مقدمـــــة
تعد مرحلة التعليم الثانوي مرحلة متميزة من مراحل نمو المتعلمين إذ تقع عليها تبعات أساسية وذلك للوفاء بحاجاتهم ورغباتهم وتطلعاتهم وإعدادهم في الوقت ذاته للوفاء باحتياجات المجتمع ومتطلباته التنموية ،وهى بحكم طبيعتها وموقعها في السلم التعليمي تقوم بدور تربوي واجتماعي متوازن،إذ تعد طلابها لمواصلة تعليمهم في الجامعات والمعاهد العليا ،كما تهيؤهم للانخراط في الحياة العملية من خلال الكشف عن ميولهم واستعداداتهم وقدراتهم ،والعمل على تنمية تلك القدرات بما يساعدهم على اختيار المهنة أو الدراسة التي تتناسب وخصائصهم.
( 84: 173 )*
ويعد التعليم الثانوي من المراحل المهمة التي تحتل موقعاً رئيساً في النظم التعليمية الحديثة في البلاد المتقدمة والنامية على حد سواء لما لها من أثر في تشكيل الشباب في فترة المراهقة ،بالإضافة إلى الدور المهم الذي تلعبه في تكوين المواطن السوي القادر على مواجهة متطلبات الحياة بفهم ووعى .( 50: 12 )
ولعلنا ندرك خطورة المرحلة الثانوية باعتبارها مرحلة عمرية حرجة تحتم على المناهج بشكل عام ومناهج التاريخ بشكل خاص، أن تسعى إلى تشكيل شخصية الطالب بحيث يصبح على وعى بالقضايا والمواقف والأحداث التاريخية من خلال فهم مستنير وتحليل دقيق وتعليل واضح للموضوعات المتضمنة في المنهج ، ولن يتحقق ما سبق إلا من خلال منهج مبنى على أسس واضحة ، يعكس فلسفة المجتمع ،ويراعى طبيعة طلاب المرحلة ، وينطلق من خلال أهداف محددة سلفاً،وفى نفس الوقت لا يتجاهل الاتجاهات العالمية في مجال تطويره ،فيأخذ منها ما يناسبه،ويدع مالا يتفق معه، منهج تتكامل من خلاله كافة عناصره ،فتحقق أهدافه بصورة مرضية.
وإذا كان المنهج المدرسي هو الوسيلة الرئيسة التي يستخدمها أي نظام مجتمعي في ترجمة أهدافه ونقلها إلى الناشئة، لإحداث التغيرات التي يرغبها وينشدها منهم ،وفى ضوء ذلك فإن المناهج الدراسية يجب أن تكون مرآة صادقة تعكس ظروف المجتمع الحقيقية، سهلها وصعبها ،حلوها ومرها ،ما يؤمن به المجتمع من مفاهيم وقيم ومعارف ومهارات ،وما يرتبط به من أنواع النشاط المختلفة .
وخلاصة ما سبق قوله ، ينبغي أن يكون المنهج المدرسي شديد الصلة بالنسيج الاجتماعي العام للمجتمع ،لأن المنهج السليم هو الذي يرتبط ارتباطاً عضوياً بظروف المجتمع وبالمتغيرات المختلفة التي يمر بها. ( 109 : 5 )
والواقع أن التغير الاجتماعي والتكنولوجي يشهد بأن المناهج التعليمية التي نسير عليها في الوقت الحاضر، لا تصلح لإعداد الأجيال الجديدة لمواجهة التحديات المواكبة للعصر الحاضر والمستقبل ، بالإضافة إلى كونها لا تعد المتعلم بما يسمح له بالتكيف مع المعارف الجديدة والتغيرات المتلاحقة التي تشهدها الساحة العالمية ،وربما يرجع السبب في هذا إلى أن تلك المناهج- وأخص منها منهج التاريخ- لازالت تهتم بالكم دون الاهتمام بالكيف ،وبالتالي فقدت روح التجديد والتغيير الذي يتطلبه العصر، وبذلك فإن دراسة المناهج الدراسية بشكل تحليلي نقدي ،تعد بمثابة خطوة مهمة على طريق الاهتمام بالعملية التعليمية ككل والعمل على تطويرها .
هذا ولم تعد أهمية مناهج التاريخ في حياة الأمم الآن موضع شك ،ولم تعد مكانة علم التاريخ في مناهج المدارس على اختلاف مراحلها الآن موضع تساؤل ،ولقد غبر زمان كان أهله يرددون وراء "كريستوفر دوسن "قوله: "ما أسعد أمة ليس وراءها تاريخ "وانقضى عصر كان مربوه يؤمنون بما ذهب إليه "جان جاك رو سو "من أن الحمقى هم الذين يسمحون لأولادهم بأن يتعلموا التاريخ (122: خ ).
لقد كان علم التاريخ في الماضي علم تثبيت الحاضر وتبرير أحواله ،والمحافظة على حسناته وعلى حماقاته على حد سواء .ومن ثم كان التاريخ من وسائل الرجعية ومحاربة التقدم .ولهذا ذهب بعض الفلاسفة إلى أن الأمة السعيدة هي تلك التي ليس من ورائها تاريخ يشدها إلى الماضي ويكبلها بقيوده فلا تتطور ولا تتقدم. أما الآن ،وبعد أن آمنت الأمم بضرورة التقدم والتطور ،واعتبرتهما من أهم وظائف المفكرين والحكام ،فقد أصبح التاريخ علم دراسة حركة الزمن ورصد اتجاهات التطور ،وأصبح من أدوات المجتمعات في معركة التطور والرقى.
والحقيقة أن للتاريخ أهمية عظمى في بناء الأمم ، والمحافظة على هويتها وشخصياتها بل وعلى قوتها ، وقدرتها على الشموخ والاستطالة والاستمرار، فهو جذور الأمة التي تضرب بها في الأعماق ، فلا تعصف بها الأنواء ، ولا تزلزلها الأعاصير ، ولا يفتنها الأعداء 00 وهو ذاكرة الأمة ، والذاكرة للأمة كالذاكرة للفرد تماماً ، وبها تعي الأمة ماضيها ، وتفسر حاضرها ، وتستشرف مستقبلها 0 (37 : 54- 55 ) 0
وأود أن أذكر أن التاريخ باعتباره مادة دراسية كان ضمن مناهج التعليم في مصر الفرعونية ،والشاهد على ذلك أن علماء الآثار قد عثروا على كراسات لتلاميذ مكتوب فيها بخطهم موضوعات تاريخية تمثل تاريخ أمتهم ،ومعارك الفرعون ورحلاته ،وغيرها من الموضوعات التاريخية التي تقطع الشك بأن التاريخ لم يكن ضمن المواد الدراسية في مصر منذ أقدم العصور (122: 73 )
وأود أن أشير أيضا إلى أن أول ذكر للتاريخ كمادة دراسية في مدارس التعليم الحديث نجده في منهج المدرسة التجهيز يه ،كما ورد في لائحة هذه المدرسة الصادرة في سنة 1837م،فقد ورد في هذه اللائحة أن مدة الدراسة في المرحلة الثانوية أربع سنوات قد تزاد إلى خمس ،ويتلقى التلاميذ فيها دروسا في اللغات العربية ،والتركية،والفارسية ،والحساب ،ومبادئ الجبر ،والهندسة ،والتاريخ،والجغرافيا،وخطى الثلث والرقعة ،ورسم الخطوط( 122 :92).
وكان علم التاريخ من أواخر المواد التي دخلت برامج المدارس في العصر الحديث ،وعولج في كتبها وفى قاعات الدراسة تقديس الماضي وفرض مثله وفلسفته وناسه على الحاضر . ومنذ عصر ثورة 1952زاد نصيب علم التاريخ عن ذي قبل،وتغيرت طريقته في معالجة أحداث تطور الأمم ، وتمشيا مع حاجة العصر زاد الوقت المخصص لعلم التاريخ في خطط الدراسة في جميع المدارس عند كل الدول بلا استثناء .
ودخل التاريخ ضمن برامج الدراسة في معاهد ليس من طبيعتها أن تدرس التاريخ ،ولعل ابرز مثال لذلك "المعهد العالي للفنون في "بوسطن "،فهو لتخصصه الضيق في العلم التطبيقي
( التكنولوجيا ) لم يكن في خطته متسع لعلم متلكئ كالتاريخ ،ولكنه أصبح ساعتها مادة أساسية في سنوات الدراسة الأربع المؤدية إلى درجة البكالوريوس فيه.وفى هذا ما يعنى أن تغيرا شديدا شاب فلسفة المعهد التي تقوم الآن على أساس أن علومه التطبيقية التي تعمل على تطوير المادة والثروة لا تستغني عن العلم الذي يعمل على تطوير العقل ويوضح الاتجاهات الاجتماعية التي يجب أن يسير فيها التطور المادي" ( 122 : ك ) .
مما سبق يتضح لنا مدى الاهتمام بدراسة مادة التاريخ ،واعتبارها ضمن المواد الأساسية بمناهج التعليم في جميع مراحل التعليم على المستوى العالمي،ويرجع سبب هذا الاهتمام إلى الشعور بقيمة مادة التاريخ ،ودورها في تحقيق أهداف لا يمكن لباقي المواد الأخرى أن تحققها.
وتجدر الإشارة إلى أن تعلم التاريخ لا يعنى حفظ حقائقه وتذكرها لذاتها ،وإنما يعنى فهم هذه الحقائق أولا والربط بينها وإدراك مغزاها والإفادة منها في فهم الحاضر الذي نعيش فيه والتكيف معه والسلوك وفقا لهذا العلم وهذا الفهم.
والتدريس الذي يوصل إلى هذا النوع من التعلم لا يعتمد أساسا على التحفيظ والتسميع ،وإنما يعتمد على المناقشة والمناظرة وبحث المشكلات وإعداد الأبحاث والتقارير والرجوع إلى المصادر الأصلية وغيرها من المراجع وزيارة المتاحف والآثار التاريخية وتتبع الأحداث الجارية وغير ذلك من نواحي النشاط المختلفة.
وفى ضوء ما سبق أشارت العديد من الدراسات والبحوث إلى تعدد أهداف تدريس التاريخ كمادة دراسية نذكر منها على سبيل التوضيح دراسة " ستيرنس" Stearns (1989) حيث أشار أن أهداف تدريس التاريخ يجب أن تكون على النحو التالي :-
1-تنمية القيم الأخلاقية .
2-تدعيم الهوية الوطنية.
3-تدعيم ثقافة الفرد التاريخية.
4-تنمية مهارات التفكير .
5- فهم المجتمع الذي نعيش فيه من خلال دراسة المجتمعات الأخرى.( 171 :1-3)
ويتفق كل من " اللقانى" و "عبد الحميد السيد" في أن ثمة أهدافا أخرى لتدريس التاريخ يتمثل بعضها في :-
-دراسة الماضي وموازنته بالحاضر 0
-تنمية فكرة التغيير لدى المتعلم ومساعدته على أن يكون قادراً على المشاركة فيه بل وإحداثه 0
-تكوين النظرة الموضوعية لدى المتعلم نحو مجريات الأمور من حوله 0
-فهم القضايا العالمية المعاصرة وإدراك أهمية التعاون بين الشعوب.
