ولأهمية دور المعلم في العملية التعليمية بشكل عام ولتعليم الطلبة المتفوقين والموهوبين بشكل خاص, سوف نتطرق بشيء من التفصيل لخصائص وسمات المعلم وسوف نتناولها من ثلاثة جوانب:
الجانب الأول: خصائص المعلم الشخصية.
الجانب الثاني: سلوكيات المعلم وتأثيرها على مناخ الفصل الدراسي.
الجانب الثالث: الأساليب وطرق التدريس والوسائل التعليمية المناسبة.
أولاً: خصائص المعلم الشخصية:
إن المعلم يشكل العضو الهام والفاعل في العملية التعليمية بشكل عام وفي تعليم الطلبة المتفوقين والموهوبين بشكل خاص. فالبرامج والمناهج المتعددة وطرق التدريس المتنوعة لا ترقى إلى المستوى المطلوب إلا بوجود معلمين لديهم من السمات والخصائص الملائمة لمقابلة متطلبات تلك البرامج والمناهج المقررة ( Gallagher, 1991 ) ( Gallagher,Harradin &Coleman, 1997 ), مما يؤدي إلى تحقق الأهداف المرجوة من العملية التعليمية و تنمية مختلف الجوانب العقلية والانفعالية والاجتماعية لدى الطلبة وخاصة المتفوقين والموهوبين منهم. وبالطبع هذا لن يتحقق إلا بوجود معلم, له من السلوكيات والخصائص الملائمة لكي يحقق التعليم أهدافه. ومن أهم الخصائص الشخصية للمعلم الآتي:
1. أن يتميز معلم الطلبة المتفوقين والموهوبين بمستوى أعلى من المتوسط على اختبارات الذكاء. فهذا سوف يحقق له الشعور بالأمان وعدم الشعور بالتهديد أو الضعف أمام الطلبة المرتفعي الذكاء. فالمعلم لابد أن يكون ذا نباهة وبصيرة عالية وقدرات متنوعة. ولقد أكد فيلدهاوزين ( Feldhusen, 1997 ) أن المعلم لهؤلاء الطلبة المتفوقين والموهوبين لابد أن يكون متميزاً في صغره ومن الأفضل أن يكون منضماً إلى فصول للمتفوقين والموهوبين في مراحل عمره المبكرة. فوجود قدر مرتفع من الذكاء لدى المعلمين يمكنهم من التعرف على مشاكل المتفوقين والموهوبين وتنوعها بحيث يكون لديهم سرعة البديهة واليقظة لكل ما يدور حولهم من أمور، وأن يتميزوا بقدرات مثل القدرة على التحليل والاستنتاج والربط للموضوعات والمفاهيم, ولقد أثبتت الأبحاث أن المعلمين المفضلين والذين تم اختيارهم من قبل الطلبة المتفوقين والموهوبين كأفضل وأحسن معلم, هم من تميزوا بنسب ذكاء مرتفعة مقارنة بالمعلمين
الذين لم يتم اختيارهم والأقل تفضيلا ًوالذين كانت نسب ذكائهم أقل (Donna & Ford, 2001 ).
2. أن يتميز المعلم بخاصية حب الإطلاع والإلمام والمعرفة الواسعة. ولديه غزارة في المعلومات والبيانات, والخبرة الواسعة في مختلف جوانب المعرفة, وخاصة في المواد التي يقوم بتدريسها, وأن يتميز بأفكار منظمة وواضحة, وأن يكون لديه الرغبة للتعلم باستمرار وزيادة معلوماته بمختلف الموضوعات فمعلم المتفوقين والموهوبين لابد أن يتميز بسعة الأفق في الثقافة والمعرفة مما يدفع الطلبة إلى احترامه وتقديره ويكون قدوةً, ومثلاً أعلى للطلبة والمفضل لديهم وعليه أن يكون ملماً بكافة المعلومات المرتبطة بالمادة التي يقوم بتدريسها ويربطها بما حولها من معلومات, وأن يكون متميزاً في النواحي البحثية. ولقد أظهرت الأبحاث أن المعلم الذي يحظى بتقدير واحترام الطلبة من المتفوقين و الموهوبين والمفضل لديهم هو من يكون واسع الإطلاع في مختلف العلوم ولديه حب المعرفة والاستطلاع والاكتشاف. حيث تقع عليه مسؤولية تطوير نفسه وأدواته. ومن جهة أخرى ذكر كل من هيوارد وأورلانسكي (Howard &Orlansky, 1992 ) أن لا يشترط على معلمي الطلبة المتفوقين والموهوبين أن يكونوا مرتفعي الذكاء أو لديهم مواهب ولكن يجب أن يتمتعوا بمرونة وحب استطلاع والتحمل والكفاءة والثقة العالية بالنفس.
3. الحصول على مؤهل تربوي متخصص أو دبلوم في مجال التفوق والموهبة. ويكون لديه إطلاع على مختلف جوانب النمو للقدرات العقلية, وأنواعها وكيفية قياسها, وطرق التدريس الملائمة, وأهم المقاييس للتعرف عليها, والإلمام بأهم الخصائص والسمات لدى الطـلبة المتفوقين والموهوبين، ومعـرفة المشاكـل والصعـاب التي يتعـرض لها هـؤلاء الطلبة خلال المراحـل العمرية المختلفة، انعكـاساتها عـلى الجوانب العقـلية والنفسية والاجتماعية. وعلى المعلم أن يكون على إلمام تام بالمواد التي يقوم بتدريسها بحيث تكون ضمن تخصصه الدقيق في الجامعة, فالتخصص الدقيق للمواد يمكنه من إشباع حاجات واهتمامات الطلبة ومقابلة متطلباتهم الاستطلاعية الدقيقة.
4. أن يتميز المعلم بطموح عالٍ للارتقاء بمستواه العلمي والسلوكي لمواكبة متطلبات مهنته التعليمية وذلك بالالتحاق بالعديد من الدورات وورش العمل داخل المدرسة وخارجها لمواكبة التطور في تعليم المتفوقين والموهوبين, والوصول إلى أفضل الطرق الحديثة في التعليم وذلك لتلبية احتياجاتهم ومقابلة متطلباتهم الذهنية والنفسية والاجتماعية.
5. أن يتميز معلم الطلبة المتفوقين والموهوبين بشخصية مرنة, متقبلة لمختلف الآراء والمناقشات, لديه طلاقة في الأفكار والكلمات والمعاني والتداعي السريع للاستجابة للمواقف المختلفة والموضوعات المتعددة. بعيداً عن التصلب والجمود في الآراء والأفكار التي يطرحها, متقبلاً لمختلف الموضوعات والنقاشات والحوارات بعيداً عن الانفعالات. متقبلاً ومعتاداً على الأسئلة الغريبة والغامضة والمحرجة, واستخدام الأساليب والصور الخيالية للكشف عن المشاعر لدى هؤلاء المتفوقين والموهوبين (Clarck, 1997 ).
6. إن من الأهمية أن يتميز معلم الطلبة المتفوقين والموهوبين بالثقة العالية بالنفس وبمعلوماته وقدراته, فقد تظهر الحيرة وتنعدم الثقة لدى الطلبة بالمعلم عند وجود قصور في معلوماته أو عدم الإلمام بالمادة العلمية, مما يجعل الطلبة في حالة ارتباك وقلق وحيرة, وعلى المعلم أن تكون لديه الشجاعة للاعتراف بالخطأ, في حالة عدم معرفته للإجابة على الأسئلة المطروحة من الطلبة المتفوقين والموهوبين وعدم الشعور بالتهديد الداخلي أو الضعف أو التردد أمامهم في حالة عدم الإلمام بالمعلومة المطلوبة وعليه الاعتراف بعدم المعرفة في حالة وجود الأسئلة المحرجة من الطلبة وعليه ألا يتجاهلها بل يسعى للإجابة عليها لاحقاً (De Bono, 1991 ) فالشعور بالثقة والمسؤولية يساعد المعلم على مواجهة المواقف الغامضة والصعبة المحيطة به باستمرار خلال تعامله مع الطلبة المتفوقين والموهوبين, وعليه أن يكون واعياً لما يدور في أذهان الطلبة من أسئلة, ومستعداً للإجابة عليها, و يكون قريباً من الطلبة يحبهم ويحترمهم, ولا يغضب ولا تثير أسئلتهم المتكررة والمحرجة انفعالاته (Kitano & Colangelo, 1989 ).
7. أن يكون لدى معلم الطلبة المتفوقين والموهوبين الميول والاهتمامات لتدريس هذه الفئة من الطلبة, هذه الخاصية أو الرغـبة تجعله أكـثر تحمساً ودافعـية لتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه لفئة لها خصائصها ومتطلباتها التي ينبغي أن يتعرف عليها ويقدرها ويحترمها ويحثهم على الاستغلال الأمثل ولتنمية قدراتهم ومواهبهم وعليه أن يبدي اهتماماً واضحاً للتعرف على ميولهم واهتماماتهم وطموحاتهم ( Webb, Meckstroth, Tolan, 1982 ), وقد يشمل الاهتمام كل ما له صلة بهؤلاء الموهوبين والمتفوقين من أولياء الأمور وزملاء وما يمارسونه من نشاطات وهوايات ومحاولة التنسيق بينها لتحقيق ما يرضي طموحاتهم ويؤدي لإشباع حاجاتهم وتحقيق رغباتهم.
