التصحر
التصحريعني تدهور الأرض في المناطق القاحلة و شبه القاحلة
و في المناطق الجافة و شبه الرطبة الذي ينتج من عوامل مختلفة تشمل التغيرات المناخية
و النشاطات البشرية.
فالتصحر عملية هدم
أو تدمير للطاقة الحيوية للأرض و التي يمكن أن تؤدي في النهاية إلى ظروف تشبه ظروف
الصحراء وهو مظهر من التدهور الواسع للأنظمة البيئية الذي يؤدي إلى تقلص الطاقة الحيوية
للأرض المتمثلة في الإنتاج النباتي والحيواني ومن ثمة التأثير في إعالة الوجود البشري.وهناك
الكثير من المراحل في عمليةالتصحر،لكن مهما يكن شكلها ، فان المرحلة النهائية ستكون
الصحراء التامة مع إنتاجية حيوية تصل إلى الصفر.
تطور التصحر
من هنا يتبين إنالتصحرأحد المشاكل البيئية الخطيرة،التي تواجه العالم حاليا و هو يتطور في اغلب أرجاء
المعمورة وعند معدلات متسارعة. ويقدر بان مساحة الأراضي ، التي تخرج سنويا من نطاق
الزراعة نتيجة عملية التصحر،تبلغ حوالي 50,000 كم2 وتبلغ نسبة الأراضي المعرضة للتصحر
40% من مساحة اليابس و هي موطن اكثر من مليار إنسان. واغلب المناطق المعرضة للتصحر
تقع في الدول النامية في أفريقيا و آسيا و أمريكيا اللاتينية ومنطقة الكاريبي. ويقدر
برنامج الأمم المتحدة للبيئة قيمة الإنتاج التي تفقد سنويا في الدول النامية بسببالتصحرب 16 مليار دولار. هذا التقدير لا يتضمن تكاليفالتصحرالجانبية الناتجة مثلا من تملح المجاري السفلى للسدود والتي تشير التقارير بانها
كبيرة فعلى سبيل المثال تبلغ 60 مليون دولار في السنة قي المغرب.
ومن الجدير بالملاحظة
إن الكثير من هذه الأراضي المتصحرة أو المهددة بالتصحر يقع في أرجاء عالمنا العربي.
إذ تشير بعض الأرقام إلى أن حوالي 357,000 كم2 من الأراضي الزراعية أو الصالحة للزراعة
أي نحو 18%من مساحتها الكلية والبالغة 1,98 مليون كم2 ، أصبحت واقعة تحت تأثير التصحر.
و يمكن أن نورد الكثير من الأمثلة على فداحةالتصحرمنها ما يحدث في المناطق الواقعة على أطراف الصحراء الكبرى،في كل من مصر وليبيا
وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا والأقطار المجاورة التي شهدت تحول 650,000 كم2 من
أراضيها إلى أراض متصحرة خلال 05 سنة فقط. و في السودان فان خط جبهةالتصحرتقدم بمعدل 90 إلى 100 كم في السنة ، خلال السنوات الأخيرة. وان مساحة 1%من
الأراضي المروية في العراق يتملح سنويا أي تصبح في نطاق الأراضي المتصحرة وفي سوريا،فان
نسبة الأراضي المتملحة تقارب 50% من الأراضي الزراعية.
