بسم الله الرحمن الرحيم
الجمهورية اليمنية
كلية التربية/تعز
الدراسات الإنجليزية /م3
نظامي
شيماء عبدالجبار عبدالواسع عبدالله
*المبيدات الحشرات وعلاقتها بتلوث البيئة فى اليمن*
الملخص :
تعتبر المبيدات الكيميائية الحشرية أحد ملوثات البيئة فهى تستخدم فى مكافحة الحشرات الزراعية بما فيها من أشجار القات، وكذلك حشرات المنازل الناقلة لأمراض الإنسان والحيوان. وبالرغم من فعالية هذه المبيدات الكيميائية وميزاتها الاقتصادية فقد ظهر ضررها على صحة الإنسان والحيوان، وظهر العديد من الأجناس المقاومة لها، بالإضافة إلى إبادة الحشرات النافعة، وعلى الأخص النحل .
وتكمن أهمية موضوع الدراسة على النطاق الوطنى نظراً لعشوائية استخدام العديد من المبيدات الحشرية دون أى رقابة، ودون أى دراسات بحثية جادة، وهذا ما تنبهت له بلادنا، وبعض دول العالم مؤخراً، واكتشف أن لهذه المبيدات أثراً ضاراً على المدى البعيد، وفى بلادنا تزداد الحاجة إلى استيراد مبيدات الحشرات بكميات كبيرة، وبنسبة تصل 70-80% من مجموع ما تستورده من المبيدات الأخرى .
وتشير الإحصائيات إلى أن هناك نحو 200 طن من المبيدات تم تداولها فى اليمن سنوياً، ومعظمها مواد ممنوعة ومحرمة دولياً، كما أن هناك أيضاً 700 طن من المبيدات يتم استيرادها سنوياً بصورة غير شرعية (عن طريق التهريب)، ومعظم أنواع هذه المبيدات حشرية شديدة السمية، ولها أضرار كبرى على البيئة.
وبالرغم من التوجه العالمى للمحافظة على البيئة من التلوث والإقلال من استخدام المبيدات الكيميائية الحشرية وغيرها إلا أن استخدامها فى اليمن ما زال ضرورياً فى مكافحة الحشرات الزراعية والمنزلية وحشرات أشجار القات التى تميزت فى السنوات الأخيرة باستخدامها المكثف للمبيدات على أشجار القات، وقد أكدت الدراسات التى أجريت داخل اليمن وخارجه أن أوراق القات تحتوى على الأثر المتبقى من المبيدات أعلى من المسموح به على الخضار والفواكه، وهذه بدورها تشكل خطراً كبيراً على المواطن اليمنى وعلى بيئته .
وتشير العديد من الدراسات المحلية والإقليمية والدولية إلى أخطار المبيدات الحشرية وإلى ضرورة ترشيد استخدامها لما تسببه فى حالات التسمم الحاد والمزمن للإنسان والحيوان والتى أدت، ولا تزال تؤدى إلى تشوهات وسرطانات ووفيات حدثت وتحدث من جراء الاستخدام العشوائى للمبيدات .
المقدمـة :
لقد شهدت السنوات الأخيرة من هذا القرن تزايداً ملحوظاً لإنتاج المبيدات الكيميائية فى العالم، وأصبحت المبيدات بصورة عامة والحشرية منها بصورة خاصة إحدى المدخلات التكنولوجية لزيادة الإنتاج الزراعى ومكافحة الأمراض المميتة للإنسان والحيوان . والمبيدات عبارة عن المادة الكيميائية التى تقتل أو تمنع أو تحدد من تكاثر وانتشار الكائنات الحية التى تنافس الإنسان فى غذائه وممتلكاته وصحته. والمبيدات شأنها شأن المدخلات الزراعية الأخرى مثل التسميد والميكنة الزراعية وغيرها، ومن المعروف أنه فى السنوات الأخيرة صار حوالى 56% من سكان العالم يعانون من نقص الغذاء وتزداد هذه النسبة إلى حوالى 79% فى دول العالم الثالث، ومع زيادة سكان العالم فى عام 2000م إلى 6-7 مليار نسمه تطلب الأمر الذى زيادة الإنتاج الزراعى، وتعتبر المبيدات الكيميائية إحدى الوسائل الحديثة التى تعمل على زيادة الإنتاج فبالإضافة إلى دورها الكبير فى الحد أو القضاء على عدد كبير من الآفات الضارة بالنباتات، فهى أيضاً قادرة على القضاء على الحشرات الناقلة للأمراض .
وتشير الإحصائيات الطبية إلى الأهمية المبيدات الحشرية فى تقليل نسبة الإصابة التى تنتقل بواسطة الحشرات ففى عام 1959 أصيب أكثر من 100 مليون نسمة فى العالم بمرض الملاريا بواسطة حشرات البعوض ونتيجة لاستعمال المبيدات الحشرية لمكافحة البعوض الناقل للمرض فقد قلت عدد الوفيات السنوية من 6 مليون نسمة عام 1939م إلى 2.5 مليون نسمة.
وتشير الإحصائيات إلى أهمية والحاجة الماسة لاستعمال المبيدات لإنقاذ أرواح الملايين من البشر أو الحد من الخسائر الاقتصادية الناجمة عن ضرر الآفات الحشرية وغيرها، بقيمة تصل إلى 75 مليون دولار سنوياً. وتزداد الحاجة إلى استيراد المزيد من المبيدات سنوياً فى العالم العربى فقد أشارت الدراسات التى قام بها فريق من الخبراء العرب حول ترشيد واستخدام المبيدات بأن جملة المبيدات المستوردة للعالم العربى فى عام 1984م بلغت حوالى 73.000 طن .
كما قدرت احتياجات الوطن العربى من المبيدات الكيميائية لعام 1990م بمقدار 100.000 طن من المبيدات المجهزة التى تقدر قيمتها ببليون دولار، وتشكل المبيدات الحشرية أكثر من 70% من الكميات المستوردة، مازال استعمال المبيدات الهيدروكربونية المكلورة مثل الاندرين والالدرين والالندرين، والـ د.د.ت وغيرها أيضاً من المبيدات الفوسفورية العضوية، مازالت تستخدم فى الأردن، والتى تستورد نحو 1800 طن من المبيدات بتكلفة أكثر من 13 مليون دولار، وتشكل المبيدات الحشرية أكثر من 60% من عدد المبيدات المسجلة لدى وزارة الزراعة، 50% من الكميات المستوردة سنوياً
وفى اليمن شهدت السنوات العشر الأخيرة تزايداً ملحوظاً فى استيراد المبيدات الحشرية وغيرها، والتى دخلت البلاد بالطرق الشرعية وغير الشرعية، وكان سبب الزيادة الاستخدام العشوائى المتزايد لمبيدات الآفات على أشجار القات والمحاصيل الزراعية الأخرى ونجد أن المبيدات الهيدروكربونية المكلورة، والتى منع استخدامها فى الدول المصنعة لها لا زالت تستخدم فى بلادنا حتى وقتنا الحاضر.
وتشير الإحصائيات الصادرة من الجهاز المركزى للإحصاء (ج.ى) إلى كميات المبيدات المستوردة خلال الفترة من 1989 إلى عام 1. وكذلك فى الفترة من عام 1991-1995
*كميات المبيدات المستوردة بالطن :
المبيدات الحشرية كانت أكثر الأنواع استهلاكاً واستيراداً حيث وصل متوسط المعدل السنوى لخلال الخمس سنوات 416 طن/سنة من المبيدات المستوردة، وقد زاد استيرادها خلال السنوات الخمس حيث وصل عدد الكميات المستوردة عبر الطرق الرسمية حوالى 200 طن سنوياً ، 700 طن تدخل البلاد عبر الطرق الغير شرعية مثل التهريب وغيره .
وأخيراً لا ينكر أحد الدور الكبير والفعال الذى لعبته المبيدات الكيميائية بمختلف أنواعها فى الماضى والحاضر حيث أنقذت عشرات الملايين من البشر من الموت، غير أن المبيدات الكيميائية وإن كانت تتميز بخصائص أكثر إيجابية إلا أنها وللآسف الشديد توجد لها مشاكل خطيرة جداً. هذا ما يكن وعى هناك عند اختيار أنواعها، وفهم كامل لاستعمالها وأخذ الحيطة والحذر فى التعامل معها مع اختبار الميعاد المناسب عند استخدامها .
