تعليم الكيمياء.. نظرة تاريخية : من الكيمياء إلى المختبر الافتراضي
لفترة طويلة من تاريخ الكيمياء استمرت لعقود من الزمن كانت الكيمياء تعد صنعة حرفية أكثر من كونها تخصصًا علميًا منضبطًا واضح المعالم ولهذا لا عجب أن نعلم أن تعاليم صنعة الكيمياء (السيمياء قديمًا) كانت تتناقل من جيل إلى جيل بطريقة تقليدية مدارها الإرشاد والتوجيه الشفهي مثل أي حرفة تقليدية، أي أن الرجل الخبير(المعلم) في أي صناعة كيمائية يدرب ويعلم المريدين والشباب (الصبي) على طريقة تحضير ومزج خلطات المواد لتحضير منتجات صناعية.
وبمعنى أكثر وضوحًا تشير الدراسات المتخصصة في تاريخ علم الكيمياء إلى أنه حتى بداية القرن التاسع عشر الميلادي لم يكن تخصص الكيمياء يدرس بصورة مستقلة في أي جامعة من جامعات العالم وإنما كان يتم تدريس الكيمياء في بعض الجامعات بشكل مختصر وكمادة تكميلية complementary وكعلم خدمي يدرس لطلبة كليات الطب والصيدلة وذلك كجزء من المنهج المخصص للحصول على الشهادة الجامعية في الطب. ولهذا كان عدد العلماء المتخصصين في علم الكيمياء في بداية القرن التاسع عشر محدودًا، بينما كان عدد كراسي علم الكيمياء في الجامعات الأوروبية لا يبلغ عدد أصابع اليد الواحدة. ومن نافلة القول أن نشير إلى أن محترفي علم الكيمياء لم يكن لهم وجاهه علمية أو مالية في تلك الفترة. وبهذا نجد أن صنعة وعلم الكيمياء وعلى العكس من علوم الطب والصيدلة والعمارة والمحاماة لم تكن توفر حياة مهنية رغيدة. وبسبب ضعف العائد المادي من علم الكيمياء وعدم وضوح أهميتها كمهنة ووظيفة نجد العديد من مشاهير علم الكيمياء يواجهون ضغوطًا واحتجاجًا من آبائهم وعائلاتهم لمنعهم ومحاولة ثنيهم من دراسة علم الكيمياء وهو ما حصل مع الكيميائي الألماني فريدريك كيوكيله مكتشف تركيب جزيء البنزين، والكيميائي البريطاني وليم بيركن مطلق عصر الصناعات الكيميائية العضوية والكيميائي الأمريكي الأسطورة ليونس بولينغ أهم كيميائي على الإطلاق في القرن العشرين والكيميائي الفرنسي جوزيف بروست صاحب مبدأ النسب المتضاعفة في تركيب المركبات الكيميائية، وكذلك الكيميائي الألماني فانت هوف أول كيميائي يحصل على جائزة نوبل في الكيمياء، والكيميائي الأمريكي والاس كاروثيرس مخترع النايلون.
بدايات التعليم الجامعي لعلم الكيمياء
في شهر أكتوبر من عام 2009 اجتمع حوالي 800 عالم من علماء الكيمياء في مدينة ماربوغ Marburg الألمانية ليحتفلوا بمرور 400 سنة على ظهور الكيمياء كعلم أكاديمي وذلك عندما أصبح الكيميائي الألماني جوهانس هارتمان Johannes Hartmann قبل 400 سنة أول كيميائي في التاريخ يحمل لقب أستاذ professor في علم الكيمياء وطبعًا هذا حصل في جامعة ماربورغ الألمانية. وبالرغم من القدم النسبي لهذه الحادثة الكيميائية المميزة إلا أن انتشار النظرة والتعامل مع تخصص الكيمياء بفرع علمي أكاديمي يدرس في الجامعات بشكل واسع احتاج لوقت طويل من الزمن. كما سبق ذكره لم يكن للكيمياء في بداية القرن التاسع عشر كيان أكاديمي واضح ومستقل، كما أنها لم يكن لها أهمية اقتصادية ومهنية واجتماعية معتبرة ولكن هذا الأمر سرعان ما سوف يتغير بعد منتصف القرن التاسع عشر عندما أصبح لعلم الكيمياء كيان ومكانة واضحة مما جعل أغلب الجامعات الأوروبية الكبرى تحرص على تدريس علم الكيمياء وإنشاء الكراسي العلمية المستقلة لها. وليس هذا وحسب بل بدأت العديد من الجمعيات والاتحادات الكيميائية بالظهور في بعض الدول الأوروبية. ونتيجة كذلك للدراسات والأبحاث الكيميائية المنتجة من هذه الجامعات بدأت في الظهور والانتشار العديد من المجلات الكيميائية المتخصصة التي تلاها انعقاد المؤتمرات واللقاءات الكيميائية المتتالية.