-تنمية فكرة التفاهم الدولي 0
-إتاحة الفرص للفرد للإحساس الآمن 0
-تنمية الإحساس الاجتماعي لدى المتعلم
-تفسير الحاضر 0
-إدراك حقيقة التغيير ومغزاه 0
-توضيح اتجاه المستقبل 0
-تنمية اتجاه الولاء للوطن 0( 4: 60– 71)، ( 65 : 30- 47)
ويذكر كل من " أبو الفتوح رضوان " " وفتحي يوسف مبارك" أن من أهداف تدريس التاريخ
- تنوير الحاضر في ضوء الماضي 0
- تقويم الحاضر 0
- بناء المستقبل 0
- بناء الخلق 0
- بناء العقل 0
- مدارسة الوطنية ( 2 : 57- 60 )
ويشير " دانس " DANCE إلى أن أهداف تدريس التاريخ في المرحلة الثانوية تتمثل في :-
- الحصول على الحقائق المتعلقة بالماضي ،وعلى المعلم أن يحرص على جعل الطلاب يفهمون هذه الحقائق ، لا أن يعرفونها فقط حيث أنه بدون معرفة الماضي ، والتفكير فيه سيكون من المستحيل فهم الحاضر ، ذلك أن المشكلات الحالية تعود إلى حد كبير إلى الأخطاء التي ارتكبت في الماضي ، ومن ثم فإن حلول هذه المشكلات غالباً ما يرتكز على حلول تتعلق بمشكلات مماثلة حدثت في عصور سابقة 0 ( 137 : 15-17)0
وعن فهم الحاضر من خلال الماضي كهدف من أهداف تدريس التاريخ في المرحلة الثانوية أجرى " روجرز " ROGERS " دراسة ذكر فيها أن كثيراً من الأحداث الجارية يتعذر فهمها واستيعابها دون إدراك لما يتصل بها من الأحداث الماضية ولقد ذكر الباحث أمثلة من التاريخ الحديث توضح صدق ودلالة قوله ، وذكر أنه لا يمكن فهم تلك الأحداث بصورة صحيحة دون معرفة أصولها ومن ذلك مثلاً " أن كثيراً من المشكلات التي تواجهها بعض الدول الأفريقية تعود إلى الفترة التي خضعت فيها هذه الدول للاستعمار ، ومن أبرز هذه المشكلات تلك التي تتعلق بترسيم الحدود بين هذه الدول ، ولقد نشأت هذه المشكلات بسبب النزاع بين القوى الاستعمارية وتكالبها على أفريقيا في تلك الفترة ( 179 :23- 25)
ويشير " يوسف جعفر سعادة " إلى أن التاريخ يهدف ضمن ما يهدف إلى فهم الحاضر ، فالأحداث الراهنة هي نتيجة لأحداث وظروف ولت وانتهت ، وما لم نفهم الموقف أو الأساس الذي قام عليه الموقف الحاضر ، فإن الوضع المعاصر يصبح سراً مغلقاً ، فلكي نفهم الشيء فهماً ذكياً يجب أن نتتبع أسبابه وخلفياته والتاريخ يساعد على فهم معنى الزمن ، فدراسته تؤدى إلى توعية الفرد بأن كل لحظة تمر تكون في مركز الحاضر ثم تمضى إلى ماض لا يمكن تغييره 0 ( 132 :17-20)
ويؤكد "هنرى جونسون " أن الغرض الأساسي من دراسة التاريخ هو أن يفهم المتعلم العالم الذي يعيش فيه فهما صحيحا قائما على الإحساس بمشكلاته وإدراك العوامل التي أوجدتها ،وبذلك يكون التاريخ عاملا هاما في تربية المواطن المستنير المفكر الذي يؤمن بالتطور والرقى،فلا يدرس التاريخ على انه قصة الأجداد في العصور المختلفة أو لمجرد المعرفة أو لإثارة الاهتمام فحسب ،بل لأن تاريخهم هو أساس نظمنا الحاضرة ومشكلاتنا الحالية ومدنيتنا الحديثة .لهذا ينبغي دراسة موضوعات المنهج دراسة تصل الماضي بالحاضر ليستطيع الطالب إدراك التطور وما يترتب عليه من فهم الحاضر والقدرة على تفسيره."
( 122 :137 )
ويذكر " ماكينل" Mcneill ( 1991 ) أن من الأهداف التي يجب على مناهج التاريخ أن تراعيها ما يلي:-
- تنمية الوعي السياسي لدى المتعلم .
- تنمية المواطنة .
- الربط بين الماضي والحاضر والمستقبل.
- تنمية مهارات البحث التاريخي .
- مراعاة الصدق والموضوعية في تناول الأحداث التاريخية.
- تنمية فكرة التفاهم العالمي.( 148 : 1-2 )
ويشير " عبد الحميد السيد " إلى دور التاريخ في تنمية التفكير العلمي ومهاراته بقوله " إن تنمية قدرة الطلاب على التفكير من الوظائف الرئيسية للتاريخ ، لأنها تتمشى مع طبيعته ، ذلك أن التاريخ ليس سجلاً لحقائق الماضي فحسب ، ولكنه في الوقت نفسه طريقة من طرق التفكير في الشئون الإنسانية 0 لهذا فإن تدريسه ، إذا ما وجه توجيهاً سليماً ، يكسب الطلاب القدرة على التفكير الذكي 0 وعلى هذا فإن دراسة التاريخ بطريقة صحيحة تتيح للطلاب فرصاً طيبة لاكتساب مهارات البحث ، والتحليل الناقد وتقويم الكلمة المطبوعة والمنطوقة
( 65 : 42).
وفى مجال التأكيد على أهمية مهارة التفكير الناقد في التاريخ فقد أعد " كونسلار" KOWNSLAR دراسة نظرية تناولت مهارات التفكير الناقد ، ولقد أكدت الدراسة على أهمية استخدام الوثائق التاريخية على اعتبار أن الاستخدام الصحيح للوثيقة يساهم بدور فعال في تنمية مهارات التفكير المختلفة ومنها مهارات التفكير الناقد ، وأكدت أيضا على ضرورة مساعدة الطلاب على تنمية مهاراتهم في التفكير الناقد ، وقد اختصت الأسئلة بأداة مهمة من أدوات تدريس التاريخ ، آلا وهى الوثيقة وتركزت الأسئلة حول أهم النقاط الرئيسة في الوثيقة ما اشتملت عليه من قيم ، وأسس تصنيف محتوى المصدر ، ومستوى موضوعيتها ، وما تضمنته الوثيقة من مسلمات ، وكذلك الادعاءات الصريحة وغير الصريحة المتضمنة بتلك الوثيقة. ( 152 :305-307) 0
ويشير "عبد الحميد السيد " إلى أن التاريخ لا يحقق الأهداف السابق ذكرها بمجرد تدريسه ، ولطالما درس التاريخ في مدارسنا دون أن يكون لتدريسه ما ندعيه من قيمة ، وإنما يشترط لذلك أن ترتبط أهداف تدريس التاريخ بوسائل تحقيقها (65 : 49).
وفى ضوء ما سبق ذكره من أهداف يرجى من منهج التاريخ تحقيقها ،يصبح لزاماً على من يطور منهج التاريخ محاولة تحقيق تلك الأهداف وترجمتها إلى واقع ، وإلا فلا قيمة لما يتم تطويره، ولا معنى له.
ومما تجدر الإشارة إليه أن الثقافة التاريخية تمثل إحدى مكونات الثقافة بصفة عامة، بل ومن أهمها على الإطلاق ، ذلك لأن التاريخ -كما سبق وأن ألمحنا- ذاكرة الأمة،وفى قول آخر: عرض الأمة ، فالأمة التي تستطيع البقاء ،هي التي لها ضمير تاريخي ،ومعرفة بالتاريخ وعشق له .
وإذا أردنا أن نصدر حكما على مدى رقى وتقدم أي مجتمع من المجتمعات فعلينا أن نرى أولاً مدى حرص هذا المجتمع على الاهتمام بتاريخه، وكذلك مدى صدق المنهج في عرض هذا التاريخ قديماً أو حديثاً، ذلك لأن الثقافة التاريخية التي يستوعبها الطلاب في أي مجتمع من المجتمعات تساهم وبشكل واضح في تشكيل شخصية هؤلاء الطلاب وكذلك في تكوين التوجهات المختلفة سواء منها السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، بالإضافة إلى تأثيرها على الجانب الخلقي وما يحتويه من قيم واتجاهات وميول ، ولعل ما سبق يشير إلى خطورة ما يقدم من الثقافة التاريخية لأجيالنا وهذا ما يدفعنا إلى أن نقف لنرى مدى صحة ما يقدم من معلومات تاريخية ضمن مناهج المراحل الدراسية المختلفة وكذلك الموضوعات التي يتم تناولها ومدى مناسبتها للطلاب وإنما يتسنى ذلك بمشاركتهم والمعلمين و أولياء الأمور
والمتخصصين في مجال المناهج بصفة عامة والتاريخ بصفة خاصة، في اختيار تلك الموضوعات وأخذ رأيهم فيها.
وترجع أهمية الثقافة التاريخية إلى أننا نعيش اليوم في مجتمع طرأت عليه تطورات اجتماعية واقتصادية وتكنولوجية كثيرة ،واقتحمته تيارات ثقافية متباينة ،فأدت إلى انفصام اجتماعي وثقافي خطير -لاسيما بين فئات الشباب– لهذا فان الحاجة ماسة إلى وجود ثقافة تاريخية تساهم في تأصيل الانتماء لله ثم للوطن لدى هذا الجيل من الشباب .
ويشير " مصطفى رجب " " وفيصل الراوي " إلى أن المقصود بالثقافة التاريخية: ما يتمتع به الطلاب في المراحل الدراسية المختلفة من اكتساب معرفة للنواحي التاريخية في أزمنتها المتعاقبة " (113 : 5 ) ،بينما يذكر "محمد عمارة " أن المقصود بالثقافة التاريخية" وعى الإنسان بالقضايا والأحداث التاريخية سواء أكانت تلك الأحداث أو القضايا قد حدثت في الماضي أم في الحاضر ، مع إمكانية التنبؤ بالمستقبل في ضوء وعيه وفهمه لتلك الأحداث والقضايا" ( 105 : 33 ) .
وليس المقصود بالثقافة التاريخية مجرد الإلمام بمجموعة من المعارف والحقائق والمفاهيم التاريخية وفقط ،وإنما المقصود - حينما نقدم تلك الحقائق والمفاهيم والأحداث التاريخية –أن نصطنع الأسلوب الذي يجعلها تترجم إلى مهارات واتجاهات إيجابية لدى المتعلم بما يؤدى إلى تكامل شخصيته .
ويذكر الباحث أن المقصود بالثقافة التاريخية "مستوى معين من المعارف والمعلومات والمفاهيم والحقائق والمهارات والقيم والاتجاهات التاريخية التي يلزم أن يمتلكها الإنسان حتى يتسنى له التعامل مع القضايا والمشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تواجهه بأسلوب يتسم بالوعي " .
إن الإنسان المثقف تاريخيا يمكن وصفه بأنه: ذلك الشخص الذي يمتلك صورة شاملة عن بنية التاريخ من معلومات واتجاهات وتعميمات ونظريات ومهارات واتجاهات تساعده على الفهم والتفسير لكل ما يتصل بهذا المجال ،كذلك يمكن وصف الشخص المثقف تاريخيا بأنه :القادر على نقل المفاهيم التاريخية إلى مستوي التطبيق في الحياة اليومية ،بل القادر على التخطيط واختزال المعرفة، وعلى هذا لا يكون حفظ المعارف واستيعابها ونقلها إلى العقول هي الغاية المرجوة ،وإنما قدرة الطلاب على استخدام المعرفة التاريخية وتطبيقها في الحياة اليومية.
يتضح لنا من خلال استعراض التعريفات السابقة للثقافة التاريخية ما يلي :
-أنها تجمع على أن أساس الثقافة التاريخية يتمثل في وجود قدر كاف من المعرفة التاريخية لدى الإنسان ( الحقائق –المعلومات –المفاهيم –التعميمات) و يعد ذلك بمثابة البعد المعرفي للثقافة التاريخية.
- إن المعرفة التاريخية وحدها لا تكفى لأن يكون الإنسان مثقفا تاريخيا بل لابد من وجود وعى لديه ، ونقصد بهذا الوعي الفهم القائم على أساس امتلاكه لمجموعة من المهارات التي تمكنه من الربط والتحليل والنقد والقدرة على ترتيب الفكر للحكم على قضية معينة أو أحداث تاريخية وقعت في الماضي البعيد أو القريب ،ويعد ذلك بمثابة البعد المهاري للثقافة التاريخية.
- إن وجود المعارف التاريخية وامتلاك مهارات البحث التاريخي لا يمكن أن يمتلكها الإنسان إلا إذا كان لديه ميل إلى قراءة التاريخ ليتكون لديه- من ثم -اتجاه إيجابي نحو دراسته ،مما ينعكس على تمثله للقيم الخلقية والاجتماعية اللازمة ،ويعد ذلك بمثابة البعد الوجداني للثقافة التاريخية .
- إن الشخص المثقف تاريخياً ليس هو المتخصص في دراسة التاريخ وحسب، بل قد يكون إنسانا له اهتمامات عملية تطبيقية، ورغم هذا فهو يعي ما يقرأ جيدا ،ويميز بين الغث والثمين من المعلومات التاريخية ،وهذا هو النوع المطلوب والذي تهدف إليه تلك الدراسة ، حيث نريد أن يكون معظم طلاب المرحلة الثانوية العامة بكافة توجهاتهم لديهم القدر المعقول من الثقافة التاريخية ،التي تؤهلهم لفهم ما يدور حولهم من تحولات وتغيرات على المستوى المحلى وعلى المستوى القومي بل والعالمي .
انطلاقاً مما سبق فإن مناهج التاريخ بالمرحلة الثانوية العامة بشكل خاص مطالبة بأن تعكس الثقافة التاريخية بصورتها الحقيقية والمطلوبة لدى طلاب تلك المرحلة ،وعلى هذا فإن تطوير منهج التاريخ على ضوء متطلبات الثقافة التاريخية اللازمة لطلاب تلك المرحلة من الضرورة بمكان، وذلك موضوع البحث الحالي والذي حاول الباحث تحقيقه.