وعلى ضوء هذه البحوث تجمعت الكثير من الحقائق عن تأثير المبيدات وخاصة الـ د.د.ت و H.C.C. H وغيرها على الخلايا العصبية، وعلى استقلاب الهرمونات الجنسية للحيوانات الفقارية، ومن ضمنها الإنسان؛ ولذلك يعتبر Werster 1969م ، Odum 1971م أن هذه المواد يجب أن لا تستعمل أكثر من مرتين، كما أنه لابد من استبدالها بطرق أخرى غير ملوثة للبيئة أو الوسط الذى نعيش فيه.
وتؤدى هذه المواد إلى تطور غير طبيعى لكثير من الكائنات الحية ذات الأهمية الاقتصادية والتى تعيش فى الماء ، كما تؤدى إلى تقليل شدة التركيب الضوئى بشكل كبير فى الفيتوبلانتكون Phytoplanikton الذى يؤدى بدوره إلى اضطراب التوازن الغازى فى الماء " نقص كمية الأكسجين ".
ويعتقد الباحثون أنه نتيجة لازدياد تركيز هذه المواد فى جسم الإنسان فسوف تظهر فى القريب العاجل تغيرات سيئة لدى الإنسان، والتى أكدتها تجارب الباحثين فى مختبراتهم على حيوانات التجارب. وفيما يلى مثال على ازدياد تركيز هذه المواد عند انتقالها بالسلسلة الغذائية للمبيد الحشرى الـ د.د.ت .
استعمل مبيد الـ د.د.ت فى الولايات المتحدة الأمريكية للقضاء على البعوض فى مستنقعات Long – Island حيث رشت هذه المستنقعات لعدة سنوات متتالية، وكان تركيز المبيد الـ د.د.ت قليلاً حتى لا يؤثر على الكائنات المائية المتواجدة هناك ولكن عند استعمال هذه المواد الكيميائية غاب عن أذهان الباحثين أنها صعبة التفكك، وتبقى فترة زمنية طويلة محتفظة بسميتها، وقد تم امتصاص هذه المواد الكيميائية من قبل النباتات الموجودة فى المستنقعات ثم انتقلت إلى الأسماك التى تعيش على حساب النباتات وبعدها انتقلت إلى نسيج الحيوانات المفترسة التى تأتى فى قمة السلسلة الغذائية كالطيور آكلة الأسماك، وكان تركيز هذه المواد يزداد فى أجسام الحيوانات المفترسة فيما يعرف بظاهرة التكبير الحيوى البيولوجى، ونتج عن ذلك موت جماعات منها، والجدول (4) يوضح تلك التركيزات وانتقالها بالسلسلة الغذائية (Werster 1996م و Odam 1971م) .
جدول (4) : انتقال المبيدات الحشرية بالسلسلة الغذائية لمبيد الـ د.د.ت
التركيز جــزء من مليــون P . P . M
المـاء Water 0.0005
البلانكتون Plankton 0.04
نوع من السمك Silvarside minnow 0.23
نوع من السمك Sheephead 0.94
سمك مفترس Pickerel (Predatony fish) 1.83
سمك مفترس Needlefish (Predatory fish) 2.07
مالك الحزين (يتغذى على السمك) Heron 3.57
طائر يتغذى على السمك Tern 3.91
دجــاج الماء Herring Gull 6.00
بيوض صقر يأكل الأسماك Fish Hawk (osprey) 6.00
الاوز المتوج Merganser (Fish-eating) 22.8
غراب الماء (Feed on larger fish) 26.4
ويلاحظ من الجدول (4) أن تركيز هذه المواد يزداد، وقد تبين أن لهذه الزيادة آثار خطيرة نذكر منها الآتى :
1- يقل البناء الضوئى فى النباتات المائية، ومع ذلك فإنه لا يؤثر على كمية الأكسجين فى الجو لكنه قد يؤثر على المصادر الغذائية للإنسان حيث أن هذه الكائنات توجد فى أسفل السلسلة الغذائية.
2- يؤثر المبيد الحشرى الـ د.د.ت على تكاثر بعض الحيوانات كالطيور البحرية عن طريق التأثير على هرمونات الجنس مما يؤدى إلى أن تضع هذه الطيور بيضاً رقيق القشرة، وقد أدى ذلك فعلاً إلى نقص فى تعداد بعض أجناس هذه الحيوانات إلى حد انقراض هذه الاجناس.
3- يوجد المبيد الحشرى الـ د.د.ت فى بعض أسماك البحار بكميات تقترب من الكميات التى تسبب قتلاً جماعياً لهذه الأسماك. ويعتبر تحريم أو منع استيراد مثل هذه المبيدات أمراً هاماً، حيث أن هذه المبيدات لا تتحلل فى المحيط الحيوى بسهولة .
* ملوثات البيئة بالمبيدات الحشرية :
كثرت فى السنوات الأخيرة الحوادث الناتجة عن التلوث خاصة بالملوثات الكيميائية، كما كثر أيضاً القاء النفايات الكيميائية والمواد المشعة والمعادن ومخلفات مصانع إنتاج المبيدات الحشرية ملوثة بذلك التربة والمياه فى دول العالم الثالث، والتى تعتبر البلدان الصناعية الكبرى مدفناً لنفاياتها وسوقاً لسلعها، وقد أدى ذلك إلى تلوث خطير للغذاء الذى نتناوله والماء الذى نشربه والهواء الذى نتنفسه والتربة التى تزرع ونأكل خيراتها إلى غير ذلك من مقومات الحياة الضرورية التى يمكن أن تتعرض للخطر. ونستعرض هنا أهم ملوثات البيئة، وهى على النحو التالى :
1- تلوث الغذاء بالمبيدات الحشرية : يعتبر استخدام المبيدات الزراعية والحشرية أمر ضرورى لحماية المحاصيل الزراعية وبالتالى زيادة الانتاج وخفض ثمنه، وأما على الصعيد العالمى فإنها تساعد إلى حد كبير فى التخفيف والحد من مشكلات المجاعة التى بدأت تزداد بكثرة وخاصة فى الدول النامية، وحسب أراء الباحثين أنه إذا تعرض الإنسان لمتبقيات المبيدات الحشرية أثناء الاستهلاك اليومى فيؤدى ذلك إلى مخاطر السمية المزمنة والإصابة بالأمراض الخطيرة، كما أن بعض المبيدات الفسفورية العضوية تؤدى إلى السمية العصبية المتأخرة التى تنتهى بالشلل المزمن. وأحياناً يحدث التلوث بالمبيدات عن طريق الخطأ وتسبب هذه الحوادث أعراضاً حادة أشبه ما تكون بالتسمم الغذائى، كنتيجة للخطأ، كاستعمال المبيدات بدلاً من الدقيق أو تلويثه للأطعمة.
وقد لوحظ خلال السنوات الأخيرة أن معظم حوادث التلوث بالمبيدات تحدث نتيجة لعدم احترام التحذيرات الأولية عند استخدام تلك المواد فوجود يافطة تحوى التعليمات الواضحة والتحذيرات التى يتوجب اتخاذها عند استعمال تلك المبيدات يعد أمراً ضرورياً وخاصة فى البلدان النامية، كما أن فرض رقابة مشددة وقيام الهيئات العامة بوضع المقاييس والمعايير للتأكد من نقاوة تلك المركبات وبيان طرائق استخدام كل مادة لها علاقة فى تلوث الغذاء يعد من الأمور الأساسية للوقاية من التلوث بتلك المبيدات. وأخيراً فإن الحيوانات التى تتغذى بغذاء ملوث بمبيد الـ د.د.ت تكون معرضة لظهور الأمراض السرطانية عندها، كما يجب الانتباه وأخذ الحذر عند استخدام الحليب الملوث بالـ د.د.ت وخاصة عند الرضع حيث أن الجهاز العصبى عند الرضع والأطفال حساس جداً لتأثير المبيدات .
2- تلوث الماء بالمبيدات : هو إضافة مواد غريبة غير مرغوب فيها يتسبب فى تلف نوعية الماء، والمبيدات الكيميائية تعتبر أحد الملوثات للماء، وتصل إليه من خلال طرق ووسائل عديدة منها رش أطوار البعوض التى تعيش بالماء، حيث ترش البرك والينابيع والمستنقعات والوديان المملوءة بالماء والغيول الجارية منعاً لتكاثر وانتشار البعوض وغيره من الحشرات المائية الضارة بالإضافة إلى الطريقة المستخدمة فى غسيل متبقيات المبيدات من الأراضى الزراعية بواسطة مياه الأمطار والسيول الموسمية ومياه أبار الرى إلى جانب صرف أو قذف مخلفات مبيدات مصانع فى المصارف والأودية والأنهار، وأخيراً علينا أن نتذكر أن الهواء والمطر يعتبران من المصادر المهمة فى تلويث الماء بالمبيدات حيث اشارت إحدى الدراسات إلى تقدير كمية المبيدات التى تسقط سنوياً فى المحيط الأطلسى مع الغبار بنحو ثلثى طن .
