منتــــدى الدكتور عبد الســــلام دائل... تربية....علــــــــوم.... تكنولوجيـــــــا

مرحبابكم

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتــــدى الدكتور عبد الســــلام دائل... تربية....علــــــــوم.... تكنولوجيـــــــا

مرحبابكم

منتــــدى الدكتور عبد الســــلام دائل... تربية....علــــــــوم.... تكنولوجيـــــــا

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
                 
     

 

نتائج التربية البيئية لطلبة البيولوجي والانجليزي على هذا الرابط: http://abdulsalam.hostzi.com/resultterm2.htm

المواضيع الأخيرة

» استخدام طريقة العروض العملية في تدريس العلوم
فلسفة تصميم برامج تعليمية رقمية تفاعلية في مجتمع معرفي مُبدع Philosophy of Designing Interactive Digital Educational Programs In a Creative Knowledge Society Icon_minitimeالخميس مايو 09, 2013 10:32 pm من طرف قداري محمد

» استخدام طريقة العروض العملية في تدريس العلوم
فلسفة تصميم برامج تعليمية رقمية تفاعلية في مجتمع معرفي مُبدع Philosophy of Designing Interactive Digital Educational Programs In a Creative Knowledge Society Icon_minitimeالخميس أبريل 18, 2013 10:26 am من طرف قداري محمد

» Ten ways to improve Education
فلسفة تصميم برامج تعليمية رقمية تفاعلية في مجتمع معرفي مُبدع Philosophy of Designing Interactive Digital Educational Programs In a Creative Knowledge Society Icon_minitimeالخميس فبراير 21, 2013 8:44 am من طرف بشير.الحكيمي

» مقتطفات من تصميم وحدة الإحصاء في الرياضيات
فلسفة تصميم برامج تعليمية رقمية تفاعلية في مجتمع معرفي مُبدع Philosophy of Designing Interactive Digital Educational Programs In a Creative Knowledge Society Icon_minitimeالثلاثاء يناير 29, 2013 8:30 am من طرف بشير.الحكيمي

» تدريس مقرر تقنية المعلومات والاتصالات
فلسفة تصميم برامج تعليمية رقمية تفاعلية في مجتمع معرفي مُبدع Philosophy of Designing Interactive Digital Educational Programs In a Creative Knowledge Society Icon_minitimeالأربعاء يناير 02, 2013 7:49 am من طرف انور..الوحش

» تدريس مقرر تقنية المعلومات والاتصالات
فلسفة تصميم برامج تعليمية رقمية تفاعلية في مجتمع معرفي مُبدع Philosophy of Designing Interactive Digital Educational Programs In a Creative Knowledge Society Icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 19, 2012 10:00 am من طرف محمدعبده العواضي

» الواجبات خلال الترم 5
فلسفة تصميم برامج تعليمية رقمية تفاعلية في مجتمع معرفي مُبدع Philosophy of Designing Interactive Digital Educational Programs In a Creative Knowledge Society Icon_minitimeالسبت أكتوبر 06, 2012 11:12 pm من طرف بشرى الأغبري

» الواجبات خلال الترم4
فلسفة تصميم برامج تعليمية رقمية تفاعلية في مجتمع معرفي مُبدع Philosophy of Designing Interactive Digital Educational Programs In a Creative Knowledge Society Icon_minitimeالسبت أكتوبر 06, 2012 11:11 pm من طرف بشرى الأغبري

» الواجبات خلال الترم3
فلسفة تصميم برامج تعليمية رقمية تفاعلية في مجتمع معرفي مُبدع Philosophy of Designing Interactive Digital Educational Programs In a Creative Knowledge Society Icon_minitimeالسبت أكتوبر 06, 2012 11:10 pm من طرف بشرى الأغبري

مكتبة الصور


فلسفة تصميم برامج تعليمية رقمية تفاعلية في مجتمع معرفي مُبدع Philosophy of Designing Interactive Digital Educational Programs In a Creative Knowledge Society Empty

التبادل الاعلاني


    فلسفة تصميم برامج تعليمية رقمية تفاعلية في مجتمع معرفي مُبدع Philosophy of Designing Interactive Digital Educational Programs In a Creative Knowledge Society

    avatar
    عبدالقوي سعيد الحسامي
    super 2


    عدد المساهمات : 105
    تاريخ التسجيل : 09/05/2012

    فلسفة تصميم برامج تعليمية رقمية تفاعلية في مجتمع معرفي مُبدع Philosophy of Designing Interactive Digital Educational Programs In a Creative Knowledge Society Empty فلسفة تصميم برامج تعليمية رقمية تفاعلية في مجتمع معرفي مُبدع Philosophy of Designing Interactive Digital Educational Programs In a Creative Knowledge Society

    مُساهمة من طرف عبدالقوي سعيد الحسامي السبت سبتمبر 01, 2012 6:10 pm

    فلسفة تصميم برامج تعليمية رقمية تفاعلية في مجتمع معرفي مُبدع
    Philosophy of Designing Interactive Digital Educational Programs
    In a Creative Knowledge Society
    د./ محمد مختار متولي ساطور
    أستاذ تصميم الإعلان المساعد
    جامعة السلطان قابوس - كلية الآداب والعلوم الاجتماعية - قسم الإعلام - سلطنة عُمان

