تصميم المناهج:
أثرت الاختلافات الكثيرة في تطوير مفهوم عام للمنهج يحقق الإجماع عليه في تطوير نظرية عامة للمناهج متفق عليها تكون الأساس في وضع تصميم محدد وواضح للمنهج وهو ما أثر سلبا في ترجمة الطموحات النظرية للبحث التربوي إلى واقع ملموس. والمقصود بتصميم المنهج تطوير الأسس العلمية
( نظرية للمناهج) التي ينبغي الإستناد إليها في بناء المنهج وتطويره.
والمقصود بنظرية المنهج ( مجموعة المفاهيم التربوية المترابطة التي تقدم لنا منظوراً منظماً وشارحاً لظواهر المنهج ) ( جلاتهورن 1995 ص141 ).
وتتعلق المشكلة هنا بتحديد المنطلقات النظرية التي تساعد التربويين في الإجابة عن الأسئلة مثار الخلاف في البحث التربوي وبصورة خاصة الأسئلة التالية:
1. ما هي العناصر الأساسية المكونة للمنهج
2. ما هي معايير اختيار وتنظيم هذه العناصر
3. ما هي مصادر اشتقاقها
4. ما هي علاقة هذه العناصر ببعضها
تعددت الأفكار وتباينت الرؤى لدى محاولة البحث التربوي الإجابة عن تلك الأسئلة وغيرها .ومع انه يمكن القول كما أوضحنا سلفا بوجود اتفاق نسبي على أن الأهداف والمحتوى والطرق والتقويم هي العناصر الرئيسة للمنهج وان المتعلم والمجتمع والعلوم هي المصادر الرئيسة لاشتقاقها إلا أن مبعث الاختلاف الرئيس يكمن في تحديد ثقل كل عنصر من هذه العناصر وتحديد طبيعة العلاقة التي تربط بينها إضافة إلى تحديد أهمية وثقل كل مصدر من المصادر الرئيسة الثلاثة لاشتقاقها وهي المتعلم والمجتمع والعلوم، والمقصود بالثقل هنا إن كان لأحد هذه المصادر الغلبة والدور الحاسم وان دور العناصر الأخرى ثانويا.
فتوسعت نتيجة لذلك دائرة الاجتهاد التربوي لا لتحديد المصدر الأساس في اختيار وتنظيم عناصر المنهج فحسب وإنما اختلفوا كذلك في تحديد ما المقصود بمتطلبات المتعلم والمجتمع والعلوم وما هي العلاقة التي تربط بينهم.
فيتضح من خلال التعريفات السابقة للمنهج تعامل بعضها مع عملية تخطـيط المنهج باعتباره تخطيطاً للأهداف والمحتوى والطرق ( كلينجبيرج ، بيشلار ، كنوشيل ) وأهمل بذلك عنصر التقويم خلافاً لمضمون تعريفات أخرى ( أينسيدلار وغيره ) والذين تعاملوا مع التقويم باعتباره عنصرا أساسيا من العناصر المكونة للمنهج .
ومبعث الاختلاف برأينا يعود إلى انه ليـس ضرورياً احتواء المنهج ( في جميع مستويات تخطيطه)على أساليب تقويم تستخدم كوسـيلة للتحقق من مستوى إتقان التلاميذ للأهداف وهـو أمر أساسي في المناهج القائمة على أساس الأهداف السلوكية (Objective Model ) وان مهمة كهـذه يقررها المدرس وفقاً لظروف وإمكانيات العملية التدريسية ذاتها وان ما ينبغي تخطيطه فيما يتعلق بالتقويم في المنهج ( بمفهومه الواسع ) باعتباره وثيقة للقيادة التدريسية لا يتعدى تحديد نوع ومواعيـد الاختبارات والامتحانات والتي تتضمنها عادة استراتيجية التدريس ، إضافة إلي أن التقويم هو بحد ذاته طريقة. وبذلك فلا يمثل التقويم نفـس مكانة وأهمية التخطيط للأهداف والمحتوى والطرق من دون أن نغفل دور التقويم وأهميته عند إعداد مواد المنهج (Curriculum Materials).
وأوضح اشتينهاوس (1971 ص 123) إن نموذج الأهداف (objective model) في تصميم المنهج مفيد بلا شك . لكنه يتصف بمحدودية شديدة (Severe Limitation) وتبعاً لذلك فانه من الخطأ قبوله كأمر واقع أو تطبيقه كقاعدة عامة .
وتعتبر متطلبات المجتمع من المعايير الأساسية للحكم على فاعلية المنهج ، وأنها كما يرى هويلار
( (Wheeler 1970,P222 أحد معايير الحكم على صـدق أهداف ومحتوى المنهـج والطريقة.
ولكن على الرغم من ذلك فقد اختلف الفكر التربوي في فهمه لمتطلبات المجتمع . فتعامل معها البعض باعتبارها الكفايات أو المؤهلات الضرورية للمجتمع بينما اعتبرها البعض الآخر رديفاً لمتطلبات المهنة أو متطلبات السـوق من القـوى العاملة ، في حين تعامل البعض الأخر معها باعتبارها مفهوماً شاملاً يعـبر عن المتطلبات العامة للمجتمع من الفرد الذي يعيش فيه بما فيها متطلبات سوق العمل والتعليم اللاحق.
ونتيجة لهذا التباين حول متطلبات المجتمع والمتعلم والعلوم تباينت الرؤى أيضاً حول عناصر المنهج والعلاقة فيما بينها وهو الأمر الذي سنستوضحه من خلال النماذج التالية لتصميم المنهج.
أولاً : المنهج المتمركز على المعرفة:
لقد كان من نتيجة التباينات التي استعرضناها سابقاً استعادة المختصون في العلوم دورهم السابق وحظي لذلك تخطيط المناهج على أساس البناء المنطقي للعلوم من جـديد بالاهتمام الأكبر وضعف الاهتمام بمتطلبات المتعلم . وفي سياق تطويرهم لمنهج المادة طلب من المختصين بإعـداد المواد التعليمية بما يعتقدون أن له عـلاقة بمتطلبات المجتمع وسوق العمل .
وتعرض هـذا المفهوم للمنهج باعتباره تخطيطًا للمادة التعليمية على أساس بنائها المعرفي من جديد لكثير من الانتقادات من منطلق أن المعلومات أصبحت غاية في حـد ذاتها ، واصبح كل من المدرس والتلميذ في خـدمة المعلومات بعد أن كان المفروض أن تكون المعلومات في خـدمة التلمـيذ . لقد انقلبت الآيـة ، أصبحت الوسائل غايات والغايات وسائل ( احمد صلاح الدين 1977 ص 339 ) . كما وجهت إليه انتقادات أخرى كثيرة وفيما يلي بعض منها :
· إن ( منهج المادة ) يركز على التقسيم المنطقي المتتابع للمادة ، وعلى تسلسل المعلومات وبالتالي فمشكلات التعليم ، في هذا المنهج ، هي مشكلات ترتبـط بوجود الكتب المدرسـية التي تنظم وتقسـم فيها الموضوعات على أساس التتابع المنطقي . والتعليم ، عند هؤلاء ، يعني تقديم هذه المادة بنفس الصورة أثناء عملية التدريس . فالمادة العلمية هي الغاية ، وهي التي تحدد الطريقة لتوصيلها. أما الطفل المتعلم فهو ببساطة ذلك الكائن غـير الناضج الذي علينا أن نمده بالمعلومات ليغدو ناضجاً ، وخبرته ضيقة ومحـدودة وعلينا توسيعها وتنميتها . فهو كائـن سلبي يستقبل ويقبل كلما يلقى عليه ، ودوره يؤدى كاملاً عندما يصبح هادئاً ووديعاً ( جون ديوي 1957 ص 8 ) .