والمجموعة الكلورية العضوية تعد من أخطر المبيدات الحشرية الملوثة للماء، حيث أن لها مفعول متبقى طويل الأمد، كما أنها ذات تأثير واسع على عدد كبير من المخلوقات ومنها الإنسان ومن أهم مبيدات هذه المجموعة الـ د.د.ت والدرين، والاندرين وتصل هذه إلى مياه البحار أو عن طريق المياه المتسربة من الأراضى الزراعية أو عن طريق الجو، ولكن ثبت أن أكثر كمية تصل عن طريق الجو، وذلك عن طريق استخدام الرش بالطائرات، ويفقد فى الجو مايزيد على 50% منها لا يصل مفعولها إلى النباتات، ولكن تتسرب على هيئة جسيمات الأتربة مع الأمطار فتلوث مياه البحار.
والمبيدات الحشرية الكلورية لا تتحلل بسهولة وتبقى لفترة زمنية طويلة، ولذلك توجد فى الأسماك والحيوانات البحرية كميات من هذه المبيدات، وتتركز أساساً فى المواد الدهنية ويزداد على مر السنين تركيز هذه المواد فى أجسام حيوانات البحر، وقد ثبت أن محار البحر يمكنه تركيز مبيد الـ د.د.ت 70.000 ضعف فى مدى شهر واحد . وعليه يمنع استعمال هذه المركبات التى لا تتحلل فى المحيط الجوى بسهولة .
3- تلوث التربة بالمبيدات الحشرية : كان ولا يزال استخدام المبيدات الحشرية فى الأرض الزراعية من أهم مشاكل تلوث التربة لأنه يؤثر على خصوبتها، ويؤدى فى النهاية إلى تلوثها بالمبيدات، ومن المعروف أن المبيدات الكيميائية تؤثر داخل التربة على العديد من الكائنات الحية، ونجد أن مبيد الكربيات فى التربة يتحول إلى مركبات النيتروزأمينن، وهو يمتص بواسطة بعض النباتات فعند تغذية الحيوان أو الانسان على تلك النباتات فإن النتيجة النهائية والحتمية للنيتروزأمين هو الإصابة بالسرطان .
وتعتبر اليمن إحدى الدول التى تتلوث تربتها بالمبيدات الكيميائية حيث وجد أن الكثير من المزارعين وغيرهم لا يجيدون طريقة للتخلص من المبيدات المخزونة عندهم، والتى يمر عليها أحياناً زمن طويل، ثم يتم دفنها، كما فى مزرعة سردود بمحافظة الحديدة التى تعتبر النفايات من أهم المشاكل البيئية فيها، ولا تزال قائمة، ويرجع تاريخ هذه المشكلة إلى عام 1983م، وتقدر الكميات المدفونة 30 طن من مختلف المبيدات، ولنا أن نؤكد أن خطر تلك المبيدات ليس فقط على الجيل الحالى، وإنما سوف يمتد أثره على الأجيال القادمة حيث أن هذه المبيدات تخلق مواد جديدة لا تنتهى فالخطورة تكمن فى تسربها إلى أحواض المياه جراء الحفر العشوائى للآبار
تقييم الوضعية الحالية للمبيدات الكيميائية الحشرية فى الجمهورية اليمنية :
بلادنا كغيرها من بلدان العالم الثالث التى يجد الباحث والمختص صعوبة كبيرة فى الحصول على بيانات إحصائية دقيقة عن عدد حالات التسمم التى يتعرض لها البشر يومياً أو الإصابات الخطيرة أو حالات الوفيات وغيرها من جراء الاستخدام العشوائى للمبيدات الحشرية حيث نعلم أن تأثير هذه المبيدات على الكائنات الحية أدى إلى ظهور مشاكل كبيرة فى النظام البيئى، وتسبب فى إحداث مخاطر على صحة الانسان وعلى البيئة بشكل عام. فقد قضت هذه المبيدات على الأعداد الطبيعية للآفات الضارة، وأدى ذلك إلى ظهور مقاومة للمبيدات، كما أثرت تلك المبيدات على خصوبة التربة وتلوث المياه والغذاء والهواء.
وقد أشارت العديد من التقارير الدولية إلى مخاطر المبيدات على الإنسان والحيوان وذلك نتيجة التعرض لمخلفاتها وخاصة أثناء فترة مضغ القات المعامل بالمبيدات الكيميائية والتى تتميز بالثبات العالى لها فى البيئة، ويؤدى هذا التعرض إلى إحداث خلل فى التوازن الهرمونى فى الجسم مما ينتج عنه حالات سرطان الخصية والبروستاتا وسرطان الثدى بالإضافة إلى إحداث بعض التشوهات بالأجنة.
كما تشير نتائج البحوث العلمية إلى أن الأثر المتبقى لتلك المبيدات يؤدى إلى ضعف الحالة الجنسية، ويسبب فى النهاية العقم، وقد أثبت أن لبعض المبيدات الهيدروكربونية تأثير يؤدى إلى ضمور الخصية، كما أن المبيدات الفسفورية العضوية تسبب أورام فى الغدد اللمفاوية والطحال بالإضافة إلى المخاطر الوراثية ناتجة من التعرض لمخلفات المبيدات حيث أن تأثيرها لا يظهر حالاً، وإنما بعد فترة زمنية طويلة، ويعزى ذلك إلى أن المستهلكين لتلك المبيدات لا توجد لديهم المعرفة السليمة لطرق استخدام تلك السموم. هذا إلى جانب عدم توفر الأجهزة المناسبة والمستخدمة فى توصيل تلك السموم إلى مواقع تواجد الحشرات الضارة، وعدم المعرفة بالميعاد المناسب أثناء الاستخدام بل أحياناً نجد أن استخدام هذه السموم تكون دون إشراف زراعى وإرشادى وقائى لإعطاء التوصيات، وإلى الإرشادات اللازمة لتحديد الزمن الفاصل ما بين استخدام المبيد ووقت الجنى أو القطاف، وتحسب تلك الفترة الزمنية على أساس حساب الزمن اللازم لانخفاض تركيز المبيد أو المادة الضارة إلى تركيز منخفض لا يعد خطراً ضاراً بالصحة حتى تكون تلك الوقاية مضمونة وفعالة.
وحتى نحمى بيئتنا من مخاطر تلك السموم وجب علينا تبنى حملات توعية واسعة لبيان وتحديد مخاطر المبيدات على صحة الإنسان والحيوان، وذلك من خلال عقد الندوات والمؤتمرات العلمية أو ورش العمل لمناقشة نتائج الأبحاث العلمية المحلية والدولية وترجمة تلك النتائج بصورة مبسطة يفهمها القارئ العادى إضافة إلى إعادة النظر فى الحد من استخدام المركبات الكيميائية، وذلك لاستخدام المقاومة البيولوجية مثل استعمال الحشرات المتطفلة والمفترسة واستعمال الفطور والجراثيم والفيروسات واستخدام حيوانات آكلة للحشرات مثل الطيور والأسماك واستخدام المصائد الفرمونية (جاذبات الجنس ومكافحة الحشرات الضارة وفى سبيل التحكم وفرض الرقابة على تداول هذه المواد الخطرة فقد اصدرت الدولة عام 1999م قانون تداول المبيدات الزراعية وغيرها، والتى تعنى بوضع الشروط والمواصفات والاجراءات القانونية الخاصة بتنظيم عمليات الاستيراد والتخزين والبيع والاستعمال لهذه المواد السامة، وهذا القانون سوف يحد من عملية الغش والنصب والمتاجرة الغير شرعية من قبل الشركات المنتجة والمصدرة للمبيدات، وكذلك الوسطاء المحليين وغيرهم .
التوصــيات :
تمخضت نتائج الدراسة والبحث عن التوصيات التالية :
1- لا يجوز استخدام أى مبيد حشرى أو غيره فى الزراعة أو فى مكافحة الحشرات الطبية والبيطرية دون أن يكون مرخصاً قانوناً، ولا يجوز الترخيص إلا بعد خضوعه لعدد من الشروط التى تحدد أو تقرر خلو تلك المادة المرخصة من تأثيرات ضارة على الصحة.
2- تحديد الزمن الفاصل ما بين استخدام المبيد ووقت الجنى (القطاف) حيث يعد عاملاً هاماً من عوامل الوقاية .