8. عدم القسوة أو السيطرة، فالثقة بالنفس وقوة الشخصية للمعلم لا يعني فرض السيطرة والتسلط ولكن يكون قدوة حسنة في تعامله وسلوكه وأفكاره وتصرفاته, وقد ذكر تورنس (Torrance, 1987 ) أن من أهم المعوقات التعليمية للطالب المتفوق والموهوب هو طريقة تعامل المعلم مع الطلبة القائمة على التسلط والسيطرة والإصرار على إتباع الأوامر وتنفيذ التعليمات وعدم أخذ رأي ومشاركة الطالب, والتركيز على أساليب التقويم التقليدية مما يسبب للطالب ضغوطاً نفسية وتوتراً, وعدم إعطائه الفرصة للمناقشة والحوار في الموضوعات والقضايا التي تهمه والتي يرغب في مناقشتها. فعلى
المعلم أن يكون عاملاً محفزاً ومشجعاً لا محبطاً لطموحاتهم ( Clark, 1997 ).
9. أن يكون المعلم ذا شخصية مرحة, جذابة وأن يكون المرح والبشاشة وحب الدعابة والنكتة أسلوبه لتلطيف الجدية والحدة للمناقشات والحوارات, لديه مهارة التعامل والاتصال والتواصل مع الآخرين, وأن يكون ديمقراطياً في تصرفاته وآرائه, يستمع للطلبة وينصت لمشاكلهم ويترك الفرصة لطرح ما لديهم من أفكار وآراء, ولا يجبرهم على تبني أفكار الآخرين من خلال الضغط عليهم واستخدام سلطته كمعلم.
10. أن يكون الإخلاص والتفاني في العمل مبدأه وسعة الصدر والتسامح أخلاقه. وأن يظهر لديه التوافق النفسي والاجتماعي والانفعالي, وبتميز بالقدرة على المبادرة وحسن الخلق والاحترام للجميع.
وقد أورد فيلدهاوزين ( Feldhusen, 1997 ) عدداً من الخصائص والصفات الشخصية لمعلم الطلبة المتفوقين والموهوبين منها:
مستوى مرتفع من الذكاء.
الطموح العالي والحماس للعمل.
يتصف بالمعرفة الواسعة وتنظيم الأفكار وتعددها.
يتصف بالثقة العالية بقدراته ومعلوماته.
يتميز بخيال خصب وأسلوب جذاب للتعبير والحوار.
احترام وجهات النظر المختلفة, وأقل انتقاداً للآخرين.
القدرة على التعرف على مشاكل الموهوبين وإرشادهم وتوجههم.
يندمج مع الطلبة ويتبادل الأفكار والطموحات معهم ويحقق جواً من الديمقراطية.
يتعاون مع الآخرين ويقدم المساعدة لهم.
ويؤكد تورنس (Torrance, 1987) أن هناك بعض الخصائص الشخصية لمعلم الفصل والتي قد تعيق العملية التعليمية داخل الفصل الدراسي لدى الموهوب أو المتفوق وهي :
1. إن بعض المعلمين قد ينقصهم التدريب والخبرة اللازمة للعملية التعليمية, ولديهم قصور في النواحي العلمية والعملية لطرق التدريس, والوسائل التعليمية المستخدمة, بما يتطلب المتابعة وإجراء التدريبات اللازمة خلال الخدمة أو قبل أن يلتحق المعلم بالتدريس لهؤلاء المتفوقين والموهوبين.
2. إن بعض المعلمين للطلبة المتفوقين والموهوبين ينقصهم الثقة بالنفس نتيجة لقلة المعلومات التي يمتلكونها وعدم الجاهزية نفسياً وعلمياً للتعامل مع المتفوقين والموهوبين, ولهذا قد يشعرون بعدم الأمان والإحباط, لعدم تقبل الطلبة لهم وعدم الرضا عن أدائهم خلال عملية التدريس, ولهذا قد لا يجدون متعة في تعليم الطلبة المتفوقين والموهوبين.
3. إن هؤلاء المعلمين يظهر عليهم التصلب والتعصب لآرائهم, وعدم وجود المرونة في أفكارهم واتجاهاتهم, وهم بذلك لا يشجعون الأفكار المخالفة أو التي تتسم بالجدة والغرابة, فهم رافضون لكل غريب وجديد يخرج عما هو معتاد من مناهج تعليمية تقليدية.
ثانياً: سلوكيات المعلم وتأثيره على مناخ الفصل الدراسي:
يعتبر المعلم العامل الرئيسي والمكون لعملية التفاعل داخل الفصل الدراسي. فالظروف المناخية السائدة داخل الفصل الدراسي ما هي إلا نتيجة لتداخل وتفاعل عدد من العناصر. فهناك :
1. شخصية المعلم كنظام مستقل له تعاملاته وخصائصه وسماته الشخصية وخبرته السابقة.
2. الطالب وما يتميز به من نظام وتفاعل داخلي يعكس الأساليب التربوية والتنشئة الاجتماعية التي انبثق منها، وكل طالب هو نظام مستقل بذاته له علاقاته واهتماماته وقدراته وخصائصه وسماته يختلف عن الآخرين.
3. التفاعل الجماعي للطلبة داخل الفصل بعضهم ببعض والذي قد يخلق جواً غير مريح في بعض الأحيان قد يعكس أساليب تعامل وتفاعل غير متوازنة وذلك نتيجة لاختلاف النواحي الثقافية والاجتماعية وأساليب التنشئة مما يتطلب تدخلاً لإعادة التوازن لهذا النوع من التفاعل.
4. التفاعل الحاصل بين الطلبة والمعلم سواء كانت تفاعلات كمجموعة أو عدة مجموعات أو تفاعلات فردية بين المعلم والطالب.
هذه العناصر المتعددة للعلاقات الداخلية في الفصل الدراسي والناتج عنها عملية التفاعل لهذه العناصر يخلق جواً ومناخاً إما أن يكون مريحاً يدعو إلى الاطمئنان والراحة والشعور بالأمان وبالتالي يكون دافعاً للإنجاز والتحصيل وإما أن يكون جواً يدعو إلى القلق والتوتر والخوف وبالتالي يؤثر على العملية التعليمية مما يؤدي إلى إخفاق تحقيق الأهداف المرجوة من العملية التعليمية (Gallagher, 1991 ) (Herradine, &Coleman, 1996 ) إن سلوكيات المعلم وتأثيرها على المناخ الفصلي السائد يدفع بالعملية التعليمية ويساهم بالوصول إلى التفاعل المتوازن بين تلك العناصر المتعددة داخل الفصل الدراسي مما يجعل الفصل الدراسي يتميز بالآتي:
1) مناخ مريح و مناسب لتطوير مختلف جوانب النمو العقلي والانفعالي والجسمي والاجتماعي والابتعاد عن أن يكون المناخ الصفي متمركزاً حول المعلم ( Teacher Centered Classroom ), والذي يكون فيه المعلم المتحدث معظم الوقت, ويكون الشكل التنظيمي للفصل يأخذ الشكل التقليدي للصفوف المتراصة, والمتجهة نحو المعلم, والسبورة من أمامهم. ويؤكد ستيل (Steele, 1982) أهمية أن يكون مناخ الفصل الدراسي
متمركزاً حول الطالب ويكون الطالب محور العملية التعليمية ( Student Centered Classroom ), بحيث يتفاعل كل من الطالب والمعلم أي أن التفاعل في عدة اتجاهات وتكون طريقة الجلوس للطلبة على شكل مجموعات أو دائرة.
2) أهمية إدخال النواحي الإنسانية والعاطفية والوجدانية في العملية التعليمية من خلال إضفاء الاحترام والتعاطف على الجو الدراسي, وحفظ الكرامة والتقدير, ونبذ كل ما هو مؤذ لكرامة الإنسان أو الإقلال من شأنه ( Calrk, 1983 ).
3) أن يكون الجو السائد في الفصل الدراسي قائماً على التسامح والبعد عن العقاب بكافة أشكاله اللفظية والجسدية ( Torrance, 1987 ).
4) أن يتمتع الفصل الدراسي بجو من الحرية والديمقراطية في التعامل, وعدم فرض الرأي, وتعطى الحرية للطلبة للنقاش والحوار بطريقة حضارية وتقبل مختلف وجهات النظر, وإبداء المرونة في التفكير وعدم التصلب والجمود.
5) ممارسة الطلبة المشاركة في اتخاذ القرارات فيما يخصهم من منهج وطرق تدريس ووسائل تعليمية ونشاطات صفية وغير صفية وعمل الخطط الفردية والتقارير ( Renzulli, 1994 ).
