نظريات التعلم
سنحاول أن نتطرق، بنوع من التركيز إلى أهم نظريات التعلم، وخصوصا حسب المدرسة السلوكية، والمدرسة الجشطالتية، والمدرسة البنائية ،و المدرسة المعرفية (كمدرسة جديدة في علم النفس الذاتي)،وأخيرا،سنتعرف على بعض نظريات التعلم المدرسية . وقبل الخوض في ذلك ، ما هي عناصر وشروط التعلم ؟
كما هو الشأن بالنسبة لمختلف المفاهيم التي تنتمي إلى علم النفس أو التربية فإن مفهوم التعليم عرف عدة تعاريف يصعب حصرها كلها، ولكنه يمكن أن نقدم التعريف الشامل والمقبول التالي : التعلم هو النشاط الذي بموجبه يكتسب الفرد المعارف والمواقف والمهارات التي بفضلها يشبع حاجاته ودوافعه.وأهم عناصر التعلم: هناك الوضعية التعليمية ،و الشخص المتعلم، وموضوع التعلم ؛ وشروط التعلم هي: النضج والتدريب ، حيث النضج يرتبط بالنمو والتدريب يرتبط بالتعليم؛ الدافعية: لاتعلم بدون دافع يحفز على التعلم ويشجع الإقبال عليه، موضوع التعلم ، الذي قد يكون عبارة عن أفكار أو موافق أو مهارات ....؛ ثم الوضعية التعلمية .
1- نظرية التعلم السلوكية : Le béhaviorisme
تأثرت المدرسة السلوكية ، وخصوصا مع واطسون ، بأفكارتورندياك Thorrndikle الذي يرى بأن التعلم هو عملية إنشاء روابط أو علاقات في الجهاز العصبي بين الأعصاب الداخلية التي يثيرها المنبه المثير، والأعصاب الحركية التي تنبه العضلات فتعطي بذلك استجابات الحركة . واعتقد بأن قوانين آلية التعلم يمكن أن ترد إلى قانونين أساسين : قانون المران (أو التدريب)، أي أن الروابط تقوى بالاستعمال وتضعف بالإغفال المتواصل ؛ ثم قانون الأثر ، الذي يعني بأن هذه الروابط تقوى وتكتسب ميزة على غيرها وتؤدي إلى صدور رضى عن الموقف إذا كانت نتائجه إيجابية .كما أنه من بين ملهمي المدرسة السلوكية بافلوف ، الذي لاحظ أنه كلما اقترن المثير الشرطي بالدافع السيكولوجي إلا وتكونت الاستجابة الشرطية الانفعالية، ورأى بأن المثيرات الشرطية المنفرة تشكل عوائق حاسمة للتعلم وانبناء الاستجابات النمطية.
وأهم المفاهيم التي يمكننا أن نجدها في النظرية الإجرائية في التعلم، وخصوصا مع سكينر هي : مفهوم السلوك : وهو حسب سكينر، مجموعة استجابات ناتجة عن مثيرات المحيط الخارجي طبيعيا كان أو اجتماعيا ؛ مفهوم المثير والاستجابة : بحيث إن هناك علاقة شبه ميكانيكية بين المثيرات والاستجابات التي تصدر عن الكائن الإنساني ؛ مفهوم الإجراء :السلوك الإجرائي أو الفاعل يسمى كذلك بالنظر إلى آثاره الملموسة في المحيط البيئي ؛ مفهوم الإشتراط الإجرائي : الإشراط الإجرائي ينبني على أساس إفراز الاستجابة لمثير آخر ؛ مفهوم التعزيز والعقاب :أي استعمال التعزيز الإيجابي لبناء السلوكات المرغوب فيها .واستعمال العقاب لدرك السلوكات غير المرغوب فيها ؛ مفهوم التعلم : وهو حسب هذه المدرسة .عملية تغير شبه دائمة في سلوك الفرد ينشأ نتيجة الممارسة ويظهر في تغير الأداء لدى الكائن الحي. والتعلم حسب سكينر هو انبناء الاستجابات السلوكية كأنماط تغير طارئة على سلوك الفرد والتي يمكن أن تدوم بفعل الإشراط الإجرائي . ويمكننا أن نحصر مبادئ التعلم حسب النظرية الإجرائية (السلوكية) في: التعلم هو نتاج للعلاقة بين تجارب المتعلم والتغير في استجاباته؛ التعلم يقترن بالنتائج ومفهوم التعزيز؛ التعلم يقترن بالسلوك الإجرائي المراد بناؤه ؛ التعلم يبنى بتعزيز الأداءات القريبة من السلوك النمطي؛التعلم المقترن بالعقاب تعلم سلبي.ومن أهم تجليات نظرية التعلم السلوكية في الحقل التربوي ما يلي: بناءالمواقف التعليمية ـ التعلمية هو أولا تحديد مقاطع الاستجابات الإجرائية وضبط صيغ الدعم المباشر حيث نجد بعدين مترابطين: بعد المضمون المعرفي الذي يخضع لأربعة محددات: محدد الإثارة ،و محدد العرض النسقي للمادة ،ومحدد التناسب والتكيف،و محدد التعزيز الفوري؛ ثم بعد انبناء السلوكات الإجرائية كهدف للتعلم ، حيث تكون هذه السلوكات قابلة للملاحظة والضبط والقياس . إن هذه المبادئ والمفاهيم حول التعلم،كما صاغتها المدرسة السلوكية، سنجد صداها التطبيقي في بيداغوجيا الأهداف كما سنرى لاحقا .