وتتسارع في العراق ظاهرةالتصحروالتملح وتقدر نسبة الأراضي الزراعية التي تعاني من التملح ب 50% بسبب إهمال
النظام الدكتاتوري المنهار لسنوات قطاع الزراعة والري وهدر الجزء الأكبر من موارد العراق
على مغامراته العسكرية الطائشة . وهذه الإحصائية على أقل تقدير تعود لفترة ما قبل كارثة
غزو الكويت في 1990 فما بالك الآن وقد رزح العراق 13 سنة تحت وطأة الحصار الاقتصادي
وتعرض إلى حرب ثالثة . أضف إلى ذلك الكارثة البيئية التي نفذها النظام بتجفيف اهوار
العراق إذ جفف أكثر من 20000 كم2 أي ما يعادل 90% من مساحتها هذه التي كانت تمثل أوسع
مساحة مائية في النظام البيئي في الشرق الأوسط إذ تزيد على ضعف مساحة لبنان . ومن المعروف
إن الاهوار كانت غنية بمواردها النباتية والزراعية والحيوانية والسمكية إضافة إلى محافظتها
على التوازن البيئي . واستنادا لأحدث دراسة قامت بها جامعة اكستر البريطانية تبين أن
نسبة خطر الملوحة في الأراضي أصبحت عالية جدا وأن كارثة ضياع مناطق استيطان الحيوانات
حتمية ولا مناص منها بسبب تجفيف الاهوار . نفذ النظام جريمة التجفيف تحت ذريعة توسيع
نطاق الأراضي الزراعية ، فيما تكذب الإحصاءات الرسمية التي تنشر هذه المزاعم فقد تراجعت
مساحة الأراضي الصالحة للزراعة من 5,78 مليون هكتار في 1994 إلى 5,54 مليون هكتار في
1998 . وهذا يبين بجلاء أن الهدف الحقيقي من هذه العملية هو قمع قوى المعارضة المسلحة
التي كانت تنشط في هذه المناطق . الآن بعد أن سقط النظام فيمكن أن تعود الاهوار إلى
طبيعتها السابقة إذا ما تمت العملية وفق دراسات بيئية وعلمية واقتصادية واجتماعية لتلافي
النتائج السلبية لهذه العودة.
يجتاحالتصحرالأرض في الأقطار العربية بهذه المعدلات المتسارعة
في الوقت الذي يتطلب زيادة الإنتاج الزراعي و الحيواني لمواجهة النمو السكاني وارتفاع
مستوى المعيشة.
للتصحر مؤشرات طبيعية و أخرى بشرية ورغم الاقتناع
بأهمية الأخيرة وكونها وثيقة الصلة من قلب المشكلة إلا ان الدليل على وضعها كأساس للقياس
لم يتوفر بعد بشكل نظامي وفي ضوء الكثير من الاعتبارات الأخرى ثبت انه من الصعب مراقبتها
لذلك لم تستخدم كمؤشرات أولية في تقييم برنامج الأمم المتحدة للبيئة. لذا سنورد هنا
أهم المؤشرات الطبيعية التي تتمثل في : غزو الكثبان الرملية للأراضي الزراعية ،تدهور
الأراضي الزراعية المعتمدة على الأمطار ، تملح التربة ، إزالة الغابات وتدمير النباتات
الغابية ، انخفاض كمية ونوعية المياه الجوفية والسطحية ، تدهور المراعي ، انخفاض خصوبة
الأراضي الزراعية، اشتداد نشاط التعرية المائية والهوائية ، زيادة ترسبات السدود والأنهار
واشتداد الزوابع الترابية وزيادة كمية الغبار في الجو. و يمكن استخدام هذه المؤشرات
و غيرها في تعيين حالة أو وضعيةالتصحرفي المناطق المختلفة من أقطارنا العربية والتي يقصد
بها درجة تقدم عمليةالتصحرفي الأراضي والتي يقررها المناخ والأرض والتربة
و الغطاء النباتي من ناحية ودرجة الضغط البشري من ناحية ثانية.
