عمل الطالبات (المجموعة التاسعة)
1-مها محمد شرف الحمدي
2-لمياء عبد الصمد
3-ندي عبد الوكيل
4-نور مهيوب
5-نيفين عبدالقادر الشدادي
6-هاجر احمد
7-هاجر مجاهد السياغي
8-هند عبدالله المغلس
9-وداد علي الشميري
10-ياسمين حسن العديني
11- اميره محمد
تحت اشراف الدكتور:
عبد السلام دايل عامر
قسم/ الانجليزي (المستوي / الثالث )
مـقــــــدمـــــــة ومجموعات تعاريف عن التصحر :
أضحت البيئة من بين أهم المسائل التي يرتكز عليها الاهتمام حاليا لأنها جاءت تهدد الحياة على مستوى سطح الأرض، هذا الكوكب الحي مهدد بالموت و لابد من إعادة النظر في المنظومة البيئية من جذورها لأجل وضع إطار استراتيجي من قوانين صارمة و مشاريع محققة للتنمية المستديمة.
و البيئة بمفهومها الفني هي مجموعة الظروف و العوامل الفيزيائية و العضوية و غير العضوية، التي تساعد الإنسان، الكائنات الحية الأخرى، على البقاء و دوام الحياة البرية. و البيئة بمفهوم عام هي الوسط أو المكان الذي يعيش فيه الإنسان و غيره من الكائنات الحية و غير الحية(1).
تعتبر البيئة قضية جديدة في العلاقات الدولية بكل المقاييس، و بعد إدراك أنها غدت أهم تحدي لبقاء الإنسان و رفاهيته، و تعتبر البيئة حق من حقوق الإنسان لأن في تعريفها أنها كل ما يحيط بالإنسان، أي المحيط أو الوسط الذي يمارس فيه أنشطته المختلفة، فهي تشكل الأرض التي نعيش عليها و الهواء الذي نتنفسه، و الماء الذي هو اصل كل شيء حي و كل ما يحيط بنا من موجودات سواء كائنات حية أو جماد (2).
و ظهرت عدة مشاكل تؤثر على البيئة بصفة مباشرة سواء على مواردها المتجددة أو غير المتجددة ، وبرزت عدة ظواهر خطيرة مثل انخفاض الأوزون في الغلاف الجوي، و المطر الحامض و تغير المناخ كما تلوث الماء الذي ارتبطت به الحياة عبر التاريخ و مازالت.
فإذا كنا نواجه الآن أزمة في كمية المياه المتاحة في كثير من مناطق العالم فقد بات الماء عرضة للتلوث المتزايد بسب المخلفات المتنوعة سواء البشرية، الحيوانية أو الصناعية، و لم تنج التربة من التلوث بنفس أسباب تلوث الماء، مضافا أليها زحف الصحراء و انحصار الغطاء النباتي و اقتلاع الغابات فضلا عن الزراعة المنهكة (1).
و من كل هذا فرضت قضية البيئة نفسها على جدول الأعمال العالمي، وبالتالي أصبحت موضوعا رئيسيا جديدا للعلاقات الدولية، و هذه نتيجة حتمية تترتب عليها إدراك الكثير من دول العالم الصلة الوثيقة بين مواجهة التحدي البيئي و مستقبل كوكب الارض، و لذا اصبح على أصحاب القرار أن يأخذوا في الاعتبار تأثير سياستهم على البيئة ليس فقط في بلدهم، و لكن أيضا في البلدان المجاورة و أحيانا في العالم أجمع.
و تعتبر المشكلات البيئية العالمية اكثر صعوبة لتسييرها من المشاكل البيئية الداخلية لأنه لا توجد سلطة عالمية واحدة تقوم بوضع السياسات العالمية المناسبة، و كذلك تقوم بتنفيذها. و أن هذه الإختلالات يجب أن تتوافق بين المنافع و التكاليف بالنسبة للبلدان المتخلفة .
و من بين أهم المكونات غير الحية للبيئة نجد التربة التي تعتبر أهم مورد لابد من الحفاظ عليه، فعليها تقوم الزراعة و الحياة الإنسانية و الحيوانية، و التربة بمكوناتها غير الحية و ما يعيش عليها تشكل وسطا طبيعيا و نظاما بيئيا متكاملا و متوازنا (2) و لابد من الحفظ على هذا المورد الهام لضمان استمرار الحياة البرية.
ومن هنا ارتأينا أن نقوم بدراسة متخصصة في المجال القانون الدولي للبيئة بالتطرق إلى تفصيل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر و الحد من آثار الجفاف، و يعد التصحر واحد من اخطر المشاكل التي تدل على تدهور البيئة حيث اتسع نطاقها في السنوات الأخيرة، حتى اصبح أهم القضايا التي تهم العالم اجمع و المجتمعات النامية بصفة خاصة.
التصحر هو زيادة رقعة الصحراء حلى حساب الرقعة الخضراء سواء كانت زراعية أو مناطق غابية أو مراعي، وبالتالي فان التصحر هو عملية تحول
في صفات الأرض ينتج عنها هدم و تخريب التربة الزراعية و تحولها إلى ارض صحراوية، و هذا ما جعل المجتمع الدولي منذ مؤتمر البيئة و التنمية بريو ديجانيرو سنة 1992، يعترف بان التصحر مشكلة اقتصادية و اجتماعية و بيئية كبرى تثير قلق بلدان كثيرة في العالم، و التصحر
يؤثر على الناحية الاجتماعية كونه يؤثر على التنمية المستديمة نظرا لترابطهما مع مشاكل اجتماعية مثل الفقر، الأمن الغذائي و هجرة الأفراد، و اشد الناس تضررا نتيجة للتصحر هم أشدهم فقرا.
و تغطي الصحاري ما يقرب خمس المساحة الكلية للكرة الأرضية، و هذه الصحاري باردة أم جافة ترافق الإنسان منذ بدا الخليقة، و هي على طبيعتها لم تكن مصدر تهديد للبيئة البرية، بل أن اتساع مساحتها و زحفها و التهامها مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، هو الذي يشكل هذا التهديد(1) .
و تعتبر هذه الظاهرة قديمة قدم الحضارة نفسها الممتدة من سهول الصين إلى هضاب إمبراطورية إنكا، و تخبرنا أولى قصص العالم المكتوبة و تسمى * ملحمة سومرية* كيف أن رجلا اجتث أشجار غابات بلاد ما بين النهرين فأنزل بها اللعنة و لم يلتفت قدماء السومريين الى ذلك المثل
فاستمروا في قطع الأشجار، و تتضمن مخطوطات لهم تعود إلى 2000 سنة قبل الميلاد أوصافا للتصحر مثيرة للتأمل، و هاهي مدينتهم
العظيمة *أرك* التي كان تعدادها في وقت ما 50 ألف نسمة و كانت تنتج محاصيل زراعية تضاهي إنتاج أمريكا الشمالية اليوم و الآن هي عبارة عن مجرد كومة من الرمال(1).
و كتب أفلاطون عن "انكا" في القرن الرابع قبل الميلاد * أن أرضنا بالمقارنة مع ما كانت عليه قبلا ، أشبه بهيكل بدن أنهكه المرض*. و سلة خبز الإمبراطورية الرومانية في شمال أفريقيا حيث ازدهرت في وقت ما 600 مدينة هي صحراء الآن.
و قال كر يستوف كولومبس انه لم يشاهد مطلقا شيئا اجمل من الغابات التي وجدها تكسو هضاب هايتي، و هذه الهضاب نفسها الآن قاحلة و عارية.
و أول جهد عالمي بذل لأجل البحث في هذه الظاهرة، و بعد الكارثة التي مست الساحل الإفريقي في الفترة الممتدة بين 1968 و 1974 و التي مات خلالها ما يزيد عن 200 ألف شخص، و انشأ مكتب الساحل السوداني تابع للأمم المتحدة في عام 1973 و كان هدفه الأصلي هو مساعدة تسعة بلدان معرضة للجفاف تقع غرب إفريقيا، لكن أنشطة المكتب اتسعت فيما بعد و أنشئت آنذاك منظمات دون إقليمية في إفريقيا، و اتخذ برنامج الأمم المتحدة للبيئة PNUE أهدافا خاصة خلال دورته الأولى المنعقدة في الفترة من 22-12 جوان 1973 و أهمها هو العمل على الحفاظ على التربة المنتجة و الحيلولة دون تدهورها بسبب الانجراف أو التملح أو التلوث، و منع تصحرها بزحف المناطق الرملية الصحراوية ، و إعادة الخصوبة للأراضي الجافة و تحسينها (2).
وأنشأ الصندوق الدولي للتنمية الزراعية و برنامجه الخاص للبلدان الواقعة جنوبي الصحراء الكبرى المتأثرة بالجفاف و التصحر عام 1985.
و قد تصدت الأمم المتحدة للمسألة على النطاق العالمي لأول مرة في مؤتمر الأمم المتحدة بشأن التصحر المنعقد بنيروبي عام 1977، والذي وضع القضية على جدول الأعمال الدولي كمشكلة اقتصادية و اجتماعية و بيئية عالمية النطاق، و اصدر المؤتمر خطة عمل لمكافحة التصحر، و خرجت بتوصيات لمواجهة المعضلة.
و في بداية تنفيذ هذه التوصيات لم تحظ بالأولوية الكافية لا من جانب حكومات البلدان المتأثرة، و لا من قبل مانحي المعونة الدولية، و تشير تقديرات عام 1980 إلى انه كان يتعين إنفاق 4.5 مليار دولار كل سنة للبلدان التي اعتمدت بشدة على المعونة الخارجية، و لكن لم يقدم سوى ربع المعونة اللازمة أي 0.06 مليار دولار، و في نفس الإطار وضعت 20 حكومة فقط أي اقل من ربع عدد الحكومات التي كانت بلدانها متأثرة بالتصحر، خططا وطنية لمكافحة التصحر بحلول عام 1991 بعد مرور 14 سنة من الاتفاق عل خطة العمل(1).
أصدرت الأمم النامية و في مقدمتها البلدان الإفريقية أثناء الأعمال التحضيرية لقمة الأرض لعام 1992 على وجوب إيلاء اهتمام سليم للتصحر، و بعد عام من انعقاد القمة قام ممثلي قادة 150 دولة المشاركة لتحضير اتفاقية دولية لمكافحة التصحر و المفاوضات بدأت في نيروبي سنة 1993 و انتهت في 17 جوان سنة 1994 في باريس (2).
ودامت المفاوضات 13شهر انعقدت في خمس دورات عقدت في نيروبي و جنيف و نيويورك و باريس، و على خلاف ما توقعه مراقبون كثيرون، تم اعتماد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في البلدان التي تعاني من الجفاف الشديد أو التصحر و بخاصة في إفريقيا سنة 1994 و بلغ مجموع البلدان الموقعة عليها 105 بلد.
إبرام هذه الاتفاقية كان من بين أهم القرارات التي وصلت إليها قمة الأرض الأولى خاصة من خلال توصية الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 188/47 ل 22 ديسمبر 1992 و التي من خلاله قامت الجمعية العامة بتنصيب لجنة ما بين الحكومات تفاوضية من أجل إبرام اتفاقية دولية لمكافحة التصحر و محو آثار الجفاف خاصة في إفريقيا (1).
إن الاتفاقية التي ترمز إلى الاتفاق بين البلدان المتقدمة و النامية على ضرورة إقامة تحالف عالمي من اجل التصدي للتصحر، تختلف عما سبقها من جهود لمكافحة الظاهرة من حيث إنها ملزمة قانونيا، و ستلزم البلدان التي ستنظم إليها بتنفيذها، و على خلاف بعض المعاهدات الدولية الأخرى المتعلقة بالبيئة، تتضمن اتفاقية مكافحة التصحر على هذا الصعيد بالدرجة الأولى، وتشدد بقوة على إنشاء الآليات المطلوبة لتنفيذها و رصد التقدم المحرز، و استكمال الاتفاقية هو أحد أهم الإنجازات التي تحققت حتى اليوم في متابعة أهداف قمة الأرض، إذ تحمل الاتفاقية بمعنى الكلمة روح ريو الواقعي (2).
و لما كان لهذا الموضوع أهمية ملحة لفهم هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد الأرض و الشعوب و المجتمعات، و دور القانون الدولي و القانون الداخلي
في إرساء قواعد قانونية لمصلحة البشرية، نطرح الإشكالية التالية :
ما مدى مساهمة المجتمع الدولي في تكريس آليات دولية و إقليمية لمكافحة التصحر، وما مدى نجاعة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في بلوغ أهدافها، و هل وفق المشرع الجزائري في وضع آليات و برامج داخلية كفيلة بتنفيذ الاتفاقية ومكافحة هذه الظاهرة ؟.
سنقوم في دراستنا بتقسيم خطة العمل إلى فصلين، فالأول نتطرق فيه إلى:
تاريخ المفاوضات و الإجراءات التي جعلت المجتمع الدولي يسهر على وضع هذه الاتفاقية، و إرسائها في القانون الدولي لحماية البيئة، كما نتطرق إلى الأهداف و المبادئ التي جاءت بها الاتفاقية، و عرض الهيكل المؤسساتي الساهر على تنفيذ الاتفاقية، و البرامج الداعمة و التدابير الخاصة بكيفية تمويل مشاريع مكافحة التصحر.
أما في الفصل الثاني نعرج إلى الآليات الإقليمية و المتمثلة في الملاحق الجهوية التي جاءت بها الاتفاقية خاصة في أفريقيا، آسيا، أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي و بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط لتنفيذ الاتفاقية دون نسيان جهود بلدان المغرب العربي في مكافحة الظاهرة، مع الإشارة إلى شروط إعداد البرامج الوطنية و دور المنظمات غير الحكومية و ممثلي الشعوب في المساهمة في إعداد و تنفيذ الاتفاقية.
و كرسنا في مبحث خاص لدور المشرع الجزائري لتنفيذ الاتفاقية و البرامج المخصصة لمكافحة التصحر في الجزائر.