2- نظرية التعلم الجشطالتية Le gestaltisme
سنحاول مقاربة نظرية التعلم الجشطالتية من خلال التعرف أولا ،على أهم مفاهيمها المركزية ثم مبادئ التعلم حسب هذه المدرسة،ثانيا. يمكن تحديد أهم مفاهيم الجشطالتية في : مفهوم الجشطلت : دلاليا يعني الشكل أو الصيغة أو الهيئة أو المجال الكلي ، والجشطلت حسب فريتمر Wertheimer هو كل مترابط الأجزاء باتساق وانتظام ، حيث تكون الأجزاء المكونة له في ترابط دنيا هي فيما بينها من جهة ، ومع الكل ذاته من جهة أخرى ؛فكل عنصر أو جزء في الجشطلت له مكانته ودوره ووظيفته التي تتطلبها طبيعة الكل. مفهوم البنية: وهي تتشكل من العناصر المرتبطة بقوانين داخلية تحكمها ديناميا ووظيفيا ، بحيث إن كل تغيير في عنصر يؤدي إلى البنية ككل وعلى أشكال اشتغالها وتمظهراتها .مفهوم الاستبصار : الاستبصار هو لحظة الإدراك المتدبر التحليلي الذي يصل بالمتعلم إلى اكتساب الفهم،أي فهم مختلف أبعاد الجشطلت.مفهوم التنظيم : التعلم هو عملية الكشف عن الصيغ التنظيمية التي تحكم بنية الجشطلت.مفهوم إعادة التنظيم: بناء التعلم يقتضي الفعل في موضوع التعلم، وذلك بإعادة هيكلته وتنظيمه .مفهوم الانتقال: لا يمكن التحقق من التعلم إلا عند ما يتم تعميمه على موافق مشابهة في البنية الأصلية ، ومختلفة في أشكال التمظهر، حيث إن الاستبصار الحقيقي هو الذي ينتقل إلى المجالات المرتبطة والملائمة .مفهوم الدافعية الأصيلة: تعز يز التعلم يبغي أن يكون دافعا داخليا نابعا من الذات نفسها .الفهم والمعنى: تحقيق التعلم يقتضي الفهم العميق للعناصر والخصائص المشكلة لموضوع التعلم ، وبالتالي الكشف عن المعنى الذي تنتظم فيه هذه المحددات، حيث الفهم هو كشف استبصاري لمعنى الجشطالت .والتعلم في المنظور الجشطلتي يرتبط بإدراك الكائن لذاته ولموقف التعلم ، حيث إن إدراك حقيقة المجال وعناصره ، والانتقال من الغموض وانعدام المعنى إلى فهم مبادئ التنظيم والحصول على الوضوح والمعنى، يعتبر النمط النموذجي للتعلم . ويمكننا تلخيص أهم مبادئ التعلم في النظرية الجشطالتية في : اعتبار الاستبصار شرط التعلم الحقيقي ،حيث إن بناء المعرفة واكتساب المهارة ليس إلا النتيجة المباشرة لإدراك الموقف واستبصاره؛ الفهم وتحقيق الاستبصاريفترض إعادة البنينة، وذلك بالفعل في موضوع التعلم بتفكيكه و تحليله و إعادة بنائه؛ التعلم يقترن بالنتائج، إذ حسب كوهلر النتائج ماهي سوى صيغ الضبط و التعديل والتقويم اللازمة للتعلم؛ الانتقال شرط التعلم الحقيقي ، ذلك أن الحفظ والتطبيق الآلي للمعارف تعلم سلبي؛ الاستبصار حافز داخلي قوي ، والتعزيز الخارجي عامل سلبي : الاستبصار تفاعل إيجابي مع موضوع التعلم .
3- نظرية التعلم البنائية le structuralisme
تعتبر نظرية التعلم البنائية ( أو التكوينية) من أهم النظريات التي أحدثت ثورة عميقة في الأدبيات التربوية الحديثة خصوصا مع جان بياجي ، الذي حاول انطلاقا من دراساته المتميزة في علم النفس الطفل النمائي أن يمدنا بعدة مبادئ ومفاهيم معرفية علمية وحديثة طورت الممارسة التربوية . كما أنه طبق النتائج المعرفية لعلم النفس النمائي على مشروعه الابستيمي (الابستمولوجيا التكوينية) ، ولمقاربة هذه النظرية البنائية في التعلم سننحاول أول،ا التعرف على أهم المفاهيم المركزية المؤطرة لها ، ثم أهم مبادئها ثانيا ،وبعد ذلك سنتعرف على الأبعاد التطبيقية لهذه النظرية في حقل التربية.
*- المفاهيم المركزية لنظرية التعلم البنائية
مفهوم التكيف : التعلم هو تكيف عضوية الفرد مع معطيات وخصائص المحيط المادي والاجتماعي عن طريق استدماجها في مقولات وتحويلات وظيفية ، والتكيف هو غاية عملية الموازنة بين الجهاز العضوي ومختلف حالات الاضطراب واللاإنتظام الموضوعية أو المتوقعة والموجود في الواقع ، وذلك من خلال آليتي الاستيعاب l’assimilation والتلاؤم l’accommodation:التلاؤم هو تغيير في استجابات الذات بعد استيعاب معطيات الموقف أو الموضوع باتجاه تحقيق التوازن ،وحيث إن الاستيعاب هو إدماج للموضوع في بنيات الذات ، والملاءمة هي تلاؤم الذات مع معطيات الموضوع الخارجي . مفهوم الموازنة والضبط الذاتي : الضبط الذاتي هو نشاط الذات باتجاه تجاوزا الاضطراب والتوازن هو غاية اتساقه .مفهوم السيرورات الاجرائية : إن كل درجات التطور والتجريد في المعرفة وكل أشكال التكيف ، تنمو في تلازم جدلي ، وتتأسس كلها على قاعدة العمليات الإجرائية أي الأنشطة العملية الملموسة. مفهوم التمثل والوظيفة الرمزية: التمثل ،عند بياجي، ما هو سوى الخريطة المعرفية التي يبنيها الفكر عن عالم الناس و الأشياء .وذلك بواسطة الوظيفة الترميزية ، كاللغة والتقليد المميز واللعب الرمزي...والرمز يتحدد برابط التشابه بين الدال والمدلول ؛والتمثل هو إعادة بناء الموضوع في الفكر بعد أن يكون غائبا مفهوم خطاطات الفعل :الخطاطة هو نموذج سلوكي منظم يمكن استعماله استعمالا قصديا، وتتناسق الخطاطة مع خطاطات أخرى لتشكل أجزاء للفعل ،ثم أنساقا جزيئة لسلوك معقد يسمى خطاطة كلية .وإن خطاطات الفعل تشكل ، كتعلم أولي ، ذكاء عمليا هاما ،وهو منطلق الفعل العملي الذي يحكم الطورالحسي ـ الحركي من النمو الذهني.