وقد حددت الأمم المتحدة أربع حالات للتصحر هي :
1-التصحرالشديد جدا و يتمثل بتحول الأرض إلى وضعية غير منتجة
تماما وهذه لا يمكن استصلاحها إلا بتكاليف باهضة وعلى مساحات محدودة فقط وفي كثير من
الأحيان، تصبح العملية غير منتجة بالمرة و الأراضي هذه كانت تتمتع بقدرات إنتاجية كبيرة
، كما في العراق و سوريا و الأردن و مصر و ليبيا وتونس والجزائر والمغرب والصومال.2-التصحرالشديد وينعكس بانتشار النباتات غير المرغوب فيها وانخفاض الإنتاج النباتي بحدود
50% مثال على ذلك الأراضي الواقعة في شرق و شمال غرب الدلتا في مصر.3-التصحرالمعتدل حيث ينخفض الإنتاج النباتي بحدود 25% من أمثلة ذلك ما موجود في مصر.4-التصحرالطفيف ويتمثل بحدوث تلف أو تدمير طفيف جدا في الغطاء النباتي و التربة أو لا
يكون هناك تدمير أصلا مثل ما موجود في الصحراء الكبرى و صحراء شبه الجزيرة العربية.
إن مقياس استمرارية تهديدالتصحريعبر عنه بخطرالتصحروهو يقيم على أساس سرعة درجة حساسية الأرض للتصحر
من ناحية، ودرجة الضغط البشري و الحيواني من ناحية ثانية.وتحدد درجة خطورةالتصحربثلاث فئات هي:العالية جدا والعالية والمعتدلة. وهذه الفئات الثلاث توجد في
البلاد العربية. ولكن من المهم ان يتم التعرف على درجة خطورةالتصحرلان ذلك يساعد على كشف سرعة التدهور في النظم البيئية ومن ثمة يساعد على وضع
الحلول المناسبة للتصدي للتصحر عبر الزمان و المكان.
أسباب التصحر
هناك جملة من العوامل الطبيعية و البشرية تتداخل
وتتشابك لتخلق ظاهرةالتصحرفبالنسبة للعوامل الطبيعية يلعب المناخ دورا هاما
إذ تقع معظم البلاد العربية في النطاقات الجافة و شبه الجافة حيث ان 95% من الأراضي،تحصل
على اقل من 400 ملم من الأمطار سنويا. في حين ان النسبة الباقية فقط يسقط فيها اكثر
من 400 ملم سنويا. ففي حالة العراق يسود المناخ الصحراوي في 70% من الأراضي وبالأخص
في السهل الرسوبي والهضبة الغربية حيث تتراوح الأمطار السنوية ما بين 50-200 ملم .
وعمليا فكل البلاد العربية تعاني من الحساسية المفرطة تجاه التصحر. أضف إلى ذلك فان
المواسم الجافة التي تحدث من سنة لأخرى، تساهم في إشاعة ظروفالتصحركما يحدث في المغرب منذ 1980 على وجه الخصوص ،وحدث خلال السنوات القليلة الماضية
في العراق. أما تعرية التربة التي يقصد بها إزالة الطبقة الخصبة منها الحاوية على المواد
العضوية و المعدنية فهي نشطة لان معظم الأقطار العربية قاحلة لذا فهي معرضة بصورة دائمة
لتأثير التعرية المائية والهوائية فمثلا ان تلف التربة الذي ينتج من التعرية الهوائية
،يعرض للخطر تقريبا كل أراضي الرافدين المنخفضة.إ ذ باتت الكثبان الرملية تهدد العراق
وأنهاره وأراضيه الزراعية بالطمر والدفن.
وللنباتات والحيوانات دورها بتفاعلها مع بيئتها فهي
تساهم بصورة رئيسية إما بالحفاظ على توازن البيئة أو بتدهورها.فالإفراط الرعوي يؤدي
إلى سرعة إزالة الغطاء النباتي وما ينتج عنه من اشتداد التعرية.