· انصب اهتمام منهج المادة على إتقان المادة الدراسية ، واصبح هـذا الإتقان غاية في حـد ذاته بغض النظر عن جدواه وأهميته بالنسبة للتلميذ .
· استبعد كل نشاط يمكن أن يتم خارج غرف الدراسة ، ويمكن أن يسهم في تنمية مهارات التلميذ الحركية ويزيـد من ثقته بنفسه ، وكذلك استبعاد تنمية الاتجاهات النفسية السليمة ، واكتساب طرائق التفكـير العلمية ( صالح ذياب 1989 ص 21).
وأضاف إبراهيم بسيوني بالاستناد إلى فونـس ( Faunce , R.C. 1967, P.32 ) ودانيال ولوريل تانار Tanner , D. 1980, P. 464) ) وغيرهم أوجه نقـد أخرى منها .
· ان هـذا المنهج بجزيء المعرفة ، ويفتتها ، فالمفاهيم والحقائق تعلم في ظل انعزالية المواد التي تنتمي إليها ، ولا توجـد فرص تذكر لربطها بغيرها مما يدرس في مواد أخرى ، وبذلك تفقـد المعرفة معناها وعمقها وشموليتها وهـو ما يمكن آن يتحقق لو راعى ترابط المعرفة . وهذا أفقـد المنهج الذي يدرسه المتعلم في نفـس الصف وحدته وساعـد على هـذا أن المنهج لا يقدم معارف متماسكة ، موحـدة ، تتصل بمحور معـين أو هـدف محـدد .
· تصميم المنهج ، وتنظيم المادة قد يكون مناسباً لإعداد المتخصص ، ولكنه ليس الأنسب حين يكون الهدف إعداد الإنسان المتكامل الشخصية والمواطن الفعال في المجتمع ، فهو محـدد في أهدافه بحـدود تعليم المواد ، ولا يتجاوز ذلك إلى الأهداف التي تتعلق بالنجاح والفعالية في الحياة.
· إن هذا المنهج لا يعد المتعلمين لعالم سريع التغـير ، فالقول أننا نتعلم من الماضي(التراث الثقافي ) كيف نحل مشكلات الحاضر والمستقبل ، لا يصدق إلا في عــالم ساكن ، لا يتغير كثيرا . أما العالم سريع التغـير الذي نعيـش فيه ، فانه يتطلب مناهج تتغـير باستمرار وتكون حساسة للمتغيرات الاجتماعية ، وتلبي الحاجات التربوية في الحاضر والمستقبل ، كما يتطلب أن يتـدرب التلاميذ من خـلال هـذه المناهج على أساليب حل المشكلات .
· إن المعرفة الإنسانية في تطور مستمر وزيادة في حجمها وبالتالي فإن تطوير المنهج المدرسي في هـذه الحالة يكون بإضافة مواد جـديـدة ويترتب على ذلك زيادة غـير محدودة في حجم وعـدد المواد الدراسـية . وهـذا يؤدى إلى بروز صعوبة في نقل المعارف أو تزويد المتعلمين بها في عالم متغـير من ناحية ، وإلى المبالغة في تقدير حجم المواد والمعلومات التي ينبغي للتلميذ تعلمها من ناحية أخـرى .
ثانياً :المنهج المتمركز على المجتمع:
يعرف هذا النوع من المناهج بمنهج النشاطات القائمة على مواقف الحياة الاجتماعية ( نموذج كلباتريك) أو منهج الكفايات أو المؤهلات الحياتية كما عبر عنها الألماني روبينسون.
وينظر إلى التربية في هذا النوع من المناهج بأنها إعداد المتعلم لمواجهة مواقف الحياة الاجتماعية المختلفة من خلال اكتسابه للكفايات الضرورية لتحقيق ذلك.
ولذلك أستند في تطوير هذا المنهج إلى دراسة وتحليل النشاطات الضرورية التي تتطلبها الحياة ( من خلال استطلاع آراء العلماء والخبراء وأرباب العمل والتلاميذ أنفسهم إضافة إلى تحليل مجالات العمل وملاحظة النشاطات التي يقوم بها التلاميذ في أوقات فراغهم ).و يتم في ضوء نتائجها تحديد نوع الكفايات التي ينبغي تطويرها في التلميذ .ثم يتم بعد ذلك اختيار المحتوى المناسب لتحقيقها.فتكون للكفايات إضافة إلى المحتوى الدور الرئيس في تحديد الأهداف ، أي إن هذا المنهج قد حاول الجمع بين متطلبات النشاط الاجتماعي ومحتوى العلوم في تحديد الأهداف.
ولذلك واجهت تطوير هذا المنهج كثير من الصعوبات أعاقت تحقيقه لتطلعات المتحمسين له من أهمها:
· تنوع الكفايات وصعوبة المفاضلة بينها
· التباين الحاد في آراء الخبراء والمختصين في العلوم
· المغالاة في دور العلوم
· تعارضه مع السياسات التربوية القائمة التي تؤكد على عدم كفاية صياغة أهداف المدرسة على أساس المتطلبات الحالية للمجتمع وإهمال أهداف التعلم المستقبلية.
· الكلفة الكبيرة والفترة الزمنية الطويلة والكم الكبير من الكادر البشري الذي يحتاجه تطويره إضافة إلى تعقد أساليب وأدوات تحليل المواقف الحياتية.
· عدم مراعاته لمتطلبات المستقبل إضافة إلى صعوبة التنبؤ بها.
· تأخر نتائج البحث القابلة للتطبيق بالنسبة للواقع المدرسي.
ثالثاً : المنهج المتمركز على التلميذ:
خلافاً لمنهج النشاط القائم على أساس تحليل مواقف الحياة المختلفة ونتيجة للنجاح الذي تحقق في تحليل المهن ( Job Analysis ) فإنه أمكن بناء منهج مهني(Vocational Curriculum ) خلال الحرب العالمية الثانية ( 1918 - 1938) حاول من خلاله جون ديوي تطوير منهجا آخراً للنشاط يرتكز على ميول ورغبات التلاميذ ويحقق النفع الشخصي لهم . ويعني ذلك إن اختيار الأهداف أو استخدام الطرائق ينبغي أن يتم وفقاً للخبرات والمعايشة الحالية للتلاميذ وإعدادهم لممارسة النشاطات المستقبلية التي ترضي طموحاتهم.
ولتحقيق أغراض هذا المنهج طور ديوي ما يعرف بطريقة المشروع ، فالتعلم برائه حل المشاكل من خلال التجارب وهو ما يتطلب اختيار عدد من المشاريع ذات الصلة المباشرة بحياة التلاميذ لتكون المرتكز الأساسي لتشكيل الدرس وتحفزهم لمعالجتها بصورة ذاتية ومستقلة وتعامل مع المحتوى التعليمي باعتبار أن له قيمة ثانوية. لذلك أصبح الاهتمام في هذا المنهج بإكساب التلاميذ للمؤهلات المهنية التي ستعود عليهم بالنفع في حياتهم اللاحقة.