وعند رصد واقع تدريس التاريخ في مدارسنا ومن خلال ما توصلت إليه الدراسات السابقة يتضح ما يلي :-
يشير كل من "يحيى عطية" و"إمام حميدة" إلى الأسباب التي جعلت البعض يعارض بشدة التاريخ باعتباره مادة دراسية في مراحل التعليم العام، ومن تلك الأسباب :-
-أن المادة التاريخية التي تقدم للطلاب في كل المراحل الدراسية جافة ومجردة بل وقليلة الفائدة ولا يشعر الطلاب بوظيفتها في حياتهم اليومية،ويكمن السر من وراء ذلك في أنها تركز على المواقف والأحداث التي تتصف بالتجريد والتي تنقطع صلتها بحياة الطلاب والبيئة التي يعيشون فيها .
-أن الطريقة التي يتم بها تعلم مادة التاريخ في معظم الأحيان تكاد لا تتطلب من الطلاب بحثا أو إعمال فكر، حتى أضحت مجرد إعداد وإلقاء من قبل المعلم، وتقبل واستماع من جانب الطلاب دون أن يكون لذلك أدنى أثر في اكتسابهم مهارات عقلية نافعة وميول واتجاهات وقيم مرغوبة ،الأمر الذي ترتب عليه أن تسقط المادة حتماً من أعين الطلاب لأنها لم ترتبط بأنفسهم برباط من الميل والاحترام ،وأصبح حفظ المعلومات غايته اجتياز امتحان نهاية العام فقط لكونه يمثل من وجهة نظرهم الهدف الرئيس لمادة التاريخ (124: 1).
ومن خلال فحص مناهج التاريخ الدراسية وبصفة خاصة في مرحلة التعليم الثانوي العام ،ومن خلال استقراء نتائج البحوث والدراسات التي تناولت بالدراسة والتحليل تلك المناهج ،نجد أن هناك العديد من الدراسات قد أكدت على وجود كثير من نقاط الضعف في تلك المناهج ومنها دراسة "عثمان الجزار" ( 74 ) ،ودراسة "عاطف محمد"( 64 )، ودراسة "على جوده "( 79 ) ،ودراسة"إمام حميدة"( 20 ) ، ودراسة "فوزية عزت"
( 92 )،ودراسة "يحيى عطية"( 127 )،"يحيى لطفي" ( 128 )، ودراسة "مديحة قرني" ( 110 )، حيث أشارت تلك الدراسات إلى ضرورة تطوير مناهج التاريخ بالمرحلة الثانوية العامة وذلك لتتحقق الأهداف التي وضعت هذه المناهج من أجلها،وبذا يتناسب التطوير مع طبيعة طلاب تلك المرحلة ،كما أظهرت تلك الدراسات عدم اعتماد تلك المناهج على نظرية واضحة أو فلسفة محددة ،فضلا عن عدم استنادها إلى أسس منهجية وضعف قدرات ومهارات الربط بين المواد الثقافية وأصولها الفلسفية لدى الكثير من واضعي المناهج ،وأخيرا رغبة المعلمين والطلاب وأولياء الأمور في تطوير مناهج التاريخ بتلك المرحلة.
ومن الدراسات التي أكدت على ضرورة الاهتمام بالثقافة التاريخية باعتبارها من المتطلبات الهامة لطلاب المرحلة الثانوية بشكل خاص ولكل مثقف بشكل عام، دراسة "مصطفى رجب" و" فيصل الراوى" ( 113 )،ودراسة " الجمعية المصرية للمناهج" ( 29 ) ودراسة" ستيرنس" Stearns ( 171 ) .
ولقد تولد الإحساس بمشكلة البحث لدى الباحث خلال إشرافه على طلاب التربية العملية
أثناء ممارستهم العمل والتدريب داخل المدارس الثانوية ،ومن خلال تدريس مناهج التاريخ بتلك المرحلة ،حيث لاحظ عدم رضا المعلمين عن مناهج التاريخ الموجودة حاليا ،و رغبتهم في دراسة بعض الموضوعات والقضايا غير المتضمنة بالمناهج الحالية ، ومنها على سبيل المثال ضرورة دراسة موضوعات التاريخ الإسلامي منذ البعثة النبوية الشريفة ،مع أهمية الإشارة إلى دور الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام في ترسيخ وبناء الدولة الإسلامية ،وكذلك توضيح الدروس المستفادة من خلال دراسة سيرة الرسول وصحابته الكرام.
ومن النماذج المطالب بضرورة تدريسها ضمن مناهج التاريخ الحديث ، دراسة القضية الفلسطينية بأبعادها المختلفة مع توضيح تطور مراحل الصراع بين العرب وإسرائيل ،وتوضيح الدروس المستفادة من دراسة أشكال هذا الصراع،وإبراز دور الشعوب في صناعة التاريخ .
وكذلك الحال بالنسبة للطلاب أنفسهم فقد وجد الباحث أن لديهم رغبة في دراسة موضوعات وقضايا غير متضمنة بالمنهج الحالي ،إضافة إلى توجيههم نقداً للمنهج الموجود حاليا وبخاصة كتاب التاريخ للمرحلة الثانوية العامة ( المرحلة الثانية ) .
وقام الباحث بفحص منهج التاريخ الحالي بالمرحلة الثانوية بهدف التعرف على مدى معالجة المنهج الحالي لبعض القضايا التاريخية ذات الأهمية بالنسبة للطلاب ،كما لاحظ أن محتوى المقرر لا يعالج الكثير من القضايا والمفاهيم التي يجب أن تكون عليها تلك المقررات.
إضافة إلى ما سبق حرص الباحث على استطلاع رأي بعض المعلمين وعينة من طلاب وطالبات المدرسة الثانوية العامة حول رأيهم في المنهج الحالي ،وكذلك التعرف على أهم موضوعات وقضايا التاريخ التي يرغبون في دراستها ضمن منهج التاريخ في تلك المرحلة ،وقد أظهرت النتائج –بالفعل-أهمية دراسة موضوعات وقضايا ضرورية تفيد في فهم القضايا والمشكلات المعاصرة وتنمى لديهم روح الانتماء،وتؤكد على تعميق مفهوم المواطنة.
ومن جهة أخرى ما حدث لمادة التاريخ في إطار النظام الحالي بالمرحلة الثانوية ،أعنى بعد أن تم تحويلها إلى مادة اختيارية في الصف الثاني أو الثالث الثانوي ،ونتيجة للضغوط التي تم ممارستها على المستوى الإعلامي وبخاصة في الصحف ..تم إعادة تدريس مادة التاريخ لتصبح إجبارية على طلاب القسم الأدبي فقط ،واختيارية بالنسبة لطلاب القسم العلمي .
وبرغم ذلك فإن المشكلة ما زالت قائمة باعتبارها- مادة التاريخ –مادة دراسية أصبحت لا تدرس إلا في عامين فقط من ضمن الثلاثة أعوام التي تمثل مدة الدراسة بالمرحلة الثانوية العامة،وبالتالي أصبح ما يدرسه الطلاب متمثلا في كتابين فقط بدلا من ثلاثة كتب ، لأنه قد تم دمج محتوى كتاب التاريخ بالصف الثاني الثانوي العام (نظام قديم )مع كتاب الصف الثالث الثانوي العام( نظام قديم) علماً بأن محتوى الكتابين مختلف تماماً، حيث يمثل القسم الأول ما أطلق عليه(الحضارة الإسلامية) بينما يمثل القسم الثاني ما أطلق عليه( تاريخ مصر والعرب الحديث) وبالطبع فإن هذا الدمج تم بصورة غير متأنية ،عبر عنها شكل المحتوى الفعلي للكتاب ،إضافة إلى أن هذا الدمج يتعارض مع فلسفة دراسة التاريخ في المدارس المصرية ،حيث من المفترض أن يدرس الطلاب مرحلة زمنية محددة بصورة توضح الأحداث والقضايا المتضمنة بها ، بما يحقق الأهداف المطلوبة ،ولكن الواقع جاء مخالفاً لذلك فتم حذف موضوعات كثيرة فيما يتصل بمحتوى كتاب التاريخ بالصف الثاني الثانوي (نظام قديم) وكذلك بالنسبة لكتاب التاريخ بالصف الثالث الثانوي (نظام قديم) فلم يكن الأمر بأحسن حالاً من سابقه.
كل ما سبق كان له أثراً سلبياً على جدوى تحقيق الأهداف المعلنة للمنهج لانعكاس ذلك على المنهج بشكل عام.
وفى حدود علم الباحث فإنه لا توجد دراسة مستقلة اختصت بتطوير منهج التاريخ بالمرحلة الثانوية العامة في ضوء متطلبات الثقافة التاريخية، وقد كان ذلك ضمن أسباب عدة أدت بالباحث إلى اختيار هذا الموضوع الذي تمثلت مشكلته على النحو التالي:
مشكلة البحث
إيماناً بالدور الفعال الذي تمثله دراسة التاريخ بالمراحل الدراسية المختلفة ،وانطلاقا من كون التاريخ علم دراسة الماضي بقصد تفسير الحاضر والتنبؤ بالمستقبل ،فإنه ينبغي على منهج التاريخ بالمرحلة الثانوية العامة أن يهتم بتزويد الطلاب بالثقافة التاريخية التي تسهم في إعدادهم بشكل جيد بحيث يصبح لديهم القدرة على التفاعل مع المجتمع وفهم القضايا والمشكلات التاريخية المختلفة .
وعلى هذا أمكن صياغة مشكلة البحث على النحو التالي :
كيف يمكن تطوير منهج التاريخ بالمرحلة الثانوية العامة على ضوء متطلبات الثقافة التاريخية اللازمة لطلاب تلك المرحلة؟
وتفرع عن هذه المشكلة الأسئلة الآتية:-
1-ما متطلبات الثقافة التاريخية ومدى توافرها في منهج التاريخ بالمرحلة الثانوية العامة؟
2-ما الإطار المقترح لمنهج مطور في التاريخ بالمرحلة الثانوية العامة على ضوء متطلبات الثقافة التاريخية ؟
3-ما تأثير تدريس وحدتين من وحدات المنهج المطور في تحقيق أهدافهما ؟
حدود البحث
التزم الباحث في إجراء هذا البحث بالحدود التالية :
1-وضع تصور مقترح لمنهج مطور في التاريخ للصفوف الثلاثة بالمرحلة الثانوية.
2-تطبيق وحدتين من وحدات المنهج المقترح وفق تصميم الموديولات في بعض مدارس محافظة القاهرة نظرا لتواجد محل عمل الباحث في تلك المحافظة .
أهمية البحث
ترجع أهمية هذا البحث إلى أوجه الاستفادة التي يمكن تقديمها إلى كل من :
1-طلاب المرحلة الثانوية العامة:
يقدم لهم منهج التاريخ بصورة تتناسب ومتطلباتهم ، بحيث يتم تطوير المنهج على ضوء آرائهم ورغباتهم التي وضعت في الاعتبار عند إعداد قائمة متطلبات الثقافة التاريخية وبالتالي فإن الموضوعات التاريخية التي تضمنها المنهج المطور تجيء وفق رغبة الطلاب ، وقد انعكس ذلك بصورة إيجابية على اتجاه الطلاب نحو مادة التاريخ، إضافة إلى اكتسابهم مهارات البحث التاريخي ،وارتفاع مستوى التحصيل لديهم ، ويعنى ذلك تمكنهم من تمثل الأبعاد الثلاث للثقافة التاريخية.
2- المعلمين:
يقدم لهم منهج التاريخ في الصورة التي يريدونه عليها ، بحيث يتم التطوير وفق آرائهم وفي صورة متكاملة ولقد تم التعبير عن ذلك من خلال الإطار العام الذي وضعه الباحث متضمناً الأهداف والمحتوى وطرق التدريس والوسائل التعليمية والأنشطة المصاحبة والتقويم .
3-مخططي المناهج ومعدي المواد التعليمية ومؤلفي كتب التاريخ:
- الإفادة من المنهج المطور في وضع مناهج ،وتأليف كتب ،وتصميم وسائل تعليمية وأنشطة تتناسب وطبيعة طلاب المرحلة الثانوية العامة.
- الإفادة من الموديولات التعليمية من حيث تصميم أهدافها ،ومحتواها ،وطرق وأساليب تدريسها والأنشطة وأساليب تقويمها.
- ضرورة إشراك الطلاب والمعلمين وخبراء المادة والمتخصصين عند تطوير المنهج .
- ضرورة الاهتمام باختيار الموضوعات والقضايا التاريخية التي تتناسب وطبيعة المرحلة الثانوية عند تضمين منهج المطور لهذه الموضوعات والقضايا.
4-البحث العلمي
قد يفتح هذا البحث آفاقاً جديدة لبحوث أخرى في نفس المجال.
مسلمات البحث
-تطوير المنهج عملية مستمرة تحتاج إلى تقويم مستمر ومراجعة دائمة من القائمين على العملية التعليمية.
