الاتجاه المعرفي المنظم (DBAE)
في تدريس التربية الفنية
د. عبد الله ظافر الشهري
أستاذ مشارك قسم المناهج وطرق التدريس، كلية التربية، جامعة الملك سعود، المملكة العربية السعودية
المقدمـة :
مرّت مناهج التربية الفنية بمراحل مختلفة من الأدوار والتطوير عبر السنوات الماضية، فعلى سبيل المثال كان الفنّ في أوروبا يدّرس على أنه حرفة يتعلمه التلاميذ من خلال التتلمذ على يد الفنان في مرسمه، ثم أصبح بعد ذلك يُدّرس كمادة مستقلة وأصبح له منهجاً مستقلاً ومدرسين متخصصين ومكاناً خاصاً (1، ص10 ).
ولقد كان التصميم الصناعي Manufacturing Design أول البرامج الدراسية التي أُدخلت في المدارس الإنجليزية، وكان الرسم مادة إجبارية وعلى الطالب أن يختار مع الرسم إما التصوير أو التشكيل، أما في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد بدأت التربية الفنية في بداية القرن التاسع عشر ولم يكن لها سياسة موحدة ولا منهج محدد ولذلك تم الاستعانة بالتجربة الإنجليزية في تدريس التربية الفنية، وكان والتر سمث Walter Smith هو أول من نقل برنامج التربية الفنية المطبق في إنجلترا إلى أمريكا في العام 1871م.
ثم انتقل الاهتمام بعد ذلك بدراسة الأطفال ومعرفة تطوره العقلي والجسمي وأصبح تدريس التربية الفنية لا يركز على إعداد الطفل أو التلميذ لخدمة الصناعة بل تحررت لتشمل تصوير التلميذ للمناظر الطبيعية. ونتيجة لذلك ظهرت مرحلة دراسة الصورة picture study التي تجعل الطفل أو التلميذ قادراً على تذوق الأعمال الفنية، ظهر بعد ذلك وفي بداية القرن العشرين حركة الإنتاج الفني والتي تعتبر امتداداً لمرحلة التذوق الفني حيث أصبح الاهتمام بالطريقة التي ينتج بها الأطفال أعمالهم ودراسة العوامل التي تساهم في جعل الأعمال الفنية جميلة، وفي العشرينيات من القرن العشرين انتقل دور التربية الفنية إلى التركيز على إعطاء الطفل فرصة للتعبير عن ذاته حتى يكون قادراً على الإبداع ليس فقط في مجال التربية الفنية ولكن بشكل عام، وأدى الاهتمام بالإبداع إلى الاهتمام بعلاقة الفنون بالمواد الأخرى فعن طريق دروس التربية الفنية يمكن أن يتعلم التلاميذ بطريقة أوضح عن البيئات والفترات التاريخية والعلوم وغيرها من المواد والمواضيع المختلفة، وبذلك أصبح دور التربية الفنية يركز على تكوين المفاهيم والأفكار لدى التلاميذ، وفي نفس الفترة تقريباً في أواخر العشرينات والثلاثينات من القرن العشرين لوحظ أن التلميذ يجد راحة نفسية في دروس التربية الفنية ويمكن أن تساهم في الصحة العقلية والنفسية بالنسبة له، فعن طريق الفن يمكن أن يعبر عن بعض المعاني التي لا يستطيع التعبير عنها عن طريق اللغة وبذلك يمكن اعتبار الفن أو دروس التربية الفنية كعلاج يسهم في الراحة النفسية للطفل (1،ص ص 15-21).
واستمر الحال كذلك حتى بداية الستينات من القرن العشرين حيث قدم برونر Bruner فكرته التي تركز على أن كل علم من العلوم يجب أن يستمد من بنيته المعرفية structure of discipline أساساً للتعليم والتعلم الأمر الذي دفع باركان Barkan إلى ترجمة أفكار برونر وكل ما ورد في مؤتمر وودز هول Woods hole conference إلى أفكار وحقائق لتدريس التربية الفنية ثم قام آيزنر Eisner إلى صياغة منهج للتربية الفنية يقوم على أساس المصدر المعرفي كأساس للتربية الفنية والذي يهتم بالجوانب التالية : تاريخ الفن والإنتاج الفني والنقد الفني وعلم الجمال ( التذوق الفني ) ( 2،ص ص،193-194) وهو ما أطلقت عليه في هذا البحث بالاتجاه المعرفي المنظم في تدريس التربية الفنية (DBAE) Discipline Based Art Education والذي سوف يقوم الباحث بدراسته ونقده مستعرضاً في البداية التطور التاريخي لتدريس التربية الفنية ثم التعريف بهذا الاتجاه وأخيراً نقده وإمكانية تطبيقه في المدارس.