أما فيما يخص العوامل البشرية التي يؤكد الباحثون
بانها تلعب دورا رئيسيا في خلقالتصحرفيتمثل دور الإنسان في مجالين:
الأول الضغط السكاني فقد بلغ مجموع سكان البلاد العربية
307مليون نسمة في 2003 ويتركز معظم هؤلاء في المناطق الجافة وشبه الجافة التي تعاني
منالتصحروتعد المعدلات السنوية لنمو السكان في اغلب البلاد
العربية من أعلى المعدلات في العالم كما في الصومال 4,2% والسلطة الفلسطينية 3,6%واليمن
3,5 % والكويت 3,5% والسعودية 2,9% وعمان 2,9% في الفترة 2000-2005 . رغم الانخفاض
الذي طرأ على هذه المعدلات في السنوات الأخيرة . وإذا أخذنا في الاعتبار توقع عدد سكان
العالم العربي الذي سيزداد في السنوات القادمة فهذا يعني استمرار الضغط السكاني الذي
ينتج عنه مزيد من التوسع الزراعي وزيادة أعداد الماشية، ومن ثمة زيادة الرعي وقطع الغابات
والهجرة واستيطان أماكن غير ملائمة لاستغلال مواردها بشكل مستمر إضافة إلى توسع المدن
وتضخمها الذي يكون في كثير من الحالات على حساب الأراضي الزراعية . كل هذه العوامل
تساهم بتسريع التصحر.حيث ان نمو السكان والفقر والتدهور البيئي يعزز كل منهما الأخر.
المجال الثاني يتمثل فهو نمط استخدام الأرض الذي
تختلف نوعيته وكثافته من مكان إلى أخر ومن اوجه استخدام الأرض قطع الأشجار ورغم محدودية
مساحة الغابات في العالم العربي التي تقدر بحوالي 135 مليون هكتار او 9,6% من المساحة
الكلية إلا ان استغلالها لا يتسم بالتخطيط، إذ يسود القطع السيئ في أحيانا كثيرة. ففي
المغرب يفقد حوالي 20,000 هكتار من الغابات سنويا لاستخدامها كخشب وقود إذ ان معدل
استهلاك الأسرة من الخشب يقدر ب 2,61 طن في السنة. ان مثل هذه المستويات من استهلاك
الكتلة العضوية يفوق الطاقة الإنتاجية للغابات وأعشاب الاستبس في المغرب. وفي السودان
تساهم الأشجار بحوالي 60% من مجموع الوقود المستهلك، وترتفع هذه النسبة إلى حوالي
100% في بعض المناطق الريفية . وفي العراق تراجعت مساحة الأراضي التي تغطيها الأشجار
بسبب إهمال السلطات السابقة هذا القطاع . فقد تعرضت غابات الشمال إلى التلف بسبب القطع
العشوائي والحملات العسكرية للقضاء على الحركة الكردية وما رافقها من إحراق آلاف القرى
. وتراجعت مساحة الغابات في فترة وجيزة من 192,000 هكتار في 1990 إلى 189,000 هكتار
في 1994 . كذلك تراجعت أعداد النخيل من حوالي 30 مليون إلى حوالي 12 مليون بسبب الحروب
وبالأخص الحرب العراقية –الإيرانية وقلة المياه والأمراض الزراعية والإهمال. لذا بات
تدهور الغابات والنباتات الأخرى عاملا مهما في تدهور البيئة وتوجهها نحو الجفاف في
العالم العربي وهذا ينسحب أيضا على أقطار أخرى مثل سوريا ولبنان والجزائر وتونس.
ويساهم الضغط الرعوي بخلقالتصحرالذي يقصد به تحميل أراضي المراعي عددا من الماشية أو أنواعا معينة منها لا
تتفق وطاقة هذه المراعي على تغذيتها.والملاحظ أن تصحر الأراضي الرعوية لا يؤثر في الإنتاج
الحيواني فقط لكنه يعجل بحدوث سلسة من الوقائع تؤثر في كل النظام البيئي، مثل قلة أو
زوال الغطاء النباتي وما يصاحبه من تعرية التربة وزيادة خطر انجرافها. وهذا غالبا ما
يقود إلى انخفاض في الإنتاجية الأولية بشكل يتعذر معالجته .ومن ثم يضعف من إمكانية
البيئة على التعويض النباتي.كذلك فان الإفراط الرعوي يعمل على إحداث تبدل نباتي بواسطة
إحلال أنواع غير مستساغة ، محل الأنواع المستساغة نتيجة الرعي المختار.