- يسعى المنهج إلى مساعدة طلاب المرحلة الثانوية العامة بالحصول على الحد الأدنى من الثقافة التاريخية اللازمة.
خطوات البحث
للإجابة عن التساؤلات التي أثيرت في مشكلة البحث سوف يتبع الباحث الخطوات التالية :
للإجابة على السؤال الأول :
1- ما متطلبات الثقافة التاريخية ومدى توافرها في منهج التاريخ بالمرحلة الثانوية العامة
اتبع الباحث ما يلي :دراسة نظرية تضمنت:
- الاطلاع على الدراسات والبحوث في مجال تطوير مناهج التاريخ والدراسات التي اهتمت بالثقافة التاريخية.
-دراسة لمفهوم الثقافة التاريخية ،وأبعادها التربوية ،ونظريات تفسيرها ،وأهميتها وخصائصها التربوية.
- دراسة للأسس التي يتم على ضوئها تطوير منهج التاريخ ( طبيعة التاريخ-طبيعة المجتمع وخصائصه –طبيعة طلاب المرحلة الثانوية – الاتجاهات العالمية في تطوير مناهج التاريخ)
-استطلاع رأي الخبراء والمعلمين وأساتذة علم التاريخ وأساتذة المناهج وطرق التدريس
للتعرف على متطلبات الثقافة التاريخية اللازمة لطلاب المرحلة الثانوية العامة .
- مقابلات شخصية لطلاب المرحلة الثانوية العامة للتعرف على متطلبات الثقافة التاريخية اللازمة لهم.
في ضوء ما سبق توصل الباحث إلى قائمة متطلبات الثقافة التاريخية اللازمة لطلاب المرحلة الثانوية العامة.
-استطلاع رأي الخبراء والمعلمين وأساتذة علم التاريخ وأساتذة المناهج وطرق التدريس للتعرف على أهمية الموضوعات التاريخية المتضمنة في قائمة متطلبات الثقافة التاريخية اللازمة لطلاب المرحلة الثانوية العامة .
-تحليل محتوى منهج التاريخ بالمرحلة الثانوية العامة في ضوء قائمة متطلبات الثقافة التاريخية.
وللإجابة على السؤال الثاني :
2- ما الإطار المقترح لمنهج مطور في التاريخ بالمرحلة الثانوية العامة على ضوء متطلبات الثقافة التاريخية ؟
اتبع الباحث ما يلي :
- تم صياغة الإطار المقترح للمنهج المطور في ضوء قائمة متطلبات الثقافة التاريخية ،وقد تضمن التطوير (الأهداف – المحتوى –طرق التدريس – الأنشطة المصاحبة التقويم)
وللإجابة على السؤال الثالث :
3- ما تأثير تدريس وحدتين من وحدات المنهج المطور في تحقيق أهدافها ؟
اتبع الباحث ما يلي :
- تحديد الأسس التي تم على ضوئها بناء الوحدتين موضوعي الدراسة .
- تحديد الموضوعات المتضمنة بالوحدتين .
- تحديد الأهداف العامة والأهداف الإجرائية للوحدتين موضوع الدراسة (الموديولات التعليمية)
- تنظيم محتوى الوحدتين المختارتين (الموديولات التعليمية)
- تحديد الأنشطة والوسائل التعليمية وطرق التدريس المستخدمة وأساليب التقويم .
- تحديد مسؤولية الطالب (من خلال كتاب الطالب ) وطريقة التعامل مع الموديولات التعليمية.
- ضبط الوحدتين والتأكد من صلاحيتها .
- إعداد دليل المعلم،وضبط الدليل والتأكد من صلاحيته.
- إعداد أدوات تقويم الوحدتين المختارتين والتي تتمثل في:-
-اختبار تحصيل .
-معيار الحكم على مدى اكتساب الطلاب لمهارات البحث التاريخي .
-اختبار مهارات البحث التاريخ .
- مقياس الاتجاه نحو مادة التاريخ.
- اختيار عينة من طلاب الصف الثاني الثانوي العام وتقسيمها إلى مجموعتين (تجريبية
وضابطة) حيث تدرس المجموعة التجريبية موضوعات الوحدتين المطورتين ( لموديولات التعليمية)، بينما تدرس المجموعة الضابطة نفس الموضوعات بمحتواها الحالي بالكتاب المدرسي بالطريقة العادية.
-تطبيق الاختبارات والمقياس على المجموعتين قبلياً.
- تدريس الوحدتين المطورتين للمجموعة التجريبية ، بينما تدرس المجموعة الضابطة نفس الموضوعات بمحتواها الحالي بالكتاب المدرسي وبالطريقة العادية.
-تطبيق الاختبارات والمقياس على المجموعتين بعدياً .
- معالجة النتائج إحصائيا وتفسيرها .
- التوصيات والمقترحات.
أدوات البحــث
-قائمة بمتطلبات الثقافة التاريخية اللازمة لطلاب المرحلة الثانوية .
-استطلاع رأى ملاءمة متطلبات الثقافة التاريخية لطلاب المرحلة الثانوية .
-معيار التعرف على مدي اكتساب عينة البحث لمهارات البحث التاريخي.
-اختبار تحصيل .
-اختبار مهارات البحث التاريخي.
-مقياس الاتجاه نحو مادة التاريخ.
سابعاً: فـروض البـحــث
حاول البحث الحالي اختبار صحة الفروض التالية :
1- توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسط درجات المجموعة التجريبية ومتوسط درجات المجموعة الضابطة في التطبيق البعدي لاختبار التحصيل.
2- توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسط درجات المجموعة التجريبية ومتوسط درجات المجموعة الضابطة في التطبيق البعدي لاختبار مهارات البحث التاريخي.
3- توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسط درجات المجموعة التجريبية ومتوسط درجات المجموعة الضابطة في التطبيق البعدي لمقياس الاتجاه نحو مادة التاريخ.
مصطلحات البحـث .
تعريف المنهج:
تنوعت تعريفات المنهج وتعددت على النحو التالي:
1-" جميع الخبرات المخططة التي توجدها المدرسة لمساعدة التلميذ على بلوغ النتاجات التعليمية إلى أقصى درجة تمكنه منها قدراته( 130: 19 )
2- " كل الخبرات أو الأنشطة أو الممارسات المخططة التي توفرها المدرسة لمساعدة المتعلمين على تحقيق النتاجات التعليمية المنشودة بأفضل ما تستطيعه قدراتهم سواء أكان ذلك داخل حجرة الدرس أم خارجها" ( 121 : 12) .
3- " مجموعة من الفرص لمشاركة الفرد المراد تعليمه مع أشخاص آخرين ،ومع أشياء أخرى ( كافة الأشياء التي تحمل المعلومات والعمليات والطرائق والقيم ) ،بتنظيم معين للزمان والمكان" ( 130 :20 )
4-"أداة رسمية مقصودة تضم مجموع المعارف والخبرات التي يتبناها المجتمع لناشئته لصالح نموها ونجاحها الفردي والاجتماعي ،وتقوم المدرسة عادة بتعليمها لهم حسب خطط واستراتيجيات هادفة مدروسة"( 100 :18 )
5-" مجموعة الخبرات والأنشطة التي تقدمها المدرسة تحت إشرافها للتلاميذ بقصد احتكاكهم وتفاعلهم معها ،ومن نتائج هذا الاحتكاك والتفاعل يحدث تطوير أو تعديل في سلوكهم يؤدى إلى تحقيق النمو الشامل المتكامل الذي هو الهدف الأسمى للتربية" (104: 11)
ولقد أخذ الباحث بالتعريف الأخير نظرا لوضوحه بالإضافة إلى كونه يركز على الخبرات والأنشطة التي تعد من أهم الوسائل التي تعتمد عليها المدرسة الحديثة في تعليم طلابها وتعديل سلوكهم ،وأيضاً فإنه يتمشى مع الهدف الذي يدور حوله التصور المقترح للمنهج المطور.
تطوير المنهج:
ويعنى هذا المصطلح:
1 -"ترجمة الوصفات التخطيطية لواقع منهجي محسوس متمثل بوثيقة المنهج المطلوبة أو بمواده ووسائله وخدماته المساعدة"( 100 : 173).
2-"تخطيط الفرص التعليمية التي تستهدف إحراز تغيرات معينة في سلوك التلاميذ" ( 129: 303)
3-وأعنى به في هذا البحث : "إعادة صياغة محتوى المنهج بشكل يساعد على تحقيق الأهداف المرجوة منه في ظل إطار فكرى محدد يؤمن به القائمون على أمر المناهج الدراسية ويتفق ومتطلبات الثقافة التاريخية".
الثقافة التاريخية :
والمقصود بهذا المصطلح على نحو ما يتراءى لـ" مصطفى رجب " و" فيصل الراوي ":" ما يتمتع به الطلاب في المراحل الدراسية المختلفة من معرفة في النواحي التاريخية المختلفة" (113 : 5 ) ،بينما يرى "محمد عمارة" أن المقصود بالثقافة التاريخية:" وعى الإنسان بالقضايا والأحداث التاريخية سواء أكانت تلك الأحداث أو القضايا قد حدثت في الماضي أم في الحاضر ، مع إمكانية التنبؤ بالمستقبل على ضوء وعيه وفهمه لتلك الأحداث والقضايا"
( 105 : 33) .
وليس المقصود بالثقافة التاريخية مجرد الإلمام بمجموعة من المعارف والحقائق والمفاهيم التاريخية ،وإنما المقصود - حينما نقدم تلك الحقائق والمفاهيم والأحداث التاريخية –أن نصطنع الأسلوب الذي يجعلها تترجم إلى مهارات واتجاهات إيجابية لدى المتعلم بل وتتحول إلى دروس مستفادة في حياة الإنسان، مما يؤدى إلى تكامل شخصيته .
ولقد عرف الباحث الثقافة التاريخية بصورة إجرائية على أنها""مستوى معين من المعارف والمعلومات والمفاهيم والحقائق -تؤدى بدورها إلى الوصول إلى تعميمات- والمهارات والقيم والاتجاهات التاريخية التي يلزم أن يمتلكها الإنسان حتى يتسنى له التعامل مع القضايا والمشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تواجهه بأسلوب يتسم بالوعي
تحليل المحتوى :
ومن التعريفات التي جاءت لتوضيح مصطلح تحليل المحتوى:
"عملية ملازمة للفكر الإنساني تستهدف إدراك الأشياء بوضوح ،من خلال عزل عناصرها بعضها عن بعض ،ومعرفة خصائص أو سمات هذه العناصر وطبيعة العلاقات التي تقوم بينها"( 102 : 13 ).
-"مجموعة الخطوات المنهجية التي تسعى إلى اكتشاف المعاني الكامنة في المحتوى ،والعلاقات الارتباطية بهذه المعاني ،من خلال البحث الكمي الموضوعي ،والمنظم للسمات الظاهرة في هذا المحتوى "( 102 :55)
-"أسلوب ضمن الأساليب البحثية التي تستخدم في تحليل المواد الإعلامية بهدف التوصل إلى استدلالات واستنتاجات صحيحة ومطابقة في حالة إعادة البحث والتحليل" ( 53 : 19)
-أنه: "أسلوب يستخدم في البحوث بغرض الوصف الموضوعي المنظم لمضمون البيانات أو المعلومات التي يتم إبدالها ببعض الإجراءات الكمية"(146 : 1074 -1075 )
ويعتبر تحليل المحتوى بهذا أداة من أدوات البحث العلمي تستهدف إبراز خصائص المادة موضوع التحليل سواء من الجانب الكمي أم الكيفي (46 : 41 )
ويهدف تحليل المحتوى هنا إلى وصف ودراسة المضمون الظاهر لمادة التاريخ المقررة على طلاب المرحلة الثانوية العامة كما وكيفا للتعرف مواطن القوة ومواطن الضعف على ضوء قائمة متطلبات الثقافة التاريخية التي تم التوصل إليها.
الموديول :
يقصد به : " الوحدة التعليمية النموذجية المصغرة التي تأتى ضمن مجموعة متتابعة ومتكاملة من الوحدات وهى ذات أهداف محددة وقدر معين من المادة التعليمية وسلسلة من الأنشطة المتنوعة ،مع توجيهات لمصادر تعلم أخرى يختار منها المتعلم ما يناسب قدراته ،ويمارسها ذاتياً تحت إشراف وتوجيه المعلم ".
تعد مرحلة التعليم الثانوي مرحلة متميزة من مراحل نمو المتعلمين إذ تقع عليها تبعات أساسية وذلك للوفاء بحاجاتهم ورغباتهم وتطلعاتهم وإعدادهم في الوقت ذاته للوفاء باحتياجات المجتمع ومتطلباته التنموية ،وهى بحكم طبيعتها وموقعها في السلم التعليمي تقوم بدور تربوي واجتماعي متوازن،إذ تعد طلابها لمواصلة تعليمهم في الجامعات والمعاهد العليا ،كما تهيؤهم للانخراط في الحياة العملية من خلال الكشف عن ميولهم واستعداداتهم وقدراتهم ،والعمل على تنمية تلك القدرات بما يساعدهم على اختيار المهنة أو الدراسة التي تتناسب وخصائصهم.
