تلوث المياه الجوفية والاساليب الجيوفيزيائية لتحديدها
المياه الجوفية من اهم مصادر المياه التي يستخدمها الانسان حتى بالنسبة للدول التي توجد فيها انهار كبيرة ،فالمياه الجوفية هي تلك المياه التي تشبع طبقة تحت التربة وتملأ المسام أو الشقوق في الصخور التي تحتها وتشكل حلقه رئيسية في الدورة المائية المتمثلة بالحركة الدائبة للمياه بين الأرض والغلاف الجوي من خلال التبخر والامطار المنهمرة وما إن تهطل المياه على سطح الارض حتى تصبح الطبقة العليا من التربة مشبعة ومن ثم تصل الى مستوى المياه الجوفية وهي قمة الطبقة المشبعة (المنطقة التي تكون فيها جميع الفراغات البينية في الصخر والتربة ممتلئة بالمياه) وتسمى المياه في المنطقة المشبعة بالمياه الجوفية .
تخزن المياه الجوفية في تكوينات جيولوجية عديدة ويطلق على المنطقة التي تخزن المياه الجوفية وتوفر المياه بكميات كافية لإمداد الآبار والينابيع بالخزان الجوفي، ويحفظ الخزان الجوفي المياه في الفراغات الكائنة بين حبيبات الرمل والزلط والتربة وفي الشقوق والمسام والقنوات الموجودة في الصخور الصلبة نسبياً، هنالك نوعان: الخزانات الجوفية تسمى الخزانات المحدودة (المحصورة ) وغير المحدودة، فإذا كان الخزان الجوفي محصوراً بين طبقات من مواد غير منفذة مثل الصلصال فهو خزان محدود وعلى النقيض تكون الخزانات الجوفية غير المحدودة (غير المحصورة) بين طبقات من مواد غير منفذة وبالتالي تكون حدودها العليا اقرب الى سطح الارض من الخزانات الجوفية المحدودة وعندما يكون الخزان الجوفي تحت ضغط فمن جراء هذا الضغط ترتفع المياه في بئر يثقب الطبقة غير المنفذة الى الأعلى ويطلق عليه البئر الارتوازي .
تتحرك المياه الجوفية ببطء وبمعدل ثابت يعتمد على جريانهامن مناطق فيها قوة هيدروليكية عالية الى المناطق الواطئة ويطلق على ان حركتها سريعة عندما تتحرك حوالي (03) سم في العام وتعتمد على عوامل عديدة منها الارتفاع والمواد الجيولوجية فكلما زاد الانحدار كانت حركة المياه اسرع اضافة الى عاملين مهمين هما ( النفاذية والمسامية )التي تحددها طبيعة المواد الجيولوجية المكونة للطبقات الصخرية .(ان معدل جريان المياه في طبقة (نطاق) نفاذة يحسب عن طريق قانون دراسي.
تتلوث المياه الجوفية بطرق عديدة ومتباينة وتدخل فعاليات الانسان العادية في معظم حالات تلوث هذه المياه وتتمثل في الانشطة التي تؤثر على الارض او الطبقة تحت السطح والتخلص من المواد الخطرة في الارض والاستخدام المقصود للكيماويات على سطح الارض أو الطبقة تحت سطح الارض، اما مصادر تلوث هذه المياه وبشكل عام فيعتمد على طبيعة البلدان المختلفة ومواقعها والنشاطات التي تهتم بها الدول وممكن ان تأتي الملوثات من تمليح الطرق ومبيدات الآفات والاسمدة الكيماوية والأسمدة العضوية وانسكاب الكيماويات ورشح المياه السطحية الملوثة والتعدين ورواسب تأتي من الجو ومواقع النفايات الخطرة المهملة وحفر الردم الصحي وصهاريج تخزين تحت سطح الارض وخطوط انابيب تحت الارض والصهاريج الصحية والمناجم وآبار الحقن العميق، وآبار النفط والغاز واندفاع المياه المالحة.
إذاً فالمياه الجوفية تتلوث بالاملاح الموجودة على سطح الارض او التي تندفع بشكل المياه المالحة نحو المياه العذبة ، وهنا التركيز على جانب اندفاع المياه المالحة التي تمثل غزو المياه المالحة او الآسنة للمياه العذبة في الخزانات الجوفية بالمناطق الساحلية ويعزى هذا الغزو بصفة رئيسية الى السحب الجائر (المفرط) من المياه الجوفية من الخزانات الجوفية الساحلية بحيث ينخفض الشكل المخروطي لمستوى المياه الجوفية جراء السحب الى ماتحت مستوى سطح البحر ويسمح التدفق بالجاذبية لمياه البحر لأن تغزو الخزان الجوفي مما يجعل المياه غير صالحة للشرب وعندما تكون كمية الاملاح في المياه ضئيلة فإنها لاتشكل خطورة على الانسان ولكن عندما تزداد عن حدود معينه فإنها تزيد من ضغط الدم وتصبح مياه الشرب غير صالحة
ومن الملوثات الشائعة الأخرى في معظم البلدان هي الصهاريج الصحية التي تستخدم في معالجة وتصريف النفايات المنزلية وتشكل مشاكل شائعة في المناطق الريفية حيث ان المياه التي تصرف من الصهاريج ترمى في تلك المواقع وتتسرب تلك الى المياه الجوفية
تعد النفايات البشرية المكون الرئيسي للصهاريج الصحية التي تشمل جميع انواع المواد التي تستخدم في التنظيف المنزلي وتنظيف الملابس وكذلك فإن اي مواد كيماوية تصب في تلك المياه تسبب كثيراً من الامراض المعوية والتهاب الكبد وتعمل المواد الكيماوية ايضاً على خلق كثير من المشاكل الصحية للإنسان.
وتعدالمبيدات والاسمدة الزراعية من الملوثات المهمة الاخرى التي تلوث المياه الجوفية فالمبيدات الحشرية يمكن ان تسبب تأثيرات صحية خطيرة وتدخل مبيدات الآفات الى المياه الجوفية من خلال رشح الامطار والري اللذين يجرفان معهما المبيدات غير المحللة الى الاسفل باتجاه خزانات المياه الجوفية المتنوعة كما وان الري بمياه جوفية ملوثة يجعل النباتات ملوثة وهذه تستخدم من قبل الانسان والحيوان وجميعها تصل في النهاية الى الانسان وتسبب له مشاكل صحية خطيرة ويجري نفس الشيء بالنسبة للأسمدة التي تضاف للتربه حيث تنقلها مياه الامطار والري الى الاسفل وقد تضاف كميات كبيرة من الاسمدة دون الحاجة اليها وتعتبر الاسمدة النتروجينية من أخطر الملوثات للمياه الجوفية اذا وصلت الى فم الانسان وامعائه وخصوصاً الاطفال ،وتلعب الاسمدة العضوية دوراً خطراً على صحة الانسان إذ انها تحتوي على البكتيريا القولونية والفيروسات وغيرها من مسببات الامراض.ومن المكونات التي تهدد المياه الجوفية في معظم المدن، حفر الردم الصحي التي تحفر بدون بطانة وبما ان الحفر غير مغطاة فإن مياه الامطار تدخل مكوناتها وتذيب قسماً من موادها وتتجه بها نحو الاسفل الى المياه الجوفية وتمثل مواقع نفايات المواد الخطرة اكبر المصادر التي تهدد المياه الجوفية.لقد استخدمت الطرق الجيوفيزيائية المختلفة في مناطق عديدة من العالم وذلك لمتابعة ما يجري تحت سطح الارض واصبح موضوع الجيوفيزياء البيئيةمن المواضيع التي يهتم بها الباحثون وهنالك النشرات العديدة بهذا الجانب وحسب الدولة و طبيعة الملوث فقد استخدمت طريقة الكهرومغناطيسية لتحديد مناطق النفاذية في الطبقات الملحية التي تستخدم لخزن النفايات الخطرة (النووية) حيث يتطلب تحديدمثل هذه المواصفات لمثل هذه النفايات، كما ان هذه الطريقة قد اثبتت قدرتها على تحديد السطوح البينية الفاصلة بين المياه المالحة والمياه العذبة ومن ثم امكانية رسمها وكذلك في توفير افضل مكان لوضع آبار المراقبة والإنتاج ومراقبة حركة الحد الفاصل من خلال تكرار القياسات الحقلية على فترات مختلفة ،ويمكن ايضاً تحديد ممرات هجرة الملوثات المتمثلة بالكسور وأنطقة القص ويمكن رسم الموصلات تحت سطح الارض فالتوصيلة للمياه العذبة تختلف عن المياه المالحة وذلك لانها تنخفض بشكل ملحوظ عند زيادة تركيز الصوديوم والكلور والكبريتات.
ان تحديد انتشار المياه الجوفية الملوثة من مواقع رمي النفايات صعب جداً بسبب الكلف العالية للحفر الذي يحدد عدد آبار المراقبة في أي موقع وعليه فإن الطرق الجيوفيزيائية توفر القدرة على رسم خرائط للتوزيع الافقى والعمودي في الاراضي الواقعة بين الآبار المحفورة وخاصة عندما تسبب الملوثات زيادة في الاملاح المذابة في المياه الجوفية ويرافقها زيادة في التوصيلة التي يمكن ان تكتشف وتراقب بالطريقة الكهربائية والكهرومغناطيسيه كما يمكن ايضاً متابعة مصدر مسببات المياه الجوفية المالحة من خلال متابعة المياه المارة في الطبقات الملحية باستخدام الجس الكهربائي.
أما الطرق الجيوفيزيائية الأخرى مثل الزلزالية والجذبية والمغناطيسية فتستخدم كذلك للأغراض البيئية في تحديد سمك الغطاء وتحديد طبوغرافية صخور الاساس وميلها، وفي تحديد المواقع المدفونة التي تدفن فيها المواد المعدنية مع النفايات وكذلك بالامكان تشكيل نماذج لطبيعة الارض المدفونة من خلال المسوحات الجذبية والمغناطيسية وغالباً تجرى المسوحات بما هو متوفر من أجهزة ومعدات وذلك لضمان النتيجة الايجابية في التطبيق وكل حالة تدرس وتحدد الطريقة التي يجب ان تتبع لدراستها.
وقد عملت هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية في السنوات الماضية -من خلال الاجهزة المتوفرة لديها والكادر المتدرب عليها- على إنجاز الدراسات التي تخص تواجد المياه الجوفية وتحديد مواقعها وأعماقها في العديد من المناطق في اليمن ومن ضمنها المناطق الساحلية وكان لنجاح مثل هذه الدراسات الأثر الواضح في عدد الطلبات المستمرة التي تقدم للهيئة للقيام بهذا النوع من المسوحات الحقلية .
وبما ان الهيئة تمتلك الامكانيات العلمية التي تستطيع من خلالها تنفيذ الدراسات التي تخص مشاكل تلوث المياه الجوفية التي تتطلب اجراءالمسوحات الحقلية للمواقع المزمع دراستها ومن ثم تحليل المعلومات الحاصلة التي سوف توفر تصوراً عن مايجري لهذه المياه وتخرج بمؤشرات لهذا النوع من المشاكل ان وجدت، فقد اصبح من الضروري ان تقوم الهيئة بتطوير هذا الاتجاه من البحوث والدراسات التي ستخدم مستقبل الثروة المائية في اليمن ..ولابد من الاشارة هنا الى ان دراسة تلوث المياه العذبة بالمياه المالحة تعتبر من الامور المهمة حيث انها تمثل ظاهرة غير مرئية وغير محسوسة بها إلاَّ بعد فترة من حدوثها وذلك من خلال خلق مشاكل كثيرة للإنسان والمزارعين ويجب تداركها قبل فوات الاوان لانه لايمكن إصلاح خزانات المياة الجوفية بعد تلوثها او تلفها وعلى الجهات ذات العلاقة ان تستبق الأحداث وتقوم بما هو مطلوب وبالتعاون مع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية كونها الجهة التي تمتلك الامكانيات لهذا النوع من الدراسات لقد سبق لدول عديدة في العالم ان تعاملت مع هذه المشكلة من خلال الاستفادة من استخدامات الطرق الجيوفيزيائية كوسائل للكشف عنها ومن ثم وضع الضوابط لمنع حدوثها أو توسعتها اذا لم تحدث.
#خبير جيو فيزيائي في هيئة المساحة
الجيولوجية و الثروات المعدنية
تلوث المياه الجوفية خطر صحي وبيئي يهدد الملايين في اليمن
بينت دراسات علمية عديدة جرت اخيراً، ان تلوث المياه الجوفية يعد أحد أكبر المشكلات البيئية التي تواجه اليمن في الوقت الراهن إلى جانب المشكلات البيئية الاخرى الناتجة عن حالة النمو الاجتماعي والاقتصادي التي شهدتها البلاد خلال الربع الاخير من القرن الماضي واخذت طابعاً عشوائياً بسبب نقص القدرات المؤسسية والتشريعية وغياب الوعي الاجتماعي بقضايا البيئة.
وحسب دراسة اعدها المهندس علي قاسم السباعي بالهيئة العامة للموارد المائية، فإن ضعف خدمات الصرف الصحي، التي لا تزيد على 35 في المائة على مستوى الحضر و20 في المائة في الارياف، يشكل سبباً اساسياً في تلوث المياه الجوفية، خاصة ان اكثر من نصف السكان يعتمدون في معالجة مياه الصرف الصحي على آبار معالجة ترشيحية عميقه، تتسرب محتوياتها بسهولة إلى المخزونات الجوفية وتلوثها، كما اثبتت تجارب مخبرية ان محطات معالجة مياه الصرف الصحي القائمة تعد محدودة الكفاءة ولا تؤمن معالجة المياه على نحو صحي وبيئي متكامل.
