مقدمة:
قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز
" وجعلنا من الماء كل شيء حي"
صدق الله العظيم،
فالماء هو هبة الله للبشرية،
وهو من النعم الكبرى التي أنعم الله جل جلاله بها على الأرض ومن عليها لتقوم الحياة وتستمر
إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها،
والماء هو أحد المكونات الأساسية
في المادة الحية،
وليس خافيا بأن معظم أشكال الحياة وجدت في الماء واستمر بقاؤها
فيه كما أنه يعتبر من الثروات الطبيعية
بالغة الأهمية للإنسان
فهو يؤدي دورا حيويا لا يمكن الاستغناء
عنه أو استبداله،
كما يعتبر الماء أكثر المواد
الطبيعية تواجداً على سطح الأرض وفي باطنها، حيث
تغطي أكثر من ثلثي سطح الأرض و تملأ
المحيطات وتمتد لتجري فوق اليابسة
على شكل أنهار عظيمة كما أنها تتواجد
داخل الصخور وبين فراغاتها (المسامات)
التي توجد بين حبيبات هذه الصخور، ولكن على الرغم من كثرة المياه فإن أكثر ما يشغل فكر الإنسان هو استمرارية الإمداد
بالمياه الصالحة للاستخدامات
الآدمية على تنوعها
(استهلاكية، صناعية، وزراعية ... الخ) ولقد حاولت العديد
من الدراسات الإحصائية
التنبؤ بمدى استمرارية
مصادر المياه الصالحة
للاستخدام لسنوات عديدة قادمة، وكان آخرها ما ظهر في وسائل الإعلام
مؤخراً بأن أكثر من ثلاثين
مليون نسمة سوف يموتون عطشا في عام
2025م نتيجة شح مصادر المياه،
وفي الحقيقة إن دراسة من هذا القبيل
لا بد أن تدق نواقيس
الخطر عند بني البشر حتى ينتبهوا من سباتهم ويفيقوا
على الخطر القادم
الذي تشير إليه هذه الدراسة،
لذا يجب أن تتضافر جهود الإنسان بجميع فئاته وتخصصاته
لمحاولة التقليل من مخاطر هذه الكارثة،
فمشكلة المياه التي يواجهها عالمنا
الصغير لا تكمن في نقص أو شح كميات المياه
على الكرة الأرضية
أو داخل صخورها
ولكنها تنحصر في مقدرة المصادر
المائية على مواكبة
إمداد الإنسان بما يغطي متطلباته
من المياه الصالحة
للاستخدامات البشرية، فالمياه
لا تزال وستظل المادة الطبيعية
الأكثر وفرة على الكرة الأرضية
بالرغم من ان جميع
الإحصاءات والدراسات ولكنني
لا أنكر وجود خطر قادم على مصادر هذه المياه
لسببين رئيسيين:
يتمثل السبب الأول
في النمو السريع
للتعداد السكاني على الكرة الأرضية
والاستنزاف المستمر للموارد
المائية، ويكمن السبب الثاني في تلوث مصادر المياه بالمخلفات
البشرية والزراعية والصناعية،
فلقد أشارت العديد
من الإحصاءات على أن سكان العالم يزدادون
بمعدل ثلاثة أشخاص كل ثانية حيث يضع النمو الكبير
في التعداد السكاني
عبئاً ثقيلاً على مصادر المياه
لمواكبة هذا النمو المضطرد السريع، فالمولود الجديد
لا يحتاج الماء لأغراضه اليومية
(الشرب والنظافة) فحسب بل أيضا يحتاج إلى زيادة الموارد
الغذائية التي هي الأخرى تتطلب كميات وفيرة من الماء لنموها،
فعلى سبيل الاستدلال أشارت بعض الدراسات أن الفرد الذي يزن 75 كيلو جراما يحتاج إلى
750 كيلو جراما من الماء سنويا بينما تحتاج زراعة
75 كيلو جراما من القمح إلى توفير أكثر مائة ألف كيلو جرام من الماء من هذا يتضح أن الموارد
الغذائية للإنسان تستهلك
أضعاف الاستهلاك المباشر،
وعلى الرغم من هذا النمو السكاني السريع
إلا أن كميات المياه على الكرة الأرضية
سوف تكون كافية لتغطية الاحتياجات
البشرية الملحة ولن يموت البشر عطشا نتيجة عدم وجود الماء
.
إن معظم الدول التي تشكو من مشاكل إمداد المياه الصالحة للشرب والحياة هي دول فقيرة اقتصاديا
ولا تشكو في الواقع من شح في مصادر المياه،
فمثلا تغرق السيول
آلاف الكيلو مترات المربعة من الأراضي الزراعية
في دول (شبه الجزيرة الهندية
الباكستان، الهند، وبنجلاديش)
في فصل الصيف وتدمر محصولها
الزراعي في كثير من الاحيان بينما تشكو هذه الدول من شح المياه
في فصل الشتاء
حيث تجري معظم مياه الفيضانات
لتصب هباء في البحار دون الاستفادة منها، كما أن دول إفريقيا
التي تمتلك حوالي
40% من المياه
الجارية على سطح الكرة الأرضية
تشكو من المجاعات
والجفاف، وفي نظري إن المشكلة
في هذه الحالات
تتراوح بين اقتصادية
وسياسية، فدول شبه الجزيرة الهندية
ذات اقتصاديات نشاءة لا
تساعدها على الاستفادة
من الكميات الكبيرة
من المياه التي تهطل عليها خلال فصل الصيف لتخزينها
واستغلالها في وقت الحاجة خلال فصل الشتاء،
أما بالنسبة لدول القارة الإفريقية
فبالإضافة إلى اقتصادياتها
المتواضعة فإنها ابتليت
بالكثير من المشاكل
السياسية والحروب وتفشي الامراض القاتلة التي استنزفت
ما بقي من اقتصاديات هذه الدول
حتى وضعت
عددا منها على حافة الإفلاس
الاقتصادي، فالسودان على سبيل المثال
يجري على أرضها النيل الأزرق
(أحد أطول أنهار العالم) وكان من
المؤمل لها أنها ستكون سلة العالم
العربي الغذائية تعاني في وقتنا الحاضر من مشاكل المجاعة
والجفاف ومثلها عدد من دول قارة إفريقيا،
ففي هذا الجانب
المشكلة اقتصادية وسياسية
بحتة.
تبلغ
كمية المياه المتبخرة من الأرض، بفعل حرارة الشمس لتكّون السحاب، حوالى 500 ألف كيلو
متر مكعب. ومعظم هذا السحاب المتكوِّنة، تنشأ من المحيطات عن طريق عملية تبخر مياه
المحيطات ، كما أن هناك كمية قليلة من السحاب، الذي تتكّون من خلال عملية التبخر من
الرطوبة، الموجودة في سطح التربة وعملية النتح (Transpiration)من أوراق النبات،حيث
تعرف هاتان العمليتان معاً باسم ظاهرة "البخرـالنتح"(Evapotranspiration)، ثم تتكثف تلك السحاب، لتسقط الامطار على الأرض، وتسقط معظم هذه الأمطار،
مرة أخرى، في المحيطات و البحار، ويتبقى جزء قليل يسقط على اليابسة، وبمقارنة كمية
مياه الأمطار المتساقطة على اليابس، بالماء الذي تتبخر منها عن طريق ظاهرتي التبخر
والنتح، تعد كمية الأمطار أكثر بكثير من تلك التي تصاعدت من اليابسة، إلاّ أن هذه الزيادة
ترجع مرة أخرى إلى المحيطات والبحار، عن طريق ظاهرة الجريان السطحي لمياه الأمطار
(Runoff)، من خلال المياه الجوفية والأنهار الجارية، ثم تبدأ دورة جديدة للمياه
من المحيطات، إلى الهواء، إلى الأرض، ثم إلى المحيط. وهذه الدورة الدائمة لمياه الأرض،
تُسمى دورة الماء (Water Cycle)، أو (Hydrologic Cycle). ونتيجة لهذه الدورة، فإن كمية المياه العذبة الموجودة على سطح الأرض
هي الكمية نفسها منذ قديم الأزل، وهي الكمية نفسها، التي سوف تظل فوق سطح الأرض. وهى
الكمية التي يعاد استخدامها مرة بعد مرة .(Recycled).
يقول تعالى:
وَأَنْزَلْنَا
مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ
بِهِ لَقَادِرُونَ (سورة المؤمنون: الآية 18)
عطش في اليمن.. بسبب القات
يعاني اليمن من أزمة متفاقمة جراء نقص المياه
الجوفية واستنزاف المخزون المائي إلى درجة أن بعض الأحواض المائية مثل حوض صنعاء (العاصمة)
باتت مهددة بجفاف كامل خلال أقل من عقدين. والى جانب شحة المياه الجوفية كون اليمن
بلدا جافا أصلا ولا توجد فيه انهار أو بحيرات، فان أزمة المياه باتت تفرض نفسها بقوة
على الإيقاع اليومي لحياة السكان في المدن والأرياف على حد سواء. فسكان معظم المدن
اليمنية في معاناة يومية مع الانقطاعات المتكررة للمياه عن المنازل. ويلجأ السكان من
اجل توفير المياه إلى شرائها من باعتها الذين هم عبارة عن مواطنين عاديين يمتلكون سيارات
مزودة بخزانات للمياه يتم تعبئتها من آبار المزارع في ضواحي العاصمة، ويطلق على هذه
السيارة «وايت» وهي تسمية لا يعرف مصدرها الأصلي، لكنها باتت متداولة في كثير من المناطق.
وتصل قيمة «الوايت» من الماء ذي سعة 8 آلاف لتر تقريبا، إلى 1600 ريال يمني، أي ما
يعادل ثمانية دولارات أميركية. ورغم هذا التكبد والعناء في انتظار الماء ليتدفق من
المشروع الحكومي في الغالب بعد منتصف الليل أو في ساعات الصباح الأولى، أو في تكبد
خسارة شراء الماء، فان أغلبية سكان المدن بمختلف طبقاتهم لا يشربون من هذه المياه وإنما
يستخدمونها للطبخ والاغتسال والغسيل ويفضلون شراء مياه معقمة للشرب من «البقالات»،
وقد أصبح الأمر طقسا يوميا.