ولقد كان من سلبية منهج المادة إهماله لخصائص التلميذ ومتطلبات المجتمع ، فإن عدم مراعاة الفلسفة التربوية السائدة حينها لخصائص الإنسان وإهمالها لمتطلبات المجتمع ومتطلبات البناء المنطقي للعلوم وبالنتيجة إهمال دور المختص هي سلبيات لمنهج النشاط.ولذلك فإن أفكار ديوي كما يرى أيبلي (Aebli,H, 1987,S..322) لم تتحقق في الولايات المتحدة . وعجز منهج النشاط في تزويد التلاميذ بخبرات حية (lively ) وكذا بمعارف وقدرات راسخة. كما إن النظرة البرغماتية ، النفعية للدرس واعتبار إن وظيفته الرئيسة إكساب التلاميذ للمؤهلات المهنية والحياتية التي يحتاجونها في حياتهم اللاحقة قد أضعفت الإمكانيات التعليمية والتربوية لمحتوى الدرس ولم يحقق للتلاميذ اكتساب تعليم علمي عام ومتين يخدم تطورهم المتكامل وهو ما يمكن الاستدلال إليه من خلال المآخذ على منهج النشاط التي منها ما يلي:
· عدم مساعدة التلاميذ على إتقان المواد الدراسية ، مما يترك في ثقافتهم فجوات كبيرة تحول دون حصولهم على المبادئ العامة التي تنظم المعرفة تنظيماً منطقياً.
· توجيه الاهتمام إلى حاجة الطفل وإهمال التراث الثقافي الذي ينحدر إليه من الماضي، كذلك إهمال ما ينبغي للطفل أن يكون عليه في المستقبـل لمواجهة المشكـلات التي تنتـظره ( صالح ذياب وآخرون 1989 ص 279).
· حيث أن تصميم النشاط/ الخبرة ينطلق من حاجات التلاميذ واهتماماتهم فمن الممكن إهمال الأهداف الاجتماعية للتربية ، وبالتالي الخصائص الثقافية الواجب تعلمها من قبل كافة التلاميذ.
· إن منهج النشاط/ الخبرة لا يوفر ترابطاً بين عناصر المنهج أي الأهداف والمحتوى والخبرات التعليمية (يعقوب نشوان 1991 ص 302).
رابعاً : المنهج المتمركز على المجتمع ، المتعلم والعلوم:
إن التربية نمو شامل لجميع قوى الإنسان وملكاته نمواً طبيعياً وفى اتساق وانسجام كما وصفها بيستالوتزى ، وهى إعداد للحياة الكاملة ، كما يرى هربرت اسبنسر ، ووسيلة راقية ومهذبة لدعم العقيدة التي يؤمن بها شعب أو بلد وتغذيتها بالاقتناع الفكري القائم على الثقة والاعتزاز ، وتسليمها بالدلائل العلمية ، إذا احتيج لها على حد تعبير جون ديوى (عباس محجوب 1987 ص 1920) .
كما إن عدم رضاء المجتمع في عـدد من البلدان عن واقع حال النظام التربوي فيها عائـد إضافة إلى أشياء أخرى إلى وجود الفصل بين التعليم والتربية . فيتم التأكيد على جانب واحـد من جوانب تطوير شخصية التلميذ وهو الجانب المعرفي ؛ إثراؤه بالمعارف العلمية وتطوير قدراته ومهاراته وهو ما يعرف بالتعليم ، ويهمل الجانب التربوي ؛ تطوير قناعاته ومواقفه تجاه الكون والطبيعة والمجتمع، والتأثير في تشكيل قيمه الاجتماعية والثقافية ، وكذا التأثير في تشكيل سلوكه وطباعه بما ينسجم مع قيم ومعايير المجتمع . لذلك فإن التأكيد على وحدة التعليم والتربية هو تأكيد على ضرورة أن يترجم الدرس النظرة الشمولية لنما التلميذ الذي ينبغي أن نكرس جهودنا كلها من اجله .
لقد كان ينظر لتطوير مثل هـذه الخصائص في التلاميذ باعتبارها مهمة أو وظيفة للكنيسـة والمنزل وليس للمدرسة كما أوضح ذلك رولف تايلور ( 1964 ص 99 ) بدعوى تحرير التلاميذ وعدم إخضاعهم للضغوط والتأثيرات الدينية والسياسية. إلا أن السلبيات الكثيرة والاختلالات المتنوعة في سلوك النشئ قد جعل الكثيرين يتراجعون عن مواقفهم السابقة حولها والنظر إليها باعتبارها من الوظائف الأساسية للمدرسة . فطالب جالوب بول ( George, H.G. 1989 P.14 ) وجون نيسبت (John , Naisbitt , 1982, P . 56 ) من الولايات المتحـدة الأمريكية بضرورة أن تتحمل المدرسة مسئولية اكبر لتطوير السلوك الأخلاقي والقيمي للطلبة .
لذلك فانه من واجب مخطط المناهج دراسة المتطلبات العامة للمجتمع ، ومتطلبات المتعلم والعلوم والموازنة بينها وان يعملوا على ترجمتها في الأهداف والمحتوى والطرق والتقويم باعتبارها العناصر الرئيسة لتخطيط المنهج وعدم إهمالها لأي سبب كان.
وبهذا يساهم التعليم العام في تحقيق تعليم علمي عام وموحد لكافة التلاميذ ، والتأثير التربوي الفاعل في تطوير قناعاتهم ومواقفهم وسلوكهم وقيمهم الخ.
كما إن التطورات في العلوم والتكنولوجيا وما رافقها من انفجار معرفي وما طرأ بنتيجتها من تغيير في نوع وطبيعة المهن القائمة وظهور مهن جديدة وما أحدثه من تغيير في مجالات الحياة المختلفة قد ضاعف من مسئوليات المؤسسات التعليمية لمواكبة هذا التطور والتفاعل معه .
وبهذا الصدد أوضح جون نايسبت ( 1989, P.13-15) في كتابه( Megatrends) أن على المدرسة أن تحدث تغييراً جذرياً في برامجها من أجل إعداد طلبتها وتأهيلهم للحصول على فرص عمل ، وللتعاطى المرن مع متطلبات التطور العلمي والمهني في مختلف المجالات وان توفر للطلبة إمكانية التعليم المستمر وعدم المبالغة في التخصص ، وان تعمل على تطوير قدراتهم ، وبخاصة قدرات التفكير المنطقي وقدرات الاعتماد على الذات والثقة عند اتخاذ القرار .
لذلك بذلت محاولات كثيرة لتطوير نظرة جديدة للدرس تخدم التطور المتكامل للتلميذ عبرت عنها عدد من النظريات العلمية والتي من أهمها النظرية السلوكية التي استند إليها رولف تايلور (Tyler) وغيره في تطوير نموذج المنهج المعتمد على قياس النتائج بالإستناد إلى الأهداف السلوكية ، واعتبر أن التلميذ والمجتمع والعلوم ركائزه الأساسية ، وهي نظرة تقدمية عن مضمون الدرس إلا أن ترجمتها إلى واقع ملموس قد شابها نوع من القصور.
تتميز هذه المناهج بأنها لا تحدد أهداف ومحتوي التعليم فحسب وإنما تحدد مسبقاً أيضاً السياق الطرائقي وتستوجب قياس النتائج النهائية بدقة ، وهو ما يوضح استنادها إلى ما يعرف بأهداف التعلم الإجرائية (operational objectives ) أو ( process objectives ) وكذا الدرس المبرمج ( programmed instruction ) حيث تأتي الأهداف في المقام الأول وتلحق بها عناصر المنهج الأخرى.
ومن مميزاتها أيضاً يمكن ذكر ما يلي:
· توضع في مستوياتها المختلفة بصورة مركزية ولهذا فإنها تتميز بطابع رسمي.
· يقوم بتطويرها خبراء غير متجانسين - من دون أن يكون لذوي الصلة المباشرة بالعملية التدريسية ويعايشونها دور فاعل في تخطيطها.)