عوامل طبيعية وبشرية
وتعود أسباب التصحر الى أن هناك جملة من العوامل الطبيعية والبشرية تتداخل وتتشابك لتسبب ظاهرة التصحر، فبالنسبة للعوامل الطبيعية يلعب المناخ دوراً هاماً؛ إذ تقع معظم البلاد العربية في النطاقات الجافة وشبه الجافة؛ إذ إن 95% من الأراضي تحصل على أقل من (400) ملم من الأمطار سنوياً، في حين أن النسبة الباقية فقط يسقط فيها أكثر من (400) ملم سنوياً، وعملياً فكل البلاد العربية تعاني الحساسية المفرطة تجاه التصحر، إضافة إلى ذلك المواسم الجافة التي تحدث من سنة إلى أخرى تساهم في إشاعة ظروف التصحر، كما يحدث في المغرب منذ 1980 على وجه الخصوص، وحدث خلال السنوات القليلة الماضية في العراق، أما تعرية التربة التي يُقصد بها إزالة الطبقة الخصبة منها الحاوية على المواد العضوية والمعدنية، فهي نشطة؛ لأن معظم الأقطار العربية قاحلة، لذا فهي معرضة بصورة دائمة لتأثير التعرية المائية والهوائية.
أما أسباب التصحر في مناطق الزراعة المروية فتعود إلى سوء استغلال وإدارة الأراضي المرورية والإسراف في ريها؛ إذ يؤدي ذلك إلى تملح التربة وتغدقها، وبالتالي يتدهور إنتاجها، وتبرز هذه الظاهرة في التربة ذات التصريف السيئ أو عند الري بمياه ترتفع فيها نسبة الملوحة، فقد ارتفعت ملوحة مياه الري في بغداد بنسبة كبيرة 42% خلال 1967/1979، بينما في الموصل ارتفعت بنسبة 20% في نفس الفترة، والأمثلة على تملح التربة في البلدان العربية كثيرة.
وإذا نظرنا إلى أسباب التصحر بوجه عام وجدنا أنها تنقسم إلى مجموعتين من الأسباب:
أولا: أسباب ناتجة عن الظروف الطبيعية: ويُقصد بالأسباب الطبيعية، التغيرات المناخية التي حصلت خلال فترات زمنية مختلفة، سواء تلك التي حصلت خلال العصور الجيولوجية القديمة، والتي أدت إلى ظهور وتشكل الصحاري التي غطت مساحات واسعة مثل الصحراء الكبرى في إفريقية، والربع الخالي في الجزيرة العربية، وعلى الرغم من أن نشوء وتكوين هذه الصحاري قد اكتمل منذ فترات زمنية بعيدة، إلاّ أن تأثيرها لا يزال قائماً على المناطق المجاورة.
أما التغيرات المناخية الحديثة، فيُقصد بها تلك التي حدثت في الماضي القريب من حوالي عشرة آلاف سنة، والتي لعبت دوراً مهماً في عملية التصحر وتكوين الكثبان الرملية، علماً بأن هذه التغيرات المناخية الحديثة لم تكن سلبية في جميع المناطق، بل في بعض المناطق كان التغير إيجابياً.
ثانياً: أسباب ناتجة عن النشاط الإنساني: ويمكن أن تعود هذه الأسباب إلى الزيادة الكبيرة في عدد السكان، والتي رافقها زيادة في الاستهلاك، وكذلك التطور الاقتصادي والاجتماعي، أدى ذلك إلى زيادة الطلب على المنتجات الزراعية، هذه العوامل دفعت الإنسان إلى زيادة استغلاله للموارد الطبيعية، والتي جاء في غالب الأحيان بشكل غير مرشد، إضافة لذلك فقد بدأ نشاط الإنسان مؤخراً يمتد إلى المناطق الهامشية ذات النظام البيئي غير المستقر
.
عوامل التصحر واسبابه
وحينما طرقنا هذا الاشكال مع بعض الباحثين الزراعيين والمختصين في محافظتي عدن ولحج وخصوصاً العوامل المؤدية لنشوب ظاهرة التصحر واهم اسبابها افادوا بأن هناك عوامل بيئية تتمثل في نقص
الموارد المائية سواء في المياه الجوفية او الامطار او الانهار ثم السيول وما تحدثه من جرف للتربة الصالحة للزراعة وكذا الرياح الشديدة التي تتسبب في زحف الرمال والكثبان الرملية على الاراضي الزراعية وكذا ازالة الطبقة الصالحة للزراعة من سطح التربة، كما تشمل الامواج البحرية وما تحدثه من تآكل للتربة وخاصة في المناطق المتاخمة للسواحل وهو ما يسمى «بنخو البحر».. وهناك بحسب تفنيد هؤلاء الباحثين عوامل بشرية تتمثل في هجرة العمالة من الريف الى المدينة وتركها للأرض الزراعية وبناء المساكن على حساب الرقعة الزراعية وبناء المصانع في الاراضي الزراعية على مشارف مصادر المياه بما يؤدي الى تلوث البيئة والحد من الكساء الخضري ناهيك عن استخدام طرق الري الدائم غير المقنن والذي يتسبب في زيادة ملوحة التربة ويجعلها غير صالحة للزراعة.. اما العامل الثالث في التدخل السلبي للانسان اذ يؤكد احد الباحثين الزراعيين من محطة ابحاث الكود بأبين ان السبب الرئيسي في عملية التصحر هو سوء ادارة واستغلال الانظمة البيئية من قبل الانسان لاسيما النبت والتربة والمياه، وان ما ساعد في تسارع التصحر في النصف الثاني من هذا القرن هو الانفجار السكاني الذي ميز هذه الفترة في اليمن وادى الى زيادة الحاجة للاراضي الزراعية وازالة الغطاء النباتي الطبيعي ثم بدأت تتدهور الغابات الطبيعية تحت تأثير الحرائق المتكررة والرعي الجائر والقطع السيئ للاشجار ونتج عن هذا التدهور تغيرات في البيئة المحلية باتجاه ازدياد الجفاف على مستوى المناخ المحلي وخصائص التربة وانتاجيتها.
أسباب التصحر :
هناك أسباب عديدة ولكن سوف نأخذ منها سببان أو ظاهرتان مهمتان :
أولاً : الأسباب الطبيعية :
المقصود هنا التغيرات المناخية التي حصلت أو سوف تحصل خلال الفترات الزمنية المختلفة ، سواء منها التي حصلت في العصور القديمة ، الجيولوجية مثلاً والتي أدت الى ظهور
التقسيمات والتظاريس الأرضية الحالية أو نشوء صحارى هُنا وهناك فمثلاً في أستراليا وفي أمريكا الشمالية وفي أفريقيا وآسيا . على الرغم من أن تلك الصحارى قد نشأت في العصور القديمة إلآّ أنها تؤثر على المناطق المجاورة لها. وهناك التغييرات المناخية الحالية أو الحديثة وهو المقصود بها تلك التي حدثت قبل آلاف السنين والتي أثرت بشكل مباشر في عملية التصحر الحالي والتي أدت مثلاً الى ما يُسمى الأرض أو الجبال الرملية ، وعلى الرغم من ذلك فقد كانت التغييرات المناخية الحديثة ليست سلبية دائماً ، بل كانت إيجابية في مناطق أخرى ، أما على صعيد الشرق الأوسط أو الوطن العربي فقد أخذت تلك الحالات والتغييرات المناخية تظهر وتتكرر بأستمرار ، ويمكننا أن نذكر بعض تلك الحالات والظواهر والتي بدئت بالتكرار وهي :
أ * حالة تكرار فترات الجفاف.
ب * حالة الفرق أو التباين الكبير في كمية هطول الأمطار السنوية .
ج * حالة الفرق في أماكن سقوط تلك الأمطار السنوية .
د * حالة تغلب الرياح القارية أو البرية الجافة على الرياح البحرية.
هـ * حالة الفرق الكبير بين درجات الحرار الصغرى والكبرى وفي المدى الحراري اليومي بين منطقة وأخرى .
كل تلك الحالات أو التغيرات التي تحدث ما هي إلآّ عوارض أولية لبدء حالة من الجفاف والتي إذا لم تُعالج بأسرع وقت ممكن سوف تؤدي الى جفاف وتصحر يسود الشرق الأوسط .
ثانياً الأسباب الأنسانية( البشرية ) :
إن المقصود هنا هو الأسباب الناتجة بسبب النشاط الأنساني إن صح القول ، ومنها وكما ذكرنا آنفاً الزيادة الكبيرة لعدد السكان في العالم ، والتي أدت بالنتيجة الى زيادة الأستهلاك الغذائي ، وكذلك التطور الأجتماعيوالأقتصادي، أدى الى زيادة الطلب الى المحاصيل الزراعية . أما من ناحية أخرى فإنَ إقامة المصانع والتلوث البيئي الذي أدى بصورة مباشرة الى التغييرات الجوية وبالتالي ظهور أو كبر حجم الصحارى وزيادة مواسيم الجفاف. إن الحروب أيضاً تؤدي بشكل مباشر أو غير مباشرة الى جفاف الأرض وبالتالي الى التصحر لا محاله.
إستغلال الأنسان للأرض بسبب زيادة الطلب على مواد الخام وإستغلال الأرض بشكل غير مدروس وغير مرشد ، وأيضاً إمتداد المصانع الى المناطق الخضراء والى المناطق الهامشية ذات النظام البيئي الحساس والغير مستقر . هناك أسباب أخرى أدت الى تدهور وسوء تلك الحالة أكثر ومنها :
أ * سوء حالة الغطاء النباتي : ومنها الرعي الجائر حيث أن المراعي قلّة نسبتها الى حوالي 90 %، وتقطيع الأشجار ، وتقليل أو التقليص من الغابات وبناء المصانع أو المعامل أوالمناطق السكنية بدلاً منها أدى الى تقليص البقعة الزراعية ، حيث أن الوطن العربي وحسب الأحصائيات عام 1980 تؤشر الى أن الغابات قلّة بنسبة حوالي 15 % ، وهذا بحد ذاته شيء مرعب للغاية ويستحق المراجعه والتفكير جيداً .
ب * سوء حالة الأرض : المقصود هنا وهو مثلاً التعرية المائية أو الريحية أو معاً ، والتدهور الكيميائي والفيزيائي للتربة ، كل ذلك يعود الى طريقة أستعمال الأرض بشكل خاطئ وغير مدروس وغير علمي على وجه التحديد ، حيث في الغالب نرى من أن المُزارع يرث الأرض عن جده أو أبيه دون أن يُطوّر نفسهِ ويتسلح بسلاح العلم والمعرفة جنباً الى جنب مع الظروف المناخية المتغيّرة.
ج * فقدان المساحات الزراعية : والمقصود هنا هو البناء أو الزحف العمراني على حساب الأرض .
وبأختصار شديد فأن مما تجدر الأشارة إليه هو أنهُ ملخص ما ذكرناهُ آنفاً والذي يُسبب في عملية التصحر هو بسبب التعرية الريحية للأرض ، والتعرية المائية ، والتدهور الكيميائي والفيزيائي .
هناك بعض الاسباب البشرية الاخري المجال الأول :
يتمثل بالضغط السكاني الذي ينتج عنه مزيد من التوسع الزراعي وزيادة أعداد الماشية، ومن ثمة زيادة الرعي وقطع الغابات والهجرة واستيطان أماكن غير ملائمة
الاستغلال مواردها بشكل مستمر إضافة إلى توسع المدن وتضخمها الذي يكون في كثير من الحالات على حساب الأراضي الزراعية . كل هذه العوامل تساهم بتسريع التصحر.حيث ان نمو السكان والفقر والتدهور البيئي يعزز كل منهما الأخر.
المجال الثاني :
يتمثل في نمط استخدام الأرض الذي تختلف نوعيته وكثافته من مكان إلى أخر ومن اوجه استخدام الأرض قطع الأشجار ، ففي المغرب يفقد حوالي 20,000 هكتار من الغابات سنويا لاستخدامها كخشب وقود إذ ان معدل استهلاك الأسرة من الخشب يقدر ب 2.61 طن في السنة. إن مثل هذه المستويات من استهلاك الكتلة العضوية يفوق الطاقة الإنتاجية للغابات وأعشاب الاستبس في المغرب , لذا بات تدهور الغابات والنباتات الأخرى عاملا مهما في تدهور البيئة وتوجهها نحو الجفاف .
وهناك عامل أخر يتمثل بالضغط الزراعي الذي يقصد به تكثيف استخدام الأرض بالزراعة أو تحميل التربة اكثر من طاقتها الحيوية حيث يؤدي ذلك إلى حدوث تدهور في التوازن البيئي و إشاعة التصحر.
ولدينا مثال واضح من جنوب السودان عن نتائج الضغط الزراعي إذ يخصص 2-4 فدان من الأراضي لكل الأسرة من اسر اللاجئين إلى السودان من الدول الأفريقية المجاورة. وبما أن التربة تكون اقل خصوبة في الجنوب فان تخصيص هذه المساحة يعتبر غير كاف لإنتاج الطعام اللأسرة الواحدة.لذلك يتبع الفلاحون أسلوب الزراعة الكثيفة لزيادة إنتاجهم ونتيجة لذلك تقل خصوبة التربة بصورة سريعة بعد أول سنتين من زراعتها.
أما أسباب التصحر في مناطق الزراعة المروية فتعود إلى سوء استغلال و إدارة الأراضي المروية والإسراف في ريها حيث يؤدي ذلك إلى تملح التربة وتغدقها وبالتالي يتدهور إنتاجها وتبرز هذه الظاهرة في التربة ذات التصريف السيئ أو عند الري بمياه ترتفع فيها نسبة الملوحة.
وفي المناطق القريبة من البحار يقود الإفراط في استهلاك المياه الجوفية إلى تداخل مياه البحر للتعويض عن الماء المستهلك وبذلك ترتفع نسبة الملوحة تدريجيا في الآبار وفي حالة السقي منها يؤدي ذلك إلى تملح التربة كما هو ملاحظ في الكويت و الإمارات وليبيا.