6) أن يتميز مناخ الفصل الدراسي بإعطاء الفرصة للطلبة للاكتشاف والاستطلاع العملي التطبيقي داخل الفصل الدراسي وخارجه مما يؤدي إلى كسر حاجز الرهبة والخوف لديهم. ويدفعهم إلى مزيد من الإطلاع والتعلم وبهذا يكون داعماً ودافعاً لعمليات التفكير بمختلف أشكالها ( Renzulli, 1994 ).
7) أن تساهم سلوكيات المعلم بإيجاد مختلف الطرق لزيادة الإثارة وجعل البيئة الصفية محطة للتشويق والاستثارة, وتعدد الموضوعات المطروحة والتي تتعلق باهتمامات الطلبة وميولهم, وربط الموضوعات العلمية البحتة بموضوعات محببة لدى الطلبة مثل كرة القدم والألعاب الالكترونية أو الشخصيات الكرتونية المحببة أو العرائس كنواحي تطبيقية للدرس لزيادة الإثارة والمتعة ( Renzulli, 1994 ) والتقليل من الواجبات الفصلية الروتينية واستبدالها بنشاطات تدعو إلى الخيال والتأمل والبحث مما يكون داعماً ودافعاً لعمليات التفكير المختلفة في جو مناسب قائم على استخدام أساليب حديثة تتفق مع ميولهم واهتماماتهم ( Steele, 1982 ) ( Treffinger, 1986 ).
الابتعاد عن جو التسلط والقمع وإحداث الخوف والقلق لدى الطلبة. فلقد أظهرت الأبحاث أن الأطفال المتفوقين والموهوبين الذين تربوا في بيئات قائمة على التعامل الصارم والأساليب التسلطية كالتوبيخ والإيذاء وإعطاء الأوامر والاستهزاء وعدم التقدير والاحترام والتحقير والعقاب البدني يظهر عليهم الشعور بالنقص وعدم الثقة بالنفس والانسحاب, فهذا الجو للفصل الدراسي غالباً ما يمنع الإبداع والتفكير المرن الأصيل ويبعث إلى انخفاض الروح المعنوية للطالب وتقدير الذات والشعور بالخضوع, وعدم الإحساس بالقيمة والشعور بالانقيادية والمسايرة للآخرين وعدم الاعتداد بالرأي وانخفاض الثقة بالنفس ( Torrance, 1987 ).
9) أن يكون جواً مليئاً بالمرح والفكاهة, يدعو إلى المساواة والتعاون البناء بين الطلبة كمجموعات وكأفراد, وتكون الحصص ممتعة وحيوية بحيث لا يشعر الطلبة بالملل. وأكد كل من كلارك ( Clark, 1997 ) وباسو ( Passow, 1986 ) على أهمية التعليم المفتوح, وترك الفرصة للطلبة بحرية للتحدث والمشاركة, هذا الجو من الانفتاح والشعور بالارتياح يدعو الطلبة ويساعدهم على تطوير ذاتهم وتنمية قدراتهم ومهاراتهم الإبداعية.
10) أن يكون لدى معلم الطلبة المتفوقين و الموهوبين القدرة على إدارة الجماعات الصغيرة, والعمل التدريبي التعاوني, والتعرف على كيفية التدريب على إدارة الحوار والنقاشات بين المجموعات, وتتضح مهارة المعلم في جعلهم يشعرون بالتفوق في المناقشات والحوارات التي يطرحونها. ومعرفة الحوار البناء والحوار الدفاعي وغيرها من الموضوعات المرتبطة بالتعلم التعاوني والجماعات ( Renzulli, 1994 ).
11) الاستخدام الأمثل للحوافز والمؤثرات الفعالة لزيادة التفاعل في الفصل بدون المبالغة في استخدامها, وعليه تحديد أهمية المؤثرات والمعززات الداخلية والخارجية وأيهما أكثر فعالية.
ومن هنا نرى أن للمعلم أثراً واضحاً بالارتقاء بأداء الطالب من خلال توفير المناخ الفصلي المناسب, ولقد أثبتت الأبحاث أن هناك علاقة موجبة قوية بين كل من الأداء السلوكي الذي يقوم به المعلم داخل الفصل الدراسي واستخدامه الطرق التفاعلية المناسبة وأساليب التعامل الشخصية البعيدة عن العنف والقسوة والتسلط, وسلوك أداء الطلبة لاحقاً. فقد أظهرت دراسة فيلدهاوزين ( Feldhusen, 1997 ) أنه كلما زادت نسبة التعامل البناء للمعلم مع الطلبة كلما تطورت مواهبهم وقدراتهم إلى مستوى أعلى, فمؤهلات المعلم وأساليب التعامل الشخصية للمعلم هما شيئان مكملان لبعضهما, ولا يمكن فصل إحداهما عن الأخرى في تأثيرهما على أداء ونوعية التفكير لدى الطالب سواء كان داخل الفصل أو خارجه.
ولقد ظهر أن الاهتمام بالجوانب العاطفية والوجدانية للطالب عامل هام وضروري لتقبل المعرفة واستيعابها والاستفادة منها. فتركيز المعلم على الجوانب المعرفية والعمليات العقلية للطالب, وإهمال الجانب الوجداني والعاطفي، يجعل الطالب يفقد
الكثير من المعلومات المعطاة, و يمنع إجراء مختلف العمليات العقلية لوجود حاجز الخوف والتردد والشعور بالقلق وبعدم الحب والأمان وغيرها من المشاعر الوجدانية والعاطفية وهذا ما تنادي به معظم النظريات الحديثة ( Goleman, 1995 ) من أجل الاهتمام بهذا الجانب العاطفي والوجداني للطفل وجعله من ضمن الأولويات للمعلم للرقي بمختلف القدرات العقلية.
ثالثاً: الأساليب التعليمية وطرق التدريس:
إن ما يتميز به الطالب المتفوق أو الموهوب من خصائص وصفات لها ما يقابلها من متطلبات وطرق تدريس ووسائل تعليمية مناسبة. فالمعلم يقع على عاتقه العبء الأكبر والهام لمقابلة حاجات المتفوقين والموهوبين بما يوافقها ويتلاءم معها من طرق تدريس ومناهج وأساليب تعليمية مناسبة. وكما ذكرنا سابقاً في الفصل الخاص بصفات وخصائص المتفوقين و الموهوبين, أن تلك الفئة لها صفات وخصائص تختلف عن غيرهم من الطلبة العاديين. فعلى سبيل المثال, بعض هؤلاء المتفوقين والموهوبين يتميزون بقدر عالٍ من الفهم والاستيعاب السريع للمعلومات مما يتطلب طرق تدريس ملائمة تتوافق مع هذه الخاصية وتختلف عما هو مستخدم من طرق ووسائل تعليمية مع الطلبة العاديين الأقل سرعة في فهم المعلومات واستيعابها. بالإضافة إلى أن المتفوق أو الموهوب قد يتميز بقدرة استدلالية عالية, فهو لا يكتفي بالتعرف على المعلومات واستيعابها ولكن الحالة الاستدلالية جاهزة معه. فيلاحظ المعلم أن الطالب المتفوق أو الموهوب كثير الأسئلة خلال الشرح وعند طرح الموضوعات, فهو باستمرار يستخلص النتائج بشكل سريع من خلال ربطها وتحليلها وقد تتجاوز ما يتوصل إليه المعلم ( Gallagher, 1991 ) ( Maker, 1997) وبالطبع هذا يتطلب نوعاً من أساليب التدريس والذي يجب أن يراعي فيه هذه الجوانب والمعرفة بخصائص وسمات المتفوقين والموهوبين. وأن يكون المعلم لديه التهيئة والاستعداد للإجابة عن الأسئلة الطارئة والآنية عند طرحها لمقتضيات ولمتطلبات عملية التفكير للطالب الذي يرغب في الحصول على إيجادة المعلومة المطلوبة لاستعمالها لعملية ذهنية محددة وبشكل سريع وذلك للوصول إلى الفكرة ذات العلاقة.
كما أن الطالب المتفوق أو الموهوب لديه غزارة في المعلومات والبيانات الواسعة في كافة المجالات والتي اكتسبها من خلال قراءاته المتعددة واطلاعاته الواسعة, وقد مكنه وساعده في الاحتفاظ بها قدرته التذكرية العالية التي يتمتع بها, فهو لا يكتفي بالمقررات الدراسية, لكن يتعداها إلى مجالات أوسع وأرحب قد تفوق ما لدى معلمه من معلومات في بعض الأحيان بالإضافة إلى تميز الطالب المتفوق والموهوب بالثروة اللغوية والطلاقة اللفظية, كل هذا يتطلب من المعلم أن يضاعف الجهد في معرفة خصائص هؤلاء المتفوقين والموهوبين العقلية والانفعالية والعاطفية وبالتالي مقابلتها بما يتوافق معها من طرق تدريس وأساليب تعلمية وتربوية تحقق الرضا والإشباع لحاجاتهم ومتطلباتهم المختلفة ( Kirk,Gallagher&Anstasiow,2000)ومن أهم ما يجب على المعلم للفصل الدراسي القيام في هذا الجانب الآتي:
1) التحديد الواضح للأهداف والطرق التدريسية والوسائل التعليمية الملائمة.