· تعتمد إجراءات تطويرها على تحديد النتائج ووضع معايير محددة لقياسها أي تطوير برنامج تعليمي متكامل لمادة تعليمية أو مجال تعليمي محدد يجب على المعلمين الالتزام به وعدم إدخال أية تعديلات عليه.
· ثبات استراتيجية التعليم والتعلم يثير تساؤلات عديدة حول إمكانية تحقيق التلاميذ لعدد من الأهداف كتطوير قدرات الاستقلال الذاتي ، قدرات اتخاذ القرار ، التفكير الناقد وغيرها ، كما تضعف النشاط الإبداعي للمعلم وتجعل منه منفذاً مطيعاً لخطة نشاطات موضوعة مسبقاً.
إن الميزة الغالبة في هذه المناهج هي تبعية وارتباط اختيار المحتوى وطرائق التدريس والتقويم بأهداف التعلم.
تعبر هذه الآراء حول ارتباط المحتوى وطرائق التدريس والتقويم بالأهداف دون الاهتمام بعلاقة التأثير المتبادل بينها وبين محتوى الدرس عن وجهة نظر أتباع النظرية السلوكية في تخطيط المناهج ، والذين يعتبرون بالإستناد إلى فكر عالم النفس السلوكي إسكنر ، إن أهداف التعـلـم (السلوكية) هي الأساس في تحـديد باقـي عناصـر المـنهـج ، ( المحتوى والطرائق والتقويم ) .
فمن أجل تطوير مهارة التفكير لدى التلاميذ فإنه ينبغي اختيار طرائق تدريس تتناسب مع هذا الهدف كطريقة حل المشكلات مثلا ، إلا انهم لم يوضحوا لنا هل يمكن تحديد الأهداف بمعزل عن المحتوى كما انهم لم يوضحوا لنا أيضا ما هي علاقة محتوى الدرس باختيار طرائق التدريس وما هي علاقة اختيار طرائق التدريس بتحديد الأهداف وعلاقة اختيار كل منهما بالظروف الذاتية والموضوعية المؤثرة في العملية التدريسية. كما انهم لم يوضحوا لنا إن كانت توجد علاقة تأثير متبادل بين أهداف الدرس ومحتواه وطرائق تدريسية والظروف المؤثرة فيه.
وبذلك فإنهم ، أي السلوكيين كما عبر عن ذلك هوبر (1977 ص 123) يقللون من مكانة المحتوى في عملية تخطيط المناهج. فيتعلم التلاميذ كما عبر عن ذلك اشتينهاوس (Stenhouse) (1971ص60) من قصيدة هاملت عدداً من المهارات وعدداً من المفردات وغيرها لكن لا يتعلمون مضمون القصيدة ذاتها. وقد افصح عن ذلك جون ديوي صراحة عندما أكد على الطابع الوظيفي والنفعي للمحتوى واعتبر إن ( له قيمة ثانوية . فالتعلم بالنسبة له يعني حل المشكلات من خلال التجارب كما أوضحنا ذلك مسبقاً)( فيلارس Willers) ،1965 ص35). واعتبر تسيمرمان ( Zimmermann ) (1977ص198) انه من غير اللائق الحديث عن طابع وظيفي للمحتوى وشكك في إمكانية هذا المحتوى في تحقيق أهداف تدريسية متنوعة .
كما طالب بيكمان ( Beckmann ) (1977ص309) بإلغاء تقديس أهداف التعلم السلوكية ، وتحدث هـ. ل. مايار (1980ص133) عن عبث التوجه نحو مثل هذه الأهداف).
وفي مقابل هذه النظرة للأهداف أوضح كلينجبيرج وشولتز (Schultz ) وكلافكي ومايار وناومان (مايار 1991ص93) ، وتابا (1977ص137) ، واشتينهاوس (1983ص56) وكثيرون غيرهم على وجود علاقة ارتباط متبادل بين أهداف الدرس ومحتواه وطرائق تدريسه وانه من الصعب تخطيط أي عنصر من هذه العناصر دون مراعاة علاقته بالعناصر الأخرى.
إن علاقة الأهداف بالمحتوى والطرائق والتقويم هي في الأصل علاقة بين النتيجة والوسيلة ، وان الفصل بينهما ( بين النتيجة والوسيلة ) كما عبر عن ذلك هوبر هو سبب عقم كثير من النقاشات حول المناهج ، كما اعتبرت هيلدا تابا (Taba) ( 1977 ص 120) أسلوب تطوير المنهج الذي يهتم بتحليل الأهداف والفلسفة ويهمل تنظيم المحتوى بأنه أسلوب لا ينتج عنه سوى تعليمات على الورق لا قيمة وتأثير مباشر لها في غرفة الدرس .
وتأسيساً على ما سبق عرضه يتضح إنه من غير الممكن تحديد واختيار أهداف الدرس بمعزل عن المحتوى والطرائق التي ينبغي أن تحققها كما انه من غير الممكن اختيار طرائق التدريس بمعزل عن أهداف الدرس ومحتواه و إنه من الصعوبة بمكان اختيار محتوى الدرس من دون أن نعرف الأهداف التي ينبغي أن يحققها ودون أن نعرف ما هي طرائق التدريس التي يمكنها تحقيق تفاعل المعلم والمتعلمين معه ومن اجل تحقيق الأهداف و أخيراً فان فاعلية هذه العناصر يتطلب أيضا مراعاة علاقتها بأساليب وإجراءات تقويمها.ولذلك فإن اتخاذ قراراً حول أحد هذه العناصر مرتبط باتخاذ قرار حول العناصر الأخرى.
وخوفاً من أن تتأثر حرية التربية بالقيود التي تفرضها المناهج النمطية ( اللائحية ) (المناهج المغلقة) تم بالاستناد إلى الخبرات الإنجليزية تطوير مناهج بديلة أكثر ارتباطاً بالواقع المدرسي وتفسح المجال واسعا للنشاطات الواعية للمعلمين والتلاميذ ، وصرفت النظر عن صياغة أهداف التعلم في صورة سلوك يمكن قياسه إضافة إلى اعتراضها على نوع التخطيط الذي يحدد مسبقاً التفاصيل الدقيقة لمجريات عمليتي التعليم والتعلم وهو ما جعل البعض يصفها بالمناهج المفتوحة.
فعلى عكس المناهج المغلقة تتميز المناهج المفتوحة بأن إجراءات تطويرها تتسم بالديناميكية و عدم ثبات استراتيجية التدريس فيها وبذلك توفر مجالاً لحرية الحركة وتنويع نشاطات التعليم والتعلم وفقاً لمستوى تطور التلاميذ وتوفر الإمكانيات المادية والفنية في المدرسة وبمراعاة الظروف المؤثرة في العملية التدريسية.
وبذلك فإنها تتعامل مع التلميذ كعنصر فاعل في عملية التعلم ويتمتع المعلم فيها بحق اتخاذ القرار بحسب الإمكانيات المتوفرة وبمراعاة المعطيات والظروف المؤسسية.
استخلاص :
أثرت الاختلافات الكثيرة في تطوير مفهوم عام للمنهج يحقق الإجماع عليه في تطوير نظرية عامة للمناهج متفق عليها تكون الأساس في وضع تصميم محدد وواضح للمنهج وهو ما أثر سلبا في ترجمة الطموحات النظرية للبحث التربوي إلى واقع ملموس. والمقصود بتصميم المنهج تطوير الأسس العلمية
( نظرية للمناهج) التي ينبغي الإستناد إليها في بناء المنهج وتطويره.