إجمالا فان استمرار الضغط على الأراضي الزراعية و تحميلها اكثر من طاقتها يؤدي في نهاية المطاف إلى تدهور إنتاجيتها وتوسع التصحر.(10)
-عوائق الإنتاج الزراعي: حيث تؤدي الأنشطة الزراعية غالباً إلى زيادة التدهور البيئي، بالإضافة لاستيراد السلع المتعلقة بالطاقة، والمواد الغذائية "القمح، الدقيق..إلخ".
ازدياد تفتت الحيازات الزراعية: يؤدي تفتت وتشتت الحيازات الزراعية إلى هجرها وتدهورها.
اسباب التصحر من مصدر اخر:
الأسباب الطبيعية:
الطقس حيث تؤدي الظروف المناخية القاسية والتغيرات والفروقات اليومية الكبيرة بين الليل والنهار في درجة الحرارة إلى سرعة تفتت المواد الصخرية، ومن جانب آخر فإن طول فترة الجفاف في المناطق التي تنخفض فيها معدلات هطول الأمطار يساهم في تعرية التربة، أما حركة الرياح القوية والتي تحدث غالباً في الأجزاء الغربية والجنوبية من السهول الساحلية بحركة الرمال وتكوين الكثبان الرملية بما يتجاوز الأراضي الإنتاجية والبنية التحتية، وتساعد الظروف المناخية على ضعف كثافة الغطاء النباتي وزيادة التعرية الريحية والمائية مما يؤدي إلى زيادة معدلات التصحر.
انجراف وكوارث طبيعية
وزاد الخلي: كما أن معظم الأراضي في اليمن معرضة للانجراف؛ لأنها مرتبطة بالصخور التي كونتها حيث تكون سهلة التفكك، كما أن الوضع الطبوغرافي للأراضي في اليمن يلعب دوراً في الإسراع بعملية التصحر عندما يكون الانحدار شديداً، أما الكوارث الطبيعية من وقت إلى آخر فتؤدي إلى إحداث تعرية كبيرة في التربة بمختلف الأشكال وإتلاف الموارد وفقدان الأراضي المنتجة وتدمير البنية التحتية، كما أن الآثار السلبية الناتجة عن كوارث الفيضانات تبقى عادةً لفترة طويلة، في حين أن عمليات الاستصلاح تأخذ وقتاً طويلاً وبالاعتماد على وفرة المخصصات المالية.
أسباب بشرية :
ومن ضمن أكثر الأسباب شيوعاً الأسباب المرتبطة بالأنشطة البشرية وهي المشاكل الناتجة عن زيادة النمو السكاني والمرتبطة بإشباع الرغبات الأساسية لسكان الريف وهذا يؤدي بدوره لتدهور الموارد الطبيعية المتجددة، ومن هذه الأنشطة تشييد البنية التحتية، وسوء استخدام الموارد الطبيعية المتجددة من حيث الاستخدام السيئ للأراضي، بما لا يتناسب وقدراتها الإنتاجية، إضافة لتطبيق التقنيات الحديثة دون تجربتها وملاءمتها للظروف المحلية، إضافة لسوء استخدام الموارد الحراجية؛ نتيجة التحطيب، وكذا سوء استخدام موارد الرعي، وحفر الآبار الارتوازية بهدف الزراعة المروية في السهول الساحلية والمناطق الشمالية والشرقية، كل ماسبق، إضافة لسوء استخدام موارد المياه، واستخدام المياه الجوفية المالحة والإفراط في التنقيب عن المياه الجوفية واللذين يؤديان إلى تملح الأراضي وتصحرها مع الزمن وإلى استنزاف المخزون الجوفي من المياه، كذلك فإن عدم اتباع دورات زراعية والزراعة لنفس المحصول لسنوات طويلة، من العمليات التي ساهمت في تصحر الحقول الزراعية، بجانب الممارسات الزراعية الخاطئة.
هناك اسباب اخرى:
أولاً: المناخ سببٌ من أسباب التصحر:
عندما تنبه العلماء إلى جفاف الساحل ما بين أعوام 1968–1973م نشأ تساؤل: أهذا الجفاف جزء من اتجاه بعيد المدى نحو جفاف أشد، أم أن ذلك كان فترة جفاف عارضة؟
وظهرت مدرستان مختلفتان من مدارس الفكر: المجموعة الأولى وهي تتكون في الغالب من عدد من المتخصصين في علم المناخ. وقد رأت هذه المجموعة أن ذلك الجفاف ليس إلا بداية لفترة طويلة من الجفاف، وأنه سيزداد سوءاً، ويعتقد هؤلاء المتخصصون أن امتداد الهواء البارد من المناطق القطبية سيحدث لا محالة تغييراً ناحية خط الاستواء بالنسبة للمناطق ذات الضغط المرتفع الرئيسة، وأن من شأن هذا التغيير أن يحد من تقدم الهواء الرطب الاستوائي ناحية المناطق المدارية.
وتتكون المدرسة الفكرية الثانية في مجملها من متخصصين في علم المناخ والجيولوجيا، والهيدرولوجيا والإيكولوجيا والجغرافيا والبلينتولوجيا (الأحيائية)، ويرون أن الأرصاد الجوية التي تعود في بعض الأحيان إلى 135 عاماً أو يزيد لا تتيح للمرء التوصل إلى أي نتائج بخصوص التغير المناخي بعيد الأجل.
ومناخ العالم في حالة توازن ديناميكي دقيق بين عوامل كثيرة، يتحكم فيها بصورة أساسية حالة التوازن القائمة بين الأشعة الشمسية القادمة من الشمس والأشعة الصادرة من الأرض والتي تخضع لعوامل متنوعة تتمخض عنها حالة التوازن هذه، ويتفاعل الغلاف الجوي أيضاً مع الغلاف الحيوي والغلاف المائي، ومن شأن أي تغير يطرأ على هذه العوامل المؤثرة أن يحدث بعض التغيرات في مناخ الأرض.
والآثار المناخية المترتبة على عملية التصحر متعددة الجوانب، فزيادة الرعي خلال أعوام المطر تؤدي إلى تضام التربة نتيجة لسير الحيوانات عليها، ويعاني الغطاء النباتي من ضغط مفرط نتيجة تزايد عدد الحيوانات. وكنتيجة لتدهور الغطاء النباتي يتزايد جرف التربة والانسياب السطحي run offوالبياض albedo، وقد تؤدي الزراعة الكثيفة خلال أعوام المطر إلى جرف التربة بفعل الرياح خلال الفصول الجافة، كما يؤدي أيضاً إلى الضغط على الماء المخزون بالتربة ونقص ما به من مواد عضوية، ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى إضعاف طاقة التربة على تخزين المياه. وثمة نتيجة أخرى لذلك وهي زيادة البياض السطحي
طاقة التربة على تخزين المياه. وثمة نتيجة أخرى لذلك وهي زيادة البياض السطحي surface albedo.
كما يؤدي تجميع الحطب إلى ارتفاع مباشر في حرارة سطح الأرض وانخفاض في التبخر والنتح. ويعتقد بأن الجفاف المستمر من العوامل الفعالة المؤثرة في التعجيل بعملية التصحر ولكن يعادل هذا العامل في الأهمية استمرار المطر لأعوام طويلة في بيئة من البيئات الجافة، فمن شأن ذلك تضاعف قطعان الماشية واتساع الزراعة بدرجة تفوق قدرة المنطقة الاحتمالية مما يعرضها لخطر التدهور (United Nations, 1977, pp.93–94).
وقد يؤثر الإنسان على المناخ دون قصد، بأن يفعل أشياء كتغيير سمات مظهر الأرض landscapeوالإخلال بدورة الماء water cycle، وتغيير التوازن بين مكونات الغلاف الجوي، وهو أمر لم يتفق جميع العلماء عليه، فهل الجو يدفأ نتيجة حقن كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون بإحراق كميات كبيرة من الوقود ومن هنا يزداد أثر البيت المحمي؟ أو هل هو يبرد نتيجة لزيادة عدد الجزيئات في الغلاف الجوي بتأثير الانفجارات البركانية وغير ذلك من الذرات ؟ إن ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي بمقدار 3 ْ فقط يزيد الرياح الموسمية قوة، وهذا معناه زيادة في الأمطار في أحزمة الصحراء العربية وآسيا الموسمية، ولكن معناه أيضاً خلل شديد في مناخ المناطق المنتجة للغذاء كوسط غرب الولايات المتحدة على سبيل المثال.
ثانياً: الأنشطة البشرية لكونها من أسباب التصحر:
أحدث البشر ولا زالوا يحدثون تغيرات في بيئتهم على مر التاريخ، ولكن هذه التغيرات ليست سيئة على الدوام، فالإنسان يصلح الأرض ويدخل النباتات الجديدة ويعالج التربة المالحة ويحمي الحياة البرية في بعض الأحيان، وسنقصر اهتمامنا خلال هذا البحث على التغيرات السلبية التي فرضها الإنسان على بيئته، مما يؤدي بها في كثير من الأحوال إلى التصحر في صورة من صوره. وفيما يلي الأسباب الرئيسة للتصحر الذي حدث بتأثير الأنشطة البشرية:
1– الزراعة المروية ومشكلات ملوحة التربة:
وهي من أقدم المشكلات التي واجهها المزارع في سعيه لزيادة المحصول. والتملح موجود دائماً في المناطق الجافة حيثما وجدت الزراعة المروية، ومرده إلى عدد متداخل من العوامل المتشابكة نذكر منها على سبيل المثال جفاف المناخ والجيولوجيا وشكل التضاريس وهي عوامل تحدد طبيعة الصرف وخواص التربة الفيزيائية والكيميائية، وكذلك نوع التربة وخطة الإدارة الخاصة بالتربة والمياه (Khatib, 1971, pp.13–28).
وقد واجهت الحضارات القديمة في سومر وبابل ومصر ووادي السند والصين مشكلة تملح التربة بدرجات متفاوتة، فتدمرت الأراضي الزراعية تماماً أو انخفضت انتاجيتها على نحو شديد، وافترض كثير من الكتاب أن نهاية حضارة وادي السند ترجع إلى سوء الصرف والافتقار إلى تقنية تقي الأرض من التملح.
واليوم تواجه مشكلة التملح العالم أجمع، فلا تنحصر في الدول الفقيرة وحدها، ولكنها تصيب أيضاً أكثر الدول تقدماً، ففي الولايات المتحدة الأمريكية خطر حقيقي من التملح في الوديان الغنية مثل سان جواكينSan Joaquinوإمبريال Imperial.
وتعاني الدول العربية من هذه المشكلة إلى حد كبير، وهذا يرجع إلى سوء الصرف، وانخفاض جودة المياه، وجهل الفلاحين بعمليات الري وأساليبه. وثمة درجات متفاوتة من الملوحة والتشبع بالماء water loggingفي دول أخرى بالمنطقة غير أنه لا تتيسر الإحصاءات الدقيقة (El–Gabaly, 1977).
وهذه المشكلة العالمية صورة من صور التصحر المدمر للغاية، فالتملح يمثل تهديداً خطيراً لانتاجية الزراعة المروية في جميع أنحاء العالم، وكثير من مشروعات الري الكبرى التي تطلبت رأسمال كبير ثبت أنها مهددة بخطر تملح التربة بعد وقت أقصر مما كان في الحسبان، ويؤكد خبراء الفاو (FAO)أن:
"
ما لا يقل عن 50% من أراضي العالم المروية متملحة أو تعطي محاصيل أقل مما يجب أو لا تستغل في الزراعة على الإطلاق، فمئات الآلاف من الهكتارات من الأراضي المروية تظل
عاطلة كل عام بسبب التملح. وحسب تقديرات الخبراء التقديرية يكون الجنس البشري قد خسر ملايين كثيرة من الهكتارات من الأراضي الخصبة بسبب التملح (Kovda, 1980, p.180)."
2– الإفراط في الرعي وحياة البدو الرحل:
تقدر أراضي الرعي بثلث مساحة سطح الأرض، وهي تشمل مساحات كبيرة من الأقاليم الجافة وشبه الجافة. فحرفة الرعي عرفها الإنسان منذ أن استأنس الحيوان، منذ حوالي 10.000 سنة، حيث تنشغل نسبة كبيرة من السكان بصورة مباشرة بالعناية بالحيوانات، والخروج بها للرعي إلى أماكن جديدة حيث الكلأ أفضل والعشب أجود.
وللإفراط في الرعي آثار مباشرة وغير مباشرة، فالآثار المباشرة هي الوطء والرعي، وقد ثبت أن الوطء أكثر إضراراً من الرعي ولاسيما حول أماكن الري (United Nations, 1977, p.205). فالإسراف في وطء التربة خلال فترات الجفاف يتلف بنية التربة ومخلفات النبات مما يعرض التربة لذرو الرياح wind deflation، أما الوطء بالوحل فمن شأنه أن يضعف قدرة سطح التربة على الارتشاح infiltration capacityويزيد من انجراف التربة soil erosion. أما الرعي الخفيف كالقضم على سبيل المثال فهو يزيد إنتاجية المراعي في المعتاد، بل يساعد في بعض الأحيان على تفتح البراعم الغضة (Goudie, 1981, pp.33–34). ولكل مرعى من المراعي سعة احتمالية carrying capacity، وتعريفها كما يلي:
"هي الحد الأعلى من عدد الماشية الذي تستطيع مساحة من الأرض إعالته مدة عام كامل بدون أن يحدث
تدهور في إنتاجية المرعى" ((Sanford, 1982, p.63. وتتفاوت طاقة العطاء والسعة الاحتمالية هذه حسب الفصل والوقت (Sherbrooke&Paylore, 1973, p.Cool. ففي أثناء فصل المطر تزيد طاقة السعة الاحتمالية للمرعى نتيجة لتوفر الغطاء النباتي
الذي يكفي لغذاء عدد من الحيوانات يفوق العدد الذي يمكنه في فصل الجفاف حين تنقلب الحال إلى العكس. ونظراً لاختلاف ظروف المراعي من عام إلى آخر فلا يمكن تحديد العدد الأمثل من الحيوانات الذي يناسب طاقة العطاء للمرعى. فخلال فترات الجفاف الشديد يصبح أي عدد يقع الاختيار عليه أكثر من طاقة المرعى وقدرته. أضف إلى ذلك أنه من الصعوبة بمكان فرض نظام للرعي في دول العالم الثالث يقوم على السعة الاحتمالية لكل مرعى وقدرته على العطاء، نظراً لعوامل كثيرة كالعقائد الدينية والصلات القبلية أو سوء إدارة البيئة.