تلوث المياه ويسهم وجود عدد كبير من المنشآت الصناعية والمعامل والمستشفيات وسط الاحياء السكنية وبالقرب من احواض المياه حول المدن، بقدر لا يقل خطورة في تلوث المياه الجوفية، حيث تقوم هذه المنشآت وفي ظل غياب رقابة بيئية فاعلة، بالقاء مخلفاتها في مجاري الصرف الصحي أو في الاحواض القريبة ومن دون معالجة أولية. وتبين من خلال دراسات اعدتها كلية العلوم بجامعة صنعاء ان هذه المخلفات تحتوي على مواد ثقيلة وسامة مثل السيانيد والكروم الناتجة عن صناعة الملبوسات والجلود ومواد اخرى كالزيوت والدهون والاصباغ الناتجة عن صناعة الصابون والطلاء والمنظفات التي تجد طريقها إلى المخزونات الجوفية، حيث تبين من خلال تحليل عينات من مياه الآبار القريبة من هذه المنشآت وجود قدر من التلوث البكتريولوجي والنترات والفوسفات والحديد، بنسب تتجاوز الحدود الصحية القصوى المسموح بها.
ويضيف المهندس عباس فارع اسبابا اخرى لتلوث المياه الجوفية الذي اصبح خطراً صحياً وبيئياً جاداً، اذا علمنا ان اليمن يعتمد على المياه الجوفية في تأمين 90 في المائة من احتياجاته من المياه، واهمها المخلفات الزراعية الناتجة عن استخدام المخصبات الكيمياوية والمبيدات الزراعية، خاصة تلك التي تدخل عبر التهريب وتعد محرمة في بلد المنشأ، حيث يصل استخدام اليمن من المبيدات الزراعية والحشرية إلى 700 طن سنوياً، ويشكل الاستخدام العشوائي للمبيدات والكيماويات خطراً مباشراً على المياه الجوفية والتربة الزراعية فضلاً عن انعكاساته الصحية على مستخدميه.
وتساهم المخلفات المنزلية الصلبة في التلوث ايضاً وقد تزايدت معدلاتها خاصة في المدن على نحو يفوق الامكانيات المتوفرة لتصريفها. ويقدر حجم المخلفات المنزلية بأكثر من كيلوغرام يومياً للفرد الواحد في المدن ونحو نصف كيلوغرام للفرد في الريف وتحتوي المخلفات المنزلية على 47 في المائة مواد عضوية، ويصل حجم مخلفات الهدم والبناء إلى 20 في المائة من حجم المخلفات تليها المخلفات البلاستيكية 9 في المائة والزجاج 3 في المائة والمنسوجات 2 في المائة و5 في المائة مواد مختلفة أخرى.
وقدرت دراسة اجراها مجلس حماية البيئة اليمني حجم المخلفات السامة والخطرة بأكثر من 38 ألف طن سنوياً، ومع أن الكمية تعد قليلة مقارنة بالمخلفات في دول اخرى، الا انها تعد خطراً حقيقياً على الحياة الصحية والبيئية، بالنظر لاحتمالات تأثيرها في المياه الجوفية في ظل الاوضاع البيئية الراهنة.
اليمن 75%من اليمنيين يعانون من امراض تتعلق بتلوث البيئة :
اعتبر تقرير برلماني أن التلوث المائي في اليمن المصدر الرئيسي للأمراض والأوبئة المنتشرة بين السكان، مشيراً إلى أن 75% من اليمنيين يعانون من إصابات تتعلق بتلوث المياه أو بالأمراض ذات العلاقة بالمياه - أي ما يقارب 12 مليوناً من السكان - وأن 60% من المواطنين يعيشون في مناطق موبوءة بالملاريا.
وكشف التقرير الذي أعدته لجنة مختصة بالمياه والبيئة في مجلس النواب اليمني عن وجود حوالي ثلاثة ملايين مواطن مصاب بالتهاب الكبد الوبائي، وأن 50% من وفيات الأطفال سببها الأمراض ذات العلاقة بتلوث المياه منها 30% بسبب الاسهالات و30% سببها الملاريا والتيفوئيد ويتوفى (55) ألف طفل سنوياً في اليمن بسبب هذه الأمراض - بمعدل (151) طفل يومياً - وتوقع تقرير اللجنة البرلمانية أن استمرار هذا الوضع البيئي المتردي دون مكافحة فاعلة من الناحيتين العلاجية والوقائية سيسفر عن حدوث كوارث صحية وبيئية، وهذا أمر بالغ الخطورة والسكوت عنه جريمة لا تغتفر - بحسب التقرير-.
93% من اليمنيين يستخدمون وسائل صرف غير آمنة ولاتوجد رقابة على أداء محطات التنقية
تفاجأ أعضاء لجنة المياه والبيئة عند زياراتهم الميدانية أواخر العام 2004 لمديريتي أرحب وبني الحارث م/ صنعاء ووادي ميتم في محافظة إب -بارتفاع نسبة التلوث المائي ما جعلها تؤكد في توصياتها «أن قضية التلوث من القضايا الأكثر حساسية وخطورة» وتقتضي بالضرورة التعامل المسؤول والجاد معها ولا تحتمل المماطلة أو التأجيل ولا تقبل بأنصاف الحلول ناهيك عن مخاطرها المتعاظمة.
وتطرقت اللجنة البرلمانية إلى انتشار مظاهر التلوث الناجمة عن المخلفات الآدمية بشكل واسع بسبب محدودية تغطية الشبكة العامة للصرف الصحي وسوء تصريف مخرجاتها.
وأشارت في هذا المجال إلى تدني الشبكة العامة للصرف الصحي، إذ لا تتجاوز نسبة المنتفعين منها 7% من إجمالي السكان أما النسبة الباقية المقدرة بـ 93% فإنهم يستخدمون وسائل صرف غير آمنة، وتبلغ أعلى نسبة تغطية للشبكة العامة للصرف الصحي في محافظات (عدن وأبين ولحج) جنوب اليمن مجتمعة إلى ما نسبته 19.5% ونسبة تلك المحافظات على التوالي (7.3%، 3.5%، 3.4%). بينما تفتقر محافظة الضالع لهذه الخدمة.
وفي ظل محاذير نواب البرلمان من مخاطر التلوث لا يعترف المسؤولون في الحكومة بأن نسبة التلوث مرتفعة أو بأن معظم المواطنين يشربون مياهاً ملوثة حتى إنهم لم يقوموا بإجراء دراسة حول موضوع التلوث المائي والتأكد من مدى انتشاره وبحسب وكيل وزارة المياه والبيئة لشؤون المياه الدكتور محمد إبراهيم الحمدي «لم يصل إلينا تقارير تقول بأن هناك إصابات مرضية ناتجة عن استخدام المياه الجوفية أو أن المياه أدت إلى مشاكل صحية، وإن وجدت مثل هذه التقارير فقد تكون غير علمية» ويستند الوكيل في حديثه هذا إلى أن معظم سكان اليمن يعيش في الريف على اعتبار أن مياه الريف غير ملوثة لكنه يقر بوجود تلوث في مياه المدن الرئيسية بقوله لـ (الوسط) اليمنبه الصادرة في الحمهوريه اليمنيه «هذا التلوث الموجود في المدن يأتي من تجمع مخلفات الناس والمصانع ويتم معالجتها، لكن عند المعالجة يتسرب جزء منها إلى المياه الجوفية ويلوثها» ونظراً لضعف القدرة الاستيعابية لمحطات معالجة مياه المجاري يتسرب الكثير منها ويختلط بالمياه الجوفية، ما يشكل خطراً على مياه الشرب التي يعتمد عليها الإنسان اليمني.
إلا أن وكيل وزارة المياه محمد الحمدي يرى بأن الخطورة تكمن في مخلفات المشتقات النفطية بقوله "الأخطر من هذا المخلفات الصناعية، فهي تمثل مشكلة حقيقية وأيضاً مخلفات النفط كتغيير زيوت السيارات وغسلها...، لأن هذا يصل إلى المياه الجوفية دون أن «يتفلتر» «لا يتحلل» وتصبح المياه ملوثة إلى الأبد.
وتناقض دراسة للبنك الدولي - أجراها في اليمن العام الماضي - تطمينات وكيل الوزارة حول استخدام سكان الريف اليمني لمياه مأمونة، فقد أشارت الدراسة إلى أن الجهات المسؤولة عن المياه في الريف لم تكن فعالة في الوصول إلى المجتمعات الريفية، منتقدة إياها بسبب تركيز مشاريعها على العاصمة فقط.
وأكدت الدراسة أن مشاكل المياه تزداد في الريف اليمني الذي يعيش فيه ما نسبته 81% من السكان بينهم شريحة واسعة من الفقراء حيث أن (49%) من المنازل في القرى لديها مصادر مأمونة للمياه مقابل 82% في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وبحسب إحصائية أجراها المشروع العربي لصحة الأسرة فإن عدد الأسرة اليمنية - في الحضر والريف -التي تستخدم شبكة صرف صحي ما نسبته 12.1% فقط من إجمالي عدد الأسر، وأن نسبة الأسر التي تستخدم شبكة مياه صالحة للشرب 29.3% فقط.
محطات المعالجة سبب تلوث المياه في اليمن
إن مناطق عديدة في اليمن تعاني من تلوث المياه وبحسب تقرير البرلمان اليمني الذي حذر من مخاطر تلوث المياه قال: «إن 73% من الآبار الجوفية الملوثة تنذر بتلوث حوض صنعاء المائي» وطالبت اللجنة البرلمانية بإلزام الحكومة باعتماد خطة تنفيذية إسعافية عاجلة، كفيلة بالسيطرة على التلوث القائم، ومعالجة آثاره وفقاً لأحكام ومضامين قانون حماية البيئة ولائحته التنفيذية، إضافة إلى إلزام وزارة المياه والبيئة بإجراء تحقيق شامل لتحديد المسؤولية عن حدوث التلوث البيئي.
وشكك التقرير بمصداقية تقرير حكومي قدمته وزارة المياه والبيئة ومؤسسة الصرف الصحي بشأن التلوث في مياه منطقتي أرحب وبني الحارث بمحافظة صنعاء وكذا وادي ميتم في محافظة إب، إذ كشفت لجنة المياه والبيئة التابعة لمجلس النواب عن وجود تلوث حاد في تلك المناطق ووصفته بأنه خارج نطاق السيطرة، وقال تقريرها «بدا التلوث يناقض تماماً الصورة التي حاول رسمها ممثلو الجانب الحكومي وأن التلوث ناجم عن التصريف غير الآمن بيئياً لمياه الصرف الصحي من محطة المعالجة في مدينة الروضة - شمال صنعاء - وعلى امتداد قناة التصريف الترابية المكشوفة، المارة عبر منطقة بني الحارث وصولاً إلى سد الشام في منطقة أرحب على مسافة تقدر بـ 18كم، مخلفة وراءها العديد من المستنقعات والبحيرات الطافحة بالمياه العادمة وأوضحت اللجنة البرلمانية أن محطة معالجة مياه الصرف الصحي القائمة هي مصدر التلوث، بسبب العيوب الفنية في مواصفات المحطة مشيرة إلى وجود تلوث كيميائي وبيولوجي في السدين القائمين «سد المسيرفة - باب الروضة، وسد الشام» إضافة إلى تلوث آبار المياه السطحية في منطقة بني الحارث، حيث ارتفع منسوب المياه من (35 إلى 36 متراً إلى حوالي 200 إلى 300 متر بسبب تغذيتها بمياه الصرف الصحي.
وأظهر التقرير أن عدد الآبار الملوثة تصل إلى 11 بئراً حيث ثبت ذلك من خلال النتائج التحليلية للعينات المأخوذة منها ولاحظت اللجنة البرلمانية انعكاس التلوث سلبياً على صحة وحياة الساكنين والمزارعين وعدم كفاءة الحلول والمعالجات التي تبنتها الحكومة لتحسين أداء محطة المعالجة.
تقرير اللجنة البرلمانية شدد على ضرورة إجراء إصلاحات أساسية للإدارة المائية والبيئة وإعداد خارطة مائية وإنشاء محطات تحلية مياه البحر في المحافظات الساحلية وتغطية كل عواصم المحافظات بمحطات معالجة ذات تغطية مناسبة وإيلاء مشاكل الصرف الصحي كل الاهتمام باعتباره المصدر الرئيسي للتلوث.
بالإضافة إلى أن توصيات تقرير اللجنة البرلمانية حددت مجموعة إجراءات لمعالجة إشكالية التلوث خلال النصف الأول من العام 2005 وبحسب عضو في لجنة المياه والبيئة لم تلتزم الحكومة بتنفيذها ومن تلك التوصيات: العمل سريعاً لردم المستنقعات والبحيرات الراكدة القائمة في مناطق التلوث، وتنظيم برنامج دوري ودائم لمكافحة الحشرات والبعوض والروائح الكريهة، منع استخدام مياه الآبار الجوفية التي ثبت تلوثها لأغراض الشرب، إنشاء شبكة مستقلة لمجاري السيول مفصولة عن الشبكة العامة للصرف الصحي لضمان تصريفها الآمن خارج المحطة، تفعيل قانون حماية البيئة ولائحته التنفيذية واتخاذ الإجراءات القانونية لمنع تصريف المخلفات الخطرة في شبكة الصرف الصحي بما في ذلك مخلفات الزيوت والمستشفيات والمصانع ومعامل التصوير والمطابع ومخلفات المسابح والمدابغ، إيصال مياه شرب نقية من مصادر آمنة بيئياً عبر شبكة عامة لمياه الشرب تعويضاً للسكان المتضررين بالتلوث.