أما في الأرياف فان المسألة تبدو أكثر صعوبة
وأكثر معاناة على حد سواء في أرياف الجبال أو السهول والتهايم. فهناك عملية جلب الماء
من الأمور الشاقة فهو يجلب يوميا على ظهور الحمير في أحسن الحالات أو فوق رؤوس النساء
اللواتي يوردن الماء من العيون والأودية إلى قمم الجبال حيث يحب أن يسكن اليمنيون في
المناطق الجبلية. وفي بعض المناطق الجبلية الوعرة يصل سعر «الوايت» الماء إلى ما يقرب
من خمسين دولارا أميركيا وخاصة لمن هم في حالة اضطرار للمياه من اجل البناء أو سقي
أشجار القات. ولشحة أو أزمة المياه في اليمن أسباب وأوجه متعددة تبدأ مع قلة الأمطار
أحيانا ولا تنتهي عند استنزافه في الزراعة لسقي بعض المحاصيل وبالأخص القات. والأخير
وهو نبتة يمضغها اليمنيون ظهيرة كل يوم في مجالس خاصة معدة يقضي فيها الناس أو «المخزنون»
كما يطلق عليهم هنا، ساعات لا تقل عن أربع. وقد ازدهرت زراعة هذه النبتة على حساب مزروعات
أخرى مثل شجرة البن التي يشتهر اليمن بزراعة أجود أنواعها وأفخرها.
ويقول المسؤولون والخبراء في مجال المياه
في اليمن إن أزمة المياه باتت خطرا متفاقما ووشيكا وان حوض العاصمة صنعاء بات قاب قوسين
أو أدنى من الجفاف بسبب استهلاك المياه الجوفية في سقي شجرة القات التي تستنزف نحو
40% من المياه الجوفية في هذا الحوض فقط .
وفي تصريحات لـ «الشرق الأوسط» إن أزمة
المياه ليست جديدة ولكنها أصبحت متفاقمة في الآونة الأخيرة نتيجة موقع اليمن الجغرافي
وندرة الإمطار، إضافة إلى الزيادة المضطرة في عدد السكان.
ويعتقد أن الأزمة وصلت إلى مراحل متقدمة
في بعض الأحواض مثل حوض صنعاء، حوض صعدة وحوض رداع، وان السبب الرئيسي «الذي فاقم الأمور
هو الزراعة وبالأخص زراعة القات وهو من الزراعات المروية من المياه الجوفية. ويشير
إلى أن المساحات التي تزرع بالقات في اليمن في اتساع متزايد وصل العام الماضي إلى
7.10%»، وهي زيادة سريعة وكبيرة.
وفي رد لا يعد بالطبع دفاعا عن زراعة القات،
فان وزير المياه والبيئة اليمني يعتقد أن زراعة القات تعد «خيارا منطقيا للمزارع، ففي
ظل ارتفاع التكاليف يلجأ المزارع إلى أكثر الأنشطة الزراعية الموجودة مردودا، والحكومة
اليمنية تتبنى سياسة السوق والقات يعتبر منتجا زراعيا شرعيا وغير ممنوع وقد يكون غير
مرغوب فيه».
أما عن موضوع الحد من زراعة شجرة أو نبتة
القات من اجل الحفاظ على المخزون المائي الجوفي، فان الإرياني يعتقد أن الأمر لن «يتأتى
إلا من خلال خلق بدائل لهذه الزراعة أو عن طريق التوعية» طويلة الأمد بلا شك.
وتسعى الحكومة اليمنية إلى القيام بواجبها
تجاه مواطنيها في توفير المياه لكنها وحتى اللحظة، وبحسب كلام وزير المياه، لم تستطع
تغطية احتياجات السكان في المدن سوى بنسبة ما بين 56 إلى 60% ونسبة تصل ما بين 40 و45%
من احتياجات السكان في الأرياف. ويقول الوزير إن الحكومة تمتلك استراتيجية وطنية للمياه
وانه لا يعني أن نسبة 40% من سكان المدن لا يحصلون على المياه، ولكن لا يحصلون عليها
عبر المشاريع الحكومية وإنما عبر مشاريع للقطاع الخاص. كما أن الوزير الإرياني يستبعد
على المدى المنظور أن يلجأ اليمن إلى تحلية مياه البحر لسد احتياجاته من المياه وهي
مسألة يربطها بصورة مباشرة باستثمارات القطاع الخاص وليس الحكومي.
وتعاني الكثير من المدن اليمنية من شحة
المياه وانعدامها ومن ابرز هذه المدن، مدينة تعز التي تعد عاصمة أو مركزا للمحافظة
التي تحمل نفس الاسم وهي من اكبر المحافظات اليمنية في عدد السكان وتقع جنوب العاصمة
صنعاء على بعد نحو 240 كيلومترا. وتبحث السلطات منذ سنوات خلت عن وسيلة أو طريقة لتزويد
المدينة ذات الكثافة السكانية بالمياه حينا باقتراح إمدادها بها عن طريق أحواض قريبة
وتارة أخرى عن طريق طرح فكرة التحلية من مياه البحر الأحمر. وفي آخر تصريح لمحافظ تعز
الجديد الوزير السابق خالد حمود الصوفي فانه يحذر من أزمة المياه ويقول إن «مشكلة المياه
في تعز صارت شبحا يهدد الآمال ويبدد جهود التنمية».
شحة المياه في اليمن: أزمة متجددة وحلول منسية
إننا بحاجة إلى قوانين تنظم الاستهلاك اليومي،
وتمنع الإهدار الهائل لكميات المياه في الزراعة العشوائية، وتوقف عمليات الحفر العشوائي
للآبار، والوسائل التقليدية للري، وتنفيذ وسائل تقنية حديثة للري وحفظ المياه. كما
أننا بحاجة إلى إيجاد خارطة مائية وزراعيةبركان شحة المياه اليمني
بركان شحة المياه اليمني
سوف تتجه أنظار عشاق الكرة الخليجية نحو
صنعاء لمتابعة المباراة النهائية بين الكويت والسعودية بعد تأهل الأولى إثر فوزها على
العراق، بركلات الترجيح، وفوز الثانية على فريق الإمارات واحد - صفر. المتابعون لوقائع
دورة خليجي 20، والمشاركون فيها، لم يكونوا يخشون شيئاً على تلك الدورة سوى هجمات مباغتة
يشنها تنظيم «القاعدة»، كي يفسد أجواءها. وسط لجة الرغبة في النجاح، والخوف من «القاعدة»،
تناسى الجميع، بمن فيهم اليمنيون أنفسهم، أن مبارياتهم تقام فوق بركان خامد يهدد بانفجار
أزمة مياه حادة ومتفاقمة تحاول الدولة اليمنية أن تتصدى لها منذ عقود. فالكل عارف بأزمة
المياه في اليمن، وتحديداً صنعاء، هذه المدينة التي لاتكف عن منافسة دمشق في كونها
أقدم مدينة مأهولة في العالم إذ يتجاوز عمرها، وفقاً لتقديرات الخبراء، 2500 عام، لكنها
أيضا شحيحة بمصادر مياهها، مكتظة بعدد سكانها.
وتشكل شحة المياه والنقص في تعويض المهدور،
أو حتى المستخدم أكثر الأزمات حضوراً، والأشد تعقيداً بين تلك التي تواجه البلاد. فكما
تقول العديد من الدراسات المستقلة، لا تتعدى «حصة الشخص الواحد من المياه سنوياً 2
في المئة من المتوسط العالمي، ومن المتوقع أن تصبح صنعاء أول عاصمة في العالم تواجه
نفاد المياه». وهذه المشكلة ليست بالطارئة على اليمن، وتعود جذور العمل من أجل السيطرة
على موارد المياه من أجل التخفيف من حدتها، حسب المستشار بالشركة التقنية الألمانية
غيرهارد ليختنتايلر «إلى سبعينيات القرن الماضي».
وتمارس الاستخدامات السيئة لمصادر المياه
دورها في مفاقمة تلك الأزمة، وقد أشار إلى ذلك تقرير أصدر البنك الدولي في العام
2003 حذر فيه من احتمالات تفاقم أزمة المياه في اليمن، جراء الاستخدامات السيئة للمياه
المتوافرة، إذ تصل «النسبة المهدورة من المياه إلى ما لا يقل عن 40 في المئة.». وتؤدي
شحة المياه وسوء إدارتها، إلى تلوث نسبة عالية منها، وقد نقل تقرير آخر صدر في العام
ذاته، انعكاسات ذلك التلوث الناجم عن الهدر على انتشار الكثير من الأمراض الوبائية،
إذ إن «75 في المئة من السكان مهددون بالإصابة بأمراض منقولة عن طريق المياه تتسبب
في وفاة 55,000 طفل سنوياً. كما أن ثلاثة ملايين شخص من سكان البلاد البالغ عددهم
21 مليون نسمة مصابون بالتهاب الكبد نتيجة استهلاك مياه غير نظيفة».
ولا يخفي المسئولون في اليمن مخاوفهم التي
تثيرها مشكلة شحة المياه في البلاد، ووقوفهم عاجزين عن إمكانية التوصل إلى حلول بشأنها،
فنجد باحثاً من مستوى الخبير في علم الطبوغرافيا، وأحد العاملين في وزارة الزراعة والري
في اليمن خليل المقطري يؤكد على أن «الوضع المائي في البلاد تدهور بسبب عدم وجود استراتيجية
فعالة تنظم هذه المسألة، مضيفاً بأن «كمية المياه المستهلكة سنوياً تصل إلى 3.5 مليارات
متر مكعب، 93 في المئة منها تصرف في الزراعة و6 في المئة في الاستهلاك المنزلي و1 في
المئة في الصناعة. وتبلغ كمية المياه العذبة المتجددة 2.5 مليار متر مكعب سنوياً وبذلك
تكون الفجوة بين المياه المستهلكة والمياه العذبة المتجددة مليار متر مكعب سنوياً،
وبالتالي فاليمن سيحتاج إلى 4.6 مليارات متر مكعب بحلول العام 2025 عندما يكون عدد
سكان البلاد قد تضاعف، محذراً من «أن معدل استهلاك الفرد من المياه في اليمن يصل إلى
125 متراً مكعب في العام ومن المتوقع أن ينخفض إلى 62.5 متراً مكعب بحلول العام
2025، مضيفاً أن معدل استهلاك الفرد من المياه عالمياً يصل إلى 1500 متر مكعب سنوياً».
وتشير الكثير من الدراسات إلى «أن كمية المياه الجوفية التي يتم سحبها سنويا تصل إلى
3.5 مليارات متر مكعب. بينما قدرت كمية المياه المتجددة بـ2.5 مليار متر مكعب».
وللعلم فإن اليمن تقع ضمن «قائمة الدول
الأربع الأشد فقرا في الموارد المائية على مستوى دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
والعالم» . ويعتبرها البنك الدولي «كإحدى أفقر دول العالم مائياً»، رغم كل مساعي الدولة
للخروج من هذه الأزمة المحدقة بالمواطن والخطط التنموية على حد سواء. فقد وضعت الدولة
استراتيجية وطنية لحل مشكلات المياه يتم تنفيذها على مرحلتين :الأولى، هي خطة خمسية
2005-2009 ، والتي تركز على رفع قدرات العاملين في قطاع المياه، والثانية 2010-
2015 «.