وهناك الكثير من الأمثلة على الرعي الجائر وتأثيره
في صنعالتصحرفي الأقطار العربية ففي السودان، يعتبر الرعي الشكل
الرئيسي لاستخدام الأرض. لذلك فاستخدام موارد الرعي، بشكل مفرط، نتج عنه تصحر الكثير
من الأراضي.وفي وسط وشمال الصومال، أتلفت معظم النباتات نتيجة للرعي الجائر. كذلك فان
قيام الأشخاص اللاجئون إلى الصومال من الدول المجاورة باصطحاب مواشيهم معهم وبقائها
بصورة رئيسية بجوار المخيمات يمنع عملية التجديد الطبيعي للغابة، ومن ثم يساهم في صنع
التصحر.وتتوفر أدلة من مراعي الكويت، تشير إلى تدهور الكثير من النباتات الرعوية تحت
وطأة الضغط الرعوي وسوء إدارة المراعي. وفي الجزائر والمغرب وتونس يتجاوز معدل الرعي
من ثلاث إلى خمس مرات طاقة المراعي الحقيقية.وفي تونس يشير تقييم استخدام الأرض حتى
عام 1980 إلى تراجع مساحة الأراضي المستخدمة للرعي ب 4 مليون هكتار.
وهناك عامل أخر يتمثل بالضغط الزراعي الذي يقصد به
تكثيف استخدام الأرض بالزراعة أو تحميل التربة اكثر من طاقتها الحيوية حيث يؤدي ذلك
إلى حدوث تدهور في التوازن البيئي و إشاعة التصحر.
ولدينا مثال واضح من جنوب السودان عن نتائج الضغط
الزراعي إذ يخصص 2-4 فدان من الأراضي لكل الأسرة من اسر اللاجئين إلى السودان من الدول
الأفريقية المجاورة. وبما أن التربة تكون اقل خصوبة في الجنوب فان تخصيص هذه المساحة
يعتبر غير كاف لإنتاج الطعام للأسرة الواحدة.لذلك يتبع الفلاحون أسلوب الزراعة الكثيفة
لزيادة إنتاجهم ونتيجة لذلك تقل خصوبة التربة بصورة سريعة بعد أول سنتين من زراعتها.
كذلك يعد توسع الزراعة البعلية (المعتمدة على الأمطار)في
مناطق تعاني أصلا من قلة الأمطار عامل مهم في صنعالتصحرحيث يلاحظ الآن في العديد من
المناطق العربية زراعة القمح فيها، بينما لا يسقط في هذه المناطق اكثر من 150-200 ملم
من الأمطار سنويا.والأرض تترك بعد الحصاد لتكون عرضة للتعرية المائية والهوائية . كما
في جنوب تونس حيث سجل خسارة غطاء التربة بمعدل 10 طن في الهكتار في الشهر .