ويبدو أن وزارة المياه والبيئة غير قادرة على حل هذه الإشكالية فهي تعرف تماماً أن سبب تلوث المياه في معظم المناطق يعود إلى ضعف في محطات المعالجة التي اصبحت معظمها غير قادرة على استيعاب مياه المجاري، إذ تتجاوز المياه الداخلة إليها السعة المحددة لكل محطة وبالتالي فالخارج منها يكون أقل نوعية - أي تحت المستوى المطلوب وهذا ما يؤكده وكيل وزارة المياه محمد الحمدي بقوله «محطات المعالجة لا تستطيع استيعاب هذه الكمية الكبيرة من المجاري والآن عندنا خطة لتحسين كفاءة هذه المحطات» مشيراً إلى أنه في حالة توسعة استيعاب محطة المعالجة سيوفر لليمن مياهاً صالحة للزراعة بمقدار 180 سداً لأن الخارج من المحطة الواحدة الموجودة في صنعاء 37 ألف متر مكعب في اليوم الواحد ومتوسط سعة السدود في اليمن 60 ألف متر.
إلا أن وكيل الوزارة ذكر عدم قدرة الوزارة القيام بذلك لشحة الإمكانيات المادية «عندنا استراتيجية واضحة المعالم ولدينا فجوة تمويلية تحد من تنفيذها قدرها (500) مليون دولار خلال الخمس السنوات القادمة من غير القروض المالية ومن غير الميزانية المحددة من الحكومة».
كما أن الحكومة اليمنية لا تعرف حجم التلوث الموجود حالياً ومدى خطورته نظراً لعدم قيامها بدراسات تحدد ذلك وبحسب وكيل الوزارة «حتى أستطيع القول أن اليمن فيها تلوث أم لا يجب أن أعمل دراسات تغطي اليمن بالكامل وهذا غير موجود وليس متوفر، ولا توجد دراسات ينبني عليها ما هي أنواع التلوث في كل الأحواض الجوفية فهذا الكلام لم يتم إلى الآن لأنه عمل كبير ومكلف جداً».
ويبقى المواطن اليمني عاجزاً عن الحصول على شربة ماء مأمونة، حتى المياه التي تتم تنقيتها في مصانع المياه أو محطات التنقية الصغيرة معرضة للخطر ولا تخضع للرقابة فيما إذا كان يتم إخضاعها لمعايير التنقية الصحية والسليمة أم لا ؟ إذ لا توجد جهة ناظمة في اليمن تراقب مقدمي تلك الخدمة.
التلوث البحري:
تجبر السفن وناقلات النفط التي تصل إلى المرافئ اليمنية معظم الكائنات البحرية على الهجرة نحو مناطق مائية خالية من التلوث الناتج عن تفريغ مخلفات تلك السفن وناقلات النفط في الموانئ اليمنية.
وتعد تسريبات ناقلات البترول بحوادثها المتكررة وبممارساتها الخاطئة كإلقاء النفايات والمخلفات البترولية في الماء من الملوثات الخطيرة للمياه والبيئة عموماً وتعرف دراسة علمية التلوث المائي بأنه إحداث خلل وتلف في نوعية المياه ونظامها الأيكولوجي بحيث تصبح المياه غير صالحة لاستخداماتها الأساسية وغير قادرة على احتواء الجسيمات والكائنات الدقيقة والفضلات المختلفة في نظامها الأيكولوجي.
وتشكل ناقلات النفط القاصدة موانئ تصدير النفط اليمنية خطراً على تلوث المياه، إذ تقوم بضخ مياه البحر في صهاريجها لكي تقوم هذه المياه بعملية توازن للناقلة حتى تصل إلى مصدر شحن النفط فتقوم بتفريغ المياه الملوثة في البحر مما يؤدي إلى تلوثها بمواد هيدروكربونية أو كيميائية أو حتى مشعة وبحسب الدراسة العلمية يكون لهذا النوع من التلوث آثار بيئية ضارة وقاتلة لمكونات النظام الأيكولوجي وتقضي على الكائنات النباتية والحيوانية.
وتوضح الدراسات أن الخليج العربي من أكثر بحار العالم تلوثاً بالنفط وأن الكائنات الحية في منطقة الجزيرة العربية وبالذات اليمن مهددة بالانقراض فهناك ما يقارب أربعة أنواع من الثديات و 21 نوعاً من الطيور و 40 نوعاً من الزواحف وثلاثة أنواع من الأسماك مهددة بالانقراض تماماً ويبلغ معدل إجمالي النفط المتسرب إلى مياه الخليج العربي ما يقارب 140 ألف برميل سنوياً.
تعرض الناقلة الفرنسية «ليمبرج» لهجوم إرهابي بالقرب من ساحل حضرموت في أكتوبر من العام 2002 تسبب في تسرب 350 ألفاً من حمولتها النفطية إلى البحر تركت آثاراً بالغة على الأحياء البحرية وخاصة الأسماك والسلاحف والطيور والشعاب المرجانية.
وكان التقرير العالمي الثالث لبرنامج البيئة التابع للأمم المتحدة قد ذكر في وقت سابق أن كوكب الأرض يقف على مفترق طرق، فربع الثديات في العالم و 12% من الطيور تواجه بالفعل خطر الفناء، وبحار العالم معرضة بالفعل لتهديد حقيقي بسبب التلوث، وثلث المخزون العالمي من الأسماك يصنف الآن باعتباره ناضباً أو معرضاً للخطر.
ورغم ارتفاع مخاطر تلوث مياه البحار الناتجة عن التسريبات النفطية إلا أن السلطات اليمنية لا تستخدم أياً من الطرق الوقائية لمكافحة التلوث المائي بالنفط المستخدمة
في العديد من الدول المطلة على البحار.
تلوث البحر باد في شاطئي جولدمور و صيرة بعدن
كان يوم أمس الأول الخميس في الاشهر الما ضيه في مدنيه عدن العاطمه الاقتصاديه والتحاريه للجمهوريه اليمنيه يوم الذروة للروائح الكريهة الآتية من البحر حيث اشتكى المواطنون في منطقه خورمكسر وعلى طول ساحل أبين والتواهي منها، وفي المساء وصلت الروائح إلى منطقة شِعب العيدروس والطويلة في كريتر,أما ساحل أبين وسواحل جولدمور والغدير وصيرة فقد صبغت بلون أخضر قاتم تصدر منه الروائح الكريهة، بالإضافة إلى وجود شوائب في الشواطئ أثارت تساؤلات بعض المواطنين كما أثارت مخاوف البعض الآخر وعزوفهم عن ارتياد الشواطئ التي هي المتنفس الوحيد للمواطنين.
وفيما تؤكد مصادر حكومية أن الظاهرة طبيعية وتحدث كل ثلاث إلى خمس سنوات إلا أن العديد من نشطاء البيئة عبّروا عن مخاوف أن تكون نفايات كيماوية رميت في عرض البحر تسببت بهذه الظاهرة خصوصاً في ظل غياب أي فحوصات مخبرية لهذه الظاهرة، كما أكد الصيادون أن الظاهرة تختلف عما شاهدوه في الماضي حيث لوحظ عدم وجود أحراش أو نباتات بحرية على السواحل.
وكانت الأمم المتحدة قد حذرت في تقرير لها في 23 فبراير 2005م من مخلفات نووية و أخرى خطرة رميت في سواحل الصومال قد تبعثرت على طول الساحل بسبب التسونامي الذي حدث في نهاية 2004م. وبالإضافة إلى مخلفات اليورانيوم المشع كان هنالك معادن ثقيلة مثل الكادميوم والزئبق ومخلفات صناعية وكيماوية وأضاف التقرير أن التسونامي ساهم في فتح البراميل المغلقة وتسربها إلى البحر.
وعلى السياق نفسه علمت صحيفه«الأيام» الصادرة في عدن أن سواحل الصومال المقابلة لليمن في خليج عدن تشهد الظاهرة نفسها لكنها أكبر بكثير هناك.
إلى ذلك شهدت عدن عزوفاً كاملاً في عطلة نهاية الأسبوع عن الذهاب إلى السواحل. «الأيام» زارت عددا من الشواطئ لمعرفة أسباب تلك الروائح.. وهناك التقت عدداً من الصيادين والمواطنين فكان لنا معهم هذه اللقاءات:
< الصياد أحمد علي يقول:«منذ شهر بدأنا نلاحظ تغير لون البحر وذلك في عرض البحر أثناء قيامنا بالاصطياد بينما لم يكن هناك أي أثر للون الأخضر على الشاطئ إلا أننا تعودنا أن نرى مثل هذا الإخضرار على البحر خلال السنوات السابقة، بحيث يكون لون البحر يميل للاخضرار وهذا عادة ما يبدأ بشهر يونيو ويوليو ويكون الماء بارداً جداً ونسميها نحن الصيادين (بالبردة) لكن هذه المرة نلاحظ أن لون البحر أصبح يميل الى الأخضر القاتم و ليست هناك برودة بالماء كما أننا بشهر فبراير ومارس وهو ليس موسمه وكما يصاحبه رائحة كريهة ولاحظنا أن مرتادي الشواطئ قد قل عددهم ومن يأتي ويرى لون البحر يعود أدراجه ويتخوف من لون البحر ويعتقد البعض أن هناك نفاياث أو هناك سموم في البحر لكن نحن نسبح بالبحر ولا يوجد أي تخوف منه».
< الصياد ناصر سعيد عاطف (48عاماً) يقول:«نحن نقوم بعملنا بشكل يومي ونصطاد ونبيع ما نصطاده كما أننا نقوم بالوضوء من البحر لأداء الصلاة، فأعتقد أن المياه ليست مضرة علماً أننا نعلم بموسم هذه الظاهرة لكن ما نراه الآن يختلف عن التي كنا نراها سابقاً ومنذ أسبوع أصبحنا نرى مياه البحر قد أصبحت باللون الأخضر القاتم، أما في الليل فتصبح وكأنها سراج باللون الأخضر ونحن نسمي ذلك (زهيقة) بمعنى أن البحر يعطي لمعة».
< الصياد سعيد أحمد سعيد قال لنا: «قبل عشرين يوماً اتجهنا لنصطاد قبالة الشواطئ الصومالية وأثناء ذهبنا لاحظنا أن عمق البحر في مياهنا الإقليمية يكسوه اللون الأخضر القاتم، وبعد وصولنا إلى قبالة الشواطئ الصومالية لاحظنا أن لون البحر يميل للبياض وبعد عودتنا لاحظنا أن الشواطئ أصبحت باللون الأخضر القاتم».
< المواطن أحمد يحيى يقول:«أحد إخوتي قام بتعبئة دبة خمسة لتر من مياه البحر وتم وضع الدبة في مكان مظلم وفي الليل لاحظنا ضوء مثل السراج وبعدها اكتشفنا أن الدبة التي تم تعبئتها بماء البحر هي مصدر الضوء».
< أما المواطن أحمد حسين فقد جاء إلينا وهو قلق وقال:«لقد سبح أولادي في البحر وأنا قلق عليهم فلم أعلم أنهم سيسبحون، وأثناء غيابي عنهم لشراء بعض الأشياء وجدتهم يسبحون فصدمت وأنا قلق على أولادي وسأذهب بهم إلى المستشفى، فنتمنى من المسؤولين أن يُعلمونا هل هذه ظاهرة طبيعية أم إنها غير طبيعية وأنّ هناك نفايات».
< وأثناء تنقلنا في شاطئ صيرة لاحظنا اللون الأخضر هو الغالب هناك حيث التقينا بعائلة محسن عبد القادر، التي قالت لنا:«جئنا للشاطئ لنمضي وقتاً ممتعاً لكن الرائحة الكريهة جعلتنا ننفر من الشاطئ، وكما تعلمون إننا في عدن ليس لنا سوى شواطئ البحر من أجل أن يقضي الأطفال إجازتهم».
أما المواطن علي قاسم، الذي يسكن بالقرب من منطقة صيرة فيقول:«إن الرائحة الكريهة وصلت لمنازلنا ولا نستطيع أن نمكث فيها فحاولنا إغلاق النوافذ إلا أن الرائحة أصبحت قاتلة وكأننا نشعر بأن في المنزل شيء متعفن فالجميع يقول إن هذه ظاهرة طبيعية فأنا من سكان هذه المنطقة منذ (25)عاماً لكن لم نشم مثل هذه الرائحة من قبل».
< وبعدها التقينا د. غازي محمد محفوظ مدير عام مديرية خورمكسر والقائم بأعمال مدير عام مديرية صيرة، الذي قال لنا:«إن عددا من خبراء البيئة زاروا شواطئ البحر في المحافظة وأكدوا أن هذه الظاهرة ليست مخيفة ولكنها طبيعية وتحدث كل عام أو عامين، وذلك نتيجة للعوامل الطبيعية كما أنها ليست لها أي علاقة بالأعاصير
أو الهزات في أعماق البحر ونتمنى أن لا يكون هناك أي مخاوف كون هذه الظاهرة من الظواهر الطبيعية».