وترى وزارة التخطيط والتنمية في «الرؤية
الاستراتيجية لليمن حتى عام 2025»، بأن « المخزون المائي الجوفي المتاح في كل الأحواض
بما يقارب (20) بليون متر مكعب، وطبقاً لمعدل الاستهلاك الحالي فإن اليمن سيستنزف نحو
12.02 بليون متر مكعب في العام 2010، وهو ما يؤدي إلى أن المخزون لن يكون كافياً إلا
لسنوات قليلة».
في الوقت ذاته، يرى تقرير حديث أصدرته منظمة
الأغذية والزراعة العالمية «الفاو» قال إن متوسط حصّة الفرد في اليمن من المياه المتجددة
في اليمن تبلغ نحو 150 متراً مكعباً في السنة فقط مشيرة إلى أن هذه الحصة لا تمثل سوى
10 في المئة مما يحصل عليه الفرد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والبالغة
1250 متراً مكعباً بينما المتوسط العالمي لحصة الفرد من المياه 7500 متر مكعب أي نحو
2 في المئة لحصة الفرد في اليمن».
ويفيد تقرير جديد، صدر مؤخراً ويحمل عنوان
«تحت الضغط: الصراع الاجتماعي العنيف على الأرض والمياه في اليمن»، بأن «العنف الدائر
في اليمن نتيجة الصراع على الأرض وموارد المياه الشحيحة يحصد أرواحاً أكثر مما يحصده
التمرد و (الإرهاب) والحركات الانفصالية مجتمعة»، في إشارة إلى الحرب القائمة بين الدولة
والقبائل الحوثية.
كما سبقت الإشارة تنام صنعاء اليوم فوق
فوهة بركان شحة المياه الخامد، لكنه القابل للانفجار في أية لحظة، وبخلاف البراكين
التقليدية، فإن بركان المياه، عندما ينفجر، تصبح إمكانات التحكم في حركته وتجاهها في
غاية الصعوبة، وقد يؤدي إلى انفجارات اجتماعية وسياسية كما أشارت بعض التقارير.
أزمة المياه في اليمن
تعاني العديد من مناطق اليمن أزمةً حادةً
في مياه الشرب والزراعة والاستعمالات الأخرى، يحصل هذا في وقت بات فيه اليمنيون لا
يعولون كثيراً حتى على الآبار التي نضب الكثير منها، أزمة المياه في العديد من مناطق
اليمن تؤرق الكبار كما تؤرق الصغار، الصغار الذين يتحملون عبئاً كبيراً في جلبها من
العيون والينابيع والآبار المتبقية.
يذهب البعض في اليمن إلى انتقاد زراعة أشجار
القات بمرارة ويرون أن قسماً كبيراً من المياه يُهدر على ريها في وقت تتعرض فيه العاصمة
صنعاء لتهديد نضوب مصادر المياه خلال سنوات قليلة، وفي وقت تسعى فيه السلطات المعنية
لتدارك الوضع المتفاقم.
التقرير التالي يسلط الضوء على مشكلة تقرع
أبواب العديد من الدول والعواصم العربية بشدة، وتهدد أهلها بأوخم العواقب إذا لم يتم
البحث أو إيجاد حلول جذرية عاجلة، تقرير مراد هاشم من اليمن.
تقرير/ مراد هاشم: الخضرة وجمال الطبيعة
الخلاب في هذا الجزء من منطقة الحيمة بمحافظة تعز جنوبي اليمن مخادعان، ولا يكشفان
حقيقة مأساة تشهد المنطقة فصولها منذ منتصف الثمانينات.
أزمة حادة وخانقة في المياه حولت حياة الإنسان
هنا إلى معاناة ومكابدة مستمرة، عطش وظمأ دائمين جعل الهم والهاجس الأول لسكان المنطقة
هو البحث المتواصل عن الماء، وللحصول على قليل من كثير يحتاجونه يتجمعون يومياً لساعات
وقبل بزوغ الشمس أمام بضعة آبار للمياه هي بدورها في الرمق الأخير وتوشك على الجفاف.
أحد مواطني منطقة الحيمة- جنوب اليمن: عندنا
قلة مياه، عندنا الأبيار يعني قليلين جداً، خاصة هذا السنة مرة.
مراد هاشم: الطفولة في المنطقة مسخرة لنقل
الماء في صورة أقرب إلى العقاب الجماعي، مئات الأطفال يكابدون يومياً عناء نقل الماء
لمسافات متباعدة تزيد أحياناً عن خمسة كيلو مترات، فما أن يبدأ وعي الطفل بالتفتح على
معالم ودروب المنطقة حتى يزج به الكبار الذين ينشغلون بتدبير لقمة العيش في دوامة يومية
لا تنتهي إلا مع غروب الشمس، ويا له من عذاب.
أحد مواطني منطقة الحيمة- جنوب اليمن: حتى
دروسنا يعني.. ليس.. الدراسة بالصباح، العصر ندي ماء.
مراد هاشم: على هذا الحال من متى؟
أحد مواطني منطقة الحيمة: على هذا الحال
كما قال.. إحنا ما يجي هنا هذا وظيفتنا الماء نديه.
مراد هاشم: الحيمة التي أصبحت توفير مياه
للشرب لكل كائن حي فيها مشكلة حقيقية، كانت إلى سنوات قليلة مضت من أغنى مناطق اليمن
بالمياه، مجاري السيول كان يصعب عبورها بسبب تدفق المياه فيها، وأجزاء شاسعة في المنطقة
كانت تغمرها البحيرات، لكن الوضع المائي أخذ في التدهور والتداعي تدريجياً.
محمد الصوفي (من أهالي مدينة الحيمة-جنوب
اليمن): بدا يقل يقل حتى أنه انتهى، والآن مع شدة من الصراع.. ما نحصلش ميه نشرب، وهذا
كان يعني الماء كثير كثير خارج حدود خمسين (…) لو كان فيه سيارة يعني (..) مع ضغط حقه
ما يكونش .. ولو فيه ناس يمشون (..) أو حاجة يأخذهم الماء مع قوته والآن ما فيش، أصبح
يعني تصحر بالأرض.
مراد هاشم: مشروع المياه الوحيد في المنطقة
توقف بعدما أصاب العطب مضخاته، بسبب قلة الماء وكثرة الهواء في أنابيبها.
فيصل حمود (مشرف مشروع المياه في منطقة
الحيمة): أهم الأسباب قلة المياه وبعد المأخذ الذي يغذيه المشروع بعده حوالي 1200 متر
من ذلك يجي ماء قليل وأدى إلى احتراق المولد الدينامو -على الأقل- ضخ الماء للخزان
وأسباب أخرى يعني زي التمويل.
مراد هاشم: 40 بئراً ارتوازية فقط حفرت
تباعاً في هذه المنطقة وعلى مدى عقدين من الزمن كانت سبب الكارثة المائية، نصف عدد
هذه الآبار حفرها الأهالي لري مزارع القات في الغالب، وقد جف معظمها الآن.
عبد الجليل عطا (من مواطني المنطقة): آبار
حقيقية حفروها قبل عشرين سنة، والمؤسسات غرضها تنقله، حال ما.. ضاع عليه الماء ولا
حصلت شيء، زرعنا (..) ناشف ولا.. لا قدرنا نزاحم، لا قدرنا كيف نسوي ولا يعني الناس
بأزمة بحالة لا يعلم به إلا الله.
مراد هاشم: بقية الآبار في المنطقة حفرت
لإمداد مدينة تعز التي تبعد نحو 25 كيلو متراً جنوبي المنطقة بمياه الشرب.
نضوب المياه في آبار الحيمة أدى إلى أزمة
خانقة في مياه الشرب في مدينة تعز منذ منتصف الثمانينات، أكثر من نصف مليون شخص من
سكان المدينة أصبحت المياه تصل إلى منازلهم عبر شبكة المياه المحلية مرة واحدة كل
45 يوماً.
نصر المليكي (مدير المؤسسة المحلية للمياه):
النمو السكاني غير متوقع، والبدء في حفر.. الحفر العشوائي الكبير في نفس الحوض الذي
كانت تتغذى.. تُغذَّى منه مدينة تعز وهو كما أشرت حوض الحيمة، الحفر العشوائي الغير
منظم، وبأعداد كبيرة.
سبب ثاني: عدم تمكين الجهات المعنية بمراقبة
الضخ الجائر لعمل توازن بين الضخ وإعادة التغذية، وانخفاض هطول الأمطار الموسمية خلال
الـ15 السنة الماضية.
هذه الأسباب وغيرها أدت إلى جفاف بعض الآبار،
وهبوط منسوب البعض الآخر إلى حدود متفاوتة، وبدأت الأزمة تظهر بشكل كبير، فالدولة ممثلة
بمؤسساتها المعنية سارعت إلى عمل الحلول لتخفيف هذه الأزمة واستقر الرأي على حفر آبار
إسعافية داخل مدينة تعز وضواحيها، وتم حفر عدد من الآبار حين وصل.. وصل.. جت دورة التوزيع
إلى 45 يوم هذا في النصف الأول من التسعينيات، وعند حفر هذه الآبار وتشكيلها خفت حدة
الأزمة وانخفضت دورة.. انخفضت دورة التوزيع إلى الأحياء إلى ما بين 15 يوم وعشرين يوم.
مراد هاشم: برغم أن حصول سكان المدينة على
المياه مرة كل ثلاثة أسابيع خفف من مشكلتهم قليلاً، إلا أن الحصول عليها بعد نفاذ مخزونهم
منها لا يزال الهم الأكبر الذي يؤرق حياتهم.
مشاهد الزحام على صنابير المياه في المساجد
تتكرر في كثير من أحياء المدينة، القادرون من الناحية المادية يلجئون لسد احتياجاتهم
إلى شراء المياه التي تباع في صهاريج خاصة، في حين يكاد الجميع يعتمد على محطات تجارية
لتنقية المياه للحصول على مياه الشرب إذ أن السكان يتجنبون شرب المياه التي يحصلون
عليها من المصادر المختلفة بما في ذلك شبكة المياه المحلية، نظراً لتداعيها وقدمها
إذ يعود تاريخ إنشائها إلى الستينات وتزيد نسبة المياه المتسربة منها عن 40%.