وبالرغم من أن أهم علماء الكيمياء البريطانيين في التاريخ ظهروا تقريبًا في بداية القرن التاسع عشر مثل جوزيف بريستلي (مكتشف عنصر الأكسوجين) وهمفري دافي (مكتشف عدد من العناصر أهمها عنصر الصوديوم) وجون دالتون صاحب النظرية الذرية ومايكل فارداي إلا أنهم جميعًا أجروا تجاربهم الكيميائية في مختبرات تقليدية غير جامعية ولم تشهد مختبرات الجامعات البريطانية في تلك الفترة أي اكتشاف علمي بارز. لكن هذا الأمر سرعان ما يتغير ففي حين أن الجامعات البريطانية العريقة مثل جامعة أكسفورد وكامبريدج وأدنبره لم تعتني كثيرًا بعلم الكيمياء نجد أن جامعة لندن التي أنشأت عام 1820 تهتم بصورة أكثر بتدريس علم الكيمياء كعلم مستقل وغير مرتبط تمامًا بمنهج الكليات الطبية. لكن الخطوة الحقيقة والتاريخية في تعليم علم الكيمياء في بريطانيا تمت عام 1845 عندما أنشأ في مدينة لندن الكلية الملكية للكيمياء Royal College of Chemistry والتي في الواقع كانت فكرتها العلمية مقلدة من معهد مشابه قد سبق إنشاؤه قبل ذلك بسنوات في ألمانيا بل إن أول مدير لهذه الكلية الكيميائية البريطانية كان عالمًا وكيميائيًا ألمانيًا يدعى أوقست هوفمان الذي كان له دور تاريخي في الكيمياء البريطانية ليس فقط في تعليم الكيمياء ولكن في إنشاء صناعة الأصباغ الكيميائية البريطانية. ولعل من المناسب الإشارة السريعة إلى أن من أسباب استجلاب وتقليد التجربة الألمانية في تعليم العلوم أن الأمير ألبرت (زوج الملكة فكتوريا) كان من أصول ألمانية وكان ذا اهتمام بالغ بتطور العلوم والفنون ولهذا حرص على تطوير بريطانيا وفق التجربة الألمانية.
بينما كان الإنجليز يهتمون بتدريس الكيمياء وفق أصول منضبطة نجد جيرانهم الفرنسيين يحرصون بدورهم على تحسين مكانة علم الكيمياء في الجامعات الفرنسية وخصوصًا تلك الموجودة في مدينة باريس. فبعد الثورة الفرنسية تم تأسيس واحدة من أهم المعاهد العلمية في فرنسا وهي المدرسة متعددة العلوم Ecole Polytechnique والتي انضم لأعضاء هيئة التدريس فيها في منتصف القرن التاسع عشر واحد من أهم علماء الكيمياء الفرنسيين وهو جاي لوساك ومن بعده تلميذه الشهير جين دوماس وبحكم طبيعة هذه المدرسة واهتمامها بالتدريس والتعليم أكثر من إجراء التجارب والاكتشافات العلمية وكذلك نتيجة لتمكنها من استقطاب أبرز علماء الكيمياء في تلك الفترة، نتيجة لذلك كله حصل تحسن بشكل كبير في تعليم الكيمياء في فرنسا في بداية القرن التاسع عشر وهذا ما ضمن أن تكون فرنسا هي أهم وأقوى دولة أوروبية في تلك الفترة في مجال الصناعات الكيميائية.
وكما سبق الإشارة إليه قبل قليل فإن الكلية الملكية للكيمياء التي أنشأت في لندن كانت على نسق تجربة تعليمية سابقة لها أقيمت في ألمانيا ولعل أشهرها وأكثرها أهمية في تاريخ الكيمياء هي تلك التي تمت لعلم الكيمياء بجامعة جيسن الألمانية وهي في الأصل جامعة صغيرة ومجهولة لكنها اكتسبت سمعة عالمية فريدة بفضل المجموعة البحثية للكيميائي الألماني جوستوس ليبيج (الذي كان أحد تلاميذ جاي لوساك). ففي الثلاثينيات من القرن التاسع عشر استطاع ليبيج أن يكون له اسمًا علميًا مرموقًا وأن يستقطب لهذه الجامعة الألمانية المجهولة عددًا كبيرًا من الطلاب والباحثين الشبان من كل أصقاع المعمورة. وما كان يميز طريقة ليبيج في التدريس أنه كان يهتم كثيرًا بتعليم طلابه المعلومات الأساسية في الكيمياء العضوية والكيمياء التحليلية ويتبع ذلك بتدريب متعمق لطلبته في المختبر بحيث يكتسبون المهارة النظرية والتطبيقية في نفس الوقت. وبالإضافة لذلك ابتدع ليبيج طريقة التعليم من خلال تشكيل حلقات النقاش وتوزيع الطلاب على شكل مجاميع للعمل المشترك والتعاوني في إجراء التجارب المعملية بطريقة أشبه ما تكون بأسلوب تكوين فريق العمل الذي يعرف في وقتنا الحالي. الجدير بالذكر أن أثر ليبيج في تطور تعليم علم الكيمياء لم يكن قاصرًا على الدراسات والأبحاث الكيميائية التي كان ينتجها مع طلابه لكن أثره في تطور علم الكيمياء يرجع بدرجة كبيرة إلى أنه في الواقع قد درس وعلم ما يقارب الثمانمئة من طلاب الدراسات العليا (ولهذا كان مختبره يوصف بأنه مصنع لإنتاج البروفسورات حيث بلغ عددهم حوالي 65 أستاذًا جامعيًا ليس هذا وحسب، بل إن بعض هؤلاء التلاميذ قد حصلوا على جوائز نوبل). يضاف لذلك أن تلاميذ جوستاس ليبيج كانوا من جميع التخصصات العلمية ومن أغلب البلدان الغربية ولهذا فإن أثر لبيبغ كان واضحًا في تقدم علوم الصيدلة والزراعة والطب، بل حتى علم وظائف الأعضاء وعلوم الحياة. ولهذا لا غرابة أن نجد المؤلف الأمريكي جون سيمونز يقوم في كتابة (العلماء المائة الأوائل The Scientific 100) بوضع الكيميائي الألماني ليبيج في المرتبة رقم 36 لأكثر العلماء تأثيرًا في تقدم العلوم في كل العصور ولم يسبقه من الكيميائيين إلا الكيميائي الفرنسي لافوازيه في المرتبة الثامنة والكيميائي الأمريكي ليونس بولينغ في المرتبة السادسة عشرة.