3- ضرورة تواجد العناصر الغذائية فى التربة مثل النيتروجين والفوسفور والكبريت وتوافر الأحياء الدقيقة المكروبية من فطريات وبكتيريا لغرض سرعة تحلل، وهضم المبيدات المتراكمة فى التربة حيث أن التربة ذات المحتوى العالى من المواد العضوية (الدبالية) تكون أكثر كفاءة فى إنهاء فعالية المبيد الحشرى .
4- يجب تصريف سوائل الرش والمغطس المستخدمة لمكافحة الطفيليات على الحيوانات البيطرية بحيث يكون تصريفها بعيد عن المزروعات ومجارى المياه ومصادر المياه الجوفيه، وذلك لخطورة تسرب المبيدات الحشرية إلى الإنسان والحيوان والحياة المائية .
5- عند التفكير فى بناء مجمع لمخازن المبيدات الكيميائية الخاصة بالدولة أو القطاع الخاص يجب أن يكون طبقاً للمواصفات العالمية بحيث يكون بعيداً عن المناطق الآهلة بالسكان، وبعيداً عن الأودية ومساقط المياه .
6- عدم السماح بعقد أى اتفاقيات دولية أو إقليمية هدفها تواجد كمية أو نوعية من مختلف المبيدات الكيميائية لأى ظرف أو سبب، كما يمنع قبول أى كمية أو نوعية تدخل البلاد على شكل هبة أو مساعدة أو إعانة إلا بعد الرجوع إلى الجهات المختصة بالبلاد ممثلة بجهاز وقاية المزروعات وذلك لمعرفة الحاجة لها .
7- حتى لا تتسبب المبيدات المدفونة فى أرض مزرعة سردود الإنتاجية بمحافظة الحديدة إلى كارثة بيئية كبيرة حيث أصبحت من أهم المشاكل البيئية التى تواجهها البلاد، ولا تزال قائمة، وقد عجزت وزارة الزراعة عن إخراج المواد المدفونة من باطن الأرض نظراً لكبر حجم المواد وحاجتها إلى خبرات فنية عالية، وعليه يجب على الدولة قبول المقترح المقدم من منظمة الأغذية والزراعة لحل المشكلة، وذلك لتنفيذ المشروع بتكلفة وقدرها 700.440 ألف دولار أمريكى، وتخليص البلاد من مخاطر الكارثة المحتملة .
8- تضافر الرقابة الجادة على استيراد المبيدات بمختلف أنواعها بين جهات الاختصاص والجهات المعنية على أن تكون هناك جهة مسئولة عن تحديد مواصفات المبيدات، وتكون هى المعنية بإعطاء الموافقة الرسمية باستيراد المبيدات.
9- ضرورة وجود معامل لتحاليل عينات المبيدات الزراعية وغيرها سواء كانت المستوردة أو المصنعة محلياً، وذلك لمعرفة كفاءتها ومطابقتها للمواصفات المرغوبة ومعرفة أثرها السام على البيئة، ويجب تواجد مثل هذه المعامل فى جميع المحافظات .
10- عدم استخدام المبيدات الجهازية لمكافحة آفات القات نظراً لابقائه فترة طويلة بين عصارة الأوراق وصعوبة التخلص منه إلا بعد انتهاء فعالية المبيد، وكما أن التقليل من عدد الرشات المستخدمة للمكافحة وسيلة للحد من مخاطر التلوث .
11- إتباع طريقة الرش الجزئى للمساحة المطلوب رشها، وذلك برش صف من الأشجار الشديدة الإصابة، وترك صف أو عدة صفوف بدون رش وانتقاء بعض الأشجار على مسافات محددة ورشها، وذلك ضماناً لبقاء العدد الاحتياطى من الأعداء الحيوية على الأجزاء الغير مرشوشة بالإضافة إلى أنه يساعد على خفض التلوث بالمبيدات .
12- امكانية استخدام بدائل المبيدات الحشرية، وذلك باستخدام المكافحة المتكاملة، مثل:
أ- استخدام المفترسات والطفيليات والطيور والأسماك فى مكافحة الحشرات .
ب- استخدام المواد المسببة لعقم الحشرات .
ج- استخدام المكافحة الميكروبية، وذلك بإنتاج مستحضرات فى عدة أشكال " مساحيق قابلة للبل - قابلة للذوبان " .
د- استخدام المواد الجاذبة والطاردة. إذ يمكن استخدام هذه المواد فى المصائد الخاصة بذلك، ومن أهم نتائجها أنها تفيد فى دراسة التاريخ الموسمى للحشرة، وفى عملية التنبئ، وتقدير الحد الحرج للإصابة المستخدمة فى تطبيقات المكافحة المتكاملة .
13- يجب على المزارعين وغيرهم من مستخدمى المبيدات إشعار النحالين بإغلاق مناحلهم مسبقاً قبل إجراء عمليات الرش بالمواد الكيميائية .
14- توعية المزارعين وخاصة مزارعى القات بمخاطر المبيدات التى يستخدمونها، كما يجب اللجوء إلى الجهة الإرشادية الزراعية أو الجهاز الفنى المختص بوقاية المزروعات، وذلك للمساعدة فى تحديد الإصابة واختيار المبيد المناسب والموصى به وتحديد عدد مرات الاستخدام والزمن الفاصل بين كل رشة وأخرى، وكذلك معرفة الاحتياطات اللازم اتخاذها أثناء استخدام وتداول المبيد الموصى به، حيث أن عامل توعية المزارع أو المستهلك لتلك السموم وتثقيفية يعد من الأمور الضرورية لحماية البيئة من التلوث .
*المقـترحات :
إنشاء مركز للسموم لمراقبة الاستخدام الصحيح للمواد الكيميائية على الآفات الزراعية الحشرية والمرضية التى تسببت فى فقدان كميات من المحاصيل الزراعية، وعلى حشرات مسببات الأمراض للإنسان والحيوان بالإضافة إلى دورة فى فحص ومكافحة المخدرات التى من أسبابها حدوث حالات التسمم بين أوساط المواطنين سواء كانت عمداً أو نتيجة استخدام المبيدات بالإضافة إلى أهميته كقاعدة مرجعية وانتشارية لحل الكثير من مشكلات التسمم بالمبيدات وغيرها .
المراجـــع :
1- إبراهيم على حسن جعبوب (72-1973) الحشرات المنزلية وعلاقتها بصحة الإنسان- كلية الزراعة - جامعة الإسكندرية - دار المطبوعات الجديدة .
2- محمد العوادت (1979) تلوث البيئة - مكتبة ميلسون - الطبعة الأولى .
3- خالد، رأفت عبد المنعم وعبد الباقى محمد حسين (1982) الاستراتيجية المستقبلية لمكافحة الآفات مديرية دار الكتب والنشر - جامعة الموصل .
4- عبد المعز أحمد إسماعيل ومحمد عبد الرحمن (1982) صحة الحيوان - بغداد .
5- محمد يحيى القشم - مشاكل المبيدات القديمة ورقة عمل مقدمة للندوة العلمية الخاصة بوضع البيئة (1-5 يونيو 1991) اليمن .
6- توفيق عبد الجبار حسن (1993) التأثير السلبى للمبيدات الكيميائية وكيفية الحد من اضرارها على البيئة اليمنية - اليمن .
7- نعيم شرف وتوفيق مصطفى وآخرون (1993) - الحشرات العامة - الجامعة الأردنية
زهران للنشر والطباعة .
8- مصطفى الدقاوة وليلى مسموح (93-1994)- علم السموم- كلية الصيدلة - دمشق .
9- محمد يحيى القشم (1994) المكافحة المتكاملة للآفات الزراعية - استراتيجية المستقبل - صنعاء - اليمن .
10- عبد الرحمن ثابت - متبقيات المبيدات الكيميائية المستخدمة فى المنازل وخطورتها على الأجنة والأطفال - المعرفة الطبية (1999) - اليمن .
الجمهورية اليمنية
كلية التربية/تعز
الدراسات الإنجليزية /م3
نظامي
شيماء عبدالجبار عبدالواسع عبدالله
*المبيدات الحشرات وعلاقتها بتلوث البيئة فى اليمن*
الملخص :
تعتبر المبيدات الكيميائية الحشرية أحد ملوثات البيئة فهى تستخدم فى مكافحة الحشرات الزراعية بما فيها من أشجار القات، وكذلك حشرات المنازل الناقلة لأمراض الإنسان والحيوان. وبالرغم من فعالية هذه المبيدات الكيميائية وميزاتها الاقتصادية فقد ظهر ضررها على صحة الإنسان والحيوان، وظهر العديد من الأجناس المقاومة لها، بالإضافة إلى إبادة الحشرات النافعة، وعلى الأخص النحل .
