أحلام أحمد ياسين
تأتي أهمية الموارد المائية من جملة الحقائق التي ذكرها المولى عز وجل على لسان نبيه الأعظم محمد (ص) قبل أربعة عشر قرناً من الزمان، وجاءت الوقائع العملية والاكتشافات العلمية الحديثة مثبتة ومؤكد لها.
الماء أساس الحياة، ومصدر البقاء لجميع الكائنات في الأرض، قال تعالى" وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون"، والأرض المصدر الحصري للمياه. والبيئة بمعناها الواسع والعريض تعني الأرض. لذا فإن التلوث البيئي يعد سبباً لتلوث المياه، ويعد الأخير نتاجاً مباشراً للتلوث البيئي.
وأزمة ومشاكل المياه عالمية (قديمة وحديثة) عبرت عنها مصطلحات الاضمحلال، والندرة والنضوب، والتلوث. عملت على فرض الهجرات الإجبارية، وخلق الصراعات والحروب بين المجتمعات العالمية الحديثة والقديمة وتصدر مبدأ القوة قائمة المعاملات والعلاقات الدولية، وخلفت القتل، والاحتلال، والاستيطان، والتشريد، والاستبعاد وإحكام السيطرة على الموارد المائية تحت شعارات وعناوين البحث عن الحياة، والصراع من أجل البقاء.
وعادت إلى واجهة الحاضر بقوة (رغم اختفائها الصوري ليس إلا) بمسببات عدة منها حرب المياه، وأزمة التوزيع وبوسائل وطرق شتى تتماشى مع الواقع العالمي (القانوني، الاجتماعي، الاقتصادي، والسياسي) ووفقاً لمبدأ القوة، والغلبة، وحماية المصالح الحيوية.
وما فعلته، وما تفعله إسرائيل ليس ببعيد، من تحويل مياه الأنهار( العاصي، الليطاني) إلى صحراء النقب، والاستفادة بآلاف الكيلومترات المكعبة من نهر النيل المصري وفق اتفاق ثنائي دولي. وما أقدمت عليه الحكومة التركية ببناء الخزانات، والحواجز، والموانع لتقليل نسبة المياه المتدفقة إلى العراق وسوريا عبر نهري دجلة والفرات، يعد امتداداً لسياسة الرئيس التركي السابق تورجت أوزال الذي قال: إذا كان العرب يبيعون لنا النفط، فلماذا لا نبيع لهم الماء؟
وما عمليات القرصنة البحرية الحاصلة في المحيط الهندي، وبحر العرب، وخليج عدن، إلا تجسيداً لتلك الأزمات، والسياسات الهادفة إلى إحكام السيطرة، وتحقيق الأطماع الأجنبية الواسعة.
ومشكلة المياه في اليمن ظاهرة اجتماعية. وأضحت من أهم الأزمات، وفي طليعة المشكلات التي خلقت المعاناة المجتمعية جراء الانقطاع المستمر للمياه ولفترات متباعدة تصل في بعض المحافظات إلى حوالي أربعين يوماً وما تخلفه من أبعاد وآثار سلبية، و الشحه في عدم كفايتها لتغطية احتياجات الأراضي الزراعية...الخ. وشكلت تحدياً تنموياً كبيراً أمام الحكومات اليمنية المتعاقبة.
حرياً بالذكر، أن مشكلة المياه في اليمن ليست وليدة اليوم بل، مخاض الأمس ومعاناة اليوم وتهديد وكارثة الغد. ويحكمها التفاقم المستمر المتصاعد، والتزايد الديناميكي التراكمي، وضيق الأفق! جراء غياب الحلول الجذرية المستدامة، وهيمنة الحلول الطارئة المؤقت للحكومات المتعاقبة، وهي نتيجة حتمية، ومباشرة لأسباب، ومسببات، وعوامل جمة (مباشرة وغير مباشرة).
وتتجسد أزمة، ومشكلة المياه في بلادنا (اليمن) بالشحه، والندرة، والنضوب للموارد(المياه الجوفية)، والتلوث المائي، وغياب البدائل الفاعلة ...الخ.