من جانب آخر كان أحد أعز أصدقاء الكيميائي ليبيج الكيميائي الألماني الشهير فريدريك فوهلر محطم نظرية القوة الحيوية vital force التي كان يعتقد بأنها لازمة للإنتاج المركبات العضوية حيث كان أول كيميائي في التاريخ ينتج مركبًا عضويًا في المختبر وهو مادة اليوريا. الجدير بالذكر أن فوهلر كان معلمًا من الطراز الأول وكان هو الآخر له أثر كبير على تعليم الكيمياء ويكفي أن نشير إلى أن موسوعة وبستر العالمية تقول إن فوهلر ربما درس ما يقارب من الثمانية آلاف طالب في علم الكيمياء. وفي نفس هذه الفترة الزمنية تقريبًا نجد الكيميائي الفرنسي الكبير هنري لوشاتيلية صاحب مبدأ الاتزان الكيميائي الشهير كان له إسهام ملحوظ في الإصلاح التعليمي لعلم الكيمياء في فرنسا حيث كتب و حاضر بشكل كثيف في هذا الموضوع. ولهذا ظهر أثر لوشاتيلية التربوي و العلمي على مئات الطلبة (أشرف على حوالي مئة طالب دراسات عليا كان أكثر من ربعهم من طلبة الدكتوراه) عندما كان يعمل كأستاذ في جامعة السربون العريقة حيث كان لأسلوب تعليمه وإشرافه بصمة تاريخية في التعليم الجامعي. والغريب في أمره أنه من ذلك الزمن كان يشكو كما نشكو نحن حاليًا من أن طلاب الجامعة في زمانه أصبحوا أقل انضباط في الحرص على العلم كما إن لوشاتيلية أصبح يتحسر على تناقص الجدية في التعليم لدى الطلبة فيما يقابل ذلك زيادة رغبة الطلاب في اللهو واللعب بل حتى شيوع الإباحية في الجامعات الحديثة في وقته.
تعليم الكيمياء في بدايات القرن العشرين
إذا كانت بدايات طرق التعليم المنضبطة لتخصص الكيمياء بدأت في منتصف القرن التاسع عشر في بعض البلدان الأوروبية مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا فإننا نجد في بدايات القرن العشرين أن الولايات المتحدة هي التي سوف تصبح من أهم الأماكن في العالم المهتمة بتحديث وتطوير نظريات التعليم خصوصًا بوجود شخصيات فائقة التأثير في هذا المجال مثل التربوي الأمريكي الشهير جون ديوي الذي كثيرًا ما يوصف بأبي التعليم الحديث. من الناحية التاريخية نجد أن الإضافة الكبيرة في تعليم الكيمياء حصلت قبل سنوات قليلة من بزوغ القرن العشرين عندما أصبح اهتمام علماء الكيمياء ليس بتحسين وإصلاح تعليم الكيمياء في المعاهد الجامعية فقط وإنما والأهم من ذلك البدء بالاهتمام بتطوير تعليم الكيمياء لطلاب المرحلة الثانوية. ولهذا نجد أن الجمعية الكيميائية الأمريكية تقوم عام 1895 بعقد مؤتمر خاص يناقش أهمية تدريس الكيمياء عن طريق إجراء التجارب الكيميائية (منهج التعليم عن طريق التجريب و العمل) بدلًا من أسلوب الحفظ التقليدي. كما ناقش المؤتمر ضرورة أن يكون المعلمون أنفسهم مؤهلين ككيميائيين وعلى درجة جيدة من الخبرة الكيميائية. كما نجد أن الجمعية الكيميائية الأمريكية كان لها دور أكثر أهمية في قيادة الريادة في تعليم الكيمياء عندما أنشأت عام 1920 شعبة تعليم الكيمياء بالجمعية ثم أصدرت عام 1925 مجلة تعليم الكيمياء تلك المجلة المتخصصة التي كان لها دور حقيقي في تطوير الكيمياء في بدايات القرن العشرين حيث بدأت المدارس الثانوية بتعليم المناهج الكيميائية عبر التخصصات الدقيقة المعروفة اليوم من الكيمياء العضوية وغير العضوية والفيزيائية مع تركيز كبير لتعليم التحليل الكيميائي في المختبر.