*- مبادئ التعلم في النظرية البنائية :
من أهم مبادئ التعلم في هذه النظرية نذكر : التعلم لاينفصل عن التطور النمائي للعلاقة بين الذات والموضوع ؛ التعلم يقترن باشتغال الذات على الموضوع وليس باقتناء معارف عنه؛ الاستدلال شرط لبناء المفهوم، حيث المفهوم يربط العناصر والأشياء بعضها ببعض والخطاطة تجمع بين ما هو مشترك وبين الأفعال التي تجري في لحظات مختلفة ، وعليه فإن المفهوم لايبنى إلا على أساس استنتاجات استدلالية تستمد مادتها من خطاطات الفعل؛ الخطأ شرط التعلم، إذ أن الخطأ هو فرصة وموقف من خلال تجاوزه يتم بناء المعرفة التي نعتبرها صحيحة؛ الفهم شرط ضروري للتعلم ؛ التعلم يقترن بالتجربة وليس بالتلقين ؛ التعلم هو تجاوز ونفي للإضطراب.
*- النظرية البنائية في حقل التربية :
حسب بياجي التعلم هو شكل من أشكال التكيف من حيث هو توازن بين استيعاب الوقائع ضمن نشاط الذات وتلاؤم خطاطات الاستيعاب مع الوقائع والمعطيات التجريبية باستمرار.فالتعلم هو سيرورة استيعاب الوقائع ذهنيا والتلاؤم معها في نفس الوقت.كما أنه وحسب النظرية البنائية مادام الذكاء العملي الإجرائي يسبق عند الطفل الذكاء الصوري ، فإنه لا يمكن بيداغوجيا بناء المفاهيم والعلاقات والتصورات والمعلومات ومنطق القضايا إلا بعد تقعيد هذه البناءات على أسس الذكاء الإجرائي .وعليه ، وحسب بياجي ، يجب تبني الضوابط التالية في عملنا التربوي والتعليمي : جعل المتعلم يكون المفاهيم ويضبط العلاقات بين الظواهر بدل استقبالها عن طريق التلقين ؛ جعل المتعلم يكتسب السيرورات الإجرائية للمواضيع قبل بنائها رمزيا؛ جعل المتعلم يضبط بالمحسوس الأجسام والعلاقات الرياضية ، ثم الانتقال به إلى تجريدها عن طريق الاستدلال الاستنباطي؛ يجب تنمية السيرورات الاستدلالية الفرضية الاستنباطية الرياضية بشكل يوازي تطور المراحل النمائية لسنوات التمدرس ؛إكساب المتعلم مناهج وطرائق التعامل مع المشكلات و اتجاه المعرفة الاستكشافية عوض الاستظهار؛ تدريبه على التعامل مع الخطأ كخطوة في اتجاه المعرفة الصحيحة ؛اكتساب المتعلم الاقتناع بأهمية التكوين الذاتي.( سلسلة التكوين التربوي ع2/1995) .
4- التصور المعرفي (Cognitivisme ) للتعلم :
تعتبر المدرسة المعرفية في علم النفس من بين أحدث المدارس المعرفية التي حاولت أن تتجاوز بالخصوص بعض مواطن الضغط في المدرسة البنائية والسلوكية على السواء. فإذا كانت السلوكية في نظرياتها حول التعلم ترى بأن التعلم هو تحويل سجل الاستجابات أو تغيير احتمالات إصدار استجابات هذا السجل تبعا لشروط معينة ،حيث تحويل السلوك، المتمثل في تحسين الأداء واستقراره ، لا يرجع إلى النضج النمائي بل إلى فعل المحيط الخارجي وآثاره ، والنمو ما هو إلا نتيجة آلية. وإذا كانت كذلك النظرية البنائية (التكوينية) مع بياجي ترى بأن النمو المعرفي هو عملية لبناء المعرفة يقوم فيها الطفل بدور نشيط من خلال تفاعله مع المحيط ، لكن ما يحكم هذا النمو هي الميكانيزمات الداخلية للفرد ،والتي لا تتأثر إلا في حدود نسبية جدا بالعوامل الخارجية ، ويتحقق النمو عبر مراحل تدريجية متسلسلة وضرورية ( النضج) في شكل بنيات معرفية أكثر فأكثر تجريدا ، والتعلم يكون دائما تابعا للنمو، فإن المدرسة المعرفية حاولت تجاوز كل من التكوينية /البنائية والسلوكية في إشكالية أسبقية الذات (النضج) أو الموضوع في عملية التعلم وبناء المعارف. و من أهم المبادئ المؤطرة لنظرية هذه المدرسة في التعلم و النمو نجد: تعويض السلوك بالمعرفة كموضوع لعلم النفس،إذ ثم تجاوز المفهوم الكلاسيكي لعلم النفس كعلم للسلوك،يركز على دراسة السلوك كأنشطة حسية حركية خارجية و التي يمكن ملاحظتها موضوعياو قياسها في إطار نظرية المثيرو الاستجابة وإقصاء الحالات الذهنية الداخلية ، حيث أخذت الدراسات السيكولوجية الحديثة على عاتقها دراسة الحالات الذهبية للفرد ، فأصبحت المعرفة هي الظاهرة السيكولوجية بامتياز ، لأنها خاصة بالذهن إما كنشاط (إنتاج المعرفة واستعمالها) وإما كحالة ( بنية المعرفة ) فأصبح موضوع على النفس هو المعرفة عوض السلوك،وحيث المعرفة هي تمثل ذهني ذا ت طبيعة رمزية، أي حد ت دا خلي لا يمكن معاينته مباشرة ، بل يمكن الاستدلال عليه و استنباطه من خلال السلوك الخارجي اللفظي أو الحس-حركي. كما أنه من الأفكار الأساسية لهذه المدرسة، كون التفاعل بين الفرد و المحيط- خصوصا أثناء التعلم-هو تفاعل متبادل، إذ أن السيكو لوجيا المعرفية هي سيكولوجيا تفاعلية بالأساس،لأ نها تجمع بين بنية للذات و بنية للوا قع في عملية معالجة المعلومات،يحول بموجبها الإ نسان/الفرد المعطيات الخارجية إلى رموز و تمثلا ت ذ هنية،حيث إن الذهن أو المعرفة تتغير بالمحيط و المحيط يتغير بالمعرفة، حيت ليس هناك معارف بدون سياق وا قعي تنتج و تستعمل فيه، وليس هناك محيط دون معا رف تنظمه وتعطيه معنى(تدخل الذات).