وبالإضافة إلى الآثار المباشرة للإسراف في الرعي هناك أيضاً آثار غير مباشرة، يمكن أن يكون لها أثر في تغيير الغطاء النباتي. والتغيرات التي تحدث عادة على النحو التالي:
1– دمار في الغطاء النباتي وتغير في تجديده.
2– تغير في البنية الفيزيائية والتكوين الكيماوي للتربة سببه وطء القطعان ومخلفاتها التي تحدث على وجه العموم بعض التغيرات في الغطاء النباتي.
3– إدخال بذور لأنواع من النباتات الأجنبية جلبتها الحيوانات في مخلفاتها أو علقت بجلودها (Peyre de Fabregues,1970).
وفي أغلب الأحوال يمارس البدو حرفة الرعي ولهذا فإن قطعان الرعي تخص البدو الرحل. فالرعي المرتحل nomadic pastoralism أو الارتحال الرعويpastoral nomadismعميق الجذور في الأنظمة الحضارية للأراضي الجافة، وفي جنوب غرب آسيا
وشمال أفريقيا يعيش الرحل في الصحراء، معتمدين على سقوط المطر غير الثابت أو المضمون، وهم في واقع الأمر قد أنشأوا نظاماً للتجوال والترحال ساعين إلى المطر أنّى كان، أو قد تتخذ حركتهم صورة التأرجح بين مكانين معروفين transhumance. فالحركة إذن هي أفضل وسيلة للدفاع اتخذها الرعاة الرحل لمواجهة ظروف الصحراء القاسية. وقد دعا إلى هذا اللون من الحركة التغير الفصلي والمكاني لمواقع المراعي وموارد المياه، فالمناطق الجافة تتسم على الدوام بندرة الماء وقلة الغطاء النباتي.
والرحل يعيشون في الأراضي الجافة منذ آلاف السنين وتمكنوا من البقاء بمحافظتهم على التوازن مع البيئة، ولم يختل هذا التوازن إلا بعد تدخل ما يسمَّى "بتحسين أحوالِ البدو الرحل"، فأسهم الطب البيطري ومكافحة أمراض الحيوانات في زيادة عدد الماشية، لتتجاوز حدود السعة الاحتمالية وطاقة العطاء للمراعي. ومما زاد الطين بلة حفر الآبار الكثيرة المتجاورة، لأنه بينما حلت مشكلة المياه بهذه الطريقة، نجد الرحل يتجهون نحو هذه الآبار ويتجمعون حولها، ثم يحدث الإسراف في الرعي (Ware, 1977, p.182–187).
وتظن بعض الدول في الشرق الأوسط أن الترحال علامة من علامات التأخر، فنجدها تحاول جاهدة إخفاء العدد الحقيقي لسكانها من الرحل معتقدة بأن هؤلاء الرحل وصمة لا نعمة، ونمط متخلف من الحياة يتهدد الأمن ((Briks,1981, p.83. ويشترك في هذا الاعتقاد كثير من الدول التي بها عدد من السكان الرحل، ومن ثم أنشئت البرامج لتوطينهم في الاتحاد السوفيتي السابق وإيران والمملكة العربية السعودية والكويت ومصر.
وخلاصة القول: إن أفضل لون من ألوان الترحال هو الترحال الحقيقي، حيث يخف الضرر الذي يلحق بالبيئة، أما سوى ذلك من صور الترحال كتوطينهم أو تجمعهم حول موارد المياه أو مراكزالحكومة أو أشباه الرحل من أصحاب المزارع الصغيرة التي تقتضي بقاءهم في مكان واحد مدة طويلة فهي ضارة بالبيئة مؤدية في المعتاد إلى حدوث التصحر نتيجة للمبالغة والإسراف في استغلال مناطق الرعي
3– قطع الأخشاب وجمعها:
إن الغطاء النباتي في الأراضي الجافة غطاء ضئيل في المعتاد، لا يزيد عن عدد قليل من الأشجار، ومن ثم فلا تشكل النار لكونها عاملاً من عوامل تدمير أنماط الغطاء النباتي وتغييرها عاملاً رئيساً في الأراضي الجافة، اللهم حيث توجد الغابات الرواقية بجانب مجاري المياه، ولكن الضرر الحقيقي الذي يلم بالغطاء النباتي هو جمع الأخشاب عن طريق قطعها، ولقد ظلت هذه مشكلة كبرى في المناطق الجافة. فسكان الصحراء يقطعون الأخشاب لعدة أسباب ظاهرة: أحدها: إطعام جمالهم كما هي الحال عند الرعاة في منطقة تيبستي، والرحل يفعلون ذلك على وجه العموم في المناطق الجافة في أغلب بقاع العالم، وهم أيضاً يستخدمون فروع الأشجار لبناء حظائر لماشيتهم (Grove, 1973, p. 40). وثمة سبب آخر لقطع الأخشاب هو سد الحاجة إلى الوقود، ليس بالنسبة إلى الرحل فحسب، بل للمناطق المدنية أيضاً.
4– المبالغة في استغلال المياه الجوفية:
نظراً لندرة مياه الأمطار وتفاوتها بالمناطق الجافة فلا يمكن أن تقوم للزراعة قائمة إلا عن طريق الري، ويمكن الحصول على المياه من الأنهار التي تنبع من خارج الأراضي الجافة كالنيجر والنيل ودجلة والفرات أو من المياه الجوفية.
والمياه الجوفية في المناطق الجافة إما أن تأتي من مصدر خارجي أو تكون مياهاً حفرية، وثمة طبقات كثيرة خازنة للمياه في المناطق الجافة مثل الحوض الارتوازي الأسترالي العظيموالمياه الجوفية في الأحجار الرملية النوبية في الصحراء الكبرى، وفي صحراء شمال أفريقيا الليبية والنوبية والصحراء العربية. وبعض هذه المياه الجوفية قديم يرجع إلى 24000 عام مضت أو أكثر، وقد حدثت فترات مطيرة في الماضي في هذه النطاقات الصحراوية، حيث نتج عن المطر ارتشاح عبر الطبقات الجيولوجية الرسوبية بمقادير أكبر من الوقت الحاضر (Burdon, 1971, p.293).
ولم يترك سكان المناطق الجافة وسيلة من وسائل الحصول على الماء إلا اتخذوها فطوروا الزراعة في الوديان بحفر آبار في إرسابات الأودية السميكة، وتمكن الناس باستخدام هذه الإرسابات في السهول الفيضية للأودية من استيطان أغلب أجزاء الصحراء (Burdon, 1971, p.291). كما ابتدعوا بعض الوسائل البارعة للتوصل إلى المياه ففي جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا حصل الناس على المياه الجوفية بحفر أنفاق أو آبار أفقية في المراوح الفيضية تمتد في الجزء الأعلى من المنحدر حتى تصل إلى المياه الجوفية في نهاية الأمر، فيجلب الماء إلى السطح من خلال المنحدر، ويصل إلى الواحات في القنوات، وتحفر آبار رأسية متقاربة لصيانة هذه الأنفاق، وتسمى هذه الأنفاق بالقنوات أو الأفلاج أو الكاريزkarezوفي شمال أفريقيا تسمى بالفقارة foggaras. وهي تتراوح في الطول من بضع مئات من الأمتار إلى عشرة كيلومترات (Cressey, 1958, pp. 27–44).
إن طبقات الصخور العميقة الخازنة للمياه الجوفية في حاجة إلى الحفر الاستكشافي باتباع أساليب الحفر الرحوي، وقد حفرت آبار ارتوازية تتراوح أعماقها من 1000–1600 متر في بعض المناطق الجافة، وهذه الآبار الارتوازية تتدفق تلقائياً مما يثير سكان هذه المناطق لدرجة عظيمة غير أن هذا التدفق الذي لا يخضع لضابط يؤدي في النهاية إلى التعجيل بانتهاء الضغط ونقص تدفق المياه بعد انخفاض منسوب المياه الجوفية. والآبار الارتوازية ليست متينة البناء على الدوام ولذلك يؤدي التسرب منها إلى امتزاج المياه المنبثقة من مختلف طبقات الصخور الخازنة التي تتفاوت جودة مياهها (Burdon, 1971, p.293).
5– غزو الرمال للأراضي الزراعية:
إن غزو الرمال للأراضي الزراعية خطر يتهدد الحياة في واحات الصحراء، وينذرها بالدمار والخراب، فعندما يسرف الناس في ممارسة الرعي وقطع الأشجار والشجيرات تتفكك الرمال
وتحملها الرياح في سهولة ويسر من مكان إلى مكان. وهي مشكلة واجهها الإنسان منذ أقدم العصور. وفي المناطق الجافة حيث تكون تعرية الرياح شديدة وفي مناطق الرمال المتحركة تواجه المستوطنات والأراضي الزراعية والطرق البرية وسائر المنشآت خطراً دائما هو خطر الرمال المتحركة والكثبان المتنقلة، فتراكمات الرمال تخنق المحصولات وتدمر الأراضي الزراعية (Hagedorn, 1977, p.119).
6– آثار الحروب:
تبرز هذه الآثار البيئية المدمرة بشكل أوضح في الدول المتقاتلة، فالحروب توجه ضربة قاصمة للاقتصاد الوطني لتصير الدولة عاجزة أمام تدهور الموارد البيئية، وتنفق بلايين الدولارات لشراء الأسلحة بدلاً من استصلاح الأرض أو تحسين الوسائل الزراعية، ويذهب الشباب عادة للخدمة في القوات المسلحة تاركين الريف لرعاية الشيوخ الذين قد يهاجرون هم أيضاً إلى المدن أو ينزحون عن بلادهم بسبب الحرب.
وفي بعض الحروب تستخدم الأسلحة البيولوجية والكيمائية مما يؤثر على مظاهر الطبيعة تأثيراً عميقاً، فلقد استخدم الجيش الأمريكي مادة كيميائية تسمى Agent Orangeفي حرب فيتنام لإزالة الغابات من أجل منع المتسللين من الفيتناميين الشماليين وكان أثر ذلك مأساوياًّ للغابات والبشر والحيوانات على حد سواء. ويعتقد بعض العلماء بأن هذه المادة قد تؤدي إلى تغير دائم في بيئة المنطقة.
والحروب الداخلية مشكلة من المشكلات العويصة في بعض البلدان في العالم، فهؤلاء الناس يدمرون بيوتهم بأيديهم، ويخربون البنية الأساسية في بلادهم فهي أشد ضرراً من الحروب الخارجية؛ نظراً لأن مدى الدمار يتسم بالشمول
7– الهجرة:
إن من أسباب التصحر الخطيرة هجرة الناس من الريف إلى المدن بحثاً عن حياة أفضل. وهجرة الأيدي العاملة من دولة إلى أخرى تعد صورة أخرى من صور الهجرة الضارة، حيث تعبر أعداد كبيرة من العمال الحدود بين المملكة العربية السعودية واليمن وبين الولايات المتحدة والمكسيك. إنهم يتركون مزارع أسرهم في حالة راحة لسنوات عديدة، مما قد يتسبب في ضياع التربة عن طريق التذرية، وحتى إذا لم تترك الأرض في حالة راحة فسوف يتولى أمرها إما الأطفال غير المتمرسين بالزراعة أو الشيوخ الضعفاء الذين لا يقدرون إلا على زراعة جزء صغير من الأرض. أما المهاجرون فلن تنقطع صلتهم بطرق حياتهم التقليدية فحسب، بل لربما قلت مهارتهم في مجال الزراعة أيضاً. إنهم في الحقيقة يجنحون إلى التخلص من الزراعة عندما تتاح لهم أول فرصة في المدن.
8– أسباب أخرى لعملية التصحر:
هناك أسباب أخرى لعملية التصحر لن نستعرضها بالتفصيل لأنها نادرة الحدوث في البلاد الجافة ومنها:
1- أخذ الإنسان يزيل مساحات واسعة من الغابات في المنطقة الاستوائية لأغراض الزراعة أو لاستخدامها للوقود أو التجارة.
2- وكان الصيد أيضاً أحد تخصصات الإنسان حيث قضي قضاء تاماًّ أو يكاد على أي حيوان من ذوات الدم الحار، يرى فيه خطراً عليه أو منافساً له، حدث ذلك في جميع الحضارات القديمة على وجه التقريب.
3- يتزايد عدد السكان في العالم بمعدل مزعج، وصار لزاماً على الدول الزراعية أن تنتج لهم الغذاء، فتتوسع في مجال الزراعة فتكثفها، أضف إلى ذلك أن تزايد السكان في منطقة ما يؤدي في المعتاد إلى اختلال التوازن بين السكان والموارد البيئية. وسوف يمضي الناس في
مسعاهم للحصول على الطعام من أجل أطفالهم، بغض النظر عما تحدثه تصرفاتهم من أضرار للبيئة، وهنا تأتي مسألة أثر توزيع الثروة والعون الدولي في تخفيف الضغوط السكانية على المصادر الطبيعية. وثمة رابطة قوية بين الضغط السكاني على المصادر الطبيعية وبين طاقة العطاء للأرض، وفي البلاد الجافة قد يرى البعض أن خمسة أو سبعة أشخاص في الكيلومتر الواحد هم أكثر مما يجب، بحيث قد يؤدي وجودهم إلى نوع من أنواع الإسراف في استغلال الموارد الطبيعية في المنطقة، بينما في وادي النيل بمصر قد تصل الكثافة السكاني
1-مها محمد شرف الحمدي
2-لمياء عبد الصمد
3-ندي عبد الوكيل
4-نور مهيوب
5-نيفين عبدالقادر الشدادي
6-هاجر احمد
7-هاجر مجاهد السياغي
8-هند عبدالله المغلس
9-وداد علي الشميري
10-ياسمين حسن العديني
11- اميره محمد
تحت اشراف الدكتور:
عبد السلام دايل عامر
قسم/ الانجليزي (المستوي / الثالث )
مـقــــــدمـــــــة ومجموعات تعاريف عن التصحر :
أضحت البيئة من بين أهم المسائل التي يرتكز عليها الاهتمام حاليا لأنها جاءت تهدد الحياة على مستوى سطح الأرض، هذا الكوكب الحي مهدد بالموت و لابد من إعادة النظر في المنظومة البيئية من جذورها لأجل وضع إطار استراتيجي من قوانين صارمة و مشاريع محققة للتنمية المستديمة.