على كل حال نجد أنه خلال الفترة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية استمرت عملية تدريس الكيمياء بالتطور والتقدم التدريجي لكن القفزة التاريخية التالية في تعليم الكيمياء حدثت في نهاية سنوات الخمسينيات من القرن العشرين أي قبل حوالي خمسين سنة من الآن. والسبب في ذلك هو شعور المجتمعات والحكومات الغربية بالصدمة والخطر الكبير عندما استطاع الاتحاد السوفيتي أن يطلق عام 1957 أول قمر صناعي سماه سبوتنك وهنا شعرت الحكومة الأمريكية وحلفاؤها الغربيون بأنهم متأخرون ومتخلفون كثيرًا في مجال العلوم ولهذا لا بد من تطوير وإصلاح التعليم العام والجامعي وبذلك بدء عشرات الجهات الحكومية بتقييم مستوى التعليم الأمريكي ومن ثم نشر التقرير الشهير (أمة في خطر) والذي شارك في كتابته بعض الكيميائيين يحذر هذا التقرير ويشخص كذلك أسباب ضعف التعليم العام الأمريكي وكيفية إصلاحه وتطويره. ومن هنا بدأت العديد من المؤسسات الحكومية الرسمية والجهات العلمية المساندة مثل الجمعية الكيميائية الأمريكية بطرح بعض المشاريع والبرامج التعليمية التي تهدف لإصلاح وتطوير وتعديل تعليم الكيمياء في المدارس الأمريكية. وقد ظهر أول مشروع في عام 1959 وحمل اسم مشروع (الرابطة الكيميائية Chemical Bond) الذي تكون من إعادة تصميم وترتيب وطرح المواضيع الكيميائية كما صاحب هذا المشروع إنتاج كتاب تعليمي خاص لعلم الكيمياء يحمل اسم الأنظمة الكيميائية وكذلك تم تطوير كتاب خاص بالتجارب الكيميائية في المختبر، بالإضافة لإيجاد بعض الوسائل التعليمية المساندة. وفي نفس ذلك العام أي عام 1959 بدأت الجمعية الكيميائية الأمريكية بطرح مشروع بديل يعتبر من أهم البرامج المصممة لتطوير أسلوب تعليم الكيمياء وقد كان هذا البرنامج يحمل اسم (تعليم الكيمياء CHEM Study) وقد تولي رئاسة هذا البرنامج الكيميائي الأمريكي جلن سيبورغ الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء كما ساهم في إدارة هذا البرنامج الكيميائي الأمريكي جورج بايمنتال الذي يعتبر اليوم أبو تعليم الكيمياء الحديثة. لقد كان محور برنامج تعليم الكيمياء CHEM Study قائم على طريقة تلقي طالب الثانوية للمعلومات الكيميائية عن طريق جعل الطالب يقوم بإجراء التجارب الكيميائية ومن ثم يقوم الطالب بتسجيل ما يرصده ويراقبه أثناء عملية القياس والتجريب وأخيرًا يتوصل الطالب إلى تحليل واستخلاص الأحكام النهائية بنفسه (تجربة – رصد – خلاصة). وبطبيعة الحال راعى كثيرًا هذا البرنامج تقوية وتطعيم مناهج علم الكيمياء بالمعلومات الرياضية والفيزيائية المهمة في فهم وتفسير الظواهر الكيميائية وبعد ذلك وخصوصًا في فترة الثمانينيات وعند انتشار أجهزة الحاسب الآلي تم إنتاج وتحوير المناهج الكيميائية على شكل برمجيات كمبيوترية تهدف لتطوير تعليم الكيمياء. وتجدر الإشارة إلى أنه تم استخدام كلا البرنامجين (الرابطة الكيميائية وتعليم الكيمياء) وخصوصًا تعليم الكيمياء في أغلب بلدان العالم يعد تعديلات وتغيرات طفيفة بل يقال إنه حتى الاتحاد السوفيتي نفسه قام في عام 1968 باستخدام برنامج تعليم الكيمياء السابق الذكر في تحسين تعليم الكيمياء الروسية وذلك طبعًا بعد إجراء بعض التحوير والتغيير للبرنامج الأصلي.
وفي الختام لا بد من الإشارة أنه وبلا أدنى شك قد حصل لطريقة تعليم الكيمياء خلال العقود القليلة الماضية الكثير من التعديل والتغيير وخصوصًا بعد انتشار أجهزة الحاسب الآلي وظهور مئات البرمجيات الخاصة بتعليم الكيمياء واختراع فكرة المختبر الافتراضي virtual lab والمختبر الذكي smart lab ودخول شبكة الانترنت لأغلب المدارس وكذلك تطور التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد ولكن بحكم أن أغلب هذه الأشياء قريبة العهد بنا فلعله من المناسب جعل القارئ العزيز هو من يحاول التعرف على واقع التغيير في أسلوب تعليم الكيمياء في زمننا المعاصر.
لفترة طويلة من تاريخ الكيمياء استمرت لعقود من الزمن كانت الكيمياء تعد صنعة حرفية أكثر من كونها تخصصًا علميًا منضبطًا واضح المعالم ولهذا لا عجب أن نعلم أن تعاليم صنعة الكيمياء (السيمياء قديمًا) كانت تتناقل من جيل إلى جيل بطريقة تقليدية مدارها الإرشاد والتوجيه الشفهي مثل أي حرفة تقليدية، أي أن الرجل الخبير(المعلم) في أي صناعة كيمائية يدرب ويعلم المريدين والشباب (الصبي) على طريقة تحضير ومزج خلطات المواد لتحضير منتجات صناعية.