!!باحثة في شعبة الهوام النباتي - قسم علوم البحار - مركز أبحاث علوم البحار والموارد البحريةفي اليمن في 27/3/2006م قالت ايرينا السقاف حول معلومات
حول ظاهرة تلون مياه البحر في خليج عدن لصحيفه الايام اليمنيه الصادرة في عدن
ظاهرة تلون مياه البحر بالاخضرار المسبب لها التواجد المكثف لليخضور هي ظاهرة معروفة منذ القدم، وفي كثير من المناطق أصبحت هذه الظاهرة معتادة، فهي من الممكن أن تبرز في فترات مختلفة من السنة ويعتمد بروزها على وضعية العوامل ( الهايدروكيماوية، الهايدرولوجية) والنظام الحراري لمياه البحر، وعلى قدرات أنواع اليخضور الجينية.
تأخذ ظاهرة تلون مياه البحر ألوانا مختلفة ابتداء من جميع أطياف اللون الأحمر، واللون الأسمر (البني)، الأصفر، الأخضر، وحتى اللونين الأزرق والفضي ويمكن ان يكون لون المياه خليطاً من هذه الألوان المذكورة.
مياه البحر الملونة تكون في عدة اشكال، فمنها ما يكون في شكل بقع ملونة دائرية الشكل في مواقع محددة، وتكون أيضا على شكل خطوط مستطيلة تتراوح أطوالها من عدة أمتار وحتى عدة أميال، وفترة استمرار هذه الظاهرة تمتد من عدة ايام من (2-15) يوماً وحتى من (2 -3 اشهر) )1999 .(Konovalova
عند حدوث ظاهر تلون مياه البحر فإن هذه المياه يمكن أن تكون سامة او قابلة لتطور وتراكم المواد السامة فيها، أو غير سامة.
ظاهرة تلون مياه البحر في خليج عدن، بدأت ملاحظتها ابتداء من عام 2001م، وظهرت أيضا في الأعوام 2001، 2002، 2003م في سواحل حضرموت وحتى منطقة بئر علي، وفي الأعوام 2004 - 2006م برزت هذه الظاهرة في سواحل أبين وحوالي عدن.
في هذا العام 2006م لاحظنا بروز هذه الظاهرة، ظاهرة تلون مياه البحر بالاخضرار والتي عمت مساحات كبيرة في السواحل الغربية لخليج عدن، بداية ملاحظة هذه الظاهرة كانت في نهاية شهر فبراير واستمرت حتى منتصف شهر مارس. المياه المخضرة من البلانكتون النباتي كانت في بقع دائرية الشكل في مواقع محددة تتراوح اطوال أقطارها من 300 - 500 متر ومصبوغة باللون الاخضر وتنبعث منها روائح كريهة، وفي المساء تمت ملاحظة انبعاث إشعاعات مضيئة فسفورية في مواقع البقع المخضرة.
من هذه المواقع أخذنا عينات في الأيام 1، 7، 8 من شهر مارس ويقدر عدد العينات بأربع عشرة عينة، وفي الوقت نفسه تم قياس بعض المؤشرات الهيدرولوجية مثل سرعة الرياح، درجة حرارة الماء، درجة ملوحة البحر، وكمية الاكسجين، ودرجة تأيّن الماء (PH)، وتم تحليل العينات بواسطة طريقة التحليل المشهورة وهي طريقة العالم الروسي (1977 SECHIKINA).
الكتلة الحية لليخضور (البلانكتون النباتي) الموجود في المياه المخضرة كانت تتراوح من (3-4) جرام في اللتر الواحد من ماء البحر. وفي جميع العينات المأخوذة تم تحديد نوع واحد من الطحالب البحرية سائد بشكل كبير في جميع العينات ويسمى ناكتيليوكا (Noctiluca SP)، وهذا النوع ومن خلال البحث في عدة مراجع والبحث عبر الانترنت لم نجد أي صفة بيولوجية تتطابق مع ما تم معرفته من خلال العينات، أي صفاته غير معروفة للعلماء، لذلك فإنه يمكن ان يكون نوعا جديدا لم يتم تسجيله في المصنف العالمي للفيتو بلانكتون حتى الآن، بغض النظر عن أن كمية الخلايا لهذا النوع في العينات لم تكن كبيرة فهي (6000 - 8000) خلية في اللتر الواحد من ماء البحر، ولكنه وبسبب ارتفاع قيمة الوزن النوعي العالي لهذا النوع فإن كتلته الحية مقارنة بالأنواع الأخرى المرفقة له كانت عالية النسبة تقدر بـ (90%) من الكتلة الحية الاجمالية للطحالب في العينة.
في العينات المأخوذة من سواحل منطقة صيرة فإن تعداد الخلايا في اللتر الواحد من الماء كان عاليا وبلغ أكثر من عشرة آلاف خلية من هذا النوع من الطحالب البحرية في اللتر الواحد من ماء البحر.
الطحلب(Noctiluca SP) ينتمي إلى عائلة الطحالب البحرية المسماة باللاتينية (Dunoflagellates) ويمتلك هذا النوع من الطحالب الشكل الكروي ويبلغ طول قطر خليته من 500- 600 ميكرون، وعلى سطحه الكروي تجعيد أو أخدود غير كبير، ولديه سوط واحد متحرك، وفي الخلية تتواجد أشكال صغيرة بيضاوية الشكل خضراء اللون وهي المتسببة في اكساب مياه البحر اللون الاخضر، هذه الاشكال الصغيرة البيضاوية الشكل تقع على الغشاء الخارجي الشفاف للخلية وتنتشر على سطح الخلية بشكل منتظم ومتساو. تمتلك خلية هذا النوع من الطحالب البحرية نواة كبيرة شبكية التكوين، وهذا النوع لديه المقدرة على اصدار إشعاعات ضوئية ليلا.
الوزن النوعي للعصير الخلوي للخلية أقل بقليل من الوزن النوعي لماء البحر (1928 (LUDWING وهذه الخاصية إلى حد ما توضح لنا سلوك هذا النوع من الطحالب في ماء البحر، حيث يسبح وهو في حالة سكون ولديه القدرة على السباحة والحركة في مختلف المواقع على السطح وفي مختلف الاعماق، حيث يتحرك ايضا في الاتجاه العمودي من خلال مقدرته على تغيير الوزن النوعي لديه، ولديه القدرة ايضا على تجميع وتراكم غاز الامونيا ) 1998 (Elbrachter. M. and y. zqi فعالية اخضرار مياه البحر بشكل مكثف تحصل نتيجة للتفاعل والتأثير الايجابي ما بين الصفات البايولوجية لهذا النوع من الطحالب البحرية (وهي مقدرته على تنظيم وضعه وحركته العمودية في وسط ماء البحر) وبين الآليات الطبيعية لمياه البحر مثل (التيارات، الرياح التي تحفز وتتسبب في حركة مياه الأعماق نحو السطح) وفي المياه السطحية للبحر فإن تجمعات هذا النوع من الطحالب(Noctiluca) تتحرك من موقع إلى آخر تحت تأثير قوة الرياح، أما سلوك حياة هذا النوع فلم يدرس بشكل كاف، لذلك فإن المعلومات عن حياته محدودة.
طحلب الناكتيليوكا معروف للعلماء منذ القدم كمخلوق بحري يتسبب في تلون مياه البحر بالاخضرار، وهذه الظاهرة تمت مشاهدتها وتحديدها في عصور مختلفة وفي مناطق عديدة على الكرة الارضية، وعادة يكون السبب لظهورها هو وجود نوعين من أنواع الناكتيليوكا وهما :
(Noctiluca, Scintllans, NoctiLuca miliaris) هذان النوعان يلونان مياه البحر في حالة تجمعاتهما المكثفة باللون الأحمر البرتقالي، وفي المناطق الاستوائية للمحيط الهندي والهادي فإن ظاهرة تلون مياه البحر بالاخضرار يكون سببها التجمعات المكثفة لنوع آخر من الناكتيليوكا جزء(Noctilnce) وهو ما تم تحديده في تجمعات الطحالب الخضراء على سطح مياه البحر في خليج عدن، وهو يعد من المناطق الاستوائية في المحيط الهندي. ووفقا للمراجع فإن هذه الأنواع من جنس الناكتيليو B لا تفرز المواد السامة، ولكن من المؤكد أنه تظهر مضاعفات سلبية لظاهرة تلون مياه البحر بهذه الطحالب وخاصة برزو مناطق عند قاع البحر عديمة الاكسجين بسبب ما تولده هذه الطحالب من تعتيم على قاع البحر وبالتالي توقف عمليات التمثيل الضوئي التي تنتج الاكسجين.
من المعروف أن البلانكتون النباتي (الطحالب البحرية) بعد عمليات تكاثرها الانقسامي للخلايا، تترسب على سطح قاع البحر، أما ظاهرة تلون مياه البحر فإنها تنتج بسبب توفر ظروف بيئية مناسبة مثل توفر القاعدة الغذائية الضرورية لهذه الطحالب البحرية مثل الاملاح المعدنية والعناصر الغذائية الضرورية للبلانكتون، التي تتوفر نتيجة لمياه سيول الأمطار المتدفقة إلى البحر أو نتيجة للرياح الموسمية الشديدة التي تسبب الاعصارات المائية والتي تصعّد بدورها هذه المواد الغذائية من قاع البحر نحو السطح. ونتيجة لهذه القاعدة الغذائية الوفيرة فإنها تكون منطلقا لنمو هذه الطحالب وتكاثرها بشكل مكثف الى حد أنها تتنافس على الغذاء والاكسجين اللذين يصيران شحيحين لكثافة تعداد هذه الطحالب، وعلى اثر هذه الحالة فإنها تبدأ في النفوق وبكميات كبيرة وتنشط البكتيريا في تحللها ولذلك تصدر الروائح الكريهة، ثم مع استمرار عملية نفوق هذه الطحالب بسبب عدم توفر الغذاء فإنها تترسب على سطح قاع البحر، وبتراكم هذه الطحالب المجهرية على القاع فإنها تتحلل وعند عملية التحلل تستهلك كمية كبيرة من الاكسجين المذاب في الماء، ونتيجة لذلك تبرز أزمة شحة أو عدم توفر الاكسجين في هذه البقاع من البحر، وإضافة الى ما ذكرناه سالفا من أن عملية انتاج الاكسجين خلال عمليات التمثيل الضوئي قد توقفت نتيجة لعدم وصول اشعة الشمس الى القاع بسبب كثافة تجمعات الطحالب البحرية على السطح، الى جانب عدم حصول التفاعل بين مياه البحر السطحية مع الاجواء العليا فوق سطح البحر والتي تعتبر مصدرا من مصادر وجود الاكسجين في ماء البحر.
في مثل هذه الظروف تحدث عملية نفوق واسعة للاحياء البحرية التي تعيش عند قاع البحر وكذلك الاسماك القاعدية، وينتشر هذا النفوق في مساحات واسعة بقدر يساوي المساحة المنتشرة فيها الطحالب البحرية عند السطح، ولكنه في الحالة التي نحن بصددها، وهي ظاهرة اخضرار مياه البحر في سواحل خليج عدن الغربية، لم تشاهد أية اسماك نافقة.
انطلاقا مما اوضحناه سالفا حول تلون مياه البحر فإننا نرفع مقترحات إلى الجهات المعنية للعمل على تنفيذها وهي ضرورية لمعرفة هذه الظاهرة وتقديم التفسيرات مستقبلا لأية ظاهرة جديدة تبرز ومدى خطورتها على الحياة البحرية وعلى حياة الانسان وهذه المقترحات كالتالي:
اولا: من الضرورة بمكان استمرار دراسة هذه الانواع من الطحالب وخاصة في مجال معرفة صفاتها البيولوجية وتصنيفاتها.
ثانيا: الملاحظة المستمرة وعلى مدار السنة لتجميع العينات والمؤشرات الهايدرولوجية والهايدروكيمائية والنظام الحراري لمياه البحر وكذلك التكوين الكمي والكيفي للهوام النباتي والحيواني.
ثالثا: من أجل تنفيذ هذه الأهداف فإنه من الأهمية بمكان توفير مختبرات حديثة مزودة بالمعدات والأجهزة الحديثة الضرورية والهامة في تحديد المؤشرات المذكورة أعلاه، وكذلك في تحديد الكلوروفيل ومقدار تسمم مياه البحر وغيرها من المؤشرات الضرورية لتحليل مثل هذه الظواهر.
هذه المعلومات هي مخلص لما احتواه بحث علمي تم إعداده من قبلنا وكان نتيجة لدراسة ظاهرة اخضرار البحر في السواحل الغربية لخليج عدن في الاشهر الماضية. كما اود ان اقدم شكري وتقديري الكبيرين للباحثين سعد سالمين البحسني، وزوجي هاشم محمد السقاف على المساعدة والتشجيع والدعم الذي قدماه لي في هذه الدراسة وإعداد البحث.
المياه الجوفية من اهم مصادر المياه التي يستخدمها الانسان حتى بالنسبة للدول التي توجد فيها انهار كبيرة ،فالمياه الجوفية هي تلك المياه التي تشبع طبقة تحت التربة وتملأ المسام أو الشقوق في الصخور التي تحتها وتشكل حلقه رئيسية في الدورة المائية المتمثلة بالحركة الدائبة للمياه بين الأرض والغلاف الجوي من خلال التبخر والامطار المنهمرة وما إن تهطل المياه على سطح الارض حتى تصبح الطبقة العليا من التربة مشبعة ومن ثم تصل الى مستوى المياه الجوفية وهي قمة الطبقة المشبعة (المنطقة التي تكون فيها جميع الفراغات البينية في الصخر والتربة ممتلئة بالمياه) وتسمى المياه في المنطقة المشبعة بالمياه الجوفية .