مشكلة البحث :
من الملاحظ أن منهج التربية الفنية لا يوجد به محتوى أساسي وجاد الأمر الذي يقلل من شعور التلاميذ بأهمية المادة، هذا بالإضافة إلى أن الطلاب يتخرجون من مدارس التعليم العام وهم لا يعرفون شيئاً عن تراثهم الشعبي وثقافتهم الفنية وغير قادرين على الإنتاج الفني ومعرفة تاريخ الفن ونقد وتذوق الأعمال الفنية.
ولذلك جاءت هذه الدراسة للتعرف على الاتجاه المعرفي المنظم في تدريس التربية الفنية (DBAE) والذي يركز على المعرفة بتاريخ الفن والنقد الفني وعلم الجمال والإنتاج الفني كأساس في تدريس التربية الفنية وإمكانية تطبيق ذلك في المدارس.
هدف البحث :
يهدف هذا البحث إلى التعرف على الاتجاه المعرفي المنظم (DBAE) في تدريس التربية الفنية وإمكانية تطبيقه في المدارس.
أهمية البحث :
لما كان الاتجاه المعرفي المنظم (DBAE) في تدريس التربية الفنية هو آخر المشروعات والمناهج المصاغة في تدريس التربية الفنية، كانت الحاجة ماسة للتعرف على هذا الاتجاه وإمكانية تطبيقه في المدارس مع استعراض سلبياته وإيجابياته ومعوقات تنفيذه. هذا بالإضافة إلى أن هذا البحث يضع لبنة جديدة في دراسة ونقد هذا الاتجاه بطريقة غير مسبوقة في حدود علم الباحث.
منهجية البحث :
اتبع الباحث المنهج الكيفي Qualitative Research والذي يقوم على وصف وتحليل كل ما يتعلق بمشكلة الدراسة وذلك من خلال دراسة واستعراض التطور التاريخي لتدريس التربية الفنية، ودراسة ونقد الاتجاه المعرفي المنظم (DBAE) في تدريس التربية الفنية وإمكانية تطبيقه في المدارس.
مصطلحات البحث :
1- الاتجاه المعرفي المنظم في تدريس التربية الفنية Discipline Based Art Education : هو منهج جديد في تدريس التربية الفنية ينظر إلى المعرفة كأساس في تدريس التربية الفنية من خلال المجالات التالية : ( 3، ص ص3-4)
- الإنتاج الفني Art production: تعلم الطلاب المهارات الفنية التي تمكنهم من إنتاج أعمال فنية شخصية ومبتكرة.
- تاريخ الفن Art history: دراسة الطلاب للإنجازات الفنية البارعة في الماضي والحاضر وكل ما يتعلق بالأحداث والحركات الثقافية والسياسية والاجتماعية والدينية والاقتصادية.
- النقد الفني Art criticism: يقوم الطلاب بوصف وتفسير وتقييم الأعمال الفنية والحكم عليها على أساس علمي ومنطقي من أجل فهمها وفهم الدور الذي يقوم به الفن في المجتمع.
- علم الجمال ( التذوق الفني ) Aesthetics : تشجيع الطلاب على رؤية الأعمال الفنية رؤية فنية لدراسة أثر وقيمة الفنون وتذوقها.
2-التربية الفنية Art education: هي المادة الوحيدة في المدرسة التي تركز على تطوير الخبرات الحسية للتلاميذ وإعطائهم فرصة التعبير عن أنفسهم ( 4،ص 14).
وقد تعني التربية الفنية (أي التربية عن طريق الفن ) بكل مجالاته المتنوعة من رسم وشعر وغيرها، والتي يمكن عن طريقها تحقيق تربية متكاملة للفرد (5،ص18) ويؤكد ديك فيلد Dick Fieldعلى أن التربية الفنية هي أساس مفهوم الفن كطريقة أو أسلوب للتنظيم والخبرة (4،ص6).
والتربية الفنية في المنهج السعودي تعني تدريس مادتى الرسم والأشغال اليدوية لطلاب المرحلة الابتدائية والمتوسطة.
في تدريس التربية الفنية
د. عبد الله ظافر الشهري
أستاذ مشارك قسم المناهج وطرق التدريس، كلية التربية، جامعة الملك سعود، المملكة العربية السعودية
المقدمـة :
مرّت مناهج التربية الفنية بمراحل مختلفة من الأدوار والتطوير عبر السنوات الماضية، فعلى سبيل المثال كان الفنّ في أوروبا يدّرس على أنه حرفة يتعلمه التلاميذ من خلال التتلمذ على يد الفنان في مرسمه، ثم أصبح بعد ذلك يُدّرس كمادة مستقلة وأصبح له منهجاً مستقلاً ومدرسين متخصصين ومكاناً خاصاً (1، ص10 ).