وبمعنى أكثر وضوحًا تشير الدراسات المتخصصة في تاريخ علم الكيمياء إلى أنه حتى بداية القرن التاسع عشر الميلادي لم يكن تخصص الكيمياء يدرس بصورة مستقلة في أي جامعة من جامعات العالم وإنما كان يتم تدريس الكيمياء في بعض الجامعات بشكل مختصر وكمادة تكميلية complementary وكعلم خدمي يدرس لطلبة كليات الطب والصيدلة وذلك كجزء من المنهج المخصص للحصول على الشهادة الجامعية في الطب. ولهذا كان عدد العلماء المتخصصين في علم الكيمياء في بداية القرن التاسع عشر محدودًا، بينما كان عدد كراسي علم الكيمياء في الجامعات الأوروبية لا يبلغ عدد أصابع اليد الواحدة. ومن نافلة القول أن نشير إلى أن محترفي علم الكيمياء لم يكن لهم وجاهه علمية أو مالية في تلك الفترة. وبهذا نجد أن صنعة وعلم الكيمياء وعلى العكس من علوم الطب والصيدلة والعمارة والمحاماة لم تكن توفر حياة مهنية رغيدة. وبسبب ضعف العائد المادي من علم الكيمياء وعدم وضوح أهميتها كمهنة ووظيفة نجد العديد من مشاهير علم الكيمياء يواجهون ضغوطًا واحتجاجًا من آبائهم وعائلاتهم لمنعهم ومحاولة ثنيهم من دراسة علم الكيمياء وهو ما حصل مع الكيميائي الألماني فريدريك كيوكيله مكتشف تركيب جزيء البنزين، والكيميائي البريطاني وليم بيركن مطلق عصر الصناعات الكيميائية العضوية والكيميائي الأمريكي الأسطورة ليونس بولينغ أهم كيميائي على الإطلاق في القرن العشرين والكيميائي الفرنسي جوزيف بروست صاحب مبدأ النسب المتضاعفة في تركيب المركبات الكيميائية، وكذلك الكيميائي الألماني فانت هوف أول كيميائي يحصل على جائزة نوبل في الكيمياء، والكيميائي الأمريكي والاس كاروثيرس مخترع النايلون.
بدايات التعليم الجامعي لعلم الكيمياء
في شهر أكتوبر من عام 2009 اجتمع حوالي 800 عالم من علماء الكيمياء في مدينة ماربوغ Marburg الألمانية ليحتفلوا بمرور 400 سنة على ظهور الكيمياء كعلم أكاديمي وذلك عندما أصبح الكيميائي الألماني جوهانس هارتمان Johannes Hartmann قبل 400 سنة أول كيميائي في التاريخ يحمل لقب أستاذ professor في علم الكيمياء وطبعًا هذا حصل في جامعة ماربورغ الألمانية. وبالرغم من القدم النسبي لهذه الحادثة الكيميائية المميزة إلا أن انتشار النظرة والتعامل مع تخصص الكيمياء بفرع علمي أكاديمي يدرس في الجامعات بشكل واسع احتاج لوقت طويل من الزمن. كما سبق ذكره لم يكن للكيمياء في بداية القرن التاسع عشر كيان أكاديمي واضح ومستقل، كما أنها لم يكن لها أهمية اقتصادية ومهنية واجتماعية معتبرة ولكن هذا الأمر سرعان ما سوف يتغير بعد منتصف القرن التاسع عشر عندما أصبح لعلم الكيمياء كيان ومكانة واضحة مما جعل أغلب الجامعات الأوروبية الكبرى تحرص على تدريس علم الكيمياء وإنشاء الكراسي العلمية المستقلة لها. وليس هذا وحسب بل بدأت العديد من الجمعيات والاتحادات الكيميائية بالظهور في بعض الدول الأوروبية. ونتيجة كذلك للدراسات والأبحاث الكيميائية المنتجة من هذه الجامعات بدأت في الظهور والانتشار العديد من المجلات الكيميائية المتخصصة التي تلاها انعقاد المؤتمرات واللقاءات الكيميائية المتتالية.