و البيئة بمفهومها الفني هي مجموعة الظروف و العوامل الفيزيائية و العضوية و غير العضوية، التي تساعد الإنسان، الكائنات الحية الأخرى، على البقاء و دوام الحياة البرية. و البيئة بمفهوم عام هي الوسط أو المكان الذي يعيش فيه الإنسان و غيره من الكائنات الحية و غير الحية(1).
تعتبر البيئة قضية جديدة في العلاقات الدولية بكل المقاييس، و بعد إدراك أنها غدت أهم تحدي لبقاء الإنسان و رفاهيته، و تعتبر البيئة حق من حقوق الإنسان لأن في تعريفها أنها كل ما يحيط بالإنسان، أي المحيط أو الوسط الذي يمارس فيه أنشطته المختلفة، فهي تشكل الأرض التي نعيش عليها و الهواء الذي نتنفسه، و الماء الذي هو اصل كل شيء حي و كل ما يحيط بنا من موجودات سواء كائنات حية أو جماد (2).
و ظهرت عدة مشاكل تؤثر على البيئة بصفة مباشرة سواء على مواردها المتجددة أو غير المتجددة ، وبرزت عدة ظواهر خطيرة مثل انخفاض الأوزون في الغلاف الجوي، و المطر الحامض و تغير المناخ كما تلوث الماء الذي ارتبطت به الحياة عبر التاريخ و مازالت.
فإذا كنا نواجه الآن أزمة في كمية المياه المتاحة في كثير من مناطق العالم فقد بات الماء عرضة للتلوث المتزايد بسب المخلفات المتنوعة سواء البشرية، الحيوانية أو الصناعية، و لم تنج التربة من التلوث بنفس أسباب تلوث الماء، مضافا أليها زحف الصحراء و انحصار الغطاء النباتي و اقتلاع الغابات فضلا عن الزراعة المنهكة (1).
و من كل هذا فرضت قضية البيئة نفسها على جدول الأعمال العالمي، وبالتالي أصبحت موضوعا رئيسيا جديدا للعلاقات الدولية، و هذه نتيجة حتمية تترتب عليها إدراك الكثير من دول العالم الصلة الوثيقة بين مواجهة التحدي البيئي و مستقبل كوكب الارض، و لذا اصبح على أصحاب القرار أن يأخذوا في الاعتبار تأثير سياستهم على البيئة ليس فقط في بلدهم، و لكن أيضا في البلدان المجاورة و أحيانا في العالم أجمع.
و تعتبر المشكلات البيئية العالمية اكثر صعوبة لتسييرها من المشاكل البيئية الداخلية لأنه لا توجد سلطة عالمية واحدة تقوم بوضع السياسات العالمية المناسبة، و كذلك تقوم بتنفيذها. و أن هذه الإختلالات يجب أن تتوافق بين المنافع و التكاليف بالنسبة للبلدان المتخلفة .
و من بين أهم المكونات غير الحية للبيئة نجد التربة التي تعتبر أهم مورد لابد من الحفاظ عليه، فعليها تقوم الزراعة و الحياة الإنسانية و الحيوانية، و التربة بمكوناتها غير الحية و ما يعيش عليها تشكل وسطا طبيعيا و نظاما بيئيا متكاملا و متوازنا (2) و لابد من الحفظ على هذا المورد الهام لضمان استمرار الحياة البرية.
ومن هنا ارتأينا أن نقوم بدراسة متخصصة في المجال القانون الدولي للبيئة بالتطرق إلى تفصيل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر و الحد من آثار الجفاف، و يعد التصحر واحد من اخطر المشاكل التي تدل على تدهور البيئة حيث اتسع نطاقها في السنوات الأخيرة، حتى اصبح أهم القضايا التي تهم العالم اجمع و المجتمعات النامية بصفة خاصة.
التصحر هو زيادة رقعة الصحراء حلى حساب الرقعة الخضراء سواء كانت زراعية أو مناطق غابية أو مراعي، وبالتالي فان التصحر هو عملية تحول
في صفات الأرض ينتج عنها هدم و تخريب التربة الزراعية و تحولها إلى ارض صحراوية، و هذا ما جعل المجتمع الدولي منذ مؤتمر البيئة و التنمية بريو ديجانيرو سنة 1992، يعترف بان التصحر مشكلة اقتصادية و اجتماعية و بيئية كبرى تثير قلق بلدان كثيرة في العالم، و التصحر
يؤثر على الناحية الاجتماعية كونه يؤثر على التنمية المستديمة نظرا لترابطهما مع مشاكل اجتماعية مثل الفقر، الأمن الغذائي و هجرة الأفراد، و اشد الناس تضررا نتيجة للتصحر هم أشدهم فقرا.
و تغطي الصحاري ما يقرب خمس المساحة الكلية للكرة الأرضية، و هذه الصحاري باردة أم جافة ترافق الإنسان منذ بدا الخليقة، و هي على طبيعتها لم تكن مصدر تهديد للبيئة البرية، بل أن اتساع مساحتها و زحفها و التهامها مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، هو الذي يشكل هذا التهديد(1) .
و تعتبر هذه الظاهرة قديمة قدم الحضارة نفسها الممتدة من سهول الصين إلى هضاب إمبراطورية إنكا، و تخبرنا أولى قصص العالم المكتوبة و تسمى * ملحمة سومرية* كيف أن رجلا اجتث أشجار غابات بلاد ما بين النهرين فأنزل بها اللعنة و لم يلتفت قدماء السومريين الى ذلك المثل
فاستمروا في قطع الأشجار، و تتضمن مخطوطات لهم تعود إلى 2000 سنة قبل الميلاد أوصافا للتصحر مثيرة للتأمل، و هاهي مدينتهم
العظيمة *أرك* التي كان تعدادها في وقت ما 50 ألف نسمة و كانت تنتج محاصيل زراعية تضاهي إنتاج أمريكا الشمالية اليوم و الآن هي عبارة عن مجرد كومة من الرمال(1).
و كتب أفلاطون عن "انكا" في القرن الرابع قبل الميلاد * أن أرضنا بالمقارنة مع ما كانت عليه قبلا ، أشبه بهيكل بدن أنهكه المرض*. و سلة خبز الإمبراطورية الرومانية في شمال أفريقيا حيث ازدهرت في وقت ما 600 مدينة هي صحراء الآن.
و قال كر يستوف كولومبس انه لم يشاهد مطلقا شيئا اجمل من الغابات التي وجدها تكسو هضاب هايتي، و هذه الهضاب نفسها الآن قاحلة و عارية.
و أول جهد عالمي بذل لأجل البحث في هذه الظاهرة، و بعد الكارثة التي مست الساحل الإفريقي في الفترة الممتدة بين 1968 و 1974 و التي مات خلالها ما يزيد عن 200 ألف شخص، و انشأ مكتب الساحل السوداني تابع للأمم المتحدة في عام 1973 و كان هدفه الأصلي هو مساعدة تسعة بلدان معرضة للجفاف تقع غرب إفريقيا، لكن أنشطة المكتب اتسعت فيما بعد و أنشئت آنذاك منظمات دون إقليمية في إفريقيا، و اتخذ برنامج الأمم المتحدة للبيئة PNUE أهدافا خاصة خلال دورته الأولى المنعقدة في الفترة من 22-12 جوان 1973 و أهمها هو العمل على الحفاظ على التربة المنتجة و الحيلولة دون تدهورها بسبب الانجراف أو التملح أو التلوث، و منع تصحرها بزحف المناطق الرملية الصحراوية ، و إعادة الخصوبة للأراضي الجافة و تحسينها (2).
وأنشأ الصندوق الدولي للتنمية الزراعية و برنامجه الخاص للبلدان الواقعة جنوبي الصحراء الكبرى المتأثرة بالجفاف و التصحر عام 1985.
و قد تصدت الأمم المتحدة للمسألة على النطاق العالمي لأول مرة في مؤتمر الأمم المتحدة بشأن التصحر المنعقد بنيروبي عام 1977، والذي وضع القضية على جدول الأعمال الدولي كمشكلة اقتصادية و اجتماعية و بيئية عالمية النطاق، و اصدر المؤتمر خطة عمل لمكافحة التصحر، و خرجت بتوصيات لمواجهة المعضلة.
و في بداية تنفيذ هذه التوصيات لم تحظ بالأولوية الكافية لا من جانب حكومات البلدان المتأثرة، و لا من قبل مانحي المعونة الدولية، و تشير تقديرات عام 1980 إلى انه كان يتعين إنفاق 4.5 مليار دولار كل سنة للبلدان التي اعتمدت بشدة على المعونة الخارجية، و لكن لم يقدم سوى ربع المعونة اللازمة أي 0.06 مليار دولار، و في نفس الإطار وضعت 20 حكومة فقط أي اقل من ربع عدد الحكومات التي كانت بلدانها متأثرة بالتصحر، خططا وطنية لمكافحة التصحر بحلول عام 1991 بعد مرور 14 سنة من الاتفاق عل خطة العمل(1).
أصدرت الأمم النامية و في مقدمتها البلدان الإفريقية أثناء الأعمال التحضيرية لقمة الأرض لعام 1992 على وجوب إيلاء اهتمام سليم للتصحر، و بعد عام من انعقاد القمة قام ممثلي قادة 150 دولة المشاركة لتحضير اتفاقية دولية لمكافحة التصحر و المفاوضات بدأت في نيروبي سنة 1993 و انتهت في 17 جوان سنة 1994 في باريس (2).
ودامت المفاوضات 13شهر انعقدت في خمس دورات عقدت في نيروبي و جنيف و نيويورك و باريس، و على خلاف ما توقعه مراقبون كثيرون، تم اعتماد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في البلدان التي تعاني من الجفاف الشديد أو التصحر و بخاصة في إفريقيا سنة 1994 و بلغ مجموع البلدان الموقعة عليها 105 بلد.
إبرام هذه الاتفاقية كان من بين أهم القرارات التي وصلت إليها قمة الأرض الأولى خاصة من خلال توصية الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 188/47 ل 22 ديسمبر 1992 و التي من خلاله قامت الجمعية العامة بتنصيب لجنة ما بين الحكومات تفاوضية من أجل إبرام اتفاقية دولية لمكافحة التصحر و محو آثار الجفاف خاصة في إفريقيا (1).
إن الاتفاقية التي ترمز إلى الاتفاق بين البلدان المتقدمة و النامية على ضرورة إقامة تحالف عالمي من اجل التصدي للتصحر، تختلف عما سبقها من جهود لمكافحة الظاهرة من حيث إنها ملزمة قانونيا، و ستلزم البلدان التي ستنظم إليها بتنفيذها، و على خلاف بعض المعاهدات الدولية الأخرى المتعلقة بالبيئة، تتضمن اتفاقية مكافحة التصحر على هذا الصعيد بالدرجة الأولى، وتشدد بقوة على إنشاء الآليات المطلوبة لتنفيذها و رصد التقدم المحرز، و استكمال الاتفاقية هو أحد أهم الإنجازات التي تحققت حتى اليوم في متابعة أهداف قمة الأرض، إذ تحمل الاتفاقية بمعنى الكلمة روح ريو الواقعي (2).
و لما كان لهذا الموضوع أهمية ملحة لفهم هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد الأرض و الشعوب و المجتمعات، و دور القانون الدولي و القانون الداخلي
في إرساء قواعد قانونية لمصلحة البشرية، نطرح الإشكالية التالية :
ما مدى مساهمة المجتمع الدولي في تكريس آليات دولية و إقليمية لمكافحة التصحر، وما مدى نجاعة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في بلوغ أهدافها، و هل وفق المشرع الجزائري في وضع آليات و برامج داخلية كفيلة بتنفيذ الاتفاقية ومكافحة هذه الظاهرة ؟.
سنقوم في دراستنا بتقسيم خطة العمل إلى فصلين، فالأول نتطرق فيه إلى:
تاريخ المفاوضات و الإجراءات التي جعلت المجتمع الدولي يسهر على وضع هذه الاتفاقية، و إرسائها في القانون الدولي لحماية البيئة، كما نتطرق إلى الأهداف و المبادئ التي جاءت بها الاتفاقية، و عرض الهيكل المؤسساتي الساهر على تنفيذ الاتفاقية، و البرامج الداعمة و التدابير الخاصة بكيفية تمويل مشاريع مكافحة التصحر.
أما في الفصل الثاني نعرج إلى الآليات الإقليمية و المتمثلة في الملاحق الجهوية التي جاءت بها الاتفاقية خاصة في أفريقيا، آسيا، أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي و بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط لتنفيذ الاتفاقية دون نسيان جهود بلدان المغرب العربي في مكافحة الظاهرة، مع الإشارة إلى شروط إعداد البرامج الوطنية و دور المنظمات غير الحكومية و ممثلي الشعوب في المساهمة في إعداد و تنفيذ الاتفاقية.
و كرسنا في مبحث خاص لدور المشرع الجزائري لتنفيذ الاتفاقية و البرامج المخصصة لمكافحة التصحر في الجزائر.
عوامل طبيعية وبشرية
وتعود أسباب التصحر الى أن هناك جملة من العوامل الطبيعية والبشرية تتداخل وتتشابك لتسبب ظاهرة التصحر، فبالنسبة للعوامل الطبيعية يلعب المناخ دوراً هاماً؛ إذ تقع معظم البلاد العربية في النطاقات الجافة وشبه الجافة؛ إذ إن 95% من الأراضي تحصل على أقل من (400) ملم من الأمطار سنوياً، في حين أن النسبة الباقية فقط يسقط فيها أكثر من (400) ملم سنوياً، وعملياً فكل البلاد العربية تعاني الحساسية المفرطة تجاه التصحر، إضافة إلى ذلك المواسم الجافة التي تحدث من سنة إلى أخرى تساهم في إشاعة ظروف التصحر، كما يحدث في المغرب منذ 1980 على وجه الخصوص، وحدث خلال السنوات القليلة الماضية في العراق، أما تعرية التربة التي يُقصد بها إزالة الطبقة الخصبة منها الحاوية على المواد العضوية والمعدنية، فهي نشطة؛ لأن معظم الأقطار العربية قاحلة، لذا فهي معرضة بصورة دائمة لتأثير التعرية المائية والهوائية.