( 84: 173 )*
ويعد التعليم الثانوي من المراحل المهمة التي تحتل موقعاً رئيساً في النظم التعليمية الحديثة في البلاد المتقدمة والنامية على حد سواء لما لها من أثر في تشكيل الشباب في فترة المراهقة ،بالإضافة إلى الدور المهم الذي تلعبه في تكوين المواطن السوي القادر على مواجهة متطلبات الحياة بفهم ووعى .( 50: 12 )
ولعلنا ندرك خطورة المرحلة الثانوية باعتبارها مرحلة عمرية حرجة تحتم على المناهج بشكل عام ومناهج التاريخ بشكل خاص، أن تسعى إلى تشكيل شخصية الطالب بحيث يصبح على وعى بالقضايا والمواقف والأحداث التاريخية من خلال فهم مستنير وتحليل دقيق وتعليل واضح للموضوعات المتضمنة في المنهج ، ولن يتحقق ما سبق إلا من خلال منهج مبنى على أسس واضحة ، يعكس فلسفة المجتمع ،ويراعى طبيعة طلاب المرحلة ، وينطلق من خلال أهداف محددة سلفاً،وفى نفس الوقت لا يتجاهل الاتجاهات العالمية في مجال تطويره ،فيأخذ منها ما يناسبه،ويدع مالا يتفق معه، منهج تتكامل من خلاله كافة عناصره ،فتحقق أهدافه بصورة مرضية.
وإذا كان المنهج المدرسي هو الوسيلة الرئيسة التي يستخدمها أي نظام مجتمعي في ترجمة أهدافه ونقلها إلى الناشئة، لإحداث التغيرات التي يرغبها وينشدها منهم ،وفى ضوء ذلك فإن المناهج الدراسية يجب أن تكون مرآة صادقة تعكس ظروف المجتمع الحقيقية، سهلها وصعبها ،حلوها ومرها ،ما يؤمن به المجتمع من مفاهيم وقيم ومعارف ومهارات ،وما يرتبط به من أنواع النشاط المختلفة .
وخلاصة ما سبق قوله ، ينبغي أن يكون المنهج المدرسي شديد الصلة بالنسيج الاجتماعي العام للمجتمع ،لأن المنهج السليم هو الذي يرتبط ارتباطاً عضوياً بظروف المجتمع وبالمتغيرات المختلفة التي يمر بها. ( 109 : 5 )
والواقع أن التغير الاجتماعي والتكنولوجي يشهد بأن المناهج التعليمية التي نسير عليها في الوقت الحاضر، لا تصلح لإعداد الأجيال الجديدة لمواجهة التحديات المواكبة للعصر الحاضر والمستقبل ، بالإضافة إلى كونها لا تعد المتعلم بما يسمح له بالتكيف مع المعارف الجديدة والتغيرات المتلاحقة التي تشهدها الساحة العالمية ،وربما يرجع السبب في هذا إلى أن تلك المناهج- وأخص منها منهج التاريخ- لازالت تهتم بالكم دون الاهتمام بالكيف ،وبالتالي فقدت روح التجديد والتغيير الذي يتطلبه العصر، وبذلك فإن دراسة المناهج الدراسية بشكل تحليلي نقدي ،تعد بمثابة خطوة مهمة على طريق الاهتمام بالعملية التعليمية ككل والعمل على تطويرها .
هذا ولم تعد أهمية مناهج التاريخ في حياة الأمم الآن موضع شك ،ولم تعد مكانة علم التاريخ في مناهج المدارس على اختلاف مراحلها الآن موضع تساؤل ،ولقد غبر زمان كان أهله يرددون وراء "كريستوفر دوسن "قوله: "ما أسعد أمة ليس وراءها تاريخ "وانقضى عصر كان مربوه يؤمنون بما ذهب إليه "جان جاك رو سو "من أن الحمقى هم الذين يسمحون لأولادهم بأن يتعلموا التاريخ (122: خ ).
لقد كان علم التاريخ في الماضي علم تثبيت الحاضر وتبرير أحواله ،والمحافظة على حسناته وعلى حماقاته على حد سواء .ومن ثم كان التاريخ من وسائل الرجعية ومحاربة التقدم .ولهذا ذهب بعض الفلاسفة إلى أن الأمة السعيدة هي تلك التي ليس من ورائها تاريخ يشدها إلى الماضي ويكبلها بقيوده فلا تتطور ولا تتقدم. أما الآن ،وبعد أن آمنت الأمم بضرورة التقدم والتطور ،واعتبرتهما من أهم وظائف المفكرين والحكام ،فقد أصبح التاريخ علم دراسة حركة الزمن ورصد اتجاهات التطور ،وأصبح من أدوات المجتمعات في معركة التطور والرقى.
والحقيقة أن للتاريخ أهمية عظمى في بناء الأمم ، والمحافظة على هويتها وشخصياتها بل وعلى قوتها ، وقدرتها على الشموخ والاستطالة والاستمرار، فهو جذور الأمة التي تضرب بها في الأعماق ، فلا تعصف بها الأنواء ، ولا تزلزلها الأعاصير ، ولا يفتنها الأعداء 00 وهو ذاكرة الأمة ، والذاكرة للأمة كالذاكرة للفرد تماماً ، وبها تعي الأمة ماضيها ، وتفسر حاضرها ، وتستشرف مستقبلها 0 (37 : 54- 55 ) 0
وأود أن أذكر أن التاريخ باعتباره مادة دراسية كان ضمن مناهج التعليم في مصر الفرعونية ،والشاهد على ذلك أن علماء الآثار قد عثروا على كراسات لتلاميذ مكتوب فيها بخطهم موضوعات تاريخية تمثل تاريخ أمتهم ،ومعارك الفرعون ورحلاته ،وغيرها من الموضوعات التاريخية التي تقطع الشك بأن التاريخ لم يكن ضمن المواد الدراسية في مصر منذ أقدم العصور (122: 73 )
وأود أن أشير أيضا إلى أن أول ذكر للتاريخ كمادة دراسية في مدارس التعليم الحديث نجده في منهج المدرسة التجهيز يه ،كما ورد في لائحة هذه المدرسة الصادرة في سنة 1837م،فقد ورد في هذه اللائحة أن مدة الدراسة في المرحلة الثانوية أربع سنوات قد تزاد إلى خمس ،ويتلقى التلاميذ فيها دروسا في اللغات العربية ،والتركية،والفارسية ،والحساب ،ومبادئ الجبر ،والهندسة ،والتاريخ،والجغرافيا،وخطى الثلث والرقعة ،ورسم الخطوط( 122 :92).
وكان علم التاريخ من أواخر المواد التي دخلت برامج المدارس في العصر الحديث ،وعولج في كتبها وفى قاعات الدراسة تقديس الماضي وفرض مثله وفلسفته وناسه على الحاضر . ومنذ عصر ثورة 1952زاد نصيب علم التاريخ عن ذي قبل،وتغيرت طريقته في معالجة أحداث تطور الأمم ، وتمشيا مع حاجة العصر زاد الوقت المخصص لعلم التاريخ في خطط الدراسة في جميع المدارس عند كل الدول بلا استثناء .
ودخل التاريخ ضمن برامج الدراسة في معاهد ليس من طبيعتها أن تدرس التاريخ ،ولعل ابرز مثال لذلك "المعهد العالي للفنون في "بوسطن "،فهو لتخصصه الضيق في العلم التطبيقي
( التكنولوجيا ) لم يكن في خطته متسع لعلم متلكئ كالتاريخ ،ولكنه أصبح ساعتها مادة أساسية في سنوات الدراسة الأربع المؤدية إلى درجة البكالوريوس فيه.وفى هذا ما يعنى أن تغيرا شديدا شاب فلسفة المعهد التي تقوم الآن على أساس أن علومه التطبيقية التي تعمل على تطوير المادة والثروة لا تستغني عن العلم الذي يعمل على تطوير العقل ويوضح الاتجاهات الاجتماعية التي يجب أن يسير فيها التطور المادي" ( 122 : ك ) .
مما سبق يتضح لنا مدى الاهتمام بدراسة مادة التاريخ ،واعتبارها ضمن المواد الأساسية بمناهج التعليم في جميع مراحل التعليم على المستوى العالمي،ويرجع سبب هذا الاهتمام إلى الشعور بقيمة مادة التاريخ ،ودورها في تحقيق أهداف لا يمكن لباقي المواد الأخرى أن تحققها.
وتجدر الإشارة إلى أن تعلم التاريخ لا يعنى حفظ حقائقه وتذكرها لذاتها ،وإنما يعنى فهم هذه الحقائق أولا والربط بينها وإدراك مغزاها والإفادة منها في فهم الحاضر الذي نعيش فيه والتكيف معه والسلوك وفقا لهذا العلم وهذا الفهم.
والتدريس الذي يوصل إلى هذا النوع من التعلم لا يعتمد أساسا على التحفيظ والتسميع ،وإنما يعتمد على المناقشة والمناظرة وبحث المشكلات وإعداد الأبحاث والتقارير والرجوع إلى المصادر الأصلية وغيرها من المراجع وزيارة المتاحف والآثار التاريخية وتتبع الأحداث الجارية وغير ذلك من نواحي النشاط المختلفة.
وفى ضوء ما سبق أشارت العديد من الدراسات والبحوث إلى تعدد أهداف تدريس التاريخ كمادة دراسية نذكر منها على سبيل التوضيح دراسة " ستيرنس" Stearns (1989) حيث أشار أن أهداف تدريس التاريخ يجب أن تكون على النحو التالي :-
1-تنمية القيم الأخلاقية .
2-تدعيم الهوية الوطنية.
3-تدعيم ثقافة الفرد التاريخية.
4-تنمية مهارات التفكير .
5- فهم المجتمع الذي نعيش فيه من خلال دراسة المجتمعات الأخرى.( 171 :1-3)
ويتفق كل من " اللقانى" و "عبد الحميد السيد" في أن ثمة أهدافا أخرى لتدريس التاريخ يتمثل بعضها في :-
-دراسة الماضي وموازنته بالحاضر 0
-تنمية فكرة التغيير لدى المتعلم ومساعدته على أن يكون قادراً على المشاركة فيه بل وإحداثه 0
-تكوين النظرة الموضوعية لدى المتعلم نحو مجريات الأمور من حوله 0
-فهم القضايا العالمية المعاصرة وإدراك أهمية التعاون بين الشعوب.
-تنمية فكرة التفاهم الدولي 0
-إتاحة الفرص للفرد للإحساس الآمن 0
-تنمية الإحساس الاجتماعي لدى المتعلم
-تفسير الحاضر 0
-إدراك حقيقة التغيير ومغزاه 0
-توضيح اتجاه المستقبل 0
-تنمية اتجاه الولاء للوطن 0( 4: 60– 71)، ( 65 : 30- 47)
ويذكر كل من " أبو الفتوح رضوان " " وفتحي يوسف مبارك" أن من أهداف تدريس التاريخ
- تنوير الحاضر في ضوء الماضي 0
- تقويم الحاضر 0
- بناء المستقبل 0
- بناء الخلق 0
- بناء العقل 0
- مدارسة الوطنية ( 2 : 57- 60 )
ويشير " دانس " DANCE إلى أن أهداف تدريس التاريخ في المرحلة الثانوية تتمثل في :-
- الحصول على الحقائق المتعلقة بالماضي ،وعلى المعلم أن يحرص على جعل الطلاب يفهمون هذه الحقائق ، لا أن يعرفونها فقط حيث أنه بدون معرفة الماضي ، والتفكير فيه سيكون من المستحيل فهم الحاضر ، ذلك أن المشكلات الحالية تعود إلى حد كبير إلى الأخطاء التي ارتكبت في الماضي ، ومن ثم فإن حلول هذه المشكلات غالباً ما يرتكز على حلول تتعلق بمشكلات مماثلة حدثت في عصور سابقة 0 ( 137 : 15-17)0
وعن فهم الحاضر من خلال الماضي كهدف من أهداف تدريس التاريخ في المرحلة الثانوية أجرى " روجرز " ROGERS " دراسة ذكر فيها أن كثيراً من الأحداث الجارية يتعذر فهمها واستيعابها دون إدراك لما يتصل بها من الأحداث الماضية ولقد ذكر الباحث أمثلة من التاريخ الحديث توضح صدق ودلالة قوله ، وذكر أنه لا يمكن فهم تلك الأحداث بصورة صحيحة دون معرفة أصولها ومن ذلك مثلاً " أن كثيراً من المشكلات التي تواجهها بعض الدول الأفريقية تعود إلى الفترة التي خضعت فيها هذه الدول للاستعمار ، ومن أبرز هذه المشكلات تلك التي تتعلق بترسيم الحدود بين هذه الدول ، ولقد نشأت هذه المشكلات بسبب النزاع بين القوى الاستعمارية وتكالبها على أفريقيا في تلك الفترة ( 179 :23- 25)
ويشير " يوسف جعفر سعادة " إلى أن التاريخ يهدف ضمن ما يهدف إلى فهم الحاضر ، فالأحداث الراهنة هي نتيجة لأحداث وظروف ولت وانتهت ، وما لم نفهم الموقف أو الأساس الذي قام عليه الموقف الحاضر ، فإن الوضع المعاصر يصبح سراً مغلقاً ، فلكي نفهم الشيء فهماً ذكياً يجب أن نتتبع أسبابه وخلفياته والتاريخ يساعد على فهم معنى الزمن ، فدراسته تؤدى إلى توعية الفرد بأن كل لحظة تمر تكون في مركز الحاضر ثم تمضى إلى ماض لا يمكن تغييره 0 ( 132 :17-20)
ويؤكد "هنرى جونسون " أن الغرض الأساسي من دراسة التاريخ هو أن يفهم المتعلم العالم الذي يعيش فيه فهما صحيحا قائما على الإحساس بمشكلاته وإدراك العوامل التي أوجدتها ،وبذلك يكون التاريخ عاملا هاما في تربية المواطن المستنير المفكر الذي يؤمن بالتطور والرقى،فلا يدرس التاريخ على انه قصة الأجداد في العصور المختلفة أو لمجرد المعرفة أو لإثارة الاهتمام فحسب ،بل لأن تاريخهم هو أساس نظمنا الحاضرة ومشكلاتنا الحالية ومدنيتنا الحديثة .لهذا ينبغي دراسة موضوعات المنهج دراسة تصل الماضي بالحاضر ليستطيع الطالب إدراك التطور وما يترتب عليه من فهم الحاضر والقدرة على تفسيره."