نجيب قمير (رئيس القسم الفني في مؤسسة المياه):
حكاية تلوث مياه الشرب لا يوجد تلوث ولكن بعض الأحيان تكون هناك بعض المشاكل هناك تكون
بعض البيارات لبعض المواطنين تمر بجوار الخطوط شبكة المياه وبسبب قدم هذه الشبكة فيحصل
عملية تداخل بين هذه المجاري، ولكن هذه نادرة جداً، والآن تقوم المؤسسة بعملية تغيير
كامل وتحديث للشبكة.
مراد هاشم: حفر آبار المياه يتواصل في منطقة
وادي الضباب على بعد عشرة كيلو مترات جنوبي مدينة تعز والهدف هو تخفيف أزمة المياه
في المدينة.
نجيب قمير: تقوم المؤسسة بحفر مجموعة من
الآبار تصل إلى ثماني إلى عشر آبار تساهم بشكل كبير في تخفيف الأزمة اللي المدينة كونها
ترفد للمدينة بمياه جديدة.
مراد هاشم: أهالي الوادي يتابعون عمليات
الحفر بقلق بالغ خشية أن تشهد الأجيال المقبلة هنا أزمة مياه كتلك التي منها أهالي
منطقة الحيمة شمالي المدينة.
عبد الرحمن قائد (مهندس زراعي): هناك استنزاف
للموارد المائية نتيجة التوسع في زراعة القات، والقات يعتبر من المحاصيل التي تحتاج
كميات كبيرة من المياه للري، حتى يتضاعف عدد (...) المزارعين، استمرار جمع محصول القات
هذا وتوسعت توسع يعني بشكل يعني كبير مما أدى إلى استنزاف المياه وأصبحوا المواطنين
الآن بيعانوا هذه المشكلة فلا يوجد هناك يعني -زي ما تقول- ترشيد حتى في عملية استخدام
البدائل من إدخال أنظمة الري وترشيد استخدامات المياه وغيره.
مراد هاشم: ري أشجار القات في منطقة شرعب
غربي مدينة تعز يعتمد على مياه تجلب من المدينة في صهاريج خاصة رغم شحها في المدينة
وفي الكثير من قرى المنطقة التي يحصل سكانها بالكاد على مياه للشرب.
إبراهيم المخلافي (من أهالي منقطة شرعب):
أزمة المياه بالأساس ترجع إلى عامل رئيسي مهم جدا وهو استحواذ القات على 80% من الماء
الموجود.. من الماء الموجود البسيط جداً، إضافة إلى إنه ما فيش يعني تدخل من جانب الدولة.
دبوان هزير (من أهالي منقطة شرعب): أصبح
إحنا نفكر إن إحنا نرحل إلى المدينة من جفاف القرية يعني.
مراد هاشم: الهجرة لم تكن هي الحل بالنسبة
لسكان قريتي قرابة والمرزوع في جبل صبر المطل على مدينة تعز إذ أدى شح المياه بالجبل
الذي كان يزود المدينة بالمياه في الستينيات إلى نزاع واحتراب بين أهالي القريتين.
علي محمد قائد (مهندس زراعي من منطقة صبر):
القضية التي حدثت بين القريتين كثيراً ما تحدث نتيجة لاحتجاج حول .. بحكم الجوار وماء
الشرب تعرف أنه هناك أزمة موجودة في اليمن بشكل عام، ونحن من ضمن اليمن، فعندما حدثت
بعض الإشكالات بين القريتين تدخل أصحاب النفوذ وكان للرئيس القائد علي عبد الله صالح
الدور الأكبر في إنه حل هذه القضية، والآن يعيشون بسلام.
مراد هاشم: الوضع الحالي للموارد المائية
في المدينة وما حولها يبدو لهيئة الموارد المائية مقلقاً جداً بسبب استمرار التراجع
في معدلات هطل الأمطار.
عبد الله صالح (مدير هيئة الموارد المائية
في محافظة تعز الجنوبية): نحن الآن في الهيئة العامة للموارد المائية نتابع الوضع خصوصاً
للسنة هذه.. خصوصاً للسنة هذه يعني نتابع الوضع على يعني أعصابنا والسبب شحة الأمطار
هذه السنة، مع إنه في الأمطار قليلة جداً في عموم الجمهورية وخصوصاً في محافظة تعز.
مراد هاشم: ويبدو أن المشكلة المائية في
المدينة ستتفاقم خلال السنوات المقبلة بسبب التوسع العمراني والنمو السكاني اللذين
تشهدهما المدينة، إضافة إلى استمرار استنزاف الموارد المائية السطحية والجوفية.
أزمة المياه في محافظة تعز ليست استثناء
في اليمن فالعديد من المدن والمناطق اليمنية تعيش أزمات مماثلة وبدايات أزمات وفي مقدمتها
العاصمة صنعاء.
العاصمة صنعاء مرشحة لأن تكون أول عاصمة
في العالم تنضب فيها المياه، ويرى متخصصون أن المخزون الجوفي الذي تعتمد عليه المدينة
والذي تراكم عبر ملايين السنين سينضب في غضون الأعوام الخمسة القادمة، بسبب استمرار
عمليات الاستنزاف خاصة مع وجود أكثر من ثلاثين ألف بئر في حوض صنعاء، أغلبها قام الأهالي
بحفره.
يحيى نشوان (صحفي يمني متخصص في شؤون المياه):
الطبقة الاستقراطية العليا التي لا تدرك بحجم المشكلة .. تستفيد من استنزاف بشكل مباشر
أكثر من غيرها، أو على مستوى الطبقة التحتية، الجميع مشترك ولابد أن يسهم الجميع في
معالجة المشكلة بشكل ما أو بآخر.
مراد هاشم: ويعد اليمن من أفقر دول العالم
في الموارد المائية إذ لا يتجاوز متوسط نصيب الفرد سنوياً من المياه المائة وثلاثين
متراً مكعباً، وهو ما يساوي 3% فقط من متوسط نصيب الفرد في العالم.
محمد لطف الإرياني (وزير المياه والبيئة
اليمني): اليمن من البلدان التي لا توجد فيها أنهار وتعتمد اعتماد كامل على المياه
الجوفية وعلى مياه الأمطار في المقام الأول، حصة الفرد من المياه المتجددة في السنة
تضع اليمن ضمن أفقر عشر دول في العالم، وهذا يعطي صورة إنه الوضع المائي في اليمن الحقيقة
حرج جداً لأنه الموارد شحيحة، هذا على صعيد الموارد، على صعيد الخدمات هناك شيء الحقيقة
وجد نشيطية السنوات الماضية حدث إنه هناك اهتمام كبير بتحسين مرافق المياه وخدمات المياه
وهناك كثير من المشاريع والبرامج الاستثمارية التي وجُّهت لتقوية المؤسسات.. المؤسسات
المعنية ومرافق المياه، سواءً على صعيد تقويتها مؤسسياً أو على صعيد تنفيذ مشاريع جديدة
وتوسع في الخدمة، تحسين مستوى الخدمة.
مراد هاشم: كميات المياه المستهلكة في اليمن
تقدر سنوياً بثلاثة آلاف وأربعمائة مليون متر مكعب، في حين تصل كميات المياه المتاحة
إلى ألفين وخمسمائة مليون مكعب، أي أن معدل العجز الراهن في المياه يصل إلى نحو تسعمائة
مليون متر مكعب، وهو ما يضع اليمن واليمنيين أمام تحدٍ كبير وفي مواجهة كارثة مائية
محققة وذلك إذا لم يتم تدارك الأمر خلال وقت قياسي من خلال خطط عاجلة لا تحتمل أدنى
تأخير.
عانت عدن منذ القدم من مشكلة المياه حيث
لاتتوافر فيها موارد المياه ، وصهاريج الطويلة ماهي الاخير دليل لتفكير السكان الاولين
في مواجهة شحة المياه حيث شيدت للحفاظ على المياه مستفيدين بذلك من مياه الامطار .
وهي المشكلة نفسها واجهت المستعمر البريطاني عند احتلاله لمدينة عدن مما حدا به الى
عقد اتفاق مع سلطان لحج فضل بن الحسن العبدلي في 17مارس 1867 على شق قناة يغذيها اثنان
من احسن آبار الشيخ عثمان من الشمال باتجاه الجنوب نحو مدينة عدن (كريتر ) ..
ومع تزايد السكان تم انشاء اول محطة لتحلية
المياه البحرية في عام 1876تقريبا وهي اول محطة تحلية في العالم والواقعة اسفل جزيرة
صيرة التاريخية .. المعروفة حاليا بالبمبه .
علما بان كتب التاريخ قد اشارت الى ان الماء
العذب لمدينة عدن يعد مشكلة المشاكل منذ نشاتها بالنسبة لتوفيره لسكانها فمنذ القرن
الرابع الهجري كما ذكر الحسن ابن احمد الهمداني (صفة جزيرة العرب – تحقيق الاكوع
).. كما ان الماء العذب يجلب الى عدن من مصب وادي لحج ببحر عدن في المنطقة المعروفة
بالعماد ، كما انشات على سفوح الجبال المحيطة بعدن من الداخل وحول مجاري السيل صهاريج
لحفظ مياه الامطار وحفرت بداخل عدن ابار كان ماء بعضها قليل الملوحة يشرب عند الضرورة
والبعض الاخر كانت تغلب عليها الملوحة ويستعمل للغسل .
هذا وقد اوردت بعض الكتب بان عدن كانت يوجد
فيها العديد من الابار حيث وصل عدد ابار الماء العذب الى (16) بئر كان اشهرها بئر الزعفران
وقد امتاز هذا البئر بعذوبة ماءه واوقفت على المسلمين في ايام ابن المجاور وخالط ماءها
كما قال بعض الملوحة "بعض المراجع اشارت الى ان مياه بئر الزعفران كانت تصدر الى
بقية بقاع اليمن لعذوبتها حيث كانت تستخدم بصناعة النبيذ " وهناك (17)بئر ماؤها من بحر عدن و(4)ابار للخبة
بظاهر عدن "كانت عاصمة العقارب وتقع بالقرب من الشيخ الدويل". و (3)ابار
في مواضع اخرى (14) بئر مالحة و(7) ابار لم تذكر مواقعها ، وجميع هذه الابار قد سميت
باسماء بنائها او من قام بحفرها .