    مقدمة:
    يتحول العالم الآن من مجتمع معرفي تماثلي تقليدي إلى مجتمع معرفي رقمي، فكل المجالات تتحول إلى هذه التقنية الحديثة، فجاز لنا أن نقول: "مجتمع معرفي .. رقمي الأداء"، هذه الرقمية تقوم بدور هام في تطوير الأنشطة المختلفة، وتسمح بمجال واسع من الإبداع سواء على المستويين المعرفي أو التكنولوجي.
    إن الغاية من التعلم هو التحصيل المعرفي للرقي بعقول الأجيال القادمة، لكي تكون قادرة على تحدي المنافسة المعرفية والتكنولوجية في ظل العولمة، وليس هناك حل سوى التقدم بهذه الأجيال. ولكن هناك سؤال يطرح نفسه: وهل يكفي التعلم فقط؟، إن التعلم شئ جيد، ولكن الأهم من ذلك هو إبداعية التعليم، والمقصود هنا هو أن هذه العقول يجب أن يتم إعدادها على مبدأ أنه ليس هناك فرصة لأي مجتمع أن ينمو ويزدهر بدون إبداع، إن مفهوم مجتمع المعرفة هو عملية توليد وإنتاج المعرفة من خلال أنشطة المجتمعات المختلفة، وذلك من أجل استخدامها لتطوير ورفع مستوى تلك المجتمعات، وهنا يمكن طرح سؤال يتعلق بموقف المجتمعات العربية من مجتمع المعرفة .. أين هي؟ لقد ظلت المجتمعات العربية ولازالت ولادة لشتى مجالات المعرفة، فالمجتمعات العربية لديها الكثير من العقول المبدعة في شتى المجالات، ولكن هذه العقول تحتاج إلى المزيد من الفرص التي تتيح لهم فرصة إظهار إبداعاتهم، وتلك الفرص تتمثل في توفير وخلق المناخ الثقافي والعلمي المناسب لهم.
    تقوم عملية التعلم على تحفيز العقول من أجل تحقيق الإستجابة لتحصيل المعرفة، ولكن المعرفة وحدها لا تكفي، فإن مجمعتنا العربية تحتاج إلى عقول مبدعة، عقول لديها تخيل عريض للجديد وما هو غير نمطي، فقد أصبحت المنافسة المعرفية تدور في الغرب والشرق، وآن الأوان أن يكون لنا مكان وسط هذا التنافس المعرفي الدولي، مكان يعزز قيمة العقلية العربية القادرة على الإبداع، إبداع معرفة جديدة وإكتشاف المزيد من الإختراعات التي تخدم البشرية، معرفة خالصة للسلام، من أجل مستقبل مشرق للأجيال القادمة، وهذه العقول يلزمها المزيد من التفكير الممزوج بالخيال والبعد عن التفكير النمطي، والذي يقتل العملية الإبداعية، فمن المهم التحصيل المعرفي ولكن الأهم هو معرفة كيفية استخدام هذه المعرفة على الوجه الصحيح، فلازالت العملية التعليمية تقوم على التحصيل المعرفي، دون الاهتمام بكيفية تفعيل هذه المعارف عن طريق تحفيز الطلاب للتفاعل مع المعرفة، والخروج من منظومة التلقين والحفظ، والتي هي غاية الطالب حتى ينتهي من اختباراته، ثم يبدأ بعد ذلك في النسيان وهذه الخسارة الكبرى، أما التفاعل المعرفي فلا يعقبه نسيان بل تنمية مهارات وإبداعات تعمل على الوصول بالمجتمع العربي إلى أن يكون مجتمع معرفي مبدع، قادر على المنافسة في ظل العولمة.
    والتفاعلية هي أحد صفات مجتمع المعرفة، وهو تفاعل يهدف إلى تفاعل الطالب مع المادة العلمية والمقدمة من خلال معالجات تكنولوجية تتم بواسطة الوسائط المتعددة التفاعلية، يكون فيها المعلم هو المرسل، ويكون المتعلم هو المستقبل، وتكون الوسائط المتعددة التفاعلية هي الوسيلة الفعالة لتعليم المتعلم، وتكون تقنيات الوسيلة وطريقة إعداد المواد العلمية هم المثير لجذب انتباه المتعلم لممارسة التعلم. ويجب إدراك أن إستجابة المتعلم هي جوهر الاتصال التفاعلي وبدونها لا يتم التفاعل، كما أن سيطرة المتعلم على العملية الاتصالية للتعلم شرط من شروط التفاعلية، وكذلك ضرورة إدراك المشاركين للتفاعلية أي أن يدركون أن الهدف من الاتصال هو التفاعل أولاً، ثم قد يأتي الإقتناع بالمعلومة. (شفيق، 2008، ص 33)
    اللعب نشاط إنساني طبيعي تفاعلي، يتفاعل فيها الفرد بصورة فردية أو جماعية، بطريقة عفوية أو منظمة لإكتشاف البيئة المحيطة به، ومن خلال هذا النوع من التفاعل تنمو الجوانب المعرفية العقلية والمهارية والإجتماعية، ويشعر بلذة ومتعة الحصول على المعرفة. وتأتي الألعاب التعليمية التفاعلية من الإتجاهات الحديثة في التدريس، حيث أنها تزيد من دافعية المتعلم وتضمن تفاعله مع المادة التعليمية التي تقدم بأسلوب مسلٍ وممتع بغية تحقيق الأهداف المرجوة منها، وتعمل هذه الألعاب على إشراك المتعلم ايجابياً في عملية التعلم أكثر من أية وسيلة تعليمية أخرى (www.liilas.com)
    إن عملية التعلم هي معلومة مراد إيصالها إلى ذهن المتعلم بوسيلة تفاعلية رقمية، لتحقيق نتائج إيجابية للوصول بمجتمعنا إلى مجتمع معرفي مبدع.
    وتنطلق الدراسة من فرضية أن الوصول للإبداع المعرفي في المجتمعات العربية يتطلب تصميم برامج تعليمية رقمية تفاعلية وما تتمتع به من سمات اتصالية عديدة، قد يمنح فرصة أكبر – مقارنة بوسائل التعلم التقليدية – لتدفق أوسع للمعلومات في المجتمعات العربية، والتي تعاني من قصور في الإنتاج المعرفي مقارنة بدول الغرب والشرق. وسعيا إلى اختبار هذه الفرضية التي تطرح الدراسة عددا من الإشكاليات المحيطة بهذا الموضوع وتتناولها بالرصد والتحليل والتفسير باعتبارها وسيلة تعليمية جديدة تضيف إمكانات اتصالية وتعليمية ومعلوماتية جديدة يمكن أن تسهم في سد الفجوة المعرفية التي تعاني منها الدول العربية.
    وتعتمد الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي الذي يعني بوصف أبعاد موضوع البحث وتحليلها في ضوء المادة العلمية المتوفرة عنها سواء في الكتب أو الدراسات السابقة أو المصادر المتصلة بها.
    وتتكون الدراسة من مقدمة وأربعة مباحث وخاتمة. يتناول المبحث الأول فلسفة مجتمع المعرفة ومصادر المعرفة وسماتها ومراحلها وتميزها وأهمية الشباب في مجتمع المعرفة. ويرصد المبحث الثاني فلسفة الإبداع مفهوم الإبداع وسماته وبرامج تنميته وأنواع التفكير الواعي بالإضافة إلى واقع الإبداع في المراحل الدراسية المختلفة للمتعلم العربي. ويناقش المبحث الثالث فلسفة اللعب ومفهومه وتفسير فرويد النفسي للعب ونظرية الجشطلت وتفاعلية اللعب. أما المبحث الرابع فيتناول فلسفة الوسائط المتعددة التفاعلية ومفهومها وخصائصها ومميزاتها التعليمية، كذلك مفهوم التفاعلية ومستوياتها ومقوماتها بالإضافة إلى استراتيجيات التعلم باستخدام الوسائط المتعددة التفاعلية.
    المبحث الأول: فلسفة مجتمع المعرفة
    "المعرفة" اسم مشتق من الفعل "يعرف" وتشير إلى القدرة على التمييز أو التلاؤم، وهي إذن كل ما هو معروف، أو ما هو مفهوم. والمعنى أن الرصيد المعرفي الناتج من حصيلة البحث العلمي والتفكير الفلسفي والدراسات الميدانية والتطوير والمشروعات الابتكارية وغيرها من أشكال الإنتاج الفكري للإنسان عبر الزمان تتمثل جميعها في الرصيد المعرفي أو الكم المعلوم القابل للأستخدام في أي مجال من المجالات. (السلمي، 2001، ص:53)
    تعددت التعريفات التي هدفت إلى توضيح المعنى المقصود من مجتمع المعرفة، الجميع حاولوا الوصول إلى تعريف جلي وقوي لهذا المصطلح، فهناك من عرف مجتمع المعرفة بأنه ذلك المجتمع الذي يقوم أساسا على نشر المعرفة وإنتاجها وتوظيفها بكفاءة في جميع مجالات النشاط المجتمعي (الاقتصاد، والمجتمع المدني، والسياسة، والحياة الخاصة). (www.atsdp.com)