2) التحديد الدقيق للمهارات والقدرات العقلية التي ينبغي استخدامها وإتقانها, وتحديد النشاطات والتدريبات بشكل تفصيلي, وعدم الاكتفاء بمحتوى الدرس, أو البيانات والمعلومات الواردة في الدرس, واستخدام التدريبات المناسبة لتنمية مهارات التفكير بمختلف أنواعه ( Renzulli, 1994 ). والابتعاد عن عملية التلقين أو الاعتماد على أسلوب الحفظ للمعلومات والحقائق المتضمنة في المناهج الدراسية.
3) الاهتمام بمختلف عمليات التفكير العليا ( Higher Order Thinking) فمسؤولية المعلم تتعدى المنهج الدراسي ومحتواه العادي إلى التركيز على العمليات العقلية من التحليل والتركيب والاستدلال والتفكير الإبداعي
والتفكير الناقد ( Steele, 1982 ) فالتركيز على المحتوى للمنهج الدراسي لكي يفهمه ويستوعبه الطالب, و التركيز على قدرة أو مهارة واحـدة مـثل الحفـظ والتذكر أو الفهم والاستيعاب للمنهج الدراسي من القدرات التي تعتبر من أنواع التفكير الدنيا ( Lower order thinking ), والتي هي بلا شك هامه وضرورية للتدريب عليها ولكن إلى جانب العمليات العليا الأخرى للتفكير. فمن المهم التركيز على التدريبات المناسبة لتنمية عمليات التفكير المختلفة مثل التفكير التباعدي, والتقويمي والمعرفي الإدراكي. وأن يكون المعلم دافعاً ومحفزاً لنمو تلك العمليات العقلية مع التنوع في المحتوى والناتج لتلك العمليات. والمهارات الضرورية وذلك للاستفادة القصوى للمعلومات المعطاة والتي تحقق إشباعاً لمتطلبات وحاجات الطلبة المتفوقين والموهوبين.
4) التركيز على كيفية التفكير, أكثر من التعلم أو ماذا نتعلم ولكن الأهم كيف تفكر, والاهتمام بتطوير نوعية التفكير ووضع الخطط والاستراتيجيات لتعلم التفكير.
5) التنوع في طرق وأساليب التدريس بحيث يتناسب مع مختلف شرائح الموهوبين من مرتفعي ومنخفضي التحصيل الدراسي, ومن المبدعين, وأصحاب المواهب, وغيرهم من فئات المتفوقين والموهوبين.
6) الاهتمام بتشجيع النشاطات المستقلة والتي تعتمد على الاكتشاف الذاتي, وإعطاء الطالب الحرية للكشف عن قدراته والتعرف على أنواع التفكير لديه, يمكن تكليف الطالب بالقيام بمشروعات صغيرة مما يمكنه من التعرف على قدراته ومهاراته.
7) أن يكون لدى المعلم القدرة على التعمق الرأسي في المادة العلمية وتحليلها والتوصل إلى معلومات دقيقة بالإضافة إلى القدرة على التوسع الأفقي في المادة العلمية وربطها بمختلف المواد والموضوعات الأخرى الخارجة عنها.
إعطاء الاهتمام للخيال الواسع والإبداع والقدرة على حل المشكلات, والتشجيع للأفكار الخيالية والغريبة للتوصل إلى معلومات جديدة والابتعاد عن تكثيف المعلومات والتركيز عليها على حساب الوعي والاستخدام.
9) التنويع في أساليب التقويم للطالب, ولا يعتمد على الاختبارات التقليدية ويجعلها كمحك لتحديد نقاط القوة والضعف للطالب, ولكن أهمية التنويع في أساليب التقويم من تغذية راجعة إلى أسئلة مفـتوحـة إلى مواقـف غير مكـتملة ومحيرة وغامـضة يمكن أن نصل من خلالها إلى عدد من القدرات الإبداعية والقدرات التحليلية المنطقية.
وقد أورد فيلدهاوزين ( Feldhusen, 1997 ) عدد من الخصائص التدريسية لمعلم الطلبة المتفوقين و الموهوبين نورد منها :
1) لديه المهارة على تطوير المناهج والمواد الدراسية وإعدادها.
2) المهارة العالية في الإعداد والتدريس لمختلف أنواع القدرات العقلية, والاهتمام بالقدرات الإبداعية وحل المشكلات.
3) الإلمام بمهارة تقنيات الأسئلة وتركيبها وطرحها.
4) المهارة في التأسيس للأنشطة المستقلة والأبحاث.
5) الإلمام بمهام وأساليب التعليم التفردي والتعاوني.
وقد أورد فورد Ford, 2003 )) مقارنة للأساليب والاعتقادات والتطبقات التربوية الحديثة لتعامل المعلم مع الطلبة وطرق التدريس وبين الأساليب والاعتقادات والتطبقات التقليدية انظر جدول رقم ( 8- 1 ). وقد أكد في أبحاثه على أهمية أن يتميز المعلم بمهارات أساسية, كالتعامل البناء, ومهارات الاتصال, وتقبل وجهات النظر, واستخدام البرامج المتعددة, المتنوعة كالبرامج الإبداعية, وبرامج التفكير لتحسين مستوى أداء الطلبة في كافة المجالات.
ولأهمية دور المعلم في التأثير على تصرفات وسلوكيات الطلبة سواء كان داخل الفصل الدراسي أو خارجه، أورد رينولد وبيرتش ( 1982م ) ستة مبادئ لمساعدة المدرسين لإيجاد خبرات تعليمية مناسبة لفئة المتفوقين و الموهوبين:
1) تعليم الطلبة المتفوقين والموهوبين أن يكونوا مثاليين ومؤثرين من خلال القيام بالدراسات المستقلة, ومحاولة غرس المهارات اللازمة لمتطلبات التعليم المستقل والاعتماد على الذات والقدرة على تحصيل المواقف وحل المشكلات.
2) مساعدة هؤلاء الطلبة المتفوقين والموهوبين على التدريب على استحضار مختلف القدرات العقلية من عمليات معرفية معقدة وتفكير مبدع والقدرة على التحليل والنقد.
3) تشجيع الطلبة المتفوقين والموهوبين على استخدام النقاش والحوار للأسئلة المطروحة لمساعدتهم على اتخاذ القرارات والتخطيط والإلمام بمختلف المواقف المحيطة بهم.
4) إكسابهم المهارات الضرورية للتفاعلات الاجتماعية الإنسانية اللازمة, للعمل بكل سهولة ويسر مع مختلف الجماعات من مختلف الأعمار ومختلف الطبقات الفكرية.
5) مساعدة الطلبة المتفوقين والموهوبين على اكتساب السلوكيات الإيجابية وتقديم التقدير والاحترام لكل الناس مهما كانت قدراتهم ومواهبهم, ومحاولة الوصول إلى فهم ذواتهم والوصول إلى الرضا وإقامة علاقات صحية مع الآخرين.
6) تقوية توقعات الطالب الإيجابية والمتعلقة بقدراته وبالجانب المستقبلي لدراسته والوظيفة التي سيلتحق بها ولحياته المستقلة بشكل عام, لدفعه لمزيد من التفكير لتحقيق طموحاته ( ص 185 ).
وخلاصة القول أن المعلم يشكل الركيزة الأساسية في الرقي بقدرات ومواهب الطالب وله الدور الواضح والهام في التأثير على العملية التعليمية والتربوية, ولأهمية هذا الجانب في حياة النشء ولإيجاد جيل قادر على تحمل المسؤولية والنهوض بمتطلبات مجتمعه وتحقيق التقدم في كافة المجالات، ينبغي أن تتضافر كافة الجهود لإعداد المعلم الكفء القادر على القيام بوظائفه التعليمية والتربوية على أكمل وجه وذلك من خلال تهيئة الجو التعليمي المناسب واللائق للمعلم وإعداد البرامج والتخصصات المختلفة على مستوى الجامعات بحيث تتوافق تلك التخصصات مع متطلبات العصر ليكون عاملاً فعالاً في التوصل إلى العقول المنتجة ذات التفكير الأصيل المرن.
الجانب الأول: خصائص المعلم الشخصية.
الجانب الثاني: سلوكيات المعلم وتأثيرها على مناخ الفصل الدراسي.
الجانب الثالث: الأساليب وطرق التدريس والوسائل التعليمية المناسبة.