أروى محمد محمد صالح
انجليزي عام
قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز
" وجعلنا من الماء كل شيء حي"
صدق الله العظيم،
فالماء هو هبة الله للبشرية،
وهو من النعم الكبرى التي أنعم الله جل جلاله بها على الأرض ومن عليها لتقوم الحياة وتستمر
إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها،
والماء هو أحد المكونات الأساسية
في المادة الحية،
وليس خافيا بأن معظم أشكال الحياة وجدت في الماء واستمر بقاؤها
فيه كما أنه يعتبر من الثروات الطبيعية
بالغة الأهمية للإنسان
فهو يؤدي دورا حيويا لا يمكن الاستغناء
عنه أو استبداله،
كما يعتبر الماء أكثر المواد
الطبيعية تواجداً على سطح الأرض وفي باطنها، حيث
تغطي أكثر من ثلثي سطح الأرض و تملأ
المحيطات وتمتد لتجري فوق اليابسة
على شكل أنهار عظيمة كما أنها تتواجد
داخل الصخور وبين فراغاتها (المسامات)
التي توجد بين حبيبات هذه الصخور، ولكن على الرغم من كثرة المياه فإن أكثر ما يشغل فكر الإنسان هو استمرارية الإمداد
بالمياه الصالحة للاستخدامات
الآدمية على تنوعها
(استهلاكية، صناعية، وزراعية ... الخ) ولقد حاولت العديد
من الدراسات الإحصائية
التنبؤ بمدى استمرارية
مصادر المياه الصالحة
للاستخدام لسنوات عديدة قادمة، وكان آخرها ما ظهر في وسائل الإعلام
مؤخراً بأن أكثر من ثلاثين
مليون نسمة سوف يموتون عطشا في عام
2025م نتيجة شح مصادر المياه،
وفي الحقيقة إن دراسة من هذا القبيل
لا بد أن تدق نواقيس
الخطر عند بني البشر حتى ينتبهوا من سباتهم ويفيقوا
على الخطر القادم
الذي تشير إليه هذه الدراسة،
لذا يجب أن تتضافر جهود الإنسان بجميع فئاته وتخصصاته
لمحاولة التقليل من مخاطر هذه الكارثة،
فمشكلة المياه التي يواجهها عالمنا
الصغير لا تكمن في نقص أو شح كميات المياه
على الكرة الأرضية
أو داخل صخورها
ولكنها تنحصر في مقدرة المصادر
المائية على مواكبة
إمداد الإنسان بما يغطي متطلباته
من المياه الصالحة
للاستخدامات البشرية، فالمياه
لا تزال وستظل المادة الطبيعية
الأكثر وفرة على الكرة الأرضية
بالرغم من ان جميع
الإحصاءات والدراسات ولكنني
لا أنكر وجود خطر قادم على مصادر هذه المياه
لسببين رئيسيين:
يتمثل السبب الأول
في النمو السريع
للتعداد السكاني على الكرة الأرضية
والاستنزاف المستمر للموارد
المائية، ويكمن السبب الثاني في تلوث مصادر المياه بالمخلفات
البشرية والزراعية والصناعية،
فلقد أشارت العديد
من الإحصاءات على أن سكان العالم يزدادون
بمعدل ثلاثة أشخاص كل ثانية حيث يضع النمو الكبير
في التعداد السكاني
عبئاً ثقيلاً على مصادر المياه
لمواكبة هذا النمو المضطرد السريع، فالمولود الجديد
لا يحتاج الماء لأغراضه اليومية
(الشرب والنظافة) فحسب بل أيضا يحتاج إلى زيادة الموارد
الغذائية التي هي الأخرى تتطلب كميات وفيرة من الماء لنموها،
فعلى سبيل الاستدلال أشارت بعض الدراسات أن الفرد الذي يزن 75 كيلو جراما يحتاج إلى
750 كيلو جراما من الماء سنويا بينما تحتاج زراعة
75 كيلو جراما من القمح إلى توفير أكثر مائة ألف كيلو جرام من الماء من هذا يتضح أن الموارد
الغذائية للإنسان تستهلك
أضعاف الاستهلاك المباشر،
وعلى الرغم من هذا النمو السكاني السريع
إلا أن كميات المياه على الكرة الأرضية
سوف تكون كافية لتغطية الاحتياجات
البشرية الملحة ولن يموت البشر عطشا نتيجة عدم وجود الماء
.
إن معظم الدول التي تشكو من مشاكل إمداد المياه الصالحة للشرب والحياة هي دول فقيرة اقتصاديا
ولا تشكو في الواقع من شح في مصادر المياه،
فمثلا تغرق السيول
آلاف الكيلو مترات المربعة من الأراضي الزراعية
في دول (شبه الجزيرة الهندية
الباكستان، الهند، وبنجلاديش)
في فصل الصيف وتدمر محصولها
الزراعي في كثير من الاحيان بينما تشكو هذه الدول من شح المياه
في فصل الشتاء
حيث تجري معظم مياه الفيضانات
لتصب هباء في البحار دون الاستفادة منها، كما أن دول إفريقيا
التي تمتلك حوالي
40% من المياه
الجارية على سطح الكرة الأرضية
تشكو من المجاعات
والجفاف، وفي نظري إن المشكلة
في هذه الحالات
تتراوح بين اقتصادية
وسياسية، فدول شبه الجزيرة الهندية
ذات اقتصاديات نشاءة لا
تساعدها على الاستفادة
من الكميات الكبيرة
من المياه التي تهطل عليها خلال فصل الصيف لتخزينها
واستغلالها في وقت الحاجة خلال فصل الشتاء،
أما بالنسبة لدول القارة الإفريقية
فبالإضافة إلى اقتصادياتها
المتواضعة فإنها ابتليت
بالكثير من المشاكل
السياسية والحروب وتفشي الامراض القاتلة التي استنزفت
ما بقي من اقتصاديات هذه الدول
حتى وضعت
عددا منها على حافة الإفلاس
الاقتصادي، فالسودان على سبيل المثال
يجري على أرضها النيل الأزرق
(أحد أطول أنهار العالم) وكان من
المؤمل لها أنها ستكون سلة العالم
العربي الغذائية تعاني في وقتنا الحاضر من مشاكل المجاعة
والجفاف ومثلها عدد من دول قارة إفريقيا،
ففي هذا الجانب
المشكلة اقتصادية وسياسية
بحتة.
تبلغ
كمية المياه المتبخرة من الأرض، بفعل حرارة الشمس لتكّون السحاب، حوالى 500 ألف كيلو
متر مكعب. ومعظم هذا السحاب المتكوِّنة، تنشأ من المحيطات عن طريق عملية تبخر مياه
المحيطات ، كما أن هناك كمية قليلة من السحاب، الذي تتكّون من خلال عملية التبخر من
الرطوبة، الموجودة في سطح التربة وعملية النتح (Transpiration)من أوراق النبات،حيث
تعرف هاتان العمليتان معاً باسم ظاهرة "البخرـالنتح"(Evapotranspiration)، ثم تتكثف تلك السحاب، لتسقط الامطار على الأرض، وتسقط معظم هذه الأمطار،
مرة أخرى، في المحيطات و البحار، ويتبقى جزء قليل يسقط على اليابسة، وبمقارنة كمية
مياه الأمطار المتساقطة على اليابس، بالماء الذي تتبخر منها عن طريق ظاهرتي التبخر
والنتح، تعد كمية الأمطار أكثر بكثير من تلك التي تصاعدت من اليابسة، إلاّ أن هذه الزيادة
ترجع مرة أخرى إلى المحيطات والبحار، عن طريق ظاهرة الجريان السطحي لمياه الأمطار
(Runoff)، من خلال المياه الجوفية والأنهار الجارية، ثم تبدأ دورة جديدة للمياه
من المحيطات، إلى الهواء، إلى الأرض، ثم إلى المحيط. وهذه الدورة الدائمة لمياه الأرض،
تُسمى دورة الماء (Water Cycle)، أو (Hydrologic Cycle). ونتيجة لهذه الدورة، فإن كمية المياه العذبة الموجودة على سطح الأرض
هي الكمية نفسها منذ قديم الأزل، وهي الكمية نفسها، التي سوف تظل فوق سطح الأرض. وهى
الكمية التي يعاد استخدامها مرة بعد مرة .(Recycled).
يقول تعالى:
وَأَنْزَلْنَا
مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ
بِهِ لَقَادِرُونَ (سورة المؤمنون: الآية 18)
عطش في اليمن.. بسبب القات
يعاني اليمن من أزمة متفاقمة جراء نقص المياه
الجوفية واستنزاف المخزون المائي إلى درجة أن بعض الأحواض المائية مثل حوض صنعاء (العاصمة)
باتت مهددة بجفاف كامل خلال أقل من عقدين. والى جانب شحة المياه الجوفية كون اليمن
بلدا جافا أصلا ولا توجد فيه انهار أو بحيرات، فان أزمة المياه باتت تفرض نفسها بقوة
على الإيقاع اليومي لحياة السكان في المدن والأرياف على حد سواء. فسكان معظم المدن
اليمنية في معاناة يومية مع الانقطاعات المتكررة للمياه عن المنازل. ويلجأ السكان من
اجل توفير المياه إلى شرائها من باعتها الذين هم عبارة عن مواطنين عاديين يمتلكون سيارات
مزودة بخزانات للمياه يتم تعبئتها من آبار المزارع في ضواحي العاصمة، ويطلق على هذه
السيارة «وايت» وهي تسمية لا يعرف مصدرها الأصلي، لكنها باتت متداولة في كثير من المناطق.
وتصل قيمة «الوايت» من الماء ذي سعة 8 آلاف لتر تقريبا، إلى 1600 ريال يمني، أي ما
يعادل ثمانية دولارات أميركية. ورغم هذا التكبد والعناء في انتظار الماء ليتدفق من
المشروع الحكومي في الغالب بعد منتصف الليل أو في ساعات الصباح الأولى، أو في تكبد
خسارة شراء الماء، فان أغلبية سكان المدن بمختلف طبقاتهم لا يشربون من هذه المياه وإنما
يستخدمونها للطبخ والاغتسال والغسيل ويفضلون شراء مياه معقمة للشرب من «البقالات»،
وقد أصبح الأمر طقسا يوميا.
أما في الأرياف فان المسألة تبدو أكثر صعوبة
وأكثر معاناة على حد سواء في أرياف الجبال أو السهول والتهايم. فهناك عملية جلب الماء
من الأمور الشاقة فهو يجلب يوميا على ظهور الحمير في أحسن الحالات أو فوق رؤوس النساء
اللواتي يوردن الماء من العيون والأودية إلى قمم الجبال حيث يحب أن يسكن اليمنيون في
المناطق الجبلية. وفي بعض المناطق الجبلية الوعرة يصل سعر «الوايت» الماء إلى ما يقرب
من خمسين دولارا أميركيا وخاصة لمن هم في حالة اضطرار للمياه من اجل البناء أو سقي
أشجار القات. ولشحة أو أزمة المياه في اليمن أسباب وأوجه متعددة تبدأ مع قلة الأمطار
أحيانا ولا تنتهي عند استنزافه في الزراعة لسقي بعض المحاصيل وبالأخص القات. والأخير
وهو نبتة يمضغها اليمنيون ظهيرة كل يوم في مجالس خاصة معدة يقضي فيها الناس أو «المخزنون»
كما يطلق عليهم هنا، ساعات لا تقل عن أربع. وقد ازدهرت زراعة هذه النبتة على حساب مزروعات
أخرى مثل شجرة البن التي يشتهر اليمن بزراعة أجود أنواعها وأفخرها.
