناء تنفيذ التجريب , ويدخل ضمن هذه المرحلة تهيئة البيئة الماديّة المناسبة لتجريب المنهج المطوّر , كتهيئة المعامل والورش ومختبرات اللغة , ومستلزماتها الضروريّة .
عاشراً – تجريب المنهج المطوّر :
تهدف عمليّة تجريب المنهج المطوّر إلى:
-التأكّد من توافر الشروط والمعايير المحدّدة لكلّ من المحتوى والخبرات والطرائق والوسائل والكتب والموادّ التعليميّة , واتّساقها مع الأهداف المحدّدة للمنهج .
-التعرّف إلى المشكلات والعوائق التي تواجه المنهج المطوّر لتذليلها قبل التنفيذ .
-التأكّد من امتلاك المعلّمين والمشرفين الكفايات الأكاديميّة والتربويّة التي تكفل تحقيق أهداف المنهج المطوّر .
ويمرّ تجريب المنهج بجملة من الخطوات , لعلّ أهمّها :
- وضع الخطّة الإجرائيّة لتنفيذ عمليّة التجريب وفق الشروط العلميّة المعروفة , متضمّنة استصدار القرارات , وتشكيل اللجان المركزيّة والفرعيّة للإشراف على العمليّة ومتابعتها .
- اختيار عينة التجريب بحيث تكون ممثّلة للمجتمع الأصليّ تحديد وفق عدّة متغيّرات ( ريف , مدينة ) , (مدارس ذكور , مدارس إناث ,مدارس مختلطة ) , ( مدارس رسميّة , مدارس أهليّة ) ( بناء مدرسي حكوميّ , بناء مدرسيّ مستأجر ) , ( مدارس ذات دوام كامل , مدارس ذات دوام نصفيّ , أو ثلثيّ ) وغير ذلك من المتغيّرات الممثّلة للواقع .
- إعداد الأدوات والاختبارات والمقاييس المختلفة الضروريّة لتقويم عمليّة التجريب وفق الشروط العلميّة السليمة .
-توفير المستلزمات الضروريّة للتجريب كالكتب التجريبيّة, وأدلّة المعلّمين , والموادّ التعليميّة والوسائل , وتوفير البيئة الماديّة والبشريّة لنجاح عمليّة التجريب .
- تطبيق التجريب في المدارس التجريبيّة وفق الشروط التجريبيّة الموضوعيّة , والعمل على استبعاد مختلف العوامل والمتغيّرات التي يمكن أن تتدخّل وتشوّه نتائج التجريب .
- إجراء تحليل شامل لعمليّة التجريب تستخدم فيه مختلف الأساليب العلميّة , وعقد ندوات يشارك فيها معلمو التجريب , و مشرفوهم , وعينة من أولياء الأمور وتلاميذ المدارس التجريبيّة , ووسائل الإعلام , والمهتمّون بالعمليّة التربويّة في الجامعات ومراكز البحث ؛ لمناقشة نتائج التجريب , وتشخيص الصعوبات , وتحديد أوجه القصور في مختلف جوانب المنهج التجريبيّ , وتلافيها استعداداً لمرحلة تنفيذ المنهج المطوّر وتعميمه .
- يمكن إعادة تجريب المنهج المطوّر ثانية , وثالثة ؛ لتخليصه من الشوائب , والوصول به أعلى درجة من الكفاية الداخليّة والخارجيّة .
حادي عشر – الاستعداد لتعميم المنهج المطوّر :
ليس من الحكمة التسرّع في تنفيذ المنهج المطوّر , إذ لا بدّ من الاستعداد لهذا التنفيذ , وقد تستغرق هذه الاستعدادات سنة أو سنتين أو أكثر , ومن الاستعدادات لتنفيذ المنهج المطوّر القيام بما يأتي :
" – توفير الميزانيّة اللازمة لذلك .
- إنجاز الكتب الدراسيّة ( كتب التلميذ , كتاب المعلّم , كتب النشاط , النشرات ) .
- تجهيز المدارس بما يلزم من معامل وأجهزة وأدوات .
- اتّباع المعلّمين دورات تدريبيّة ليصبحوا قادرين على تنفيذ المنهج الجديد , واستخدام الطرائق والوسائل والأجهزة التعليميّة الحديثة , وما يناسبها من وسائل التقويم .
- اتّباع الموجّهين والمشرفين دورات تدريبيّة لمعرفة الطرائق والوسائل لحديثة في الإشراف والتوجيه والإرشاد , تبعا ًللمنهج المقترح .
- تهيئة التلاميذ وأولياء الأمور وأفراد المجتمع ؛ بعقد ندوات ومؤتمرات لإقناعهم بضرورة وأهميّة التطوير للمناهج .