وتكمن أهمية موضوع الدراسة على النطاق الوطنى نظراً لعشوائية استخدام العديد من المبيدات الحشرية دون أى رقابة، ودون أى دراسات بحثية جادة، وهذا ما تنبهت له بلادنا، وبعض دول العالم مؤخراً، واكتشف أن لهذه المبيدات أثراً ضاراً على المدى البعيد، وفى بلادنا تزداد الحاجة إلى استيراد مبيدات الحشرات بكميات كبيرة، وبنسبة تصل 70-80% من مجموع ما تستورده من المبيدات الأخرى .
وتشير الإحصائيات إلى أن هناك نحو 200 طن من المبيدات تم تداولها فى اليمن سنوياً، ومعظمها مواد ممنوعة ومحرمة دولياً، كما أن هناك أيضاً 700 طن من المبيدات يتم استيرادها سنوياً بصورة غير شرعية (عن طريق التهريب)، ومعظم أنواع هذه المبيدات حشرية شديدة السمية، ولها أضرار كبرى على البيئة.
وبالرغم من التوجه العالمى للمحافظة على البيئة من التلوث والإقلال من استخدام المبيدات الكيميائية الحشرية وغيرها إلا أن استخدامها فى اليمن ما زال ضرورياً فى مكافحة الحشرات الزراعية والمنزلية وحشرات أشجار القات التى تميزت فى السنوات الأخيرة باستخدامها المكثف للمبيدات على أشجار القات، وقد أكدت الدراسات التى أجريت داخل اليمن وخارجه أن أوراق القات تحتوى على الأثر المتبقى من المبيدات أعلى من المسموح به على الخضار والفواكه، وهذه بدورها تشكل خطراً كبيراً على المواطن اليمنى وعلى بيئته .
وتشير العديد من الدراسات المحلية والإقليمية والدولية إلى أخطار المبيدات الحشرية وإلى ضرورة ترشيد استخدامها لما تسببه فى حالات التسمم الحاد والمزمن للإنسان والحيوان والتى أدت، ولا تزال تؤدى إلى تشوهات وسرطانات ووفيات حدثت وتحدث من جراء الاستخدام العشوائى للمبيدات .
المقدمـة :
لقد شهدت السنوات الأخيرة من هذا القرن تزايداً ملحوظاً لإنتاج المبيدات الكيميائية فى العالم، وأصبحت المبيدات بصورة عامة والحشرية منها بصورة خاصة إحدى المدخلات التكنولوجية لزيادة الإنتاج الزراعى ومكافحة الأمراض المميتة للإنسان والحيوان . والمبيدات عبارة عن المادة الكيميائية التى تقتل أو تمنع أو تحدد من تكاثر وانتشار الكائنات الحية التى تنافس الإنسان فى غذائه وممتلكاته وصحته. والمبيدات شأنها شأن المدخلات الزراعية الأخرى مثل التسميد والميكنة الزراعية وغيرها، ومن المعروف أنه فى السنوات الأخيرة صار حوالى 56% من سكان العالم يعانون من نقص الغذاء وتزداد هذه النسبة إلى حوالى 79% فى دول العالم الثالث، ومع زيادة سكان العالم فى عام 2000م إلى 6-7 مليار نسمه تطلب الأمر الذى زيادة الإنتاج الزراعى، وتعتبر المبيدات الكيميائية إحدى الوسائل الحديثة التى تعمل على زيادة الإنتاج فبالإضافة إلى دورها الكبير فى الحد أو القضاء على عدد كبير من الآفات الضارة بالنباتات، فهى أيضاً قادرة على القضاء على الحشرات الناقلة للأمراض .
وتشير الإحصائيات الطبية إلى الأهمية المبيدات الحشرية فى تقليل نسبة الإصابة التى تنتقل بواسطة الحشرات ففى عام 1959 أصيب أكثر من 100 مليون نسمة فى العالم بمرض الملاريا بواسطة حشرات البعوض ونتيجة لاستعمال المبيدات الحشرية لمكافحة البعوض الناقل للمرض فقد قلت عدد الوفيات السنوية من 6 مليون نسمة عام 1939م إلى 2.5 مليون نسمة.
وتشير الإحصائيات إلى أهمية والحاجة الماسة لاستعمال المبيدات لإنقاذ أرواح الملايين من البشر أو الحد من الخسائر الاقتصادية الناجمة عن ضرر الآفات الحشرية وغيرها، بقيمة تصل إلى 75 مليون دولار سنوياً. وتزداد الحاجة إلى استيراد المزيد من المبيدات سنوياً فى العالم العربى فقد أشارت الدراسات التى قام بها فريق من الخبراء العرب حول ترشيد واستخدام المبيدات بأن جملة المبيدات المستوردة للعالم العربى فى عام 1984م بلغت حوالى 73.000 طن .
كما قدرت احتياجات الوطن العربى من المبيدات الكيميائية لعام 1990م بمقدار 100.000 طن من المبيدات المجهزة التى تقدر قيمتها ببليون دولار، وتشكل المبيدات الحشرية أكثر من 70% من الكميات المستوردة، مازال استعمال المبيدات الهيدروكربونية المكلورة مثل الاندرين والالدرين والالندرين، والـ د.د.ت وغيرها أيضاً من المبيدات الفوسفورية العضوية، مازالت تستخدم فى الأردن، والتى تستورد نحو 1800 طن من المبيدات بتكلفة أكثر من 13 مليون دولار، وتشكل المبيدات الحشرية أكثر من 60% من عدد المبيدات المسجلة لدى وزارة الزراعة، 50% من الكميات المستوردة سنوياً
وفى اليمن شهدت السنوات العشر الأخيرة تزايداً ملحوظاً فى استيراد المبيدات الحشرية وغيرها، والتى دخلت البلاد بالطرق الشرعية وغير الشرعية، وكان سبب الزيادة الاستخدام العشوائى المتزايد لمبيدات الآفات على أشجار القات والمحاصيل الزراعية الأخرى ونجد أن المبيدات الهيدروكربونية المكلورة، والتى منع استخدامها فى الدول المصنعة لها لا زالت تستخدم فى بلادنا حتى وقتنا الحاضر.
وتشير الإحصائيات الصادرة من الجهاز المركزى للإحصاء (ج.ى) إلى كميات المبيدات المستوردة خلال الفترة من 1989 إلى عام 1. وكذلك فى الفترة من عام 1991-1995
*كميات المبيدات المستوردة بالطن :
المبيدات الحشرية كانت أكثر الأنواع استهلاكاً واستيراداً حيث وصل متوسط المعدل السنوى لخلال الخمس سنوات 416 طن/سنة من المبيدات المستوردة، وقد زاد استيرادها خلال السنوات الخمس حيث وصل عدد الكميات المستوردة عبر الطرق الرسمية حوالى 200 طن سنوياً ، 700 طن تدخل البلاد عبر الطرق الغير شرعية مثل التهريب وغيره .
وأخيراً لا ينكر أحد الدور الكبير والفعال الذى لعبته المبيدات الكيميائية بمختلف أنواعها فى الماضى والحاضر حيث أنقذت عشرات الملايين من البشر من الموت، غير أن المبيدات الكيميائية وإن كانت تتميز بخصائص أكثر إيجابية إلا أنها وللآسف الشديد توجد لها مشاكل خطيرة جداً. هذا ما يكن وعى هناك عند اختيار أنواعها، وفهم كامل لاستعمالها وأخذ الحيطة والحذر فى التعامل معها مع اختبار الميعاد المناسب عند استخدامها .
وعلى ضوء هذه البحوث تجمعت الكثير من الحقائق عن تأثير المبيدات وخاصة الـ د.د.ت و H.C.C. H وغيرها على الخلايا العصبية، وعلى استقلاب الهرمونات الجنسية للحيوانات الفقارية، ومن ضمنها الإنسان؛ ولذلك يعتبر Werster 1969م ، Odum 1971م أن هذه المواد يجب أن لا تستعمل أكثر من مرتين، كما أنه لابد من استبدالها بطرق أخرى غير ملوثة للبيئة أو الوسط الذى نعيش فيه.