وعليه، فإن التعلم و النمو، حسب الإصطلاح الكلا سيكي لعلم النفس،أصبح مع المدرسة المعرفية يسمى با كتساب المعارف،ويتلخص مفهومها للتعلم في:التعلم هو تغير للمعارف عوض تغير السلوك،أ ي سيرورة داخلية تحدث في ذهن الفرد؛التعلم هو نشاط ذهني يفترض عمليات الإ دراك و الفهم والإ ستنبا ط ؛ التعلم لا يكمن فقط في إضافة معارف جديدة( الكم) بل كذلك في تشكيلها و تنظيمها و تشكيلها في بنيا ت (الكيف) من قبيل: الفئة، الخطاطة، النموذج الذهني، النظرية...التعلم يكون تابعا للمعارف السابقة،لأنها تحدد ما يمكن أن يتعلمه الفرد لا حقا؛التعلم هو نتيجة التفاعل المتبادل بين الفرد و المحيط، حيث المعرفة تتكون و تبنى بفضل نشاط الذات ونتيجة لهذا النشاط.(أحرشاو والزاهر2000) .
5- نظريات التعلم المدرسية
نقدم هنا نموذجين من النظريات التي ا شغلت على التعلم المدرسي ، وهما نموذج كارول Carol ( النموذج الزمني), ونموذج بلوم ( النسق التربوي بدون أخطاء ) :
• نودج كارول : حيث يرى بأن التعلم يرتبط بنوعين من العوامل الأساسية :
ـ عوامل ذاتية : تتصل بذاتية الفرد المتعلم، حيث يدخل إلى تجربة تعلمية وهو مزود بقدرات واستعدادات وخبرات متنوعة ، وهذه العوامل تتلخص في (1) القدرة : وهي القدر الذي يحتاجه المتعلم من الزمن ليتعلم شيئا ما في إطار وضعية تعليمية ، وغالبا ما تختلف هذه القدرة من تلميذ إلى آخر لارتباطها بمتغيرات أخرى كالخبرة السالفة لكل متعلم... (2) القدرة على فهم عملية التعلم : أي مدى قدرة المتعلم على فهم نوعية المهمة المطلوبة ، وطبيعة الوسائل والعمليات اللازمة لإنجاز تلك المهمة .(3) المثابرة Persévérance : وتشير إلى المدى الزمني الذي يريد المتعلم أن يقضيه في التعلم .
ـ عوامل متصلة بالوضعية الخارجية :
وتخص المتغيرات التي نظمت على أساسها الوضعية التعليمية التعلمية ، ومنها : (1) الزمان الذي تسمح به الوضعية التعليمية التعلمية ، والذي لاينبغي تجاوزه .(2) نوعية التعليم ، والذي يتضمن الطريقة التي يعمل بها المدرس والتي تقوم على أساس توضيح دقيق للمهمة التعليمة، تنظيم وتسهيل الاتصال المتعلم بالمادة الدراسية بصورة ملائمة ، عرض وتقديم الخطوات الجزئية التي تمكن من إنجاز المهمة التعلمية في شكل مرتب ، التكيف ما أمكن مع مستوى المتعلم ، والاستجابة لحاجاته ومنتظراته ؛ مدى توفر الوسائل والمواد التعليمية الضرورية لإنجاز مهام التعلم .وعلى أساس هذين النوعين من العوامل الذاتية والوضعياتية يفسر كارول مستوى التعلم على النحو التالي :
الزمن الحقيقي ( المثابرة + الزمن المتاح فعلا)
* مستوى التعلم = ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الزمن الضروري (القدرة + نوعية التعلم + القدرة على الفهم)
• نموذج بلوم : يسمي بلوم هذا النموذج ب" النسق التربوي بدون أخطاء " إذ يعتقد بأن كل نظام تعليمي يتسم بالفعالية القصوى ويعمل على تقليص الأخطاء إلى أقصى حد ممكن ، يتيح لجميع المتعلمين الوصول إلى نفس الدرجة من الإنجاز . ويضمن هذا النظام ، حسب بلوم ، ثلاث متغيرات أساسية تتحكم في درجة التعلم إلى حد كبير ، وهي :
1- خصائص المتعلم : أي مدى امتلاكه للمكتسبات الأساسية والضرورية التي تجعله قادرا بالفعل على الدخول في تجربة تعلمية جديدة ، ومستوى التحفيز الحاصل لدى المتعلم خلال مباشرة هذه التجربة ، أي ، مدى إقباله واستعداده للعمل .
2- نوعية التعليم : وهو متغير يتألف من المستويات التالية : الدليل : ويشير إلى معظم التسهيلات والتوجيهات والإرشادات التي يقدمها المدرس إلى تلاميذه خلال العمل ؛ المشاركة : أي قدرة المدرس على إشراك التلاميذ مشاركة فعلية في العمل ، سواء من حيث الكثافة أو الشمولية أو العمق ؛ التصحيح : أي تصحيح مسار التعلم كلما كان ذلك ضروريا قبل الدخول في أي خطوة جديدة ، وتبليغ التلاميذ بالمستوى الحقيقي لإنجازاتهم وبمقدار الثغرات القائمة في مسارهم التعلمي.