والمقصود بنظرية المنهج ( مجموعة المفاهيم التربوية المترابطة التي تقدم لنا منظوراً منظماً وشارحاً لظواهر المنهج ) ( جلاتهورن 1995 ص141 ).
وتتعلق المشكلة هنا بتحديد المنطلقات النظرية التي تساعد التربويين في الإجابة عن الأسئلة مثار الخلاف في البحث التربوي وبصورة خاصة الأسئلة التالية:
1. ما هي العناصر الأساسية المكونة للمنهج
2. ما هي معايير اختيار وتنظيم هذه العناصر
3. ما هي مصادر اشتقاقها
4. ما هي علاقة هذه العناصر ببعضها
تعددت الأفكار وتباينت الرؤى لدى محاولة البحث التربوي الإجابة عن تلك الأسئلة وغيرها .ومع انه يمكن القول كما أوضحنا سلفا بوجود اتفاق نسبي على أن الأهداف والمحتوى والطرق والتقويم هي العناصر الرئيسة للمنهج وان المتعلم والمجتمع والعلوم هي المصادر الرئيسة لاشتقاقها إلا أن مبعث الاختلاف الرئيس يكمن في تحديد ثقل كل عنصر من هذه العناصر وتحديد طبيعة العلاقة التي تربط بينها إضافة إلى تحديد أهمية وثقل كل مصدر من المصادر الرئيسة الثلاثة لاشتقاقها وهي المتعلم والمجتمع والعلوم، والمقصود بالثقل هنا إن كان لأحد هذه المصادر الغلبة والدور الحاسم وان دور العناصر الأخرى ثانويا.
فتوسعت نتيجة لذلك دائرة الاجتهاد التربوي لا لتحديد المصدر الأساس في اختيار وتنظيم عناصر المنهج فحسب وإنما اختلفوا كذلك في تحديد ما المقصود بمتطلبات المتعلم والمجتمع والعلوم وما هي العلاقة التي تربط بينهم.
فيتضح من خلال التعريفات السابقة للمنهج تعامل بعضها مع عملية تخطـيط المنهج باعتباره تخطيطاً للأهداف والمحتوى والطرق ( كلينجبيرج ، بيشلار ، كنوشيل ) وأهمل بذلك عنصر التقويم خلافاً لمضمون تعريفات أخرى ( أينسيدلار وغيره ) والذين تعاملوا مع التقويم باعتباره عنصرا أساسيا من العناصر المكونة للمنهج .
ومبعث الاختلاف برأينا يعود إلى انه ليـس ضرورياً احتواء المنهج ( في جميع مستويات تخطيطه)على أساليب تقويم تستخدم كوسـيلة للتحقق من مستوى إتقان التلاميذ للأهداف وهـو أمر أساسي في المناهج القائمة على أساس الأهداف السلوكية (Objective Model ) وان مهمة كهـذه يقررها المدرس وفقاً لظروف وإمكانيات العملية التدريسية ذاتها وان ما ينبغي تخطيطه فيما يتعلق بالتقويم في المنهج ( بمفهومه الواسع ) باعتباره وثيقة للقيادة التدريسية لا يتعدى تحديد نوع ومواعيـد الاختبارات والامتحانات والتي تتضمنها عادة استراتيجية التدريس ، إضافة إلي أن التقويم هو بحد ذاته طريقة. وبذلك فلا يمثل التقويم نفـس مكانة وأهمية التخطيط للأهداف والمحتوى والطرق من دون أن نغفل دور التقويم وأهميته عند إعداد مواد المنهج (Curriculum Materials).
وأوضح اشتينهاوس (1971 ص 123) إن نموذج الأهداف (objective model) في تصميم المنهج مفيد بلا شك . لكنه يتصف بمحدودية شديدة (Severe Limitation) وتبعاً لذلك فانه من الخطأ قبوله كأمر واقع أو تطبيقه كقاعدة عامة .
وتعتبر متطلبات المجتمع من المعايير الأساسية للحكم على فاعلية المنهج ، وأنها كما يرى هويلار
( (Wheeler 1970,P222 أحد معايير الحكم على صـدق أهداف ومحتوى المنهـج والطريقة.
ولكن على الرغم من ذلك فقد اختلف الفكر التربوي في فهمه لمتطلبات المجتمع . فتعامل معها البعض باعتبارها الكفايات أو المؤهلات الضرورية للمجتمع بينما اعتبرها البعض الآخر رديفاً لمتطلبات المهنة أو متطلبات السـوق من القـوى العاملة ، في حين تعامل البعض الأخر معها باعتبارها مفهوماً شاملاً يعـبر عن المتطلبات العامة للمجتمع من الفرد الذي يعيش فيه بما فيها متطلبات سوق العمل والتعليم اللاحق.
ونتيجة لهذا التباين حول متطلبات المجتمع والمتعلم والعلوم تباينت الرؤى أيضاً حول عناصر المنهج والعلاقة فيما بينها وهو الأمر الذي سنستوضحه من خلال النماذج التالية لتصميم المنهج.
أولاً : المنهج المتمركز على المعرفة:
لقد كان من نتيجة التباينات التي استعرضناها سابقاً استعادة المختصون في العلوم دورهم السابق وحظي لذلك تخطيط المناهج على أساس البناء المنطقي للعلوم من جـديد بالاهتمام الأكبر وضعف الاهتمام بمتطلبات المتعلم . وفي سياق تطويرهم لمنهج المادة طلب من المختصين بإعـداد المواد التعليمية بما يعتقدون أن له عـلاقة بمتطلبات المجتمع وسوق العمل .
وتعرض هـذا المفهوم للمنهج باعتباره تخطيطًا للمادة التعليمية على أساس بنائها المعرفي من جديد لكثير من الانتقادات من منطلق أن المعلومات أصبحت غاية في حـد ذاتها ، واصبح كل من المدرس والتلميذ في خـدمة المعلومات بعد أن كان المفروض أن تكون المعلومات في خـدمة التلمـيذ . لقد انقلبت الآيـة ، أصبحت الوسائل غايات والغايات وسائل ( احمد صلاح الدين 1977 ص 339 ) . كما وجهت إليه انتقادات أخرى كثيرة وفيما يلي بعض منها :
· إن ( منهج المادة ) يركز على التقسيم المنطقي المتتابع للمادة ، وعلى تسلسل المعلومات وبالتالي فمشكلات التعليم ، في هذا المنهج ، هي مشكلات ترتبـط بوجود الكتب المدرسـية التي تنظم وتقسـم فيها الموضوعات على أساس التتابع المنطقي . والتعليم ، عند هؤلاء ، يعني تقديم هذه المادة بنفس الصورة أثناء عملية التدريس . فالمادة العلمية هي الغاية ، وهي التي تحدد الطريقة لتوصيلها. أما الطفل المتعلم فهو ببساطة ذلك الكائن غـير الناضج الذي علينا أن نمده بالمعلومات ليغدو ناضجاً ، وخبرته ضيقة ومحـدودة وعلينا توسيعها وتنميتها . فهو كائـن سلبي يستقبل ويقبل كلما يلقى عليه ، ودوره يؤدى كاملاً عندما يصبح هادئاً ووديعاً ( جون ديوي 1957 ص 8 ) .
· انصب اهتمام منهج المادة على إتقان المادة الدراسية ، واصبح هـذا الإتقان غاية في حـد ذاته بغض النظر عن جدواه وأهميته بالنسبة للتلميذ .
· استبعد كل نشاط يمكن أن يتم خارج غرف الدراسة ، ويمكن أن يسهم في تنمية مهارات التلميذ الحركية ويزيـد من ثقته بنفسه ، وكذلك استبعاد تنمية الاتجاهات النفسية السليمة ، واكتساب طرائق التفكـير العلمية ( صالح ذياب 1989 ص 21).