ولقد كان التصميم الصناعي Manufacturing Design أول البرامج الدراسية التي أُدخلت في المدارس الإنجليزية، وكان الرسم مادة إجبارية وعلى الطالب أن يختار مع الرسم إما التصوير أو التشكيل، أما في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد بدأت التربية الفنية في بداية القرن التاسع عشر ولم يكن لها سياسة موحدة ولا منهج محدد ولذلك تم الاستعانة بالتجربة الإنجليزية في تدريس التربية الفنية، وكان والتر سمث Walter Smith هو أول من نقل برنامج التربية الفنية المطبق في إنجلترا إلى أمريكا في العام 1871م.
ثم انتقل الاهتمام بعد ذلك بدراسة الأطفال ومعرفة تطوره العقلي والجسمي وأصبح تدريس التربية الفنية لا يركز على إعداد الطفل أو التلميذ لخدمة الصناعة بل تحررت لتشمل تصوير التلميذ للمناظر الطبيعية. ونتيجة لذلك ظهرت مرحلة دراسة الصورة picture study التي تجعل الطفل أو التلميذ قادراً على تذوق الأعمال الفنية، ظهر بعد ذلك وفي بداية القرن العشرين حركة الإنتاج الفني والتي تعتبر امتداداً لمرحلة التذوق الفني حيث أصبح الاهتمام بالطريقة التي ينتج بها الأطفال أعمالهم ودراسة العوامل التي تساهم في جعل الأعمال الفنية جميلة، وفي العشرينيات من القرن العشرين انتقل دور التربية الفنية إلى التركيز على إعطاء الطفل فرصة للتعبير عن ذاته حتى يكون قادراً على الإبداع ليس فقط في مجال التربية الفنية ولكن بشكل عام، وأدى الاهتمام بالإبداع إلى الاهتمام بعلاقة الفنون بالمواد الأخرى فعن طريق دروس التربية الفنية يمكن أن يتعلم التلاميذ بطريقة أوضح عن البيئات والفترات التاريخية والعلوم وغيرها من المواد والمواضيع المختلفة، وبذلك أصبح دور التربية الفنية يركز على تكوين المفاهيم والأفكار لدى التلاميذ، وفي نفس الفترة تقريباً في أواخر العشرينات والثلاثينات من القرن العشرين لوحظ أن التلميذ يجد راحة نفسية في دروس التربية الفنية ويمكن أن تساهم في الصحة العقلية والنفسية بالنسبة له، فعن طريق الفن يمكن أن يعبر عن بعض المعاني التي لا يستطيع التعبير عنها عن طريق اللغة وبذلك يمكن اعتبار الفن أو دروس التربية الفنية كعلاج يسهم في الراحة النفسية للطفل (1،ص ص 15-21).
واستمر الحال كذلك حتى بداية الستينات من القرن العشرين حيث قدم برونر Bruner فكرته التي تركز على أن كل علم من العلوم يجب أن يستمد من بنيته المعرفية structure of discipline أساساً للتعليم والتعلم الأمر الذي دفع باركان Barkan إلى ترجمة أفكار برونر وكل ما ورد في مؤتمر وودز هول Woods hole conference إلى أفكار وحقائق لتدريس التربية الفنية ثم قام آيزنر Eisner إلى صياغة منهج للتربية الفنية يقوم على أساس المصدر المعرفي كأساس للتربية الفنية والذي يهتم بالجوانب التالية : تاريخ الفن والإنتاج الفني والنقد الفني وعلم الجمال ( التذوق الفني ) ( 2،ص ص،193-194) وهو ما أطلقت عليه في هذا البحث بالاتجاه المعرفي المنظم في تدريس التربية الفنية (DBAE) Discipline Based Art Education والذي سوف يقوم الباحث بدراسته ونقده مستعرضاً في البداية التطور التاريخي لتدريس التربية الفنية ثم التعريف بهذا الاتجاه وأخيراً نقده وإمكانية تطبيقه في المدارس.
مشكلة البحث :
من الملاحظ أن منهج التربية الفنية لا يوجد به محتوى أساسي وجاد الأمر الذي يقلل من شعور التلاميذ بأهمية المادة، هذا بالإضافة إلى أن الطلاب يتخرجون من مدارس التعليم العام وهم لا يعرفون شيئاً عن تراثهم الشعبي وثقافتهم الفنية وغير قادرين على الإنتاج الفني ومعرفة تاريخ الفن ونقد وتذوق الأعمال الفنية.