    كما عرفه البعض الآخر بأنه المجتمع الذي ينظر أفراده إلى أنفسهم باعتبارهم معالجي معلومات من ناحية الإنتاج والاستهلاك. (Lyon، 1995، ص:66)
    وعرفه علم الدين بأنه مجتمع يعتمد في الأساس على إنتاج واستهلاك المعلومة، والتي بدونها يفقد المجتمع حركته النشطة وتناغمه المرغوب، فالمعلومة باعتبارها معرفة أصبحت محورا أساسيا تدور حوله كل أفعال وأنشطة المجتمع المعلوماتي. (علم الدين، 2000)
    وعرفه عبد الله تركماني على أنه هو ذلك المجتمع الذي يحسن استعمال المعرفة في تسيير أموره وفي اتخاذ القرارات السليمة والرشيدة، وكذلك هو ذلك المجتمع الذي ينتج المعلومة لمعرفة خلفيات وأبعاد الأمور بمختلف أنواعها. وقد أضافت الثروة المعرفية إلى مجتمع المعرفة – الذي أصبح يعتمد أساسا على المعارف كثروة أساسية – بعداَ جديدا حيث اعتبرت أن خبرة الموارد البشرية وكفاءتها ومعارفها ومهاراتها تعد كأساس للتنمية البشرية الشاملة. (تركماني، 2006)
    وعرف بشار عباس مجتمع المعرفة بأنه «هو مجموعة من الناس ذوي الاهتمامات المتقاربة، الذين يحاولون الاستفادة من تجميع معرفتهم سويا بشأن المجالات التي يهتمون بها، وخلال هذه العملية يضيفون المزيد إلى هذه المعرفة، وهكذا فإن المعرفة هي الناتج العقلي والمجدي لعمليات الإدراك والتعلم والتفكير» (عباس، 2001، ص: 14-15)
    كما عرفه معجم مصطلحات الاستراتيجية الرقمية على أنه أي مجتمع تكون المعرفة هي المورد الرئيسي للإنتاج بدلاً من رأس المال والخامات. كما قد تشير إلى استخدام المجتمع ليعطي بعض المعلومات. مجتمع المعرفة "يخلق ويسهم ويستخدم المعرفة لتحقيق الإزدهار والرفاهية مجتمعها". (The Digital Strategy، موقع إلكتروني)
    وعرف الفنتوخ مجتمع المعرفة على أنه هو عملية توليد وإنتاج المعرفة من خلال أنشطة المجتمعات المختلفة، وذلك من أجل استخدامها لتطوير ورفع مستوى تلك المجتمعات.(الفنتوخ، موقع إلكتروني)
    صدر عام 2005 تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة اليونسكو بعنوان (من مجتمع المعلومات إلى مجتمع المعرفة)، وقد ورد فيه تحت عنوان: (لا يمكن اختزال مجتمعات المعرفة إلى مجتمع معلومات): لا ينبغي لبروز مجتمع عالمي للمعلومات، باعتباره ثمرة لثورة التكنولوجيات الجديدة، أن ينسينا أنه لا يصلح إلا وسيلة لتحقيق مجتمع حقيقي للمعرفة، فإزدهار الشبكات لا يمكن له وحده، أن يقيم قواعد المعرفة. لأنه إذا كانت المعلومات فعلا وسيلة للمعرفة، فليست هي المعرفة. (Wikipedia، موقع إلكتروني)
    إن المعرفة هي الناتج العقلي والمجدي لعمليات الإدراك والتعلم والتفكير، فهي تشكل أهم المكونات التي يتضمنها أي عمل أو نشاط في مجتمعات المعرفة، وخاصة فيما يتصل بالاقتصاد والمجتمع والثقافة، وكافة الأنشطة الإنسانية الأخرى التي أصبحت معتمدة على توافر كم كبير من المعرفة والمعلومات، ويتسم مجتمع المعرفة أو اقتصاد المعرفة بكون المعرفة لديه من أهم المنتجات أو المواد الخام، كما لا يقتصر مجتمع المعرفة على إنتاج المعلومة وتداولها، وإنما يحتاج إلى ثقافة تقيم وتحترم من ينتج هذه المعلومة ويستغلها في المجال الصحيح، مما يتطلب إيجاد محيط ثقافي واجتماعي وسياسي يؤمن بالمعرفة ودورها في الحياة اليومية للمجتمع، ويرتبط مجتمع المعرفة بمفهوم مجتمع التعليم الذي يتيح كل شيء فيه فرصا للفرد ليتعلم كي يعرف‏، ‏ويتعلم كي يعمل‏، ويتعلم كي يعيش مع الآخرين،‏ ويتعلم كي يحقق ذاته‏، وكل ذلك يتطلب ضرورة وجود شريحة عريضة من المجتمع من قوى عاملة على مستوى تعليمي عالٍ ومتطور وقادر على الإبداع والابتكار. (صوفي وعرفان، 2007، ص: 192-193)
    إن بناء مُجتمع المعرفة يحتاج بصورة رئيسية إلى تعليم عالٍ متطور، يفتح جميع نوافذ العلم والتقنية وأبواب فكر العمل والإنتاج، ويُخطط بثقة لمستقبل زاهر، ويُسهم في الإبداع والابتكار، ويقوم بتهيئة الكوادر، ويتعاون ويبني الشراكات المعرفية مع المؤسسات المُختلفة داخلياً وخارجياً. (الفنتوخ، موقع إلكتروني)
    إن مضمون مجتمع المعلومات هو جوهر وأساس العلم، أما الشكل فقد تغير وتطور، لقد تحول إلى مجتمع معلوماتي/معرفى، يعتمد على المعلومات كجوهر ومضمون، وعلى المعرفة كشكل، وأداة ومهارة أفادت وتفيد من مخرجات تقنيات المعلومات والاتصالات، وثمرات الحضارة : حضارة الحاسب والإنترنت. (هلالي والصقري، 2007، ص: 96)
    إن الذى يميز مجتمع المعرفة – كما يقول أحمد أبو زيد فى دراسته عن المعرفة : صناعة المستقبل – ليس الحصول على المعلومات، أو إمكان إستخدامها بكفاءة، وتسخيرها لتحقيق أهداف معينه ومحددة – رغم أهمية ذلك – وإنما الذى يميز ذلك المجتمع، ويحدد قدرته على البقاء والصمود، والتقدم والمنافسة، هو الإنتاج : إنتاج المعرفة وتسويقها بحيث تصبح مصدراً اقتصادياً رئيساً. (أبو زيد، 2003، ص: 28)
    هذا ويتطلب مجتمع المعرفة مستويات عليا من التعليم والبحث، والتنمية، وتقنيات المعلومات والاتصالات، وغيرها، ويمثل ذلك برنامجا متكاملا للفعل، وأن ذلك الفعل يتضمن: التعليم، والعلوم، والثقافة، والاتصال، مجتمعة كلها فى وحدة متكاملة ومتماسكة (أبو زيد، 2003، ص: 30)
    بناءً على ما سبق فإن مفهوم مجتمع المعرفة هو مجتمع مثقف أفراده ذوي إهتمامات متقاربة، ويتصفوا بأنهم معالجي ومنتجي وناشري للمعلومات، ويسعون إلى الإبتكار والإبداع، ويؤمنون ويعتمدون على إنتاج وإستهلاك هذه المعلومات المتميزة، بهدف إستثمارها في معرفة خلفيات وأبعاد المجالات الذين يهتمون بها بمختلف أنواعها، بحيث تكون المعرفة المورد الرئيسي للعملية الإنتاجية، بهدف خلق وإسهام واستخدام هذه المعرفة لتحقيق الإزدهار والرفاهية لهذا المجتمع.
    مصادر المعرفة:
    يميز نوناكا وتاكيوشي بين نوعين من المعرفة: (Nonaka & Taskeuchi، 1995، ص: 31)
    - المعرفة المعلنة Explicit Knowledge، وهي كل ما يمكن التعبير عنه باللغة وأشكال التعبير الرياضية كالمعادلات والأدلة والكتابات المختلفة، وهذا النوع من المعرفة قابل للانتقال بسهولة بين الأفراد بشكل معلن.
    - المعرفة الذاتية أو الكامنة في الإنسان Tacit Knowledge، وهي المعتقدات والإتجاهات والمدركات والقيم الذاتية النابعة من التجارب الشخصية للإنسان، والتي تمثل جميع مفاهيمه وتجاربه وخبراته المختزنة داخله، والتي لا يعبر عنها صراحة، ولا يتم تناقلها بين الأفراد بشكل رسمي معلن.
    وفي رأي الكاتبان فإن هناك حركة وتفاعل يتمان باستمرار بين الفرد والمجتمع وبين نوعي المعرفة المعلنة والكامنة يشكلان عملية مستمرة تؤدي إلى تكوين معرفة مجتمعية هي الأساس في توجيه كافة الأنشطة المعرفية بالمجتمع، ومن ثم هي المورد الحقيقي لإنتاج الثروة في المنظمات المعاصرة.