وأضاف إبراهيم بسيوني بالاستناد إلى فونـس ( Faunce , R.C. 1967, P.32 ) ودانيال ولوريل تانار Tanner , D. 1980, P. 464) ) وغيرهم أوجه نقـد أخرى منها .
· ان هـذا المنهج بجزيء المعرفة ، ويفتتها ، فالمفاهيم والحقائق تعلم في ظل انعزالية المواد التي تنتمي إليها ، ولا توجـد فرص تذكر لربطها بغيرها مما يدرس في مواد أخرى ، وبذلك تفقـد المعرفة معناها وعمقها وشموليتها وهـو ما يمكن آن يتحقق لو راعى ترابط المعرفة . وهذا أفقـد المنهج الذي يدرسه المتعلم في نفـس الصف وحدته وساعـد على هـذا أن المنهج لا يقدم معارف متماسكة ، موحـدة ، تتصل بمحور معـين أو هـدف محـدد .
· تصميم المنهج ، وتنظيم المادة قد يكون مناسباً لإعداد المتخصص ، ولكنه ليس الأنسب حين يكون الهدف إعداد الإنسان المتكامل الشخصية والمواطن الفعال في المجتمع ، فهو محـدد في أهدافه بحـدود تعليم المواد ، ولا يتجاوز ذلك إلى الأهداف التي تتعلق بالنجاح والفعالية في الحياة.
· إن هذا المنهج لا يعد المتعلمين لعالم سريع التغـير ، فالقول أننا نتعلم من الماضي(التراث الثقافي ) كيف نحل مشكلات الحاضر والمستقبل ، لا يصدق إلا في عــالم ساكن ، لا يتغير كثيرا . أما العالم سريع التغـير الذي نعيـش فيه ، فانه يتطلب مناهج تتغـير باستمرار وتكون حساسة للمتغيرات الاجتماعية ، وتلبي الحاجات التربوية في الحاضر والمستقبل ، كما يتطلب أن يتـدرب التلاميذ من خـلال هـذه المناهج على أساليب حل المشكلات .
· إن المعرفة الإنسانية في تطور مستمر وزيادة في حجمها وبالتالي فإن تطوير المنهج المدرسي في هـذه الحالة يكون بإضافة مواد جـديـدة ويترتب على ذلك زيادة غـير محدودة في حجم وعـدد المواد الدراسـية . وهـذا يؤدى إلى بروز صعوبة في نقل المعارف أو تزويد المتعلمين بها في عالم متغـير من ناحية ، وإلى المبالغة في تقدير حجم المواد والمعلومات التي ينبغي للتلميذ تعلمها من ناحية أخـرى .
ثانياً :المنهج المتمركز على المجتمع:
يعرف هذا النوع من المناهج بمنهج النشاطات القائمة على مواقف الحياة الاجتماعية ( نموذج كلباتريك) أو منهج الكفايات أو المؤهلات الحياتية كما عبر عنها الألماني روبينسون.
وينظر إلى التربية في هذا النوع من المناهج بأنها إعداد المتعلم لمواجهة مواقف الحياة الاجتماعية المختلفة من خلال اكتسابه للكفايات الضرورية لتحقيق ذلك.
ولذلك أستند في تطوير هذا المنهج إلى دراسة وتحليل النشاطات الضرورية التي تتطلبها الحياة ( من خلال استطلاع آراء العلماء والخبراء وأرباب العمل والتلاميذ أنفسهم إضافة إلى تحليل مجالات العمل وملاحظة النشاطات التي يقوم بها التلاميذ في أوقات فراغهم ).و يتم في ضوء نتائجها تحديد نوع الكفايات التي ينبغي تطويرها في التلميذ .ثم يتم بعد ذلك اختيار المحتوى المناسب لتحقيقها.فتكون للكفايات إضافة إلى المحتوى الدور الرئيس في تحديد الأهداف ، أي إن هذا المنهج قد حاول الجمع بين متطلبات النشاط الاجتماعي ومحتوى العلوم في تحديد الأهداف.
ولذلك واجهت تطوير هذا المنهج كثير من الصعوبات أعاقت تحقيقه لتطلعات المتحمسين له من أهمها:
· تنوع الكفايات وصعوبة المفاضلة بينها
· التباين الحاد في آراء الخبراء والمختصين في العلوم
· المغالاة في دور العلوم
· تعارضه مع السياسات التربوية القائمة التي تؤكد على عدم كفاية صياغة أهداف المدرسة على أساس المتطلبات الحالية للمجتمع وإهمال أهداف التعلم المستقبلية.
· الكلفة الكبيرة والفترة الزمنية الطويلة والكم الكبير من الكادر البشري الذي يحتاجه تطويره إضافة إلى تعقد أساليب وأدوات تحليل المواقف الحياتية.
· عدم مراعاته لمتطلبات المستقبل إضافة إلى صعوبة التنبؤ بها.
· تأخر نتائج البحث القابلة للتطبيق بالنسبة للواقع المدرسي.
ثالثاً : المنهج المتمركز على التلميذ:
خلافاً لمنهج النشاط القائم على أساس تحليل مواقف الحياة المختلفة ونتيجة للنجاح الذي تحقق في تحليل المهن ( Job Analysis ) فإنه أمكن بناء منهج مهني(Vocational Curriculum ) خلال الحرب العالمية الثانية ( 1918 - 1938) حاول من خلاله جون ديوي تطوير منهجا آخراً للنشاط يرتكز على ميول ورغبات التلاميذ ويحقق النفع الشخصي لهم . ويعني ذلك إن اختيار الأهداف أو استخدام الطرائق ينبغي أن يتم وفقاً للخبرات والمعايشة الحالية للتلاميذ وإعدادهم لممارسة النشاطات المستقبلية التي ترضي طموحاتهم.
ولتحقيق أغراض هذا المنهج طور ديوي ما يعرف بطريقة المشروع ، فالتعلم برائه حل المشاكل من خلال التجارب وهو ما يتطلب اختيار عدد من المشاريع ذات الصلة المباشرة بحياة التلاميذ لتكون المرتكز الأساسي لتشكيل الدرس وتحفزهم لمعالجتها بصورة ذاتية ومستقلة وتعامل مع المحتوى التعليمي باعتبار أن له قيمة ثانوية. لذلك أصبح الاهتمام في هذا المنهج بإكساب التلاميذ للمؤهلات المهنية التي ستعود عليهم بالنفع في حياتهم اللاحقة.
ولقد كان من سلبية منهج المادة إهماله لخصائص التلميذ ومتطلبات المجتمع ، فإن عدم مراعاة الفلسفة التربوية السائدة حينها لخصائص الإنسان وإهمالها لمتطلبات المجتمع ومتطلبات البناء المنطقي للعلوم وبالنتيجة إهمال دور المختص هي سلبيات لمنهج النشاط.ولذلك فإن أفكار ديوي كما يرى أيبلي (Aebli,H, 1987,S..322) لم تتحقق في الولايات المتحدة . وعجز منهج النشاط في تزويد التلاميذ بخبرات حية (lively ) وكذا بمعارف وقدرات راسخة. كما إن النظرة البرغماتية ، النفعية للدرس واعتبار إن وظيفته الرئيسة إكساب التلاميذ للمؤهلات المهنية والحياتية التي يحتاجونها في حياتهم اللاحقة قد أضعفت الإمكانيات التعليمية والتربوية لمحتوى الدرس ولم يحقق للتلاميذ اكتساب تعليم علمي عام ومتين يخدم تطورهم المتكامل وهو ما يمكن الاستدلال إليه من خلال المآخذ على منهج النشاط التي منها ما يلي:
· عدم مساعدة التلاميذ على إتقان المواد الدراسية ، مما يترك في ثقافتهم فجوات كبيرة تحول دون حصولهم على المبادئ العامة التي تنظم المعرفة تنظيماً منطقياً.