أما أسباب التصحر في مناطق الزراعة المروية فتعود إلى سوء استغلال وإدارة الأراضي المرورية والإسراف في ريها؛ إذ يؤدي ذلك إلى تملح التربة وتغدقها، وبالتالي يتدهور إنتاجها، وتبرز هذه الظاهرة في التربة ذات التصريف السيئ أو عند الري بمياه ترتفع فيها نسبة الملوحة، فقد ارتفعت ملوحة مياه الري في بغداد بنسبة كبيرة 42% خلال 1967/1979، بينما في الموصل ارتفعت بنسبة 20% في نفس الفترة، والأمثلة على تملح التربة في البلدان العربية كثيرة.
وإذا نظرنا إلى أسباب التصحر بوجه عام وجدنا أنها تنقسم إلى مجموعتين من الأسباب:
أولا: أسباب ناتجة عن الظروف الطبيعية: ويُقصد بالأسباب الطبيعية، التغيرات المناخية التي حصلت خلال فترات زمنية مختلفة، سواء تلك التي حصلت خلال العصور الجيولوجية القديمة، والتي أدت إلى ظهور وتشكل الصحاري التي غطت مساحات واسعة مثل الصحراء الكبرى في إفريقية، والربع الخالي في الجزيرة العربية، وعلى الرغم من أن نشوء وتكوين هذه الصحاري قد اكتمل منذ فترات زمنية بعيدة، إلاّ أن تأثيرها لا يزال قائماً على المناطق المجاورة.
أما التغيرات المناخية الحديثة، فيُقصد بها تلك التي حدثت في الماضي القريب من حوالي عشرة آلاف سنة، والتي لعبت دوراً مهماً في عملية التصحر وتكوين الكثبان الرملية، علماً بأن هذه التغيرات المناخية الحديثة لم تكن سلبية في جميع المناطق، بل في بعض المناطق كان التغير إيجابياً.
ثانياً: أسباب ناتجة عن النشاط الإنساني: ويمكن أن تعود هذه الأسباب إلى الزيادة الكبيرة في عدد السكان، والتي رافقها زيادة في الاستهلاك، وكذلك التطور الاقتصادي والاجتماعي، أدى ذلك إلى زيادة الطلب على المنتجات الزراعية، هذه العوامل دفعت الإنسان إلى زيادة استغلاله للموارد الطبيعية، والتي جاء في غالب الأحيان بشكل غير مرشد، إضافة لذلك فقد بدأ نشاط الإنسان مؤخراً يمتد إلى المناطق الهامشية ذات النظام البيئي غير المستقر
.
عوامل التصحر واسبابه
وحينما طرقنا هذا الاشكال مع بعض الباحثين الزراعيين والمختصين في محافظتي عدن ولحج وخصوصاً العوامل المؤدية لنشوب ظاهرة التصحر واهم اسبابها افادوا بأن هناك عوامل بيئية تتمثل في نقص
الموارد المائية سواء في المياه الجوفية او الامطار او الانهار ثم السيول وما تحدثه من جرف للتربة الصالحة للزراعة وكذا الرياح الشديدة التي تتسبب في زحف الرمال والكثبان الرملية على الاراضي الزراعية وكذا ازالة الطبقة الصالحة للزراعة من سطح التربة، كما تشمل الامواج البحرية وما تحدثه من تآكل للتربة وخاصة في المناطق المتاخمة للسواحل وهو ما يسمى «بنخو البحر».. وهناك بحسب تفنيد هؤلاء الباحثين عوامل بشرية تتمثل في هجرة العمالة من الريف الى المدينة وتركها للأرض الزراعية وبناء المساكن على حساب الرقعة الزراعية وبناء المصانع في الاراضي الزراعية على مشارف مصادر المياه بما يؤدي الى تلوث البيئة والحد من الكساء الخضري ناهيك عن استخدام طرق الري الدائم غير المقنن والذي يتسبب في زيادة ملوحة التربة ويجعلها غير صالحة للزراعة.. اما العامل الثالث في التدخل السلبي للانسان اذ يؤكد احد الباحثين الزراعيين من محطة ابحاث الكود بأبين ان السبب الرئيسي في عملية التصحر هو سوء ادارة واستغلال الانظمة البيئية من قبل الانسان لاسيما النبت والتربة والمياه، وان ما ساعد في تسارع التصحر في النصف الثاني من هذا القرن هو الانفجار السكاني الذي ميز هذه الفترة في اليمن وادى الى زيادة الحاجة للاراضي الزراعية وازالة الغطاء النباتي الطبيعي ثم بدأت تتدهور الغابات الطبيعية تحت تأثير الحرائق المتكررة والرعي الجائر والقطع السيئ للاشجار ونتج عن هذا التدهور تغيرات في البيئة المحلية باتجاه ازدياد الجفاف على مستوى المناخ المحلي وخصائص التربة وانتاجيتها.
أسباب التصحر :
هناك أسباب عديدة ولكن سوف نأخذ منها سببان أو ظاهرتان مهمتان :
أولاً : الأسباب الطبيعية :
المقصود هنا التغيرات المناخية التي حصلت أو سوف تحصل خلال الفترات الزمنية المختلفة ، سواء منها التي حصلت في العصور القديمة ، الجيولوجية مثلاً والتي أدت الى ظهور
التقسيمات والتظاريس الأرضية الحالية أو نشوء صحارى هُنا وهناك فمثلاً في أستراليا وفي أمريكا الشمالية وفي أفريقيا وآسيا . على الرغم من أن تلك الصحارى قد نشأت في العصور القديمة إلآّ أنها تؤثر على المناطق المجاورة لها. وهناك التغييرات المناخية الحالية أو الحديثة وهو المقصود بها تلك التي حدثت قبل آلاف السنين والتي أثرت بشكل مباشر في عملية التصحر الحالي والتي أدت مثلاً الى ما يُسمى الأرض أو الجبال الرملية ، وعلى الرغم من ذلك فقد كانت التغييرات المناخية الحديثة ليست سلبية دائماً ، بل كانت إيجابية في مناطق أخرى ، أما على صعيد الشرق الأوسط أو الوطن العربي فقد أخذت تلك الحالات والتغييرات المناخية تظهر وتتكرر بأستمرار ، ويمكننا أن نذكر بعض تلك الحالات والظواهر والتي بدئت بالتكرار وهي :
أ * حالة تكرار فترات الجفاف.
ب * حالة الفرق أو التباين الكبير في كمية هطول الأمطار السنوية .
ج * حالة الفرق في أماكن سقوط تلك الأمطار السنوية .
د * حالة تغلب الرياح القارية أو البرية الجافة على الرياح البحرية.
هـ * حالة الفرق الكبير بين درجات الحرار الصغرى والكبرى وفي المدى الحراري اليومي بين منطقة وأخرى .
كل تلك الحالات أو التغيرات التي تحدث ما هي إلآّ عوارض أولية لبدء حالة من الجفاف والتي إذا لم تُعالج بأسرع وقت ممكن سوف تؤدي الى جفاف وتصحر يسود الشرق الأوسط .
ثانياً الأسباب الأنسانية( البشرية ) :
إن المقصود هنا هو الأسباب الناتجة بسبب النشاط الأنساني إن صح القول ، ومنها وكما ذكرنا آنفاً الزيادة الكبيرة لعدد السكان في العالم ، والتي أدت بالنتيجة الى زيادة الأستهلاك الغذائي ، وكذلك التطور الأجتماعيوالأقتصادي، أدى الى زيادة الطلب الى المحاصيل الزراعية . أما من ناحية أخرى فإنَ إقامة المصانع والتلوث البيئي الذي أدى بصورة مباشرة الى التغييرات الجوية وبالتالي ظهور أو كبر حجم الصحارى وزيادة مواسيم الجفاف. إن الحروب أيضاً تؤدي بشكل مباشر أو غير مباشرة الى جفاف الأرض وبالتالي الى التصحر لا محاله.
إستغلال الأنسان للأرض بسبب زيادة الطلب على مواد الخام وإستغلال الأرض بشكل غير مدروس وغير مرشد ، وأيضاً إمتداد المصانع الى المناطق الخضراء والى المناطق الهامشية ذات النظام البيئي الحساس والغير مستقر . هناك أسباب أخرى أدت الى تدهور وسوء تلك الحالة أكثر ومنها :
أ * سوء حالة الغطاء النباتي : ومنها الرعي الجائر حيث أن المراعي قلّة نسبتها الى حوالي 90 %، وتقطيع الأشجار ، وتقليل أو التقليص من الغابات وبناء المصانع أو المعامل أوالمناطق السكنية بدلاً منها أدى الى تقليص البقعة الزراعية ، حيث أن الوطن العربي وحسب الأحصائيات عام 1980 تؤشر الى أن الغابات قلّة بنسبة حوالي 15 % ، وهذا بحد ذاته شيء مرعب للغاية ويستحق المراجعه والتفكير جيداً .
ب * سوء حالة الأرض : المقصود هنا وهو مثلاً التعرية المائية أو الريحية أو معاً ، والتدهور الكيميائي والفيزيائي للتربة ، كل ذلك يعود الى طريقة أستعمال الأرض بشكل خاطئ وغير مدروس وغير علمي على وجه التحديد ، حيث في الغالب نرى من أن المُزارع يرث الأرض عن جده أو أبيه دون أن يُطوّر نفسهِ ويتسلح بسلاح العلم والمعرفة جنباً الى جنب مع الظروف المناخية المتغيّرة.
ج * فقدان المساحات الزراعية : والمقصود هنا هو البناء أو الزحف العمراني على حساب الأرض .
وبأختصار شديد فأن مما تجدر الأشارة إليه هو أنهُ ملخص ما ذكرناهُ آنفاً والذي يُسبب في عملية التصحر هو بسبب التعرية الريحية للأرض ، والتعرية المائية ، والتدهور الكيميائي والفيزيائي .
هناك بعض الاسباب البشرية الاخري المجال الأول :
يتمثل بالضغط السكاني الذي ينتج عنه مزيد من التوسع الزراعي وزيادة أعداد الماشية، ومن ثمة زيادة الرعي وقطع الغابات والهجرة واستيطان أماكن غير ملائمة
الاستغلال مواردها بشكل مستمر إضافة إلى توسع المدن وتضخمها الذي يكون في كثير من الحالات على حساب الأراضي الزراعية . كل هذه العوامل تساهم بتسريع التصحر.حيث ان نمو السكان والفقر والتدهور البيئي يعزز كل منهما الأخر.
المجال الثاني :
يتمثل في نمط استخدام الأرض الذي تختلف نوعيته وكثافته من مكان إلى أخر ومن اوجه استخدام الأرض قطع الأشجار ، ففي المغرب يفقد حوالي 20,000 هكتار من الغابات سنويا لاستخدامها كخشب وقود إذ ان معدل استهلاك الأسرة من الخشب يقدر ب 2.61 طن في السنة. إن مثل هذه المستويات من استهلاك الكتلة العضوية يفوق الطاقة الإنتاجية للغابات وأعشاب الاستبس في المغرب , لذا بات تدهور الغابات والنباتات الأخرى عاملا مهما في تدهور البيئة وتوجهها نحو الجفاف .
وهناك عامل أخر يتمثل بالضغط الزراعي الذي يقصد به تكثيف استخدام الأرض بالزراعة أو تحميل التربة اكثر من طاقتها الحيوية حيث يؤدي ذلك إلى حدوث تدهور في التوازن البيئي و إشاعة التصحر.
ولدينا مثال واضح من جنوب السودان عن نتائج الضغط الزراعي إذ يخصص 2-4 فدان من الأراضي لكل الأسرة من اسر اللاجئين إلى السودان من الدول الأفريقية المجاورة. وبما أن التربة تكون اقل خصوبة في الجنوب فان تخصيص هذه المساحة يعتبر غير كاف لإنتاج الطعام اللأسرة الواحدة.لذلك يتبع الفلاحون أسلوب الزراعة الكثيفة لزيادة إنتاجهم ونتيجة لذلك تقل خصوبة التربة بصورة سريعة بعد أول سنتين من زراعتها.
أما أسباب التصحر في مناطق الزراعة المروية فتعود إلى سوء استغلال و إدارة الأراضي المروية والإسراف في ريها حيث يؤدي ذلك إلى تملح التربة وتغدقها وبالتالي يتدهور إنتاجها وتبرز هذه الظاهرة في التربة ذات التصريف السيئ أو عند الري بمياه ترتفع فيها نسبة الملوحة.
وفي المناطق القريبة من البحار يقود الإفراط في استهلاك المياه الجوفية إلى تداخل مياه البحر للتعويض عن الماء المستهلك وبذلك ترتفع نسبة الملوحة تدريجيا في الآبار وفي حالة السقي منها يؤدي ذلك إلى تملح التربة كما هو ملاحظ في الكويت و الإمارات وليبيا.
إجمالا فان استمرار الضغط على الأراضي الزراعية و تحميلها اكثر من طاقتها يؤدي في نهاية المطاف إلى تدهور إنتاجيتها وتوسع التصحر.(10)
-عوائق الإنتاج الزراعي: حيث تؤدي الأنشطة الزراعية غالباً إلى زيادة التدهور البيئي، بالإضافة لاستيراد السلع المتعلقة بالطاقة، والمواد الغذائية "القمح، الدقيق..إلخ".
ازدياد تفتت الحيازات الزراعية: يؤدي تفتت وتشتت الحيازات الزراعية إلى هجرها وتدهورها.