3- نتائج أو مخرجات التعلم : التي ينبغي أن تكون محددة على شكا إنجازات واضحة ومتفق عليها ، كما ينبغي أن تكون متساوية بين كافة أفراد القسم وبدون إستثناءات .( في طرق وتقنيات التعليم 1991)
هكذا ، يكون قد ألقينا نظرة موجزة على أهم نظريات التعلم التي يمكن أن تؤطر الفعل التعلمي والتربوي عامة ؛ ومن البدا هات التربوية الحديثة ، أنه لايمكن أن نقوم بأي فعل تعلمي ـ تعليمي وبأي عملية تربوية بشكل علمي وناجع دون معرفة الخصائص النمائية و السيكولوجية والسوسيولوجية للمستهدف الأول ألا وهو الطفل(ة) أو المراهق(ة).وهذا ما سنحاول التطرق إليه في المحور التالي:
الخصائص النمائية للطفل والمراهق
سنحاول أن نتعرف وبتركيز على الخصائص النمائية الذهنية للطفل مع بياجي ،وعلى النمو الوجداني للطفل مع فرويد ، وكذا على النمو الاجتماعي للطفل بصفة عامة. وسنحاول تقديم هذه الخصائص النمائية الذهنية والوجدانية والاجتماعية في علاقتها مع سن التمدرس لدى الطفل/ة .
* النمو الذهني/ العقلي :
المرحلة النمائية الأولى ، وهي مرحلة ما قبل التمدرس والتي تمتد من الميلاد إلى حوالي السن السابعة ، وتنقسم إلى مرحلتين جزئيتين هي :
• المرحلة الحسية الحركية [0ـ2]: وتنقسم بدورها إلى ستة أطوار : الطور الأول ، يتميز بسيادة الارتكاسات الفطرية التي تؤدي إلى التدرج في التكيف الابتدائي الاعتباطي مع المحيط ؛ الطور الثاني : تبتدأ فيه الاستجابات الدائرية الابتدائية وهي عبارة عن نشاطات اعتباطية غير قصدية متكررة تنشأ عنها أفعال بسيطة ؛ الطور الثالث : هنا يبدأ نوع من الوعي بالعام الخارجي ، ويبدأ الطفل في معالجة الأشياء واستمرار الاستجابات الدائرية ؛ الطور الرابع : وتظهر فيه سلوكيات القصدية وبداية التناسق بين الخطاطات الأولية كوسائل لبلوغ هدف معين ؛ الطور الخامس : ويبتدأ ما بين الشهر 12 والشهر 18 ، حيث يبدأ الطفل في البحث عن الوسائل والتجارب لبلوغ الأهداف ويتجه نحو الكشف عن العلاقات بين الوسائل والغايات عن طريق الاستجابات السلوكية المتكررة ويبني عدة صيغ سلوكية ؛ الطور السادس : يمتد من الشهر 18 إلى سنتين، وهنا يبدأ الطفل في استعمال رموز ذهنية كتعويض عن أشياء غائبة ، كالمحاكاة ...وعلى العموم ، يتميز ذكاء هذه المرحلة ـ أي الذكاء الحسي الحركي ـ بكون نشاطاته لا تتجه إلا إلى الإشباع التطبيقي العملي وليس إلى المعرفة كما هي ، ولا يشتغل هنا الطفل سوى على الوقائع ، ويتميز كذلك ذكاء هذه المرحلة بعمله فقط على الأشياء الموجودة في الحيز البصري أو المدركة حسيا في لحظتها ،أي أن عمله ونشاطه يتجه نحو إشباع الحاجيات اللحظية ، كما نلاحظ غياب التمتلاث والصور الذهنية في ذكاء هذه المرحلة ، وفيها لا يستطيع الطفل تأسيس الأشياء كوجود موضوعي ، أي لها ماديتها وجودها المستقل خارج الذات ، بل غالبا ما تعتبر جزء من الذات ومنصهرة معها وتابعة لها .
• المرحلة القبل ـ إجرائية : وتنقسم إلى طورين : الطور القبل ـ مفهومي préconceptuel ويمتد من سنتين إلى 4 سنوات ، حيث يبدأ الطفل في استثمار قدراته اللغوية المكتسبة وبناء الرموز عن طريق التوظيف الذاتي للصور الذهنية والكلمات والأشياء توظيفا رمزيا ،أي الإحالة على الحدث أو الواقعة موضوع الرمز أو التعويض الرمزي ، مثلا ، المكنسة قد ترمز إلى الحصان... وفي هذا الطور الطفل لا يستطيع التصنيف ضمن مجموعة ، وتفكيره يميل إلى الأنوية ، أي التمركز حول الذات . الطور الثاني ، هو الطور الحدسي intuitif ويمتد من 4 سنوات إلى 7 سنوات ، وفيه يسيطر الإدراك بالحواس ويبدأ الطفل في الوعي بأسباب الوقوع الحدث ، لكن غالبا ما يخضع تصوراته إلى نوع من الإيحائية َAnimisme ، ويمكن للطفل هنا .أن يجري بعض عمليات التصنيف على أسس حسية ويبقى الطفل كذلك ، غير قادر على الربط المنطقي وعلى العكس ، ويتجه تفكيره نحو بناء المفاهيم بشكل أولي، كمفهوم المجموعة ولكن بصورة حسية.
المرحلة النمائية الثانية، وهي مرحلة التمدرس ، وتنقسم إلى مرحلتين أساسيتين: مرحلة التمدرس الأولي[7-12] حيث يسود الذكاء المشخص، ومرحلة التمدرس الثانية [12-17] أي مرحلة العمليات الصورية أو الذكاء المجرد ، لنرى كلا من المرحلتين:
• مرحلة العمليات المشخصة أو الذكاء المشخص: هنا نشهد لدى الطفل بداية تشكل الإجراءات المنطقية الرياضة ولكن اعتمادا على معطيات ووسائل حسية،و يبدأ الطفل في تعرف وبلورة خصائص الظواهر والأشياء، ويصبح قادرا على استعمال قابلية العكس (الاحتفاظ)، حيث يمكنه من تشكيل بعض المفاهيم والقيام بالتجمع والتمييز بين الكل والجزء والعلاقة بينهما، وتصبح له القدرة على استخدام منطق التفاضل والسببية (المقارنة..)وعلى إقامة علاقات السلسلة الترتيبية للأشياء على أساس محددات كمية.