أولاً: خصائص المعلم الشخصية:
إن المعلم يشكل العضو الهام والفاعل في العملية التعليمية بشكل عام وفي تعليم الطلبة المتفوقين والموهوبين بشكل خاص. فالبرامج والمناهج المتعددة وطرق التدريس المتنوعة لا ترقى إلى المستوى المطلوب إلا بوجود معلمين لديهم من السمات والخصائص الملائمة لمقابلة متطلبات تلك البرامج والمناهج المقررة ( Gallagher, 1991 ) ( Gallagher,Harradin &Coleman, 1997 ), مما يؤدي إلى تحقق الأهداف المرجوة من العملية التعليمية و تنمية مختلف الجوانب العقلية والانفعالية والاجتماعية لدى الطلبة وخاصة المتفوقين والموهوبين منهم. وبالطبع هذا لن يتحقق إلا بوجود معلم, له من السلوكيات والخصائص الملائمة لكي يحقق التعليم أهدافه. ومن أهم الخصائص الشخصية للمعلم الآتي:
1. أن يتميز معلم الطلبة المتفوقين والموهوبين بمستوى أعلى من المتوسط على اختبارات الذكاء. فهذا سوف يحقق له الشعور بالأمان وعدم الشعور بالتهديد أو الضعف أمام الطلبة المرتفعي الذكاء. فالمعلم لابد أن يكون ذا نباهة وبصيرة عالية وقدرات متنوعة. ولقد أكد فيلدهاوزين ( Feldhusen, 1997 ) أن المعلم لهؤلاء الطلبة المتفوقين والموهوبين لابد أن يكون متميزاً في صغره ومن الأفضل أن يكون منضماً إلى فصول للمتفوقين والموهوبين في مراحل عمره المبكرة. فوجود قدر مرتفع من الذكاء لدى المعلمين يمكنهم من التعرف على مشاكل المتفوقين والموهوبين وتنوعها بحيث يكون لديهم سرعة البديهة واليقظة لكل ما يدور حولهم من أمور، وأن يتميزوا بقدرات مثل القدرة على التحليل والاستنتاج والربط للموضوعات والمفاهيم, ولقد أثبتت الأبحاث أن المعلمين المفضلين والذين تم اختيارهم من قبل الطلبة المتفوقين والموهوبين كأفضل وأحسن معلم, هم من تميزوا بنسب ذكاء مرتفعة مقارنة بالمعلمين
الذين لم يتم اختيارهم والأقل تفضيلا ًوالذين كانت نسب ذكائهم أقل (Donna & Ford, 2001 ).
2. أن يتميز المعلم بخاصية حب الإطلاع والإلمام والمعرفة الواسعة. ولديه غزارة في المعلومات والبيانات, والخبرة الواسعة في مختلف جوانب المعرفة, وخاصة في المواد التي يقوم بتدريسها, وأن يتميز بأفكار منظمة وواضحة, وأن يكون لديه الرغبة للتعلم باستمرار وزيادة معلوماته بمختلف الموضوعات فمعلم المتفوقين والموهوبين لابد أن يتميز بسعة الأفق في الثقافة والمعرفة مما يدفع الطلبة إلى احترامه وتقديره ويكون قدوةً, ومثلاً أعلى للطلبة والمفضل لديهم وعليه أن يكون ملماً بكافة المعلومات المرتبطة بالمادة التي يقوم بتدريسها ويربطها بما حولها من معلومات, وأن يكون متميزاً في النواحي البحثية. ولقد أظهرت الأبحاث أن المعلم الذي يحظى بتقدير واحترام الطلبة من المتفوقين و الموهوبين والمفضل لديهم هو من يكون واسع الإطلاع في مختلف العلوم ولديه حب المعرفة والاستطلاع والاكتشاف. حيث تقع عليه مسؤولية تطوير نفسه وأدواته. ومن جهة أخرى ذكر كل من هيوارد وأورلانسكي (Howard &Orlansky, 1992 ) أن لا يشترط على معلمي الطلبة المتفوقين والموهوبين أن يكونوا مرتفعي الذكاء أو لديهم مواهب ولكن يجب أن يتمتعوا بمرونة وحب استطلاع والتحمل والكفاءة والثقة العالية بالنفس.
3. الحصول على مؤهل تربوي متخصص أو دبلوم في مجال التفوق والموهبة. ويكون لديه إطلاع على مختلف جوانب النمو للقدرات العقلية, وأنواعها وكيفية قياسها, وطرق التدريس الملائمة, وأهم المقاييس للتعرف عليها, والإلمام بأهم الخصائص والسمات لدى الطـلبة المتفوقين والموهوبين، ومعـرفة المشاكـل والصعـاب التي يتعـرض لها هـؤلاء الطلبة خلال المراحـل العمرية المختلفة، انعكـاساتها عـلى الجوانب العقـلية والنفسية والاجتماعية. وعلى المعلم أن يكون على إلمام تام بالمواد التي يقوم بتدريسها بحيث تكون ضمن تخصصه الدقيق في الجامعة, فالتخصص الدقيق للمواد يمكنه من إشباع حاجات واهتمامات الطلبة ومقابلة متطلباتهم الاستطلاعية الدقيقة.
4. أن يتميز المعلم بطموح عالٍ للارتقاء بمستواه العلمي والسلوكي لمواكبة متطلبات مهنته التعليمية وذلك بالالتحاق بالعديد من الدورات وورش العمل داخل المدرسة وخارجها لمواكبة التطور في تعليم المتفوقين والموهوبين, والوصول إلى أفضل الطرق الحديثة في التعليم وذلك لتلبية احتياجاتهم ومقابلة متطلباتهم الذهنية والنفسية والاجتماعية.
5. أن يتميز معلم الطلبة المتفوقين والموهوبين بشخصية مرنة, متقبلة لمختلف الآراء والمناقشات, لديه طلاقة في الأفكار والكلمات والمعاني والتداعي السريع للاستجابة للمواقف المختلفة والموضوعات المتعددة. بعيداً عن التصلب والجمود في الآراء والأفكار التي يطرحها, متقبلاً لمختلف الموضوعات والنقاشات والحوارات بعيداً عن الانفعالات. متقبلاً ومعتاداً على الأسئلة الغريبة والغامضة والمحرجة, واستخدام الأساليب والصور الخيالية للكشف عن المشاعر لدى هؤلاء المتفوقين والموهوبين (Clarck, 1997 ).
6. إن من الأهمية أن يتميز معلم الطلبة المتفوقين والموهوبين بالثقة العالية بالنفس وبمعلوماته وقدراته, فقد تظهر الحيرة وتنعدم الثقة لدى الطلبة بالمعلم عند وجود قصور في معلوماته أو عدم الإلمام بالمادة العلمية, مما يجعل الطلبة في حالة ارتباك وقلق وحيرة, وعلى المعلم أن تكون لديه الشجاعة للاعتراف بالخطأ, في حالة عدم معرفته للإجابة على الأسئلة المطروحة من الطلبة المتفوقين والموهوبين وعدم الشعور بالتهديد الداخلي أو الضعف أو التردد أمامهم في حالة عدم الإلمام بالمعلومة المطلوبة وعليه الاعتراف بعدم المعرفة في حالة وجود الأسئلة المحرجة من الطلبة وعليه ألا يتجاهلها بل يسعى للإجابة عليها لاحقاً (De Bono, 1991 ) فالشعور بالثقة والمسؤولية يساعد المعلم على مواجهة المواقف الغامضة والصعبة المحيطة به باستمرار خلال تعامله مع الطلبة المتفوقين والموهوبين, وعليه أن يكون واعياً لما يدور في أذهان الطلبة من أسئلة, ومستعداً للإجابة عليها, و يكون قريباً من الطلبة يحبهم ويحترمهم, ولا يغضب ولا تثير أسئلتهم المتكررة والمحرجة انفعالاته (Kitano & Colangelo, 1989 ).
7. أن يكون لدى معلم الطلبة المتفوقين والموهوبين الميول والاهتمامات لتدريس هذه الفئة من الطلبة, هذه الخاصية أو الرغـبة تجعله أكـثر تحمساً ودافعـية لتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه لفئة لها خصائصها ومتطلباتها التي ينبغي أن يتعرف عليها ويقدرها ويحترمها ويحثهم على الاستغلال الأمثل ولتنمية قدراتهم ومواهبهم وعليه أن يبدي اهتماماً واضحاً للتعرف على ميولهم واهتماماتهم وطموحاتهم ( Webb, Meckstroth, Tolan, 1982 ), وقد يشمل الاهتمام كل ما له صلة بهؤلاء الموهوبين والمتفوقين من أولياء الأمور وزملاء وما يمارسونه من نشاطات وهوايات ومحاولة التنسيق بينها لتحقيق ما يرضي طموحاتهم ويؤدي لإشباع حاجاتهم وتحقيق رغباتهم.