وتقتضي القراءة التحليلية الموجزة، الشفافية، والموضوعية، والدقة، والإتقان في حل المشكلة، ابتداءً من الوقوف بمسئولية ورصانة في دراسة وتشخيص الأسباب والعوامل الحقيقية في ظهور واستفحال أزمة، ومشكلة المياه. أضف إلى ذلك فحص الواقع العملي المعاش من حيث مصادر الموارد المائية وأنواعها، وأبعادها، وآثارها...الخ. فمعرف المشكلة، أو الأزمة، وإدراكها. وإيجاد الحلول الناجمة لها مرهون بمعرفة أسبابها الجوهرية، ومسبباتها الحقيقية، كذلك لابد من الإطلاع على السياسات العلاجية الحكومية المتخذة بهذا الشأن، والمزمع باتخاذها قياس الكفاءة، والسعي الجاد نحو حلول جذرية مستدامة.
أولاً: الأسباب والعوامل
إجمالاً: إن مشكلة المياه المتفاقمة في اليمن نتيجة مباشرة لجملة من الأسباب، والمسببات المباشرة والغير مباشرة، أهمها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
1- محدودية المصادر: الأمر الذي أدى إلى قلة الموارد المائية، ومحدوديتها، والمعتمدة أساساً على مياه الأمطار أو نواتجها المتمثلة بالمياه الجوفية (الآبار في الأرض)، والحواجز والسدود، والبرك لحجزواستيعاب السيول. أضف إلى ذلك بعض الينابيع والعيون.
2- سوء الاستخدام وسوء الاستغلال للموارد المائية المتاحة: تجسد ذلك من خلال الاستخدام السيئ للمياه. بالإسراف سواء في الاستخدام المنزلي اليومي، أوفي ري الأراضي الزراعي، وغياب سياسات، وآليات الترشيد جراء غياب حملات التوعية، والتثقيف بكل الوسائل الإعلامية المتاحة (المقرؤة، المرئية، المسموعة، ومنابر المساجد).
وسوء الاستغلال للمياه نتيجة مباشرة لسوء استخدامها (الإسراف والتبذير). ويتجسد سوء الاستغلال بعدم تنمية واستثمار الموارد المائية المتاحة؛ سواء مياه الإمطار ونواتجها، أو مياه البحار، أو مياه الينابيع، والأحواض، والعيون.
3- سوء التخطيط: يعني التنبؤ بالمستقبل، والاستعداد لما سيكون. ويتجسد سوء التخطيط بغياب التخطيط الإستراتيجي طويل الأجل، أو بعيد المدى الذي أدى إلى غياب الحلول والمعالجات المستدامة الآخذة في الاعتبار التزايد المستمر في الكثافة السكانية. وغيرها. وحضور، وهيمنة التخطيط قصير الأجل أو قريب المدى لمواجهة الحالة الطارئة بحلول مؤقتة طارئة سرعان ما ينتهي مفعولها وأثرها العلاجي، وانتقال المشكلة من سيء إلى أسوأ.
فما أن تنضب الآبار المتاحة (المستهلكة)! حتى تسارع الحكومة إلى إعداد الدراسات، وحشد الإمكانيات (المادية والبشرية) للبحث عن حلول في إطار المياه الجوفية، وليس البحث عن بدائل.
وهكذا اكتشاف وحفر آبار جديدة وبمجرد أن تنضب يتم البحث عن أخرى ومحاولة إيجاد حلول طارئة وقتية وفي إطار واحد وغياب الحلول الجذرية المستدامة في أطر عدة.