تخزن المياه الجوفية في تكوينات جيولوجية عديدة ويطلق على المنطقة التي تخزن المياه الجوفية وتوفر المياه بكميات كافية لإمداد الآبار والينابيع بالخزان الجوفي، ويحفظ الخزان الجوفي المياه في الفراغات الكائنة بين حبيبات الرمل والزلط والتربة وفي الشقوق والمسام والقنوات الموجودة في الصخور الصلبة نسبياً، هنالك نوعان: الخزانات الجوفية تسمى الخزانات المحدودة (المحصورة ) وغير المحدودة، فإذا كان الخزان الجوفي محصوراً بين طبقات من مواد غير منفذة مثل الصلصال فهو خزان محدود وعلى النقيض تكون الخزانات الجوفية غير المحدودة (غير المحصورة) بين طبقات من مواد غير منفذة وبالتالي تكون حدودها العليا اقرب الى سطح الارض من الخزانات الجوفية المحدودة وعندما يكون الخزان الجوفي تحت ضغط فمن جراء هذا الضغط ترتفع المياه في بئر يثقب الطبقة غير المنفذة الى الأعلى ويطلق عليه البئر الارتوازي .
تتحرك المياه الجوفية ببطء وبمعدل ثابت يعتمد على جريانهامن مناطق فيها قوة هيدروليكية عالية الى المناطق الواطئة ويطلق على ان حركتها سريعة عندما تتحرك حوالي (03) سم في العام وتعتمد على عوامل عديدة منها الارتفاع والمواد الجيولوجية فكلما زاد الانحدار كانت حركة المياه اسرع اضافة الى عاملين مهمين هما ( النفاذية والمسامية )التي تحددها طبيعة المواد الجيولوجية المكونة للطبقات الصخرية .(ان معدل جريان المياه في طبقة (نطاق) نفاذة يحسب عن طريق قانون دراسي.
تتلوث المياه الجوفية بطرق عديدة ومتباينة وتدخل فعاليات الانسان العادية في معظم حالات تلوث هذه المياه وتتمثل في الانشطة التي تؤثر على الارض او الطبقة تحت السطح والتخلص من المواد الخطرة في الارض والاستخدام المقصود للكيماويات على سطح الارض أو الطبقة تحت سطح الارض، اما مصادر تلوث هذه المياه وبشكل عام فيعتمد على طبيعة البلدان المختلفة ومواقعها والنشاطات التي تهتم بها الدول وممكن ان تأتي الملوثات من تمليح الطرق ومبيدات الآفات والاسمدة الكيماوية والأسمدة العضوية وانسكاب الكيماويات ورشح المياه السطحية الملوثة والتعدين ورواسب تأتي من الجو ومواقع النفايات الخطرة المهملة وحفر الردم الصحي وصهاريج تخزين تحت سطح الارض وخطوط انابيب تحت الارض والصهاريج الصحية والمناجم وآبار الحقن العميق، وآبار النفط والغاز واندفاع المياه المالحة.
إذاً فالمياه الجوفية تتلوث بالاملاح الموجودة على سطح الارض او التي تندفع بشكل المياه المالحة نحو المياه العذبة ، وهنا التركيز على جانب اندفاع المياه المالحة التي تمثل غزو المياه المالحة او الآسنة للمياه العذبة في الخزانات الجوفية بالمناطق الساحلية ويعزى هذا الغزو بصفة رئيسية الى السحب الجائر (المفرط) من المياه الجوفية من الخزانات الجوفية الساحلية بحيث ينخفض الشكل المخروطي لمستوى المياه الجوفية جراء السحب الى ماتحت مستوى سطح البحر ويسمح التدفق بالجاذبية لمياه البحر لأن تغزو الخزان الجوفي مما يجعل المياه غير صالحة للشرب وعندما تكون كمية الاملاح في المياه ضئيلة فإنها لاتشكل خطورة على الانسان ولكن عندما تزداد عن حدود معينه فإنها تزيد من ضغط الدم وتصبح مياه الشرب غير صالحة
ومن الملوثات الشائعة الأخرى في معظم البلدان هي الصهاريج الصحية التي تستخدم في معالجة وتصريف النفايات المنزلية وتشكل مشاكل شائعة في المناطق الريفية حيث ان المياه التي تصرف من الصهاريج ترمى في تلك المواقع وتتسرب تلك الى المياه الجوفية
تعد النفايات البشرية المكون الرئيسي للصهاريج الصحية التي تشمل جميع انواع المواد التي تستخدم في التنظيف المنزلي وتنظيف الملابس وكذلك فإن اي مواد كيماوية تصب في تلك المياه تسبب كثيراً من الامراض المعوية والتهاب الكبد وتعمل المواد الكيماوية ايضاً على خلق كثير من المشاكل الصحية للإنسان.
وتعدالمبيدات والاسمدة الزراعية من الملوثات المهمة الاخرى التي تلوث المياه الجوفية فالمبيدات الحشرية يمكن ان تسبب تأثيرات صحية خطيرة وتدخل مبيدات الآفات الى المياه الجوفية من خلال رشح الامطار والري اللذين يجرفان معهما المبيدات غير المحللة الى الاسفل باتجاه خزانات المياه الجوفية المتنوعة كما وان الري بمياه جوفية ملوثة يجعل النباتات ملوثة وهذه تستخدم من قبل الانسان والحيوان وجميعها تصل في النهاية الى الانسان وتسبب له مشاكل صحية خطيرة ويجري نفس الشيء بالنسبة للأسمدة التي تضاف للتربه حيث تنقلها مياه الامطار والري الى الاسفل وقد تضاف كميات كبيرة من الاسمدة دون الحاجة اليها وتعتبر الاسمدة النتروجينية من أخطر الملوثات للمياه الجوفية اذا وصلت الى فم الانسان وامعائه وخصوصاً الاطفال ،وتلعب الاسمدة العضوية دوراً خطراً على صحة الانسان إذ انها تحتوي على البكتيريا القولونية والفيروسات وغيرها من مسببات الامراض.ومن المكونات التي تهدد المياه الجوفية في معظم المدن، حفر الردم الصحي التي تحفر بدون بطانة وبما ان الحفر غير مغطاة فإن مياه الامطار تدخل مكوناتها وتذيب قسماً من موادها وتتجه بها نحو الاسفل الى المياه الجوفية وتمثل مواقع نفايات المواد الخطرة اكبر المصادر التي تهدد المياه الجوفية.لقد استخدمت الطرق الجيوفيزيائية المختلفة في مناطق عديدة من العالم وذلك لمتابعة ما يجري تحت سطح الارض واصبح موضوع الجيوفيزياء البيئيةمن المواضيع التي يهتم بها الباحثون وهنالك النشرات العديدة بهذا الجانب وحسب الدولة و طبيعة الملوث فقد استخدمت طريقة الكهرومغناطيسية لتحديد مناطق النفاذية في الطبقات الملحية التي تستخدم لخزن النفايات الخطرة (النووية) حيث يتطلب تحديدمثل هذه المواصفات لمثل هذه النفايات، كما ان هذه الطريقة قد اثبتت قدرتها على تحديد السطوح البينية الفاصلة بين المياه المالحة والمياه العذبة ومن ثم امكانية رسمها وكذلك في توفير افضل مكان لوضع آبار المراقبة والإنتاج ومراقبة حركة الحد الفاصل من خلال تكرار القياسات الحقلية على فترات مختلفة ،ويمكن ايضاً تحديد ممرات هجرة الملوثات المتمثلة بالكسور وأنطقة القص ويمكن رسم الموصلات تحت سطح الارض فالتوصيلة للمياه العذبة تختلف عن المياه المالحة وذلك لانها تنخفض بشكل ملحوظ عند زيادة تركيز الصوديوم والكلور والكبريتات.
ان تحديد انتشار المياه الجوفية الملوثة من مواقع رمي النفايات صعب جداً بسبب الكلف العالية للحفر الذي يحدد عدد آبار المراقبة في أي موقع وعليه فإن الطرق الجيوفيزيائية توفر القدرة على رسم خرائط للتوزيع الافقى والعمودي في الاراضي الواقعة بين الآبار المحفورة وخاصة عندما تسبب الملوثات زيادة في الاملاح المذابة في المياه الجوفية ويرافقها زيادة في التوصيلة التي يمكن ان تكتشف وتراقب بالطريقة الكهربائية والكهرومغناطيسيه كما يمكن ايضاً متابعة مصدر مسببات المياه الجوفية المالحة من خلال متابعة المياه المارة في الطبقات الملحية باستخدام الجس الكهربائي.
أما الطرق الجيوفيزيائية الأخرى مثل الزلزالية والجذبية والمغناطيسية فتستخدم كذلك للأغراض البيئية في تحديد سمك الغطاء وتحديد طبوغرافية صخور الاساس وميلها، وفي تحديد المواقع المدفونة التي تدفن فيها المواد المعدنية مع النفايات وكذلك بالامكان تشكيل نماذج لطبيعة الارض المدفونة من خلال المسوحات الجذبية والمغناطيسية وغالباً تجرى المسوحات بما هو متوفر من أجهزة ومعدات وذلك لضمان النتيجة الايجابية في التطبيق وكل حالة تدرس وتحدد الطريقة التي يجب ان تتبع لدراستها.
وقد عملت هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية في السنوات الماضية -من خلال الاجهزة المتوفرة لديها والكادر المتدرب عليها- على إنجاز الدراسات التي تخص تواجد المياه الجوفية وتحديد مواقعها وأعماقها في العديد من المناطق في اليمن ومن ضمنها المناطق الساحلية وكان لنجاح مثل هذه الدراسات الأثر الواضح في عدد الطلبات المستمرة التي تقدم للهيئة للقيام بهذا النوع من المسوحات الحقلية .
وبما ان الهيئة تمتلك الامكانيات العلمية التي تستطيع من خلالها تنفيذ الدراسات التي تخص مشاكل تلوث المياه الجوفية التي تتطلب اجراءالمسوحات الحقلية للمواقع المزمع دراستها ومن ثم تحليل المعلومات الحاصلة التي سوف توفر تصوراً عن مايجري لهذه المياه وتخرج بمؤشرات لهذا النوع من المشاكل ان وجدت، فقد اصبح من الضروري ان تقوم الهيئة بتطوير هذا الاتجاه من البحوث والدراسات التي ستخدم مستقبل الثروة المائية في اليمن ..ولابد من الاشارة هنا الى ان دراسة تلوث المياه العذبة بالمياه المالحة تعتبر من الامور المهمة حيث انها تمثل ظاهرة غير مرئية وغير محسوسة بها إلاَّ بعد فترة من حدوثها وذلك من خلال خلق مشاكل كثيرة للإنسان والمزارعين ويجب تداركها قبل فوات الاوان لانه لايمكن إصلاح خزانات المياة الجوفية بعد تلوثها او تلفها وعلى الجهات ذات العلاقة ان تستبق الأحداث وتقوم بما هو مطلوب وبالتعاون مع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية كونها الجهة التي تمتلك الامكانيات لهذا النوع من الدراسات لقد سبق لدول عديدة في العالم ان تعاملت مع هذه المشكلة من خلال الاستفادة من استخدامات الطرق الجيوفيزيائية كوسائل للكشف عنها ومن ثم وضع الضوابط لمنع حدوثها أو توسعتها اذا لم تحدث.
#خبير جيو فيزيائي في هيئة المساحة
الجيولوجية و الثروات المعدنية
تلوث المياه الجوفية خطر صحي وبيئي يهدد الملايين في اليمن
بينت دراسات علمية عديدة جرت اخيراً، ان تلوث المياه الجوفية يعد أحد أكبر المشكلات البيئية التي تواجه اليمن في الوقت الراهن إلى جانب المشكلات البيئية الاخرى الناتجة عن حالة النمو الاجتماعي والاقتصادي التي شهدتها البلاد خلال الربع الاخير من القرن الماضي واخذت طابعاً عشوائياً بسبب نقص القدرات المؤسسية والتشريعية وغياب الوعي الاجتماعي بقضايا البيئة.
وحسب دراسة اعدها المهندس علي قاسم السباعي بالهيئة العامة للموارد المائية، فإن ضعف خدمات الصرف الصحي، التي لا تزيد على 35 في المائة على مستوى الحضر و20 في المائة في الارياف، يشكل سبباً اساسياً في تلوث المياه الجوفية، خاصة ان اكثر من نصف السكان يعتمدون في معالجة مياه الصرف الصحي على آبار معالجة ترشيحية عميقه، تتسرب محتوياتها بسهولة إلى المخزونات الجوفية وتلوثها، كما اثبتت تجارب مخبرية ان محطات معالجة مياه الصرف الصحي القائمة تعد محدودة الكفاءة ولا تؤمن معالجة المياه على نحو صحي وبيئي متكامل.