8. عدم القسوة أو السيطرة، فالثقة بالنفس وقوة الشخصية للمعلم لا يعني فرض السيطرة والتسلط ولكن يكون قدوة حسنة في تعامله وسلوكه وأفكاره وتصرفاته, وقد ذكر تورنس (Torrance, 1987 ) أن من أهم المعوقات التعليمية للطالب المتفوق والموهوب هو طريقة تعامل المعلم مع الطلبة القائمة على التسلط والسيطرة والإصرار على إتباع الأوامر وتنفيذ التعليمات وعدم أخذ رأي ومشاركة الطالب, والتركيز على أساليب التقويم التقليدية مما يسبب للطالب ضغوطاً نفسية وتوتراً, وعدم إعطائه الفرصة للمناقشة والحوار في الموضوعات والقضايا التي تهمه والتي يرغب في مناقشتها. فعلى
المعلم أن يكون عاملاً محفزاً ومشجعاً لا محبطاً لطموحاتهم ( Clark, 1997 ).
9. أن يكون المعلم ذا شخصية مرحة, جذابة وأن يكون المرح والبشاشة وحب الدعابة والنكتة أسلوبه لتلطيف الجدية والحدة للمناقشات والحوارات, لديه مهارة التعامل والاتصال والتواصل مع الآخرين, وأن يكون ديمقراطياً في تصرفاته وآرائه, يستمع للطلبة وينصت لمشاكلهم ويترك الفرصة لطرح ما لديهم من أفكار وآراء, ولا يجبرهم على تبني أفكار الآخرين من خلال الضغط عليهم واستخدام سلطته كمعلم.
10. أن يكون الإخلاص والتفاني في العمل مبدأه وسعة الصدر والتسامح أخلاقه. وأن يظهر لديه التوافق النفسي والاجتماعي والانفعالي, وبتميز بالقدرة على المبادرة وحسن الخلق والاحترام للجميع.
وقد أورد فيلدهاوزين ( Feldhusen, 1997 ) عدداً من الخصائص والصفات الشخصية لمعلم الطلبة المتفوقين والموهوبين منها:
مستوى مرتفع من الذكاء.
الطموح العالي والحماس للعمل.
يتصف بالمعرفة الواسعة وتنظيم الأفكار وتعددها.
يتصف بالثقة العالية بقدراته ومعلوماته.
يتميز بخيال خصب وأسلوب جذاب للتعبير والحوار.
احترام وجهات النظر المختلفة, وأقل انتقاداً للآخرين.
القدرة على التعرف على مشاكل الموهوبين وإرشادهم وتوجههم.
يندمج مع الطلبة ويتبادل الأفكار والطموحات معهم ويحقق جواً من الديمقراطية.
يتعاون مع الآخرين ويقدم المساعدة لهم.
ويؤكد تورنس (Torrance, 1987) أن هناك بعض الخصائص الشخصية لمعلم الفصل والتي قد تعيق العملية التعليمية داخل الفصل الدراسي لدى الموهوب أو المتفوق وهي :
1. إن بعض المعلمين قد ينقصهم التدريب والخبرة اللازمة للعملية التعليمية, ولديهم قصور في النواحي العلمية والعملية لطرق التدريس, والوسائل التعليمية المستخدمة, بما يتطلب المتابعة وإجراء التدريبات اللازمة خلال الخدمة أو قبل أن يلتحق المعلم بالتدريس لهؤلاء المتفوقين والموهوبين.
2. إن بعض المعلمين للطلبة المتفوقين والموهوبين ينقصهم الثقة بالنفس نتيجة لقلة المعلومات التي يمتلكونها وعدم الجاهزية نفسياً وعلمياً للتعامل مع المتفوقين والموهوبين, ولهذا قد يشعرون بعدم الأمان والإحباط, لعدم تقبل الطلبة لهم وعدم الرضا عن أدائهم خلال عملية التدريس, ولهذا قد لا يجدون متعة في تعليم الطلبة المتفوقين والموهوبين.
3. إن هؤلاء المعلمين يظهر عليهم التصلب والتعصب لآرائهم, وعدم وجود المرونة في أفكارهم واتجاهاتهم, وهم بذلك لا يشجعون الأفكار المخالفة أو التي تتسم بالجدة والغرابة, فهم رافضون لكل غريب وجديد يخرج عما هو معتاد من مناهج تعليمية تقليدية.
ثانياً: سلوكيات المعلم وتأثيره على مناخ الفصل الدراسي:
يعتبر المعلم العامل الرئيسي والمكون لعملية التفاعل داخل الفصل الدراسي. فالظروف المناخية السائدة داخل الفصل الدراسي ما هي إلا نتيجة لتداخل وتفاعل عدد من العناصر. فهناك :
1. شخصية المعلم كنظام مستقل له تعاملاته وخصائصه وسماته الشخصية وخبرته السابقة.
2. الطالب وما يتميز به من نظام وتفاعل داخلي يعكس الأساليب التربوية والتنشئة الاجتماعية التي انبثق منها، وكل طالب هو نظام مستقل بذاته له علاقاته واهتماماته وقدراته وخصائصه وسماته يختلف عن الآخرين.
3. التفاعل الجماعي للطلبة داخل الفصل بعضهم ببعض والذي قد يخلق جواً غير مريح في بعض الأحيان قد يعكس أساليب تعامل وتفاعل غير متوازنة وذلك نتيجة لاختلاف النواحي الثقافية والاجتماعية وأساليب التنشئة مما يتطلب تدخلاً لإعادة التوازن لهذا النوع من التفاعل.
4. التفاعل الحاصل بين الطلبة والمعلم سواء كانت تفاعلات كمجموعة أو عدة مجموعات أو تفاعلات فردية بين المعلم والطالب.
هذه العناصر المتعددة للعلاقات الداخلية في الفصل الدراسي والناتج عنها عملية التفاعل لهذه العناصر يخلق جواً ومناخاً إما أن يكون مريحاً يدعو إلى الاطمئنان والراحة والشعور بالأمان وبالتالي يكون دافعاً للإنجاز والتحصيل وإما أن يكون جواً يدعو إلى القلق والتوتر والخوف وبالتالي يؤثر على العملية التعليمية مما يؤدي إلى إخفاق تحقيق الأهداف المرجوة من العملية التعليمية (Gallagher, 1991 ) (Herradine, &Coleman, 1996 ) إن سلوكيات المعلم وتأثيرها على المناخ الفصلي السائد يدفع بالعملية التعليمية ويساهم بالوصول إلى التفاعل المتوازن بين تلك العناصر المتعددة داخل الفصل الدراسي مما يجعل الفصل الدراسي يتميز بالآتي:
1) مناخ مريح و مناسب لتطوير مختلف جوانب النمو العقلي والانفعالي والجسمي والاجتماعي والابتعاد عن أن يكون المناخ الصفي متمركزاً حول المعلم ( Teacher Centered Classroom ), والذي يكون فيه المعلم المتحدث معظم الوقت, ويكون الشكل التنظيمي للفصل يأخذ الشكل التقليدي للصفوف المتراصة, والمتجهة نحو المعلم, والسبورة من أمامهم. ويؤكد ستيل (Steele, 1982) أهمية أن يكون مناخ الفصل الدراسي
متمركزاً حول الطالب ويكون الطالب محور العملية التعليمية ( Student Centered Classroom ), بحيث يتفاعل كل من الطالب والمعلم أي أن التفاعل في عدة اتجاهات وتكون طريقة الجلوس للطلبة على شكل مجموعات أو دائرة.
2) أهمية إدخال النواحي الإنسانية والعاطفية والوجدانية في العملية التعليمية من خلال إضفاء الاحترام والتعاطف على الجو الدراسي, وحفظ الكرامة والتقدير, ونبذ كل ما هو مؤذ لكرامة الإنسان أو الإقلال من شأنه ( Calrk, 1983 ).
3) أن يكون الجو السائد في الفصل الدراسي قائماً على التسامح والبعد عن العقاب بكافة أشكاله اللفظية والجسدية ( Torrance, 1987 ).
4) أن يتمتع الفصل الدراسي بجو من الحرية والديمقراطية في التعامل, وعدم فرض الرأي, وتعطى الحرية للطلبة للنقاش والحوار بطريقة حضارية وتقبل مختلف وجهات النظر, وإبداء المرونة في التفكير وعدم التصلب والجمود.
5) ممارسة الطلبة المشاركة في اتخاذ القرارات فيما يخصهم من منهج وطرق تدريس ووسائل تعليمية ونشاطات صفية وغير صفية وعمل الخطط الفردية والتقارير ( Renzulli, 1994 ).
6) أن يتميز مناخ الفصل الدراسي بإعطاء الفرصة للطلبة للاكتشاف والاستطلاع العملي التطبيقي داخل الفصل الدراسي وخارجه مما يؤدي إلى كسر حاجز الرهبة والخوف لديهم. ويدفعهم إلى مزيد من الإطلاع والتعلم وبهذا يكون داعماً ودافعاً لعمليات التفكير بمختلف أشكالها ( Renzulli, 1994 ).