اسباب التصحر من مصدر اخر:
الأسباب الطبيعية:
الطقس حيث تؤدي الظروف المناخية القاسية والتغيرات والفروقات اليومية الكبيرة بين الليل والنهار في درجة الحرارة إلى سرعة تفتت المواد الصخرية، ومن جانب آخر فإن طول فترة الجفاف في المناطق التي تنخفض فيها معدلات هطول الأمطار يساهم في تعرية التربة، أما حركة الرياح القوية والتي تحدث غالباً في الأجزاء الغربية والجنوبية من السهول الساحلية بحركة الرمال وتكوين الكثبان الرملية بما يتجاوز الأراضي الإنتاجية والبنية التحتية، وتساعد الظروف المناخية على ضعف كثافة الغطاء النباتي وزيادة التعرية الريحية والمائية مما يؤدي إلى زيادة معدلات التصحر.
انجراف وكوارث طبيعية
وزاد الخلي: كما أن معظم الأراضي في اليمن معرضة للانجراف؛ لأنها مرتبطة بالصخور التي كونتها حيث تكون سهلة التفكك، كما أن الوضع الطبوغرافي للأراضي في اليمن يلعب دوراً في الإسراع بعملية التصحر عندما يكون الانحدار شديداً، أما الكوارث الطبيعية من وقت إلى آخر فتؤدي إلى إحداث تعرية كبيرة في التربة بمختلف الأشكال وإتلاف الموارد وفقدان الأراضي المنتجة وتدمير البنية التحتية، كما أن الآثار السلبية الناتجة عن كوارث الفيضانات تبقى عادةً لفترة طويلة، في حين أن عمليات الاستصلاح تأخذ وقتاً طويلاً وبالاعتماد على وفرة المخصصات المالية.
أسباب بشرية :
ومن ضمن أكثر الأسباب شيوعاً الأسباب المرتبطة بالأنشطة البشرية وهي المشاكل الناتجة عن زيادة النمو السكاني والمرتبطة بإشباع الرغبات الأساسية لسكان الريف وهذا يؤدي بدوره لتدهور الموارد الطبيعية المتجددة، ومن هذه الأنشطة تشييد البنية التحتية، وسوء استخدام الموارد الطبيعية المتجددة من حيث الاستخدام السيئ للأراضي، بما لا يتناسب وقدراتها الإنتاجية، إضافة لتطبيق التقنيات الحديثة دون تجربتها وملاءمتها للظروف المحلية، إضافة لسوء استخدام الموارد الحراجية؛ نتيجة التحطيب، وكذا سوء استخدام موارد الرعي، وحفر الآبار الارتوازية بهدف الزراعة المروية في السهول الساحلية والمناطق الشمالية والشرقية، كل ماسبق، إضافة لسوء استخدام موارد المياه، واستخدام المياه الجوفية المالحة والإفراط في التنقيب عن المياه الجوفية واللذين يؤديان إلى تملح الأراضي وتصحرها مع الزمن وإلى استنزاف المخزون الجوفي من المياه، كذلك فإن عدم اتباع دورات زراعية والزراعة لنفس المحصول لسنوات طويلة، من العمليات التي ساهمت في تصحر الحقول الزراعية، بجانب الممارسات الزراعية الخاطئة.
هناك اسباب اخرى:
أولاً: المناخ سببٌ من أسباب التصحر:
عندما تنبه العلماء إلى جفاف الساحل ما بين أعوام 1968–1973م نشأ تساؤل: أهذا الجفاف جزء من اتجاه بعيد المدى نحو جفاف أشد، أم أن ذلك كان فترة جفاف عارضة؟
وظهرت مدرستان مختلفتان من مدارس الفكر: المجموعة الأولى وهي تتكون في الغالب من عدد من المتخصصين في علم المناخ. وقد رأت هذه المجموعة أن ذلك الجفاف ليس إلا بداية لفترة طويلة من الجفاف، وأنه سيزداد سوءاً، ويعتقد هؤلاء المتخصصون أن امتداد الهواء البارد من المناطق القطبية سيحدث لا محالة تغييراً ناحية خط الاستواء بالنسبة للمناطق ذات الضغط المرتفع الرئيسة، وأن من شأن هذا التغيير أن يحد من تقدم الهواء الرطب الاستوائي ناحية المناطق المدارية.
وتتكون المدرسة الفكرية الثانية في مجملها من متخصصين في علم المناخ والجيولوجيا، والهيدرولوجيا والإيكولوجيا والجغرافيا والبلينتولوجيا (الأحيائية)، ويرون أن الأرصاد الجوية التي تعود في بعض الأحيان إلى 135 عاماً أو يزيد لا تتيح للمرء التوصل إلى أي نتائج بخصوص التغير المناخي بعيد الأجل.
ومناخ العالم في حالة توازن ديناميكي دقيق بين عوامل كثيرة، يتحكم فيها بصورة أساسية حالة التوازن القائمة بين الأشعة الشمسية القادمة من الشمس والأشعة الصادرة من الأرض والتي تخضع لعوامل متنوعة تتمخض عنها حالة التوازن هذه، ويتفاعل الغلاف الجوي أيضاً مع الغلاف الحيوي والغلاف المائي، ومن شأن أي تغير يطرأ على هذه العوامل المؤثرة أن يحدث بعض التغيرات في مناخ الأرض.
والآثار المناخية المترتبة على عملية التصحر متعددة الجوانب، فزيادة الرعي خلال أعوام المطر تؤدي إلى تضام التربة نتيجة لسير الحيوانات عليها، ويعاني الغطاء النباتي من ضغط مفرط نتيجة تزايد عدد الحيوانات. وكنتيجة لتدهور الغطاء النباتي يتزايد جرف التربة والانسياب السطحي run offوالبياض albedo، وقد تؤدي الزراعة الكثيفة خلال أعوام المطر إلى جرف التربة بفعل الرياح خلال الفصول الجافة، كما يؤدي أيضاً إلى الضغط على الماء المخزون بالتربة ونقص ما به من مواد عضوية، ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى إضعاف طاقة التربة على تخزين المياه. وثمة نتيجة أخرى لذلك وهي زيادة البياض السطحي
طاقة التربة على تخزين المياه. وثمة نتيجة أخرى لذلك وهي زيادة البياض السطحي surface albedo.
كما يؤدي تجميع الحطب إلى ارتفاع مباشر في حرارة سطح الأرض وانخفاض في التبخر والنتح. ويعتقد بأن الجفاف المستمر من العوامل الفعالة المؤثرة في التعجيل بعملية التصحر ولكن يعادل هذا العامل في الأهمية استمرار المطر لأعوام طويلة في بيئة من البيئات الجافة، فمن شأن ذلك تضاعف قطعان الماشية واتساع الزراعة بدرجة تفوق قدرة المنطقة الاحتمالية مما يعرضها لخطر التدهور (United Nations, 1977, pp.93–94).
وقد يؤثر الإنسان على المناخ دون قصد، بأن يفعل أشياء كتغيير سمات مظهر الأرض landscapeوالإخلال بدورة الماء water cycle، وتغيير التوازن بين مكونات الغلاف الجوي، وهو أمر لم يتفق جميع العلماء عليه، فهل الجو يدفأ نتيجة حقن كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون بإحراق كميات كبيرة من الوقود ومن هنا يزداد أثر البيت المحمي؟ أو هل هو يبرد نتيجة لزيادة عدد الجزيئات في الغلاف الجوي بتأثير الانفجارات البركانية وغير ذلك من الذرات ؟ إن ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي بمقدار 3 ْ فقط يزيد الرياح الموسمية قوة، وهذا معناه زيادة في الأمطار في أحزمة الصحراء العربية وآسيا الموسمية، ولكن معناه أيضاً خلل شديد في مناخ المناطق المنتجة للغذاء كوسط غرب الولايات المتحدة على سبيل المثال.
ثانياً: الأنشطة البشرية لكونها من أسباب التصحر:
أحدث البشر ولا زالوا يحدثون تغيرات في بيئتهم على مر التاريخ، ولكن هذه التغيرات ليست سيئة على الدوام، فالإنسان يصلح الأرض ويدخل النباتات الجديدة ويعالج التربة المالحة ويحمي الحياة البرية في بعض الأحيان، وسنقصر اهتمامنا خلال هذا البحث على التغيرات السلبية التي فرضها الإنسان على بيئته، مما يؤدي بها في كثير من الأحوال إلى التصحر في صورة من صوره. وفيما يلي الأسباب الرئيسة للتصحر الذي حدث بتأثير الأنشطة البشرية:
1– الزراعة المروية ومشكلات ملوحة التربة:
وهي من أقدم المشكلات التي واجهها المزارع في سعيه لزيادة المحصول. والتملح موجود دائماً في المناطق الجافة حيثما وجدت الزراعة المروية، ومرده إلى عدد متداخل من العوامل المتشابكة نذكر منها على سبيل المثال جفاف المناخ والجيولوجيا وشكل التضاريس وهي عوامل تحدد طبيعة الصرف وخواص التربة الفيزيائية والكيميائية، وكذلك نوع التربة وخطة الإدارة الخاصة بالتربة والمياه (Khatib, 1971, pp.13–28).
وقد واجهت الحضارات القديمة في سومر وبابل ومصر ووادي السند والصين مشكلة تملح التربة بدرجات متفاوتة، فتدمرت الأراضي الزراعية تماماً أو انخفضت انتاجيتها على نحو شديد، وافترض كثير من الكتاب أن نهاية حضارة وادي السند ترجع إلى سوء الصرف والافتقار إلى تقنية تقي الأرض من التملح.
واليوم تواجه مشكلة التملح العالم أجمع، فلا تنحصر في الدول الفقيرة وحدها، ولكنها تصيب أيضاً أكثر الدول تقدماً، ففي الولايات المتحدة الأمريكية خطر حقيقي من التملح في الوديان الغنية مثل سان جواكينSan Joaquinوإمبريال Imperial.
وتعاني الدول العربية من هذه المشكلة إلى حد كبير، وهذا يرجع إلى سوء الصرف، وانخفاض جودة المياه، وجهل الفلاحين بعمليات الري وأساليبه. وثمة درجات متفاوتة من الملوحة والتشبع بالماء water loggingفي دول أخرى بالمنطقة غير أنه لا تتيسر الإحصاءات الدقيقة (El–Gabaly, 1977).
وهذه المشكلة العالمية صورة من صور التصحر المدمر للغاية، فالتملح يمثل تهديداً خطيراً لانتاجية الزراعة المروية في جميع أنحاء العالم، وكثير من مشروعات الري الكبرى التي تطلبت رأسمال كبير ثبت أنها مهددة بخطر تملح التربة بعد وقت أقصر مما كان في الحسبان، ويؤكد خبراء الفاو (FAO)أن:
"
ما لا يقل عن 50% من أراضي العالم المروية متملحة أو تعطي محاصيل أقل مما يجب أو لا تستغل في الزراعة على الإطلاق، فمئات الآلاف من الهكتارات من الأراضي المروية تظل
عاطلة كل عام بسبب التملح. وحسب تقديرات الخبراء التقديرية يكون الجنس البشري قد خسر ملايين كثيرة من الهكتارات من الأراضي الخصبة بسبب التملح (Kovda, 1980, p.180)."
2– الإفراط في الرعي وحياة البدو الرحل:
تقدر أراضي الرعي بثلث مساحة سطح الأرض، وهي تشمل مساحات كبيرة من الأقاليم الجافة وشبه الجافة. فحرفة الرعي عرفها الإنسان منذ أن استأنس الحيوان، منذ حوالي 10.000 سنة، حيث تنشغل نسبة كبيرة من السكان بصورة مباشرة بالعناية بالحيوانات، والخروج بها للرعي إلى أماكن جديدة حيث الكلأ أفضل والعشب أجود.
وللإفراط في الرعي آثار مباشرة وغير مباشرة، فالآثار المباشرة هي الوطء والرعي، وقد ثبت أن الوطء أكثر إضراراً من الرعي ولاسيما حول أماكن الري (United Nations, 1977, p.205). فالإسراف في وطء التربة خلال فترات الجفاف يتلف بنية التربة ومخلفات النبات مما يعرض التربة لذرو الرياح wind deflation، أما الوطء بالوحل فمن شأنه أن يضعف قدرة سطح التربة على الارتشاح infiltration capacityويزيد من انجراف التربة soil erosion. أما الرعي الخفيف كالقضم على سبيل المثال فهو يزيد إنتاجية المراعي في المعتاد، بل يساعد في بعض الأحيان على تفتح البراعم الغضة (Goudie, 1981, pp.33–34). ولكل مرعى من المراعي سعة احتمالية carrying capacity، وتعريفها كما يلي:
"هي الحد الأعلى من عدد الماشية الذي تستطيع مساحة من الأرض إعالته مدة عام كامل بدون أن يحدث
تدهور في إنتاجية المرعى" ((Sanford, 1982, p.63. وتتفاوت طاقة العطاء والسعة الاحتمالية هذه حسب الفصل والوقت (Sherbrooke&Paylore, 1973, p.Cool. ففي أثناء فصل المطر تزيد طاقة السعة الاحتمالية للمرعى نتيجة لتوفر الغطاء النباتي
الذي يكفي لغذاء عدد من الحيوانات يفوق العدد الذي يمكنه في فصل الجفاف حين تنقلب الحال إلى العكس. ونظراً لاختلاف ظروف المراعي من عام إلى آخر فلا يمكن تحديد العدد الأمثل من الحيوانات الذي يناسب طاقة العطاء للمرعى. فخلال فترات الجفاف الشديد يصبح أي عدد يقع الاختيار عليه أكثر من طاقة المرعى وقدرته. أضف إلى ذلك أنه من الصعوبة بمكان فرض نظام للرعي في دول العالم الثالث يقوم على السعة الاحتمالية لكل مرعى وقدرته على العطاء، نظراً لعوامل كثيرة كالعقائد الدينية والصلات القبلية أو سوء إدارة البيئة.
وبالإضافة إلى الآثار المباشرة للإسراف في الرعي هناك أيضاً آثار غير مباشرة، يمكن أن يكون لها أثر في تغيير الغطاء النباتي. والتغيرات التي تحدث عادة على النحو التالي:
1– دمار في الغطاء النباتي وتغير في تجديده.