( 122 :137 )
ويذكر " ماكينل" Mcneill ( 1991 ) أن من الأهداف التي يجب على مناهج التاريخ أن تراعيها ما يلي:-
- تنمية الوعي السياسي لدى المتعلم .
- تنمية المواطنة .
- الربط بين الماضي والحاضر والمستقبل.
- تنمية مهارات البحث التاريخي .
- مراعاة الصدق والموضوعية في تناول الأحداث التاريخية.
- تنمية فكرة التفاهم العالمي.( 148 : 1-2 )
ويشير " عبد الحميد السيد " إلى دور التاريخ في تنمية التفكير العلمي ومهاراته بقوله " إن تنمية قدرة الطلاب على التفكير من الوظائف الرئيسية للتاريخ ، لأنها تتمشى مع طبيعته ، ذلك أن التاريخ ليس سجلاً لحقائق الماضي فحسب ، ولكنه في الوقت نفسه طريقة من طرق التفكير في الشئون الإنسانية 0 لهذا فإن تدريسه ، إذا ما وجه توجيهاً سليماً ، يكسب الطلاب القدرة على التفكير الذكي 0 وعلى هذا فإن دراسة التاريخ بطريقة صحيحة تتيح للطلاب فرصاً طيبة لاكتساب مهارات البحث ، والتحليل الناقد وتقويم الكلمة المطبوعة والمنطوقة
( 65 : 42).
وفى مجال التأكيد على أهمية مهارة التفكير الناقد في التاريخ فقد أعد " كونسلار" KOWNSLAR دراسة نظرية تناولت مهارات التفكير الناقد ، ولقد أكدت الدراسة على أهمية استخدام الوثائق التاريخية على اعتبار أن الاستخدام الصحيح للوثيقة يساهم بدور فعال في تنمية مهارات التفكير المختلفة ومنها مهارات التفكير الناقد ، وأكدت أيضا على ضرورة مساعدة الطلاب على تنمية مهاراتهم في التفكير الناقد ، وقد اختصت الأسئلة بأداة مهمة من أدوات تدريس التاريخ ، آلا وهى الوثيقة وتركزت الأسئلة حول أهم النقاط الرئيسة في الوثيقة ما اشتملت عليه من قيم ، وأسس تصنيف محتوى المصدر ، ومستوى موضوعيتها ، وما تضمنته الوثيقة من مسلمات ، وكذلك الادعاءات الصريحة وغير الصريحة المتضمنة بتلك الوثيقة. ( 152 :305-307) 0
ويشير "عبد الحميد السيد " إلى أن التاريخ لا يحقق الأهداف السابق ذكرها بمجرد تدريسه ، ولطالما درس التاريخ في مدارسنا دون أن يكون لتدريسه ما ندعيه من قيمة ، وإنما يشترط لذلك أن ترتبط أهداف تدريس التاريخ بوسائل تحقيقها (65 : 49).
وفى ضوء ما سبق ذكره من أهداف يرجى من منهج التاريخ تحقيقها ،يصبح لزاماً على من يطور منهج التاريخ محاولة تحقيق تلك الأهداف وترجمتها إلى واقع ، وإلا فلا قيمة لما يتم تطويره، ولا معنى له.
ومما تجدر الإشارة إليه أن الثقافة التاريخية تمثل إحدى مكونات الثقافة بصفة عامة، بل ومن أهمها على الإطلاق ، ذلك لأن التاريخ -كما سبق وأن ألمحنا- ذاكرة الأمة،وفى قول آخر: عرض الأمة ، فالأمة التي تستطيع البقاء ،هي التي لها ضمير تاريخي ،ومعرفة بالتاريخ وعشق له .
وإذا أردنا أن نصدر حكما على مدى رقى وتقدم أي مجتمع من المجتمعات فعلينا أن نرى أولاً مدى حرص هذا المجتمع على الاهتمام بتاريخه، وكذلك مدى صدق المنهج في عرض هذا التاريخ قديماً أو حديثاً، ذلك لأن الثقافة التاريخية التي يستوعبها الطلاب في أي مجتمع من المجتمعات تساهم وبشكل واضح في تشكيل شخصية هؤلاء الطلاب وكذلك في تكوين التوجهات المختلفة سواء منها السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، بالإضافة إلى تأثيرها على الجانب الخلقي وما يحتويه من قيم واتجاهات وميول ، ولعل ما سبق يشير إلى خطورة ما يقدم من الثقافة التاريخية لأجيالنا وهذا ما يدفعنا إلى أن نقف لنرى مدى صحة ما يقدم من معلومات تاريخية ضمن مناهج المراحل الدراسية المختلفة وكذلك الموضوعات التي يتم تناولها ومدى مناسبتها للطلاب وإنما يتسنى ذلك بمشاركتهم والمعلمين و أولياء الأمور
والمتخصصين في مجال المناهج بصفة عامة والتاريخ بصفة خاصة، في اختيار تلك الموضوعات وأخذ رأيهم فيها.
وترجع أهمية الثقافة التاريخية إلى أننا نعيش اليوم في مجتمع طرأت عليه تطورات اجتماعية واقتصادية وتكنولوجية كثيرة ،واقتحمته تيارات ثقافية متباينة ،فأدت إلى انفصام اجتماعي وثقافي خطير -لاسيما بين فئات الشباب– لهذا فان الحاجة ماسة إلى وجود ثقافة تاريخية تساهم في تأصيل الانتماء لله ثم للوطن لدى هذا الجيل من الشباب .
ويشير " مصطفى رجب " " وفيصل الراوي " إلى أن المقصود بالثقافة التاريخية: ما يتمتع به الطلاب في المراحل الدراسية المختلفة من اكتساب معرفة للنواحي التاريخية في أزمنتها المتعاقبة " (113 : 5 ) ،بينما يذكر "محمد عمارة " أن المقصود بالثقافة التاريخية" وعى الإنسان بالقضايا والأحداث التاريخية سواء أكانت تلك الأحداث أو القضايا قد حدثت في الماضي أم في الحاضر ، مع إمكانية التنبؤ بالمستقبل في ضوء وعيه وفهمه لتلك الأحداث والقضايا" ( 105 : 33 ) .
وليس المقصود بالثقافة التاريخية مجرد الإلمام بمجموعة من المعارف والحقائق والمفاهيم التاريخية وفقط ،وإنما المقصود - حينما نقدم تلك الحقائق والمفاهيم والأحداث التاريخية –أن نصطنع الأسلوب الذي يجعلها تترجم إلى مهارات واتجاهات إيجابية لدى المتعلم بما يؤدى إلى تكامل شخصيته .
ويذكر الباحث أن المقصود بالثقافة التاريخية "مستوى معين من المعارف والمعلومات والمفاهيم والحقائق والمهارات والقيم والاتجاهات التاريخية التي يلزم أن يمتلكها الإنسان حتى يتسنى له التعامل مع القضايا والمشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تواجهه بأسلوب يتسم بالوعي " .
إن الإنسان المثقف تاريخيا يمكن وصفه بأنه: ذلك الشخص الذي يمتلك صورة شاملة عن بنية التاريخ من معلومات واتجاهات وتعميمات ونظريات ومهارات واتجاهات تساعده على الفهم والتفسير لكل ما يتصل بهذا المجال ،كذلك يمكن وصف الشخص المثقف تاريخيا بأنه :القادر على نقل المفاهيم التاريخية إلى مستوي التطبيق في الحياة اليومية ،بل القادر على التخطيط واختزال المعرفة، وعلى هذا لا يكون حفظ المعارف واستيعابها ونقلها إلى العقول هي الغاية المرجوة ،وإنما قدرة الطلاب على استخدام المعرفة التاريخية وتطبيقها في الحياة اليومية.
يتضح لنا من خلال استعراض التعريفات السابقة للثقافة التاريخية ما يلي :
-أنها تجمع على أن أساس الثقافة التاريخية يتمثل في وجود قدر كاف من المعرفة التاريخية لدى الإنسان ( الحقائق –المعلومات –المفاهيم –التعميمات) و يعد ذلك بمثابة البعد المعرفي للثقافة التاريخية.
- إن المعرفة التاريخية وحدها لا تكفى لأن يكون الإنسان مثقفا تاريخيا بل لابد من وجود وعى لديه ، ونقصد بهذا الوعي الفهم القائم على أساس امتلاكه لمجموعة من المهارات التي تمكنه من الربط والتحليل والنقد والقدرة على ترتيب الفكر للحكم على قضية معينة أو أحداث تاريخية وقعت في الماضي البعيد أو القريب ،ويعد ذلك بمثابة البعد المهاري للثقافة التاريخية.
- إن وجود المعارف التاريخية وامتلاك مهارات البحث التاريخي لا يمكن أن يمتلكها الإنسان إلا إذا كان لديه ميل إلى قراءة التاريخ ليتكون لديه- من ثم -اتجاه إيجابي نحو دراسته ،مما ينعكس على تمثله للقيم الخلقية والاجتماعية اللازمة ،ويعد ذلك بمثابة البعد الوجداني للثقافة التاريخية .
- إن الشخص المثقف تاريخياً ليس هو المتخصص في دراسة التاريخ وحسب، بل قد يكون إنسانا له اهتمامات عملية تطبيقية، ورغم هذا فهو يعي ما يقرأ جيدا ،ويميز بين الغث والثمين من المعلومات التاريخية ،وهذا هو النوع المطلوب والذي تهدف إليه تلك الدراسة ، حيث نريد أن يكون معظم طلاب المرحلة الثانوية العامة بكافة توجهاتهم لديهم القدر المعقول من الثقافة التاريخية ،التي تؤهلهم لفهم ما يدور حولهم من تحولات وتغيرات على المستوى المحلى وعلى المستوى القومي بل والعالمي .
انطلاقاً مما سبق فإن مناهج التاريخ بالمرحلة الثانوية العامة بشكل خاص مطالبة بأن تعكس الثقافة التاريخية بصورتها الحقيقية والمطلوبة لدى طلاب تلك المرحلة ،وعلى هذا فإن تطوير منهج التاريخ على ضوء متطلبات الثقافة التاريخية اللازمة لطلاب تلك المرحلة من الضرورة بمكان، وذلك موضوع البحث الحالي والذي حاول الباحث تحقيقه.
وعند رصد واقع تدريس التاريخ في مدارسنا ومن خلال ما توصلت إليه الدراسات السابقة يتضح ما يلي :-
يشير كل من "يحيى عطية" و"إمام حميدة" إلى الأسباب التي جعلت البعض يعارض بشدة التاريخ باعتباره مادة دراسية في مراحل التعليم العام، ومن تلك الأسباب :-
-أن المادة التاريخية التي تقدم للطلاب في كل المراحل الدراسية جافة ومجردة بل وقليلة الفائدة ولا يشعر الطلاب بوظيفتها في حياتهم اليومية،ويكمن السر من وراء ذلك في أنها تركز على المواقف والأحداث التي تتصف بالتجريد والتي تنقطع صلتها بحياة الطلاب والبيئة التي يعيشون فيها .