وظاهرة السياسات الطارئة، والحلول الوقتية، من أهم مميزات غالبية مجتمعاتنا العربية عموماً، والأنظمة السياسية على وجه الخصوص. حيث تركز على المورد المائي، أو النفطي، أو غيرها بالاعتماد الكلي علية لتوفير مقتضيات ومتطلبات الحاضر حتى ينضب (أي أن ما يعنينا هو الحاضر أما المستقبل فلا يعنينا وله رجالة). فإن نضب الشيء، وانتهى في عصر جيل الحاضر
قعد الأخير واضعاً يده على خديه يعض الأنامل، ويستجدي الآخرين للنجدة، والإنقاذ، ومد يد العون والمساعدة للخروج من الأزمة، وإن نضب وانتهى في جيل المستقبل، فذلك لا يعني جيل الحاضر. نظرة وقراءة خاطئة سلبية بكل ما تفيده الكلمة من معنى، ومنافية لتعاليم الدين ومقتضيات الدنيا.
عكس الرؤية والقراءة الغربية التي تضع استراتيجيات وسياسات طويلة الأجل وبرامج زمنية لتجاوز سلبيات الماضي ومواجهة تحديات الحاضر وتذليلها لمستقبل أفضل. فهذه أمريكا التي اكتشفت فيها أول بئر نفطي في العالم في ولاية بنسلفانيا تشير المعلومات إن البئر حتى اللحظة مردوم لم يستخرج نفطه...؟!!! وتبتاع النفط من العرب وغيرهم لاستخدام جزء منه والجزء الأخر يتم تخزينه في خزانات عائمة!.لماذا؟
كل ذلك تنبؤ للمستقبل واستعداداً له (تخطيط علمي استراتيجي) باستغلال، واستثمار الإمكانيات المتاحة، وليس هدرها أو مواجهة المعضلات بسياسات ترقيع مؤقتة.
وتحت سوء التخطيط يندرج الحفر العشوائي للآبار، وأبعاده وآثاره السلبية الكارثية المتمثلة بالتلوث البيئي، وسوء الربط الشبكي لمياه الشرب والصرف الصحي. الأمر الذي أدى إلى اختلاط مياه الشبكتين، وهذا ما أكدته الشكاوي المتكررة للمواطنين بنزول مياه سوداء ملوثه ذات رائحة نتنه من صنابير المياه المنزلية. وسوء التوزيع للمياه لتغطية احتياجات ومتطلبات البشر والأراضي الزراعية، وسوء الاستغلال لمياه البحار.
ثانياً: المعالجات والحلول الممكنة
1- هناك العديد من المعالجات التي اتخذتها الحكومات اليمنية المتعاقبة ببناء الحواجز والسدود... وغيره، و الإشارة إلى الحل الجذري، مجرد الإشارة فقط، ويكمن الحل الجذري، والأمثل إلى جانب الحلول الوقتية السالفة الذكر باستغلال واستثمار الموارد المائية البحرية بإنشاء محطات لمياه البحار. كون اليمن تطل على البحر الأحمر، والمحيط الهندي وبحر العرب وخليج عدن وتمتلك أطول شريط ساحلي في المنطقة، وما يربو على مائة وعشرين جزيرة، مما يؤهلها ويمكنها من إيجاد وخلق حل جذري ونهائي (مستدام) للمعضلة التي عانى منها الشعب والحكومات المتعاقبة.
2- الاستغلال الأمثل لمصادر المياه الأخرى الناجمة عن الأمطار، والسيول، والعيون والينابيع. بإقامة الحواجز والموانع والسدود والحفاظ على المياه الجوفية بدرء مفاسد الحفر العشوائي والتلوث البيئي والمائي، ومخلفات المصانع والمعامل الكيماوية والسامة بوضع رقابة مشددة وصارمة تمنع تسربها إلى المياه الجوفية.
3- الدقة والإتقان في عملية الربط الشبكي الرصين للمياه المتدفقة إلى المنازل ومياه الصرف الصحي الخارجة منها، وبما يضمن عدم تسرب المياه والمخلفات من شبكات الصرف والتوزيع للحيلولة ومنع التسرب والاختلاط والتلوث المائي.
4- تنفيذ حملات إعلامية توعوية تثقيفية بكل وسائل الاتصال، والإعلام الجماهيري، تبين أهمية المياه وعدم الإسراف بها من الوجهة الشرعية، وسياسات الترشيد في الاستخدام المنزلي أو ري الأراضي الزراعية بالتقطير وليس الإعراف، وسياسات وبرامج الحفاظ على المياه وتخزينها. والآثار السلبية الخطيرة والعواقب الكارثية للإسراف والتلوث البيئي والمائي...الخ.