• مرحلة العمليات الصورية أو الذكاء المجرد :[11/12-17] : هنا يتحرر الطفل (المراهق)من معيقات التفكير المشخص لينتقل إلى إدراك المبادئ والنظريات عن طريق اختبار الفرضيات، وتفكير هذه المرحلة يقتضي التحليل المنطقي ، إنه تفكير قضوي ،أي أن الطفل يصبح قادرا على إجراء عمليات مجردة على العمليات المنطقية (تفكير بين ـ قضوي) كما أن الطفل يصبح قادرا على التحليل التوفيقي ، حيث يوفق بين وضعيات وقضايا لتركيب الجديد، والواقع في هذه المرحلة يصبح نسقا افتراضيا.
* جدول يلخص العمليات أو الأنشطة الذهنية الممكنة والقابلة للممارسة من طرف المتعلم حسب كل مرحلة نمائية :
الأنشطة والعمليات الذهبية الأنشطة التعليمية نوعية الذكاء السنوات
مهارات حركية وحسية متنوعة حركات بسيطة ،حركات منسقة ومركبة، تكرار خبرات حركية حسية في أوضاع متشابهة (الشيمات) * التدرب على تنسيق أفضل للحواس مع الحركات.
* التدرب على إقامة علاقات عملية بين الخيرات العملية والحركات المختلفة.
* معالجة يدوية متنوعة للأشياء ذكاء عملي (حسي حركي) من الولادة آلي السنة الثالثة
0ـ 2
التعبير اللغوي على التجارب والخبرات الحركية والحسية .
تكوين صورة وتمثلاث ذهنية حول العالم.
قدرة هائلة على التعلم بواسطة المحاكاة والحدس ، اللعب ، واللعب الرمزي . * كيفية تمثيل العالم الخارجي بواسطة الكلمات والرموز.
* فسح المجال للأنشطة الحركية المتنوعة والرفع بالمثل إلى التعبير عنها بصورة دقيقة ذكاء ماقبل عملياتي لغوي بالأساسي من السنة الثانية إلى 6/7
2ـ 16/17
* عملية التصنيف ( تكونت من الأشياء انطلاقا من عناصر تتشابه فيما بينها، إدراك بناء المفاهيم )
* عمليات الترتيب (إقامة علاقات عدم التساوي بين الأشياء انطلاقا من عناصر الاختلاف فيما بينها ) .
* تبسيط عمليات القياس المختلفة. *بناء المفاهيم المختلفة شريطة أن تكون مستقاة من الوقائع والأشياء الحسية .
*بناء العدد ومفهوم المجموعة الرياضية .
*تطبيق قواعد ومبادئ وعمليات متنوعة انطلاقا من التأثير حركيا على الأشياء .
*إدراك بعض القيم الأخلاقية كالتعاون والعدالة .
* إدراك مفاهيم الوزن والحجم والطول والكم ، والزمان والمكان . ذكاء عملياتي حسي من 7 سنوات إلى 11 /12
* القدرة على ممارسة التفكير واستنباطي
*القدرة على ممارسة التفكير الاستقرائي
*ممارسة التفكير على الأشياء والعبارات اللغوية والعلاقات ...
*التركيز على بنيات المعارف وعلى كيفية انتظامها في انساق : التحليل والتركيب وإعادة الصياغة من جديد .
* تشجيع الإنتاجيات الشخصية . * ممارسة العمليات المنطقية والرياضة المختلفة في بناء مختلف المعارف سواء بالانطلاق من الأشياء أو من الأفكار والتصورات المجردة.
* بناء أوإعادة بناء الانساق والنظريات والمبادئ المجردة ذكاء عملياتي صوري من 11/12
إلى مافوق
(في طرق وتقنيات التعليم... )
* النمو الوجداني حسب فرويد:
يولد الطفل حسب فرويد، كتلة من الطاقة الغريزية، ذات الدفاعية القوية ، وهي تتجه نحو البحث عن إرضاء حاجاتها ورغباتها تحقيقا لمبدأ اللذة وتجنبا للأم ، وهذه الطاقة يسمها فرويد اللبيدو Libido والتي تعتبر النواة الطفلية للاشعور الإنساني ، وهي تتمركز طيلة فترة النمو في مناطق الجسد ، وتسمى المناطق الشبقية Les zones érogènes و تتغير حسب التقدم في السن .ولقد قسم فرويد مراحل النمو الوجداني العاطفي (affectif) حسب تطور تموضعات الطاقة الليبدية في مناطق العضوية البيولوجية للطفل والمواقف السلوكية التي تنتج عنها في إطار التفاعل بين الأنا الطفلي والمحيط الاجتماعي . ويمكن أن نقسم المراحل النمائية الوجدانية للطفل .حسب فرويد إلى أربعة مراحل أساسية (تصادف مرحلة ما قبل التمدرس):
المرحلة الفمية stade oral : وهي تمتد من الميلاد إلى السنة الأولى ، وتتميز بتمركز الدوافع اللبيدية في منطقة الفم الذي هو مصدر الغذاء والتعرف والتواصل مع العالم الخارجي. ويعتبر الطفل ،في هذه المرحلة ، ثدي الأم وباقي العالم الخارجي امتداد لذاته (عدم التمايز) وتعتبر الأم في هذه المرحلة حاسمة في تأثيرها على شخصية الطفل الوجدانية. وتنتهي هذه المرحلة بالفطام .