أما أسبابالتصحرفي مناطق الزراعة المروية فتعود
إلى سوء استغلال و إدارة الأراضي المروية والإسراف في ريها حيث يؤدي ذلك إلى تملح التربة
وتغدقها وبالتالي يتدهور إنتاجها وتبرز هذه الظاهرة في التربة ذات التصريف السيئ أو
عند الري بمياه ترتفع فيها نسبة الملوحة. فقد ارتفعت ملوحة مياه الري في بغداد بنسبة
كبيرة 42% خلال 1967-1979 بينما في الموصل ارتفعت بنسبة 20% في نفس الفترة . والأمثلة
على تملح التربة في البلدان العربية كثيرة. كما في حوض نهري دجلة والفرات في العراق
وسوريا وفي مصر. وكانت نسبة الأراضي التي تعاني من التملح في العراق تقدر ب 50% من
الأراضي المروية وبالتأكيد فان هذه النسبة قد ارتفعت بسبب ما شهدته البلاد من ثلاثة
حروب مدمرة وحصار اقتصادي وإهمال النظام المنهار للقطاع الزراعي . ونفس هذه النسبة
تلاحظ في وادي الفرات في سوريا. وفي مصر فان حولي 30% من الأراضي الزراعية تعاني من
التملح والتغدق نتيجة الإفراط في استخدام مياه الري. وتظهر هذه المشكلة في ليبيا والسعودية
ودول أخرى بسبب عمليات الري غير السليمة و سوء صرف مياه الري. وفي المناطق القريبة
من البحار يقود الإفراط في استهلاك المياه الجوفية إلى تداخل مياه البحر للتعويض عن
الماء المستهلك وبذلك ترتفع نسبة الملوحة تدريجيا في الآبار وفي حالة السقي منها يؤدي
ذلك إلى تملح التربة كما هو ملاحظ في الكويت و الإمارات وليبيا. كذلك استخدام الحراثة
الآلية غير المتكيفة مع الظروف البيئية في المناطق الجافة يعمل على الإخلال بالتوازن
البيئي ومن ثم يسرع عملية التعرية كما في الأقطار العربية في شمال أفريقيا وفي شرق
البحر المتوسط. إجمالا فان استمرار الضغط على الأراضي الزراعية و تحميلها اكثر من طاقتها
يؤدي في نهاية المطاف إلى تدهور إنتاجيتها وتوسع التصحر.
نتائجالتصحر
للتصحر في الأقطار العربية العديد من النتائج أبرزها
: النتائج البيئية والاقتصادية والاجتماعية. فبالنسبة للأولى تتمثل في تدهور الحياة
النباتية والحيوانية (بعض فصائل النباتات و الحيوانات انقرضت فعلا) وفي تدهور التربة
والمراعي وتقلص مساحة الأراضي الزراعية ونقص في الثروة المائية وتدهور نوعيتها وبالأخص
ارتفاع نسبة الملوحة فيها.كل ذلك يعود إلى الاستخدام غير السليم والجائر لهذه الموارد.
وفي النهاية يمكن أن يكون تدهور البيئة عاملا رئيسيا في تغير المناخ . أما النتائج
الاقتصادية المباشرة فتتمثل بما حددته الأمم المتحدة في مسحها لحالة البيئة في العالم
للفترة 1972-1992 حيث ورد : يؤثر تدهور الأرض وتصحرها في قدرة البلدان على إنتاج الأغذية،
وينطوي بالتالي على تخفيض الإمكانيات الإقليمية والعالمية لإنتاج الأغذية، كما انهما
يسببان أيضا في إحداث العجز الغذائي في المناطق المهددة، مع ما لذلك من أثار على الاحتياطات
الغذائية وتجارة الأغذية في العالم. ونظرا لانالتصحرينطوي على تدمير للحياة النباتية
ونقصان مجموعات نباتية وحيوانية كثيرة، فهو أحد الأسباب الرئيسية لخسارة التنوع البايولوجي
في المناطق القاحلة وشبه القاحلة مما يقلل من فرص إنتاج الأغذية. وهذه الاستنتاجات
تنطبق على مناطق عالمنا العربي. من الأمثلة الصارخة التي نتجت عن تجفيف اهوار العراق
تراجع أعداد حيوان الجاموس المعطاء الذي يعيش قرب الأنهار والاهوار من 148,000 رأس
في 1990 إلى 65,000 رأس في2001 وتراجع صيد الأسماك من31,500 طن متري في 1990 إلى
22,500 طن متري في 1996 علما أن هذه الإحصاءات رسمية .