النتائج والتوصيات:
النتائج:
تتجه اليمن صوب المجهول، ونحو أزمة خانقة فتاكة وإلى حافة الانهيار إذا ما استمرت بانتهاج سياسات المعالجات الطارئة والحلول الوقتية في ذات الإطار( المياه الجوفية) وعدم إيجاد بدائل ممكنة بذرائع، ومبررات مادية غير مقنعة، مما يعني بقاء أزمة ومشكلة المياه قائمة لا تبرح مكانها إلا تفاقماً وأشد حدة، يجعل الحاضر يعاني ويقاسي مرارة الاستسلام والانهزام والقلق والخوف وينذر بمستقبل أكثر معاناة واشد خطراً، وفداحة، وأكبر تهديداً وأعظم كارثة للتنمية بمختلف مجالاتها وجوانبها.
فما كان بالأمس ممكناً، أضحى اليوم تحدياً ومعوقاً، وسوف يكون غداً عنواناً للمستحيل، إذا ما كان الجمود سيد الموقف اليوم، وسوف تنتقل الأزمة والمشكلة المائية من سيء إلى أسوأ إلى أشد سوءً، باستمرار العد التنازلي لنقص المياه من ألشحه إلى الاضمحلال إلى الندرة إلى النضوب
(الانعدام).
يقابله العد التصاعدي للمشكلة المياه من تفشي إلى استفحال و تجذر و تأصل إلى كارثة حقيقية، وندرك جميعاً أبعاد ذلك وتداعياته وإثارة السلبية الاجتماعية والصحية والأمنية والاقتصادية...الخ.
وعند ذلك تصبح الهجرة الإجبارية إلى أماكن تواجد المياه حلولاً طارئة سواء من الريف إلى الحضر أو العكس، وندرك تداعيات وإبعاد وآثار الهجرات الإجبارية سواء الاجتماعية أو التنموية أو الاقتصادية أو الصحية أو الأمنية...الخ.
- ومن النتائج اتجاه المياه إلى النضوب وعدم فعالية وكفاءة الحواجز والسدود...الخ.
- ضعف الحملات الإعلامية التوعوية والتثقيفية بهذا الشأن.
- اتخاذ الحكومات اليمنية المتعاقبة لحلول طارئة وقتية وفي إطار واحد، وعدم البحث عن بدائل
متاحة ممكنة يتم من خلالها وضع الحلول الجذرية المستدامة.
التوصيات:
نجدها في فقرة الحلول الممكنة (ما سبق ذكره)، ونؤكد أنه لابد من الاستدراك، وحظر اللامبالاة وعدم الاكتراث وذلك بوضع الحلول المستدامة لمشكلة وأزمة المياه في اليمن لخلق تنمية مستدامة للموارد المائية ورفع المعاناة المجتمعية، بإنشاء محطات تحليه لمياه البحار، والحفاظ على المياه الجوفية. وبقاء السدود والموانع لاستغلال مياه الأمطار، والقيام بحملة توعوية تثقيفية فاعلة لسياسات ترشيد فاعلة تتخذ من تعاليم الدين الإسلامي مبدأ، وقاعدة أساسية للانطلاق نحو تحقيق الهدف الاستراتيجي المتمثل بتنمية مستدامة للموارد المائية.
[/i]
[/justify]تأتي أهمية الموارد المائية من جملة الحقائق التي ذكرها المولى عز وجل على لسان نبيه الأعظم محمد (ص) قبل أربعة عشر قرناً من الزمان، وجاءت الوقائع العملية والاكتشافات العلمية الحديثة مثبتة ومؤكد لها.
الماء أساس الحياة، ومصدر البقاء لجميع الكائنات في الأرض، قال تعالى" وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون"، والأرض المصدر الحصري للمياه. والبيئة بمعناها الواسع والعريض تعني الأرض. لذا فإن التلوث البيئي يعد سبباً لتلوث المياه، ويعد الأخير نتاجاً مباشراً للتلوث البيئي.