وتؤدى هذه المواد إلى تطور غير طبيعى لكثير من الكائنات الحية ذات الأهمية الاقتصادية والتى تعيش فى الماء ، كما تؤدى إلى تقليل شدة التركيب الضوئى بشكل كبير فى الفيتوبلانتكون Phytoplanikton الذى يؤدى بدوره إلى اضطراب التوازن الغازى فى الماء " نقص كمية الأكسجين ".
ويعتقد الباحثون أنه نتيجة لازدياد تركيز هذه المواد فى جسم الإنسان فسوف تظهر فى القريب العاجل تغيرات سيئة لدى الإنسان، والتى أكدتها تجارب الباحثين فى مختبراتهم على حيوانات التجارب. وفيما يلى مثال على ازدياد تركيز هذه المواد عند انتقالها بالسلسلة الغذائية للمبيد الحشرى الـ د.د.ت .
استعمل مبيد الـ د.د.ت فى الولايات المتحدة الأمريكية للقضاء على البعوض فى مستنقعات Long – Island حيث رشت هذه المستنقعات لعدة سنوات متتالية، وكان تركيز المبيد الـ د.د.ت قليلاً حتى لا يؤثر على الكائنات المائية المتواجدة هناك ولكن عند استعمال هذه المواد الكيميائية غاب عن أذهان الباحثين أنها صعبة التفكك، وتبقى فترة زمنية طويلة محتفظة بسميتها، وقد تم امتصاص هذه المواد الكيميائية من قبل النباتات الموجودة فى المستنقعات ثم انتقلت إلى الأسماك التى تعيش على حساب النباتات وبعدها انتقلت إلى نسيج الحيوانات المفترسة التى تأتى فى قمة السلسلة الغذائية كالطيور آكلة الأسماك، وكان تركيز هذه المواد يزداد فى أجسام الحيوانات المفترسة فيما يعرف بظاهرة التكبير الحيوى البيولوجى، ونتج عن ذلك موت جماعات منها، والجدول (4) يوضح تلك التركيزات وانتقالها بالسلسلة الغذائية (Werster 1996م و Odam 1971م) .
جدول (4) : انتقال المبيدات الحشرية بالسلسلة الغذائية لمبيد الـ د.د.ت
التركيز جــزء من مليــون P . P . M
المـاء Water 0.0005
البلانكتون Plankton 0.04
نوع من السمك Silvarside minnow 0.23
نوع من السمك Sheephead 0.94
سمك مفترس Pickerel (Predatony fish) 1.83
سمك مفترس Needlefish (Predatory fish) 2.07
مالك الحزين (يتغذى على السمك) Heron 3.57
طائر يتغذى على السمك Tern 3.91
دجــاج الماء Herring Gull 6.00
بيوض صقر يأكل الأسماك Fish Hawk (osprey) 6.00
الاوز المتوج Merganser (Fish-eating) 22.8
غراب الماء (Feed on larger fish) 26.4
ويلاحظ من الجدول (4) أن تركيز هذه المواد يزداد، وقد تبين أن لهذه الزيادة آثار خطيرة نذكر منها الآتى :
1- يقل البناء الضوئى فى النباتات المائية، ومع ذلك فإنه لا يؤثر على كمية الأكسجين فى الجو لكنه قد يؤثر على المصادر الغذائية للإنسان حيث أن هذه الكائنات توجد فى أسفل السلسلة الغذائية.
2- يؤثر المبيد الحشرى الـ د.د.ت على تكاثر بعض الحيوانات كالطيور البحرية عن طريق التأثير على هرمونات الجنس مما يؤدى إلى أن تضع هذه الطيور بيضاً رقيق القشرة، وقد أدى ذلك فعلاً إلى نقص فى تعداد بعض أجناس هذه الحيوانات إلى حد انقراض هذه الاجناس.
3- يوجد المبيد الحشرى الـ د.د.ت فى بعض أسماك البحار بكميات تقترب من الكميات التى تسبب قتلاً جماعياً لهذه الأسماك. ويعتبر تحريم أو منع استيراد مثل هذه المبيدات أمراً هاماً، حيث أن هذه المبيدات لا تتحلل فى المحيط الحيوى بسهولة .
* ملوثات البيئة بالمبيدات الحشرية :
كثرت فى السنوات الأخيرة الحوادث الناتجة عن التلوث خاصة بالملوثات الكيميائية، كما كثر أيضاً القاء النفايات الكيميائية والمواد المشعة والمعادن ومخلفات مصانع إنتاج المبيدات الحشرية ملوثة بذلك التربة والمياه فى دول العالم الثالث، والتى تعتبر البلدان الصناعية الكبرى مدفناً لنفاياتها وسوقاً لسلعها، وقد أدى ذلك إلى تلوث خطير للغذاء الذى نتناوله والماء الذى نشربه والهواء الذى نتنفسه والتربة التى تزرع ونأكل خيراتها إلى غير ذلك من مقومات الحياة الضرورية التى يمكن أن تتعرض للخطر. ونستعرض هنا أهم ملوثات البيئة، وهى على النحو التالى :
1- تلوث الغذاء بالمبيدات الحشرية : يعتبر استخدام المبيدات الزراعية والحشرية أمر ضرورى لحماية المحاصيل الزراعية وبالتالى زيادة الانتاج وخفض ثمنه، وأما على الصعيد العالمى فإنها تساعد إلى حد كبير فى التخفيف والحد من مشكلات المجاعة التى بدأت تزداد بكثرة وخاصة فى الدول النامية، وحسب أراء الباحثين أنه إذا تعرض الإنسان لمتبقيات المبيدات الحشرية أثناء الاستهلاك اليومى فيؤدى ذلك إلى مخاطر السمية المزمنة والإصابة بالأمراض الخطيرة، كما أن بعض المبيدات الفسفورية العضوية تؤدى إلى السمية العصبية المتأخرة التى تنتهى بالشلل المزمن. وأحياناً يحدث التلوث بالمبيدات عن طريق الخطأ وتسبب هذه الحوادث أعراضاً حادة أشبه ما تكون بالتسمم الغذائى، كنتيجة للخطأ، كاستعمال المبيدات بدلاً من الدقيق أو تلويثه للأطعمة.
وقد لوحظ خلال السنوات الأخيرة أن معظم حوادث التلوث بالمبيدات تحدث نتيجة لعدم احترام التحذيرات الأولية عند استخدام تلك المواد فوجود يافطة تحوى التعليمات الواضحة والتحذيرات التى يتوجب اتخاذها عند استعمال تلك المبيدات يعد أمراً ضرورياً وخاصة فى البلدان النامية، كما أن فرض رقابة مشددة وقيام الهيئات العامة بوضع المقاييس والمعايير للتأكد من نقاوة تلك المركبات وبيان طرائق استخدام كل مادة لها علاقة فى تلوث الغذاء يعد من الأمور الأساسية للوقاية من التلوث بتلك المبيدات. وأخيراً فإن الحيوانات التى تتغذى بغذاء ملوث بمبيد الـ د.د.ت تكون معرضة لظهور الأمراض السرطانية عندها، كما يجب الانتباه وأخذ الحذر عند استخدام الحليب الملوث بالـ د.د.ت وخاصة عند الرضع حيث أن الجهاز العصبى عند الرضع والأطفال حساس جداً لتأثير المبيدات .
2- تلوث الماء بالمبيدات : هو إضافة مواد غريبة غير مرغوب فيها يتسبب فى تلف نوعية الماء، والمبيدات الكيميائية تعتبر أحد الملوثات للماء، وتصل إليه من خلال طرق ووسائل عديدة منها رش أطوار البعوض التى تعيش بالماء، حيث ترش البرك والينابيع والمستنقعات والوديان المملوءة بالماء والغيول الجارية منعاً لتكاثر وانتشار البعوض وغيره من الحشرات المائية الضارة بالإضافة إلى الطريقة المستخدمة فى غسيل متبقيات المبيدات من الأراضى الزراعية بواسطة مياه الأمطار والسيول الموسمية ومياه أبار الرى إلى جانب صرف أو قذف مخلفات مبيدات مصانع فى المصارف والأودية والأنهار، وأخيراً علينا أن نتذكر أن الهواء والمطر يعتبران من المصادر المهمة فى تلويث الماء بالمبيدات حيث اشارت إحدى الدراسات إلى تقدير كمية المبيدات التى تسقط سنوياً فى المحيط الأطلسى مع الغبار بنحو ثلثى طن .