وبالرغم من أن أهم علماء الكيمياء البريطانيين في التاريخ ظهروا تقريبًا في بداية القرن التاسع عشر مثل جوزيف بريستلي (مكتشف عنصر الأكسوجين) وهمفري دافي (مكتشف عدد من العناصر أهمها عنصر الصوديوم) وجون دالتون صاحب النظرية الذرية ومايكل فارداي إلا أنهم جميعًا أجروا تجاربهم الكيميائية في مختبرات تقليدية غير جامعية ولم تشهد مختبرات الجامعات البريطانية في تلك الفترة أي اكتشاف علمي بارز. لكن هذا الأمر سرعان ما يتغير ففي حين أن الجامعات البريطانية العريقة مثل جامعة أكسفورد وكامبريدج وأدنبره لم تعتني كثيرًا بعلم الكيمياء نجد أن جامعة لندن التي أنشأت عام 1820 تهتم بصورة أكثر بتدريس علم الكيمياء كعلم مستقل وغير مرتبط تمامًا بمنهج الكليات الطبية. لكن الخطوة الحقيقة والتاريخية في تعليم علم الكيمياء في بريطانيا تمت عام 1845 عندما أنشأ في مدينة لندن الكلية الملكية للكيمياء Royal College of Chemistry والتي في الواقع كانت فكرتها العلمية مقلدة من معهد مشابه قد سبق إنشاؤه قبل ذلك بسنوات في ألمانيا بل إن أول مدير لهذه الكلية الكيميائية البريطانية كان عالمًا وكيميائيًا ألمانيًا يدعى أوقست هوفمان الذي كان له دور تاريخي في الكيمياء البريطانية ليس فقط في تعليم الكيمياء ولكن في إنشاء صناعة الأصباغ الكيميائية البريطانية. ولعل من المناسب الإشارة السريعة إلى أن من أسباب استجلاب وتقليد التجربة الألمانية في تعليم العلوم أن الأمير ألبرت (زوج الملكة فكتوريا) كان من أصول ألمانية وكان ذا اهتمام بالغ بتطور العلوم والفنون ولهذا حرص على تطوير بريطانيا وفق التجربة الألمانية.
بينما كان الإنجليز يهتمون بتدريس الكيمياء وفق أصول منضبطة نجد جيرانهم الفرنسيين يحرصون بدورهم على تحسين مكانة علم الكيمياء في الجامعات الفرنسية وخصوصًا تلك الموجودة في مدينة باريس. فبعد الثورة الفرنسية تم تأسيس واحدة من أهم المعاهد العلمية في فرنسا وهي المدرسة متعددة العلوم Ecole Polytechnique والتي انضم لأعضاء هيئة التدريس فيها في منتصف القرن التاسع عشر واحد من أهم علماء الكيمياء الفرنسيين وهو جاي لوساك ومن بعده تلميذه الشهير جين دوماس وبحكم طبيعة هذه المدرسة واهتمامها بالتدريس والتعليم أكثر من إجراء التجارب والاكتشافات العلمية وكذلك نتيجة لتمكنها من استقطاب أبرز علماء الكيمياء في تلك الفترة، نتيجة لذلك كله حصل تحسن بشكل كبير في تعليم الكيمياء في فرنسا في بداية القرن التاسع عشر وهذا ما ضمن أن تكون فرنسا هي أهم وأقوى دولة أوروبية في تلك الفترة في مجال الصناعات الكيميائية.
وكما سبق الإشارة إليه قبل قليل فإن الكلية الملكية للكيمياء التي أنشأت في لندن كانت على نسق تجربة تعليمية سابقة لها أقيمت في ألمانيا ولعل أشهرها وأكثرها أهمية في تاريخ الكيمياء هي تلك التي تمت لعلم الكيمياء بجامعة جيسن الألمانية وهي في الأصل جامعة صغيرة ومجهولة لكنها اكتسبت سمعة عالمية فريدة بفضل المجموعة البحثية للكيميائي الألماني جوستوس ليبيج (الذي كان أحد تلاميذ جاي لوساك). ففي الثلاثينيات من القرن التاسع عشر استطاع ليبيج أن يكون له اسمًا علميًا مرموقًا وأن يستقطب لهذه الجامعة الألمانية المجهولة عددًا كبيرًا من الطلاب والباحثين الشبان من كل أصقاع المعمورة. وما كان يميز طريقة ليبيج في التدريس أنه كان يهتم كثيرًا بتعليم طلابه المعلومات الأساسية في الكيمياء العضوية والكيمياء التحليلية ويتبع ذلك بتدريب متعمق لطلبته في المختبر بحيث يكتسبون المهارة النظرية والتطبيقية في نفس الوقت. وبالإضافة لذلك ابتدع ليبيج طريقة التعليم من خلال تشكيل حلقات النقاش وتوزيع الطلاب على شكل مجاميع للعمل المشترك والتعاوني في إجراء التجارب المعملية بطريقة أشبه ما تكون بأسلوب تكوين فريق العمل الذي يعرف في وقتنا الحالي. الجدير بالذكر أن أثر ليبيج في تطور تعليم علم الكيمياء لم يكن قاصرًا على الدراسات والأبحاث الكيميائية التي كان ينتجها مع طلابه لكن أثره في تطور علم الكيمياء يرجع بدرجة كبيرة إلى أنه في الواقع قد درس وعلم ما يقارب الثمانمئة من طلاب الدراسات العليا (ولهذا كان مختبره يوصف بأنه مصنع لإنتاج البروفسورات حيث بلغ عددهم حوالي 65 أستاذًا جامعيًا ليس هذا وحسب، بل إن بعض هؤلاء التلاميذ قد حصلوا على جوائز نوبل). يضاف لذلك أن تلاميذ جوستاس ليبيج كانوا من جميع التخصصات العلمية ومن أغلب البلدان الغربية ولهذا فإن أثر لبيبغ كان واضحًا في تقدم علوم الصيدلة والزراعة والطب، بل حتى علم وظائف الأعضاء وعلوم الحياة. ولهذا لا غرابة أن نجد المؤلف الأمريكي جون سيمونز يقوم في كتابة (العلماء المائة الأوائل The Scientific 100) بوضع الكيميائي الألماني ليبيج في المرتبة رقم 36 لأكثر العلماء تأثيرًا في تقدم العلوم في كل العصور ولم يسبقه من الكيميائيين إلا الكيميائي الفرنسي لافوازيه في المرتبة الثامنة والكيميائي الأمريكي ليونس بولينغ في المرتبة السادسة عشرة.