وأزمة ومشاكل المياه عالمية (قديمة وحديثة) عبرت عنها مصطلحات الاضمحلال، والندرة والنضوب، والتلوث. عملت على فرض الهجرات الإجبارية، وخلق الصراعات والحروب بين المجتمعات العالمية الحديثة والقديمة وتصدر مبدأ القوة قائمة المعاملات والعلاقات الدولية، وخلفت القتل، والاحتلال، والاستيطان، والتشريد، والاستبعاد وإحكام السيطرة على الموارد المائية تحت شعارات وعناوين البحث عن الحياة، والصراع من أجل البقاء.
وعادت إلى واجهة الحاضر بقوة (رغم اختفائها الصوري ليس إلا) بمسببات عدة منها حرب المياه، وأزمة التوزيع وبوسائل وطرق شتى تتماشى مع الواقع العالمي (القانوني، الاجتماعي، الاقتصادي، والسياسي) ووفقاً لمبدأ القوة، والغلبة، وحماية المصالح الحيوية.
وما فعلته، وما تفعله إسرائيل ليس ببعيد، من تحويل مياه الأنهار( العاصي، الليطاني) إلى صحراء النقب، والاستفادة بآلاف الكيلومترات المكعبة من نهر النيل المصري وفق اتفاق ثنائي دولي. وما أقدمت عليه الحكومة التركية ببناء الخزانات، والحواجز، والموانع لتقليل نسبة المياه المتدفقة إلى العراق وسوريا عبر نهري دجلة والفرات، يعد امتداداً لسياسة الرئيس التركي السابق تورجت أوزال الذي قال: إذا كان العرب يبيعون لنا النفط، فلماذا لا نبيع لهم الماء؟
وما عمليات القرصنة البحرية الحاصلة في المحيط الهندي، وبحر العرب، وخليج عدن، إلا تجسيداً لتلك الأزمات، والسياسات الهادفة إلى إحكام السيطرة، وتحقيق الأطماع الأجنبية الواسعة.
ومشكلة المياه في اليمن ظاهرة اجتماعية. وأضحت من أهم الأزمات، وفي طليعة المشكلات التي خلقت المعاناة المجتمعية جراء الانقطاع المستمر للمياه ولفترات متباعدة تصل في بعض المحافظات إلى حوالي أربعين يوماً وما تخلفه من أبعاد وآثار سلبية، و الشحه في عدم كفايتها لتغطية احتياجات الأراضي الزراعية...الخ. وشكلت تحدياً تنموياً كبيراً أمام الحكومات اليمنية المتعاقبة.
حرياً بالذكر، أن مشكلة المياه في اليمن ليست وليدة اليوم بل، مخاض الأمس ومعاناة اليوم وتهديد وكارثة الغد. ويحكمها التفاقم المستمر المتصاعد، والتزايد الديناميكي التراكمي، وضيق الأفق! جراء غياب الحلول الجذرية المستدامة، وهيمنة الحلول الطارئة المؤقت للحكومات المتعاقبة، وهي نتيجة حتمية، ومباشرة لأسباب، ومسببات، وعوامل جمة (مباشرة وغير مباشرة).
وتتجسد أزمة، ومشكلة المياه في بلادنا (اليمن) بالشحه، والندرة، والنضوب للموارد(المياه الجوفية)، والتلوث المائي، وغياب البدائل الفاعلة ...الخ.
وتقتضي القراءة التحليلية الموجزة، الشفافية، والموضوعية، والدقة، والإتقان في حل المشكلة، ابتداءً من الوقوف بمسئولية ورصانة في دراسة وتشخيص الأسباب والعوامل الحقيقية في ظهور واستفحال أزمة، ومشكلة المياه. أضف إلى ذلك فحص الواقع العملي المعاش من حيث مصادر الموارد المائية وأنواعها، وأبعادها، وآثارها...الخ. فمعرف المشكلة، أو الأزمة، وإدراكها. وإيجاد الحلول الناجمة لها مرهون بمعرفة أسبابها الجوهرية، ومسبباتها الحقيقية، كذلك لابد من الإطلاع على السياسات العلاجية الحكومية المتخذة بهذا الشأن، والمزمع باتخاذها قياس الكفاءة، والسعي الجاد نحو حلول جذرية مستدامة.