والمجموعة الكلورية العضوية تعد من أخطر المبيدات الحشرية الملوثة للماء، حيث أن لها مفعول متبقى طويل الأمد، كما أنها ذات تأثير واسع على عدد كبير من المخلوقات ومنها الإنسان ومن أهم مبيدات هذه المجموعة الـ د.د.ت والدرين، والاندرين وتصل هذه إلى مياه البحار أو عن طريق المياه المتسربة من الأراضى الزراعية أو عن طريق الجو، ولكن ثبت أن أكثر كمية تصل عن طريق الجو، وذلك عن طريق استخدام الرش بالطائرات، ويفقد فى الجو مايزيد على 50% منها لا يصل مفعولها إلى النباتات، ولكن تتسرب على هيئة جسيمات الأتربة مع الأمطار فتلوث مياه البحار.
والمبيدات الحشرية الكلورية لا تتحلل بسهولة وتبقى لفترة زمنية طويلة، ولذلك توجد فى الأسماك والحيوانات البحرية كميات من هذه المبيدات، وتتركز أساساً فى المواد الدهنية ويزداد على مر السنين تركيز هذه المواد فى أجسام حيوانات البحر، وقد ثبت أن محار البحر يمكنه تركيز مبيد الـ د.د.ت 70.000 ضعف فى مدى شهر واحد . وعليه يمنع استعمال هذه المركبات التى لا تتحلل فى المحيط الجوى بسهولة .
3- تلوث التربة بالمبيدات الحشرية : كان ولا يزال استخدام المبيدات الحشرية فى الأرض الزراعية من أهم مشاكل تلوث التربة لأنه يؤثر على خصوبتها، ويؤدى فى النهاية إلى تلوثها بالمبيدات، ومن المعروف أن المبيدات الكيميائية تؤثر داخل التربة على العديد من الكائنات الحية، ونجد أن مبيد الكربيات فى التربة يتحول إلى مركبات النيتروزأمينن، وهو يمتص بواسطة بعض النباتات فعند تغذية الحيوان أو الانسان على تلك النباتات فإن النتيجة النهائية والحتمية للنيتروزأمين هو الإصابة بالسرطان .
وتعتبر اليمن إحدى الدول التى تتلوث تربتها بالمبيدات الكيميائية حيث وجد أن الكثير من المزارعين وغيرهم لا يجيدون طريقة للتخلص من المبيدات المخزونة عندهم، والتى يمر عليها أحياناً زمن طويل، ثم يتم دفنها، كما فى مزرعة سردود بمحافظة الحديدة التى تعتبر النفايات من أهم المشاكل البيئية فيها، ولا تزال قائمة، ويرجع تاريخ هذه المشكلة إلى عام 1983م، وتقدر الكميات المدفونة 30 طن من مختلف المبيدات، ولنا أن نؤكد أن خطر تلك المبيدات ليس فقط على الجيل الحالى، وإنما سوف يمتد أثره على الأجيال القادمة حيث أن هذه المبيدات تخلق مواد جديدة لا تنتهى فالخطورة تكمن فى تسربها إلى أحواض المياه جراء الحفر العشوائى للآبار
تقييم الوضعية الحالية للمبيدات الكيميائية الحشرية فى الجمهورية اليمنية :
بلادنا كغيرها من بلدان العالم الثالث التى يجد الباحث والمختص صعوبة كبيرة فى الحصول على بيانات إحصائية دقيقة عن عدد حالات التسمم التى يتعرض لها البشر يومياً أو الإصابات الخطيرة أو حالات الوفيات وغيرها من جراء الاستخدام العشوائى للمبيدات الحشرية حيث نعلم أن تأثير هذه المبيدات على الكائنات الحية أدى إلى ظهور مشاكل كبيرة فى النظام البيئى، وتسبب فى إحداث مخاطر على صحة الانسان وعلى البيئة بشكل عام. فقد قضت هذه المبيدات على الأعداد الطبيعية للآفات الضارة، وأدى ذلك إلى ظهور مقاومة للمبيدات، كما أثرت تلك المبيدات على خصوبة التربة وتلوث المياه والغذاء والهواء.
وقد أشارت العديد من التقارير الدولية إلى مخاطر المبيدات على الإنسان والحيوان وذلك نتيجة التعرض لمخلفاتها وخاصة أثناء فترة مضغ القات المعامل بالمبيدات الكيميائية والتى تتميز بالثبات العالى لها فى البيئة، ويؤدى هذا التعرض إلى إحداث خلل فى التوازن الهرمونى فى الجسم مما ينتج عنه حالات سرطان الخصية والبروستاتا وسرطان الثدى بالإضافة إلى إحداث بعض التشوهات بالأجنة.
كما تشير نتائج البحوث العلمية إلى أن الأثر المتبقى لتلك المبيدات يؤدى إلى ضعف الحالة الجنسية، ويسبب فى النهاية العقم، وقد أثبت أن لبعض المبيدات الهيدروكربونية تأثير يؤدى إلى ضمور الخصية، كما أن المبيدات الفسفورية العضوية تسبب أورام فى الغدد اللمفاوية والطحال بالإضافة إلى المخاطر الوراثية ناتجة من التعرض لمخلفات المبيدات حيث أن تأثيرها لا يظهر حالاً، وإنما بعد فترة زمنية طويلة، ويعزى ذلك إلى أن المستهلكين لتلك المبيدات لا توجد لديهم المعرفة السليمة لطرق استخدام تلك السموم. هذا إلى جانب عدم توفر الأجهزة المناسبة والمستخدمة فى توصيل تلك السموم إلى مواقع تواجد الحشرات الضارة، وعدم المعرفة بالميعاد المناسب أثناء الاستخدام بل أحياناً نجد أن استخدام هذه السموم تكون دون إشراف زراعى وإرشادى وقائى لإعطاء التوصيات، وإلى الإرشادات اللازمة لتحديد الزمن الفاصل ما بين استخدام المبيد ووقت الجنى أو القطاف، وتحسب تلك الفترة الزمنية على أساس حساب الزمن اللازم لانخفاض تركيز المبيد أو المادة الضارة إلى تركيز منخفض لا يعد خطراً ضاراً بالصحة حتى تكون تلك الوقاية مضمونة وفعالة.
وحتى نحمى بيئتنا من مخاطر تلك السموم وجب علينا تبنى حملات توعية واسعة لبيان وتحديد مخاطر المبيدات على صحة الإنسان والحيوان، وذلك من خلال عقد الندوات والمؤتمرات العلمية أو ورش العمل لمناقشة نتائج الأبحاث العلمية المحلية والدولية وترجمة تلك النتائج بصورة مبسطة يفهمها القارئ العادى إضافة إلى إعادة النظر فى الحد من استخدام المركبات الكيميائية، وذلك لاستخدام المقاومة البيولوجية مثل استعمال الحشرات المتطفلة والمفترسة واستعمال الفطور والجراثيم والفيروسات واستخدام حيوانات آكلة للحشرات مثل الطيور والأسماك واستخدام المصائد الفرمونية (جاذبات الجنس ومكافحة الحشرات الضارة وفى سبيل التحكم وفرض الرقابة على تداول هذه المواد الخطرة فقد اصدرت الدولة عام 1999م قانون تداول المبيدات الزراعية وغيرها، والتى تعنى بوضع الشروط والمواصفات والاجراءات القانونية الخاصة بتنظيم عمليات الاستيراد والتخزين والبيع والاستعمال لهذه المواد السامة، وهذا القانون سوف يحد من عملية الغش والنصب والمتاجرة الغير شرعية من قبل الشركات المنتجة والمصدرة للمبيدات، وكذلك الوسطاء المحليين وغيرهم .
التوصــيات :
تمخضت نتائج الدراسة والبحث عن التوصيات التالية :
1- لا يجوز استخدام أى مبيد حشرى أو غيره فى الزراعة أو فى مكافحة الحشرات الطبية والبيطرية دون أن يكون مرخصاً قانوناً، ولا يجوز الترخيص إلا بعد خضوعه لعدد من الشروط التى تحدد أو تقرر خلو تلك المادة المرخصة من تأثيرات ضارة على الصحة.
2- تحديد الزمن الفاصل ما بين استخدام المبيد ووقت الجنى (القطاف) حيث يعد عاملاً هاماً من عوامل الوقاية .
3- ضرورة تواجد العناصر الغذائية فى التربة مثل النيتروجين والفوسفور والكبريت وتوافر الأحياء الدقيقة المكروبية من فطريات وبكتيريا لغرض سرعة تحلل، وهضم المبيدات المتراكمة فى التربة حيث أن التربة ذات المحتوى العالى من المواد العضوية (الدبالية) تكون أكثر كفاءة فى إنهاء فعالية المبيد الحشرى .