· توجيه الاهتمام إلى حاجة الطفل وإهمال التراث الثقافي الذي ينحدر إليه من الماضي، كذلك إهمال ما ينبغي للطفل أن يكون عليه في المستقبـل لمواجهة المشكـلات التي تنتـظره ( صالح ذياب وآخرون 1989 ص 279).
· حيث أن تصميم النشاط/ الخبرة ينطلق من حاجات التلاميذ واهتماماتهم فمن الممكن إهمال الأهداف الاجتماعية للتربية ، وبالتالي الخصائص الثقافية الواجب تعلمها من قبل كافة التلاميذ.
· إن منهج النشاط/ الخبرة لا يوفر ترابطاً بين عناصر المنهج أي الأهداف والمحتوى والخبرات التعليمية (يعقوب نشوان 1991 ص 302).
رابعاً : المنهج المتمركز على المجتمع ، المتعلم والعلوم:
إن التربية نمو شامل لجميع قوى الإنسان وملكاته نمواً طبيعياً وفى اتساق وانسجام كما وصفها بيستالوتزى ، وهى إعداد للحياة الكاملة ، كما يرى هربرت اسبنسر ، ووسيلة راقية ومهذبة لدعم العقيدة التي يؤمن بها شعب أو بلد وتغذيتها بالاقتناع الفكري القائم على الثقة والاعتزاز ، وتسليمها بالدلائل العلمية ، إذا احتيج لها على حد تعبير جون ديوى (عباس محجوب 1987 ص 1920) .
كما إن عدم رضاء المجتمع في عـدد من البلدان عن واقع حال النظام التربوي فيها عائـد إضافة إلى أشياء أخرى إلى وجود الفصل بين التعليم والتربية . فيتم التأكيد على جانب واحـد من جوانب تطوير شخصية التلميذ وهو الجانب المعرفي ؛ إثراؤه بالمعارف العلمية وتطوير قدراته ومهاراته وهو ما يعرف بالتعليم ، ويهمل الجانب التربوي ؛ تطوير قناعاته ومواقفه تجاه الكون والطبيعة والمجتمع، والتأثير في تشكيل قيمه الاجتماعية والثقافية ، وكذا التأثير في تشكيل سلوكه وطباعه بما ينسجم مع قيم ومعايير المجتمع . لذلك فإن التأكيد على وحدة التعليم والتربية هو تأكيد على ضرورة أن يترجم الدرس النظرة الشمولية لنما التلميذ الذي ينبغي أن نكرس جهودنا كلها من اجله .
لقد كان ينظر لتطوير مثل هـذه الخصائص في التلاميذ باعتبارها مهمة أو وظيفة للكنيسـة والمنزل وليس للمدرسة كما أوضح ذلك رولف تايلور ( 1964 ص 99 ) بدعوى تحرير التلاميذ وعدم إخضاعهم للضغوط والتأثيرات الدينية والسياسية. إلا أن السلبيات الكثيرة والاختلالات المتنوعة في سلوك النشئ قد جعل الكثيرين يتراجعون عن مواقفهم السابقة حولها والنظر إليها باعتبارها من الوظائف الأساسية للمدرسة . فطالب جالوب بول ( George, H.G. 1989 P.14 ) وجون نيسبت (John , Naisbitt , 1982, P . 56 ) من الولايات المتحـدة الأمريكية بضرورة أن تتحمل المدرسة مسئولية اكبر لتطوير السلوك الأخلاقي والقيمي للطلبة .
لذلك فانه من واجب مخطط المناهج دراسة المتطلبات العامة للمجتمع ، ومتطلبات المتعلم والعلوم والموازنة بينها وان يعملوا على ترجمتها في الأهداف والمحتوى والطرق والتقويم باعتبارها العناصر الرئيسة لتخطيط المنهج وعدم إهمالها لأي سبب كان.
وبهذا يساهم التعليم العام في تحقيق تعليم علمي عام وموحد لكافة التلاميذ ، والتأثير التربوي الفاعل في تطوير قناعاتهم ومواقفهم وسلوكهم وقيمهم الخ.
كما إن التطورات في العلوم والتكنولوجيا وما رافقها من انفجار معرفي وما طرأ بنتيجتها من تغيير في نوع وطبيعة المهن القائمة وظهور مهن جديدة وما أحدثه من تغيير في مجالات الحياة المختلفة قد ضاعف من مسئوليات المؤسسات التعليمية لمواكبة هذا التطور والتفاعل معه .
وبهذا الصدد أوضح جون نايسبت ( 1989, P.13-15) في كتابه( Megatrends) أن على المدرسة أن تحدث تغييراً جذرياً في برامجها من أجل إعداد طلبتها وتأهيلهم للحصول على فرص عمل ، وللتعاطى المرن مع متطلبات التطور العلمي والمهني في مختلف المجالات وان توفر للطلبة إمكانية التعليم المستمر وعدم المبالغة في التخصص ، وان تعمل على تطوير قدراتهم ، وبخاصة قدرات التفكير المنطقي وقدرات الاعتماد على الذات والثقة عند اتخاذ القرار .
لذلك بذلت محاولات كثيرة لتطوير نظرة جديدة للدرس تخدم التطور المتكامل للتلميذ عبرت عنها عدد من النظريات العلمية والتي من أهمها النظرية السلوكية التي استند إليها رولف تايلور (Tyler) وغيره في تطوير نموذج المنهج المعتمد على قياس النتائج بالإستناد إلى الأهداف السلوكية ، واعتبر أن التلميذ والمجتمع والعلوم ركائزه الأساسية ، وهي نظرة تقدمية عن مضمون الدرس إلا أن ترجمتها إلى واقع ملموس قد شابها نوع من القصور.
تتميز هذه المناهج بأنها لا تحدد أهداف ومحتوي التعليم فحسب وإنما تحدد مسبقاً أيضاً السياق الطرائقي وتستوجب قياس النتائج النهائية بدقة ، وهو ما يوضح استنادها إلى ما يعرف بأهداف التعلم الإجرائية (operational objectives ) أو ( process objectives ) وكذا الدرس المبرمج ( programmed instruction ) حيث تأتي الأهداف في المقام الأول وتلحق بها عناصر المنهج الأخرى.
ومن مميزاتها أيضاً يمكن ذكر ما يلي:
· توضع في مستوياتها المختلفة بصورة مركزية ولهذا فإنها تتميز بطابع رسمي.
· يقوم بتطويرها خبراء غير متجانسين - من دون أن يكون لذوي الصلة المباشرة بالعملية التدريسية ويعايشونها دور فاعل في تخطيطها.)
· تعتمد إجراءات تطويرها على تحديد النتائج ووضع معايير محددة لقياسها أي تطوير برنامج تعليمي متكامل لمادة تعليمية أو مجال تعليمي محدد يجب على المعلمين الالتزام به وعدم إدخال أية تعديلات عليه.
· ثبات استراتيجية التعليم والتعلم يثير تساؤلات عديدة حول إمكانية تحقيق التلاميذ لعدد من الأهداف كتطوير قدرات الاستقلال الذاتي ، قدرات اتخاذ القرار ، التفكير الناقد وغيرها ، كما تضعف النشاط الإبداعي للمعلم وتجعل منه منفذاً مطيعاً لخطة نشاطات موضوعة مسبقاً.