تلوث المياه ويسهم وجود عدد كبير من المنشآت الصناعية والمعامل والمستشفيات وسط الاحياء السكنية وبالقرب من احواض المياه حول المدن، بقدر لا يقل خطورة في تلوث المياه الجوفية، حيث تقوم هذه المنشآت وفي ظل غياب رقابة بيئية فاعلة، بالقاء مخلفاتها في مجاري الصرف الصحي أو في الاحواض القريبة ومن دون معالجة أولية. وتبين من خلال دراسات اعدتها كلية العلوم بجامعة صنعاء ان هذه المخلفات تحتوي على مواد ثقيلة وسامة مثل السيانيد والكروم الناتجة عن صناعة الملبوسات والجلود ومواد اخرى كالزيوت والدهون والاصباغ الناتجة عن صناعة الصابون والطلاء والمنظفات التي تجد طريقها إلى المخزونات الجوفية، حيث تبين من خلال تحليل عينات من مياه الآبار القريبة من هذه المنشآت وجود قدر من التلوث البكتريولوجي والنترات والفوسفات والحديد، بنسب تتجاوز الحدود الصحية القصوى المسموح بها.
ويضيف المهندس عباس فارع اسبابا اخرى لتلوث المياه الجوفية الذي اصبح خطراً صحياً وبيئياً جاداً، اذا علمنا ان اليمن يعتمد على المياه الجوفية في تأمين 90 في المائة من احتياجاته من المياه، واهمها المخلفات الزراعية الناتجة عن استخدام المخصبات الكيمياوية والمبيدات الزراعية، خاصة تلك التي تدخل عبر التهريب وتعد محرمة في بلد المنشأ، حيث يصل استخدام اليمن من المبيدات الزراعية والحشرية إلى 700 طن سنوياً، ويشكل الاستخدام العشوائي للمبيدات والكيماويات خطراً مباشراً على المياه الجوفية والتربة الزراعية فضلاً عن انعكاساته الصحية على مستخدميه.
وتساهم المخلفات المنزلية الصلبة في التلوث ايضاً وقد تزايدت معدلاتها خاصة في المدن على نحو يفوق الامكانيات المتوفرة لتصريفها. ويقدر حجم المخلفات المنزلية بأكثر من كيلوغرام يومياً للفرد الواحد في المدن ونحو نصف كيلوغرام للفرد في الريف وتحتوي المخلفات المنزلية على 47 في المائة مواد عضوية، ويصل حجم مخلفات الهدم والبناء إلى 20 في المائة من حجم المخلفات تليها المخلفات البلاستيكية 9 في المائة والزجاج 3 في المائة والمنسوجات 2 في المائة و5 في المائة مواد مختلفة أخرى.
وقدرت دراسة اجراها مجلس حماية البيئة اليمني حجم المخلفات السامة والخطرة بأكثر من 38 ألف طن سنوياً، ومع أن الكمية تعد قليلة مقارنة بالمخلفات في دول اخرى، الا انها تعد خطراً حقيقياً على الحياة الصحية والبيئية، بالنظر لاحتمالات تأثيرها في المياه الجوفية في ظل الاوضاع البيئية الراهنة.
اليمن 75%من اليمنيين يعانون من امراض تتعلق بتلوث البيئة :
اعتبر تقرير برلماني أن التلوث المائي في اليمن المصدر الرئيسي للأمراض والأوبئة المنتشرة بين السكان، مشيراً إلى أن 75% من اليمنيين يعانون من إصابات تتعلق بتلوث المياه أو بالأمراض ذات العلاقة بالمياه - أي ما يقارب 12 مليوناً من السكان - وأن 60% من المواطنين يعيشون في مناطق موبوءة بالملاريا.
وكشف التقرير الذي أعدته لجنة مختصة بالمياه والبيئة في مجلس النواب اليمني عن وجود حوالي ثلاثة ملايين مواطن مصاب بالتهاب الكبد الوبائي، وأن 50% من وفيات الأطفال سببها الأمراض ذات العلاقة بتلوث المياه منها 30% بسبب الاسهالات و30% سببها الملاريا والتيفوئيد ويتوفى (55) ألف طفل سنوياً في اليمن بسبب هذه الأمراض - بمعدل (151) طفل يومياً - وتوقع تقرير اللجنة البرلمانية أن استمرار هذا الوضع البيئي المتردي دون مكافحة فاعلة من الناحيتين العلاجية والوقائية سيسفر عن حدوث كوارث صحية وبيئية، وهذا أمر بالغ الخطورة والسكوت عنه جريمة لا تغتفر - بحسب التقرير-.
93% من اليمنيين يستخدمون وسائل صرف غير آمنة ولاتوجد رقابة على أداء محطات التنقية
تفاجأ أعضاء لجنة المياه والبيئة عند زياراتهم الميدانية أواخر العام 2004 لمديريتي أرحب وبني الحارث م/ صنعاء ووادي ميتم في محافظة إب -بارتفاع نسبة التلوث المائي ما جعلها تؤكد في توصياتها «أن قضية التلوث من القضايا الأكثر حساسية وخطورة» وتقتضي بالضرورة التعامل المسؤول والجاد معها ولا تحتمل المماطلة أو التأجيل ولا تقبل بأنصاف الحلول ناهيك عن مخاطرها المتعاظمة.
وتطرقت اللجنة البرلمانية إلى انتشار مظاهر التلوث الناجمة عن المخلفات الآدمية بشكل واسع بسبب محدودية تغطية الشبكة العامة للصرف الصحي وسوء تصريف مخرجاتها.
وأشارت في هذا المجال إلى تدني الشبكة العامة للصرف الصحي، إذ لا تتجاوز نسبة المنتفعين منها 7% من إجمالي السكان أما النسبة الباقية المقدرة بـ 93% فإنهم يستخدمون وسائل صرف غير آمنة، وتبلغ أعلى نسبة تغطية للشبكة العامة للصرف الصحي في محافظات (عدن وأبين ولحج) جنوب اليمن مجتمعة إلى ما نسبته 19.5% ونسبة تلك المحافظات على التوالي (7.3%، 3.5%، 3.4%). بينما تفتقر محافظة الضالع لهذه الخدمة.
وفي ظل محاذير نواب البرلمان من مخاطر التلوث لا يعترف المسؤولون في الحكومة بأن نسبة التلوث مرتفعة أو بأن معظم المواطنين يشربون مياهاً ملوثة حتى إنهم لم يقوموا بإجراء دراسة حول موضوع التلوث المائي والتأكد من مدى انتشاره وبحسب وكيل وزارة المياه والبيئة لشؤون المياه الدكتور محمد إبراهيم الحمدي «لم يصل إلينا تقارير تقول بأن هناك إصابات مرضية ناتجة عن استخدام المياه الجوفية أو أن المياه أدت إلى مشاكل صحية، وإن وجدت مثل هذه التقارير فقد تكون غير علمية» ويستند الوكيل في حديثه هذا إلى أن معظم سكان اليمن يعيش في الريف على اعتبار أن مياه الريف غير ملوثة لكنه يقر بوجود تلوث في مياه المدن الرئيسية بقوله لـ (الوسط) اليمنبه الصادرة في الحمهوريه اليمنيه «هذا التلوث الموجود في المدن يأتي من تجمع مخلفات الناس والمصانع ويتم معالجتها، لكن عند المعالجة يتسرب جزء منها إلى المياه الجوفية ويلوثها» ونظراً لضعف القدرة الاستيعابية لمحطات معالجة مياه المجاري يتسرب الكثير منها ويختلط بالمياه الجوفية، ما يشكل خطراً على مياه الشرب التي يعتمد عليها الإنسان اليمني.
إلا أن وكيل وزارة المياه محمد الحمدي يرى بأن الخطورة تكمن في مخلفات المشتقات النفطية بقوله "الأخطر من هذا المخلفات الصناعية، فهي تمثل مشكلة حقيقية وأيضاً مخلفات النفط كتغيير زيوت السيارات وغسلها...، لأن هذا يصل إلى المياه الجوفية دون أن «يتفلتر» «لا يتحلل» وتصبح المياه ملوثة إلى الأبد.
وتناقض دراسة للبنك الدولي - أجراها في اليمن العام الماضي - تطمينات وكيل الوزارة حول استخدام سكان الريف اليمني لمياه مأمونة، فقد أشارت الدراسة إلى أن الجهات المسؤولة عن المياه في الريف لم تكن فعالة في الوصول إلى المجتمعات الريفية، منتقدة إياها بسبب تركيز مشاريعها على العاصمة فقط.
وأكدت الدراسة أن مشاكل المياه تزداد في الريف اليمني الذي يعيش فيه ما نسبته 81% من السكان بينهم شريحة واسعة من الفقراء حيث أن (49%) من المنازل في القرى لديها مصادر مأمونة للمياه مقابل 82% في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وبحسب إحصائية أجراها المشروع العربي لصحة الأسرة فإن عدد الأسرة اليمنية - في الحضر والريف -التي تستخدم شبكة صرف صحي ما نسبته 12.1% فقط من إجمالي عدد الأسر، وأن نسبة الأسر التي تستخدم شبكة مياه صالحة للشرب 29.3% فقط.
محطات المعالجة سبب تلوث المياه في اليمن
إن مناطق عديدة في اليمن تعاني من تلوث المياه وبحسب تقرير البرلمان اليمني الذي حذر من مخاطر تلوث المياه قال: «إن 73% من الآبار الجوفية الملوثة تنذر بتلوث حوض صنعاء المائي» وطالبت اللجنة البرلمانية بإلزام الحكومة باعتماد خطة تنفيذية إسعافية عاجلة، كفيلة بالسيطرة على التلوث القائم، ومعالجة آثاره وفقاً لأحكام ومضامين قانون حماية البيئة ولائحته التنفيذية، إضافة إلى إلزام وزارة المياه والبيئة بإجراء تحقيق شامل لتحديد المسؤولية عن حدوث التلوث البيئي.
وشكك التقرير بمصداقية تقرير حكومي قدمته وزارة المياه والبيئة ومؤسسة الصرف الصحي بشأن التلوث في مياه منطقتي أرحب وبني الحارث بمحافظة صنعاء وكذا وادي ميتم في محافظة إب، إذ كشفت لجنة المياه والبيئة التابعة لمجلس النواب عن وجود تلوث حاد في تلك المناطق ووصفته بأنه خارج نطاق السيطرة، وقال تقريرها «بدا التلوث يناقض تماماً الصورة التي حاول رسمها ممثلو الجانب الحكومي وأن التلوث ناجم عن التصريف غير الآمن بيئياً لمياه الصرف الصحي من محطة المعالجة في مدينة الروضة - شمال صنعاء - وعلى امتداد قناة التصريف الترابية المكشوفة، المارة عبر منطقة بني الحارث وصولاً إلى سد الشام في منطقة أرحب على مسافة تقدر بـ 18كم، مخلفة وراءها العديد من المستنقعات والبحيرات الطافحة بالمياه العادمة وأوضحت اللجنة البرلمانية أن محطة معالجة مياه الصرف الصحي القائمة هي مصدر التلوث، بسبب العيوب الفنية في مواصفات المحطة مشيرة إلى وجود تلوث كيميائي وبيولوجي في السدين القائمين «سد المسيرفة - باب الروضة، وسد الشام» إضافة إلى تلوث آبار المياه السطحية في منطقة بني الحارث، حيث ارتفع منسوب المياه من (35 إلى 36 متراً إلى حوالي 200 إلى 300 متر بسبب تغذيتها بمياه الصرف الصحي.
وأظهر التقرير أن عدد الآبار الملوثة تصل إلى 11 بئراً حيث ثبت ذلك من خلال النتائج التحليلية للعينات المأخوذة منها ولاحظت اللجنة البرلمانية انعكاس التلوث سلبياً على صحة وحياة الساكنين والمزارعين وعدم كفاءة الحلول والمعالجات التي تبنتها الحكومة لتحسين أداء محطة المعالجة.
تقرير اللجنة البرلمانية شدد على ضرورة إجراء إصلاحات أساسية للإدارة المائية والبيئة وإعداد خارطة مائية وإنشاء محطات تحلية مياه البحر في المحافظات الساحلية وتغطية كل عواصم المحافظات بمحطات معالجة ذات تغطية مناسبة وإيلاء مشاكل الصرف الصحي كل الاهتمام باعتباره المصدر الرئيسي للتلوث.
بالإضافة إلى أن توصيات تقرير اللجنة البرلمانية حددت مجموعة إجراءات لمعالجة إشكالية التلوث خلال النصف الأول من العام 2005 وبحسب عضو في لجنة المياه والبيئة لم تلتزم الحكومة بتنفيذها ومن تلك التوصيات: العمل سريعاً لردم المستنقعات والبحيرات الراكدة القائمة في مناطق التلوث، وتنظيم برنامج دوري ودائم لمكافحة الحشرات والبعوض والروائح الكريهة، منع استخدام مياه الآبار الجوفية التي ثبت تلوثها لأغراض الشرب، إنشاء شبكة مستقلة لمجاري السيول مفصولة عن الشبكة العامة للصرف الصحي لضمان تصريفها الآمن خارج المحطة، تفعيل قانون حماية البيئة ولائحته التنفيذية واتخاذ الإجراءات القانونية لمنع تصريف المخلفات الخطرة في شبكة الصرف الصحي بما في ذلك مخلفات الزيوت والمستشفيات والمصانع ومعامل التصوير والمطابع ومخلفات المسابح والمدابغ، إيصال مياه شرب نقية من مصادر آمنة بيئياً عبر شبكة عامة لمياه الشرب تعويضاً للسكان المتضررين بالتلوث.