    والمجتمعات التي تهدف إلى مجتمع مبدع عليهم الجمع ما بين هذين النوعين من مصادر المعرفة، يقول بلوتارش Plutarch "الذهن ليس وعاء للملء ولكنه نار يجب أن تحتدم" (سعد، 1984، ص: 49-50) والمعنى المقصود هنا هو أن الإنسان يتلقى المعلومة المعلنة من مصادر مختلفة والذي سهل الحصول عليها كما ذكر، ولكن الأهم هو التفاعل ذهن الإنسان مع هذه المعلومة من أجل الوصول إلى إكتشافات وإختراعات جديدة تفيد حياة الإنسان، فالذهن النشيط يجب أن يفكر ويفسر ويربط بين ما جمعه من معرفة معلنة لإنتاج المعرفة.
    إنتاجية المعرفة
    إن انتاج المعرفة، سلعة رابحة، تحمل معها السيطرة السياسية، والمكانة الاجتماعية، فضلا عن الهيمنة الثقافية والاقتصادية (أبو زيد، 2003، ص: 30)، ولهذا فالتنافس على أشده بين المجتمعات المعاصرة للحصول على مقعد مناسب ومكان متميز فى مجتمع المعرفة الإلكترونى، تحقيقا لأهداف وغايات المجتمع الكبير .
    وتتركز قيمة المعرفة في كونها أساس لأنشطة إنتاج الثروة من خلال تطبيق الأفكار والمعلومات والمفاهيم والأساليب واستخدامها لأي من الأغراض الثلاثة التالية: (السلمي، 2001، ص: 53)
    - التحسين المستمر ، وهو العمل على تطوير العمليات، المنتجات والخدمات الحالية بتطبيق المعرفة المتاحة.
    - استخدام المعرفة الحالية لإنتاج عمليات، منتجات وخدمات جديدة ومختلفة ولكن من نفس أنواع المنتجات الحالية.
    - ابتكار عمليات منتجات وخدمات لم تكن معروفة من قبل.
    التميز المعرفي
    يشير التميز المعرفي إلى بعدين محوريين: (السلمي، 2002، ص: 7)
    البعد الأول: أن الغاية الحقيقية للمجتمع هي السعي إلى تحقيق التميز المعرفي بمعنى إنجاز نتائج معرفية غير مسبوقة تتفوق بها على كل من ينافسها من المجتمعات الأخرى، وتتفوق بها معرفيا على نفسها بمنطق التعلم.
    البعد الثاني: أن كل ما يصدر عن المجتمع من أعمال وقرارات وما تعتمده من نظم وفعاليات يجب أن يتسم بالتميز أي الجودة المعرفية الفائقة الكاملة التي لا تترك مجالا للخطأ أو الإنحراف، ويهيئ الفرص الحقيقية كي يتحقق تنفيذ الأعمال الصحيحة تنفيذاً صحيحاً وتاماً من أول مرة.
    والبعدان متكاملان ويعتبران وجهان لعملة واحدة ولا يتحقق أحدهما دون الآخر، كما أن بعدي التميز المعرفي يعتمدان إعتماداً كلياً، وتاماً على استثمار الرصيد المعرفي المتراكم والمتجدد باستمرار، وتيسير السبل للتعلم حتى يتم تفعيل تلك المعرفة على أرض الواقع.
    سمات مجتمع المعلومات: (السلمي، 2001)
    - أن القوة الدافعة والمحركة الأساسية في مجتمع عصر المعلومات هي إنتاج المعلومات وليس إنتاج السلع المادية.
    - القدرة على إنتاج المعرفة باستخدام الذكاء الصناعي وتحول مؤسسات المجتمع الخاصة والحكومية ومنظمات المجتمع المدني إلى هيئات ومنظمات ذكية. (شفيق، 2004، ص: 23)
    - يؤكد مجتمع المعرفة علي أن الإنسان فاعل أساسي، فهو المعين علي الإبداع الفكري والمعرفي والمادي، وهوالغاية المرجوة من التنمية كعضو فاعل يؤثر ويتأثر ويبدع لنفسه ولغيره « من خلال شبكات التبادل والتخاطب والتفاعل. (العالم، 1996، ص: 196)
    - التزايد في القوة الإنتاجية للمعلومات من خلال الإنتاج الكبير أو الجماهيري للمعلومات والمعرفة المنظمة.
    - أن البنية التحتية لمجتمع المعلومات هي عدة شبكات من مرافق المعلومات وقواعد وبنوك البيانات (المعلومات) وستحل هذه البنية التحتية محل المصانع باعتبارها رمزا لتحول المجتمع من الصناعة إلى المعلومات.
    - أن السوق الأهم هو سوق المعرفة Knowledge Market وان أساس تقدم سوق المعلومات هو توفير أساليب حل المشكلات؟
    - أن عماد المجتمع هو الصناعات المعتمدة على والمرتبطة بالمعلومات.
    - أن مركز الثقل الاجتماعي سيكون للعاملين في حقول المعلومات والمعرفة وسيكون التعليم والحصول على المعرفة هو أساس التقدم الاجتماعي.
    معايير مجتمع المعرفة
    استخلص ويليام مارت خمسة معايير له هي المعيار التكنولوجي والمعيار الاجتماعي والمعيار الاقتصادي والمعيار السياسي والمعيار الثقافي. وقد لخص د. نبيل علي هذه المعايير فيما يلي: (نبيل، 1993، ص: 258)
    - المعيار التكنولوجي: تصبح تكنولوجيا المعلومات مصدر القوة الأساسية ويحدث انتشار واسع لتطبيقات المعلومات في المكاتب والمصانع والتعليم والمنزل.
    - المعيار الاجتماعي: يتأكد دور المعلومات كوسيلة للارتقاء بمستوى المعيشة وينتشر وعي الكمبيوتر والمعلومات ويتاح للعامة والخاصة معلومات على مستوى عال من الجودة.
    - المعيار الاقتصادي: تبرز المعلومات كعامل اقتصادي أساسي، سواء كمورد إقتصادي أو كخدمة أو سلعة وكمصدر للقيمة المضافة وكمصدر لخلق فرص جديدة للعمالة.
    - المعيار السياسي: تؤدى حرية المعلومات إلى تطوير وبلورة العملية السياسية وذلك من خلال مشاركة أكبر من قبل الجماهير وزيادة معدل إجماع الرأي Consensus.
    - المعيار الثقافي: الإعتراف بالقيم الثقافية للمعلومات (كإحترام الملكية الذهنية والحرص علي حرمة البيانات الشخصية والصدق الاعلامي والامانة العلمية..).
    وإجمالا فان عصر المعلومات هو «العصر الذي تتحول فيه المعرفة إلى سلعة معلوماتية لا غنى عنها للقوة الإنتاجية وتصبح وستظل من أهم مجالات التنافس العالمي - إن لم تكن أهمها - من أجل إحراز القوة. (نبيل، 1993، ص: 19-20)
    مراحل دورة المعرفة:
    وتمر «دورة المعرفة» بثلاثة مراحل رئيسية هي: (علي وحجازي، 2005م: 29)
    1. «توليد المعرفة» أو إنتاجها بالبحث والإبداع والتطوير والابتكار.
    2. «نشر المعرفة» بالتعليم والتدريب وتسجيل براءات الإختراع.
    3. «توظيف المعرفة» وتحويلها للحصول على منتجات وخدمات جديدة أو مطورة، تسهم في مجالات التنمية، والاستفادة من ذلك في توليد الثروة وإيجاد الوظائف، والمساهمة في تطوير حياة الإنسان.
    أهمية الشباب في مجتمع المعرفة:
    إن الولوج العربي إلى مجتمع المعرفة لبناء جيل جديد، يتطلب حسم إشكالية النظرة المتناقضة إلى الشباب، ما بين أن الشباب جزء من الحل وبين أن الشباب جزء من المشكلة، فالشباب هو عماد الإنماء الإقتصادي والاجتماعي وهو أداته وهدفه، إذ يشكل طاقة مجتمعية ضخمة، إذا أحسن استثمارها والاستفادة منها، وهو بهذا الاعتبار أداة التحول إلى مجتمع المعرفة. يمثل الشباب نسبة عالية من مجموع السكان في المجتمع تكاد تصل إلى 50% في كثير من الأحيان، لذا هم يشكلون مستقبل المجتمع قيادة وبناءً وتطورً، وكذلك يؤلفون الطاقة الفاعلة والمحركة في المجتمع التي لا تقبل السكون أو الثبات، هذا الشباب يقبل التغيرات الحادثة في العالم من حوله ويكيف سلوكه للتوافق مع هذه التغييرات، وينخرط فيها بانسجام. لذلك فإن أهمية الشباب تزداد في المجتمعات المتطلعة للتجديد والتطور وخاصة في عصر المعرفة والمعلومات وتقنياتها، وتدرك أن جملة من المعوقات تواجهها تنبع من طبيعة المجتمع، وأن إزالة تلك المعوقات، تتطلب تغييراً في نظرة المجتمع إلى أحواله وفي أساليبه وسلوكياته. وتحاول معظم الدول الاستفادة من هذه الخصائص لدى الشباب في وضع سياسات التنمية الشاملة فيها والتخطيط لمشروعاتها، لتعتبر أن الشباب أداة التنمية وهدفها، وذلك من أجل أن تكفل توفر القوة الدافعة للتنفيذ في الحجم المناسب والنوعية المطلوبة وفي الوقت المتوقع. كما يمثل سعي الشباب لصنع مستقبله بيده ووفقاً لقناعاته من غير وصاية وبدون احتكار من جهة، وبذلك يضمن المجتمع مشاركة شعبية واعية في برامج التنمية ومشروعاتها التي تعكس أصلاً في سياساتها وخططها آمال الشباب وتطلعاتهم. (غرايبه، 2007: ص: 118)