7) أن تساهم سلوكيات المعلم بإيجاد مختلف الطرق لزيادة الإثارة وجعل البيئة الصفية محطة للتشويق والاستثارة, وتعدد الموضوعات المطروحة والتي تتعلق باهتمامات الطلبة وميولهم, وربط الموضوعات العلمية البحتة بموضوعات محببة لدى الطلبة مثل كرة القدم والألعاب الالكترونية أو الشخصيات الكرتونية المحببة أو العرائس كنواحي تطبيقية للدرس لزيادة الإثارة والمتعة ( Renzulli, 1994 ) والتقليل من الواجبات الفصلية الروتينية واستبدالها بنشاطات تدعو إلى الخيال والتأمل والبحث مما يكون داعماً ودافعاً لعمليات التفكير المختلفة في جو مناسب قائم على استخدام أساليب حديثة تتفق مع ميولهم واهتماماتهم ( Steele, 1982 ) ( Treffinger, 1986 ).
الابتعاد عن جو التسلط والقمع وإحداث الخوف والقلق لدى الطلبة. فلقد أظهرت الأبحاث أن الأطفال المتفوقين والموهوبين الذين تربوا في بيئات قائمة على التعامل الصارم والأساليب التسلطية كالتوبيخ والإيذاء وإعطاء الأوامر والاستهزاء وعدم التقدير والاحترام والتحقير والعقاب البدني يظهر عليهم الشعور بالنقص وعدم الثقة بالنفس والانسحاب, فهذا الجو للفصل الدراسي غالباً ما يمنع الإبداع والتفكير المرن الأصيل ويبعث إلى انخفاض الروح المعنوية للطالب وتقدير الذات والشعور بالخضوع, وعدم الإحساس بالقيمة والشعور بالانقيادية والمسايرة للآخرين وعدم الاعتداد بالرأي وانخفاض الثقة بالنفس ( Torrance, 1987 ).
9) أن يكون جواً مليئاً بالمرح والفكاهة, يدعو إلى المساواة والتعاون البناء بين الطلبة كمجموعات وكأفراد, وتكون الحصص ممتعة وحيوية بحيث لا يشعر الطلبة بالملل. وأكد كل من كلارك ( Clark, 1997 ) وباسو ( Passow, 1986 ) على أهمية التعليم المفتوح, وترك الفرصة للطلبة بحرية للتحدث والمشاركة, هذا الجو من الانفتاح والشعور بالارتياح يدعو الطلبة ويساعدهم على تطوير ذاتهم وتنمية قدراتهم ومهاراتهم الإبداعية.
10) أن يكون لدى معلم الطلبة المتفوقين و الموهوبين القدرة على إدارة الجماعات الصغيرة, والعمل التدريبي التعاوني, والتعرف على كيفية التدريب على إدارة الحوار والنقاشات بين المجموعات, وتتضح مهارة المعلم في جعلهم يشعرون بالتفوق في المناقشات والحوارات التي يطرحونها. ومعرفة الحوار البناء والحوار الدفاعي وغيرها من الموضوعات المرتبطة بالتعلم التعاوني والجماعات ( Renzulli, 1994 ).
11) الاستخدام الأمثل للحوافز والمؤثرات الفعالة لزيادة التفاعل في الفصل بدون المبالغة في استخدامها, وعليه تحديد أهمية المؤثرات والمعززات الداخلية والخارجية وأيهما أكثر فعالية.
ومن هنا نرى أن للمعلم أثراً واضحاً بالارتقاء بأداء الطالب من خلال توفير المناخ الفصلي المناسب, ولقد أثبتت الأبحاث أن هناك علاقة موجبة قوية بين كل من الأداء السلوكي الذي يقوم به المعلم داخل الفصل الدراسي واستخدامه الطرق التفاعلية المناسبة وأساليب التعامل الشخصية البعيدة عن العنف والقسوة والتسلط, وسلوك أداء الطلبة لاحقاً. فقد أظهرت دراسة فيلدهاوزين ( Feldhusen, 1997 ) أنه كلما زادت نسبة التعامل البناء للمعلم مع الطلبة كلما تطورت مواهبهم وقدراتهم إلى مستوى أعلى, فمؤهلات المعلم وأساليب التعامل الشخصية للمعلم هما شيئان مكملان لبعضهما, ولا يمكن فصل إحداهما عن الأخرى في تأثيرهما على أداء ونوعية التفكير لدى الطالب سواء كان داخل الفصل أو خارجه.
ولقد ظهر أن الاهتمام بالجوانب العاطفية والوجدانية للطالب عامل هام وضروري لتقبل المعرفة واستيعابها والاستفادة منها. فتركيز المعلم على الجوانب المعرفية والعمليات العقلية للطالب, وإهمال الجانب الوجداني والعاطفي، يجعل الطالب يفقد
الكثير من المعلومات المعطاة, و يمنع إجراء مختلف العمليات العقلية لوجود حاجز الخوف والتردد والشعور بالقلق وبعدم الحب والأمان وغيرها من المشاعر الوجدانية والعاطفية وهذا ما تنادي به معظم النظريات الحديثة ( Goleman, 1995 ) من أجل الاهتمام بهذا الجانب العاطفي والوجداني للطفل وجعله من ضمن الأولويات للمعلم للرقي بمختلف القدرات العقلية.
ثالثاً: الأساليب التعليمية وطرق التدريس:
إن ما يتميز به الطالب المتفوق أو الموهوب من خصائص وصفات لها ما يقابلها من متطلبات وطرق تدريس ووسائل تعليمية مناسبة. فالمعلم يقع على عاتقه العبء الأكبر والهام لمقابلة حاجات المتفوقين والموهوبين بما يوافقها ويتلاءم معها من طرق تدريس ومناهج وأساليب تعليمية مناسبة. وكما ذكرنا سابقاً في الفصل الخاص بصفات وخصائص المتفوقين و الموهوبين, أن تلك الفئة لها صفات وخصائص تختلف عن غيرهم من الطلبة العاديين. فعلى سبيل المثال, بعض هؤلاء المتفوقين والموهوبين يتميزون بقدر عالٍ من الفهم والاستيعاب السريع للمعلومات مما يتطلب طرق تدريس ملائمة تتوافق مع هذه الخاصية وتختلف عما هو مستخدم من طرق ووسائل تعليمية مع الطلبة العاديين الأقل سرعة في فهم المعلومات واستيعابها. بالإضافة إلى أن المتفوق أو الموهوب قد يتميز بقدرة استدلالية عالية, فهو لا يكتفي بالتعرف على المعلومات واستيعابها ولكن الحالة الاستدلالية جاهزة معه. فيلاحظ المعلم أن الطالب المتفوق أو الموهوب كثير الأسئلة خلال الشرح وعند طرح الموضوعات, فهو باستمرار يستخلص النتائج بشكل سريع من خلال ربطها وتحليلها وقد تتجاوز ما يتوصل إليه المعلم ( Gallagher, 1991 ) ( Maker, 1997) وبالطبع هذا يتطلب نوعاً من أساليب التدريس والذي يجب أن يراعي فيه هذه الجوانب والمعرفة بخصائص وسمات المتفوقين والموهوبين. وأن يكون المعلم لديه التهيئة والاستعداد للإجابة عن الأسئلة الطارئة والآنية عند طرحها لمقتضيات ولمتطلبات عملية التفكير للطالب الذي يرغب في الحصول على إيجادة المعلومة المطلوبة لاستعمالها لعملية ذهنية محددة وبشكل سريع وذلك للوصول إلى الفكرة ذات العلاقة.
كما أن الطالب المتفوق أو الموهوب لديه غزارة في المعلومات والبيانات الواسعة في كافة المجالات والتي اكتسبها من خلال قراءاته المتعددة واطلاعاته الواسعة, وقد مكنه وساعده في الاحتفاظ بها قدرته التذكرية العالية التي يتمتع بها, فهو لا يكتفي بالمقررات الدراسية, لكن يتعداها إلى مجالات أوسع وأرحب قد تفوق ما لدى معلمه من معلومات في بعض الأحيان بالإضافة إلى تميز الطالب المتفوق والموهوب بالثروة اللغوية والطلاقة اللفظية, كل هذا يتطلب من المعلم أن يضاعف الجهد في معرفة خصائص هؤلاء المتفوقين والموهوبين العقلية والانفعالية والعاطفية وبالتالي مقابلتها بما يتوافق معها من طرق تدريس وأساليب تعلمية وتربوية تحقق الرضا والإشباع لحاجاتهم ومتطلباتهم المختلفة ( Kirk,Gallagher&Anstasiow,2000)ومن أهم ما يجب على المعلم للفصل الدراسي القيام في هذا الجانب الآتي:
1) التحديد الواضح للأهداف والطرق التدريسية والوسائل التعليمية الملائمة.
2) التحديد الدقيق للمهارات والقدرات العقلية التي ينبغي استخدامها وإتقانها, وتحديد النشاطات والتدريبات بشكل تفصيلي, وعدم الاكتفاء بمحتوى الدرس, أو البيانات والمعلومات الواردة في الدرس, واستخدام التدريبات المناسبة لتنمية مهارات التفكير بمختلف أنواعه ( Renzulli, 1994 ). والابتعاد عن عملية التلقين أو الاعتماد على أسلوب الحفظ للمعلومات والحقائق المتضمنة في المناهج الدراسية.