ويقول المسؤولون والخبراء في مجال المياه
في اليمن إن أزمة المياه باتت خطرا متفاقما ووشيكا وان حوض العاصمة صنعاء بات قاب قوسين
أو أدنى من الجفاف بسبب استهلاك المياه الجوفية في سقي شجرة القات التي تستنزف نحو
40% من المياه الجوفية في هذا الحوض فقط .
وفي تصريحات لـ «الشرق الأوسط» إن أزمة
المياه ليست جديدة ولكنها أصبحت متفاقمة في الآونة الأخيرة نتيجة موقع اليمن الجغرافي
وندرة الإمطار، إضافة إلى الزيادة المضطرة في عدد السكان.
ويعتقد أن الأزمة وصلت إلى مراحل متقدمة
في بعض الأحواض مثل حوض صنعاء، حوض صعدة وحوض رداع، وان السبب الرئيسي «الذي فاقم الأمور
هو الزراعة وبالأخص زراعة القات وهو من الزراعات المروية من المياه الجوفية. ويشير
إلى أن المساحات التي تزرع بالقات في اليمن في اتساع متزايد وصل العام الماضي إلى
7.10%»، وهي زيادة سريعة وكبيرة.
وفي رد لا يعد بالطبع دفاعا عن زراعة القات،
فان وزير المياه والبيئة اليمني يعتقد أن زراعة القات تعد «خيارا منطقيا للمزارع، ففي
ظل ارتفاع التكاليف يلجأ المزارع إلى أكثر الأنشطة الزراعية الموجودة مردودا، والحكومة
اليمنية تتبنى سياسة السوق والقات يعتبر منتجا زراعيا شرعيا وغير ممنوع وقد يكون غير
مرغوب فيه».
أما عن موضوع الحد من زراعة شجرة أو نبتة
القات من اجل الحفاظ على المخزون المائي الجوفي، فان الإرياني يعتقد أن الأمر لن «يتأتى
إلا من خلال خلق بدائل لهذه الزراعة أو عن طريق التوعية» طويلة الأمد بلا شك.
وتسعى الحكومة اليمنية إلى القيام بواجبها
تجاه مواطنيها في توفير المياه لكنها وحتى اللحظة، وبحسب كلام وزير المياه، لم تستطع
تغطية احتياجات السكان في المدن سوى بنسبة ما بين 56 إلى 60% ونسبة تصل ما بين 40 و45%
من احتياجات السكان في الأرياف. ويقول الوزير إن الحكومة تمتلك استراتيجية وطنية للمياه
وانه لا يعني أن نسبة 40% من سكان المدن لا يحصلون على المياه، ولكن لا يحصلون عليها
عبر المشاريع الحكومية وإنما عبر مشاريع للقطاع الخاص. كما أن الوزير الإرياني يستبعد
على المدى المنظور أن يلجأ اليمن إلى تحلية مياه البحر لسد احتياجاته من المياه وهي
مسألة يربطها بصورة مباشرة باستثمارات القطاع الخاص وليس الحكومي.
وتعاني الكثير من المدن اليمنية من شحة
المياه وانعدامها ومن ابرز هذه المدن، مدينة تعز التي تعد عاصمة أو مركزا للمحافظة
التي تحمل نفس الاسم وهي من اكبر المحافظات اليمنية في عدد السكان وتقع جنوب العاصمة
صنعاء على بعد نحو 240 كيلومترا. وتبحث السلطات منذ سنوات خلت عن وسيلة أو طريقة لتزويد
المدينة ذات الكثافة السكانية بالمياه حينا باقتراح إمدادها بها عن طريق أحواض قريبة
وتارة أخرى عن طريق طرح فكرة التحلية من مياه البحر الأحمر. وفي آخر تصريح لمحافظ تعز
الجديد الوزير السابق خالد حمود الصوفي فانه يحذر من أزمة المياه ويقول إن «مشكلة المياه
في تعز صارت شبحا يهدد الآمال ويبدد جهود التنمية».
شحة المياه في اليمن: أزمة متجددة وحلول منسية
إننا بحاجة إلى قوانين تنظم الاستهلاك اليومي،
وتمنع الإهدار الهائل لكميات المياه في الزراعة العشوائية، وتوقف عمليات الحفر العشوائي
للآبار، والوسائل التقليدية للري، وتنفيذ وسائل تقنية حديثة للري وحفظ المياه. كما
أننا بحاجة إلى إيجاد خارطة مائية وزراعيةبركان شحة المياه اليمني
بركان شحة المياه اليمني
سوف تتجه أنظار عشاق الكرة الخليجية نحو
صنعاء لمتابعة المباراة النهائية بين الكويت والسعودية بعد تأهل الأولى إثر فوزها على
العراق، بركلات الترجيح، وفوز الثانية على فريق الإمارات واحد - صفر. المتابعون لوقائع
دورة خليجي 20، والمشاركون فيها، لم يكونوا يخشون شيئاً على تلك الدورة سوى هجمات مباغتة
يشنها تنظيم «القاعدة»، كي يفسد أجواءها. وسط لجة الرغبة في النجاح، والخوف من «القاعدة»،
تناسى الجميع، بمن فيهم اليمنيون أنفسهم، أن مبارياتهم تقام فوق بركان خامد يهدد بانفجار
أزمة مياه حادة ومتفاقمة تحاول الدولة اليمنية أن تتصدى لها منذ عقود. فالكل عارف بأزمة
المياه في اليمن، وتحديداً صنعاء، هذه المدينة التي لاتكف عن منافسة دمشق في كونها
أقدم مدينة مأهولة في العالم إذ يتجاوز عمرها، وفقاً لتقديرات الخبراء، 2500 عام، لكنها
أيضا شحيحة بمصادر مياهها، مكتظة بعدد سكانها.
وتشكل شحة المياه والنقص في تعويض المهدور،
أو حتى المستخدم أكثر الأزمات حضوراً، والأشد تعقيداً بين تلك التي تواجه البلاد. فكما
تقول العديد من الدراسات المستقلة، لا تتعدى «حصة الشخص الواحد من المياه سنوياً 2
في المئة من المتوسط العالمي، ومن المتوقع أن تصبح صنعاء أول عاصمة في العالم تواجه
نفاد المياه». وهذه المشكلة ليست بالطارئة على اليمن، وتعود جذور العمل من أجل السيطرة
على موارد المياه من أجل التخفيف من حدتها، حسب المستشار بالشركة التقنية الألمانية
غيرهارد ليختنتايلر «إلى سبعينيات القرن الماضي».
وتمارس الاستخدامات السيئة لمصادر المياه
دورها في مفاقمة تلك الأزمة، وقد أشار إلى ذلك تقرير أصدر البنك الدولي في العام
2003 حذر فيه من احتمالات تفاقم أزمة المياه في اليمن، جراء الاستخدامات السيئة للمياه
المتوافرة، إذ تصل «النسبة المهدورة من المياه إلى ما لا يقل عن 40 في المئة.». وتؤدي
شحة المياه وسوء إدارتها، إلى تلوث نسبة عالية منها، وقد نقل تقرير آخر صدر في العام
ذاته، انعكاسات ذلك التلوث الناجم عن الهدر على انتشار الكثير من الأمراض الوبائية،
إذ إن «75 في المئة من السكان مهددون بالإصابة بأمراض منقولة عن طريق المياه تتسبب
في وفاة 55,000 طفل سنوياً. كما أن ثلاثة ملايين شخص من سكان البلاد البالغ عددهم
21 مليون نسمة مصابون بالتهاب الكبد نتيجة استهلاك مياه غير نظيفة».
ولا يخفي المسئولون في اليمن مخاوفهم التي
تثيرها مشكلة شحة المياه في البلاد، ووقوفهم عاجزين عن إمكانية التوصل إلى حلول بشأنها،
فنجد باحثاً من مستوى الخبير في علم الطبوغرافيا، وأحد العاملين في وزارة الزراعة والري
في اليمن خليل المقطري يؤكد على أن «الوضع المائي في البلاد تدهور بسبب عدم وجود استراتيجية
فعالة تنظم هذه المسألة، مضيفاً بأن «كمية المياه المستهلكة سنوياً تصل إلى 3.5 مليارات
متر مكعب، 93 في المئة منها تصرف في الزراعة و6 في المئة في الاستهلاك المنزلي و1 في
المئة في الصناعة. وتبلغ كمية المياه العذبة المتجددة 2.5 مليار متر مكعب سنوياً وبذلك
تكون الفجوة بين المياه المستهلكة والمياه العذبة المتجددة مليار متر مكعب سنوياً،
وبالتالي فاليمن سيحتاج إلى 4.6 مليارات متر مكعب بحلول العام 2025 عندما يكون عدد
سكان البلاد قد تضاعف، محذراً من «أن معدل استهلاك الفرد من المياه في اليمن يصل إلى
125 متراً مكعب في العام ومن المتوقع أن ينخفض إلى 62.5 متراً مكعب بحلول العام
2025، مضيفاً أن معدل استهلاك الفرد من المياه عالمياً يصل إلى 1500 متر مكعب سنوياً».
وتشير الكثير من الدراسات إلى «أن كمية المياه الجوفية التي يتم سحبها سنويا تصل إلى
3.5 مليارات متر مكعب. بينما قدرت كمية المياه المتجددة بـ2.5 مليار متر مكعب».
وللعلم فإن اليمن تقع ضمن «قائمة الدول
الأربع الأشد فقرا في الموارد المائية على مستوى دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
والعالم» . ويعتبرها البنك الدولي «كإحدى أفقر دول العالم مائياً»، رغم كل مساعي الدولة
للخروج من هذه الأزمة المحدقة بالمواطن والخطط التنموية على حد سواء. فقد وضعت الدولة
استراتيجية وطنية لحل مشكلات المياه يتم تنفيذها على مرحلتين :الأولى، هي خطة خمسية
2005-2009 ، والتي تركز على رفع قدرات العاملين في قطاع المياه، والثانية 2010-
2015 «.
وترى وزارة التخطيط والتنمية في «الرؤية
الاستراتيجية لليمن حتى عام 2025»، بأن « المخزون المائي الجوفي المتاح في كل الأحواض
بما يقارب (20) بليون متر مكعب، وطبقاً لمعدل الاستهلاك الحالي فإن اليمن سيستنزف نحو
12.02 بليون متر مكعب في العام 2010، وهو ما يؤدي إلى أن المخزون لن يكون كافياً إلا
لسنوات قليلة».