    المبحث الثاني: فلسفة الإبداع
    النشاط الإبداعي Creative Activity هو نشاط فكري شديد التعقيد، ومن الصعب حصره أو تحديده بمفاهيم محددة، أو الإعتماد على منهج علمي واحد في التعامل معه، لهذا جاءت دراسات العلماء تحمل في طياتها قدرا كبيرا من التباين في طرق النظر والتناول لموضوع الإبداع (ندا، 2004، ص:2). يعرف إلكسندر و روشكا التفكير الإبداعي على أنه "عملية دينامية في الزمن، كما أنه مظهر نفسي داخلي للنشاط الإبداعي الذي يتضمن اللحظات والآليات الديناميات النفسية، بدءاً من ولادة الفكرة أو صياغة الإفتراضات الأولية، وإنتهاءاً بتحقيق النتاج الإبداعي، ويدخل في هذه العملية نشاطات التفكير والقدرة على نقل المعلومات وإيجاد العلاقات بين العناصر المعرفية، ويدخل فيها أيضا دينامية الحياة العاطفية والإنفعالية والعوامل الشخصية". (روشكا، 1990، ص: 37-38)
    ويعرف الحمادي الإبداع قائلاً " هو مزيج من الخيال العلمي المرن، لتطوير فكرة قديمة، أو لإيجاد فكرة جديدة، مهما كانت الفكرة صغيرة، ينتج عنها إنتاج متميز غير مألوف، يمكن تطبيقه واستعماله" (الحمادي، 1999، ص: 32)
    كما يقول هارولد أندرسون "لا تكمن أهمية الابداع في كونه عملية انتاج تشهد كل لحظة من لحظاتها ولادة جوهرة ذات قيمة آنية ليس ذلك فحسب بل تكمن الأهمية في كون الابداع ضرورة من ضرورات الحياة". (السويدان والرفاعي،1994، ص: 79)
    ويعرف شتاين الإبداع بأنه "عملية ينتج عنها عمل جديد يرضي جماعة ما أو تقبله على أنه مفيد". (المنصور، 1985، ص: 26)
    ويعرفه سمبسون Simpsonبأنه "المبادرة التي يبديها الشخص بقدرته على الانشقاق من التسلسل العادي في التفكير إلى تفكير مخالف كلية". (المليجي،1984، ص: 124-125)
    ويرى العيسوي أن" الإبداع ليس مجرد محاكاة لشئ موجود، وإنما هو في إكتشاف علاقات ووظائف جديدة، ووضع هذه العلاقات وتلك الوظائف في صورة إبداعية جديدة". (العيسوي، ص: 20)
    ويعرف السويدان الإبداع بأنه "النظر للمألوف بطريقة أو من زاوية غير مألوفة ثم تطوير هذا النظر ليتحول إلى فكرة ثم إلى تصميم ثم إلى إبداع قابل للتطبيق والاستعمال". (السويدان والرفاعي، 1994، ص: 80)
    وفي سياق البحث عن الإبداع مفهوم الإبداع يقول ألبرت أينشتين Albert Einstine عن التخيل "التخيل أكثر أهمية من المعرفة" (سعد، 1984، ص: 49-50)، ، وإضافة إلى التخيل عملية التفكير، والتي يقول عنها كلارنس دارو Clarnce Darrow "أن تفكر أن تكون مختلف"(سعد، 1984، ص: 49-50)، أي أن التحصيل المعرفي والتخيل والتفكير هم الأساس للوصول إلى مجتمع معرفي مبدع، قادر على المنافسة في ظل العولمة.
    وتقرر مدارس التحليل النفسي أن منبع الإبداع هو اللاشعور، تلك المادة التي تُصنع منها أحلام ليلنا وأحلام يقظتنا وما بينهما والفنانون يغوصون فيها، ويخرجون منها برموز يشعرون فيها باللذة الجمالية، دون إدراك لمعناها الحقيقي. (Sachs، 1942)
    إلا أن الشعور هو أوسع ميدان لعلم النفس في القرن العشرين، وإنه هو الأساس الذي تقوم عليه مدارس التحليل النفسي الثلاث، مدرسة فرويد ومدرسة أدلر ومدرسة يونج، وقد رفعت هذه المدارس من شأنه على حساب الشعور، كل بما يتفق ومنهجها الخاص. (سويف، 2004، ص: 22)
    يشير أدلر إلى أن نبوغ عقل الإنسان إنما هو شكل رائع من أشكال التعاون مع المجتمع، وهذا النبوغ هو من ابتكارهم ونتاج إبداعهم، نتيجة دوافع مختلفة فلا هبة جادت عليهم الطبيعة دون إستحقاق، ولا ميراثاً أخذوه عن الأسلاف. (Flugel، 1932)
    يقول د. يوسف مراد "ليست أحلام اليقظة بطبيعتها من الأعراض المرضية. فإن الإنسان المبدع كثيراً ما يستسلم لهذه المواكب الساحرة من الصور والأخيلة فيمتع بها ويتابعها بشغف لأنها تقوده إلى ينابيع الوحي أو تبعث في نفسه نور الإلهام والإبداع. ولكن الفرق بين هذا الضرب من أحلام اليقظة هو أن المبدع بعد الارتشاف من ينابيع الوحي والإلهام التي انفجرت مياهها في نفسه يعود إلى العالم الخارجي، إلى عالم التعبير والإنجاز فيجسم أحلامه في أكتشافاته الرائعة. فلا يهرب المبدع من الواقع إلا ليعود إليه ويزيده ثراء وجمالا .." (يوسف، 1943)
    تكمن عبقرية الإنسان، وتتركز الصفة أو الوظيفة الرئيسية لقدرات الإبداع والابتكار لديه. من خلال صفة البقاء أو الدوام للحلول الإنسانية، من خلال صفة الاستمرار للوسيلة بعد الانتهاء من الهدف ينفذ الفكر الخلاق بآثاره التي تسهم بنصيب متزايد في صنع مصير الإنسان وفي صنع صورته. الحل الجديد الذي هدانا إليه تفكيرنا الأصيل (المبدع، أو المبتكر، أو المخترع، أو المكتشف، .. الخ)، ثم لا تلبث أن تتراكم فوقه حلول مشكلات جديدة، ومن تراكم الحلول وأنماط تداخلها وتضاغطها عبر الأجيال تتكون الخلاصة التي نسميها الحضارة، وهي في جوهرها ليست سوى الأسلوب مقطرا، الأسلوب الأساسي للحلول التي واجهت بها الجماعات البشرية (ممثلة في مجموعها وفي تجمعاتها المتباينة، وفي أفرادها) مشاكلها. (سويف، 2004، ص: 42)
    السبيل الأوحد أمام الانسان الآن لابد أن يبدأ بحسن استغلال قدراته الإبداعية. صحيح أن قدراتنا الإبداعية تنمو باستمرار من خلال تفاعلنا مع الآخرين، ومع أشكال الحياة التي نحياها، ولكن هذا وحده لا يكفي. لابد من أن يتجه أسلوب التفكير العلمي إلى التفكير الإبداعي نفسه يتناوله بالدراسة الجادة ليقيم على أساسها برامج لتطبيق العلم على العمل، برامج تهدف إلى تنمية هذه الطاقة على نطاق الفرد، وعلى نطاق المجتمع، وتوضح لنا السبيل إلى حسن الإفادة منها بما يناسب مستوى الكثافة في مطالب الحياة الحديثة. (سويف، 2004، ص: 44)
    إن مشكلات مجتمعاتنا الحالية وأزماتها هي مشكلات جديدة معقدة وملحة، ولا يمكن اللجوء في التغلب عليها إلى الحلول المطروقة التي سبق الاعتماد عليها. لابد إذن من ابتكار حلول جديدة. لابد من استثارة قدراتنا الإبداعية. ولكي نفيد من هذه القدرات أكبر فائدة ممكنة لابد من أن يمتد إليها إيماننا بالمعرفة العلمية المنظمة، لابد من أن نجعل منها هي نفسها موضوعاً لهذه المعرفة، ثم موضوعاً للتطبيقات العملية لنتائج هذه المعرفة. (سويف، 2004، ص: 45)