أولاً: الأسباب والعوامل
إجمالاً: إن مشكلة المياه المتفاقمة في اليمن نتيجة مباشرة لجملة من الأسباب، والمسببات المباشرة والغير مباشرة، أهمها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
1- محدودية المصادر: الأمر الذي أدى إلى قلة الموارد المائية، ومحدوديتها، والمعتمدة أساساً على مياه الأمطار أو نواتجها المتمثلة بالمياه الجوفية (الآبار في الأرض)، والحواجز والسدود، والبرك لحجزواستيعاب السيول. أضف إلى ذلك بعض الينابيع والعيون.
2- سوء الاستخدام وسوء الاستغلال للموارد المائية المتاحة: تجسد ذلك من خلال الاستخدام السيئ للمياه. بالإسراف سواء في الاستخدام المنزلي اليومي، أوفي ري الأراضي الزراعي، وغياب سياسات، وآليات الترشيد جراء غياب حملات التوعية، والتثقيف بكل الوسائل الإعلامية المتاحة (المقرؤة، المرئية، المسموعة، ومنابر المساجد).
وسوء الاستغلال للمياه نتيجة مباشرة لسوء استخدامها (الإسراف والتبذير). ويتجسد سوء الاستغلال بعدم تنمية واستثمار الموارد المائية المتاحة؛ سواء مياه الإمطار ونواتجها، أو مياه البحار، أو مياه الينابيع، والأحواض، والعيون.
3- سوء التخطيط: يعني التنبؤ بالمستقبل، والاستعداد لما سيكون. ويتجسد سوء التخطيط بغياب التخطيط الإستراتيجي طويل الأجل، أو بعيد المدى الذي أدى إلى غياب الحلول والمعالجات المستدامة الآخذة في الاعتبار التزايد المستمر في الكثافة السكانية. وغيرها. وحضور، وهيمنة التخطيط قصير الأجل أو قريب المدى لمواجهة الحالة الطارئة بحلول مؤقتة طارئة سرعان ما ينتهي مفعولها وأثرها العلاجي، وانتقال المشكلة من سيء إلى أسوأ.
فما أن تنضب الآبار المتاحة (المستهلكة)! حتى تسارع الحكومة إلى إعداد الدراسات، وحشد الإمكانيات (المادية والبشرية) للبحث عن حلول في إطار المياه الجوفية، وليس البحث عن بدائل.
وهكذا اكتشاف وحفر آبار جديدة وبمجرد أن تنضب يتم البحث عن أخرى ومحاولة إيجاد حلول طارئة وقتية وفي إطار واحد وغياب الحلول الجذرية المستدامة في أطر عدة.
وظاهرة السياسات الطارئة، والحلول الوقتية، من أهم مميزات غالبية مجتمعاتنا العربية عموماً، والأنظمة السياسية على وجه الخصوص. حيث تركز على المورد المائي، أو النفطي، أو غيرها بالاعتماد الكلي علية لتوفير مقتضيات ومتطلبات الحاضر حتى ينضب (أي أن ما يعنينا هو الحاضر أما المستقبل فلا يعنينا وله رجالة). فإن نضب الشيء، وانتهى في عصر جيل الحاضر
قعد الأخير واضعاً يده على خديه يعض الأنامل، ويستجدي الآخرين للنجدة، والإنقاذ، ومد يد العون والمساعدة للخروج من الأزمة، وإن نضب وانتهى في جيل المستقبل، فذلك لا يعني جيل الحاضر. نظرة وقراءة خاطئة سلبية بكل ما تفيده الكلمة من معنى، ومنافية لتعاليم الدين ومقتضيات الدنيا.