ويبدو أن وزارة المياه والبيئة غير قادرة على حل هذه الإشكالية فهي تعرف تماماً أن سبب تلوث المياه في معظم المناطق يعود إلى ضعف في محطات المعالجة التي اصبحت معظمها غير قادرة على استيعاب مياه المجاري، إذ تتجاوز المياه الداخلة إليها السعة المحددة لكل محطة وبالتالي فالخارج منها يكون أقل نوعية - أي تحت المستوى المطلوب وهذا ما يؤكده وكيل وزارة المياه محمد الحمدي بقوله «محطات المعالجة لا تستطيع استيعاب هذه الكمية الكبيرة من المجاري والآن عندنا خطة لتحسين كفاءة هذه المحطات» مشيراً إلى أنه في حالة توسعة استيعاب محطة المعالجة سيوفر لليمن مياهاً صالحة للزراعة بمقدار 180 سداً لأن الخارج من المحطة الواحدة الموجودة في صنعاء 37 ألف متر مكعب في اليوم الواحد ومتوسط سعة السدود في اليمن 60 ألف متر.
إلا أن وكيل الوزارة ذكر عدم قدرة الوزارة القيام بذلك لشحة الإمكانيات المادية «عندنا استراتيجية واضحة المعالم ولدينا فجوة تمويلية تحد من تنفيذها قدرها (500) مليون دولار خلال الخمس السنوات القادمة من غير القروض المالية ومن غير الميزانية المحددة من الحكومة».
كما أن الحكومة اليمنية لا تعرف حجم التلوث الموجود حالياً ومدى خطورته نظراً لعدم قيامها بدراسات تحدد ذلك وبحسب وكيل الوزارة «حتى أستطيع القول أن اليمن فيها تلوث أم لا يجب أن أعمل دراسات تغطي اليمن بالكامل وهذا غير موجود وليس متوفر، ولا توجد دراسات ينبني عليها ما هي أنواع التلوث في كل الأحواض الجوفية فهذا الكلام لم يتم إلى الآن لأنه عمل كبير ومكلف جداً».
ويبقى المواطن اليمني عاجزاً عن الحصول على شربة ماء مأمونة، حتى المياه التي تتم تنقيتها في مصانع المياه أو محطات التنقية الصغيرة معرضة للخطر ولا تخضع للرقابة فيما إذا كان يتم إخضاعها لمعايير التنقية الصحية والسليمة أم لا ؟ إذ لا توجد جهة ناظمة في اليمن تراقب مقدمي تلك الخدمة.
التلوث البحري:
تجبر السفن وناقلات النفط التي تصل إلى المرافئ اليمنية معظم الكائنات البحرية على الهجرة نحو مناطق مائية خالية من التلوث الناتج عن تفريغ مخلفات تلك السفن وناقلات النفط في الموانئ اليمنية.
وتعد تسريبات ناقلات البترول بحوادثها المتكررة وبممارساتها الخاطئة كإلقاء النفايات والمخلفات البترولية في الماء من الملوثات الخطيرة للمياه والبيئة عموماً وتعرف دراسة علمية التلوث المائي بأنه إحداث خلل وتلف في نوعية المياه ونظامها الأيكولوجي بحيث تصبح المياه غير صالحة لاستخداماتها الأساسية وغير قادرة على احتواء الجسيمات والكائنات الدقيقة والفضلات المختلفة في نظامها الأيكولوجي.
وتشكل ناقلات النفط القاصدة موانئ تصدير النفط اليمنية خطراً على تلوث المياه، إذ تقوم بضخ مياه البحر في صهاريجها لكي تقوم هذه المياه بعملية توازن للناقلة حتى تصل إلى مصدر شحن النفط فتقوم بتفريغ المياه الملوثة في البحر مما يؤدي إلى تلوثها بمواد هيدروكربونية أو كيميائية أو حتى مشعة وبحسب الدراسة العلمية يكون لهذا النوع من التلوث آثار بيئية ضارة وقاتلة لمكونات النظام الأيكولوجي وتقضي على الكائنات النباتية والحيوانية.
وتوضح الدراسات أن الخليج العربي من أكثر بحار العالم تلوثاً بالنفط وأن الكائنات الحية في منطقة الجزيرة العربية وبالذات اليمن مهددة بالانقراض فهناك ما يقارب أربعة أنواع من الثديات و 21 نوعاً من الطيور و 40 نوعاً من الزواحف وثلاثة أنواع من الأسماك مهددة بالانقراض تماماً ويبلغ معدل إجمالي النفط المتسرب إلى مياه الخليج العربي ما يقارب 140 ألف برميل سنوياً.
تعرض الناقلة الفرنسية «ليمبرج» لهجوم إرهابي بالقرب من ساحل حضرموت في أكتوبر من العام 2002 تسبب في تسرب 350 ألفاً من حمولتها النفطية إلى البحر تركت آثاراً بالغة على الأحياء البحرية وخاصة الأسماك والسلاحف والطيور والشعاب المرجانية.
وكان التقرير العالمي الثالث لبرنامج البيئة التابع للأمم المتحدة قد ذكر في وقت سابق أن كوكب الأرض يقف على مفترق طرق، فربع الثديات في العالم و 12% من الطيور تواجه بالفعل خطر الفناء، وبحار العالم معرضة بالفعل لتهديد حقيقي بسبب التلوث، وثلث المخزون العالمي من الأسماك يصنف الآن باعتباره ناضباً أو معرضاً للخطر.
ورغم ارتفاع مخاطر تلوث مياه البحار الناتجة عن التسريبات النفطية إلا أن السلطات اليمنية لا تستخدم أياً من الطرق الوقائية لمكافحة التلوث المائي بالنفط المستخدمة
في العديد من الدول المطلة على البحار.
تلوث البحر باد في شاطئي جولدمور و صيرة بعدن
كان يوم أمس الأول الخميس في الاشهر الما ضيه في مدنيه عدن العاطمه الاقتصاديه والتحاريه للجمهوريه اليمنيه يوم الذروة للروائح الكريهة الآتية من البحر حيث اشتكى المواطنون في منطقه خورمكسر وعلى طول ساحل أبين والتواهي منها، وفي المساء وصلت الروائح إلى منطقة شِعب العيدروس والطويلة في كريتر,أما ساحل أبين وسواحل جولدمور والغدير وصيرة فقد صبغت بلون أخضر قاتم تصدر منه الروائح الكريهة، بالإضافة إلى وجود شوائب في الشواطئ أثارت تساؤلات بعض المواطنين كما أثارت مخاوف البعض الآخر وعزوفهم عن ارتياد الشواطئ التي هي المتنفس الوحيد للمواطنين.
وفيما تؤكد مصادر حكومية أن الظاهرة طبيعية وتحدث كل ثلاث إلى خمس سنوات إلا أن العديد من نشطاء البيئة عبّروا عن مخاوف أن تكون نفايات كيماوية رميت في عرض البحر تسببت بهذه الظاهرة خصوصاً في ظل غياب أي فحوصات مخبرية لهذه الظاهرة، كما أكد الصيادون أن الظاهرة تختلف عما شاهدوه في الماضي حيث لوحظ عدم وجود أحراش أو نباتات بحرية على السواحل.
وكانت الأمم المتحدة قد حذرت في تقرير لها في 23 فبراير 2005م من مخلفات نووية و أخرى خطرة رميت في سواحل الصومال قد تبعثرت على طول الساحل بسبب التسونامي الذي حدث في نهاية 2004م. وبالإضافة إلى مخلفات اليورانيوم المشع كان هنالك معادن ثقيلة مثل الكادميوم والزئبق ومخلفات صناعية وكيماوية وأضاف التقرير أن التسونامي ساهم في فتح البراميل المغلقة وتسربها إلى البحر.
وعلى السياق نفسه علمت صحيفه«الأيام» الصادرة في عدن أن سواحل الصومال المقابلة لليمن في خليج عدن تشهد الظاهرة نفسها لكنها أكبر بكثير هناك.
إلى ذلك شهدت عدن عزوفاً كاملاً في عطلة نهاية الأسبوع عن الذهاب إلى السواحل. «الأيام» زارت عددا من الشواطئ لمعرفة أسباب تلك الروائح.. وهناك التقت عدداً من الصيادين والمواطنين فكان لنا معهم هذه اللقاءات:
< الصياد أحمد علي يقول:«منذ شهر بدأنا نلاحظ تغير لون البحر وذلك في عرض البحر أثناء قيامنا بالاصطياد بينما لم يكن هناك أي أثر للون الأخضر على الشاطئ إلا أننا تعودنا أن نرى مثل هذا الإخضرار على البحر خلال السنوات السابقة، بحيث يكون لون البحر يميل للاخضرار وهذا عادة ما يبدأ بشهر يونيو ويوليو ويكون الماء بارداً جداً ونسميها نحن الصيادين (بالبردة) لكن هذه المرة نلاحظ أن لون البحر أصبح يميل الى الأخضر القاتم و ليست هناك برودة بالماء كما أننا بشهر فبراير ومارس وهو ليس موسمه وكما يصاحبه رائحة كريهة ولاحظنا أن مرتادي الشواطئ قد قل عددهم ومن يأتي ويرى لون البحر يعود أدراجه ويتخوف من لون البحر ويعتقد البعض أن هناك نفاياث أو هناك سموم في البحر لكن نحن نسبح بالبحر ولا يوجد أي تخوف منه».
< الصياد ناصر سعيد عاطف (48عاماً) يقول:«نحن نقوم بعملنا بشكل يومي ونصطاد ونبيع ما نصطاده كما أننا نقوم بالوضوء من البحر لأداء الصلاة، فأعتقد أن المياه ليست مضرة علماً أننا نعلم بموسم هذه الظاهرة لكن ما نراه الآن يختلف عن التي كنا نراها سابقاً ومنذ أسبوع أصبحنا نرى مياه البحر قد أصبحت باللون الأخضر القاتم، أما في الليل فتصبح وكأنها سراج باللون الأخضر ونحن نسمي ذلك (زهيقة) بمعنى أن البحر يعطي لمعة».
< الصياد سعيد أحمد سعيد قال لنا: «قبل عشرين يوماً اتجهنا لنصطاد قبالة الشواطئ الصومالية وأثناء ذهبنا لاحظنا أن عمق البحر في مياهنا الإقليمية يكسوه اللون الأخضر القاتم، وبعد وصولنا إلى قبالة الشواطئ الصومالية لاحظنا أن لون البحر يميل للبياض وبعد عودتنا لاحظنا أن الشواطئ أصبحت باللون الأخضر القاتم».
< المواطن أحمد يحيى يقول:«أحد إخوتي قام بتعبئة دبة خمسة لتر من مياه البحر وتم وضع الدبة في مكان مظلم وفي الليل لاحظنا ضوء مثل السراج وبعدها اكتشفنا أن الدبة التي تم تعبئتها بماء البحر هي مصدر الضوء».
< أما المواطن أحمد حسين فقد جاء إلينا وهو قلق وقال:«لقد سبح أولادي في البحر وأنا قلق عليهم فلم أعلم أنهم سيسبحون، وأثناء غيابي عنهم لشراء بعض الأشياء وجدتهم يسبحون فصدمت وأنا قلق على أولادي وسأذهب بهم إلى المستشفى، فنتمنى من المسؤولين أن يُعلمونا هل هذه ظاهرة طبيعية أم إنها غير طبيعية وأنّ هناك نفايات».
< وأثناء تنقلنا في شاطئ صيرة لاحظنا اللون الأخضر هو الغالب هناك حيث التقينا بعائلة محسن عبد القادر، التي قالت لنا:«جئنا للشاطئ لنمضي وقتاً ممتعاً لكن الرائحة الكريهة جعلتنا ننفر من الشاطئ، وكما تعلمون إننا في عدن ليس لنا سوى شواطئ البحر من أجل أن يقضي الأطفال إجازتهم».
أما المواطن علي قاسم، الذي يسكن بالقرب من منطقة صيرة فيقول:«إن الرائحة الكريهة وصلت لمنازلنا ولا نستطيع أن نمكث فيها فحاولنا إغلاق النوافذ إلا أن الرائحة أصبحت قاتلة وكأننا نشعر بأن في المنزل شيء متعفن فالجميع يقول إن هذه ظاهرة طبيعية فأنا من سكان هذه المنطقة منذ (25)عاماً لكن لم نشم مثل هذه الرائحة من قبل».
< وبعدها التقينا د. غازي محمد محفوظ مدير عام مديرية خورمكسر والقائم بأعمال مدير عام مديرية صيرة، الذي قال لنا:«إن عددا من خبراء البيئة زاروا شواطئ البحر في المحافظة وأكدوا أن هذه الظاهرة ليست مخيفة ولكنها طبيعية وتحدث كل عام أو عامين، وذلك نتيجة للعوامل الطبيعية كما أنها ليست لها أي علاقة بالأعاصير
أو الهزات في أعماق البحر ونتمنى أن لا يكون هناك أي مخاوف كون هذه الظاهرة من الظواهر الطبيعية».
!!باحثة في شعبة الهوام النباتي - قسم علوم البحار - مركز أبحاث علوم البحار والموارد البحريةفي اليمن في 27/3/2006م قالت ايرينا السقاف حول معلومات
حول ظاهرة تلون مياه البحر في خليج عدن لصحيفه الايام اليمنيه الصادرة في عدن
ظاهرة تلون مياه البحر بالاخضرار المسبب لها التواجد المكثف لليخضور هي ظاهرة معروفة منذ القدم، وفي كثير من المناطق أصبحت هذه الظاهرة معتادة، فهي من الممكن أن تبرز في فترات مختلفة من السنة ويعتمد بروزها على وضعية العوامل ( الهايدروكيماوية، الهايدرولوجية) والنظام الحراري لمياه البحر، وعلى قدرات أنواع اليخضور الجينية.