    يقول جون أرنولد "كل الناس تولد ولديها القدرة الكاملة على النشاط الإبداعي"، كما يقول لويس باستير "إن الثروة تفضل العقل المستعد".(سعد، 1984، ص: 49-50)
    على ذلك يمكن تعريف الإبداع على أنه"نشاط فكري شديد التعقيد، ينشق فيه الإنسان من التسلسل المنطقي في التفكير إلى نمط تفكير جديد مخالف كلية، ويتصف هذا النوع من التفكير بالخيال العلمي المرن، والذي يسعى إلى اكتشاف علاقات ووظائف جديدة للمعرفة من أجل الوصول إلى أفكار جديدة متميزة ضرورية للحياة والمجتمع وبحيث يمكن تطبيقها واستخدامها".
    برامج تنمية الإبداع
    تعتبر جهود مالتزمان I. Maltzman من أحدث الجهود التي بذلت لتنمية ظاهرة الإبداع، وإخضاعها لإرادة الإنسان وتدبيره، فقد ابتكر طريقة جديدة تتلخص في توجيه الذهن إلى عنصر التنويع والتجديد في الإستجابة ردا على مثير واحد محدد، فهو يرى أنه من الضروري أن يدخل المدرب على فترات محددة (كل خمس استجابات طريفة مثلا) بتشجيع الشخص الذي يتلقى التدريب. كما أن هذا الباحث يستخدم لإثارة الذهن قوائم تحتوي على ألفاظ اعتاد الناس ألا يجدوها مثيرة لعقولهم، فالكلمة الواحدة منها لا تثير لدى الشخص العادي أكثر من معنيين أو ثلاثة معان على سبيل التداعي. إن مالتزمان ينتقي مادته المثيرة من هذا الموضوع من الألفاظ ليشعر الشخص بصعوبة تحقيق الهدف المطلوب، ولكنها صعوبة لا تصل إلى درجة التثبيط بل تقف عند حدود الحفز وتعبئة الطاقة. وبين قوة الحفز على السير نحو هدف معين، وأثر التشجيع الناتج عن تحقيق بعض هذا الهدف يرسخ في نفس الشخص ذلك الميل إلى السير في طريق الاستجابات الطريفة. إن الفرد هو محور محاولات مالتزمان، فالمحاوات لاتزيد على أن تكون مجموعة من التمرينات العقلية يستطيع الفرد أن يقوم بها ولا يهم في ذلك أن يكون منفردا أو مجتمعا بغيره. وثمة جواب آخر يجب أن يضاف إلى الجواب الأول، هو أننا هنا بصدد تطويع عنصر واحد من عناصر الفكر الخلاق، هو عنصر الأصالة أو طرافة الاستجابة. (سويف، 2004، ص: 51-52)
    والمقصود من جهود مالتزمان هو السعي إلى تحويل ما هو نمطي إلى ما هو غير نمطي، وقد يعتبره الكثير شئ صعب التحقيق وذلك لما للمفاهيم النمطية من صفة الثبات، وتكمن مهارة المتعلم في هذه التجربة في مدى استطاعته الخروج من الأسلوب النمطي في التفكير إلى نمط آخر مختلف بحيث يعيد تكوين الأشياء والعلاقات بشكل جديد ومختلف يلفت الانتباه ويتصف بالإبداع.
    توصل الباحث ريموند كاتل R. B. Cattell "أن المبدعين في الفنون التشكيلية والآداب يتميزون عن غير المبدعين بارتفاع مستواهم على عدد من السمات الشخصية، من أهمها الحساسية الوجدانية، والتلقائية، والاكتفاء الذاتي، والميل إلى المغامرة الفكرية." (سويف، 2004، ص: 52)
    سمات الإبداع
    - الحساسية للمشكلات: وهي القدرة على إدراك أكبر قدر من المشكلات التي تنطوي عليها مواقف الحياة التي تواجهنا.
    - الطلاقة الفكرية: وهي القدرة على إنتاج عدد كبير من الأفكار المختلفة في فترة زمنية محدودة.
    - المرونة: وتظهر في الشخص القادر على إحداث تغيرات جزئية في اتجاه عقلي دون أن يخرج عن الخط العام الذي تتحدد وجهته تبعا لطبيعة المشكلة وطبيعة الهدف.
    - الأصالة: وهي زيادة قدرة الشخص على إنتاج أفكار جديدة لم يستمدها من الغير.
    - التقويم: ويتمثل في قدرة الشخص على إعادة النظر من حين لآخر في منجزاته مقارناً بينها وبين معايير مختلفة يستمدها من التفكير المنطقي أحيانا، ومن خبراته أحياناً، ومن بعض المبادئ العامة أحيانا.
    أنواع التفكير الواعي
    هناك نوعان أساسيان من التفكير يعتمد عليهما الانسان [اقدار مختلفة في مواجهة مشكلات الحياة وهما:
    1. التفكير التقاربي Convergent أو الإلتقائي: هو التفكير الذي يصل بنا إلى إجابة صحيحة أو المقبولة.
    2. التفكير التباعدي Divergent أو الإفتراقي أو الإبداعي: هو أداتنا للوصول إلى إجابة صحيحة لكنها ليست وحدها الصحيحة، كما أنها لا تكون هي الإجابة المقبولة.
    ويحتاج الإنسان المبدع دائماً إلى نوعي التفكير .. التقاربي والتباعدي، يحتاج التفكير التباعدي للنظر للمشكلات بشكل مختلف، فقد يأتي الحل من داخل المشكلة أو خارجها، ويتصف هذا التفكير بالمرونة والأصالة وطلاقة الأفكار، فيكون ذهنه متفتح ومستعد للخوض في معركة الوصول إلى فكرة جديدة، أما الاحتياج للتفكير التقاربي من أجل تطويع الفكرة الجديدة وبحث تكون قابلة للتطبيق والاستخدام في حياتنا اليومية.
    وهنا يظهر عنصرا أساسياً في مفهوم الإبداع هو إصدار السلوك الذي يصل بنا إلى حل جديد، غير مسبوق، للمشكلة أو المشكلات المطروحة، إما لأن الحلول السابقة لم تعد تصلح لحلها، أو لإمكان إيجاد حلول أعلى من السابقة في كفاءتها، أو لأن المشكلة جديدة في كل أبعادها. وهذا ما يستدعي إعداد أبنائنا إعدادا يجعلهم أقدر على صياغة الحلول الجديدة، وهو ما يعني مسئوليتنا أن ندخل في حسابنا البُعد الإبداعي في التفكير والتصدي لتحديات الحياة ما أمكن. (سويف، 2004، ص: 87-88)
    واقع الإبداع في المراحل الدراسية المختلفة للمتعلم العربي
    1. مرحلة الحضانة (أو ما قبل المدرسة): يتميز الطفل العربي في هذه المرحلة بنشاط واسع للخيال، يقيم عالما خاصا به، شخصياتها ومواقفها مختارة مما يحيط به، مرحلة تسمى لعباً، لكن بالنسبة له هو نشاطا جاداً، ولكنه بالنسبة للكبار نشاط غير مسئول، وتزداد مكونات لعبه بما يتناسب مع ما يحصله من معلومات عن الواقع. عمل المعلم هام جدا في التفرقة ما بين الواقع والخيال، وهذه هي المشكلة الأساسية لأن المطلوب تحقيق هذه التفرقة دون تعطيل الخيال أو إعاقته. (سويف، 2004، ص: 96-101)
    2. مرحلة الدراسة الإبتدائية: يتميز الطفل في هذه المرحلة بالتعبير الفني، بالرسم (غالبا)، وبالكتابة (أحياناً). والخطر الذي يجثم هنا .. هو وضع الطالب في قالب يقيد حركته الفكرية، لذا يوصى بإتاحة الفرصة للتلميذ بأن يعلم نفسه بنفسه، وأن تتوفر له بيئة أقرب للإستجابة منها إلى الرفض والتجاهل، وأن يسود القبول في هذه البيئة لمفهوم التفرد، بالإضافة إلى التخفيف من حدة التفرقة بين اللعب والعمل. (سليمان، 1989)
    3. مرحلة الدراسة الثانوية: تشير كثير من البحوث إلى قدر محدود من تراجع معلات النمو والارتقاء لوظائف الابداع في هذه المرحلة. والرأي السائد هو تزايد الضغوط على الشباب طلبا للمجاراة والامتثال. ويعتبر نشاط الهوايات أفضل السبل لتنشيط الإبداع في هذه المرحلة العمرية. ويرى البعض أن "المناخ العام" للمدرسة الثانوية العربية يحتاج إلى إعادة النظر في بنيته الداخلية بشكل جذري، وتغيير فكرة التعليم بالتلقين والحفظ، والذي يؤدي إلى تهميش معظم الوظائف العقلية. وإلى الإجهاز على فكرة ظهور الإبداع. (سويف، 2004، ص: 96-101)