عكس الرؤية والقراءة الغربية التي تضع استراتيجيات وسياسات طويلة الأجل وبرامج زمنية لتجاوز سلبيات الماضي ومواجهة تحديات الحاضر وتذليلها لمستقبل أفضل. فهذه أمريكا التي اكتشفت فيها أول بئر نفطي في العالم في ولاية بنسلفانيا تشير المعلومات إن البئر حتى اللحظة مردوم لم يستخرج نفطه...؟!!! وتبتاع النفط من العرب وغيرهم لاستخدام جزء منه والجزء الأخر يتم تخزينه في خزانات عائمة!.لماذا؟
كل ذلك تنبؤ للمستقبل واستعداداً له (تخطيط علمي استراتيجي) باستغلال، واستثمار الإمكانيات المتاحة، وليس هدرها أو مواجهة المعضلات بسياسات ترقيع مؤقتة.
وتحت سوء التخطيط يندرج الحفر العشوائي للآبار، وأبعاده وآثاره السلبية الكارثية المتمثلة بالتلوث البيئي، وسوء الربط الشبكي لمياه الشرب والصرف الصحي. الأمر الذي أدى إلى اختلاط مياه الشبكتين، وهذا ما أكدته الشكاوي المتكررة للمواطنين بنزول مياه سوداء ملوثه ذات رائحة نتنه من صنابير المياه المنزلية. وسوء التوزيع للمياه لتغطية احتياجات ومتطلبات البشر والأراضي الزراعية، وسوء الاستغلال لمياه البحار.
ثانياً: المعالجات والحلول الممكنة
1- هناك العديد من المعالجات التي اتخذتها الحكومات اليمنية المتعاقبة ببناء الحواجز والسدود... وغيره، و الإشارة إلى الحل الجذري، مجرد الإشارة فقط، ويكمن الحل الجذري، والأمثل إلى جانب الحلول الوقتية السالفة الذكر باستغلال واستثمار الموارد المائية البحرية بإنشاء محطات لمياه البحار. كون اليمن تطل على البحر الأحمر، والمحيط الهندي وبحر العرب وخليج عدن وتمتلك أطول شريط ساحلي في المنطقة، وما يربو على مائة وعشرين جزيرة، مما يؤهلها ويمكنها من إيجاد وخلق حل جذري ونهائي (مستدام) للمعضلة التي عانى منها الشعب والحكومات المتعاقبة.
2- الاستغلال الأمثل لمصادر المياه الأخرى الناجمة عن الأمطار، والسيول، والعيون والينابيع. بإقامة الحواجز والموانع والسدود والحفاظ على المياه الجوفية بدرء مفاسد الحفر العشوائي والتلوث البيئي والمائي، ومخلفات المصانع والمعامل الكيماوية والسامة بوضع رقابة مشددة وصارمة تمنع تسربها إلى المياه الجوفية.
3- الدقة والإتقان في عملية الربط الشبكي الرصين للمياه المتدفقة إلى المنازل ومياه الصرف الصحي الخارجة منها، وبما يضمن عدم تسرب المياه والمخلفات من شبكات الصرف والتوزيع للحيلولة ومنع التسرب والاختلاط والتلوث المائي.
4- تنفيذ حملات إعلامية توعوية تثقيفية بكل وسائل الاتصال، والإعلام الجماهيري، تبين أهمية المياه وعدم الإسراف بها من الوجهة الشرعية، وسياسات الترشيد في الاستخدام المنزلي أو ري الأراضي الزراعية بالتقطير وليس الإعراف، وسياسات وبرامج الحفاظ على المياه وتخزينها. والآثار السلبية الخطيرة والعواقب الكارثية للإسراف والتلوث البيئي والمائي...الخ.