- إعداد الوسائل المتنوّعة والمختلفة الضروريّة لعمليّة متابعة المنهج المقترح وتقويمه " .
ثاني عشر - تعميم المنهج المطوّر :
بعد الانتهاء من الاستعداد لتعميم المنهج المطوّر , تصدر القرارات المتعلّقة بتعميم المنهج , محدّدة موعد بدء تعميمه على مختلف مدارس الدولة , وتنشر هذه القرارات عبر وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئيّة , وعادة ما يكون بدء العمل في المنهج المطوّر في بداية العام الدراسيّ .
ثالث عشر - تقويم المنهج المطوّر :
لا يعني تعميم المنهج المطوّر الانتهاء من العمل , وإنّما يعني بدء مرحلة جديدة من المتابعة والتقويم ؛ حيث يعدّ منهجاً قائماً يحتاج إلى كشف ثغراته وأوجه قصوره , استعداداً لعمليّة تطوير جديدة , فعمليّة تطوير المنهج لا تتوقّف , وإنّما هي عمليّة مستمرة متجدّدة تجدّد الحياة .
أساليب التطوير :
أوّلاً – أساليب التطوير التقليديّة , ومنها :
1- الحذف Deletion والإضافة Addition, ويعني هذا الأسلوب حذف موضوع أو جزء منه , أو وحدة دراسيّة , أو مادّة بأكملها , لسبب من الأسباب التي يراها المسؤولون والمشرفون التربويّون , إضافة معلومات معيّنة إلى موضوع أو موضوع بكامله أو وحدة دراسيّة إلى مادّة أو مادّة دراسيّة كاملة .
2- التقديمOfferingوالتأخير Delaying حيث يعدّل تنظيم مادّة , فتقدّم بعض الموضوعات , ويؤخّر بعضها الآخر ؛ لدواعي تعليميّة أو سيكولوجيّة أو منطقيّة .
3- التنقيح Modification وإعادة الصوغReform , وفي هذا الأسلوب يخلّص المنهج من بعض الأغلاط الطباعيّة أو العلميّة التي علقت به , أو يعاد النظر في أسلوب عرضه , ولغته ؛ كي يسهل استيعابه , ويزول غموضه .
4- الاستبدال Substitutionوالتعديل Modification , ويعني هذا الأسلوب استبدال معلومات أو موضوعات محدّثة أو موسّعة أو ملخّصة بموضوعات مشابهة في المنهج , أو العودة إلى تلك المعلومات والموضوعات المتضمّنة في المنهج , وإعادة النظر فيها , وتعديلها بما ينسجم والمعطيات الحديثة .
5- تطوير واحد أو أكثر من عناصر المنهج , كتطوير أساليب التقويم أو تطوير طرائق التدريس , أو تطوير تنظيم المنهج من موادّ منفصلة إلى مواد مترابطة , أو مندمجة .
ثانيا : الأساليب الحديثة لتطوير المناهج :
أ : التحليل والاستنباط :
عملية التحليل والاستنباط تبدأ مع بداية كل من تخطيط المنهج أو تطبيقه وتستمر معه وهذا يتيح لعملية تطوير المناهج أن تبدأ هي الأخرى مع بدء كل من هاتين العمليتين.فعند تخطيط المناهج تكون نقطة البدء هي جمع معلومات عن مصادر المنهج,ويجري تحليل هذه المعلومات فإذا رؤي أنها تحتاج إلى استكمال أو إعادة ترتيب فإن ما تم تنفيذه يعتبر تطويرا للمنهج في أثناء تخطيطه،وكذلك الأمر بالنسبة لعملية تطبيق المنهج,فإذا بدئ في تنفيذ المنهج وتم تحليل طرائق التدريس-على سبيل المثال – المطبقة فيه ولوحظ أنها في حاجة إلى تطوير وتم هذا, فإن التحسن الذي أدخل على طرائق التدريس- مع أخذ هذا التحسن في الاعتبار بالنسبة لعناصر المنهج الأخرى- يعتبر تطوير المنهج الدراسي .هذا الأسلوب يساعد عملية تطوير المناهج بأن تبدأ حتى قبل التطبيق مما يسهم في تحسين المناهج الدراسية في مختلف مراحل إعدادها وتطبيقها.
ب: المقارنة بمناهج أخرى :
إن التقدم العلمي والتقني التربوي المعاصر أصبح من أهم العوامل الفارقة بين الدول. ولا يقتصر هذا التقدم على مجال دون أخر. وإذا كانت الصناعة قد استأثرت بالنصيب الأوفى من هذا التقدم فإن التعليم بعامة والمناهج بخاصة قد أصابها قدر وافر منه في الدول المتقدمة.