في الوقت ذاته، يرى تقرير حديث أصدرته منظمة
الأغذية والزراعة العالمية «الفاو» قال إن متوسط حصّة الفرد في اليمن من المياه المتجددة
في اليمن تبلغ نحو 150 متراً مكعباً في السنة فقط مشيرة إلى أن هذه الحصة لا تمثل سوى
10 في المئة مما يحصل عليه الفرد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والبالغة
1250 متراً مكعباً بينما المتوسط العالمي لحصة الفرد من المياه 7500 متر مكعب أي نحو
2 في المئة لحصة الفرد في اليمن».
ويفيد تقرير جديد، صدر مؤخراً ويحمل عنوان
«تحت الضغط: الصراع الاجتماعي العنيف على الأرض والمياه في اليمن»، بأن «العنف الدائر
في اليمن نتيجة الصراع على الأرض وموارد المياه الشحيحة يحصد أرواحاً أكثر مما يحصده
التمرد و (الإرهاب) والحركات الانفصالية مجتمعة»، في إشارة إلى الحرب القائمة بين الدولة
والقبائل الحوثية.
كما سبقت الإشارة تنام صنعاء اليوم فوق
فوهة بركان شحة المياه الخامد، لكنه القابل للانفجار في أية لحظة، وبخلاف البراكين
التقليدية، فإن بركان المياه، عندما ينفجر، تصبح إمكانات التحكم في حركته وتجاهها في
غاية الصعوبة، وقد يؤدي إلى انفجارات اجتماعية وسياسية كما أشارت بعض التقارير.
أزمة المياه في اليمن
تعاني العديد من مناطق اليمن أزمةً حادةً
في مياه الشرب والزراعة والاستعمالات الأخرى، يحصل هذا في وقت بات فيه اليمنيون لا
يعولون كثيراً حتى على الآبار التي نضب الكثير منها، أزمة المياه في العديد من مناطق
اليمن تؤرق الكبار كما تؤرق الصغار، الصغار الذين يتحملون عبئاً كبيراً في جلبها من
العيون والينابيع والآبار المتبقية.
يذهب البعض في اليمن إلى انتقاد زراعة أشجار
القات بمرارة ويرون أن قسماً كبيراً من المياه يُهدر على ريها في وقت تتعرض فيه العاصمة
صنعاء لتهديد نضوب مصادر المياه خلال سنوات قليلة، وفي وقت تسعى فيه السلطات المعنية
لتدارك الوضع المتفاقم.
التقرير التالي يسلط الضوء على مشكلة تقرع
أبواب العديد من الدول والعواصم العربية بشدة، وتهدد أهلها بأوخم العواقب إذا لم يتم
البحث أو إيجاد حلول جذرية عاجلة، تقرير مراد هاشم من اليمن.
تقرير/ مراد هاشم: الخضرة وجمال الطبيعة
الخلاب في هذا الجزء من منطقة الحيمة بمحافظة تعز جنوبي اليمن مخادعان، ولا يكشفان
حقيقة مأساة تشهد المنطقة فصولها منذ منتصف الثمانينات.
أزمة حادة وخانقة في المياه حولت حياة الإنسان
هنا إلى معاناة ومكابدة مستمرة، عطش وظمأ دائمين جعل الهم والهاجس الأول لسكان المنطقة
هو البحث المتواصل عن الماء، وللحصول على قليل من كثير يحتاجونه يتجمعون يومياً لساعات
وقبل بزوغ الشمس أمام بضعة آبار للمياه هي بدورها في الرمق الأخير وتوشك على الجفاف.
أحد مواطني منطقة الحيمة- جنوب اليمن: عندنا
قلة مياه، عندنا الأبيار يعني قليلين جداً، خاصة هذا السنة مرة.
مراد هاشم: الطفولة في المنطقة مسخرة لنقل
الماء في صورة أقرب إلى العقاب الجماعي، مئات الأطفال يكابدون يومياً عناء نقل الماء
لمسافات متباعدة تزيد أحياناً عن خمسة كيلو مترات، فما أن يبدأ وعي الطفل بالتفتح على
معالم ودروب المنطقة حتى يزج به الكبار الذين ينشغلون بتدبير لقمة العيش في دوامة يومية
لا تنتهي إلا مع غروب الشمس، ويا له من عذاب.
أحد مواطني منطقة الحيمة- جنوب اليمن: حتى
دروسنا يعني.. ليس.. الدراسة بالصباح، العصر ندي ماء.
مراد هاشم: على هذا الحال من متى؟
أحد مواطني منطقة الحيمة: على هذا الحال
كما قال.. إحنا ما يجي هنا هذا وظيفتنا الماء نديه.
مراد هاشم: الحيمة التي أصبحت توفير مياه
للشرب لكل كائن حي فيها مشكلة حقيقية، كانت إلى سنوات قليلة مضت من أغنى مناطق اليمن
بالمياه، مجاري السيول كان يصعب عبورها بسبب تدفق المياه فيها، وأجزاء شاسعة في المنطقة
كانت تغمرها البحيرات، لكن الوضع المائي أخذ في التدهور والتداعي تدريجياً.
محمد الصوفي (من أهالي مدينة الحيمة-جنوب
اليمن): بدا يقل يقل حتى أنه انتهى، والآن مع شدة من الصراع.. ما نحصلش ميه نشرب، وهذا
كان يعني الماء كثير كثير خارج حدود خمسين (…) لو كان فيه سيارة يعني (..) مع ضغط حقه
ما يكونش .. ولو فيه ناس يمشون (..) أو حاجة يأخذهم الماء مع قوته والآن ما فيش، أصبح
يعني تصحر بالأرض.
مراد هاشم: مشروع المياه الوحيد في المنطقة
توقف بعدما أصاب العطب مضخاته، بسبب قلة الماء وكثرة الهواء في أنابيبها.
فيصل حمود (مشرف مشروع المياه في منطقة
الحيمة): أهم الأسباب قلة المياه وبعد المأخذ الذي يغذيه المشروع بعده حوالي 1200 متر
من ذلك يجي ماء قليل وأدى إلى احتراق المولد الدينامو -على الأقل- ضخ الماء للخزان
وأسباب أخرى يعني زي التمويل.
مراد هاشم: 40 بئراً ارتوازية فقط حفرت
تباعاً في هذه المنطقة وعلى مدى عقدين من الزمن كانت سبب الكارثة المائية، نصف عدد
هذه الآبار حفرها الأهالي لري مزارع القات في الغالب، وقد جف معظمها الآن.
عبد الجليل عطا (من مواطني المنطقة): آبار
حقيقية حفروها قبل عشرين سنة، والمؤسسات غرضها تنقله، حال ما.. ضاع عليه الماء ولا
حصلت شيء، زرعنا (..) ناشف ولا.. لا قدرنا نزاحم، لا قدرنا كيف نسوي ولا يعني الناس
بأزمة بحالة لا يعلم به إلا الله.
مراد هاشم: بقية الآبار في المنطقة حفرت
لإمداد مدينة تعز التي تبعد نحو 25 كيلو متراً جنوبي المنطقة بمياه الشرب.
نضوب المياه في آبار الحيمة أدى إلى أزمة
خانقة في مياه الشرب في مدينة تعز منذ منتصف الثمانينات، أكثر من نصف مليون شخص من
سكان المدينة أصبحت المياه تصل إلى منازلهم عبر شبكة المياه المحلية مرة واحدة كل
45 يوماً.
نصر المليكي (مدير المؤسسة المحلية للمياه):
النمو السكاني غير متوقع، والبدء في حفر.. الحفر العشوائي الكبير في نفس الحوض الذي
كانت تتغذى.. تُغذَّى منه مدينة تعز وهو كما أشرت حوض الحيمة، الحفر العشوائي الغير
منظم، وبأعداد كبيرة.
سبب ثاني: عدم تمكين الجهات المعنية بمراقبة
الضخ الجائر لعمل توازن بين الضخ وإعادة التغذية، وانخفاض هطول الأمطار الموسمية خلال
الـ15 السنة الماضية.
هذه الأسباب وغيرها أدت إلى جفاف بعض الآبار،
وهبوط منسوب البعض الآخر إلى حدود متفاوتة، وبدأت الأزمة تظهر بشكل كبير، فالدولة ممثلة
بمؤسساتها المعنية سارعت إلى عمل الحلول لتخفيف هذه الأزمة واستقر الرأي على حفر آبار
إسعافية داخل مدينة تعز وضواحيها، وتم حفر عدد من الآبار حين وصل.. وصل.. جت دورة التوزيع
إلى 45 يوم هذا في النصف الأول من التسعينيات، وعند حفر هذه الآبار وتشكيلها خفت حدة
الأزمة وانخفضت دورة.. انخفضت دورة التوزيع إلى الأحياء إلى ما بين 15 يوم وعشرين يوم.
مراد هاشم: برغم أن حصول سكان المدينة على
المياه مرة كل ثلاثة أسابيع خفف من مشكلتهم قليلاً، إلا أن الحصول عليها بعد نفاذ مخزونهم
منها لا يزال الهم الأكبر الذي يؤرق حياتهم.
مشاهد الزحام على صنابير المياه في المساجد
تتكرر في كثير من أحياء المدينة، القادرون من الناحية المادية يلجئون لسد احتياجاتهم
إلى شراء المياه التي تباع في صهاريج خاصة، في حين يكاد الجميع يعتمد على محطات تجارية
لتنقية المياه للحصول على مياه الشرب إذ أن السكان يتجنبون شرب المياه التي يحصلون
عليها من المصادر المختلفة بما في ذلك شبكة المياه المحلية، نظراً لتداعيها وقدمها
إذ يعود تاريخ إنشائها إلى الستينات وتزيد نسبة المياه المتسربة منها عن 40%.
نجيب قمير (رئيس القسم الفني في مؤسسة المياه):
حكاية تلوث مياه الشرب لا يوجد تلوث ولكن بعض الأحيان تكون هناك بعض المشاكل هناك تكون
بعض البيارات لبعض المواطنين تمر بجوار الخطوط شبكة المياه وبسبب قدم هذه الشبكة فيحصل
عملية تداخل بين هذه المجاري، ولكن هذه نادرة جداً، والآن تقوم المؤسسة بعملية تغيير
كامل وتحديث للشبكة.
مراد هاشم: حفر آبار المياه يتواصل في منطقة
وادي الضباب على بعد عشرة كيلو مترات جنوبي مدينة تعز والهدف هو تخفيف أزمة المياه
في المدينة.