من جانب آخر كان أحد أعز أصدقاء الكيميائي ليبيج الكيميائي الألماني الشهير فريدريك فوهلر محطم نظرية القوة الحيوية vital force التي كان يعتقد بأنها لازمة للإنتاج المركبات العضوية حيث كان أول كيميائي في التاريخ ينتج مركبًا عضويًا في المختبر وهو مادة اليوريا. الجدير بالذكر أن فوهلر كان معلمًا من الطراز الأول وكان هو الآخر له أثر كبير على تعليم الكيمياء ويكفي أن نشير إلى أن موسوعة وبستر العالمية تقول إن فوهلر ربما درس ما يقارب من الثمانية آلاف طالب في علم الكيمياء. وفي نفس هذه الفترة الزمنية تقريبًا نجد الكيميائي الفرنسي الكبير هنري لوشاتيلية صاحب مبدأ الاتزان الكيميائي الشهير كان له إسهام ملحوظ في الإصلاح التعليمي لعلم الكيمياء في فرنسا حيث كتب و حاضر بشكل كثيف في هذا الموضوع. ولهذا ظهر أثر لوشاتيلية التربوي و العلمي على مئات الطلبة (أشرف على حوالي مئة طالب دراسات عليا كان أكثر من ربعهم من طلبة الدكتوراه) عندما كان يعمل كأستاذ في جامعة السربون العريقة حيث كان لأسلوب تعليمه وإشرافه بصمة تاريخية في التعليم الجامعي. والغريب في أمره أنه من ذلك الزمن كان يشكو كما نشكو نحن حاليًا من أن طلاب الجامعة في زمانه أصبحوا أقل انضباط في الحرص على العلم كما إن لوشاتيلية أصبح يتحسر على تناقص الجدية في التعليم لدى الطلبة فيما يقابل ذلك زيادة رغبة الطلاب في اللهو واللعب بل حتى شيوع الإباحية في الجامعات الحديثة في وقته.
تعليم الكيمياء في بدايات القرن العشرين
إذا كانت بدايات طرق التعليم المنضبطة لتخصص الكيمياء بدأت في منتصف القرن التاسع عشر في بعض البلدان الأوروبية مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا فإننا نجد في بدايات القرن العشرين أن الولايات المتحدة هي التي سوف تصبح من أهم الأماكن في العالم المهتمة بتحديث وتطوير نظريات التعليم خصوصًا بوجود شخصيات فائقة التأثير في هذا المجال مثل التربوي الأمريكي الشهير جون ديوي الذي كثيرًا ما يوصف بأبي التعليم الحديث. من الناحية التاريخية نجد أن الإضافة الكبيرة في تعليم الكيمياء حصلت قبل سنوات قليلة من بزوغ القرن العشرين عندما أصبح اهتمام علماء الكيمياء ليس بتحسين وإصلاح تعليم الكيمياء في المعاهد الجامعية فقط وإنما والأهم من ذلك البدء بالاهتمام بتطوير تعليم الكيمياء لطلاب المرحلة الثانوية. ولهذا نجد أن الجمعية الكيميائية الأمريكية تقوم عام 1895 بعقد مؤتمر خاص يناقش أهمية تدريس الكيمياء عن طريق إجراء التجارب الكيميائية (منهج التعليم عن طريق التجريب و العمل) بدلًا من أسلوب الحفظ التقليدي. كما ناقش المؤتمر ضرورة أن يكون المعلمون أنفسهم مؤهلين ككيميائيين وعلى درجة جيدة من الخبرة الكيميائية. كما نجد أن الجمعية الكيميائية الأمريكية كان لها دور أكثر أهمية في قيادة الريادة في تعليم الكيمياء عندما أنشأت عام 1920 شعبة تعليم الكيمياء بالجمعية ثم أصدرت عام 1925 مجلة تعليم الكيمياء تلك المجلة المتخصصة التي كان لها دور حقيقي في تطوير الكيمياء في بدايات القرن العشرين حيث بدأت المدارس الثانوية بتعليم المناهج الكيميائية عبر التخصصات الدقيقة المعروفة اليوم من الكيمياء العضوية وغير العضوية والفيزيائية مع تركيز كبير لتعليم التحليل الكيميائي في المختبر.