-أن الطريقة التي يتم بها تعلم مادة التاريخ في معظم الأحيان تكاد لا تتطلب من الطلاب بحثا أو إعمال فكر، حتى أضحت مجرد إعداد وإلقاء من قبل المعلم، وتقبل واستماع من جانب الطلاب دون أن يكون لذلك أدنى أثر في اكتسابهم مهارات عقلية نافعة وميول واتجاهات وقيم مرغوبة ،الأمر الذي ترتب عليه أن تسقط المادة حتماً من أعين الطلاب لأنها لم ترتبط بأنفسهم برباط من الميل والاحترام ،وأصبح حفظ المعلومات غايته اجتياز امتحان نهاية العام فقط لكونه يمثل من وجهة نظرهم الهدف الرئيس لمادة التاريخ (124: 1).
ومن خلال فحص مناهج التاريخ الدراسية وبصفة خاصة في مرحلة التعليم الثانوي العام ،ومن خلال استقراء نتائج البحوث والدراسات التي تناولت بالدراسة والتحليل تلك المناهج ،نجد أن هناك العديد من الدراسات قد أكدت على وجود كثير من نقاط الضعف في تلك المناهج ومنها دراسة "عثمان الجزار" ( 74 ) ،ودراسة "عاطف محمد"( 64 )، ودراسة "على جوده "( 79 ) ،ودراسة"إمام حميدة"( 20 ) ، ودراسة "فوزية عزت"
( 92 )،ودراسة "يحيى عطية"( 127 )،"يحيى لطفي" ( 128 )، ودراسة "مديحة قرني" ( 110 )، حيث أشارت تلك الدراسات إلى ضرورة تطوير مناهج التاريخ بالمرحلة الثانوية العامة وذلك لتتحقق الأهداف التي وضعت هذه المناهج من أجلها،وبذا يتناسب التطوير مع طبيعة طلاب تلك المرحلة ،كما أظهرت تلك الدراسات عدم اعتماد تلك المناهج على نظرية واضحة أو فلسفة محددة ،فضلا عن عدم استنادها إلى أسس منهجية وضعف قدرات ومهارات الربط بين المواد الثقافية وأصولها الفلسفية لدى الكثير من واضعي المناهج ،وأخيرا رغبة المعلمين والطلاب وأولياء الأمور في تطوير مناهج التاريخ بتلك المرحلة.
ومن الدراسات التي أكدت على ضرورة الاهتمام بالثقافة التاريخية باعتبارها من المتطلبات الهامة لطلاب المرحلة الثانوية بشكل خاص ولكل مثقف بشكل عام، دراسة "مصطفى رجب" و" فيصل الراوى" ( 113 )،ودراسة " الجمعية المصرية للمناهج" ( 29 ) ودراسة" ستيرنس" Stearns ( 171 ) .
ولقد تولد الإحساس بمشكلة البحث لدى الباحث خلال إشرافه على طلاب التربية العملية
أثناء ممارستهم العمل والتدريب داخل المدارس الثانوية ،ومن خلال تدريس مناهج التاريخ بتلك المرحلة ،حيث لاحظ عدم رضا المعلمين عن مناهج التاريخ الموجودة حاليا ،و رغبتهم في دراسة بعض الموضوعات والقضايا غير المتضمنة بالمناهج الحالية ، ومنها على سبيل المثال ضرورة دراسة موضوعات التاريخ الإسلامي منذ البعثة النبوية الشريفة ،مع أهمية الإشارة إلى دور الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام في ترسيخ وبناء الدولة الإسلامية ،وكذلك توضيح الدروس المستفادة من خلال دراسة سيرة الرسول وصحابته الكرام.
ومن النماذج المطالب بضرورة تدريسها ضمن مناهج التاريخ الحديث ، دراسة القضية الفلسطينية بأبعادها المختلفة مع توضيح تطور مراحل الصراع بين العرب وإسرائيل ،وتوضيح الدروس المستفادة من دراسة أشكال هذا الصراع،وإبراز دور الشعوب في صناعة التاريخ .
وكذلك الحال بالنسبة للطلاب أنفسهم فقد وجد الباحث أن لديهم رغبة في دراسة موضوعات وقضايا غير متضمنة بالمنهج الحالي ،إضافة إلى توجيههم نقداً للمنهج الموجود حاليا وبخاصة كتاب التاريخ للمرحلة الثانوية العامة ( المرحلة الثانية ) .
وقام الباحث بفحص منهج التاريخ الحالي بالمرحلة الثانوية بهدف التعرف على مدى معالجة المنهج الحالي لبعض القضايا التاريخية ذات الأهمية بالنسبة للطلاب ،كما لاحظ أن محتوى المقرر لا يعالج الكثير من القضايا والمفاهيم التي يجب أن تكون عليها تلك المقررات.
إضافة إلى ما سبق حرص الباحث على استطلاع رأي بعض المعلمين وعينة من طلاب وطالبات المدرسة الثانوية العامة حول رأيهم في المنهج الحالي ،وكذلك التعرف على أهم موضوعات وقضايا التاريخ التي يرغبون في دراستها ضمن منهج التاريخ في تلك المرحلة ،وقد أظهرت النتائج –بالفعل-أهمية دراسة موضوعات وقضايا ضرورية تفيد في فهم القضايا والمشكلات المعاصرة وتنمى لديهم روح الانتماء،وتؤكد على تعميق مفهوم المواطنة.
ومن جهة أخرى ما حدث لمادة التاريخ في إطار النظام الحالي بالمرحلة الثانوية ،أعنى بعد أن تم تحويلها إلى مادة اختيارية في الصف الثاني أو الثالث الثانوي ،ونتيجة للضغوط التي تم ممارستها على المستوى الإعلامي وبخاصة في الصحف ..تم إعادة تدريس مادة التاريخ لتصبح إجبارية على طلاب القسم الأدبي فقط ،واختيارية بالنسبة لطلاب القسم العلمي .
وبرغم ذلك فإن المشكلة ما زالت قائمة باعتبارها- مادة التاريخ –مادة دراسية أصبحت لا تدرس إلا في عامين فقط من ضمن الثلاثة أعوام التي تمثل مدة الدراسة بالمرحلة الثانوية العامة،وبالتالي أصبح ما يدرسه الطلاب متمثلا في كتابين فقط بدلا من ثلاثة كتب ، لأنه قد تم دمج محتوى كتاب التاريخ بالصف الثاني الثانوي العام (نظام قديم )مع كتاب الصف الثالث الثانوي العام( نظام قديم) علماً بأن محتوى الكتابين مختلف تماماً، حيث يمثل القسم الأول ما أطلق عليه(الحضارة الإسلامية) بينما يمثل القسم الثاني ما أطلق عليه( تاريخ مصر والعرب الحديث) وبالطبع فإن هذا الدمج تم بصورة غير متأنية ،عبر عنها شكل المحتوى الفعلي للكتاب ،إضافة إلى أن هذا الدمج يتعارض مع فلسفة دراسة التاريخ في المدارس المصرية ،حيث من المفترض أن يدرس الطلاب مرحلة زمنية محددة بصورة توضح الأحداث والقضايا المتضمنة بها ، بما يحقق الأهداف المطلوبة ،ولكن الواقع جاء مخالفاً لذلك فتم حذف موضوعات كثيرة فيما يتصل بمحتوى كتاب التاريخ بالصف الثاني الثانوي (نظام قديم) وكذلك بالنسبة لكتاب التاريخ بالصف الثالث الثانوي (نظام قديم) فلم يكن الأمر بأحسن حالاً من سابقه.
كل ما سبق كان له أثراً سلبياً على جدوى تحقيق الأهداف المعلنة للمنهج لانعكاس ذلك على المنهج بشكل عام.
وفى حدود علم الباحث فإنه لا توجد دراسة مستقلة اختصت بتطوير منهج التاريخ بالمرحلة الثانوية العامة في ضوء متطلبات الثقافة التاريخية، وقد كان ذلك ضمن أسباب عدة أدت بالباحث إلى اختيار هذا الموضوع الذي تمثلت مشكلته على النحو التالي:
مشكلة البحث
إيماناً بالدور الفعال الذي تمثله دراسة التاريخ بالمراحل الدراسية المختلفة ،وانطلاقا من كون التاريخ علم دراسة الماضي بقصد تفسير الحاضر والتنبؤ بالمستقبل ،فإنه ينبغي على منهج التاريخ بالمرحلة الثانوية العامة أن يهتم بتزويد الطلاب بالثقافة التاريخية التي تسهم في إعدادهم بشكل جيد بحيث يصبح لديهم القدرة على التفاعل مع المجتمع وفهم القضايا والمشكلات التاريخية المختلفة .
وعلى هذا أمكن صياغة مشكلة البحث على النحو التالي :
كيف يمكن تطوير منهج التاريخ بالمرحلة الثانوية العامة على ضوء متطلبات الثقافة التاريخية اللازمة لطلاب تلك المرحلة؟
وتفرع عن هذه المشكلة الأسئلة الآتية:-
1-ما متطلبات الثقافة التاريخية ومدى توافرها في منهج التاريخ بالمرحلة الثانوية العامة؟
2-ما الإطار المقترح لمنهج مطور في التاريخ بالمرحلة الثانوية العامة على ضوء متطلبات الثقافة التاريخية ؟
3-ما تأثير تدريس وحدتين من وحدات المنهج المطور في تحقيق أهدافهما ؟
حدود البحث
التزم الباحث في إجراء هذا البحث بالحدود التالية :
1-وضع تصور مقترح لمنهج مطور في التاريخ للصفوف الثلاثة بالمرحلة الثانوية.
2-تطبيق وحدتين من وحدات المنهج المقترح وفق تصميم الموديولات في بعض مدارس محافظة القاهرة نظرا لتواجد محل عمل الباحث في تلك المحافظة .
أهمية البحث
ترجع أهمية هذا البحث إلى أوجه الاستفادة التي يمكن تقديمها إلى كل من :
1-طلاب المرحلة الثانوية العامة:
يقدم لهم منهج التاريخ بصورة تتناسب ومتطلباتهم ، بحيث يتم تطوير المنهج على ضوء آرائهم ورغباتهم التي وضعت في الاعتبار عند إعداد قائمة متطلبات الثقافة التاريخية وبالتالي فإن الموضوعات التاريخية التي تضمنها المنهج المطور تجيء وفق رغبة الطلاب ، وقد انعكس ذلك بصورة إيجابية على اتجاه الطلاب نحو مادة التاريخ، إضافة إلى اكتسابهم مهارات البحث التاريخي ،وارتفاع مستوى التحصيل لديهم ، ويعنى ذلك تمكنهم من تمثل الأبعاد الثلاث للثقافة التاريخية.
2- المعلمين:
يقدم لهم منهج التاريخ في الصورة التي يريدونه عليها ، بحيث يتم التطوير وفق آرائهم وفي صورة متكاملة ولقد تم التعبير عن ذلك من خلال الإطار العام الذي وضعه الباحث متضمناً الأهداف والمحتوى وطرق التدريس والوسائل التعليمية والأنشطة المصاحبة والتقويم .
3-مخططي المناهج ومعدي المواد التعليمية ومؤلفي كتب التاريخ:
- الإفادة من المنهج المطور في وضع مناهج ،وتأليف كتب ،وتصميم وسائل تعليمية وأنشطة تتناسب وطبيعة طلاب المرحلة الثانوية العامة.
- الإفادة من الموديولات التعليمية من حيث تصميم أهدافها ،ومحتواها ،وطرق وأساليب تدريسها والأنشطة وأساليب تقويمها.
- ضرورة إشراك الطلاب والمعلمين وخبراء المادة والمتخصصين عند تطوير المنهج .
- ضرورة الاهتمام باختيار الموضوعات والقضايا التاريخية التي تتناسب وطبيعة المرحلة الثانوية عند تضمين منهج المطور لهذه الموضوعات والقضايا.
4-البحث العلمي
قد يفتح هذا البحث آفاقاً جديدة لبحوث أخرى في نفس المجال.
مسلمات البحث
-تطوير المنهج عملية مستمرة تحتاج إلى تقويم مستمر ومراجعة دائمة من القائمين على العملية التعليمية.
- يسعى المنهج إلى مساعدة طلاب المرحلة الثانوية العامة بالحصول على الحد الأدنى من الثقافة التاريخية اللازمة.
خطوات البحث
للإجابة عن التساؤلات التي أثيرت في مشكلة البحث سوف يتبع الباحث الخطوات التالية :
للإجابة على السؤال الأول :
1- ما متطلبات الثقافة التاريخية ومدى توافرها في منهج التاريخ بالمرحلة الثانوية العامة
اتبع الباحث ما يلي :دراسة نظرية تضمنت:
- الاطلاع على الدراسات والبحوث في مجال تطوير مناهج التاريخ والدراسات التي اهتمت بالثقافة التاريخية.