    4. مرحلة الدراسة الجامعية: يبلغ منحنى نمو الذكاء قمته عند بلوغ سن الرابعة والعشرين، وهي مرحلة تقع بين الانتهاء من الدارسة الجامعية الأساسية (البكالوريوس أو الليسانس)، وبداية مرحلة الدراسات العليا. ففي دراسة أجريت عام 1974 للدكتور محيي الدين حسين، وجد أن منحنيات النمو الخاصة بثلاث وظائف إبداعية، هي الأصالة، وطلاقة الأفكار، والاحتفاظ بالتوجه تبلغ قمتها في فترة العشرينيات، ثم تأخذ بعد ذلك في التراجع. وهذا بدوره يعكس الأهمية البالغة لمرحلة التعليم الجامعي، والنظر لما يمكن عمله لدعم وإثراء منحنيات النمو لتحقيق أعلى كفاءة للعملية التربوية. لذا يجب أولا: إتباع أسلوب التلقين المتناقص في المحاضرات، ثانيا: الإكثار من أسلوب قاعات البحث، ثالثا: إدخال دراسة تنمية التفكير الإبداعي لحل المشكلات، رابعا: تنظيم علاقة المشرف بطالب الدراسات العليا، خامسا: تشجيع النشاطات الفنية بأنواعها المختلفة. (Wechsler، 1944)
    مما سبق يتضح أن مراحل العمر المختلفة تنطوي على حساسية متفاوتة لارتقاء الوظائف المختلفة، وعلى ذلك فإن أفضل عائد لأية إجراءات تربوية إنما يتحقق إذا طبقت هذه الإجراءات في المرحلة العمرية التي تتعاظم فيها الحساسية لنمو الوظيفة المقصودة، فإذا ضاعت هذه المرحلة دون استغلالها فقد يصبح من المحال تنمية الوظيفة المطلوبة بعد ذلك، وهو ما يعني إضاعة المرحلة التعليمية دون محاولة جادة لرعاية وظائف الإبداع. (سويف، 2004، ص: 96-101)
    المبحث الثالث: فلسفة اللعب
    اللعب هو النشاط الوحيد الذي لا يهدف الإنسان حين يمارسه إلى غرض محدد سوى المتعة الناتجة عن اللعب ذاته. فهو كالفن – سرور أو ارتياح بلا هدف، أو متعة خالصة من أي غرض.
    لقد ظلت كلمة "لعب" زمناً طويلاً تعبيراً يشبه سلة المهملات اللغوية التي يلقي فيها بكل سلوك يظهر عليه أنه سلوك إختياري، ولكن لا يبدو له أي استعمال واضح من الناحية البيولوجية أو الاجتماعية. ويكون مثل هذا التصنيف في غاية الغموض بالنسبة لغرض الدراسة العلمية. كما أنه في نفس الوقت ليس من المرضي أن نقيد معنى كلمة شائعة على هذا النحو التعسفي. (ميلر، 1987، ص: 9-10)
    ذكر الكثير أن أفلاطون أول من اعترف بأن للعب قيمة علمية. ويتضح هذا من مناداته في كتاب "القوانين Laws"، كما أكد فى "محاورة الجمهورية" "The Republic" على هذا الدور بقوله : (لا تستخدم الإكراه ، ولكن دع التعليم المبكر يكون بدلا من ذلك نوعا من الإمتاع) (Rand، 1970، ص: 22)، وكان يعتقد أن الأطفال ينبغي أن يشجعوا على اللعب بما سيكون عليهم أن يفعلوه بشكل جدي كراشدين. وقد إزداد اقتناع المتعلمين بالفكرة التي نادى بها كبار المصلحين التربوين الكبار ابتداء من كومينيوس Comenius في القرن السابع عشر إلى روسو Rousseau وبسشالوتزي Pestalozzi وفروبل Frobel في القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، فإن المعلمين قد تقبلوا بشكل متزايد فكرة أن التربية ينبغي أن تأخذ في اعتبارها ميول الطفل الطبيعية ومرحلة نموه. ولقد بلغ هذا (الاتجاه) ذروته في تأكيد فروبل على أهمية اللعب في التعلم. كما أن إعجابه بالفلسفة الرومانتيكية لشلنج قد جعل من فكرة الحرية والتعبير عن الذات عنده مسألة ترتفع إلى مستوى الإيمان. ثم إن تعاطف فروبل مع الأطفال، وخبرته العملية كمدرس قد مكناه من أن يدرك أن نوع اللعب الذي يستمتع به الأطفال، وكذلك اللعب التي ينجذبون إليها، يمكن أن تستخدم جميعا في شد انتباههم وتنمية قدراتهم ومعارفهم. ولقد كانت أفكاره ذات قيمة عملية كبيرة. ولكن المعرفة العلمية المنظمة بنمو الطفل كانت ضئيلة في زمن فروبل، ولذلك فإن تصوره للعب باعتباره "تفتحاً لبراعم الطفولة".. (ميلر، 1987، ص: 12)
    كان المفكر الألماني شالر Schaller يعتقد أن اللعب يجدد القوى التي تكون وشك النفاذ. أما لازاراس فقد جعل من اللعب نقيضا للعمل كما هو نابض للكسل، ونادى بالترويح الإيجابي كعامل مجدد للنشاط والقوة. (ميلر، 1987، ص: 13)
    قدم الفيلسوف الإنجليزي هربرت سبنسر حين كان يكتب كتابه الشهير "مبادئ علم النفس" في منتصف القرن التاسع عشر، ما يعرف بنظرية "الطاقة الزائدة" في اللعب، ويرجح أن هذه الفكرة في أبسط صورها، وهي أن الأطفال والكبار يلعبون للتنفيس عن مخزون الطاقة، كما اعتبر أن اللعب هو أصل الفن، وأنه تعبير غير هادف عن الطاقة الزائدة. وقد لاحظ تشارلز داروين، في كتابه "التعبير عن الانفعالات Expression of the Emotions" الذي صدر عام 1872م، أن الفرح الغامر والإثارة المبهجة تجعل الناس يرقصون ويصفقون بأيديهم ويدقون الأرض بأقدامهم ويضحكون، ولهذه الأسباب فقد إعتنق كثير من الكتاب اللاحقين بعض أشكال نظرية الطاقة الزائدة، واستمرت هذه النظرية، وكثر استخدامها كحجة لتوفير الملاعب وصالات الألعاب الرياضية. ولكن قلما حاولت الصياغات اللحقة أن تكون على هذه الدرجة من التعقيد في محاولتها للربط بين الوقائع الفيزيولوجية والسيكولوجية والاجتماعية على النحو الذي فعله سبنسر. (ميلر، 1987، ص: 14-15)
    من هنا يمكن تعريف اللعب بأنه "هو سلوك اختياري ونشاط مجدد للقوى لا يهدف إلى غرض محدد سوى المتعة والسرور والتعبير عن الذات والتنفيس عن مخزون الطاقة، وهو وسيلة هامة للتعلم فيمكن استخدامه لشد انتباه وتنمية قدرات ومهارات ومعارف الأطفال والشباب بناءاً على المراحل الطبيعية لنموهم".
    تفسير فرويد للتحليل النفسي للعب
    نشأ التحليل النفسي على يد سيجموند فرويد في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، إفترض فرويد تفسير مؤداه أن ما يتحكم في السلوك الإنساني هو كمية اللذة أو الألم التي يؤدي إليها هذا السلوك. والإنسان بطبيعته السوية يسعى إلى الخبرات التي تجلب اللذة والسعادة، بينما يتجنب الخبرات المؤلمة التي قد تؤذي مشاعره. هذا السلوك الإنساني يكون مدفوعاً برغبات الفرد، ففي اللعب يسعى الفرد لتحقيق أحلام مرجوة، ليكون عالم خاص به لفترة مؤقتة، ليحقق نوعاً من التقمص الوجداني للحالة التي يرغب في أن يكون عليها، ويشعر فيها بلذة تحقيق الحلم من خلال توفير الخبرات السارة. (ميلر، 1987، ص: 24-26)
    فالشباب يسعون من خلال الألعاب الإلكترونية مثل سباقات السيارات الرياضية إلى تحقيق إنتصارات وهمية تجلب لهم السعادة، وتشعرهم بالتميز والتفوق، وحتى يرضوا ذاتهم التي تخضع لأعمارهم السنية. والأطفال يسعون في ألعابهم إلى تمثيل واقع يتمنوا أن يكون لهم، كأن يكون فرد كبير كالأب أو الأخ الكبير، أو حلمه بأن يكون بطلاً يندهش الجميع ببطولاته، أنه يريد أن يشعر بلذته كما يريدها. والطالب الطموح يرى نفسه بعين الخيال كأستاذ لامع يقدره العالم كله لإكتشافاته. وليس بين هذا وما ينشئه الخيال من إبداع إلا خطوة واحدة. فالفن ما هو إلا تنقية وتهذيب لأحلام اليقظة.
    وقد أدت تفسيرات فرويد للتخيل واللعب باعتبارهما إسقاطا للرغبات، على أساس الإفتراض بأن اللعب والخيال يكشفان الشئ الكثير عن الحياة الداخلية للفرد ودوافعه. (ميلر، 1987، ص: 31)