نجيب قمير: تقوم المؤسسة بحفر مجموعة من
الآبار تصل إلى ثماني إلى عشر آبار تساهم بشكل كبير في تخفيف الأزمة اللي المدينة كونها
ترفد للمدينة بمياه جديدة.
مراد هاشم: أهالي الوادي يتابعون عمليات
الحفر بقلق بالغ خشية أن تشهد الأجيال المقبلة هنا أزمة مياه كتلك التي منها أهالي
منطقة الحيمة شمالي المدينة.
عبد الرحمن قائد (مهندس زراعي): هناك استنزاف
للموارد المائية نتيجة التوسع في زراعة القات، والقات يعتبر من المحاصيل التي تحتاج
كميات كبيرة من المياه للري، حتى يتضاعف عدد (...) المزارعين، استمرار جمع محصول القات
هذا وتوسعت توسع يعني بشكل يعني كبير مما أدى إلى استنزاف المياه وأصبحوا المواطنين
الآن بيعانوا هذه المشكلة فلا يوجد هناك يعني -زي ما تقول- ترشيد حتى في عملية استخدام
البدائل من إدخال أنظمة الري وترشيد استخدامات المياه وغيره.
مراد هاشم: ري أشجار القات في منطقة شرعب
غربي مدينة تعز يعتمد على مياه تجلب من المدينة في صهاريج خاصة رغم شحها في المدينة
وفي الكثير من قرى المنطقة التي يحصل سكانها بالكاد على مياه للشرب.
إبراهيم المخلافي (من أهالي منقطة شرعب):
أزمة المياه بالأساس ترجع إلى عامل رئيسي مهم جدا وهو استحواذ القات على 80% من الماء
الموجود.. من الماء الموجود البسيط جداً، إضافة إلى إنه ما فيش يعني تدخل من جانب الدولة.
دبوان هزير (من أهالي منقطة شرعب): أصبح
إحنا نفكر إن إحنا نرحل إلى المدينة من جفاف القرية يعني.
مراد هاشم: الهجرة لم تكن هي الحل بالنسبة
لسكان قريتي قرابة والمرزوع في جبل صبر المطل على مدينة تعز إذ أدى شح المياه بالجبل
الذي كان يزود المدينة بالمياه في الستينيات إلى نزاع واحتراب بين أهالي القريتين.
علي محمد قائد (مهندس زراعي من منطقة صبر):
القضية التي حدثت بين القريتين كثيراً ما تحدث نتيجة لاحتجاج حول .. بحكم الجوار وماء
الشرب تعرف أنه هناك أزمة موجودة في اليمن بشكل عام، ونحن من ضمن اليمن، فعندما حدثت
بعض الإشكالات بين القريتين تدخل أصحاب النفوذ وكان للرئيس القائد علي عبد الله صالح
الدور الأكبر في إنه حل هذه القضية، والآن يعيشون بسلام.
مراد هاشم: الوضع الحالي للموارد المائية
في المدينة وما حولها يبدو لهيئة الموارد المائية مقلقاً جداً بسبب استمرار التراجع
في معدلات هطل الأمطار.
عبد الله صالح (مدير هيئة الموارد المائية
في محافظة تعز الجنوبية): نحن الآن في الهيئة العامة للموارد المائية نتابع الوضع خصوصاً
للسنة هذه.. خصوصاً للسنة هذه يعني نتابع الوضع على يعني أعصابنا والسبب شحة الأمطار
هذه السنة، مع إنه في الأمطار قليلة جداً في عموم الجمهورية وخصوصاً في محافظة تعز.
مراد هاشم: ويبدو أن المشكلة المائية في
المدينة ستتفاقم خلال السنوات المقبلة بسبب التوسع العمراني والنمو السكاني اللذين
تشهدهما المدينة، إضافة إلى استمرار استنزاف الموارد المائية السطحية والجوفية.
أزمة المياه في محافظة تعز ليست استثناء
في اليمن فالعديد من المدن والمناطق اليمنية تعيش أزمات مماثلة وبدايات أزمات وفي مقدمتها
العاصمة صنعاء.
العاصمة صنعاء مرشحة لأن تكون أول عاصمة
في العالم تنضب فيها المياه، ويرى متخصصون أن المخزون الجوفي الذي تعتمد عليه المدينة
والذي تراكم عبر ملايين السنين سينضب في غضون الأعوام الخمسة القادمة، بسبب استمرار
عمليات الاستنزاف خاصة مع وجود أكثر من ثلاثين ألف بئر في حوض صنعاء، أغلبها قام الأهالي
بحفره.
يحيى نشوان (صحفي يمني متخصص في شؤون المياه):
الطبقة الاستقراطية العليا التي لا تدرك بحجم المشكلة .. تستفيد من استنزاف بشكل مباشر
أكثر من غيرها، أو على مستوى الطبقة التحتية، الجميع مشترك ولابد أن يسهم الجميع في
معالجة المشكلة بشكل ما أو بآخر.
مراد هاشم: ويعد اليمن من أفقر دول العالم
في الموارد المائية إذ لا يتجاوز متوسط نصيب الفرد سنوياً من المياه المائة وثلاثين
متراً مكعباً، وهو ما يساوي 3% فقط من متوسط نصيب الفرد في العالم.
محمد لطف الإرياني (وزير المياه والبيئة
اليمني): اليمن من البلدان التي لا توجد فيها أنهار وتعتمد اعتماد كامل على المياه
الجوفية وعلى مياه الأمطار في المقام الأول، حصة الفرد من المياه المتجددة في السنة
تضع اليمن ضمن أفقر عشر دول في العالم، وهذا يعطي صورة إنه الوضع المائي في اليمن الحقيقة
حرج جداً لأنه الموارد شحيحة، هذا على صعيد الموارد، على صعيد الخدمات هناك شيء الحقيقة
وجد نشيطية السنوات الماضية حدث إنه هناك اهتمام كبير بتحسين مرافق المياه وخدمات المياه
وهناك كثير من المشاريع والبرامج الاستثمارية التي وجُّهت لتقوية المؤسسات.. المؤسسات
المعنية ومرافق المياه، سواءً على صعيد تقويتها مؤسسياً أو على صعيد تنفيذ مشاريع جديدة
وتوسع في الخدمة، تحسين مستوى الخدمة.
مراد هاشم: كميات المياه المستهلكة في اليمن
تقدر سنوياً بثلاثة آلاف وأربعمائة مليون متر مكعب، في حين تصل كميات المياه المتاحة
إلى ألفين وخمسمائة مليون مكعب، أي أن معدل العجز الراهن في المياه يصل إلى نحو تسعمائة
مليون متر مكعب، وهو ما يضع اليمن واليمنيين أمام تحدٍ كبير وفي مواجهة كارثة مائية
محققة وذلك إذا لم يتم تدارك الأمر خلال وقت قياسي من خلال خطط عاجلة لا تحتمل أدنى
تأخير.
عانت عدن منذ القدم من مشكلة المياه حيث
لاتتوافر فيها موارد المياه ، وصهاريج الطويلة ماهي الاخير دليل لتفكير السكان الاولين
في مواجهة شحة المياه حيث شيدت للحفاظ على المياه مستفيدين بذلك من مياه الامطار .
وهي المشكلة نفسها واجهت المستعمر البريطاني عند احتلاله لمدينة عدن مما حدا به الى
عقد اتفاق مع سلطان لحج فضل بن الحسن العبدلي في 17مارس 1867 على شق قناة يغذيها اثنان
من احسن آبار الشيخ عثمان من الشمال باتجاه الجنوب نحو مدينة عدن (كريتر ) ..
ومع تزايد السكان تم انشاء اول محطة لتحلية
المياه البحرية في عام 1876تقريبا وهي اول محطة تحلية في العالم والواقعة اسفل جزيرة
صيرة التاريخية .. المعروفة حاليا بالبمبه .
علما بان كتب التاريخ قد اشارت الى ان الماء
العذب لمدينة عدن يعد مشكلة المشاكل منذ نشاتها بالنسبة لتوفيره لسكانها فمنذ القرن
الرابع الهجري كما ذكر الحسن ابن احمد الهمداني (صفة جزيرة العرب – تحقيق الاكوع
).. كما ان الماء العذب يجلب الى عدن من مصب وادي لحج ببحر عدن في المنطقة المعروفة
بالعماد ، كما انشات على سفوح الجبال المحيطة بعدن من الداخل وحول مجاري السيل صهاريج
لحفظ مياه الامطار وحفرت بداخل عدن ابار كان ماء بعضها قليل الملوحة يشرب عند الضرورة
والبعض الاخر كانت تغلب عليها الملوحة ويستعمل للغسل .
هذا وقد اوردت بعض الكتب بان عدن كانت يوجد
فيها العديد من الابار حيث وصل عدد ابار الماء العذب الى (16) بئر كان اشهرها بئر الزعفران
وقد امتاز هذا البئر بعذوبة ماءه واوقفت على المسلمين في ايام ابن المجاور وخالط ماءها
كما قال بعض الملوحة "بعض المراجع اشارت الى ان مياه بئر الزعفران كانت تصدر الى
بقية بقاع اليمن لعذوبتها حيث كانت تستخدم بصناعة النبيذ " وهناك (17)بئر ماؤها من بحر عدن و(4)ابار للخبة
بظاهر عدن "كانت عاصمة العقارب وتقع بالقرب من الشيخ الدويل". و (3)ابار
في مواضع اخرى (14) بئر مالحة و(7) ابار لم تذكر مواقعها ، وجميع هذه الابار قد سميت
باسماء بنائها او من قام بحفرها .
أروى محمد محمد صالح
انجليزي عام
الخميس مايو 09, 2013 10:32 pm من طرف قداري محمد
» استخدام طريقة العروض العملية في تدريس العلوم
الخميس أبريل 18, 2013 10:26 am من طرف قداري محمد
» Ten ways to improve Education
الخميس فبراير 21, 2013 8:44 am من طرف بشير.الحكيمي
» مقتطفات من تصميم وحدة الإحصاء في الرياضيات
الثلاثاء يناير 29, 2013 8:30 am من طرف بشير.الحكيمي
» تدريس مقرر تقنية المعلومات والاتصالات
الأربعاء يناير 02, 2013 7:49 am من طرف انور..الوحش
» تدريس مقرر تقنية المعلومات والاتصالات
الأربعاء ديسمبر 19, 2012 10:00 am من طرف محمدعبده العواضي
» الواجبات خلال الترم 5
السبت أكتوبر 06, 2012 11:12 pm من طرف بشرى الأغبري
» الواجبات خلال الترم4
السبت أكتوبر 06, 2012 11:11 pm من طرف بشرى الأغبري
» الواجبات خلال الترم3
السبت أكتوبر 06, 2012 11:10 pm من طرف بشرى الأغبري