على كل حال نجد أنه خلال الفترة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية استمرت عملية تدريس الكيمياء بالتطور والتقدم التدريجي لكن القفزة التاريخية التالية في تعليم الكيمياء حدثت في نهاية سنوات الخمسينيات من القرن العشرين أي قبل حوالي خمسين سنة من الآن. والسبب في ذلك هو شعور المجتمعات والحكومات الغربية بالصدمة والخطر الكبير عندما استطاع الاتحاد السوفيتي أن يطلق عام 1957 أول قمر صناعي سماه سبوتنك وهنا شعرت الحكومة الأمريكية وحلفاؤها الغربيون بأنهم متأخرون ومتخلفون كثيرًا في مجال العلوم ولهذا لا بد من تطوير وإصلاح التعليم العام والجامعي وبذلك بدء عشرات الجهات الحكومية بتقييم مستوى التعليم الأمريكي ومن ثم نشر التقرير الشهير (أمة في خطر) والذي شارك في كتابته بعض الكيميائيين يحذر هذا التقرير ويشخص كذلك أسباب ضعف التعليم العام الأمريكي وكيفية إصلاحه وتطويره. ومن هنا بدأت العديد من المؤسسات الحكومية الرسمية والجهات العلمية المساندة مثل الجمعية الكيميائية الأمريكية بطرح بعض المشاريع والبرامج التعليمية التي تهدف لإصلاح وتطوير وتعديل تعليم الكيمياء في المدارس الأمريكية. وقد ظهر أول مشروع في عام 1959 وحمل اسم مشروع (الرابطة الكيميائية Chemical Bond) الذي تكون من إعادة تصميم وترتيب وطرح المواضيع الكيميائية كما صاحب هذا المشروع إنتاج كتاب تعليمي خاص لعلم الكيمياء يحمل اسم الأنظمة الكيميائية وكذلك تم تطوير كتاب خاص بالتجارب الكيميائية في المختبر، بالإضافة لإيجاد بعض الوسائل التعليمية المساندة. وفي نفس ذلك العام أي عام 1959 بدأت الجمعية الكيميائية الأمريكية بطرح مشروع بديل يعتبر من أهم البرامج المصممة لتطوير أسلوب تعليم الكيمياء وقد كان هذا البرنامج يحمل اسم (تعليم الكيمياء CHEM Study) وقد تولي رئاسة هذا البرنامج الكيميائي الأمريكي جلن سيبورغ الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء كما ساهم في إدارة هذا البرنامج الكيميائي الأمريكي جورج بايمنتال الذي يعتبر اليوم أبو تعليم الكيمياء الحديثة. لقد كان محور برنامج تعليم الكيمياء CHEM Study قائم على طريقة تلقي طالب الثانوية للمعلومات الكيميائية عن طريق جعل الطالب يقوم بإجراء التجارب الكيميائية ومن ثم يقوم الطالب بتسجيل ما يرصده ويراقبه أثناء عملية القياس والتجريب وأخيرًا يتوصل الطالب إلى تحليل واستخلاص الأحكام النهائية بنفسه (تجربة – رصد – خلاصة). وبطبيعة الحال راعى كثيرًا هذا البرنامج تقوية وتطعيم مناهج علم الكيمياء بالمعلومات الرياضية والفيزيائية المهمة في فهم وتفسير الظواهر الكيميائية وبعد ذلك وخصوصًا في فترة الثمانينيات وعند انتشار أجهزة الحاسب الآلي تم إنتاج وتحوير المناهج الكيميائية على شكل برمجيات كمبيوترية تهدف لتطوير تعليم الكيمياء. وتجدر الإشارة إلى أنه تم استخدام كلا البرنامجين (الرابطة الكيميائية وتعليم الكيمياء) وخصوصًا تعليم الكيمياء في أغلب بلدان العالم يعد تعديلات وتغيرات طفيفة بل يقال إنه حتى الاتحاد السوفيتي نفسه قام في عام 1968 باستخدام برنامج تعليم الكيمياء السابق الذكر في تحسين تعليم الكيمياء الروسية وذلك طبعًا بعد إجراء بعض التحوير والتغيير للبرنامج الأصلي.
وفي الختام لا بد من الإشارة أنه وبلا أدنى شك قد حصل لطريقة تعليم الكيمياء خلال العقود القليلة الماضية الكثير من التعديل والتغيير وخصوصًا بعد انتشار أجهزة الحاسب الآلي وظهور مئات البرمجيات الخاصة بتعليم الكيمياء واختراع فكرة المختبر الافتراضي virtual lab والمختبر الذكي smart lab ودخول شبكة الانترنت لأغلب المدارس وكذلك تطور التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد ولكن بحكم أن أغلب هذه الأشياء قريبة العهد بنا فلعله من المناسب جعل القارئ العزيز هو من يحاول التعرف على واقع التغيير في أسلوب تعليم الكيمياء في زمننا المعاصر.
الخميس مايو 09, 2013 10:32 pm من طرف قداري محمد
» استخدام طريقة العروض العملية في تدريس العلوم
الخميس أبريل 18, 2013 10:26 am من طرف قداري محمد
» Ten ways to improve Education
الخميس فبراير 21, 2013 8:44 am من طرف بشير.الحكيمي
» مقتطفات من تصميم وحدة الإحصاء في الرياضيات
الثلاثاء يناير 29, 2013 8:30 am من طرف بشير.الحكيمي
» تدريس مقرر تقنية المعلومات والاتصالات
الأربعاء يناير 02, 2013 7:49 am من طرف انور..الوحش
» تدريس مقرر تقنية المعلومات والاتصالات
الأربعاء ديسمبر 19, 2012 10:00 am من طرف محمدعبده العواضي
» الواجبات خلال الترم 5
السبت أكتوبر 06, 2012 11:12 pm من طرف بشرى الأغبري
» الواجبات خلال الترم4
السبت أكتوبر 06, 2012 11:11 pm من طرف بشرى الأغبري
» الواجبات خلال الترم3
السبت أكتوبر 06, 2012 11:10 pm من طرف بشرى الأغبري