تأخذ ظاهرة تلون مياه البحر ألوانا مختلفة ابتداء من جميع أطياف اللون الأحمر، واللون الأسمر (البني)، الأصفر، الأخضر، وحتى اللونين الأزرق والفضي ويمكن ان يكون لون المياه خليطاً من هذه الألوان المذكورة.
مياه البحر الملونة تكون في عدة اشكال، فمنها ما يكون في شكل بقع ملونة دائرية الشكل في مواقع محددة، وتكون أيضا على شكل خطوط مستطيلة تتراوح أطوالها من عدة أمتار وحتى عدة أميال، وفترة استمرار هذه الظاهرة تمتد من عدة ايام من (2-15) يوماً وحتى من (2 -3 اشهر) )1999 .(Konovalova
عند حدوث ظاهر تلون مياه البحر فإن هذه المياه يمكن أن تكون سامة او قابلة لتطور وتراكم المواد السامة فيها، أو غير سامة.
ظاهرة تلون مياه البحر في خليج عدن، بدأت ملاحظتها ابتداء من عام 2001م، وظهرت أيضا في الأعوام 2001، 2002، 2003م في سواحل حضرموت وحتى منطقة بئر علي، وفي الأعوام 2004 - 2006م برزت هذه الظاهرة في سواحل أبين وحوالي عدن.
في هذا العام 2006م لاحظنا بروز هذه الظاهرة، ظاهرة تلون مياه البحر بالاخضرار والتي عمت مساحات كبيرة في السواحل الغربية لخليج عدن، بداية ملاحظة هذه الظاهرة كانت في نهاية شهر فبراير واستمرت حتى منتصف شهر مارس. المياه المخضرة من البلانكتون النباتي كانت في بقع دائرية الشكل في مواقع محددة تتراوح اطوال أقطارها من 300 - 500 متر ومصبوغة باللون الاخضر وتنبعث منها روائح كريهة، وفي المساء تمت ملاحظة انبعاث إشعاعات مضيئة فسفورية في مواقع البقع المخضرة.
من هذه المواقع أخذنا عينات في الأيام 1، 7، 8 من شهر مارس ويقدر عدد العينات بأربع عشرة عينة، وفي الوقت نفسه تم قياس بعض المؤشرات الهيدرولوجية مثل سرعة الرياح، درجة حرارة الماء، درجة ملوحة البحر، وكمية الاكسجين، ودرجة تأيّن الماء (PH)، وتم تحليل العينات بواسطة طريقة التحليل المشهورة وهي طريقة العالم الروسي (1977 SECHIKINA).
الكتلة الحية لليخضور (البلانكتون النباتي) الموجود في المياه المخضرة كانت تتراوح من (3-4) جرام في اللتر الواحد من ماء البحر. وفي جميع العينات المأخوذة تم تحديد نوع واحد من الطحالب البحرية سائد بشكل كبير في جميع العينات ويسمى ناكتيليوكا (Noctiluca SP)، وهذا النوع ومن خلال البحث في عدة مراجع والبحث عبر الانترنت لم نجد أي صفة بيولوجية تتطابق مع ما تم معرفته من خلال العينات، أي صفاته غير معروفة للعلماء، لذلك فإنه يمكن ان يكون نوعا جديدا لم يتم تسجيله في المصنف العالمي للفيتو بلانكتون حتى الآن، بغض النظر عن أن كمية الخلايا لهذا النوع في العينات لم تكن كبيرة فهي (6000 - 8000) خلية في اللتر الواحد من ماء البحر، ولكنه وبسبب ارتفاع قيمة الوزن النوعي العالي لهذا النوع فإن كتلته الحية مقارنة بالأنواع الأخرى المرفقة له كانت عالية النسبة تقدر بـ (90%) من الكتلة الحية الاجمالية للطحالب في العينة.
في العينات المأخوذة من سواحل منطقة صيرة فإن تعداد الخلايا في اللتر الواحد من الماء كان عاليا وبلغ أكثر من عشرة آلاف خلية من هذا النوع من الطحالب البحرية في اللتر الواحد من ماء البحر.
الطحلب(Noctiluca SP) ينتمي إلى عائلة الطحالب البحرية المسماة باللاتينية (Dunoflagellates) ويمتلك هذا النوع من الطحالب الشكل الكروي ويبلغ طول قطر خليته من 500- 600 ميكرون، وعلى سطحه الكروي تجعيد أو أخدود غير كبير، ولديه سوط واحد متحرك، وفي الخلية تتواجد أشكال صغيرة بيضاوية الشكل خضراء اللون وهي المتسببة في اكساب مياه البحر اللون الاخضر، هذه الاشكال الصغيرة البيضاوية الشكل تقع على الغشاء الخارجي الشفاف للخلية وتنتشر على سطح الخلية بشكل منتظم ومتساو. تمتلك خلية هذا النوع من الطحالب البحرية نواة كبيرة شبكية التكوين، وهذا النوع لديه المقدرة على اصدار إشعاعات ضوئية ليلا.
الوزن النوعي للعصير الخلوي للخلية أقل بقليل من الوزن النوعي لماء البحر (1928 (LUDWING وهذه الخاصية إلى حد ما توضح لنا سلوك هذا النوع من الطحالب في ماء البحر، حيث يسبح وهو في حالة سكون ولديه القدرة على السباحة والحركة في مختلف المواقع على السطح وفي مختلف الاعماق، حيث يتحرك ايضا في الاتجاه العمودي من خلال مقدرته على تغيير الوزن النوعي لديه، ولديه القدرة ايضا على تجميع وتراكم غاز الامونيا ) 1998 (Elbrachter. M. and y. zqi فعالية اخضرار مياه البحر بشكل مكثف تحصل نتيجة للتفاعل والتأثير الايجابي ما بين الصفات البايولوجية لهذا النوع من الطحالب البحرية (وهي مقدرته على تنظيم وضعه وحركته العمودية في وسط ماء البحر) وبين الآليات الطبيعية لمياه البحر مثل (التيارات، الرياح التي تحفز وتتسبب في حركة مياه الأعماق نحو السطح) وفي المياه السطحية للبحر فإن تجمعات هذا النوع من الطحالب(Noctiluca) تتحرك من موقع إلى آخر تحت تأثير قوة الرياح، أما سلوك حياة هذا النوع فلم يدرس بشكل كاف، لذلك فإن المعلومات عن حياته محدودة.
طحلب الناكتيليوكا معروف للعلماء منذ القدم كمخلوق بحري يتسبب في تلون مياه البحر بالاخضرار، وهذه الظاهرة تمت مشاهدتها وتحديدها في عصور مختلفة وفي مناطق عديدة على الكرة الارضية، وعادة يكون السبب لظهورها هو وجود نوعين من أنواع الناكتيليوكا وهما :
(Noctiluca, Scintllans, NoctiLuca miliaris) هذان النوعان يلونان مياه البحر في حالة تجمعاتهما المكثفة باللون الأحمر البرتقالي، وفي المناطق الاستوائية للمحيط الهندي والهادي فإن ظاهرة تلون مياه البحر بالاخضرار يكون سببها التجمعات المكثفة لنوع آخر من الناكتيليوكا جزء(Noctilnce) وهو ما تم تحديده في تجمعات الطحالب الخضراء على سطح مياه البحر في خليج عدن، وهو يعد من المناطق الاستوائية في المحيط الهندي. ووفقا للمراجع فإن هذه الأنواع من جنس الناكتيليو B لا تفرز المواد السامة، ولكن من المؤكد أنه تظهر مضاعفات سلبية لظاهرة تلون مياه البحر بهذه الطحالب وخاصة برزو مناطق عند قاع البحر عديمة الاكسجين بسبب ما تولده هذه الطحالب من تعتيم على قاع البحر وبالتالي توقف عمليات التمثيل الضوئي التي تنتج الاكسجين.
من المعروف أن البلانكتون النباتي (الطحالب البحرية) بعد عمليات تكاثرها الانقسامي للخلايا، تترسب على سطح قاع البحر، أما ظاهرة تلون مياه البحر فإنها تنتج بسبب توفر ظروف بيئية مناسبة مثل توفر القاعدة الغذائية الضرورية لهذه الطحالب البحرية مثل الاملاح المعدنية والعناصر الغذائية الضرورية للبلانكتون، التي تتوفر نتيجة لمياه سيول الأمطار المتدفقة إلى البحر أو نتيجة للرياح الموسمية الشديدة التي تسبب الاعصارات المائية والتي تصعّد بدورها هذه المواد الغذائية من قاع البحر نحو السطح. ونتيجة لهذه القاعدة الغذائية الوفيرة فإنها تكون منطلقا لنمو هذه الطحالب وتكاثرها بشكل مكثف الى حد أنها تتنافس على الغذاء والاكسجين اللذين يصيران شحيحين لكثافة تعداد هذه الطحالب، وعلى اثر هذه الحالة فإنها تبدأ في النفوق وبكميات كبيرة وتنشط البكتيريا في تحللها ولذلك تصدر الروائح الكريهة، ثم مع استمرار عملية نفوق هذه الطحالب بسبب عدم توفر الغذاء فإنها تترسب على سطح قاع البحر، وبتراكم هذه الطحالب المجهرية على القاع فإنها تتحلل وعند عملية التحلل تستهلك كمية كبيرة من الاكسجين المذاب في الماء، ونتيجة لذلك تبرز أزمة شحة أو عدم توفر الاكسجين في هذه البقاع من البحر، وإضافة الى ما ذكرناه سالفا من أن عملية انتاج الاكسجين خلال عمليات التمثيل الضوئي قد توقفت نتيجة لعدم وصول اشعة الشمس الى القاع بسبب كثافة تجمعات الطحالب البحرية على السطح، الى جانب عدم حصول التفاعل بين مياه البحر السطحية مع الاجواء العليا فوق سطح البحر والتي تعتبر مصدرا من مصادر وجود الاكسجين في ماء البحر.
في مثل هذه الظروف تحدث عملية نفوق واسعة للاحياء البحرية التي تعيش عند قاع البحر وكذلك الاسماك القاعدية، وينتشر هذا النفوق في مساحات واسعة بقدر يساوي المساحة المنتشرة فيها الطحالب البحرية عند السطح، ولكنه في الحالة التي نحن بصددها، وهي ظاهرة اخضرار مياه البحر في سواحل خليج عدن الغربية، لم تشاهد أية اسماك نافقة.
انطلاقا مما اوضحناه سالفا حول تلون مياه البحر فإننا نرفع مقترحات إلى الجهات المعنية للعمل على تنفيذها وهي ضرورية لمعرفة هذه الظاهرة وتقديم التفسيرات مستقبلا لأية ظاهرة جديدة تبرز ومدى خطورتها على الحياة البحرية وعلى حياة الانسان وهذه المقترحات كالتالي:
اولا: من الضرورة بمكان استمرار دراسة هذه الانواع من الطحالب وخاصة في مجال معرفة صفاتها البيولوجية وتصنيفاتها.
ثانيا: الملاحظة المستمرة وعلى مدار السنة لتجميع العينات والمؤشرات الهايدرولوجية والهايدروكيمائية والنظام الحراري لمياه البحر وكذلك التكوين الكمي والكيفي للهوام النباتي والحيواني.
ثالثا: من أجل تنفيذ هذه الأهداف فإنه من الأهمية بمكان توفير مختبرات حديثة مزودة بالمعدات والأجهزة الحديثة الضرورية والهامة في تحديد المؤشرات المذكورة أعلاه، وكذلك في تحديد الكلوروفيل ومقدار تسمم مياه البحر وغيرها من المؤشرات الضرورية لتحليل مثل هذه الظواهر.
هذه المعلومات هي مخلص لما احتواه بحث علمي تم إعداده من قبلنا وكان نتيجة لدراسة ظاهرة اخضرار البحر في السواحل الغربية لخليج عدن في الاشهر الماضية. كما اود ان اقدم شكري وتقديري الكبيرين للباحثين سعد سالمين البحسني، وزوجي هاشم محمد السقاف على المساعدة والتشجيع والدعم الذي قدماه لي في هذه الدراسة وإعداد البحث.
الخميس مايو 09, 2013 10:32 pm من طرف قداري محمد
» استخدام طريقة العروض العملية في تدريس العلوم
الخميس أبريل 18, 2013 10:26 am من طرف قداري محمد
» Ten ways to improve Education
الخميس فبراير 21, 2013 8:44 am من طرف بشير.الحكيمي
» مقتطفات من تصميم وحدة الإحصاء في الرياضيات
الثلاثاء يناير 29, 2013 8:30 am من طرف بشير.الحكيمي
» تدريس مقرر تقنية المعلومات والاتصالات
الأربعاء يناير 02, 2013 7:49 am من طرف انور..الوحش
» تدريس مقرر تقنية المعلومات والاتصالات
الأربعاء ديسمبر 19, 2012 10:00 am من طرف محمدعبده العواضي
» الواجبات خلال الترم 5
السبت أكتوبر 06, 2012 11:12 pm من طرف بشرى الأغبري
» الواجبات خلال الترم4
السبت أكتوبر 06, 2012 11:11 pm من طرف بشرى الأغبري
» الواجبات خلال الترم3
السبت أكتوبر 06, 2012 11:10 pm من طرف بشرى الأغبري