المرحلة السادية – الشرجية stade sadique-anal وتمتد من السنة الثانية إلى السنة الثالثة حيث يستقبل الطفل ولأول مرة أخلاقيات سلوك التخلص من الفضلات والتربية على النظافة وتتشكل بذلك النواة الأولى للأنا الأعلى ، وتعتبر هنا منطقة الشرج هي المنطقة الشبقية التي من خلالها يستثمر الطفل طاقاته اللبيدية ، وقد سميت هذه المرحلة بالسادية لأن الطفل يمارس فيها بعض النزعات السادية تجاه أمه بواسطة عملية التبرز التي قد تسبب مشاكل للأم...
المرحلة القضيبية S.phalique : وتمتد من السنة الرابعة إلى السنة الخامسة حيث تعتبر هذه المرحلة بداية اكتشاف العضو التناسلي الخاص بالطفل والتعرف على الجنس الآخر ويبدأ الطفل الإدراك الأولي لوظائف هذا العضو مما يدخله في تجارب جنسية استيهامية، وفي هذه المرحلة يعيش الطفل تجربة الإخصاب والتساؤل عن عدم وجود القضيب عند الأنثى ، وهذه التجربة هي المدخل الحاسم لانتقال الطفل إلى تجربة الأوديب .
المرحلة الأوديبية S.oedepien وتبتدئ من حوالي السنة الخامسة أو السادسة إلى السنة السابعة وبعدها أحيانا ، هنا يعيش الطفل الذكر صراع امتلاك الأم كموضوع لبيدوي ، وامتلاك الأب بالنسبة للأنثى كموضوع رغبة جنسية كذلك ، حيث يتم اشتغال وبناء اواليات الثماهي والتقمص التي تحدد السيمات السيكولوجية للهوية الجنسية للذكر والأنثى. وفي هذه المرحلة تتطور الطاقة الليبدية نحو الانفصال عن الجسد الطفلي للتمركز في الخارج (مواضيع خارجية) والنزوع لتبني نماذج جنسية خارجية .
وبعد هذه المرحلة الرابعة من النمو الوجداني للطفل تأتي المرحلة الموالية وهي مرحلة المراهقة التي تصادف مرحلة التمدرس والتي يمكن تقسيمها إلى فترتين :
فترة التمدرس الأولي : وتمتد من السنة السابعة إلى السنة الثانية عشر، حيث ترى مدرسة التحليل النفسي أن الطفل يأتي إلى المدرسة وهو يحمل مخلفات الصراع الأوديبي، ويعتبر المعلم وخصائص شخصيته وجنسه (ذكر أو أنثى) عاملا حاسما في إخصاب نزوعات الطفل الوجدانية وثمثله للسمات الجنسية لذاته وللجنس الآخر بأبعادها الجنسية والاجتماعية والأخلاقية. وغالبا ما تنتهي هذه المرحلة عند حدود أواخر السنة السابعة لتبدأ مرحلة الكمون Phase de la tence والتيتمتد من أواخر السنة السابعة إلى المراهقة. وتتميز هذه المرحلة بتضاؤل النزوعات الجنسية والدوافع الليبدية ، التي ظلت تتفاعل وتعمل طيلة المراحل السابقة ، مقابل إعطاء الاهتمام والانسياب من طرف الطفل تجاه الالتزامات العائلية والمدرسية والدينية والسوسيوـ ثقافية عامة. والطفل ، خلال هذه الفترة، يعيش حالة شبه توقف أو وضعية خمود الطاقة الغريزية (Libido) باتجاه تغليب منطق الواقع على منطق الهو(مبدأ اللذة) .ويكون الجهاز النفسي خلال هذه المرحلة في وضعية تنظيم وترتيب المكونات الداخلية، التي تستمر في تشكيل القاعدة الأساسية لشخصية مرحلة النضج.
فترة التمدرس الثانية : وتسمى بمرحلة المراهقة وتمتد من سن 11/12 إلى حوالي سن 17 ،حيث يرى فرويد بأن الطفل المراهق يصل خلال هذه الفترة (المراهقة) إلى مرحلة نضج التموضعات الغريزية للطاقة الليبدية في علاقتها بالمواضيع الحقيقية . وقد سمى فرويد هذه المحطة النمائية بعتبة النضج الجنسي، إذ يتحول الموضوع الجنسي من البعد الاستيهامي إلى البعد الحقيقي ( الواقعي).ويحاول هنا المراهق أن يحقق أكبر قدر ممكن التوازنات بين اندفاعات رغبات الهو والالتزامات الضاغطة للواقع.(سلسلة التكوين التربوي عدد1 1994)
* مراحل النمو الاجتماعي :
يعرف سيلامي sillamy الوسط الاجتماعي بأنه الحيز الذي تحدث فيه الثأثيرات الطبيعية والسوسوـ اقتصادية والتربوية ،وما يترتب عنها من تفاعلات سيكوـوجدانية بين الأفراد. ويقسم الدارسون السيرورة التكوينية للأنا الاجتماعي عموما، إلى ثلاث مراحل كبرى:
المرحلة الأولى : مرحلة الطفولة الأولى وتنقسم إلى طورين :الطور الأول ،ويمتد من الولادة إلى السنة الثالثة ويسمى أيضا طور اللاتمايز ،وذلك لعدم تمييز الطفل ذاته وجسمه عن المحيط الخارجي ، وينحصر شعور الطفل هنا في الاحساسات الحشوية والسطحيةالتي تستثيرها المثيرات الموضوعية الخارجية، وأهم الاستجابات الانفعالية للطفل الرضيع خلال هذا الطور تنحصر في البكاء والصراخ كتعبير عن طلب الغذاء أو الراحة الجسمية ، أو في بعض أشكال التعابير الوجهية، كالانتباه ،الابتسام...وخلال السنة الثانية من هذا الطور ،تبدأ الأنا الطفلي في التشكل النفسي، حيث تتسع دائرة التفاعل الاجتماعي لدى الطفل (الأسرة الأخوة...) ؛أما الطور الثاني من هذه المرحلة وهو الطور بناء الأنا الاجتماعي فيبدأ من السنة الثالثة ويمتد إلى حوالي السنة السادسة ، إذ في هذا الطور يعيش الطفل العلاقات الاجتماعية بشكل اختباري عملي ومباشر وهو يحيا حياته الاجتماعية بدون أن يفكر فيها، ولهذا سيكون سلوكه الاجتماعي عبارة عن حالات تكيف خارجية لحظية ومؤقتة ، محدودة بالزمان والمكان والموقف أو الوضعية ..ومن أهم المؤثرات التي تساهم هنا ، في تكوين ردود الفعل الاجتماعي لدى الطفل نجد : المحاكاة أو لعبة التقمص ، حيث يتجه الطفل نحو تقليد وتمثيل أدوار الراشدين، ومن بين عوامل تكون الأنا الاجتماعي للطفل، خلال هذا الطورنجد اللغة ،إذ أنها الأداة التي تمكن الطفل من تمثل وإدراك مواقع وأسس ورموز التواصل البينـفردي ،فمن خلال أشكال التواصل اللغوي مع الطفل، .يتجه إلى بناء لحظة الانفصال بين نفسه وبين الآخر من جهة، وبين كلا هذين البعدين والواقع من جهة أخرى .إن طفل السنة الخامسة والسادسة يؤسس إدراكه الاجتماعي الأول لذاته وموقعها ، وللآخرو مواقعه المحتملة ، وللواقع وتجلياته وتمظهراته .