-دراسة لمفهوم الثقافة التاريخية ،وأبعادها التربوية ،ونظريات تفسيرها ،وأهميتها وخصائصها التربوية.
- دراسة للأسس التي يتم على ضوئها تطوير منهج التاريخ ( طبيعة التاريخ-طبيعة المجتمع وخصائصه –طبيعة طلاب المرحلة الثانوية – الاتجاهات العالمية في تطوير مناهج التاريخ)
-استطلاع رأي الخبراء والمعلمين وأساتذة علم التاريخ وأساتذة المناهج وطرق التدريس
للتعرف على متطلبات الثقافة التاريخية اللازمة لطلاب المرحلة الثانوية العامة .
- مقابلات شخصية لطلاب المرحلة الثانوية العامة للتعرف على متطلبات الثقافة التاريخية اللازمة لهم.
في ضوء ما سبق توصل الباحث إلى قائمة متطلبات الثقافة التاريخية اللازمة لطلاب المرحلة الثانوية العامة.
-استطلاع رأي الخبراء والمعلمين وأساتذة علم التاريخ وأساتذة المناهج وطرق التدريس للتعرف على أهمية الموضوعات التاريخية المتضمنة في قائمة متطلبات الثقافة التاريخية اللازمة لطلاب المرحلة الثانوية العامة .
-تحليل محتوى منهج التاريخ بالمرحلة الثانوية العامة في ضوء قائمة متطلبات الثقافة التاريخية.
وللإجابة على السؤال الثاني :
2- ما الإطار المقترح لمنهج مطور في التاريخ بالمرحلة الثانوية العامة على ضوء متطلبات الثقافة التاريخية ؟
اتبع الباحث ما يلي :
- تم صياغة الإطار المقترح للمنهج المطور في ضوء قائمة متطلبات الثقافة التاريخية ،وقد تضمن التطوير (الأهداف – المحتوى –طرق التدريس – الأنشطة المصاحبة التقويم)
وللإجابة على السؤال الثالث :
3- ما تأثير تدريس وحدتين من وحدات المنهج المطور في تحقيق أهدافها ؟
اتبع الباحث ما يلي :
- تحديد الأسس التي تم على ضوئها بناء الوحدتين موضوعي الدراسة .
- تحديد الموضوعات المتضمنة بالوحدتين .
- تحديد الأهداف العامة والأهداف الإجرائية للوحدتين موضوع الدراسة (الموديولات التعليمية)
- تنظيم محتوى الوحدتين المختارتين (الموديولات التعليمية)
- تحديد الأنشطة والوسائل التعليمية وطرق التدريس المستخدمة وأساليب التقويم .
- تحديد مسؤولية الطالب (من خلال كتاب الطالب ) وطريقة التعامل مع الموديولات التعليمية.
- ضبط الوحدتين والتأكد من صلاحيتها .
- إعداد دليل المعلم،وضبط الدليل والتأكد من صلاحيته.
- إعداد أدوات تقويم الوحدتين المختارتين والتي تتمثل في:-
-اختبار تحصيل .
-معيار الحكم على مدى اكتساب الطلاب لمهارات البحث التاريخي .
-اختبار مهارات البحث التاريخ .
- مقياس الاتجاه نحو مادة التاريخ.
- اختيار عينة من طلاب الصف الثاني الثانوي العام وتقسيمها إلى مجموعتين (تجريبية
وضابطة) حيث تدرس المجموعة التجريبية موضوعات الوحدتين المطورتين ( لموديولات التعليمية)، بينما تدرس المجموعة الضابطة نفس الموضوعات بمحتواها الحالي بالكتاب المدرسي بالطريقة العادية.
-تطبيق الاختبارات والمقياس على المجموعتين قبلياً.
- تدريس الوحدتين المطورتين للمجموعة التجريبية ، بينما تدرس المجموعة الضابطة نفس الموضوعات بمحتواها الحالي بالكتاب المدرسي وبالطريقة العادية.
-تطبيق الاختبارات والمقياس على المجموعتين بعدياً .
- معالجة النتائج إحصائيا وتفسيرها .
- التوصيات والمقترحات.
أدوات البحــث
-قائمة بمتطلبات الثقافة التاريخية اللازمة لطلاب المرحلة الثانوية .
-استطلاع رأى ملاءمة متطلبات الثقافة التاريخية لطلاب المرحلة الثانوية .
-معيار التعرف على مدي اكتساب عينة البحث لمهارات البحث التاريخي.
-اختبار تحصيل .
-اختبار مهارات البحث التاريخي.
-مقياس الاتجاه نحو مادة التاريخ.
سابعاً: فـروض البـحــث
حاول البحث الحالي اختبار صحة الفروض التالية :
1- توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسط درجات المجموعة التجريبية ومتوسط درجات المجموعة الضابطة في التطبيق البعدي لاختبار التحصيل.
2- توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسط درجات المجموعة التجريبية ومتوسط درجات المجموعة الضابطة في التطبيق البعدي لاختبار مهارات البحث التاريخي.
3- توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسط درجات المجموعة التجريبية ومتوسط درجات المجموعة الضابطة في التطبيق البعدي لمقياس الاتجاه نحو مادة التاريخ.
مصطلحات البحـث .
تعريف المنهج:
تنوعت تعريفات المنهج وتعددت على النحو التالي:
1-" جميع الخبرات المخططة التي توجدها المدرسة لمساعدة التلميذ على بلوغ النتاجات التعليمية إلى أقصى درجة تمكنه منها قدراته( 130: 19 )
2- " كل الخبرات أو الأنشطة أو الممارسات المخططة التي توفرها المدرسة لمساعدة المتعلمين على تحقيق النتاجات التعليمية المنشودة بأفضل ما تستطيعه قدراتهم سواء أكان ذلك داخل حجرة الدرس أم خارجها" ( 121 : 12) .
3- " مجموعة من الفرص لمشاركة الفرد المراد تعليمه مع أشخاص آخرين ،ومع أشياء أخرى ( كافة الأشياء التي تحمل المعلومات والعمليات والطرائق والقيم ) ،بتنظيم معين للزمان والمكان" ( 130 :20 )
4-"أداة رسمية مقصودة تضم مجموع المعارف والخبرات التي يتبناها المجتمع لناشئته لصالح نموها ونجاحها الفردي والاجتماعي ،وتقوم المدرسة عادة بتعليمها لهم حسب خطط واستراتيجيات هادفة مدروسة"( 100 :18 )
5-" مجموعة الخبرات والأنشطة التي تقدمها المدرسة تحت إشرافها للتلاميذ بقصد احتكاكهم وتفاعلهم معها ،ومن نتائج هذا الاحتكاك والتفاعل يحدث تطوير أو تعديل في سلوكهم يؤدى إلى تحقيق النمو الشامل المتكامل الذي هو الهدف الأسمى للتربية" (104: 11)
ولقد أخذ الباحث بالتعريف الأخير نظرا لوضوحه بالإضافة إلى كونه يركز على الخبرات والأنشطة التي تعد من أهم الوسائل التي تعتمد عليها المدرسة الحديثة في تعليم طلابها وتعديل سلوكهم ،وأيضاً فإنه يتمشى مع الهدف الذي يدور حوله التصور المقترح للمنهج المطور.
تطوير المنهج:
ويعنى هذا المصطلح:
1 -"ترجمة الوصفات التخطيطية لواقع منهجي محسوس متمثل بوثيقة المنهج المطلوبة أو بمواده ووسائله وخدماته المساعدة"( 100 : 173).
2-"تخطيط الفرص التعليمية التي تستهدف إحراز تغيرات معينة في سلوك التلاميذ" ( 129: 303)
3-وأعنى به في هذا البحث : "إعادة صياغة محتوى المنهج بشكل يساعد على تحقيق الأهداف المرجوة منه في ظل إطار فكرى محدد يؤمن به القائمون على أمر المناهج الدراسية ويتفق ومتطلبات الثقافة التاريخية".
الثقافة التاريخية :
والمقصود بهذا المصطلح على نحو ما يتراءى لـ" مصطفى رجب " و" فيصل الراوي ":" ما يتمتع به الطلاب في المراحل الدراسية المختلفة من معرفة في النواحي التاريخية المختلفة" (113 : 5 ) ،بينما يرى "محمد عمارة" أن المقصود بالثقافة التاريخية:" وعى الإنسان بالقضايا والأحداث التاريخية سواء أكانت تلك الأحداث أو القضايا قد حدثت في الماضي أم في الحاضر ، مع إمكانية التنبؤ بالمستقبل على ضوء وعيه وفهمه لتلك الأحداث والقضايا"
( 105 : 33) .
وليس المقصود بالثقافة التاريخية مجرد الإلمام بمجموعة من المعارف والحقائق والمفاهيم التاريخية ،وإنما المقصود - حينما نقدم تلك الحقائق والمفاهيم والأحداث التاريخية –أن نصطنع الأسلوب الذي يجعلها تترجم إلى مهارات واتجاهات إيجابية لدى المتعلم بل وتتحول إلى دروس مستفادة في حياة الإنسان، مما يؤدى إلى تكامل شخصيته .
ولقد عرف الباحث الثقافة التاريخية بصورة إجرائية على أنها""مستوى معين من المعارف والمعلومات والمفاهيم والحقائق -تؤدى بدورها إلى الوصول إلى تعميمات- والمهارات والقيم والاتجاهات التاريخية التي يلزم أن يمتلكها الإنسان حتى يتسنى له التعامل مع القضايا والمشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تواجهه بأسلوب يتسم بالوعي
تحليل المحتوى :
ومن التعريفات التي جاءت لتوضيح مصطلح تحليل المحتوى:
"عملية ملازمة للفكر الإنساني تستهدف إدراك الأشياء بوضوح ،من خلال عزل عناصرها بعضها عن بعض ،ومعرفة خصائص أو سمات هذه العناصر وطبيعة العلاقات التي تقوم بينها"( 102 : 13 ).
-"مجموعة الخطوات المنهجية التي تسعى إلى اكتشاف المعاني الكامنة في المحتوى ،والعلاقات الارتباطية بهذه المعاني ،من خلال البحث الكمي الموضوعي ،والمنظم للسمات الظاهرة في هذا المحتوى "( 102 :55)
-"أسلوب ضمن الأساليب البحثية التي تستخدم في تحليل المواد الإعلامية بهدف التوصل إلى استدلالات واستنتاجات صحيحة ومطابقة في حالة إعادة البحث والتحليل" ( 53 : 19)
-أنه: "أسلوب يستخدم في البحوث بغرض الوصف الموضوعي المنظم لمضمون البيانات أو المعلومات التي يتم إبدالها ببعض الإجراءات الكمية"(146 : 1074 -1075 )
ويعتبر تحليل المحتوى بهذا أداة من أدوات البحث العلمي تستهدف إبراز خصائص المادة موضوع التحليل سواء من الجانب الكمي أم الكيفي (46 : 41 )
ويهدف تحليل المحتوى هنا إلى وصف ودراسة المضمون الظاهر لمادة التاريخ المقررة على طلاب المرحلة الثانوية العامة كما وكيفا للتعرف مواطن القوة ومواطن الضعف على ضوء قائمة متطلبات الثقافة التاريخية التي تم التوصل إليها.
الموديول :
يقصد به : " الوحدة التعليمية النموذجية المصغرة التي تأتى ضمن مجموعة متتابعة ومتكاملة من الوحدات وهى ذات أهداف محددة وقدر معين من المادة التعليمية وسلسلة من الأنشطة المتنوعة ،مع توجيهات لمصادر تعلم أخرى يختار منها المتعلم ما يناسب قدراته ،ويمارسها ذاتياً تحت إشراف وتوجيه المعلم ".
الخميس مايو 09, 2013 10:32 pm من طرف قداري محمد
» استخدام طريقة العروض العملية في تدريس العلوم
الخميس أبريل 18, 2013 10:26 am من طرف قداري محمد
» Ten ways to improve Education
الخميس فبراير 21, 2013 8:44 am من طرف بشير.الحكيمي
» مقتطفات من تصميم وحدة الإحصاء في الرياضيات
الثلاثاء يناير 29, 2013 8:30 am من طرف بشير.الحكيمي
» تدريس مقرر تقنية المعلومات والاتصالات
الأربعاء يناير 02, 2013 7:49 am من طرف انور..الوحش
» تدريس مقرر تقنية المعلومات والاتصالات
الأربعاء ديسمبر 19, 2012 10:00 am من طرف محمدعبده العواضي
» الواجبات خلال الترم 5
السبت أكتوبر 06, 2012 11:12 pm من طرف بشرى الأغبري
» الواجبات خلال الترم4
السبت أكتوبر 06, 2012 11:11 pm من طرف بشرى الأغبري
» الواجبات خلال الترم3
السبت أكتوبر 06, 2012 11:10 pm من طرف بشرى الأغبري