إن الميزة الغالبة في هذه المناهج هي تبعية وارتباط اختيار المحتوى وطرائق التدريس والتقويم بأهداف التعلم.
تعبر هذه الآراء حول ارتباط المحتوى وطرائق التدريس والتقويم بالأهداف دون الاهتمام بعلاقة التأثير المتبادل بينها وبين محتوى الدرس عن وجهة نظر أتباع النظرية السلوكية في تخطيط المناهج ، والذين يعتبرون بالإستناد إلى فكر عالم النفس السلوكي إسكنر ، إن أهداف التعـلـم (السلوكية) هي الأساس في تحـديد باقـي عناصـر المـنهـج ، ( المحتوى والطرائق والتقويم ) .
فمن أجل تطوير مهارة التفكير لدى التلاميذ فإنه ينبغي اختيار طرائق تدريس تتناسب مع هذا الهدف كطريقة حل المشكلات مثلا ، إلا انهم لم يوضحوا لنا هل يمكن تحديد الأهداف بمعزل عن المحتوى كما انهم لم يوضحوا لنا أيضا ما هي علاقة محتوى الدرس باختيار طرائق التدريس وما هي علاقة اختيار طرائق التدريس بتحديد الأهداف وعلاقة اختيار كل منهما بالظروف الذاتية والموضوعية المؤثرة في العملية التدريسية. كما انهم لم يوضحوا لنا إن كانت توجد علاقة تأثير متبادل بين أهداف الدرس ومحتواه وطرائق تدريسية والظروف المؤثرة فيه.
وبذلك فإنهم ، أي السلوكيين كما عبر عن ذلك هوبر (1977 ص 123) يقللون من مكانة المحتوى في عملية تخطيط المناهج. فيتعلم التلاميذ كما عبر عن ذلك اشتينهاوس (Stenhouse) (1971ص60) من قصيدة هاملت عدداً من المهارات وعدداً من المفردات وغيرها لكن لا يتعلمون مضمون القصيدة ذاتها. وقد افصح عن ذلك جون ديوي صراحة عندما أكد على الطابع الوظيفي والنفعي للمحتوى واعتبر إن ( له قيمة ثانوية . فالتعلم بالنسبة له يعني حل المشكلات من خلال التجارب كما أوضحنا ذلك مسبقاً)( فيلارس Willers) ،1965 ص35). واعتبر تسيمرمان ( Zimmermann ) (1977ص198) انه من غير اللائق الحديث عن طابع وظيفي للمحتوى وشكك في إمكانية هذا المحتوى في تحقيق أهداف تدريسية متنوعة .
كما طالب بيكمان ( Beckmann ) (1977ص309) بإلغاء تقديس أهداف التعلم السلوكية ، وتحدث هـ. ل. مايار (1980ص133) عن عبث التوجه نحو مثل هذه الأهداف).
وفي مقابل هذه النظرة للأهداف أوضح كلينجبيرج وشولتز (Schultz ) وكلافكي ومايار وناومان (مايار 1991ص93) ، وتابا (1977ص137) ، واشتينهاوس (1983ص56) وكثيرون غيرهم على وجود علاقة ارتباط متبادل بين أهداف الدرس ومحتواه وطرائق تدريسه وانه من الصعب تخطيط أي عنصر من هذه العناصر دون مراعاة علاقته بالعناصر الأخرى.
إن علاقة الأهداف بالمحتوى والطرائق والتقويم هي في الأصل علاقة بين النتيجة والوسيلة ، وان الفصل بينهما ( بين النتيجة والوسيلة ) كما عبر عن ذلك هوبر هو سبب عقم كثير من النقاشات حول المناهج ، كما اعتبرت هيلدا تابا (Taba) ( 1977 ص 120) أسلوب تطوير المنهج الذي يهتم بتحليل الأهداف والفلسفة ويهمل تنظيم المحتوى بأنه أسلوب لا ينتج عنه سوى تعليمات على الورق لا قيمة وتأثير مباشر لها في غرفة الدرس .
وتأسيساً على ما سبق عرضه يتضح إنه من غير الممكن تحديد واختيار أهداف الدرس بمعزل عن المحتوى والطرائق التي ينبغي أن تحققها كما انه من غير الممكن اختيار طرائق التدريس بمعزل عن أهداف الدرس ومحتواه و إنه من الصعوبة بمكان اختيار محتوى الدرس من دون أن نعرف الأهداف التي ينبغي أن يحققها ودون أن نعرف ما هي طرائق التدريس التي يمكنها تحقيق تفاعل المعلم والمتعلمين معه ومن اجل تحقيق الأهداف و أخيراً فان فاعلية هذه العناصر يتطلب أيضا مراعاة علاقتها بأساليب وإجراءات تقويمها.ولذلك فإن اتخاذ قراراً حول أحد هذه العناصر مرتبط باتخاذ قرار حول العناصر الأخرى.
وخوفاً من أن تتأثر حرية التربية بالقيود التي تفرضها المناهج النمطية ( اللائحية ) (المناهج المغلقة) تم بالاستناد إلى الخبرات الإنجليزية تطوير مناهج بديلة أكثر ارتباطاً بالواقع المدرسي وتفسح المجال واسعا للنشاطات الواعية للمعلمين والتلاميذ ، وصرفت النظر عن صياغة أهداف التعلم في صورة سلوك يمكن قياسه إضافة إلى اعتراضها على نوع التخطيط الذي يحدد مسبقاً التفاصيل الدقيقة لمجريات عمليتي التعليم والتعلم وهو ما جعل البعض يصفها بالمناهج المفتوحة.
فعلى عكس المناهج المغلقة تتميز المناهج المفتوحة بأن إجراءات تطويرها تتسم بالديناميكية و عدم ثبات استراتيجية التدريس فيها وبذلك توفر مجالاً لحرية الحركة وتنويع نشاطات التعليم والتعلم وفقاً لمستوى تطور التلاميذ وتوفر الإمكانيات المادية والفنية في المدرسة وبمراعاة الظروف المؤثرة في العملية التدريسية.
وبذلك فإنها تتعامل مع التلميذ كعنصر فاعل في عملية التعلم ويتمتع المعلم فيها بحق اتخاذ القرار بحسب الإمكانيات المتوفرة وبمراعاة المعطيات والظروف المؤسسية.
استخلاص :
الخميس مايو 09, 2013 10:32 pm من طرف قداري محمد
» استخدام طريقة العروض العملية في تدريس العلوم
الخميس أبريل 18, 2013 10:26 am من طرف قداري محمد
» Ten ways to improve Education
الخميس فبراير 21, 2013 8:44 am من طرف بشير.الحكيمي
» مقتطفات من تصميم وحدة الإحصاء في الرياضيات
الثلاثاء يناير 29, 2013 8:30 am من طرف بشير.الحكيمي
» تدريس مقرر تقنية المعلومات والاتصالات
الأربعاء يناير 02, 2013 7:49 am من طرف انور..الوحش
» تدريس مقرر تقنية المعلومات والاتصالات
الأربعاء ديسمبر 19, 2012 10:00 am من طرف محمدعبده العواضي
» الواجبات خلال الترم 5
السبت أكتوبر 06, 2012 11:12 pm من طرف بشرى الأغبري
» الواجبات خلال الترم4
السبت أكتوبر 06, 2012 11:11 pm من طرف بشرى الأغبري
» الواجبات خلال الترم3
السبت أكتوبر 06, 2012 11:10 pm من طرف بشرى الأغبري