فالمجتمعات المتقدمة تتابع ما يحدث في المجتمعات الأخرى من تطوير تربوي بعامة وفي المناهج الدراسية بخاصة ، وتتخذ لهذا سبيل الدراسات المقارنة الذي يعد من أهم أساليب تطوير المناهج في الدول المتقدمة.
والدول المتقدمة حين تقارن بين مناهجها الدراسية ومناهج دول أخرى ، فإنها تقارن بين مناهجها ـ كدولة متقدمة ـ مع مناهج دولة أخرى متقدمة .
أما ما يحدث في الدول النامية ـ والدول الإسلامية على وجه الخصوص ـ فيختلف تماماً ؛ فإن ما يحدث في غالب الأحيان ليس دراسة مقارنة بل عملية نقل عن الغير ، ولهذا عواقب وخيمة ، خاصة لو كان النقل متعلقاً بمناهج العلوم الاجتماعية .
ومن الأولى أن تشمل الدراسات المقارنة مناهج الدول التي تتشابه في مرحلة التقدم وفي الظروف المحيطة بها والمشكلات التي تواجهها، وبخاصة البلدان الإسلامية. لما لهذا من الفوائد العديدة ، ومنها:
1- أن المشكلات التي تواجهها هذه البلدان – في غالبها – متشابهة .
2- أن الاجتهادات في التطوير وحل المشكلات في كل دولة سوف تكون – من الوجهة العملية – أكثر قبولا وأكثر فائدة لبقية الدول نظرا لتشابه الظروف فيها.
3- أن الخبرات التي سوف تتبادلها هذه البلدان سوف تكون – في الغالب – خالية من التعارض مع العقيدة.
4- أن التعاون في تطوير المناهج، سوف يؤدي إلى مزيد من التعاون في المجالات التربوية الأخرى.
جـ: البحث العلمي والتجريب التربوي :
إن البحث العلمي في وقتنا الحاضر قد أصبح عماد التقدم في الدول ، بل أصبح من أهم العوامل التي تفرق بين الدول المتقدمة والدول المتخلفة .
والمتتبع للتطوير التربوي المعاصر يدرك أنه مجال لجميع معطيات البحث العلمي والتقدم التقني ، فالتطوير الذي نلاحظه في جميع عناصر المنهج الدراسي كان بفضل البحث العلمي والتجريب التربوي .
د: استشراف المستقبل :
التغيرات الكثيرة التي تسود عالم اليوم تجعل الإنسان تواقاً إلى أن يرسم صورة ولو تقريبية للغد، والاتجاه نحو الترشيد في الجهد والوقت والإمكانات البشرية والمادية الذي أصبح من ضرورات الحياة بالنسبة للأفراد والمجتمعات،جعل استطلاع مقومات الحياة في المستقبل أساساً لهذا الترشيد، و يعلم العاملون بشؤون التخطيط للتنمية في مختلف المجالات أن معرفة الصورة التي يمكن أن يكون عليها المستقبل ، تجعل التخطيط أقرب إلى الواقع، وتقلل من احتمالات الخطأ فيه ، وتحمي من العمل العشوائي أو المبني على التخمين دون ضوابط عليه .
فلا يعتمد الاستشراف على الحدس أو التخمين أو البداهة ولكن يستخدم نظريات علمية حديثة تربط بين الماضي والحاضر و المستقبل .
ويعد الاستشراف من أهم الاتجاهات الحديثة في تطوير المناهج الدراسية استشراف المستقبل ، إذ وفق صورة المجتمع التي يستشرفها علماء الدراسات المستقبلية تتطور المناهج الدراسية في مختلف مجالات الدراس
الخميس مايو 09, 2013 10:32 pm من طرف قداري محمد
» استخدام طريقة العروض العملية في تدريس العلوم
الخميس أبريل 18, 2013 10:26 am من طرف قداري محمد
» Ten ways to improve Education
الخميس فبراير 21, 2013 8:44 am من طرف بشير.الحكيمي
» مقتطفات من تصميم وحدة الإحصاء في الرياضيات
الثلاثاء يناير 29, 2013 8:30 am من طرف بشير.الحكيمي
» تدريس مقرر تقنية المعلومات والاتصالات
الأربعاء يناير 02, 2013 7:49 am من طرف انور..الوحش
» تدريس مقرر تقنية المعلومات والاتصالات
الأربعاء ديسمبر 19, 2012 10:00 am من طرف محمدعبده العواضي
» الواجبات خلال الترم 5
السبت أكتوبر 06, 2012 11:12 pm من طرف بشرى الأغبري
» الواجبات خلال الترم4
السبت أكتوبر 06, 2012 11:11 pm من طرف بشرى الأغبري
» الواجبات خلال الترم3
السبت أكتوبر 06, 2012 11:10 pm من طرف بشرى الأغبري