المرحلة الثانية : وتمتد من حوالي السنة السابعة إلى بداية المراهقة، حيث طفل السابعة أو الثامنة ليس لديه إلا تصور مشوش عن القيم العلائقية والمجتمعية ، وعن السلوكات والمواقف. ويصبح طفل هذه المرحلة ، فعلا أكثر قدرة على ضبط المواقع الاجتماعية والأدوار والسمات السطحية للشخصيات، كما أنه يتمكن من ضبط الإيجابي والسلبي من السلوكات ولكن بدون تحليل منطقي أو تحليل قيمي أخلاقي ، إنه مقترن ومرتبط تمثليا بنتائج الفعل وليس بعلل وأسباب الفعل . كما أن الطفل في هذه المرحلة يحكم على المشخص ولايقدر على بناء أو استنباط المجرد كقيمة تحكم الفعل الاجتماعي .وحوالي سن التاسعة ،يبدأ الطفل في عقلنية علاقاته المؤسساتية وضبط حدود سلوكاته تبعا لقيم الأمر والنهي والعقاب، ويصبح أكثر قدرة على تفضيل القيمة تبعا لمبدأ المعايرة ، الذي يؤهله لوعي رمزية أدواره في البيت والمدرسة ، ووعي بعض سمات شخصيته ، كالجنس والسن في علاقتهما بطقوس وضوابط مجتمع الراشد . وحوالي سن العاشرة أو الحادية عشر يصل الطفل إلى مستوى الضبط والسببية الواقعية والقيمية لبعض السلوكات والمواقف ، حسب ما ينبغي أن يكون وليس حسب ما هو كائن.
المرحلة الثالثة : وتمتد من السنة الثانية عشر إلى نهاية المراهقة ، حيث يعيش الطفل أزمة المراهقة كنتيجة للتغيرات الفزيولوجية النمائية(والوجدانية) لجسد المراهق، وما تحدثه من تأثيرات على إدراكه لذاته وللمحيط الاجتماعي والموضوعي حوله، فأزمة المراهقة ، حسب فالون Wallon ، ترجع إلى تطور عاملين : عامل بيولوجي مرتبط بالنضج الجنسي والجسدي عامة؛ وعامل إجتماعي يتكون من المواقف التي يفرزها النضج البيولوجي والفزيولوجي على المستوى الاجتماعي عموما والعلائقي خاصة .وفي هذه المرحلة يصبح الطفل كذلك قادرا على تمثل قضايا النسق القيمي المجتمعي على أساس نفي التصور الاعتباطي للموقف أو العلاقة مع الآخروبناء مرجعية تفسيرية أكثر وضوحا ومنطقا على مستوى استقلالية التبرير والتحليل .وفي الأخير ، وكما يرى كولبيوج Kohhberg .نجد أن المراهق يتجه اجتماعيا خلال هذه المرحلة نحو بناء مفهوم الواجب والقيم بربطها بالبعد المؤسسي أو الكوني ( سلسلة التكوين التربوي، عدد 1 . 1994)
بعدما رأينا أهم الخصائص النمائية المعرفية والوجدانية والاجتماعية لشخصية الطفل، والتي تعدمعرفتها ضرورية في أي فعل تربوي أو تعلمي ، سنحاول في المحور التالي ، معرفة مفهوم الشخصية وأنماط المعارف التي من الممكن أن يتعلمها الطفل خاصة والفرد الإنساني عامة .
الخميس مايو 09, 2013 10:32 pm من طرف قداري محمد
» استخدام طريقة العروض العملية في تدريس العلوم
الخميس أبريل 18, 2013 10:26 am من طرف قداري محمد
» Ten ways to improve Education
الخميس فبراير 21, 2013 8:44 am من طرف بشير.الحكيمي
» مقتطفات من تصميم وحدة الإحصاء في الرياضيات
الثلاثاء يناير 29, 2013 8:30 am من طرف بشير.الحكيمي
» تدريس مقرر تقنية المعلومات والاتصالات
الأربعاء يناير 02, 2013 7:49 am من طرف انور..الوحش
» تدريس مقرر تقنية المعلومات والاتصالات
الأربعاء ديسمبر 19, 2012 10:00 am من طرف محمدعبده العواضي
» الواجبات خلال الترم 5
السبت أكتوبر 06, 2012 11:12 pm من طرف بشرى الأغبري
» الواجبات خلال الترم4
السبت أكتوبر 06, 2012 11:11 pm من طرف بشرى الأغبري
» الواجبات خلال الترم3
السبت أكتوبر 06, 2012 11:10 pm من طرف بشرى الأغبري