التصحرأحد
العوامل الرئيسية التي تعيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية في البلدان العربية ويزيد
بدوره من المشاكل الاقتصادية التي تواجه هذه البلدان وهذه المشاكل تعمل بدورها على
تفاقم التدهور البيئي وهكذا تواجه هذه البلدان حلقة مفرغة. إذ ان حالة البيئة لا يمكن
فصلها عن حالة الاقتصاد.ومن هنا يتبين لنا ان التخلف الاقتصادي والتدهور البيئي يعزز
كل منهما الآخر لتكريس التخلف في كثير من الأقطار العربية. أما النتائج الاجتماعية
للتصحر فتتمثل في تزايد هجرة سكان الريف والرعاة نحو المدن طلبا للعمل ولحياة افضل.
وينتج عن هذه الهجرة ضغوط متزايدة، على إمكانيات المدن المحدودة، وتساهم في زيادة معدل
نمو سكانها أسرع من معدل نمو سكان الريف (بلغ المعدل السنوي لنمو سكان المدن 3,9% ولسكان
الريف 1,3% في أقطار شمال افريقيا للفترة 1990-1995). معدلات النمو العالية في المدن
تشكل عبئا على الحكومات لتوفير الخدمات الاجتماعية المكلفة على حساب الهياكل الارتكازية
المنتجة.ويولد ضغط الهجرة الريفية-الحضرية الكثير من المشاكل الاجتماعية في المدن مثل:انخفاض
المستوى المعاشي، البطالة،قلة الخدمات الصحية والتعليمية،قلة السكن،التوترات والنزاعات
الاجتماعية،الإخلال بالأمن…الخ.ثم ان إفراغ الريف من سكانه وترك الأرض يساهم هو الآخر
في استمرار التصحر. ففي العراق تدهور الزراعة ترافق مع تسارع هذه الهجرة التي نتج عنها
استنزاف ثابت للقوى العاملة الزراعية ففي 5سنوات فقط (1970-1975) انخفضت هذه النسبة
10%.
مكافحةالتصحر
رغم إدراك خطورة التصحر،إلا ان وسائل مكافحته في
بلداننا العربية لم ترق بعد إلى مستوى التهديد ،الذي يمثله على شتى الأصعدة البيئية
والاقتصادية والاجتماعية والحضارية والسياسية والأمنية. لذا بات من الضروري إعطائها
مكان الصدارة في خطط التنمية .وتتطلب مكافحةالتصحروضع خطط واضحة المعالم تتضمن
أهداف مباشرة تتمثل في وقف تقدمالتصحرواستصلاح الأراضي المتصحرة واخرى تشمل إحياء خصوبة
التربة وصيانتها في المناطق المعرضة للتصحر.ويتطلب الأمر تقويم ومراجعة الخطط بصورة
مستمرة لتلافي ما هو غير صالح ونظرة بعيدة المدى وإدارة رشيدة لموارد البيئة الطبيعية
على جميع المستويات وتعاون عربي وإقليمي ودولي فعال.مع الأخذ في الاعتبار عدم وجود
حلول سريعة لهذه المشكلة .
ويمكن ان تختلف وسائل مكافحةالتصحرمن قطر عربي إلى آخر باختلاف مسببات وسرعةالتصحروالرؤية لهذه المشكلة ولكن هناك
أوجه شبه فيما بينها يمكن إدراجها بصورة عامة تحت النقاط الآتية : -المسح البيئي الهادف
لتقدير الطاقة الحيوية للأرض الذي يعد المقدمة الضرورية لأي خطط تستهدف مكافحةالتصحرإذ ان غياب قاعدة للمعلومات البيئية يضاعف من صعوبة التنبؤ بالأوضاع البيئية
. ولإنجاز هذه المهمة يتطلب اعتماد العلم والتقنية في مراقبةالتصحروتطوير محطات الأرصاد الجوية وزيادة عددها ورفع مستوى التنسيق وتبادل المعلومات
فيما بينها على الصعيد العربي والدولي لرصد التقلبات الجوية.
-حماية الغابات إذ يجب أن تبقى الغابات محافظة على
توازنها الحيوي المسؤول عن خصوبة التربة وذلك بمنع قطع الأشجار بصورة عشوائية ويبدو
ان حماية الغابات وإعادة تشجيرها كأسلوب لمكافحةالتصحرلا تزال في طور التجربة في الأقطار
العربية.