2– تغير في البنية الفيزيائية والتكوين الكيماوي للتربة سببه وطء القطعان ومخلفاتها التي تحدث على وجه العموم بعض التغيرات في الغطاء النباتي.
3– إدخال بذور لأنواع من النباتات الأجنبية جلبتها الحيوانات في مخلفاتها أو علقت بجلودها (Peyre de Fabregues,1970).
وفي أغلب الأحوال يمارس البدو حرفة الرعي ولهذا فإن قطعان الرعي تخص البدو الرحل. فالرعي المرتحل nomadic pastoralism أو الارتحال الرعويpastoral nomadismعميق الجذور في الأنظمة الحضارية للأراضي الجافة، وفي جنوب غرب آسيا
وشمال أفريقيا يعيش الرحل في الصحراء، معتمدين على سقوط المطر غير الثابت أو المضمون، وهم في واقع الأمر قد أنشأوا نظاماً للتجوال والترحال ساعين إلى المطر أنّى كان، أو قد تتخذ حركتهم صورة التأرجح بين مكانين معروفين transhumance. فالحركة إذن هي أفضل وسيلة للدفاع اتخذها الرعاة الرحل لمواجهة ظروف الصحراء القاسية. وقد دعا إلى هذا اللون من الحركة التغير الفصلي والمكاني لمواقع المراعي وموارد المياه، فالمناطق الجافة تتسم على الدوام بندرة الماء وقلة الغطاء النباتي.
والرحل يعيشون في الأراضي الجافة منذ آلاف السنين وتمكنوا من البقاء بمحافظتهم على التوازن مع البيئة، ولم يختل هذا التوازن إلا بعد تدخل ما يسمَّى "بتحسين أحوالِ البدو الرحل"، فأسهم الطب البيطري ومكافحة أمراض الحيوانات في زيادة عدد الماشية، لتتجاوز حدود السعة الاحتمالية وطاقة العطاء للمراعي. ومما زاد الطين بلة حفر الآبار الكثيرة المتجاورة، لأنه بينما حلت مشكلة المياه بهذه الطريقة، نجد الرحل يتجهون نحو هذه الآبار ويتجمعون حولها، ثم يحدث الإسراف في الرعي (Ware, 1977, p.182–187).
وتظن بعض الدول في الشرق الأوسط أن الترحال علامة من علامات التأخر، فنجدها تحاول جاهدة إخفاء العدد الحقيقي لسكانها من الرحل معتقدة بأن هؤلاء الرحل وصمة لا نعمة، ونمط متخلف من الحياة يتهدد الأمن ((Briks,1981, p.83. ويشترك في هذا الاعتقاد كثير من الدول التي بها عدد من السكان الرحل، ومن ثم أنشئت البرامج لتوطينهم في الاتحاد السوفيتي السابق وإيران والمملكة العربية السعودية والكويت ومصر.
وخلاصة القول: إن أفضل لون من ألوان الترحال هو الترحال الحقيقي، حيث يخف الضرر الذي يلحق بالبيئة، أما سوى ذلك من صور الترحال كتوطينهم أو تجمعهم حول موارد المياه أو مراكزالحكومة أو أشباه الرحل من أصحاب المزارع الصغيرة التي تقتضي بقاءهم في مكان واحد مدة طويلة فهي ضارة بالبيئة مؤدية في المعتاد إلى حدوث التصحر نتيجة للمبالغة والإسراف في استغلال مناطق الرعي
3– قطع الأخشاب وجمعها:
إن الغطاء النباتي في الأراضي الجافة غطاء ضئيل في المعتاد، لا يزيد عن عدد قليل من الأشجار، ومن ثم فلا تشكل النار لكونها عاملاً من عوامل تدمير أنماط الغطاء النباتي وتغييرها عاملاً رئيساً في الأراضي الجافة، اللهم حيث توجد الغابات الرواقية بجانب مجاري المياه، ولكن الضرر الحقيقي الذي يلم بالغطاء النباتي هو جمع الأخشاب عن طريق قطعها، ولقد ظلت هذه مشكلة كبرى في المناطق الجافة. فسكان الصحراء يقطعون الأخشاب لعدة أسباب ظاهرة: أحدها: إطعام جمالهم كما هي الحال عند الرعاة في منطقة تيبستي، والرحل يفعلون ذلك على وجه العموم في المناطق الجافة في أغلب بقاع العالم، وهم أيضاً يستخدمون فروع الأشجار لبناء حظائر لماشيتهم (Grove, 1973, p. 40). وثمة سبب آخر لقطع الأخشاب هو سد الحاجة إلى الوقود، ليس بالنسبة إلى الرحل فحسب، بل للمناطق المدنية أيضاً.
4– المبالغة في استغلال المياه الجوفية:
نظراً لندرة مياه الأمطار وتفاوتها بالمناطق الجافة فلا يمكن أن تقوم للزراعة قائمة إلا عن طريق الري، ويمكن الحصول على المياه من الأنهار التي تنبع من خارج الأراضي الجافة كالنيجر والنيل ودجلة والفرات أو من المياه الجوفية.
والمياه الجوفية في المناطق الجافة إما أن تأتي من مصدر خارجي أو تكون مياهاً حفرية، وثمة طبقات كثيرة خازنة للمياه في المناطق الجافة مثل الحوض الارتوازي الأسترالي العظيموالمياه الجوفية في الأحجار الرملية النوبية في الصحراء الكبرى، وفي صحراء شمال أفريقيا الليبية والنوبية والصحراء العربية. وبعض هذه المياه الجوفية قديم يرجع إلى 24000 عام مضت أو أكثر، وقد حدثت فترات مطيرة في الماضي في هذه النطاقات الصحراوية، حيث نتج عن المطر ارتشاح عبر الطبقات الجيولوجية الرسوبية بمقادير أكبر من الوقت الحاضر (Burdon, 1971, p.293).
ولم يترك سكان المناطق الجافة وسيلة من وسائل الحصول على الماء إلا اتخذوها فطوروا الزراعة في الوديان بحفر آبار في إرسابات الأودية السميكة، وتمكن الناس باستخدام هذه الإرسابات في السهول الفيضية للأودية من استيطان أغلب أجزاء الصحراء (Burdon, 1971, p.291). كما ابتدعوا بعض الوسائل البارعة للتوصل إلى المياه ففي جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا حصل الناس على المياه الجوفية بحفر أنفاق أو آبار أفقية في المراوح الفيضية تمتد في الجزء الأعلى من المنحدر حتى تصل إلى المياه الجوفية في نهاية الأمر، فيجلب الماء إلى السطح من خلال المنحدر، ويصل إلى الواحات في القنوات، وتحفر آبار رأسية متقاربة لصيانة هذه الأنفاق، وتسمى هذه الأنفاق بالقنوات أو الأفلاج أو الكاريزkarezوفي شمال أفريقيا تسمى بالفقارة foggaras. وهي تتراوح في الطول من بضع مئات من الأمتار إلى عشرة كيلومترات (Cressey, 1958, pp. 27–44).
إن طبقات الصخور العميقة الخازنة للمياه الجوفية في حاجة إلى الحفر الاستكشافي باتباع أساليب الحفر الرحوي، وقد حفرت آبار ارتوازية تتراوح أعماقها من 1000–1600 متر في بعض المناطق الجافة، وهذه الآبار الارتوازية تتدفق تلقائياً مما يثير سكان هذه المناطق لدرجة عظيمة غير أن هذا التدفق الذي لا يخضع لضابط يؤدي في النهاية إلى التعجيل بانتهاء الضغط ونقص تدفق المياه بعد انخفاض منسوب المياه الجوفية. والآبار الارتوازية ليست متينة البناء على الدوام ولذلك يؤدي التسرب منها إلى امتزاج المياه المنبثقة من مختلف طبقات الصخور الخازنة التي تتفاوت جودة مياهها (Burdon, 1971, p.293).
5– غزو الرمال للأراضي الزراعية:
إن غزو الرمال للأراضي الزراعية خطر يتهدد الحياة في واحات الصحراء، وينذرها بالدمار والخراب، فعندما يسرف الناس في ممارسة الرعي وقطع الأشجار والشجيرات تتفكك الرمال
وتحملها الرياح في سهولة ويسر من مكان إلى مكان. وهي مشكلة واجهها الإنسان منذ أقدم العصور. وفي المناطق الجافة حيث تكون تعرية الرياح شديدة وفي مناطق الرمال المتحركة تواجه المستوطنات والأراضي الزراعية والطرق البرية وسائر المنشآت خطراً دائما هو خطر الرمال المتحركة والكثبان المتنقلة، فتراكمات الرمال تخنق المحصولات وتدمر الأراضي الزراعية (Hagedorn, 1977, p.119).
6– آثار الحروب:
تبرز هذه الآثار البيئية المدمرة بشكل أوضح في الدول المتقاتلة، فالحروب توجه ضربة قاصمة للاقتصاد الوطني لتصير الدولة عاجزة أمام تدهور الموارد البيئية، وتنفق بلايين الدولارات لشراء الأسلحة بدلاً من استصلاح الأرض أو تحسين الوسائل الزراعية، ويذهب الشباب عادة للخدمة في القوات المسلحة تاركين الريف لرعاية الشيوخ الذين قد يهاجرون هم أيضاً إلى المدن أو ينزحون عن بلادهم بسبب الحرب.
وفي بعض الحروب تستخدم الأسلحة البيولوجية والكيمائية مما يؤثر على مظاهر الطبيعة تأثيراً عميقاً، فلقد استخدم الجيش الأمريكي مادة كيميائية تسمى Agent Orangeفي حرب فيتنام لإزالة الغابات من أجل منع المتسللين من الفيتناميين الشماليين وكان أثر ذلك مأساوياًّ للغابات والبشر والحيوانات على حد سواء. ويعتقد بعض العلماء بأن هذه المادة قد تؤدي إلى تغير دائم في بيئة المنطقة.
والحروب الداخلية مشكلة من المشكلات العويصة في بعض البلدان في العالم، فهؤلاء الناس يدمرون بيوتهم بأيديهم، ويخربون البنية الأساسية في بلادهم فهي أشد ضرراً من الحروب الخارجية؛ نظراً لأن مدى الدمار يتسم بالشمول
7– الهجرة:
إن من أسباب التصحر الخطيرة هجرة الناس من الريف إلى المدن بحثاً عن حياة أفضل. وهجرة الأيدي العاملة من دولة إلى أخرى تعد صورة أخرى من صور الهجرة الضارة، حيث تعبر أعداد كبيرة من العمال الحدود بين المملكة العربية السعودية واليمن وبين الولايات المتحدة والمكسيك. إنهم يتركون مزارع أسرهم في حالة راحة لسنوات عديدة، مما قد يتسبب في ضياع التربة عن طريق التذرية، وحتى إذا لم تترك الأرض في حالة راحة فسوف يتولى أمرها إما الأطفال غير المتمرسين بالزراعة أو الشيوخ الضعفاء الذين لا يقدرون إلا على زراعة جزء صغير من الأرض. أما المهاجرون فلن تنقطع صلتهم بطرق حياتهم التقليدية فحسب، بل لربما قلت مهارتهم في مجال الزراعة أيضاً. إنهم في الحقيقة يجنحون إلى التخلص من الزراعة عندما تتاح لهم أول فرصة في المدن.
8– أسباب أخرى لعملية التصحر:
هناك أسباب أخرى لعملية التصحر لن نستعرضها بالتفصيل لأنها نادرة الحدوث في البلاد الجافة ومنها:
1- أخذ الإنسان يزيل مساحات واسعة من الغابات في المنطقة الاستوائية لأغراض الزراعة أو لاستخدامها للوقود أو التجارة.
2- وكان الصيد أيضاً أحد تخصصات الإنسان حيث قضي قضاء تاماًّ أو يكاد على أي حيوان من ذوات الدم الحار، يرى فيه خطراً عليه أو منافساً له، حدث ذلك في جميع الحضارات القديمة على وجه التقريب.
3- يتزايد عدد السكان في العالم بمعدل مزعج، وصار لزاماً على الدول الزراعية أن تنتج لهم الغذاء، فتتوسع في مجال الزراعة فتكثفها، أضف إلى ذلك أن تزايد السكان في منطقة ما يؤدي في المعتاد إلى اختلال التوازن بين السكان والموارد البيئية. وسوف يمضي الناس في
مسعاهم للحصول على الطعام من أجل أطفالهم، بغض النظر عما تحدثه تصرفاتهم من أضرار للبيئة، وهنا تأتي مسألة أثر توزيع الثروة والعون الدولي في تخفيف الضغوط السكانية على المصادر الطبيعية. وثمة رابطة قوية بين الضغط السكاني على المصادر الطبيعية وبين طاقة العطاء للأرض، وفي البلاد الجافة قد يرى البعض أن خمسة أو سبعة أشخاص في الكيلومتر الواحد هم أكثر مما يجب، بحيث قد يؤدي وجودهم إلى نوع من أنواع الإسراف في استغلال الموارد الطبيعية في المنطقة، بينما في وادي النيل بمصر قد تصل الكثافة السكاني
الخميس مايو 09, 2013 10:32 pm من طرف قداري محمد
» استخدام طريقة العروض العملية في تدريس العلوم
الخميس أبريل 18, 2013 10:26 am من طرف قداري محمد
» Ten ways to improve Education
الخميس فبراير 21, 2013 8:44 am من طرف بشير.الحكيمي
» مقتطفات من تصميم وحدة الإحصاء في الرياضيات
الثلاثاء يناير 29, 2013 8:30 am من طرف بشير.الحكيمي
» تدريس مقرر تقنية المعلومات والاتصالات
الأربعاء يناير 02, 2013 7:49 am من طرف انور..الوحش
» تدريس مقرر تقنية المعلومات والاتصالات
الأربعاء ديسمبر 19, 2012 10:00 am من طرف محمدعبده العواضي
» الواجبات خلال الترم 5
السبت أكتوبر 06, 2012 11:12 pm من طرف بشرى الأغبري
» الواجبات خلال الترم4
السبت أكتوبر 06, 2012 11:11 pm من طرف بشرى الأغبري
» الواجبات خلال الترم3
السبت أكتوبر 06, 2012 11:10 pm من طرف بشرى الأغبري