3) الاهتمام بمختلف عمليات التفكير العليا ( Higher Order Thinking) فمسؤولية المعلم تتعدى المنهج الدراسي ومحتواه العادي إلى التركيز على العمليات العقلية من التحليل والتركيب والاستدلال والتفكير الإبداعي
والتفكير الناقد ( Steele, 1982 ) فالتركيز على المحتوى للمنهج الدراسي لكي يفهمه ويستوعبه الطالب, و التركيز على قدرة أو مهارة واحـدة مـثل الحفـظ والتذكر أو الفهم والاستيعاب للمنهج الدراسي من القدرات التي تعتبر من أنواع التفكير الدنيا ( Lower order thinking ), والتي هي بلا شك هامه وضرورية للتدريب عليها ولكن إلى جانب العمليات العليا الأخرى للتفكير. فمن المهم التركيز على التدريبات المناسبة لتنمية عمليات التفكير المختلفة مثل التفكير التباعدي, والتقويمي والمعرفي الإدراكي. وأن يكون المعلم دافعاً ومحفزاً لنمو تلك العمليات العقلية مع التنوع في المحتوى والناتج لتلك العمليات. والمهارات الضرورية وذلك للاستفادة القصوى للمعلومات المعطاة والتي تحقق إشباعاً لمتطلبات وحاجات الطلبة المتفوقين والموهوبين.
4) التركيز على كيفية التفكير, أكثر من التعلم أو ماذا نتعلم ولكن الأهم كيف تفكر, والاهتمام بتطوير نوعية التفكير ووضع الخطط والاستراتيجيات لتعلم التفكير.
5) التنوع في طرق وأساليب التدريس بحيث يتناسب مع مختلف شرائح الموهوبين من مرتفعي ومنخفضي التحصيل الدراسي, ومن المبدعين, وأصحاب المواهب, وغيرهم من فئات المتفوقين والموهوبين.
6) الاهتمام بتشجيع النشاطات المستقلة والتي تعتمد على الاكتشاف الذاتي, وإعطاء الطالب الحرية للكشف عن قدراته والتعرف على أنواع التفكير لديه, يمكن تكليف الطالب بالقيام بمشروعات صغيرة مما يمكنه من التعرف على قدراته ومهاراته.
7) أن يكون لدى المعلم القدرة على التعمق الرأسي في المادة العلمية وتحليلها والتوصل إلى معلومات دقيقة بالإضافة إلى القدرة على التوسع الأفقي في المادة العلمية وربطها بمختلف المواد والموضوعات الأخرى الخارجة عنها.
إعطاء الاهتمام للخيال الواسع والإبداع والقدرة على حل المشكلات, والتشجيع للأفكار الخيالية والغريبة للتوصل إلى معلومات جديدة والابتعاد عن تكثيف المعلومات والتركيز عليها على حساب الوعي والاستخدام.
9) التنويع في أساليب التقويم للطالب, ولا يعتمد على الاختبارات التقليدية ويجعلها كمحك لتحديد نقاط القوة والضعف للطالب, ولكن أهمية التنويع في أساليب التقويم من تغذية راجعة إلى أسئلة مفـتوحـة إلى مواقـف غير مكـتملة ومحيرة وغامـضة يمكن أن نصل من خلالها إلى عدد من القدرات الإبداعية والقدرات التحليلية المنطقية.
وقد أورد فيلدهاوزين ( Feldhusen, 1997 ) عدد من الخصائص التدريسية لمعلم الطلبة المتفوقين و الموهوبين نورد منها :
1) لديه المهارة على تطوير المناهج والمواد الدراسية وإعدادها.
2) المهارة العالية في الإعداد والتدريس لمختلف أنواع القدرات العقلية, والاهتمام بالقدرات الإبداعية وحل المشكلات.
3) الإلمام بمهارة تقنيات الأسئلة وتركيبها وطرحها.
4) المهارة في التأسيس للأنشطة المستقلة والأبحاث.
5) الإلمام بمهام وأساليب التعليم التفردي والتعاوني.
وقد أورد فورد Ford, 2003 )) مقارنة للأساليب والاعتقادات والتطبقات التربوية الحديثة لتعامل المعلم مع الطلبة وطرق التدريس وبين الأساليب والاعتقادات والتطبقات التقليدية انظر جدول رقم ( 8- 1 ). وقد أكد في أبحاثه على أهمية أن يتميز المعلم بمهارات أساسية, كالتعامل البناء, ومهارات الاتصال, وتقبل وجهات النظر, واستخدام البرامج المتعددة, المتنوعة كالبرامج الإبداعية, وبرامج التفكير لتحسين مستوى أداء الطلبة في كافة المجالات.
ولأهمية دور المعلم في التأثير على تصرفات وسلوكيات الطلبة سواء كان داخل الفصل الدراسي أو خارجه، أورد رينولد وبيرتش ( 1982م ) ستة مبادئ لمساعدة المدرسين لإيجاد خبرات تعليمية مناسبة لفئة المتفوقين و الموهوبين:
1) تعليم الطلبة المتفوقين والموهوبين أن يكونوا مثاليين ومؤثرين من خلال القيام بالدراسات المستقلة, ومحاولة غرس المهارات اللازمة لمتطلبات التعليم المستقل والاعتماد على الذات والقدرة على تحصيل المواقف وحل المشكلات.
2) مساعدة هؤلاء الطلبة المتفوقين والموهوبين على التدريب على استحضار مختلف القدرات العقلية من عمليات معرفية معقدة وتفكير مبدع والقدرة على التحليل والنقد.
3) تشجيع الطلبة المتفوقين والموهوبين على استخدام النقاش والحوار للأسئلة المطروحة لمساعدتهم على اتخاذ القرارات والتخطيط والإلمام بمختلف المواقف المحيطة بهم.
4) إكسابهم المهارات الضرورية للتفاعلات الاجتماعية الإنسانية اللازمة, للعمل بكل سهولة ويسر مع مختلف الجماعات من مختلف الأعمار ومختلف الطبقات الفكرية.
5) مساعدة الطلبة المتفوقين والموهوبين على اكتساب السلوكيات الإيجابية وتقديم التقدير والاحترام لكل الناس مهما كانت قدراتهم ومواهبهم, ومحاولة الوصول إلى فهم ذواتهم والوصول إلى الرضا وإقامة علاقات صحية مع الآخرين.
6) تقوية توقعات الطالب الإيجابية والمتعلقة بقدراته وبالجانب المستقبلي لدراسته والوظيفة التي سيلتحق بها ولحياته المستقلة بشكل عام, لدفعه لمزيد من التفكير لتحقيق طموحاته ( ص 185 ).
وخلاصة القول أن المعلم يشكل الركيزة الأساسية في الرقي بقدرات ومواهب الطالب وله الدور الواضح والهام في التأثير على العملية التعليمية والتربوية, ولأهمية هذا الجانب في حياة النشء ولإيجاد جيل قادر على تحمل المسؤولية والنهوض بمتطلبات مجتمعه وتحقيق التقدم في كافة المجالات، ينبغي أن تتضافر كافة الجهود لإعداد المعلم الكفء القادر على القيام بوظائفه التعليمية والتربوية على أكمل وجه وذلك من خلال تهيئة الجو التعليمي المناسب واللائق للمعلم وإعداد البرامج والتخصصات المختلفة على مستوى الجامعات بحيث تتوافق تلك التخصصات مع متطلبات العصر ليكون عاملاً فعالاً في التوصل إلى العقول المنتجة ذات التفكير الأصيل المرن.
الخميس مايو 09, 2013 10:32 pm من طرف قداري محمد
» استخدام طريقة العروض العملية في تدريس العلوم
الخميس أبريل 18, 2013 10:26 am من طرف قداري محمد
» Ten ways to improve Education
الخميس فبراير 21, 2013 8:44 am من طرف بشير.الحكيمي
» مقتطفات من تصميم وحدة الإحصاء في الرياضيات
الثلاثاء يناير 29, 2013 8:30 am من طرف بشير.الحكيمي
» تدريس مقرر تقنية المعلومات والاتصالات
الأربعاء يناير 02, 2013 7:49 am من طرف انور..الوحش
» تدريس مقرر تقنية المعلومات والاتصالات
الأربعاء ديسمبر 19, 2012 10:00 am من طرف محمدعبده العواضي
» الواجبات خلال الترم 5
السبت أكتوبر 06, 2012 11:12 pm من طرف بشرى الأغبري
» الواجبات خلال الترم4
السبت أكتوبر 06, 2012 11:11 pm من طرف بشرى الأغبري
» الواجبات خلال الترم3
السبت أكتوبر 06, 2012 11:10 pm من طرف بشرى الأغبري