4- يجب تصريف سوائل الرش والمغطس المستخدمة لمكافحة الطفيليات على الحيوانات البيطرية بحيث يكون تصريفها بعيد عن المزروعات ومجارى المياه ومصادر المياه الجوفيه، وذلك لخطورة تسرب المبيدات الحشرية إلى الإنسان والحيوان والحياة المائية .
5- عند التفكير فى بناء مجمع لمخازن المبيدات الكيميائية الخاصة بالدولة أو القطاع الخاص يجب أن يكون طبقاً للمواصفات العالمية بحيث يكون بعيداً عن المناطق الآهلة بالسكان، وبعيداً عن الأودية ومساقط المياه .
6- عدم السماح بعقد أى اتفاقيات دولية أو إقليمية هدفها تواجد كمية أو نوعية من مختلف المبيدات الكيميائية لأى ظرف أو سبب، كما يمنع قبول أى كمية أو نوعية تدخل البلاد على شكل هبة أو مساعدة أو إعانة إلا بعد الرجوع إلى الجهات المختصة بالبلاد ممثلة بجهاز وقاية المزروعات وذلك لمعرفة الحاجة لها .
7- حتى لا تتسبب المبيدات المدفونة فى أرض مزرعة سردود الإنتاجية بمحافظة الحديدة إلى كارثة بيئية كبيرة حيث أصبحت من أهم المشاكل البيئية التى تواجهها البلاد، ولا تزال قائمة، وقد عجزت وزارة الزراعة عن إخراج المواد المدفونة من باطن الأرض نظراً لكبر حجم المواد وحاجتها إلى خبرات فنية عالية، وعليه يجب على الدولة قبول المقترح المقدم من منظمة الأغذية والزراعة لحل المشكلة، وذلك لتنفيذ المشروع بتكلفة وقدرها 700.440 ألف دولار أمريكى، وتخليص البلاد من مخاطر الكارثة المحتملة .
8- تضافر الرقابة الجادة على استيراد المبيدات بمختلف أنواعها بين جهات الاختصاص والجهات المعنية على أن تكون هناك جهة مسئولة عن تحديد مواصفات المبيدات، وتكون هى المعنية بإعطاء الموافقة الرسمية باستيراد المبيدات.
9- ضرورة وجود معامل لتحاليل عينات المبيدات الزراعية وغيرها سواء كانت المستوردة أو المصنعة محلياً، وذلك لمعرفة كفاءتها ومطابقتها للمواصفات المرغوبة ومعرفة أثرها السام على البيئة، ويجب تواجد مثل هذه المعامل فى جميع المحافظات .
10- عدم استخدام المبيدات الجهازية لمكافحة آفات القات نظراً لابقائه فترة طويلة بين عصارة الأوراق وصعوبة التخلص منه إلا بعد انتهاء فعالية المبيد، وكما أن التقليل من عدد الرشات المستخدمة للمكافحة وسيلة للحد من مخاطر التلوث .
11- إتباع طريقة الرش الجزئى للمساحة المطلوب رشها، وذلك برش صف من الأشجار الشديدة الإصابة، وترك صف أو عدة صفوف بدون رش وانتقاء بعض الأشجار على مسافات محددة ورشها، وذلك ضماناً لبقاء العدد الاحتياطى من الأعداء الحيوية على الأجزاء الغير مرشوشة بالإضافة إلى أنه يساعد على خفض التلوث بالمبيدات .
12- امكانية استخدام بدائل المبيدات الحشرية، وذلك باستخدام المكافحة المتكاملة، مثل:
أ- استخدام المفترسات والطفيليات والطيور والأسماك فى مكافحة الحشرات .
ب- استخدام المواد المسببة لعقم الحشرات .
ج- استخدام المكافحة الميكروبية، وذلك بإنتاج مستحضرات فى عدة أشكال " مساحيق قابلة للبل - قابلة للذوبان " .
د- استخدام المواد الجاذبة والطاردة. إذ يمكن استخدام هذه المواد فى المصائد الخاصة بذلك، ومن أهم نتائجها أنها تفيد فى دراسة التاريخ الموسمى للحشرة، وفى عملية التنبئ، وتقدير الحد الحرج للإصابة المستخدمة فى تطبيقات المكافحة المتكاملة .
13- يجب على المزارعين وغيرهم من مستخدمى المبيدات إشعار النحالين بإغلاق مناحلهم مسبقاً قبل إجراء عمليات الرش بالمواد الكيميائية .
14- توعية المزارعين وخاصة مزارعى القات بمخاطر المبيدات التى يستخدمونها، كما يجب اللجوء إلى الجهة الإرشادية الزراعية أو الجهاز الفنى المختص بوقاية المزروعات، وذلك للمساعدة فى تحديد الإصابة واختيار المبيد المناسب والموصى به وتحديد عدد مرات الاستخدام والزمن الفاصل بين كل رشة وأخرى، وكذلك معرفة الاحتياطات اللازم اتخاذها أثناء استخدام وتداول المبيد الموصى به، حيث أن عامل توعية المزارع أو المستهلك لتلك السموم وتثقيفية يعد من الأمور الضرورية لحماية البيئة من التلوث .
*المقـترحات :
إنشاء مركز للسموم لمراقبة الاستخدام الصحيح للمواد الكيميائية على الآفات الزراعية الحشرية والمرضية التى تسببت فى فقدان كميات من المحاصيل الزراعية، وعلى حشرات مسببات الأمراض للإنسان والحيوان بالإضافة إلى دورة فى فحص ومكافحة المخدرات التى من أسبابها حدوث حالات التسمم بين أوساط المواطنين سواء كانت عمداً أو نتيجة استخدام المبيدات بالإضافة إلى أهميته كقاعدة مرجعية وانتشارية لحل الكثير من مشكلات التسمم بالمبيدات وغيرها .
المراجـــع :
1- إبراهيم على حسن جعبوب (72-1973) الحشرات المنزلية وعلاقتها بصحة الإنسان- كلية الزراعة - جامعة الإسكندرية - دار المطبوعات الجديدة .
2- محمد العوادت (1979) تلوث البيئة - مكتبة ميلسون - الطبعة الأولى .
3- خالد، رأفت عبد المنعم وعبد الباقى محمد حسين (1982) الاستراتيجية المستقبلية لمكافحة الآفات مديرية دار الكتب والنشر - جامعة الموصل .
4- عبد المعز أحمد إسماعيل ومحمد عبد الرحمن (1982) صحة الحيوان - بغداد .
5- محمد يحيى القشم - مشاكل المبيدات القديمة ورقة عمل مقدمة للندوة العلمية الخاصة بوضع البيئة (1-5 يونيو 1991) اليمن .
6- توفيق عبد الجبار حسن (1993) التأثير السلبى للمبيدات الكيميائية وكيفية الحد من اضرارها على البيئة اليمنية - اليمن .
7- نعيم شرف وتوفيق مصطفى وآخرون (1993) - الحشرات العامة - الجامعة الأردنية
زهران للنشر والطباعة .
8- مصطفى الدقاوة وليلى مسموح (93-1994)- علم السموم- كلية الصيدلة - دمشق .
9- محمد يحيى القشم (1994) المكافحة المتكاملة للآفات الزراعية - استراتيجية المستقبل - صنعاء - اليمن .
10- عبد الرحمن ثابت - متبقيات المبيدات الكيميائية المستخدمة فى المنازل وخطورتها على الأجنة والأطفال - المعرفة الطبية (1999) - اليمن .
الخميس مايو 09, 2013 10:32 pm من طرف قداري محمد
» استخدام طريقة العروض العملية في تدريس العلوم
الخميس أبريل 18, 2013 10:26 am من طرف قداري محمد
» Ten ways to improve Education
الخميس فبراير 21, 2013 8:44 am من طرف بشير.الحكيمي
» مقتطفات من تصميم وحدة الإحصاء في الرياضيات
الثلاثاء يناير 29, 2013 8:30 am من طرف بشير.الحكيمي
» تدريس مقرر تقنية المعلومات والاتصالات
الأربعاء يناير 02, 2013 7:49 am من طرف انور..الوحش
» تدريس مقرر تقنية المعلومات والاتصالات
الأربعاء ديسمبر 19, 2012 10:00 am من طرف محمدعبده العواضي
» الواجبات خلال الترم 5
السبت أكتوبر 06, 2012 11:12 pm من طرف بشرى الأغبري
» الواجبات خلال الترم4
السبت أكتوبر 06, 2012 11:11 pm من طرف بشرى الأغبري
» الواجبات خلال الترم3
السبت أكتوبر 06, 2012 11:10 pm من طرف بشرى الأغبري