    نظرية الجشطلت وتفاعلية اللعب
    يعتبر علماء النفس الألمان الثلاثة فرتهيمر وكوفكا وكوهلر الذين كانوا يبحثون في الإدراك في العشرينات من القرن الماضي، مسؤولين عن وصف العمليات النفسية بمصطلح الجشطلت الذي يعني حرفياً: "شكل أو صيغة أو تكوين كلي"، وقد فسروا الإدراك على أساس أنه إحساسات منفصلة. (ميلر، 1987، ص: 49)
    والمقصود هنا هو أن إدراك الإنسان يكمن في مجموعة من الإحساسات المنفصلة وهو مثله مثل العرض السريع لسلسلة من الصور الثابتة يظهر حركات متتابعة لشئ أو لشخص على أنه شئ متحرك، أو شخص متحرك (كما يحدث في السينما والتليفزيون بما يسمى بالصور والرسوم المتحركة)، وهذه الإحساسات المتتابعة تسمى في المجمل العام "إدراكه"، هذا الإدراك يولد تفاعل مع الموقف سواء كان لعباً أو مهمة يقبل على تنفيذه، والغاية في هذا التفاعل هو التعلم أي توصيل المعلومات للمتعلم من خلال رسائل يمتزج فيها اللعب والمعرفة سوياً وتكون المحصلة النهائية هي اكتساب المعلومات بأسلوب محبوب للمتعلم.
    المبحث الرابع: فلسفة الوسائط المتعددة التفاعلية
    تعددت التعريفات التي تناول مفهوم الوسائط المتعددة التفاعلية، نظراً لتعدد امكاناتها وانتشارها في حياة الانسان عن طريق وسائل التسلية والإعلام، والتي أصبحت متوفرة بأشكال عديدة وأصبح مفهوم تكنولوجيا الوسائط المتعددة من أكثر المفاهيم ارتباطا بحياتنا، وخاصة في مجال قضايا تطوير التعليم على المستوى الإجرائي التنفيذي، وفيما يلي بعض التعريفات التي تناولت مفهوم الوسائط المتعددة التفاعلية:
    يعرف كل من جينتري وكيللير Gentry & Keller بأنها دمج النصوص والرسوم البيانية والعناصر السمعية والبصرية في مجموعة واحدة لتصبح وسائط متعددة يتفاعل معها المتعلم عندما يستخدمها في عملية التعلم. (Gentry G. & Keller، 1996، ص: 450) بينما يرى ليرمز Lerms أنها فئة من نظم الاتصال المتفاعلة تعتمد على إحداث تزامن لأشكال وسائط رقمية تشمل النصوص والرسومات الخطية والمتحركة والصوت والفيديو. (Lerms، 1998، ص: 115)
    كما يرى كل من راسيل وماثيو Russel & Mathew أنها تلك البرامج التي تعتمد على خليط من الرسوم المتحركة والنصوص والموسيقى والصور الثابتة والمتحركة والرسوم الخطية والتي توظف معاً لتقديم محتوى دراسي بصورة متكاملة ومتفاعلة خلال الكمبيوتر. (Russel & Mathew, 1990, P. 19)
    ويذكر كل من أبرامز وشرودور Abraham & Schroeder أنها مزج متناهي القوى للنص والرسومات والصور والفيديو تحت تحكم الكمبيوتر. (Abrams، 1996ص: 14) (Schroeder، 1991، ص: 4)
    ويشير جايزكي Gayeski إلى أن الوسائط المتعددة التفاعلية هي فئة من نظم الاتصال المتفاعلة التي يمكن إنتاجها وتقديمها بواسطة الكمبيوتر المجهز لتخزين ونقل واسترجاع المعلومات الموجودة في إطار شبكة من اللغة المنطوقة والمسموعة والنصوص المكتوبة والصور الثابتة والمتحركة. (Gayeski، 1992، ص: 9-13)
    وبناءاً على ذلك فيمكن تعريف الوسائط المتعددة التفاعلية على أنها "مجموعة من الوسائط التقنية التماثلية والرقمية

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء مايو 14, 2024 6:27 am