النتائج والتوصيات:
النتائج:
تتجه اليمن صوب المجهول، ونحو أزمة خانقة فتاكة وإلى حافة الانهيار إذا ما استمرت بانتهاج سياسات المعالجات الطارئة والحلول الوقتية في ذات الإطار( المياه الجوفية) وعدم إيجاد بدائل ممكنة بذرائع، ومبررات مادية غير مقنعة، مما يعني بقاء أزمة ومشكلة المياه قائمة لا تبرح مكانها إلا تفاقماً وأشد حدة، يجعل الحاضر يعاني ويقاسي مرارة الاستسلام والانهزام والقلق والخوف وينذر بمستقبل أكثر معاناة واشد خطراً، وفداحة، وأكبر تهديداً وأعظم كارثة للتنمية بمختلف مجالاتها وجوانبها.
فما كان بالأمس ممكناً، أضحى اليوم تحدياً ومعوقاً، وسوف يكون غداً عنواناً للمستحيل، إذا ما كان الجمود سيد الموقف اليوم، وسوف تنتقل الأزمة والمشكلة المائية من سيء إلى أسوأ إلى أشد سوءً، باستمرار العد التنازلي لنقص المياه من ألشحه إلى الاضمحلال إلى الندرة إلى النضوب
(الانعدام).
يقابله العد التصاعدي للمشكلة المياه من تفشي إلى استفحال و تجذر و تأصل إلى كارثة حقيقية، وندرك جميعاً أبعاد ذلك وتداعياته وإثارة السلبية الاجتماعية والصحية والأمنية والاقتصادية...الخ.
وعند ذلك تصبح الهجرة الإجبارية إلى أماكن تواجد المياه حلولاً طارئة سواء من الريف إلى الحضر أو العكس، وندرك تداعيات وإبعاد وآثار الهجرات الإجبارية سواء الاجتماعية أو التنموية أو الاقتصادية أو الصحية أو الأمنية...الخ.
- ومن النتائج اتجاه المياه إلى النضوب وعدم فعالية وكفاءة الحواجز والسدود...الخ.
- ضعف الحملات الإعلامية التوعوية والتثقيفية بهذا الشأن.
- اتخاذ الحكومات اليمنية المتعاقبة لحلول طارئة وقتية وفي إطار واحد، وعدم البحث عن بدائل
متاحة ممكنة يتم من خلالها وضع الحلول الجذرية المستدامة.
التوصيات:
نجدها في فقرة الحلول الممكنة (ما سبق ذكره)، ونؤكد أنه لابد من الاستدراك، وحظر اللامبالاة وعدم الاكتراث وذلك بوضع الحلول المستدامة لمشكلة وأزمة المياه في اليمن لخلق تنمية مستدامة للموارد المائية ورفع المعاناة المجتمعية، بإنشاء محطات تحليه لمياه البحار، والحفاظ على المياه الجوفية. وبقاء السدود والموانع لاستغلال مياه الأمطار، والقيام بحملة توعوية تثقيفية فاعلة لسياسات ترشيد فاعلة تتخذ من تعاليم الدين الإسلامي مبدأ، وقاعدة أساسية للانطلاق نحو تحقيق الهدف الاستراتيجي المتمثل بتنمية مستدامة للموارد المائية.
[/i]
الخميس مايو 09, 2013 10:32 pm من طرف قداري محمد
» استخدام طريقة العروض العملية في تدريس العلوم
الخميس أبريل 18, 2013 10:26 am من طرف قداري محمد
» Ten ways to improve Education
الخميس فبراير 21, 2013 8:44 am من طرف بشير.الحكيمي
» مقتطفات من تصميم وحدة الإحصاء في الرياضيات
الثلاثاء يناير 29, 2013 8:30 am من طرف بشير.الحكيمي
» تدريس مقرر تقنية المعلومات والاتصالات
الأربعاء يناير 02, 2013 7:49 am من طرف انور..الوحش
» تدريس مقرر تقنية المعلومات والاتصالات
الأربعاء ديسمبر 19, 2012 10:00 am من طرف محمدعبده العواضي
» الواجبات خلال الترم 5
السبت أكتوبر 06, 2012 11:12 pm من طرف بشرى الأغبري
» الواجبات خلال الترم4
السبت أكتوبر 06, 2012 11:11 pm من طرف بشرى الأغبري
» الواجبات خلال الترم3
السبت أكتوبر 06, 2012 11:10 pm من طرف بشرى الأغبري