-ترشيد الزراعة البعلية (المعتمدة على الأمطار) بالحد
من توسع هذا النوع من الزراعة تجاه الأراضي الأقل ملائمة من ناحية كمية الأمطار الساقطة
.إ ذ ان هذا التوسع يؤدي إلى تدهور التربة و النظام البيئي.
-ترشيد الرعي عبر تحديد طاقة المراعي على إعالة إعداد
معينة من الحيوانات لتلافي تعريضها للتلف والتدمير. ويرى الجغرافي بيتر هكت Peter Haggettان إراحة أراضي الأعشاب و الرعي الدوري وإضافة السماد إلى دورة المواد المغذية
تعتبر وسائل للتعامل مع مشكلة الضغط الرعوي.وهناك تجارب ناجحة في مجال صيانة المراعي
الطبيعية وتنميتها كما في سوريا وتونس والسعودية والإمارات وليبيا إلا انها تحتاج إلى
المزيد من التطوير والتوسيع.
-ترشيد استخدام المياه من خلال اتباع وسائل ري وصرف
اكثر فعالية مثل الري بالتنقيط والرش وتقنين المياه المستخدمة حتى لا يؤدي الإفراط
في استخدامها إلى تملح التربة.
-استخدم وسائل اكثر فعالية لوقف تعرية التربة و منع
العوامل التي تسرع فيها وتثبيت الرمال المتحركة للوصول إلى استزراعها لتحويلها إلى
عنصر منتج.
-الحد من معدلات نمو السكان العالية من خلال اتباع
برامج تنظيم الأسرة وتفعيل دور العوامل التي تعزز هذه البرامج مثل إنجاز تحولات اجتماعية
واقتصادية ورفع مستوى التعليم والخدمات الصحية لأنه دون ذلك تبقى فعالية تنظيم الأسرة
محدودة.
-نشر وتعميق الوعي البيئي على مستوى الحكومات والجماهير
إذ يلاحظ أن البنية المؤسساتية لازالت لا تسمح بمساءلة صانعي القرار من قبل الجماهير
والمجموعات الأهلية المعنية بالحفاظ على البيئة.والتأكيد على العلاقة التكاملية بين
البيئة السليمة والتنمية الدائمة.
-إنشاء مؤسسات تهتم بالمحافظة على البيئة مثل ما
أقدمت عليه السلطة الجديدة في العراق بإنشاء وزارة البيئة التي سيكون لها تأثير مهم
في مكافحةالتصحرمن خلال تنسيق جهودها مع الوزارات الأخرى مثل وزارة
الزراعة .
الخميس مايو 09, 2013 10:32 pm من طرف قداري محمد
» استخدام طريقة العروض العملية في تدريس العلوم
الخميس أبريل 18, 2013 10:26 am من طرف قداري محمد
» Ten ways to improve Education
الخميس فبراير 21, 2013 8:44 am من طرف بشير.الحكيمي
» مقتطفات من تصميم وحدة الإحصاء في الرياضيات
الثلاثاء يناير 29, 2013 8:30 am من طرف بشير.الحكيمي
» تدريس مقرر تقنية المعلومات والاتصالات
الأربعاء يناير 02, 2013 7:49 am من طرف انور..الوحش
» تدريس مقرر تقنية المعلومات والاتصالات
الأربعاء ديسمبر 19, 2012 10:00 am من طرف محمدعبده العواضي
» الواجبات خلال الترم 5
السبت أكتوبر 06, 2012 11:12 pm من طرف بشرى الأغبري
» الواجبات خلال الترم4
السبت أكتوبر 06, 2012 11:11 pm من طرف بشرى الأغبري
» الواجبات خلال الترم3
السبت أكتوبر 06, 2012 11:10 pm من طرف بشرى الأغبري