ولذلك جاءت هذه الدراسة للتعرف على الاتجاه المعرفي المنظم في تدريس التربية الفنية (DBAE) والذي يركز على المعرفة بتاريخ الفن والنقد الفني وعلم الجمال والإنتاج الفني كأساس في تدريس التربية الفنية وإمكانية تطبيق ذلك في المدارس.
هدف البحث :
يهدف هذا البحث إلى التعرف على الاتجاه المعرفي المنظم (DBAE) في تدريس التربية الفنية وإمكانية تطبيقه في المدارس.
أهمية البحث :
لما كان الاتجاه المعرفي المنظم (DBAE) في تدريس التربية الفنية هو آخر المشروعات والمناهج المصاغة في تدريس التربية الفنية، كانت الحاجة ماسة للتعرف على هذا الاتجاه وإمكانية تطبيقه في المدارس مع استعراض سلبياته وإيجابياته ومعوقات تنفيذه. هذا بالإضافة إلى أن هذا البحث يضع لبنة جديدة في دراسة ونقد هذا الاتجاه بطريقة غير مسبوقة في حدود علم الباحث.
منهجية البحث :
اتبع الباحث المنهج الكيفي Qualitative Research والذي يقوم على وصف وتحليل كل ما يتعلق بمشكلة الدراسة وذلك من خلال دراسة واستعراض التطور التاريخي لتدريس التربية الفنية، ودراسة ونقد الاتجاه المعرفي المنظم (DBAE) في تدريس التربية الفنية وإمكانية تطبيقه في المدارس.
مصطلحات البحث :
1- الاتجاه المعرفي المنظم في تدريس التربية الفنية Discipline Based Art Education : هو منهج جديد في تدريس التربية الفنية ينظر إلى المعرفة كأساس في تدريس التربية الفنية من خلال المجالات التالية : ( 3، ص ص3-4)
- الإنتاج الفني Art production: تعلم الطلاب المهارات الفنية التي تمكنهم من إنتاج أعمال فنية شخصية ومبتكرة.
- تاريخ الفن Art history: دراسة الطلاب للإنجازات الفنية البارعة في الماضي والحاضر وكل ما يتعلق بالأحداث والحركات الثقافية والسياسية والاجتماعية والدينية والاقتصادية.
- النقد الفني Art criticism: يقوم الطلاب بوصف وتفسير وتقييم الأعمال الفنية والحكم عليها على أساس علمي ومنطقي من أجل فهمها وفهم الدور الذي يقوم به الفن في المجتمع.
- علم الجمال ( التذوق الفني ) Aesthetics : تشجيع الطلاب على رؤية الأعمال الفنية رؤية فنية لدراسة أثر وقيمة الفنون وتذوقها.
2-التربية الفنية Art education: هي المادة الوحيدة في المدرسة التي تركز على تطوير الخبرات الحسية للتلاميذ وإعطائهم فرصة التعبير عن أنفسهم ( 4،ص 14).
وقد تعني التربية الفنية (أي التربية عن طريق الفن ) بكل مجالاته المتنوعة من رسم وشعر وغيرها، والتي يمكن عن طريقها تحقيق تربية متكاملة للفرد (5،ص18) ويؤكد ديك فيلد Dick Fieldعلى أن التربية الفنية هي أساس مفهوم الفن كطريقة أو أسلوب للتنظيم والخبرة (4،ص6).
والتربية الفنية في المنهج السعودي تعني تدريس مادتى الرسم والأشغال اليدوية لطلاب المرحلة الابتدائية والمتوسطة.
الخميس مايو 09, 2013 10:32 pm من طرف قداري محمد
» استخدام طريقة العروض العملية في تدريس العلوم
الخميس أبريل 18, 2013 10:26 am من طرف قداري محمد
» Ten ways to improve Education
الخميس فبراير 21, 2013 8:44 am من طرف بشير.الحكيمي
» مقتطفات من تصميم وحدة الإحصاء في الرياضيات
الثلاثاء يناير 29, 2013 8:30 am من طرف بشير.الحكيمي
» تدريس مقرر تقنية المعلومات والاتصالات
الأربعاء يناير 02, 2013 7:49 am من طرف انور..الوحش
» تدريس مقرر تقنية المعلومات والاتصالات
الأربعاء ديسمبر 19, 2012 10:00 am من طرف محمدعبده العواضي
» الواجبات خلال الترم 5
السبت أكتوبر 06, 2012 11:12 pm من طرف بشرى الأغبري
» الواجبات خلال الترم4
السبت أكتوبر 06, 2012 11:11 pm من طرف بشرى الأغبري
» الواجبات خلال الترم3
السبت أكتوبر 06, 2012 11:10 pm من طرف بشرى الأغبري